وضع داكن
24-12-2024
Logo
أسماء الله الحسنى - إصدار 2008 - الدرس : 081 ب - اسم الله الحكم 2
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.

من أسماء الله الحسنى:(الحكم):

 أيها الأخوة الكرام، لا زلنا في اسم " الحكم ".

رفض الناس أحياناً التفسير التوحيدي للأحداث وإيثارهم التفسير الشركي الأرضي:

 الله سبحانه وتعالى يقول:

﴿ ذَلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ ﴾

( سورة غافر )

 الحقيقة أن الناس أحياناً يرفضون تفسيراً للأحداث توحيدياً، ويؤثرون عليه تفسيراً شركياً أرضياً.
  لا شك أن الزلزال اضطراب بقشرة الأرض، هذا التفسير العلمي القريب، ولكن من هو مسبب الأسباب ؟ لابدّ من أن نفهم الأحداث فهماً علمياً، وفهماً توحيدياً في آنٍ واحد ذلك بأن الله وحده إذا كان الطرح أن الله وحده المتصرف بيده كل شيء.

 

﴿ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ ﴾

 

( سورة هود الآية: 123 )

﴿ فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ ﴾

( سورة الزخرف الآية: 84 )

 يسوق للعباد ما يصلحهم، أو يؤدبهم، هذا التفسير التوحيدي مرفوض، أما صراع الحضارات، والقوى، والمصالح الكبرى، وما إلى ذلك من تفسيرات أرضية شركية هذا المقبول.

 

الحكم لله العلي الكبير في كل شيء:

﴿ ذَلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ ﴾

 كيف الحكم لله ؟ طبعاً أضرب أمثلة بسيطة:
  يموت الأب ويترك أولاداً وثروة طائلة، أكبر الأولاد يستأثر بهذه الثروة ويجعل أخوته تحت جناحه، لكن الله عز وجل كيف يحكم على هذا الابن الأكبر ؟ الظالم الذي استأثر بالثروة وحده ولم يعطِ أخوته منها شيئاً تتراجع أحواله، ويوفق الله الآخرين إلى أن يعمل عندهم موظفاً، فالله " الحكم "، هو ظالم، الله عسّر أموره ويسّر أمور الصغار، وكم من حادثة يشيب لهولها الولدان، المغتصب أصبح أجيراً عند أخوته الصغار الذين اُغتصبت أموالهم وظُلموا فوفقهم الله عز وجل.
 أحياناً يكون طلاقاً بين زوجين، الظالم تأتيه زوجة تريه النجوم ظهراً، والزوجة المظلومة يأتيها زوج يعرف قيمتها ويحسن إليها، الله حكم.
 شريكان، زوجان، أخوان، وريث:

 

﴿ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنْ الْخُلَطَاء لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ ﴾

 

( سورة ص الآية: 23 )

أسماء الله الحسنى كلها محققة في الدنيا إلا اسم العدل فهو محقق جزئياً:

 أي هناك حكم بالآخرة شيء واضح تمام، الله عز وجل أسماؤه الحسنى كلها محققة في الدنيا إلا اسم العدل، محقق جزئياً، يعني الله عز وجل يكافئ بعض المحسنين تشجيعاً للباقين، ويعاقب بعض المسيئين ردعاً للباقين، ولكن الحساب الختامي:

﴿ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴾

( سورة آل عمران الآية: 185 )

 نحن في دار عمل، لسنا في دار جزاء، هناك في هذه الدنيا عمل ولا جزاء وفي الآخرة جزاء ولا عمل.

 

﴿ وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ﴾

 

( سورة الروم الآية: 27 )

﴿ لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى ﴾

( سورة طه )

عدل الله عز وجل محقق كلياً يوم القيامة:

 لذلك في بعض الآيات:

﴿ وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا ﴾

( سورة مريم الآية: 71 )

  قالوا: ورود النار غير دخولها، ورود النار كإنسان (شخص مهم جداً) يؤخذ إلى السجن ليطلع على السجن، المستقبل على مدخل السجن، يرى الزنزانات، يرى المساجين، جاء زائراً ليطلع، فالله عز وجل حينما يقول:

﴿ وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا ﴾

  قال علماء التفسير: ورود النار غير دخولها، ورود النار لا يتأذى واردها ولا بوهجها، لكن ليرى عدل الله في الأرض، ليرى هؤلاء الطغاة ما مصيرهم، ليرى المؤمن مكانه في النار لو لم يكن مؤمناً.
  لذلك عدل الله عز وجل محقق كلياً يوم القيامة، وفي الدنيا محقق جزئياً، فالحكم بالآخرة شيء بديهي، أما الحكم في الدنيا، الله يوفق المظلوم أحياناً، ويعاقب الظالم.

