- أسماء الله الحسنى
- /
- ٠2أسماء الله الحسنى 2008م
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
من أسماء الله الحسنى: (الغفور):
أيها الأخوة الكرام، لازلنا في اسم "الغفور".
على المؤمن أن يستغفر الله لأن الله ما أمره أن يستغفره إلا ليغفر له:
في هذا الدرس الثاني نتحدث عن علاقة المؤمن بهذا الاسم، أول واجب على المؤمن أن يستغفر الله، فلابدّ من أن تستغفر لأن الله ما أمرك أن تستغفره إلا ليغفر لك، فدوام الاستغفار حظك من هذا الاسم.
والنبي عليه الصلاة والسلام يقول:
(( إِني لأستغفرُ الله في اليومِ مئة مَرة ))
وقد ننوه أن استغفار النبي له تفسير خاص، فكلما أقبل على الله، وانكشفت له رؤية جديدة، استغفر من رؤيته السابقة، لأنه مهما تعرفت إلى الله، فالله أعظم مما عرفت ولا يعرف الله إلا الله.
أيها الأخوة، قال بعض العلماء: الأولى أن يستغفر الله صباحاً لما كان له في الليل وأن يستغفر الله مساءً لما كان له في النهار، لكن الحديث البشارة أنه:
(( من صلى الفجر في جماعة فهو في ذمة الله حتى يمسي، ومن صلى العشاء في جماعة فهو في ذمة الله حتى يصبح ))
يعني صلاتا الفجر والعشاء، إذا كانتا في مسجد، وفي جماعة، فكل صلاة ضمانة لما بعدها.
(( من صلى الفجر في جماعة فهو في ذمة الله حتى يمسي، ومن صلى العشاء في جماعة فهو في ذمة الله حتى يصبح ))
مغفرة الله عز وجل للإنسان مرتبطة بالتوبة و الإقلاع عن الذنب:
لكن لابدّ من التحفظ حول أن كلمة غفور رحيم لا تعني إطلاقاً أن افعل ما تشاء والله غفور رحيم، لا تعني إطلاقاً هذا المعنى، ولكن تعني أنك إذا أذنبت وأدركت أنك أذنبت وندمت، واستغفرت، وأقلعت، وأصلحت فإن الله غفور رحيم، لو تتبعت آيات المغفرة في القرآن الكريم، لوجدت كلمات من بعدها:
﴿ ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾
ما أراده الله إطلاقاً، بل هو استخفاف بعظمة الله عز وجل، بل إنك إذا أخطأت، وندمت، ثم أقلعت، ثم تبت إلى الله اعلم يقيناً أن الله غفور رحيم:
﴿ نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ ﴾
﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾
﴿ وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ * وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ ﴾
إذاً المغفرة تعني أنك إذا طرقت باب الله، وخطبت وده، وتبت إليه، وأقلعت عن الذنب، وأصلحت ما كان مضى،
﴿ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾
أفضل أنواع الاستغفار الاستغفار الوقائي:
أيها الأخوة، الإنسان ينبغي ألا يغتر بالله.
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً ﴾
الاعتزاز بالله أن ترتكب الذنب وأن تقول إن الله غفور رحيم.
أيها الأخوة، جاء العلماء بمصطلح لطيف، هي المغفرة الوقائية، أنت إذا كنت متصلاً بالله عز وجل، مستغفراً له الاستغفار العام، هذه مغفرة وقائية، أنت تستغفر لا لذنب وقع منك، ألا تقع بالذنب، أنا أقول قياساً على هذه القاعدة: الإنسان الواعي قبل أن يبرم العقد ينبغي أن يستشير المحامي، هذه الاستشارة استشارة وقائية، في بعض البلاد مهمة المحامي لا أن يدافع عنك لكن يقيك أن تخطئ، أن تتقي بمشورته أن تقع في الخطأ، فيجب أن ننمي مفهوم الاستغفار الوقائي، أنت إذا كنت مع الله واستغفرته على الدوام كما فعل النبي عليه الصلاة والسلام، بل إن بعض العلماء يرون استغفار النبي حيث يقول:
(( إِني لأستغفرُ الله في اليومِ مئة مَرة ))
هو الاستغفار الوقائي، تستغفر لئلا تذنب.
