وضع داكن
28-03-2024
Logo
الندوة : 04 - الامتحان 2- نصائح هامة للطلاب الأعزاء
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

مقدمة :

الأستاذ جمال شيخ بكري :
أيها الأخوة والأخوات السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم جميعاً بكل خير، ندعوكم لمتابعة هذه الحلقة المتجددة من برنامجنا الأسبوعي: "فيه هدى للناس"، كنا في الأسبوع الماضي قد تحدثنا عن الامتحانات عند طلبتنا الأعزاء، تحدثنا عن كيف يكون الطلاب متفوقين؟ هذا لا يكون إلا كما قال فضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي إلا بالتركيز على موضوع الدراسة، وآلية العمل بهذه الدراسة، هناك أمور تتحدث عنها صاحب الفضيلة السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الدكتور راتب:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأستاذ جمال شيخ بكري :
دكتور كنا في الأسبوع الماضي قد تحدثنا عن مجموعة نصائح للطلبة الأعزاء، كيف تكون الآلية الحقيقية والدقيقة لفهم الموضوع لتكون الذاكرة ممتلئة بالمعلومات المرسخة لتعطي وتنتج، هناك متابعة في هذا الموضوع، وهناك عدة نصائح أخرى لا بد من أن نذكر بها الأخ المستمع.

 

أهمية الراحة بالنسبة للطالب :

الدكتور راتب:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين، وعلى صاحبته الغر الميامين، أمناء دعوته، وقادة ألويته، وارضَ عنا وعنهم يا رب العالمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
أستاذ جمال ـ جزاك الله خيراً ـ يتوهم الطالب أنه إذا درس بشكل مستمر يتفوق، لا بدّ من الراحة، الراحة تعين على الدراسة، الراحة تعين على متابعة الدراسة، الراحة تعين على التركيز، الراحة تعين على استيعاب المواد، فهذا الذي لا يرتاح إنسان خاطئ، فلابدّ من وضع برنامج دراسي، تتخلله أوقات راحة، هذه الراحة كاستنشاق الهواء، كتجديد هواء الغرفة، هذه الراحة كأخذ سنة من النوم تصحو بعدها نشيطاً، فأي برنامج دراسي لا يأخذ بالاعتبار راحة يرتاحها الطالب برنامج غير ناجح، فلذلك البطولة أن تعيش مع حاجات جسمك، فأولاً في كل برنامج دراسي تحدد فيه فترات الدراسة وأن تتخلل هذه الفترات فترات للراحة، هذا يحول بين الطالب وبين شعوره بالسأم، والضجر، والإحباط، أو الإجهاد الذي يسببه التركيز في مدة طويلة.

نصائح هامة للطلاب الأعزاء :

1 ـ أن يضع الطالب برنامجاً لدراسته تتخلله أوقات معقولة للراحة :

الآن قبل الامتحان الراحة يحتاجها الطالب أكثر من أي وقت مضى، الطالب إنسان له أعصاب، له قدرة على الاستيعاب، له طاقة، فإذا أمضى الليل كله في الدراسة، تحطمت أعصابه، وأصبح في متاهة نفسية كبيرة، فأنا أنصح طلابنا الأعزاء، أن يضعوا برنامجاً لدراستهم تتخلله أوقات للراحة معقولة، هذه الأوقات تعطيهم طاقة، تعطيهم تجديداً لنشاطهم، تعطيهم قدرة على متابعة الدراسة، ولا سيما قبل وقت الامتحان، أنا أتمنى وأنا أعني ما أقول الذي درسته أيها الطالب وأيتها الطالبة في شهر قبل الامتحان هذا حينما يأتي سؤال تتذكر أيها الطالب كل ما قرأته، لكن قبل الامتحان بيوم يأتي طالب فيقول لك: هل درست هذا الموضوع؟ هل درست هذا الموضوع؟ يدخل الطالب المسكين في قلق، واضطراب نفسي كبير، أنا أنصح قبل كل شيء أن يتخلل برنامج الدراسة فترات للراحة لأنها تعين على متابعة الدراسة.