 

بطولة الإنسان أن يكون على حقٍّ لأن الله عز وجل سينصره لا محالة:

 آية ثانية:

﴿ قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيهَا إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ ﴾

( سورة غافر )

 أي يوجد في الأرض صراعات، و مذاهب، و طوائف، و أديان، و أعراق، و أنساب، و تقسيمات، كلٌ يدعي وصلاً بليلى، يوم القيامة يقول الله عز وجل:

﴿ إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ ﴾

﴿ إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴾

( سورة الحج )

  كل جهة بالأرض تدعي أنها على حق، أحياناً ترتكب جرائم باسم قيم ليست محققة، يقول لك من أجل الحرية والديمقراطية، تُقتل الشعوب، تستباح الحُرمات، تُنهب الثروات، تحت شعار الحرية والديمقراطية، هذه كلمات ما أنزل الله بها من سلطان، لكن الله سبحانه وتعالى يقول:

 

﴿ الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ ﴾

 

( سورة يس الآية: 65 )

  لا يسمح الله لهذا المجرم أن يقول كلمة، اسكت، انظر إلى عملك، هو أحقر من أن يستطيع أن يقول كلمة، كان كاذباً في الدنيا.

 

﴿ إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ ﴾

 

( سورة غافر )

  الله عز وجل يقول:

 

﴿ وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ ﴾

 

( سورة يونس )

 بطولتك أن تكون على حق، لأن الله سينصرك، لأن الله سوف يكشف الحق، البطولة أن تكون على حق.

 

أنواع الاختلاف بين الناس:

 لكن الله سبحانه وتعالى يرخي الحبل للظالم أحياناً، وفي أية لحظة هذا الظالم في قبضة الله عز وجل، كان عليه الصلاة والسلام يدعو بهذا الدعاء:

(( اللهم فَاطِرَ السماوات والأرضِ، عَالمَ الغَيبِ والشهادَةِ، أَنتَ تَحكم بَينَ عِبَادِكَ فيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفون ))

[أخرجه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي عن عائشة أم المؤمنين ]

 وعند مسلم من حديث عبد الرحمن بن عوف قال:

 

(( سألتُ عَائِشَةَ أُمَّ المؤمنين. بِأي شيءٍ كانَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يَفْتَتِحُ صَلاتَهُ إِذَا قَامَ من اللَّيلِ ؟ قالت: كان إذا قَامَ من اللَّيلِ افْتَتَحَ صَلاتَهُ قال: اللَّهمَّ رَبَّ جِبرِيلَ ومِيكائِيلَ وإِسرَافِيلَ، فَاطِرَ السماوات والأرضِ، عَالمَ الغَيبِ والشهادَةِ، أَنتَ تَحكم بَينَ عِبَادِكَ فيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفون، اهدني لِما اختُلِفَ فيه من الحقِّ بِإِذنِكَ، إِنَّكَ تَهدي مَن تَشاءُ إلى صِراطٍ مُستَقيمٍ ))

 

1 ـ الاختلاف الطبيعي:

  العلماء قالوا أيها الأخوة: هناك اختلاف طبيعي، صاحبه ليس محموداً ولا مذموماً، نحن في التاسع والعشرين من شعبان مثلاً يا ترى غداً رمضان ؟ لا ندري، سمعنا صوتاً، صوت مدفع يا ترى مدفع رمضان أم تفجير في الجبل، يُشق طريق، هناك صخرة كؤود ففجرت، يا ترى تفجير أم مدفع رمضان ؟ صار في اختلاف، هذا الاختلاف بسبب نقص المعلومات، لكن هناك مدفع ثانٍ، وثالث، ورابع، إذاً رمضان، نفتح الإذاعة يقول المذيع: غداً أيام رمضان، القضية حُسمت.
 أحياناً الاختلاف هو نقص المعلومات، ثم يُحسم الخلاف، هذا اختلاف صاحبه ليس محموداً، ولا مذموماً.