تطبيقات اسم الغفور:
1 ـ دوام الصلة بالله ليكون القلب مستنيراً لئلا يقع الإنسان في الذنب:
بشكل أو بآخر، راكب مركبتك، وبالطريق، في أكمات و حفر و صخور، معك مصباح شديد، هذا المصباح يقيك أن تقع في مطب، هي الصلاة، الصلاة نور.
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ ﴾
دققوا الآن:
﴿ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ ﴾
أنت حينما تكون متصلاً بالله يلقي الله في قلبك نوراً ترى به الحق حقاً، والباطل باطلاً.
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَاناً ﴾
إذاً يصح أن نقول: أفضل أنواع الاستغفار، الاستغفار الوقائي، يعني دوام الصلة بالله ليكون القلب مستنيراً لئلا تقع في الذنب .
2 ـ على المؤمن أن يغفر لمن أساء إليه:
أيها الأخوة، التطبيق الثاني من تطبيقات اسم الغفور بالنسبة للمؤمن أن تغفر لمن أساء إليك.
(( أَمَرَنِي رَبِّي بِتِسْع: خَشْيَةِ الله في السِّرِّ والعلانية، وكلمة العدل في الغضب والرضا، والقصد في الفقر والغنى ـ الآن دققوا ـ وأن أَصِلَ مَنْ قَطَعَنِي، وأعطي مَنْ حَرَمَنِي، وأعْفُوَ عَمَّنْ ظَلَمَنِي، وأن يكون صَمْتي فِكْرا، ونُطْقِي ذِكْرا، ونظري عبرة ))
التطبيق الثاني لهذا الاسم: أن تغفر لمن أساء إليك، لكم مرّ معي في قصص العرب: أن رجلاً يطوف حول الكعبة، ويقول: ربي اغفر لي ذنبي ولا أظنك تفعل ؟ وراءه رجل، قال له: يا هذا ما أشد يأسك من رحمة الله ؟ قال له: ذنبي عظيم، قال له: ما ذنبك ؟ قال له: كنت جندياً في قمع فتنة، فلما قُمعت أُبيحت لنا المدينة، فدخلت أحد البيوت فرأيت فيه رجلاً، وامرأة، وطفلين، قتلت الرجل، وقلت لامرأته أعطيني كل ما عندك أعطتني كل ما عندها، فقتلت ولدها الأول، ولما رأتني جاداً في قتل الثاني أعطتني درعاً مذهبة (من الذهب)، أعجبتني أيما إعجاب، تأملتها، تفحصتها فإذا عليها بيتان من الشعر قرأتهما فوقعت مغشياً عليّ، البيتان:
إذا جار الأمير وحــاجباه وقاضي الأرض أسرف في القضاء
فـــويل ثم ويل ثم ويل لقاضي الأرض من قاضي السماء
* * *
من ازداد معرفة بالله ازداد خوفاً منه:
أخوانا الكرام، كلما ازدادت معرفتك بالله يزداد خوفك منه.
لكن تطبيقات من صحابة رسول الله: هل تعتقد أن هناك إساءة أبلغ، وأعظم من أن يتهم أحد ابنتك الشريفة، الطاهرة، العفيفة أنها زانية ؟ هذا مسطح، الذي روج حديث الإفك، الصديق كان من نخبة أصحاب رسول الله:
(( ما طلعت شمسٌ ولا غربت على أحد بعد النبيين والمرسلين أفضل من من أبي بكر ))
(( ما دعوت أحداً إلى الإسلام إلا كانت له كبوة إلا أخي أبا بكر ))
كان الصديق يحسن إليه، فإذا بمسطح يروج حديث الإفك الذي يمس ابنته السيدة عائشة، فأوقف المعونة عنه، فجاء العتاب الإلهي، هذا درس:
﴿ وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾
كان الصديق يقرأ هذه الآية ويبكي، يقول: بلى، بلى، أحب أن يغفر الله لي وتابع مساعدته له.
وهذه قصة نموذجية، كن أكبر من ذنب الآخر، اعفُ عنه فأنت كبير، والإنسان أحياناً يكبر، ويكبر، ويكبر، عند الله، ولا ترى كبره فيتضاءل أمامه كل كبير، ويصغر ولا ترى صغره فيتعاظم عليه كل حقير، الإنسان إذا عفا يكون كبيراً، وإذا انتقم يكون صغيراً.
