وضع داكن
24-12-2024
Logo
أسماء الله الحسنى - إصدار 2008 - الدرس : 083 أ - اسم الله المقيت 1
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.

من أسماء الله الحسنى:(المقيت):

 أيها الأخوة الأكارم، مع اسم جديد من أسماء الله الحسنى، والاسم اليوم "المقيت".

ورود اسم المقيت في القرآن الكريم في موقع واحد:

 سمىّ الله جلّ جلاله ذاته العلية في القرآن الكريم باسم "المقيت"، فقد ورد في موقع واحد في القرآن الكريم، وهو قوله تعالى:

﴿ وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتاً ﴾

( سورة النساء )

 كما تعلمون في آية الكرسي.

 

﴿ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ ﴾

 

( سورة البقرة الآية: 255 )

 يعني لا تتم شفاعة في الكون بين جهتين إلا بإذن الله، فإذا كنت سبباً في عمل صالح فلك من هذا العمل الصالح نصيب، مثلاً أعنت إنساناً على نفسه فتاب إلى الله، كل أعمال الخير التي فعلها هذا الإنسان لك منها نصيب، وإذا دللت إنساناً على عمل سيئ أو على معصية، كل هذه المعاصي التي يفعلها عليك منها وزر، شيء خطير،

﴿ وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا ﴾

 فأنت أي عمل تكون وسيطاً به، إن كان خيراً فلك منه نصيب، وإن كان شراً عليك منه وزر

﴿ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتاً ﴾

  قبل أن تدل إنساناً، قبل أن تكون وسيطاً، قبل أن تكون سبباً، قبل أن تقنع إنساناً على معصية، أو بعمل، أو بسفر، أو باختلاط، أو بتأسيس تجارة أساسها محرم، قبل أن تدل إنساناً، قبل أن تروج، قبل أن تحبب، قبل أن تمدح، انتبه، هذا العمل الذي نتج عن توجيهك، وتبيينك، إن كان خيراً لك منه نصيب، وإن شريراً عليك منه وزر.
  فالله عز وجل من فوق عرشه مقيت، له الكمال المطلق في إقاتة خلقه، ورزقهم، فإذا أضيف إلى الإطلاق اجتماع معاني العلو فكان هذا كمال الكمال.

 

المقيت في اللغة:

 أما في اللغة، "المقيت" اسم فاعل، للموصوف بالإقاتة، فعله أقات، هذا الرباعي، اسم الفعل قات، يقوت، قوتاً، والقوت هو ما يمسك الرمق من الرزق، الحد الأدنى من الطعام والشراب، قوت، قات الرجل و أقاته أي أعطاه قوتاً، والمصدر هو القوت المحفوظ الذي يقتات به حين الحاجة.
 يعني امرأة قالت لزوجها: ما عندنا شيء، هذا الزوج بكى، سبب بكائه تذكر أنواع القوت التي في بيته، أنواع منوعة، وكثيرة، وكافية، كلمة ما عندنا شيء كلمة ما فيها أدب مع الله عز وجل، عندك كل شيء.

كفى بالمرء إِثما أن يُضَيِّع مَن يقوتُ:

 لذلك المدخر المحفوظ الذي يُقتات به حين الحاجة، هذا هو القوت.

(( كفى بالمرء إِثما أن يُضَيِّع مَن يقوتُ ))

[ أبو داود عن عبد الله بن عمر]

 من يقوت، من يطعم، أي أولاده، أطعمهم، سقاهم، ألبسهم، كساهم، لكن ما أدبهم، ما علمهم، ما عرفهم بربهم.

 

(( كفى بالمرء إِثما أن يُضَيِّع مَن يقوتُ ))

 

[ أبو داود عن عبد الله بن عمر]

 لذلك أي أب في الأرض يرتاح إذا شبع أولاده، ولبسوا، وكانوا في بحبوحة ، لكن الأب المؤمن يتميز على بقية الآباء أنه يقلق لحال ابنه الإيماني، يتمنى أن يكون ابنه مؤمناً، يدعوه إلى الصلاة.