2 ـ أن يأخذ الطالب قسطاً كافياً من النوم قبل وقت الامتحان :

الآن يجب أن يأخذ الطالب قسطاً كافياً من النوم قبل وقت الامتحان، يجب أن ينام نوماً طبيعياً، أن ينام ست ساعات قبل أن يؤدي الامتحان، هذا يعطيه قدرة على التذكر، يعطيه قدرة على المحاكمة، يعطيه قدرة على الكتابة، على مستوى الأسلوب، هذا كله بسبب الوضع الجسمي الطبيعي، أما جسم منهار، جسم متعب، هذا جسم لا يستطيع أن يتجاوب مع سؤال الامتحان، فكم من طالب أجهد نفسه فكتب سؤالاً مكان سؤال وأخذ علامة الصفر؟

3 ـ تناول الطعام المناسب :

الآن هناك من يتوهم أنه إن لم يأكل يكون أقوى على الدراسة، بالعكس تناول الطعام المناسب في أثناء الدراسة وقبل الذهاب إلى الامتحان شيء مهم جداً.

4 ـ التدقيق في فقرات السؤال :

الآن أستاذ جمال ، لو أن الطالب أخذ ورقة الامتحان وأمسك قلمه وأغلقه، وضعه على الطاولة، ووضع أمامه ورقة المسودة، وبدأ يقرأ هذه الأسئلة قراءة متأنية، لو أمضى عشر دقائق وهو لا يكتب أفضل ألف مرة من الذي ما إن يأخذ ورقة الامتحان حتى يكتب

قد يكتب سؤالاً مكان سؤال، وقد ينسى فقرة أساسية، أنت إذا أخذت ورقة الأسئلة أغلق قلمك وضعه على الطاولة، وتأمل في هذه الأسئلة، وكلما جاءك خاطر سجله على المسودة، هذا الموضوع يتحدد بكذا، أنا أذكر قصة لا أنساها أبداً، كان ببرنامج الثالث الثانوي في الأدب العربي موضوعان كبيران؛ الأدب الاجتماعي والأدب القومي، في الأدب القومي عنوانات كثيرة، منها الأدب القومي قبل الحرب العالمية الأولى، والأدب القومي بين الحربين، والأدب القومي بعد الحرب، هذه العناوين الثلاث في الأدب القومي، جاء سؤال في الأدب الاجتماعي في موضوع آخر لا علاقة له بالأدب القومي، ولكن واضع السؤال كتب الأدب الاجتماعي بين الحربين، فكلمة بين الحربين رآها الطالب في الأدب القومي، فكتب معظم الطلاب الأدب القومي، ونالوا الصفر، أنا أتكلم عن واقع، قبل أن تتسرع في كتابة الإجابة أغلق القلم، وانتظر دقائق عشرة، وتأمل في الأسئلة، وحاول أن تكتب على المسودة ماذا فهمت منها، أحياناً يكون في السؤال فقرتان فقط أدب قومي، من ضعف الطالب الاستيعابي يكتب القومي كله، القومي كله يحتاج إلى عشر صفحات، مطلوب فقرتين فقط، فلذلك هنا خطأ كبير هذه العشر دقائق قبل أن تكتب، التأمل في السؤال، في فقرات السؤال، في المطلوب، السؤال دقيق جداً، أحياناً يقول لك: قال الشاعر الفلاني يصف، بالمقدمة ذكر لك الشاعر والوصف، يفهمها مديحاً، قال لك يصف، قال لك يمدح، قال لك يهجو، أحياناً في سطر قبل الأبيات فيه توضيح لمحور الأبيات، فأنا أتمنى على طلابنا الأعزاء وطالباتنا العزيزات، أن يتأملن وأن يتأملوا في دقائق السؤال، فقد يكون السؤال صغيراً، والمطلوب قليلاً، لكن بتركيز، فالطالب يقرأ كلمة قومي، أو اجتماعي، يكتب الأدب الاجتماعي كله، وهذا خطأ كبير.
التدقيق في فقرات السؤال شيء مهم جداً.