العفو والمغفرة لمن أساء إليك خُلق يرضى الله عنه:
أيها الأخوة، هذا درس من دروس السيرة، يعلمنا كيف نعفو عمن أساء إلينا الله عز وجل قال:
﴿ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ﴾
شيء دقيق جداً
﴿ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ﴾
هذه أخلاق الدعوة، المنتقم صغير، والمنتقم لا يحب الله عز وجل، والعفو والمغفرة لمن أساء إليك خُلق يرضى الله عنه،
﴿ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ ﴾
﴿ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ﴾
﴿ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ﴾
من كان نصيبه من الله نصيباً كبيراً يستطيع أن يعفو عمن ظلمه، وأن يعطي من حرمه.
أيها الأخوة، أخلاق الجهاد موضوع آخر:
﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وأغلظ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ﴾
هنا أخلاق الجهاد، وأنت في المعركة، في السلم، في الحياة المدنية
﴿ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ﴾
المؤمن الصادق عليه أن يقبل عذر أخيه إن أتاه معتذراً:
أيها الأخوة، استمعوا لهذا الحديث:
(( ومن أتاه أخوه متنصلا ))
أي معتذراً، إنسان قال لك أنا أخطأت، سامحني، ما كنت أقصد بكلمتي ما ظننت من معنى، المؤمن الصادق لمجرد أن يأتيه أخ له يعتذر منه، أو يتنصل من ذنبه:
(( فليقبل ذلك منه ))
اللام لام الأمر، يأمرك النبي، وهو سيد الخلق، وحبيب الحق، ولا ينطق عن الهوى، يأمرك أن تقبل منه، الآن دقق:
(( محقا كان أو مبطلا ))
يعني اعتذر منك، قال لك أنا ما قصدت، هو قصد، قال لك: ما قصدت المعنى الذي فهمته، هو رأى نفسك قد أخطأ فتنصل من ذنبه، فالمؤمن الكريم:
(( ومن أتاه أخوه متنصلا فليقبل ذلك منه محقا كان أو مبطلا فإن لم يفعل لم يرد علي الحوض ))
هكذا كان أصحاب النبي، هكذا كان التابعون، هكذا كان تابعو التابعين، هكذا كان السلف الصالح، أما الأحقاد ! والله أيها الأخوة الأحقاد مزقت الأمة، على مستوى البلاد الإسلامية، على مستوى المدن، على مستوى القرى، على مستوى الأسر، تجد عداوات لا تنتهي بين الأسرة الواحدة.
المؤمن صاحب خلق رفيع يقابل إساءات الآخرين بالغفران إن اعتذروا منه:
قالوا: المؤمن المتخلق بهذا الاسم لا يرى عورة إلا سترها، الله عز وجل ستيّر والمؤمن يستر، والنبي عليه الصلاة والسلام استعاذ من:
(( جار سوء إن رأى خيراً دفنه وإن رأى شراً أذاعه ))
واستعاذ النبي صلى الله عليه وسلم من إمام سوء:
(( إمام إن أحسنت لم يشكر وإن أسأت لم يغفر ))
فالمؤمن عليه أن يكون متخلقاً باسم "الغفور"، إذاً المؤمن لا يرى عورة إلا سترها، ولا زلة إلا غفرها، وإن اعتذر إليه أخ قَبِل منه، وعامله بالإحسان بل يقابل جميع إساءاته بالغفران لأنه صاحب الخلق الرفيع.
لذلك يصير هذا الإنسان بين الناس كالشجرة الظليلة، تُرجم بالحجارة، وتلقي عليهم الثمار، كن كبيراً، الإنسان الكبير عند الله له مكانة عظيمة، النبي عليه الصلاة والسلام علمنا دعاءً سماه سيد الاستغفار، الدعاء أن تقول:
(( اللَّهُمَّ أنْتَ رَبِّي، لا إِلَهَ إلا أنت، خَلقْتني، وأَنا عَبدُكَ، وأنا على عَهدِكَ ووعْدِكَ ما اسْتَطَعتُ، أَعوذُ بِكَ مِن شَرِّ ما صَنَعْتُ، أَبُوءُ لَكَ بِنِعمَتِكَ ـ يعني أعترف لك بنعمتك علي ـ وأبُوءُ لك بذنبي فَاغْفِر لي إِنَّهُ لا يَغْفِرُ الذنوبَ إلا أنتَ ))
قال: من قالها من النهار موقناً بها فمات في يومه قبل أن يمسي فهو من أهل الجنة.