 

﴿ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا ﴾

 

( سورة طه الآية: 132 )

  إذا جاء الأب مساء لا يكتفي أن يسأل زوجته أأكل الأولاد، يقول لها: أأكلوا ؟ هل صلوا العشاء ؟.
 سيدنا عمر لما طُعن رضي الله عنه، وكان على وشك مفارقة الحياة، الشيء الذي أقلقه أنه قال: هل صلى المسلمون الفجر ؟.
 فأنت كأب ما الذي يقلقك على أولادك ؟ يا ترى صحتهم ؟ كسوتهم ؟ تفوقهم الدراسي ؟ أما يقلقك دينهم ؟ وصلاتهم ؟ واستقامتهم ؟.

 

(( كفى بالمرء إِثما أن يُضَيِّع مَن يقوتُ ))

 

[ أبو داود عن عبد الله بن عمر]

  هناك آباء يعتنون بحاجات أولادهم المادية، لكنهم يغفلون عن حاجاتهم الروحية.

 

الله عز وجل خلق الأقوات وتكفل بإيصالها إلى الخلق:

 الله عز وجل هو "المقيت" ماذا يعني أن الله جلّ جلاله هو "المقيت" بكلمة مختصرة ؟ "المقيت" هو المقتدر

﴿ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتاً ﴾

 أي مقتدراً، الذي خلق الأكوان.
  أنت تصور بيوم واحد كم دابة تُذبح في العالم، في الخمس قارات ؟ كم طن قمح يحتاج البشر يومياً ؟ كم طن شعير ؟ كم طن قمح ؟ كم طن ؟ كم طن ؟ تجد أياماً، شخص أحياناً يذهب إلى السوق، سوق الخضر يرى جبالاً من الفواكه، جبالاً من الخضراوات، من صنع هذا ؟ المقتدر.
 نهر الأمازون بالثانية الواحدة كثافته، وغزارته ثلاثمئة ألف متر مكعب، بالثانية الواحدة، هذا الماء من أين؟ بالثانية الواحدة يهطل من ماء السماء 16 مليار طن بكل ثانية، مجموع التهطال في الأرض 16 مليار طن بكل ثانية، رزق من؟ رزق "المقيت"، المقتدر الذي خلق الأقوات، وتكفل بإيصالها إلى الخلق.
 حفيظ عليها، بآسيا يوجد جبال هملايا، في قمم هذه الجبال يعيش الوعول، والوعل يحتاج إلى ماء، يوجد ينابيع ماء في القمم، معنى ذلك أن مستودعات هذه الينابيع في قمم أعلى، بإندونيسيا هناك 13 ألف جزيرة، كل جزيرة لها نبع ماء، ونبع الماء لابدّ من تمديدات تحت الأرض إلى اليابسة، أحياناً يكون نبع ماء بجزيرة، كل أمطار الجزيرة لا تكفي لهذا النبع، فلابدّ من أن هذا النبع موصول بمستودع إلى جبل خارج هذه الجزيرة.
  قال: هناك سحابة بالفضاء الخارجي، يمكن أن تملأ محيطات الأرض ستين ألف مرة في اليوم بالمياه العذبة.

 

﴿ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ ﴾

 

( سورة الحجر )

تقنين الله عز وجل تقنين تأديب لا تقنين عجز:

 لذلك أيها الأخوة، تقنين الله عز وجل إذا قنن تقنين تأديب لا تقنين عجز.

﴿ وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ ﴾

( سورة الشورى الآية: 27 )

 إذاً الله عز وجل هو "المقيت"، هو المقتدر، الذي خلق الأقوات وساقها إلى العباد وتكفل بإيصالها إلى العباد، هو حفيظ عليها.
  مثلاً لماذا بعض الحبوب تصاب بالسوس ؟ من أجل ألا تخزنها، لو لم تصب بأي آفة، يكون احتكاراً لا يحتمل، فكل مادة غذائية لها خصائص.
 فالله عز وجل معنى "المقيت" أنه يعطي كل مخلوق قوته ورزقه، على ما حدده سبحانه وتعالى من زمان، أو مكان، أو كم، أو كلمة، بمقتضى المشيئة والحكمة، فربما يعطي المخلوق قوتاً يكفيه لأمد طويل، أو قصير كيوم، أو شهر، أو سنة، وربما يبتليه لحكمة أرادها، فلا يحصل عليه إلا بمشقة وكلفة، هناك أرزاق سهلة، هناك أرزاق صعبة.
 أحياناً إنسان يعمل عشرين ساعة وهو يصيح ليحصّل رزق يومه، وهناك إنسان يعمل عملاً بسيطاً، يأتيه رزق وفير، هذا من فضل الله على الإنسان.
  لذلك يقولوا: الإمام أبو حنيفة رضي الله عنه، أحد أسباب اتجاهه إلى طلب العلم أنه قرأ حديثاً:

