- أسماء الله الحسنى
- /
- ٠2أسماء الله الحسنى 2008م
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
من أسماء الله الحسنى:(الرقيب):
أيها الأخوة الكرام، مع اسم جديد من أسماء الله الحسنى والاسم اليوم "الرقيب".
ورود اسم الرقيب في القرآن الكريم:
1 ـ منوناً ومطلقاً و وروده مقترناً بمعاني العلو والفوقية:
هذا الاسم أيها الأخوة، ورد في القرآن الكريم منوناً مطلقاً، غير مضاف، وقد ورد مقترناً بمعاني العلو والفوقية، كما في قوله تعالى:
﴿ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيباً ﴾
والله أيها الأخوة، لو لم يكن في كتاب الله إلا هذه الآية لكفت، أنت في الحياة المدنية، لو نمي إليك أن هاتفك مراقب، تدقق في كلامك، تختار أفضل كلمة، أبعد كلمة عن الشبهة، لو نمي إليك أنك مراقب تراقب نفسك في حركاتك وسكناتك بدرجة غير معقولة، لأنه نمي إليك ولست متأكداً أنك مراقب من إنسان، من بني جلدتك، لكنه أقوى منك، أن تكون مراقباً من إنسان تتبدل كل تصرفاتك، وتضبط كل حركاتك وسكناتك، وكل أقوالك وكلماتك، فكيف إذا الواحد الديان خالق السماوات والأرض، رقيباً عليك ؟
﴿ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيباً ﴾
2 ـ وروده مقيداً:
أيها الأخوة، الله جلّ جلاله من فوق عرشه رقيب، له الكمال المطلق في إحاطته بخلقه، له الكمال في علو شأنه، فإن أضفت إلى الإطلاق اجتماع معاني العلو كان ذلك من كمال الكمال، في الاسم والصفة.
وقد ورد هذا الاسم مقيداً، يعني مضافاً في قوله تعالى عن سيدنا عيسى عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام:
﴿ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ﴾
وفي قوله تعالى:
﴿ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيباً ﴾
3 ـ وروده في السنة النبوية الشريفة:
أيها الأخوة، هذا في القرآن، فماذا ورد في السنة ؟ النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(( فأقول كما قال العبد الصالح عيسى ابن مريم: وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ، إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ))
نستفيد من هذه الآية التي ذكرها النبي عليه الصلاة والسلام في حديثه الشريف أن تقييم العباد من شأن رب العباد وحده، ولا تجشم نفسك متاعب تقييم العباد هذا من شأن رب العباد،
(( إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ))
الرقيب في اللغة:
"الرقيب" في اللغة، على وزن فعيل بمعنى فاعل.
أيها الأخوة، أي الموصوف بالمراقبة، فعيل صيغة مبالغة اسم الفاعل الموصوف بالمراقبة، فعله رقب، يرقب، رقابة، أما الرقابة تأتي بمعنى الحفظ، والحراسة، والانتظار، مع الحذر والترقب.
وعند البخاري رحمه الله تعالى من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن أبا بكر رضي الله عنه قال:
(( ارْقُبُوا محمداً في أهل بيته ))
أي احفظوه فيهم، وقال هارون عليه السلام:
﴿ إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي ﴾
فالـ "الرقيب" الموكل بحفظ الشيء، المترصد له، المتحرز عن الغفلة، فيه رقيب القوم حارسهم، هو الذي يشرف على المراقبة ليحرسهم، رقيب الجيش طليعتهم، الرقيب الأمين، ارتقب المكان أشرف عليه وعلى فوقه.
هذا ما ورد في المعاجم عن كلمة "الرقيب".
من معاني الرقيب:
1 ـ المطلع على الخلق في كل صغيرة و كبيرة:
أما إذا قلنا الله جلّ جلاله هو "الرقيب" أي المطلع على خلقه، يعلم كل صغيرة وكبيرة في ملكه، لا يخفى عليه شيء لا في الأرض ولا في السماء، قال تعالى:
﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾
رقيب، وقال تعالى:
﴿ أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ ﴾
2 ـ يرى أحوال العباد ويعلم أقوالهم:
أيها الأخوة، "الرقيب" هو الذي يرى أحوال العباد مقبل، مدبر، حاقد، بريء ، سليم النية، يحب الآخرين، يحقد عليهم، يستعلي عليهم، يحتال عليهم، يتآمر عليهم، يرقى بهم، يحمل همهم، هو الذي يرى أحوال العباد، ويعلم أقوالهم، إن تكلمت فهو يسمعك وهو رقيب عليك، وإن تحركت فهو يراك وهو رقيب عليك، وإن أضمرت فهو يعلم وهو رقيب عليك، لا تخفى عليه خافية.