(( اللَّهُمَّ أنْتَ رَبِّي، لا إِلَهَ إلا أنت، خَلقْتني، وأَنا عَبدُكَ، وأنا على عَهدِكَ ووعْدِكَ ما اسْتَطَعتُ، أَعوذُ بِكَ مِن شَرِّ ما صَنَعْتُ، أَبُوءُ لَكَ بِنِعمَتِكَ ـ يعني أعترف لك بنعمتك علي ـ وأبُوءُ لك بذنبي فَاغْفِر لي إِنَّهُ لا يَغْفِرُ الذنوبَ إلا أنتَ ))
الله عز وجل رحمته وسعت كل شيء:
من رحمة الله بنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(( الصلاة المكتوبة إلى الصلاة التي بعدها كفارة لما بينهما ))
وقال:
(( والجمعة إلى الجمعة والشهر إلى الشهر يعني من شهر رمضان إلى شهر رمضان كفارة لما بينهما ))
هذا من فضل الله علينا، ومن كرمه أن الصلاة تمحو الذنوب التي ما بين الصلاتين، وأن الجمعة كأنك فتحت مع الله صفحة جديدة، تمحو ما كان بين الأسبوعين وأن رمضان إلى رمضان يمحو ما بينهما.
يعني كما قالوا: العبد عبد، والرب رب، العبد شأنه الاستغفار، والرب شأنه الغفران، يعني من لنا غير الله، مهما أذنبنا ليس لنا إلا الله
﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً ﴾
أي الله عز وجل رحمته وسعت كل شيء، وأنت شيء، أنت شيء من الأشياء، ورحمة الله وسعت كل شيء.
﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ﴾
من ناجى ربه عز وجل لن يخيب الله مؤمله:
سيدنا الصديق كما تعلمون، وذكرت لكم ذلك سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال:
(( اللهمَّ إني ظَلمتُ نَفسي ظُلْما كثيراً، ولا يَغفِرُ الذُّنُوبَ إِلا أَنتَ، فَاغْفِر لي مَغْفِرَة من عِنْدِكَ، وارحمني، إنك أَنتَ الغَفُورُ الرَّحيمُ ))
يعني الذنب بيني وبينك، أحياناً الإنسان يُذنب والناس يعلمون ذنبه، بعضهم يعفو وبعضهم لا يعفو، قال له: فَاغْفِر لي مَغْفِرَة من عِنْدِكَ، مباشرة.
مما روي في الكتب أن أعرابياً وقف أمام الروضة الشريفة، قال: اللهم هذا حبيبك، وأنا عبدك، والشيطان عدوك، فإن غفرت لي سُرّ حبيبك، وفاز عبدك، وغضب عدوك، وإن لم تغفر لي غضب حبيبك، ورضيك عدوك، وهلك عبدك، وأنت أكرم من أن تغضب حبيبك، وأن ترضي عدوك، وأن تهلك عبدك، يعني إذا الإنسان له مع الله مناجاة الله يحبك بهذه الطريقة، افتح خطاً ساخناً مع الله، والله لا يخيب مؤمله.
(( أنا عند ظن عبدي بي فليظن في ما شاء ))
أعرابي آخر قال: يا رب ! إن العرب الكرام إذا مات فيهم سيد أعتقوا على قبره وإن هذا سيد العالمين، اعتقني وأنا على قبره.
على المؤمن أن يُظهر الجميل ويستر القبيح تخلقاً بأخلاق الله عز وجل:
أيها الأخوة، الله عز وجل من كمالاته أنه إذا غفر يستر، يغفر لك ويسترك، يعني يظهر محاسنك ويخفي أخطاءك، من هنا علمنا الصديق أنه إذا مُدح الإنسان مُدح هو مرتين، فقال: اللهم إنك أعلم بي من نفسي، وأنا أعلم بنفسي منهم، اللهم اجعلني خيراً مما يقولون، واغفر لي ما لا يعلمون، ولا تؤاخذني بما يقولون.
والله عز وجل يظهر الشيء الحسن للناس، ويستر الشيء القبيح، وهذا من فضل الله عز وجل .
وعود نفسك أن تبرز أفضل ما عند الناس، وأن تسكت عن أخطائهم، في أشخاص قناصون (قناص) إذا عثر على خطأ أذاعه، أما الميزات، والإيجابيات، والكمالات يُعتم عليها، هذا إنسان يبغضه الله عز وجل أنا أسميه قناصاً، وأما المؤمن يظهر الجميل، ويستر القبيح، تخلقاً بأخلاق الله عز وجل.