 

(( من طلب العلم تكفل الله له برزقه ))

 

[الخطيب والديلمى وابن عساكر عن زياد بن الحارث الصدائى]

  ليس معنى هذا أن يجد تحت الوسادة ليرة ذهبية كل يوم، لا، معنى ذلك أن الله يسر له عملاً مريحاً وله دخل معقول.

 

على الإنسان أن يؤدي زكاة ماله عن الأشجار المثمرة بعد قطف الثمار وإجراء الحساب:

 الله عز وجل خلق الأقوات على مختلف الأنواع والألوان، ويسر أسباب نفعها للإنسان، والحيوان.

﴿ وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهاً وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ ﴾

(سورة الأنعام الآية:141)

 بالزكاة.

 

﴿ وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾

 

( سورة الأنعام )

 دقق

﴿ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ ﴾

 لا تأكل فاكهة فجة، إنها تؤذي،

﴿ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ ﴾

 إذا أينعت الفاكهة كُلْها، لا تأكلها قبل أن تكون يانعة.

 

﴿ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ ﴾

 

( سورة الأنعام الآية: 141 )

  لو كان الله عز وجل كلف بأداء الزكاة عن هذا الإنتاج الزراعي بشكل مطلق هناك عبء كبير جداً،

﴿ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ ﴾

  أما كل شيء أُكل قبل هذا الوقت ليس فيه زكاة، يوم قطف الثمار تجري الحساب الدقيق، تدفع العشر، أو نصف العشر، كزكاة هذا المحصول الزراعي.

 

الله عز وجل مقيت يوفي كامل الرزق للناس:

 بعض العلماء قالوا: "المقيت" هو المقتدر، فيرجع معناه إلى صفة القدرة.
 و "المقيت" هو الذي يوفي كامل الرزق للناس، أنا للتوضيح أضرب هذا المثل:
 يوجد بستان في منطقة معينة، نحن في الشام هنا عندنا الزبداني، في الزبداني يوجد بستان، الشجرة السابعة، الغصن الثالث، التفاحة السادسة، هذه لفلان، فلان يمكن أن يأكلها وقد اشتراها بماله شراء، يمكن أن يأكل هذه التفاحة وقد قدمت له هدية، يمكن أن يأكلها وقد قدمت له ضيافة، يمكن أن يتسولها، يمكن أن يسرقها، سرقها، أو تسولها، أو أكلها ضيافة، أو قُدمت له هدية، أو اشتراها بماله، هي في الأصل له، لكن طريقة وصولها إليه باختياره، هي في الأصل له، لكن طريقة وصولها إليه باختياره، لذلك:

(( نفث روح القدس في روعي أن نفساً لن تخرج من الدنيا حتى تستكمل أجلها وتستوعب رزقها فأجملوا في الطلب، واستجملوا مهنكم ))

[أخرجه الطبراني عن أبي أمامة الباهلي ]

أخطر شيء في حياة الإنسان اختيار حرفته و زوجته :

 ألصق شيء بالإنسان حرفته وزوجته، فإذا كان اختار حرفة فيها نفع للناس، لا تختار حرفة تبث الرعب في قلوب الآخرين، إياك أن تختار هذه الحرفة، لا تختار حرفة فيها ابتزاز لأموال الناس، لا تختار حرفة فيها إفساد لأخلاقهم، لا تختار حرفة فيها تشتيت لجمعهم، إياك، اختر حرفة فيها عطاء، بث الأمن في قلوب الآخرين.
  لذلك حجمك عند الله من نوع حرفتك، أخطر شيء في حياة الإنسان اختيار حرفته، أحياناً إنسان في وظيفة يقتضي أن يفتح مسجداً، وأن يعين خطيباً، هذه وظيفة، هناك وظيفة أخرى تقتضي أن يفتتح ملهى، وأن يعين راقصة، فرق كبير، يوجد إنسان عنده مدرسة، و إنسان عنده ملهى، فالبطولة أن تحسن اختيار حرفتك، لأنها ألصق شيء بك، وأن تحسن اختيار زوجتك، لأنها أم أولادك.