5 ـ الالتزام بالاستقامة و الأخلاق :

أستاذ جمال النصائح كثيرة، لكن عندنا شيء، نحن أستاذ جمال لو جئنا بعدسة وضعناها تحت أشعة الشمس، وجئنا بورقة وضعناها في محرق العدسة، تحترق، أمسك هذه الورقة ضعها في أشعة الشمس لا تحترق، لماذا احترقت تحت العدسة؟

لأن أشعة الشمس من خلال العدسة تجمعت في نقطة واحدة فأحرقتها، أنا هذا المثل أضربه للطلاب، أيها الطالب حينما تكون مستقيماً وتكون أخلاقياً كل طاقتك تتجمع في بؤرة واحدة، وعندئذ تفلح، أما رفقاء السوء، والذهاب يميناً وشمالاً، وتصفح مواقع الانترنيت التي لا ينبغي لك أن تتصفحها وخاصة في أوقات الامتحان، هذا كله يبدد الطاقة، فأنا أضرب مثل العدسة كيف أنها تحرق الورقة بأشعة الشمس لأن هذه الأشعة تجمعت في بؤرة واحدة، فالطالب المستقيم كل طاقته في بؤرة واحدة، كأني أقول: إنك أيها الطالب إذا كنت ملتزماً بمبدأ أخلاقي، وكنت مستقيماً، هذه الاستقامة أكبر عون لك على دراستك.
بالمناسبة ورد في بعض الأحادي:"ما من شيء أحب إلى الله من شاب تائب، إن الله يباهي الملائكة بالشاب التائب يقول: انظروا عبدي ترك شهوته من أجلي"، لعلي ذكرت في هذه النقطة موضوعاً لا علاقة له بالدراسة، لكن له علاقة بالكيان العام، فالطالب الملتزم من مبدأ أخلاقي مستقيم هذا أعون على الدراسة والتفوق من طالب آخر.

الأستاذ جمال شيخ بكري :
أيها الأعزاء الموضوع شيق، ويتابع فيه حيثيات الأمور، كيف للطالب وخاصة أنه يخوض غمار الامتحانات بعد أيام قليلة أن يكون متفوقاً؟ موضوع الأهل والجيران وكيفية التعامل مع هذا الطالب الذي هو بحاجة إلى الهدوء ليكون متفوقاً، أين يكمن دور الأهل والجيران في تحقيق هذا النجاح للطالب؟
الدكتور راتب:

توجيهات إلى الأهل والجيران بشأن الامتحان :

1 ـ تهيئة الأجواء التي تعين على الدراسة :

أستاذ جمال جزاء الله خيراً، والله لا يسعني في هذا اللقاء الطيب إلا أن أتوجه إلى كل الأخوة المواطنين بأعلى درجات الرجاء، وبكل ما يتمتعون به من الشعور بالمسؤولية، تجاه أبنائهم صغاراً وكباراً، ذكوراً وإناثاً، وتجاه أبناء جيرانهم، أن يهيئوا الأجواء التي تعين أولادهم، وأولاد جيرانهم على الدراسة، التي هي قوام أمرهم في الدنيا.
من أهم أسباب تهيئة الأجواء التي تعين على الدراسة أن يسمع المرء من بيته ما يحلو له وحده، من دون أن يسمعه إلى غيره، لأن غيره لا يحتاج إلى هذا الذي يسمعه، صوت المذياع، صوت التلفاز ينبغي أن يكون منخفضاً جداً، يسمع من في الغرفة فقط، أما أن أطرب لهذا الذي أسمعه فأرفع الصوت كي أسمع من حولي، فهذا خطأ كبير، وهذا مع الاعتذار من قلة الذوق، أن تسمع من حولك ما لا يريدون أن يسمعوه.

2 ـ عدم رفع الأصوات :

شيء آخر: هذا الوقت وقت الدراسة بل الوقت ما بين المواد الدراسية، ما بين مواد الامتحان، وقت ثمين جداً، وقد يكون وقت الدراسة في العام كله في كفة، وهذه الساعات العشرة التي تأتي قبل امتحان هذه المادة في كفة، هذا وقت التركيز، هذا وقت الحفظ، فهذا وقت خطير جداً، فيجب أن يعيش الأهل، والأقارب، والجيران، ومن في الحي، مشاعر هذا الطفل، الذي هو ابننا، وهو مستقبلنا، وهو أملنا في الحياة، فأنا أقول دائماً الآية الكريمة:

﴿ لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ ﴾

[ سورة الحجرات الآية : 2]