2 ـ الاختلاف القذر:

 لكن هناك اختلاف قذر.

﴿ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ ﴾

( سورة آل عمران الآية: 19 )

 أي حسد بينهم، اختلاف حسد، المسلمون إلههم واحد، ونبيهم واحد، وقرآنهم واحد، هم مختلفون اختلاف مصالح، اختلاف أهواء، اختلاف حسد، هذا الاختلاف القذر.

 

3 ـ الاختلاف المحمود:

  وهناك اختلاف آخر اختلاف محمود.

(( اهدني لِما اختُلِفَ فيه من الحقِّ بِإِذنِكَ ))

[ مسلم عن عبد الرحمن بن عوف]

 الاختلاف المحمود إنسان يرى أن أفضل عمل بناء المساجد، إنسان آخر يرى أفضل عمل تأليف الكتب، إنسان ثالث الدعوة إلى الله، إنسان رابع إنشاء ميتم، فأحياناً المؤمنين يتنافسون، وتختلف وجهات نظرهم في الأعمال الصالحة، هذا اختلاف محمود اختلاف تنافس.

 

﴿ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ ﴾

 

( سورة المطففين )

﴿ لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ ﴾

( سورة الصافات )

﴿ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ ﴾

( سورة آل عمران الآية: 133 )

 يوجد مسارعة، ويوجد تنافس، هذا محمود.

 

من قصر بالعمل ابتلاه الله بالهم:

 التنافس على فعل الخيرات محمود، والتنافس على مصالح الدنيا بسبب اختلاف الأهواء والمصالح هذا تنافس قذر، والاختلاف بسبب نقص المعلومات هذا اختلاف طبيعي، فقد روى الإمام أحمد عن عبد الله بن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

(( ما أصاب مسلماً قط هم ولا حزن، فقال: ))

[ أحمد عن عبد الله بن مسعود]

 في بعض الآثار:

 

(( من قصر بالعمل ابتلاه الله بالهم ))

 الهم مصيبة، هناك كآبة، هناك قلق، هناك إحباط، هناك ضيق، هناك شدة نفسية.

 

 

(( من قصر بالعمل ابتلاه الله بالهم ))

  يقول عليه الصلاة والسلام:

 

 

(( ما أصاب مسلماً قط همّ ولا حزن، فقال: اللهم إني عبدك وابن أمتك ناصيتي في يدك، ماض في حكمك، عدل في قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحداً من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ربيع قلبي، وجلاء حزني، وذهاب همّي، إلا أذهب الله همه، وأبدله مكان حزنه فرحا، قالوا: يا رسول الله ألا نتعلم هذه الكلمات ؟ قال: بلى ينبغي لمن سمعهن أن يتعلمهن ))

 

[ أحمد عن عبد الله بن مسعود]

أدعية النبي عليه الصلاة والسلام في صلاة التهجد:

 لا زلنا في الآيات والأحاديث التي تتحدث عن أن الله هو الحكم.

(( النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل يتهجد ))

[ البخاري عن عبد الله بن عباس]

 ألم يقل الله عز وجل:

 

﴿ أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً * وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً ﴾

 

( سورة الإسراء )

(( كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل يتهجد، قال: ' اللهم لك الحمد، أنتَ نور السماوات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد، اللهم بك آمنت، ولك أسلمت وعليك توكلت، وإليك أنبت، وبك خاصمت، وإليك حاكمت، فاغفر لي ما قدمت، وما أخَّرت، وما أسررت، وما أعلنت، أنت المقدم وأنت المؤخر، لا إله إلا أنت، ولا إله غيرك ))

[أخرجه مسلم وابن خزيمة عن عبد الله بن مسعود ]

  هذه أدعية النبي عليه الصلاة والسلام في صلاة التهجد.