الكسب و الرزق:

 "المقيت" هو المقتدر، فيرجع معنى هذا الاسم إلى صفة القدرة، وقيل "المقيت" الحفيظ، وهو معطي القوت، فيكون من صفات الفعل، إما اسم ذات أو اسم فعل.
 أما في صحيح مسلم حديث دقيق جداً دعائي، يقول عليه الصلاة والسلام:

(( اللَّهمَّ اجعَل رِزقَ آلِ محمدٍ قُوتا ))

[أخرجه البخاري ومسلم والترمذي عن أبي هريرة ]

  وفي رواية كفافاً.
  ليس معنى هذا أنه فقير، أبداً، لكن معنى هذا أن رزقه يغطي كل حاجاته، من دون أموال طائلة يحار في إدارتها، تشغله عن الله عز وجل، يعني ما قلّ وكفى، خير مما كثر وألهى.
  هذا مكان مناسب للتوضيح أن هناك فرق بين الرزق وبين الكسب، الرزق من انتفعت به، هذه من الرزق، هذه الطاولة، هذه الوجبة التي أكلتها، هذا السرير الذي تنام عليه، هذه المركبة التي تركبها، هذه الثياب التي ترتديها، هذا رزق، ما انتفعت به مباشرة أما الكسب حجمك المالي، الرصيد، الأموال المنقولة، والغير منقولة، هذه لم تنتفع بها أبداً لكنك محاسب عليها، فرق كبير بين الرزق وبين الكسب.

 

محاسبة الإنسان على الكسب مع عدم انتفاعه به:

 لذلك في الحياة الدنيا الرزق له سقف، لو معك مئة مليار ماذا تأكل ؟ وجبة طعام، كم ثوباً ترتدي ؟ ثوب واحدة، على كم سرير تنام ؟ على سرير واحد، كم مركبة تركب في وقت واحد ؟ مركبة واحدة، هذا هو الرزق، ما تنتفع به مباشرة، لكن الكسب ما حصلته في عمر مديد، وجعل لك حجماً مالياً كبيراً، هذا الكسب محاسباً عليه كيف اكتسبته ؟ وكيف أنفقته ؟ مع أنك لم تنتفع به.
 لذلك إذا شخص سألته، وقال لي: الحمد لله، الله كافيني، حاجتي مؤمنة، رزقي يغطي حاجاتي، أقول له مداعباً: إذاً أصابتك دعوة رسول الله.

(( اللهم من أحبني فاجعل رزقه قوتاً ـ كفافاً ))

[أخرجه البخاري ومسلم والترمذي عن أبي هريرة ]

 لا أقول فقيراً، ولا أقول معه أموالاً طائلة لا تأكلها النيران، لا، أقول هذا الذي آتاه الله رزقاً، يغطي كل حاجاته، من دون أن يجعله هذا الرزق غارقاً في الدنيا، بعيداً عن الله، غارقاً في إدارة أمواله.

 

(( اللهم من أحبني فاجعل رزقه قوتاً ـ كفافاً ))

 

[أخرجه البخاري ومسلم والترمذي عن أبي هريرة ]

 والدعاء في صحيح مسلم:

 

(( اللَّهمَّ اجعَل رِزقَ آلِ محمدٍ قُوتا ))

 

[أخرجه البخاري ومسلم والترمذي عن أبي هريرة ]

مشتقات الألبان من أعظم الأرزاق الإلهية:

 وروى ابن ماجة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

(( مَن أَطْعَمَهُ الله طعاماً فَلْيَقُلْ: اللَّهمَّ بارِك لنا فيه، وأطعِمنا خيراً منه، ومن سَقاهُ الله لبنا، فليقل: اللَّهمَّ بارك لنا فيه وزِدْنَا منه، فإنه ليس شيءٌ يُجْزئ من الطعام والشراب إلا اللبنُ ))

[ ابن ماجه عن ابن عباس]

 هذه مشتقات الألبان من أعظم الأرزاق الإلهية.