لا ترفعوا أصواتكم المطلق على إطلاقه، من الذوقيات المفقودة في البيوت، رفع صوت المذياع والتلفاز، بحيث يعكر على الطلاب الذين يدرسون دراستهم، وصفاءهم، وتركيزهم، ومن الذوقيات المفقودة في الشارع تلك الأصوات المزعجة بأبواق السيارات، والله حدثني من ذهب إلى أوربا، نام في الفندق في لندن فيما أذكر والساعة التاسعة لم يسمع صوتاً، أطل من النافذة فإذا الشارع ممتلئ بالسيارات، من دون أبواق، كلما ارتقى الإنسان ألغى بوق السيارة إلا عند الضرورة القصوى، أما لسبب ولغير سبب يطلق هذا البوق، هذا يزعج الطلاب، أحياناً يأتي إنسان إلى أسفل بيت أهل زوجته الساعة الواحدة ليلاً، وزوجته في الطابق الخامس، فلئلا يذهب إليها وهو في مركبته يطلق لبوق مركبته العنان، يناديها بصوت مركبته وهذا من قلة الذوق أيضاً.
أستاذ جمال هناك أخطاء في حياتنا كثيرة جداً، مثلاً الإعلان عن بيع مادة معينة، قد يستخدم صوتاً حديدياً مزعجاً، قد يستخدم صوتاً لا يقبل مثلاً، فهذا كله يزعج الدراسة، فهذا الشارع له ذوقيات، ذوقيات نسعى بوعينا إن شاء الله أن نرد للشارع ذوقياته، الله عز وجل يقول:

﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ*وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾

[ سورة الحجرات الآيات : 4-5]

حينما تأتي آية قرآنية تقول: لا ترفعوا أصواتكم، فهذا شيء مهم جداً، معنى ذلك أن هذا الشارع ليس ملكك وحدك، هذا ملك الجيران كلهم، ولا سيما في وقت الامتحان، فلذلك إن الآية تتحدث عن النبي عليه الصلاة والسلام ولكنها في الوقت نفسه تخص الجميع.
أستاذ جمال في القرآن خصيصة رائعة جداً أن الآية لها معنى سياقي، لكن لو نزعتها من مكانها تعد حقيقة مطلقة لكل زمان ومكان، هذه الآية تتحدث عن النبي عليه الصلاة والسلام، لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي، لكن لو أخذتها وجعلتها منهجاً في حياتنا، تتحدث عن رفع الصوت عاماً، إن من حقّ الناس عليك ألا تزعجهم، منهم النائم، منهم الطالب الذي يدرس، منهم المريض، منهم الذي يصلي، واعلم أن ما حول بيتك والشارع ليس ملكك وحدك، هذه الملاحظة في رفع الصوت وفي خفض الصوت، وطلابنا الأعزاء والامتحانات على الأبواب الانتقالية والثانوية، الرسمية والجامعية، كلها تحتاج إلى هدوء.

 

3 ـ تجميد المناسبات الاجتماعية في شهر الامتحان :

هناك ملاحظة أخرى هناك مناسبات اجتماعية، عقد قران، عرس مثلاً، أنا أتمنى على أخوتي المواطنين هذه المناسبة الاجتماعية لو جمدت في هذا الشهر، انتقلت إلى ما قبله أو إلى ما بعده، المناسبة الاجتماعية فيها ضجيج، فيها أناشيد، أحياناً يوجد ببعض الأمكنة غناء، والله مرة حدثني أخ كريم عن حيّ أقيم فيه حفل غنائي ـ هذا الحفل بقي للساعة الثانية بعد منتصف الليل ـ في أيام امتحان الشهادة الثانوية، فكل طلاب هذا الحي غادروا بيوتهم، غادروا البيوت كلياً، أنا أتمنى المناسبات الاجتماعية الصاخبة التي تقام في البيوت، أو في النوادي، ينبغي أن تؤجل إلى ما بعد الامتحانات، رحمة بالطلاب والطالبات، مستقبلهم، جامعاتهم، حرفتهم، تتحدد في الأعم الأغلب بأيام الامتحان، نحن في بلدنا تقل علاماته علامة عن الطب فيضطر للذهاب إلى حلب ليدرس الطب في جامعتها، كان في الشام يسكن مع أهله، يأكل من طعامهم، غرفته في الشام، الآن أصبح مضطراً أن يستأجر بيتاً في حلب، ومواصلات، وانتقال، وطعام وشراب، من أجل علامة واحدة، فأقول: الأهل حينما ينضبطون في هذا الوقت ـ وقت الامتحانات ـ ربما نال الطالب علامة أعلى، ربما أهلته أن يكون طبيباً بعلامة أعلى، فمستقبل طلابنا وجامعاتهم وحرفتهم تتحدد في الأعم الأغلب في أيام الامتحان، من أجل علامة واحدة تنتقل جامعته من مكان إلى آخر.