3 ـ يراقب عباده و يحصي أعمالهم ويحيط بمكنونات أسرارهم:
وقيل "الرقيب" هو الذي يراقب عباده، يحصي أعمالهم، ويحيط بمكنونات أسرارهم، ولا يغيب عنه شيء، في الأرض ولا في السماء.
قالوا: مراقبة الله لخلقه مراقبة عن استعلاء وفوقية، لأنه ربهم وخالقهم، وقدرة وصمدية، لا تتحرك ذرة إلا بإذنه، ولا تسقط ورقة إلا بعلمه.
﴿ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا ﴾
يا رب الورقة تعلمها ! والصواريخ تعلمها أيضاً، ملك له الملك كله، وله الحمد كله، أزمة الأمور كله بيده، ومصدرها منه، ومردها إليه، مستوٍ على عرشه لا تخفى عليه خافية، عالم بما نفوس عباده، أنت ساكت خطر في بالك أن تذهب إلى فلان وأن تقدم له هدية، يعلم وأنت ساكت، عالم بما نفوس عباده، مطلع على السر والعلانية، علم ما كان، وعلم ما يكون، وعلم ما سيكون، وعلم ما لم يكن لو كان كيف كان يكون.
الله عز وجل رقيب راصد لأعمال العباد وكسبهم:
يسمع ويرى، ويعطي ويمنع، ويثيب ويعاقب، ويكرم ويهين.
﴿ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ ﴾
إذا أكرمك الله عز وجل خدمك عدوك، وإذا أهان العبد تطاول عليه أقرب الناس إليه، يخلق ويرزق، يميت ويحيي، يقدر ويقضي، يدبر أمور خلقه، مراقبته لخلقه مراقبة حفظ دائمة، وهيمنة كاملة، وعلم وإحاطة، لا مراقبة قهر، مراقبة حفظ.
حينما تجلس الأم في الحديقة عينها على ابنها، تراقبه لا مراقبة قمع مراقبة حفظ .
الله عز وجل رقيب راصد لأعمال العباد وكسبهم، عليم بالخواطر التي تدب في قلوبهم، يرى كل حركة وسكنة في أبدانهم، ووكل ملائكته في كل أعمالهم، وإحصاء حسناتهم وسيئاتهم، قال تعالى:
﴿ وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَاماً كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ ﴾
قد يغيب عن ذهن الإنسان أنه إذا قال عند انتهاء الصلاة السلام عليكم ورحمة الله السلام عليكم ورحمة الله، يسلم على الملكين، ملك اليمين وملك الشمال، الله سبحانه وتعالى راصد لأعمال العباد وكسبهم، عليم بالخواطر التي تدب في قلوبهم، يرى كل حركة وكل سكنة، ووكل ملائكته بكتابة أعمالهم، وإحصاء سيأتهم، وقال تعالى:
﴿ وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَاماً كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ ﴾
فالملائكة تسجل أفعال الجنان والأبدان، قال تعالى عن تسجيلهم لقول القلب وقول اللسان:
﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ * إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ * مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾
الإنسان مراقبته محدودة فلا يصلح أن يكون مشرعاً:
أيها الأخوة، لما الإنسان يشرع، الإنسان مراقبته محدودة، يقول لك السرعة القصوى مئة، في أمريكا هذا القرار كيف يضبط ؟ يضبط بأجهزة في الطرق العامة تكتشف السرعة الزائدة، ولأن واضع هذا القانون إنسان، والمواطن إنسان، وقد يكون هذا المواطن أذكى من واضع القانون، يخترع جهازاً للسيارة، فإذا اقترب من الجهاز الذي يكشف سرعته نبهه، خفض السرعة.
مرة كنت راكباً بأمريكا مع صديق، سمعت صوتاً جديداً في السيارة، سألته عن الصوت، قال لي: هذا ينبهني إلى وجود جهاز في الطريق يضبط السرعات الزائدة، انتهى القانون، الآن الدولة في طور اختراع جهاز يكشف هذه الأجهزة التي في السيارات.