 

﴿ وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ ﴾

 

( سورة النحل الآية: 5 )

 هل تملون مشتقات الألبان ؟ يومياً، يومياً تأكلها ولا تملها، بخلاف أي طعام آخر، أي طعام آخر تمله، لأن النبي عليه الصلاة والسلام إذا شرب اللبن قال:

 

(( اللهم زدنا منه ))

 و:

 

 

(( أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فبعث إلى نسائه فقلن: ما معنا إلا الماء ))

 

[ البخاري عن أبي هريرة]

الحكمة من فقر النبي عليه الصلاة والسلام:

 هناك سؤال: لماذا شاءت حكمة الله أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم فقيراً ؟ هو هو، لو كان غنياً لقالوا هذه الثروة الطائلة هي هدفه من هذه الدعوة، لكن أراد الله سبحانه وتعالى أن يبين أن هذه المتاعب، وهذه الجهود، وهذا الجهاد، ودنياه خشنة محدودة ، محدودة جداً، لما سأله سيدنا جبريل.

(( يا محمد إن الله يخيرك بين أن تكون نبياً عبداً أو نبياً ملكاً ؟ فتلفت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جبريل عليه السلام كالمستشير، فأومأ إليه: أن تواضع. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بل نبياً عبداً ))

[أخرجه الطبراني عن عبد الله بن عباس ]

 أجوع يوماً فأذكره، وأشبع يوماً فاشكره، فقالت نساؤه:

 

(( ما معنا إلا الماء ))

 فقال عليه الصلاة والسلام:

 

 

(( من يضيف هذا ؟ ))

 الآن الصحابة فقراء، فقال أنصاري: أنا يا رسول الله، فانطلق به إلى امرأته ففال أهلاً بضيف رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت: والله ما عندنا إلا قوت صبياني ، فقال: هيئي طعامك، وأصلحي سراجك، ونومي صبيانك، إذا أرادوا عشاء، نوميهم ودعي عشاءهم لهذا الضيف، والعشاء لا يكفي الأنصاري وزوجته والضيف، يكفي الأولاد فقط فهيأت طعامها، وأصلحت سراجها، ونومت صبيانها، وقامت كأنها تصلح سراجها فأطفأته، فجعلا يريانه أنهما يأكلان، فباتا طاويين، وضعت لهذا الضيف طعام أولادها ، وأطفأت السراج، وأوهمت الضيف أنهما يأكلان معه، هما في الحقيقة لا يأكلان شيئاً.
 فلما أصبح غدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ضحك الله أو عجب من فعلهما، فأنزل الله قوله تعالى:

 

 

﴿ وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾

 

( سورة الحشر )

الشح مرض خبيث يصيب النفس الإنسانية:

 أخوانا الكرام، كيف الإنسان لا سمح الله ولا قدر يصاب بورم خبيث، مرض عضال، مرض مميت، مرض قاتل، والشح مرض خبيث يصيب النفس الإنسانية، الشح مرض، هذا الشحيح يعيش فقيراً ليموت غنياً، لذلك قال تعالى:

﴿ وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً ﴾

( سورة الإسراء )

  يقول عليه الصلاة والسلام:

 

(( ما ملأ آدمي وعاء شراً من بطنه، حسب ابن آدم ثلاث أكلات يقمن صلبه فإن كان لا محالة فثلث طعام وثلث شراب وثلث لنفسه ))

 

[ أخرجه الحاكم عن المقدام بن معد يكرب ]

  وقالوا: عشر ما نأكله يكفي لبقائنا أحياء، وتسعة أعشار ما نأكله يكفي لبقاء الأطباء أحياء، نحن أكثر متاعب الناس من طعام يزيد عن حاجتهم.
 فلذلك أيها الأخوة، موضوع الرزق موضوع دقيق جداً، أهم شيء أن تفرق بين الرزق الذي تنتفع به مباشرة، وبين الكسب الذي تحاسب عليه ولم تنتفع به.

الاستماع للدرس

00:00/00:00

نص الزوار

إخفاء الصور