4 ـ الابتعاد عن الخلافات :

هناك شيء آخر؛ كل بيت فيه خلافات أحياناً، أنا أتمنى على أخوتي المواطنين إذا كان هناك خلافات أسرية و عندهم أولاد في الجامعات، وفي المدارس الثانوية، أن تُجمد هذه الخلافات إلى ما بعد الامتحان، ليس صعباً ذلك، أما المواقف الحادة، والخلافات الصعبة، قد تكون خلافات مالية بين شريكين في أثناء الامتحان، والطالب يدرس، والأب يصيح ويرفع صوته على شريكه، وخلافات، أنا أتمنى أن تُجمد المناسبات الصاخبة، قد تكون سارة، وقد تكون غير سارة، أن تجمد هذه المناسبات الصاخبة في أثناء الامتحانات، رحمة بأولادنا فلذات أكبادنا.
أحياناً قد لا ينتبه الأب، ينتقل من بيت إلى بيت أثناء الامتحان، الانتقال من بيت إلى بيت قضية تسبب اضطراباً كبيراً في الأسرة، فالانتقال من بيت إلى بيت لا يكون في وقت الامتحان، ولا قبل الامتحان، إلا بعد الامتحان.
الأستاذ جمال شيخ بكري :
دكتور هناك ملاحظة؛ الأم التي ترعى شؤون بيتها خاصة في أيام الامتحانات عليها أن تقلل من زياراتها لأقاربها وجيرانها؟

تفرغ الأمهات التام في وقت الامتحان :

الدكتور راتب:
صدق أستاذ علاء عدد كبير من الطلاب تركتهم أمهاتهم ليستيقظوا وحدهم، فلم يستيقظوا، فراح عليهم عام دراسي بأكمله، أنا أرى وأتمنى على الأمهات أن يتفرغن في وقت الامتحانات لأولادهم، لمواعيد فحوصهم، لتأمين طعامهم، لتأمين لباسهم، لمتابعتهم، للتخفيف عنهم، أنا أتمنى على الأم أن تلغي كل علاقاتها الاجتماعية لشهر، لا زيارة، ولا استقبال ضيوف، ولا شيء من هذا، هذا الوقت للأولاد، لذلك أنا عبرت عن هذا: تفرغ الأهل ولاسيما الأمهات والأخوة والأخوات الكبار تفرغهم للذين يؤدون الامتحانات من أفراد الأسرة، وتأمين حاجاتهم، والسهر على راحتهم، والتدقيق في جدول امتحاناتهم، وإيقاظهم على المواعيد المحددة، لكن الذي أتمناه على معظم الأخوة المواطنين لا تقل ليس عندي أولاد يؤدون الامتحان، أنت وحدك ليس عندك أولاد يؤدون الامتحانات لكن جارك عنده أولاد يؤدون الامتحان، النبي عليه الصلاة والسلام يقول :

((وَلَا يَدْخُلُ رَجُلٌ الْجَنَّةَ لَا يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ ))

[ أحمد عن أنس بن مالك]

فبناءً على هذا الحديث الشريف ينبغي أن نراعي أبناء جيراننا في دراستهم، وفي امتحاناتهم، وفي الجو الهادئ الذي ينبغي أن يحاطوا به، وأن هذه مسؤولية اجتماعية، بل ذوق رفيع، بل تعايش رائع، بل شعور لحاجة الآخرين إلى الهدوء، الحقيقة هناك معان كثيرة قد نحتاجها، ونحن في الحديث عن موضوع الامتحانات.
الأستاذ جمال شيخ بكري :
أيها الأعزاء: الموضوع له أصول وفروع، له حيثيات، له نقاط هامة، موضوع الامتحانات عن طلبتنا الأعزاء نتمنى من قلوبنا أن يعم النجاح كل بيوتاتنا في هذا المجتمع العربي السوري الذي نعيشه، ونسعى جاهدين ليبقى هذا المجتمع قوياً سليماً، دكتور خطر في بالي ملحوظة هي كل الأقارب الذين لهم ولد أو بنت عنده امتحان في هذا الشهر على هذا القريب أن يؤجل زيارته لهؤلاء، أن يقلل حتى الاتصال الهاتفي أو الخليوي، حتى الدعوة على فطور أو غداء أو مناسبة عليه أن يقللها، أن يدع هذا الطالب ليتفرغ من أجل تحقيق المستقبل المنشود الذي ننشده جميعاً، لو سمحت أن نوضح هذه الحقيقة.