 

علاقة المؤمن باسم الحكم:

  أنت كمؤمن ما علاقتك باسم " الحكم " ؟ أولاً ينبغي ألا تتخذ حكماً من دون الله، من هو صاحب القلب السليم ؟ الله عز وجل حينما قال:

﴿ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾

( سورة الشعراء )

  من صاحب القلب السليم ؟ قال: الذي لا يشتهي شهوة لا ترضي الله، ولا يصدق خبراً يتناقض مع وحي الله، ولا يعبد إلا الله، ولا يقبل إلا حكم الله، لذلك من صفات المؤمن أنه لا يتخذ من دون الله حكماً.

 

﴿ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾

 

( سورة يوسف )

 ثم يقول الله عز وجل عن نبيه صلى الله عليه وسلم:

 

﴿ أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَماً ﴾

 

( سورة الأنعام الآية: 114 )

من لا يقبل حكم الله عز وجل و حكم نبيه فليس بمؤمن:

  أخوانا الكرام، كلام خطير، أنت حينما تختلف مع أخٍ، أو مع زوجةٍ، أو مع شريك، أو مع وريث، والذي يحكم بينكما يقدم لك حكم رسول الله ولا تقبل به، أقسم لكم بالله أنك لست مؤمناً، الدليل:

﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ﴾

( سورة الأحزاب الآية: 36 )

  الله عز وجل ورسوله من خلال الكتاب والسنة حكما للمرأة المطلقة بمهرها، المرأة المسلمة التي تقيم في بلاد الغرب، القاضي هناك يحكم بنصف أموال الزوج، لا تقبل حكم رسول الله، بأن تأخذ مهرها حينما تُطلق، ترفع أمرها إلى قاضٍ غير مسلم ليحكم لها بنصف أملاك زوجها،

﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ﴾

 الحقيقة أن المؤمن علاقته بهذا الاسم لا يقبل حكماً إلا الله، إلا الله في قرآنه، و إلا النبي عليه الصلاة والسلام في سنته.

 

بطولة الإنسان إذا كُلف بالحكم أن يحكم بالعدل:

 لكن قد يغيب عن الناس أن كلمة قاضٍ، هو إنسان بقصر العدل، يعتلي منصة القضاء، ويحكم بين الناس، من قال لك ذلك ؟ أنت في مئات الحالات قاضٍ، أنت أب عندك بنت متزوجة، جاءت البنت إليك تشكو زوجها، فأنت أردت أن تكيل الصاع صاعين لزوجها، أبقيتها عندك، ومنعتها من الاتصال به، سألته أنت ؟ هل سألت زوجها ما الذي يزعجه منها ؟ أبداً، انحاز إلى ابنته انحيازاً كاملاً، هو حكم الآن، لكن ما كان حكماً عادلاً، ما سمع من الطرفين.
 شخص سأل شيخاً قال له: إنسان تلقى ضربة من إنسان، فرد عليه بضربة ثانية، قال له: لا شيء عليه، المضروب كان الأب، قالوا: الفتوى على قدر الوصف، فالبنت حكت لك، أنت ما قبلت أن تلتقي بزوجها كي تستمع منه أيضاً، لست أباً عادلاً، أحياناً الأب يكون حكماً عادلاً بين ولدين، أو بين زوجين، يكون حكماً بين شريكين أحياناً.
 فأنت شئت أم أبيت في مئات الحالات أنت حكم، فالبطولة إذا آمنت باسم " الحكم " وكلفت أن تحكم أن تحكم بالعدل، أما الانحياز صفة ناقصة بالإنسان، يقول عليه الصلاة والسلام:

(( كَتَبَ أبي، وكتبتُ له إِلى ابنه عبد الله بن أبي بكرة وهو قاض بسِجِسْتان أن لا تَحْكُمَ بين اثنين وأنت غضبان، فإني سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يحكم أحد بين اثنين وهو غضبان ))

[ أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي عن أبي بكرة ]

 العلماء حملوا على هذا النهي 33 حالة، أحياناً شخص جائع جداً، الجائع جداً ليس أهلاً أن يحكم، كيف ما كان يريد إنهاء الموضوع، لأنه جائع، أحياناً يكون متألماً، أحياناً عنده مشكلة، العلماء بتفاصيل الأحكام الفقهية قاسوا 33 حالة على هذا النهي لا تحكم وأنت غضبان.

 

ما من قضية يتنازع عليها إلى يوم القيامة إلا فيها حكم الله بالقرآن والسنة:

  إذاً المؤمن إذا حُكم يحكم بالعدل، وإذا احتكم لا يحتكم إلا لله، إذا حكم لا يحكم إلا بالعدل، ولا يقبل أن ينحاز إلى ابنه أو إلى من يلوذ به.
 تجد هناك أشخاص عنده حاسة سادسة وذكي جداً، له مشكلة، هذه لا تحل عند العلماء، تحل في القانون، لذلك يلجأ إلى المحاكم، وقد يكون القانون غير شرعي، لكن مشكلته تحل بالقانون، يقول لك: نحن في بلد، في محاكم، في قانون، نخضع له، هو نفسه في قضية أخرى كبيت مستأجر بنظام قديم لا يحل في القانون، المستأجر قوي القانون حاميه يأتي إلى عند العلماء، نريد شرع الله، لماذا أنت هنا تريد حكم القانون ؟ هنا تريد شرع الله ؟ هذه المزاوجة، والتقلب، والتنوع، وراءه يوجد خبث، فأنت إما أن تقبل بحكم الله، أو بحكم القانون، أما مرة بالقانون، مرة بحكم الله عز وجل، النقطة الدقيقة، قال تعالى:

﴿ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ ﴾

( سورة النساء الآية: 59 )

  تنازعت مع جهة علوية، من هو الحكم ؟

﴿ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ ﴾

 في القرآن الكريم

﴿ وَالرَّسُولِ ﴾

 في سنته، والآية فيها ملمح دقيق جداً، أي ما من قضية يتنازع عليها إلى يوم القيامة إلا فيها حكم الله بالقرآن والسنة، أيعقل أن يحيلك الله إلى شيء غير صحيح، قال لك:

﴿ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ ﴾

  مرة طائرة فيها أربعون أو خمسون خبيراً، بأعلى مستوى من دولة عربية هؤلاء الخبراء ذهبوا إلى بلد أجنبي، وتلقوا علومهم العسكرية لتطوير الأسلحة وما إلى ذلك وعادوا جميعاً في طائرة واحدة، هذه الطائرة أُسقطت، بالقرآن:

 

﴿ وَقَالَ يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ ﴾

 

( سورة يوسف الآية: 67 )

 كان من الأولى أن يأتي كل واحد برحلة، فلما اجتمع أربعون خمسون خبيراً بطائرة واحدة، هذه الطائرة أُسقطت.
  لو دققت لتجد كل قضايانا لها حلول في القرآن وفي السنة.

 

علامة إيمانك أن ترضى بحكم الله ورسوله:

  شيء آخر، وهذا كلام خطير، يقول الله عز وجل:

﴿ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً ﴾

( سورة النساء )

 هذه علامة الإيمان أن ترضى بحكم الله ورسوله، فكل إنسان يكون حكماً، فإذا حكم أن يحكم بالعدل، وكل إنسان قد يحتكم، فإذا احتكمت فاحتكم إلى الشرع، وإذا كنت حكماً اجعل هذه الآية منهجاً لك:

 

﴿ قَالَ سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ ﴾

 

( سورة النمل )

  حقق، لا تقبل كلاماً من طرف واحد، هناك قاضٍ أراد أن يُعفى من منصبه فسأله الخليفة لماذا ؟ قال له: قبل أيام قدم لي طبق من الرطب، وأنا معروف في البلدة أنني أحب الرطب في بواكيرها، فسأل غلامه من جاء بهذا الطبق ؟ قال له: رجل، قال له: صفه لي قال: كيت وكيت، فإذا هو أحد المتخاصمين عنده، في اليوم التالي يقول للخليفة: والله في اليوم التالي تمنيت أن يكون الحق مع الذي قدم الطبق مع أني لم آخذه فكيف لو أخذته ؟ وجد نفسه غير مؤهل أن يكون قاضياً، وكيف لو طلب منه مبلغاً معيناً ؟الآن ؟ يقول له: هذه تحتاج نصف مليون، أحكم لك لكن تحتاج نصف مليون.
  لذلك إن كنت حكماً فاحكم بالعدل، وأي واحد منا شاء أم أبى يكون قاضياً آلاف المرات في حياته، دون أن يشعر، وإن احتكمت فاحتكم إلى الشرع.

الاستماع للدرس

00:00/00:00

نص الزوار

إخفاء الصور