إذاً ما دام المشرع إنسان معركة بين عقلين، الأذكى ينتصر، أما إذا كان الله سبحانه وتعالى "الرقيب" أمرك أن تصوم، دقق في أيام الصيف، في شهر آب الإنسان يكاد يموت من العطش، وهو في البيت وحده، ودخل إلى المطبخ، والثلاجة فيها ماء بادر، ولا أحد يمكن أن يضبط هذه المخالفة في الأرض، لا يستطيع أن يضع في فمه قطرة ماء، هذه عظمة الدين.
أنا مرة تصورت أن الدول الراقية حرصاً منها على صحة رعاياها أصدرت مرسوماً بفرض الصيام على الناس، تصور الصيام مفروض من الدولة، طبعاً لا أحد يجرؤ أن يأكل في النهار يعاقب، لكن إذا دخل إلى بيته، إذا دخل إلى الحمام يشرب، لا يوجد قوة في الأرض مهما تكن جبارة وقمعية أن تحمل الناس على الصيام، أذكر أن أمريكا في عام 1933 حرمت الخمر، البحث طويل جداً، بالمليارات دفعت لتوعية الناس، أعدمت ثلاثمئة شخص، أكثر من خمسة ملايين إنسان دخلوا السجن، بعد عشر سنوات أعلنت إفلاسها، ثم سمحت به، دولة قوية بكل إمكانياتها، صنعت بواخر لتهريب الخمر، بواخر لها مخابئ سرية، إلى أن أيقنت أنها مستحيل أن تضبط الأمر.
الآن بالعالم الإسلامي برمضان مليار وخمسمئة مليون ما في إنسان ممكن أن يضع قطرة ماء بفمه.
الدين هو قوام الحياة و الحياة لا تصلح إلا بالدين:
الكلام الدقيق أن الدين هو قوام الحياة، وأن الحياة لا تصلح إلا بالدين، لأن المشرع في الدين ليس إنساناً لا يراك، المشرع في الدين خالق الأكوان، هل يستطيع إنسان مؤمن يدخل الحمام وهو يعجن العجين أن لا يغسل يداه ؟ هل تستطيع أي وزارة في الأرض أن تراقب من يعجن العجين في الساعة الثانية ليلاً ؟ لا تقدر، لكن الدين يقدر.
﴿ وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ ﴾
﴿ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيباً ﴾
أنا والله أرى أن الشيء العملي الحقيقي أن الإنسان المؤمن يخاف من الله فيستقيم، أي شيء تقوله آخر كلام غير واقعي، يقول لك ضمير مسلكي، ما هذا الضمير المسلكي ؟ يقول لك انضباط ذاتي، وتربية بيتية، هناك إنسان يرى أن الله سيحاسبه فيستقيم، وهناك إنسان يرى أن الله لا يحاسبه، إيمانه بالله ضعيف، يستقيم لينتزع إعجاب الناس، فإذا خلا بينه وبين نفسه أخذ ما ليس له.
قال الله عز وجل من فوقهم رقيب، وعلى تدوينهم قدير، رقيب على أفعال الإنسان قال تعالى:
﴿ وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ ﴾
نائم، قائم، في غرفتك، وراء الشاشة، على الكمبيوتر، فاتح الانترنيت من الذي يعلم ماذا تفعل، على أي موقع تفتح، على أي فضائية تدير جهازك ؟ من الذي يعلم ؟ إن الله يعلم،
﴿ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيباً ﴾
﴿ وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ ﴾
الإنسان المؤمن يخاف من الله فيستقيم على أمره:
أيها الأخوة الكرام، إذا شعرت أنك مراقب فلابد من أن تنضبط، شعور الإنسان بأنه مراقب ولو من جهة أرضية، ولو من إنسان من بني جلدتك، لكنه أقوى منه، إذا كنت مراقباً فلابد من أن تنضبط فكيف إذا أيقنت أن الله جل جلاله هو "الرقيب"؟
قلت لكم في بداية هذا اللقاء الطيب: والله لو لم يكن في كتاب الله إلا هذه الآية لكفت:
﴿ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيباً ﴾
النبي عليه الصلاة والسلام يقول:
(( أفضل إيمان المرء أن يعلم أن الله معه حيث كان ))
الآية الكريمة:
﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ﴾
إنسان استأجره النبي لعمل ما فاغتسل عرياناً، فقال خذ أجارتك لا حاجة لنا بك، فإني أراك لا تستحي من الله.
علة خلق السماوات والأرض أن تعلم أن علم الله يطولك و قدرته تطولك:
هذه الآية أيها الأخوة، أساسية جداً:
﴿ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ ﴾
لماذا ؟ قال:
﴿ لِتَعْلَمُوا﴾
هذه اللام لام التعليل، أي علة خلق السماوات والأرض أن تعلم.
﴿ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً ﴾
العجيب في هذه الآية أن الله اختار من بين أسمائه كلها اسمين فقط، اختار اسم العليم، واسم القدير، معنى ذلك أن علمه يطولك، وأن قدرته تطولك.
وضحت هذا سابقاً، أنت مواطن تركب مركبة في النهار الإشارة حمراء والشرطي واقف، والشرطي على دراجة نارية، بإمكانه أن يلحق بك، وهناك ضابط مرور في السيارة، وأنت مواطن من الدرجة الخامسة، هل يعقل أن تمشي ؟ مستحيل وألف ألف مستحيل، أولاً علم واضع القانون يطولك من خلال هذا الشرطي، فإذا هربت منه علم واضع القانون يطولك من خلال هذا الشرطي الذي على دراجة، فإذا تواطأت مع الشرطي علم واضع القانون يطولك من خلال هذا الضابط الذي في السيارة، فأنت موقن بالمليون أن علم واضع القانون يطولك، وبالإمكان الآن أن تثقب إجازتك، هناك اثنتا عشرة ثقباً بمرة واحدة ، بعد عدة مرات ممنوع أن تقود مركبة، تجد هناك حرص، و هناك انضباط عجيب، لأن واضع القانون يطولك من خلال هؤلاء الشرطي الواقف، والشرطي على الدراجة، وضابط المرور، وقدرته تطولك بسحب الإجازة، بإيقاع مخالفة كبيرة جداً، بحجز المركبة.
أما أنت حينما توقن أن واضع القانون هو من جنسك بشر، لكنه أقوى منك علمه يطولك، وقدرته تطولك، لا يمكن أن تعصيه، لا يمكن، فكيف إذا أيقنت أن واضع هذا التشريع علمه يطولك وقدرته تطولك، كيف ؟
من آمن أن الله يراقبه و هو له بالمرصاد لا يمكن أن يعصيه:
لذلك:
﴿ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً ﴾
لكن لا زلنا في المثل، ممكن الساعة الثالثة في منتصف الليل أن تخترق القانون لأن علم واضع القانون لا يطولك، ويمكن في وضح النهار، نهاراً وجهاراً أن تخترق هذا القانون، قد تكون أقوى من واضع القانون، فلا يجرؤ أن يوقفك، فهذا مثل دقيق جداً.
فأنت حينما تؤمن أن الله يراقبك، وأن الله لك بالمرصاد، وأن علم الله يطولك، وأن قدرته تطولك، بتفكير بسيط لا يمكن أن تعصيه، الله عز وجل يقول:
﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ﴾
الحياة لا تصلح إلا بالإيمان بالله:
أيها الأخوة، هذا الاسم إذا أدركت أبعاده يمكن أن يكون أحد أسباب سعادتك الأبدية، تأثرت، الله معك، الله معك لطيف، إذا شخص رافقك تضجر منه، يا أخي حل عني، الله معك لكن بلطف،
﴿ وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ ﴾
المعلم إذا علم أن الله يراقبه لا يعطي الطلاب عملاً سخيفاً و ينام ويرتاح.
فأنت حينما تشعر أن الله يراقبك تؤدي الواجب كاملاً، والله أيها الأخوة، هذه الحياة لا تصلح إلا بالإيمان بالله، أحياناً إنسان يخطئ معك بالحساب يرد لك المبلغ.
والله حدثني أخ، قال لي: والله وجدت بالسيارة 20 مليون ليرة، نسيها من ركب معي، بقيت أربعة أيام أبحث عنه، إلى أن وصلت إليه وقدمت إليه المبلغ، قال له: أنت عندك سيارة ؟ قال له: لا، أخذه لسوق السيارات واشترى له سيارة بمليون، من يجد بسيارته 20 مليون وينجو من أي مساءلة ؟ يبحث عن صاحبها، يوجد بالعالم الإسلامي بطولات مذهلة.