 

الارتباط المصيري بين الآباء و الأبناء :

الدكتور راتب:
أولاً: هناك ارتباط عضوي إن صحّ التعبير ومصيري بين الأب وابنه، وبين الأم وابنها، فالابن حينما يتفوق، تفوق الابن في الدراسة يكسب الأسرة سعادة ما بعدها سعادة، لأن الإنسان يعيش لأولاده، هذا من فضل الله علينا، الله عز وجل أودع في قلب الآباء والأمهات رحمة لأولادهم، هذه الرحمة كأنها مثل تقيس بها رحمة الله لخلقه، كيف أن الأب لا يسعده في الدنيا شيء إلا أن يكون ابنه سعيداً، وقد يكون الأب غنياً لا يحتاج ابنه إطلاقاً، لكن لا يسعد الأب إلا إذا سعد ابنه

فالابن حينما يدرس، يتفوق، هذا يضفي على أهل البيت كلهم مشاعر الفرح، أنت حينما تزعج جيرانك، وحينما ترفع صوت المذياع والتلفاز، وحينما تقيم حفلاً صاخباً في أثناء الامتحان، أنت بهذا شوشت على أبناء جيرانك، وأنت بهذا لم تكن من أصحاب الذوق الرفيع، فكل شيء يؤجل، فهذا شهر واحد، وهناك أحد عشر شهراً بعدها، فالإنسان يؤجل بعض مناسباته الصاخبة إلى وقت آخر، أما أن تأتي كل هذه المناسبات في شهر الامتحان، وأنا والله عتبت أن هناك بعض المباريات الرياضية العملاقة في العالم أثناء وقت الامتحانات، هذا سبب حرج كبير، هناك طالب متعلق بكرة القدم مثلاً، إما أن يترك الدراسة ليتابعها، أو أن يتلوى ألماً على ترك هذه المتابعة.
قضية عامة والله أنا أقول الدولة بأكملها، والأمة بأكملها، يجب أن تهيئ لأبنائها في هذا الشهر جواً هادئاً.
الأستاذ جمال شيخ بكري :
دكتور بقي عندي سؤال، هذا الطالب هناك أشياء قام بها، وحصّلها، ووصل إلى القمة، وقدم امتحانه، وبفضل الله نجح، وتفوق، ألا ينطبق هذا على قول الله عز وجل:

﴿ وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾

[ سورة القصص الآية : 105 ]

هناك غاية دنيوية وغاية أخروية، هل لنا أن نتحدث في ختام الحلقة؟

 

الأمة بعلمائها و الطالب هو مستقبل الأمة :

الدكتور راتب:
أستاذ جمال نحن أمة نامية نحتاج إلى خبراء، قد نأتي بخبير ـ صدق ولا أبالغ ـ يأخذ مئة ضعف راتب المواطن، ملايين في الشهر، الله عز وجل لحكمة أرادها وزع الغباء والذكاء بالتساوي على كل البشر، أي بكل أمة هناك أذكياء، بطولتنا أن نكتشف هؤلاء المتفوقين، بطولتنا أن نهيئ لهم أجواء، هؤلاء إذا هيأنا لهم أجواء مريحة، وتفوقوا، وخدموا أمتهم، نستغني بهم عن الخبراء، هذا موقف وطني، موقف قومي، موقف ديني، موقف أخلاقي، هذا الطالب ملك الأمة، هذا الطالب هو مستقبل الأمة.
أستاذ جمال المتقدمون في السن يمثلون الماضي، ونحن الكهول نمثل الحاضر، أما هؤلاء الشباب يمثلون المستقبل، مستقبلنا بهؤلاء الشباب، فإذا درسوا، وتعلموا، وكان الأهل على مستوى راق من الوعي، بل كان الجيران على مستوى راق من الوعي، هيأنا لهم سبل الدراسة بصراحة، الأمة بعلمائها، وأنا أتكلم عن حقيقة مؤلمة جداً، الأجانب حينما احتلوا العراق تمّ قتل ثلاثة آلاف وثمانمئة عالم، يريدون أمة بلا علماء، معنى ذلك أن الأمة بلا علماء ظاهرة خطيرة جداً، لأن هذه الأمة أصبحت تقاد بأسهل طريق، من الذي يقف أمام مخططات الأعداء؟ العلماء، الأمة بعلمائها، ونحن في أمس الحاجة إلى الإكثار من المتفوقين في أمتنا، هذا كله يظهر في الامتحانات، أولاً: قد تجد إنساناً يحمل أعلى شهادة في العالم، لكنه آخذ الليسانس من بلده، وتفوق في بلده، فاستحق هذه البعثة.
الأستاذ جمال شيخ بكري :
دكتور تأكيداً لكلام حضرتك، الدولة ممثلة بالسيد الرئيس الدكتور بشار الأسد منذ عامين أنشأت معهداً خاصاً للمتميزين، لا يقبل في هذا المعهد إلا النوابغ.

التكريم العظيم الذي منحه السيد الرئيس للطلاب المتميزين :

الدكتور راتب:
وقد دعا المتفوقين إلى حفل إفطار في رمضان، وأجلس إلى جانبه الطلاب المتفوقين، مع أسرهم وآبائهم وأمهاتهم.
الأستاذ جمال شيخ بكري :
وأيضاً كرم المعلمين الأوائل الذين يقدمون قصارى جهدهم بنجاح هذا النشء، إذاً المجتمع الذي نعيشه كما تتفضل إن شاء الله مجتمعاً سليماً معافى.
الدكتور راتب:
والله أنا أرجو من الله عز وجل أن تتجه الأمة إلى تعليم أبنائها، والله أنا ـ سامحني أستاذ جمال ـ حينما أرى شاباً ترك الدراسة أتألم أشد الألم، أتألم وأعتب على أبيه وأمه أشد العتب، أنا لي قريب أمه حرصت على أن يأخذ الشهادة الثانوية بتفوق ليدخل الطب، قصة غريبة جداً، لم ينجح ضغطت عليه، وألحت عليه، فأعاد السنة فرسب، ضغطت عليه، وألحت عليه، فأعاد السنة مرة ثالثة، ورسب، في السنة الرابعة نجح والآن هو طبيب، أنا لا أنسى هذه الأم ما هذا الإصرار؟! أربع سنوات يعيد الدراسة ونجح ودخل الطب والآن هو طبيب، هو أحد أقربائي، فمعنى ذلك أن الأب والأم عندما يحرصان على أولادهما هم آباء كبار وأمهات كبيرات، أما حينما لسبب تافه ترك الدراسة ما الذي يحصل؟ إنسان بلا دراسة معاشه لا يكفي خمسة أيام، يعيش عمره يتكفف الناس.
الأستاذ جمال شيخ بكري :
دكتور في ختام حديثنا بكلمات موجزة ماذا نقول لطلابنا الأعزاء على مختلف مراحل الدراسة؟

كلمة موجزة لطلابنا الأعزاء :

الدكتور راتب:
أنقل لهم كلام الإمام الشافعي: "إذا أردت الدنيا فعليك بالعلم، وإذا أردت الآخرة فعليك بالعلم، وإذا أردتهما معاً فعليك بالعلم،و العلم لا يعطيك بعضه إلا إذا أعطيته كلك، فإذا أعطيته بعضك لم يعطك شيئاً، ويظل المرء عالماً ما طلب العلم، فإذا ظنّ أنه قد علم فقد جهل، طالب العلم يؤثر الآخرة على الدنيا فيربحهما معاً، بينما الجاهل يؤثر الدنيا على الآخرة فيخسرهما معاً" .

خاتمة و توديع :

الأستاذ جمال شيخ بكري :
في الواقع كل ما نتمناه للطلبة الأعزاء التفوق والنجاح لنبقى سعداء نحن جميعاً بأبناء أمتنا، كل الشكر لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي، أستاذ الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة، دكتور أسعدنا كل ما قلته من ملاحظات قيمة في لقاءاتنا هذه، شكراً سيدي.
الدكتور راتب:
أستاذ جمال بارك الله بكم، شكراً لك على هذه الندوات أيضاً.
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور