- أسماء الله الحسنى
- /
- ٠2أسماء الله الحسنى 2008م
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
من أسماء الله الحسنى: (الولي):
أيها الأخوة الكرام، مع اسم جديد من أسماء الله الحسنى، والاسم اليوم "الولي" هذا الاسم ورد مطلقاً معرفاً، معنى مطلق ؛ كأن تقول: قلم، أي قلم، أما إذا قلت: قلم المعلم، أضفت القلم إلى المعلم، أي قيدته بالمعلم، فإذا جاء الاسم مضافاً فهو مقيد، وإذا جاء غير مضاف فهو مطلق.
ورود اسم الولي في القرآن الكريم مطلقاً معرفاً و مقيداً:
إذاً هذا الاسم ورد مطلقاً معرفاً في قوله تعالى:
﴿ أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾
ولا ولي سواه، ورد مطلقاً معرفاً، وفي قوله تعالى:
﴿ وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ ﴾
وقد ورد هذا الاسم مقيداً (أي مضافاً) في نصوص كثيرة، كقوله تعالى:
﴿ إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ ﴾
وفي قوله سبحانه وتعالى:
﴿ إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا ﴾
على المؤمن أن يتعامل مع المؤمن بالولاء ومع الآخر ولو كان قريباً بالواجب:
أيها الأخوة، في السنة الصحيحة، كما في البخاري من حديث عمرو بن العاص رضي الله عنه أنه قال:
(( سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول جهارا غير سِرّ: إِن آل أبي ليسوا بأوليائي، إِنما وَلِيِّيَ اللهُ وصالحُ المؤمنين ولكن لها رحم أبُلُّهَا بِبلالها ))
أي أصِلُها بصلتها التي أُمرت بها، كلام دقيق، أنت مؤمن، من توالي ؟ من تحب ؟ من تعاشر ؟ مع من تتعاون، مع من تعمل ؟ مع المؤمنين، لكن لك أب، قد يكون هذا الأب ليس كما ينبغي، الله أمرك أن تبره، وأن تُحسن إليه، وأن تصله، الولاء شيء والواجب شيء آخر.
يعني أنا ولائي، محبتي، إخلاصي، تعاوني مع المؤمنين، ورد في بعض الأحاديث:
(( لا تُصَاحِبْ إِلا مُؤْمِنا، ولا يأكُلْ طَعَامَكَ إِلا تَقِيّ ))
أنت لا ترتاح إلا مع المؤمن لأنه صادق، لأنه متواضع، لأنه منصف، لأنه رحيم، لأنه متعاون، تتعامل مع المؤمن بالولاء، وتتعامل مع الآخر ولو كان قريباً بالواجب.
﴿ وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ﴾
على المؤمن أن يؤدي واجبه لكل من يلوذ به شاء أم أبى أما قلبه مع المؤمنين الصادقين:
هناك واجبات، و هناك حقوق، يجب أن تصله، أن تحسن إليه، أن تقدم له ما يحتاج لأنه أبوك، أما إذا كان الأب مؤمناً يجتمع له الولاء والواجب، أما في آباء على غير ما ينبغي، في أقارب ليسوا كما ينبغي، في أقارب لا يقبلون من ابنهم أن يكون مستقيماً، مثلاً في حالة موجودة، ينبغي أن يكون ولاؤك لله، ولرسوله، وللمؤمنين، وينبغي أن تؤدي واجبك لكل من يلوذ بك شئت أم أبيت.
(( إِن آل أبي ليسوا بأوليائي، إِنما وَلِيِّيَ اللهُ وصالحُ المؤمنين ولكن لها رحم أبُلُّهَا بِبلالها ))
أي أصلها بصلتها التي أُمرت بها، هذا الكلام مفاده: أن المؤمن يتمتع بما يسمى بالولاء والبراء، يوالي المؤمنين، يحمل همهم، ينصرهم، يتعاون معهم، يتألم لألمهم ، يسعد لسعادتهم، يفرح لمنجزاتهم، يدافع عنهم، أما أقرباؤه لهم حق عليهم، يؤدي هذا الحق بالتمام والكمال، لكن قلبك مع المؤمن، لولا أن هناك حالات كثيرة جداً، أن إنساناً تعرف إلى الله، واستقام على أمره، ومن حوله من أقربائه ليسوا كذلك، يؤدي لهم واجب القرابة لكن ولاؤه للمؤمنين، هذا موقف متوازن، معتدل، هذا موقف تؤدى فيه الحقوق أما قلبك لا تملكه، قلبك مع المؤمنين، قلبك مع الصادقين، مع المتواضعين، مع المنصفين، مع المحبين لله ولرسوله.
معنى الولي في اللغة:
أيها الأخوة، أما معنى "الولي" في اللغة، هي صيغة مبالغة من اسم الفاعل الوالي، الوالي صيغة مبالغته "الولي" فعله ولي، يلي، ولاية.
و "الولي" هو الآن الذي يلي غيره، فلان جالس هنا، الولي إلى جانبه، الذي يلي غيره، بلا فاصل، يعني ليس بينهما أحد، إنسان جالس بمكان من جالس إلى جانبه تماماً هو "الولي" الذي يليه، ويكون هذا التقارب في المكان، أو النسب، أخوه، ابن أخيه، عمه ، إما في المكان، أو في النسب.
ويطلق "الولي" على الوالد، أولياء الطلاب، يعني الوالد، والناصر وليه نصره والحاكم أولو الأمر، والسيد، فالسيد، والحاكم، والناصر، والوالد، هو "الولي"، والذي يجلس إلى جانبك ليس بينك وبينه أحد هو "الولي".
من تواضع النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان لا يحب التميز:
أما الولاية كمصدر تولي الأمر كقوله تعالى:
﴿ فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهاً أَوْ ضَعِيفاً أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ ﴾
من يتولى أمرك، من يدير شؤونك، من يرعاك، من ترجع إليه، من تستشيره، من تعتمد عليه، وعند مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
(( إِذا صنعَ لأحدكم خادمُهُ طعاماً، ثم جاءه به وقد وليَ حرَّه ودخانه، فليُقعده معه فليأكل ))
يعني لك خادم صنع لك طعاماً، ليأكل معك، من تواضع النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يأكل مع الخادم، أي ما كان يحب التميز.
كانوا في سفر وأرادوا أن يعالجوا شاةً، فقال أحدهم: عليّ ذبحها يا رسول الله ، فقال الثاني: وعليّ سلخها، وقال الثالث: عليّ طبخها، فقال عليه الصلاة والسلام: وعليّ جمع الحطب، فقالوا: نكفيك ذلك يا رسول الله، قال: أعلم أنكم تكفوني، ولكن الله يكره أن يرى عبده متميزاً على أقرانه، هذا من تواضع النبي عليه الصلاة والسلام.
دخل عليه أعرابي ما عرفه، قال: أيكم محمد ؟ والله يستنبط من هذه القصة القصيرة آلاف الاستنباطات، ما في تميز أبداً، أيكم محمد ؟ قال أحد أصحابه: ذاك الوضيء، وفي رواية: قال النبي الكريم: أنا، ما في أي تميز، هذا مجتمع المؤمنين.
(( إِذا صنعَ لأحدكم خادمُهُ طعاماً، ثم جاء به - وقد وليَ حرَّه ودخانه - فليُقعده معه فليأكل ))
العاقل من أعدّ لساعة الموت عدتها:
أيها الأخوة، لاشك أن الحياة محفوفة بالمخاطر، يعني إنسان بكل قوته ، وجبروته، وهيمنته، وحجمه المالي بثانية واحدة تتجمد قطرة دم في أحد أوعية دماغه يصاب بالشلل، بمكان آخر يصاب بالعمى، بمكان آخر يصاب بفقد الذاكرة، يعني لو أن الدم تجمد في أي مكان احتشاء، جلطة، حادث سير أصبح مشلولاً، ركب طائرة وقد مات جميع ركابها، يعني الحياة كلها مخاطر، ما في إنسان يضمن أن يعيش ساعة، وقد يأتي الموت بأسرع من لمح البصر، قد يكون رجلاً فإذا به خبر، لصقت على الجدران نعوته.
لذلك من أقوال سيدنا عمر: واعلموا أن ملك الموت قد تخطانا إلى غيرنا وسيتخطى غيرنا إلينا، فلنتخذ حذرنا.
كل واحد يقرأ في اليوم عشرات النعوات، لكن لابدّ في أحد الأيام من أن يقرأ الناس نعوتنا، كل يوم يخرج من بيته قائماً على قدميه، لكن في مرة واحدة لابدّ منها يخرج في نعش ولا يعود، يدخل إلى المسجد كل يوم، لكن في مرة واحدة يدخل إلى المسجد في نعش لا ليصلي بل ليُصلى عليه، هنا البطولة أن تعد لهذه الساعة التي لابدّ منها عدتها.
الحياة محفوفة بالمخاطر فعلى الإنسان أن يغتنم صحته و قوته قبل فوات الأوان:
لذلك الحياة محفوفة بالمخاطر، أحياناً فقر مفاجئ، والحديث الشريف:
(( بادِرُوا بالأعمال سبعا: ـ بادروا أي سارعوا ـ فماذا ينتظر أحدكم من الدنيا ؟ ـ دقق ـ هل تُنْظَرون إلا فَقْرا مُنْسيا ))
فقر مفاجئ، الأسعار عشرة أضعاف، رأسمالك لا يسمح لك أن تستعيد هذه البضاعة بعد ارتفاع سعرها، كساد مفاجئ، جفاف.
(( هل تُنْظَرون إلا فَقْرا مُنْسيا، أو غِني مُطغيا ))
غنى يحمل صاحبه على أن يعصي الله، بلاء هذا.
(( أو مَرَضاً مُفسِداً ))
يفسد على الإنسان حياته، يجعل حياته جحيماً لا يطاق، والله أسمع كثيراً فجأة فشل كلوي، يحتاج إلى زرع كلية، دخل في متاهة تنظيف الكلية، ثلاث مرات بالأسبوع وكل مرة مبلغ ضخم، وثمان ساعات على السرير، وآلام، الإنسان إما أن يصاب بالفقر فينسيه كل شيء وكاد الفقر أن يكون كفراً، أو غنىً يحمل الغني على معصية الله والكبر.
(( أو مَرَضا مُفسِدا، أو هَرَما مُفنِدا ))
تقدمت به السن، يعيد القصة مئة مرة، ظلّه ثقيل، يكره الناس ومن حوله وجوده، يتهربون منه.
(( أو موتا مُجْهِزا، والدجالَ ))
الذي يأتي إلى بلاد ليقيم فيها الحرية والديمقراطية، فإذا به يسفك الدماء وينهب الثروات.
(( والدَّجَّالُ شَرُّ غائب يُنَتظَرُ، والساعةَ ؟ والساعةُ أدْهَى وأمرُّ ))
دققوا في هذا الحديث:
(( بادِرُوا بالأعمال سبعا: فماذا ينتظر أحدكم من الدنيا ؟ هل تُنْظَرون إلا فَقْرا مُنْسيا، أو غِني مُطغيا، أو مَرَضا مُفسِدا، أو هَرَما مُفنِدا، أو موتا مُجْهِزا والدجالَ ؟ والدَّجَّالُ شَرُّ غائب يُنَتظَرُ، والساعةَ ؟ والساعةُ أدْهَى وأمرُّ ))
إذاً هناك أخطار لا تعد ولا تحصى، أخطار بالصحة، أخطار بالعمل، أخطار بالدخل، أخطار بالرزق، أخطار أسرية، أخطار عامة، اجتياح، فقد الأمن، هناك مصائب لا تعد ولا تحصى، هذه المصائب تقلب حياة الإنسان إلى جحيم، إلى شقاء، بأسباب تافهة يقود مركبته أخذته سنة من النوم، تدمرت حياته كلها، فجأة ورم خبيث، في ريعان شبابه.
أعرف إنساناً أخذ أعلى شهادة من فرنسا بالجيولوجيا، وتسلم منصباً رفيعاً جداً، وله مكانة كبيرة، وبيت فخم، وزوجة، وكل شيء، فقد بصره، راعوه شهر، يأتي موظف يعرض عليه المعاملات، ويعطي رأيه ويوقع، لكن بعدها سُرح، زاره صديق لي قال له: يا فلان ! أتمنى أن أجلس على الرصيف أتكفف الناس، وأن يرد الله لي بصري فجأة فقد بصره.
لذلك من أدعية النبي عليه الصلاة والسلام:
(( اللهم إنا نعوذ بك من فجأة نقمتك، وتحول عافيتك، وجميع سخطك، لك العتبى حتى ترضى ))
من أطاع الله شعر براحة لا توصف لأنه بظل الله و رعايته:
إذاً في أخطار كثيرة تجعل حياة الإنسان جحيماً لا يطاق، فمن الذي يحمي المؤمن ؟ من يحفظه ؟ من يربيه ؟ من يرشده ؟ من يرعاه ؟ من يؤيده ؟ من ينصره ؟ من يدافع عنه ؟ من ينبهه ؟ إنه الله.
﴿ اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ ﴾
الإنسان إذا أطاع الله شعر براحة كبيرة، إذا أطاع الله شعر بالأنس، شعر بحماية الله، هو في ظل الله، هو في رعايته، معنى قوله تعالى:
﴿ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا ﴾
أي برعايتنا، وبحفظنا، وبتوفيقنا، وبتأييدنا، وبنصرنا.
الله تعالى هو المتولي لأمور خلقه و القائم على تدبير ملكه:
أيها الأخوة، الله هو "الولي" معنى "الولي" هو المتولي لأمور خلقه، القائم على تدبير ملكه، الذي يمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه، كما قال سبحانه:
﴿ وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾
يعني مثل بسيط: كتلتان مغناطيسيتان، وضعناهما على مستوٍ، وجئنا بكرة فولاذية وضعنا هذه الكرة بينهما، يعني في مكان لو أزحته واحد من مئة من المليمتر تنجذب هذه الكرة الحديدة إلى إحدى الكتلتين، أما في مكان وسط هندسي دقيق جداً تتوازن جاذبيات كل كتلة تبقى في مكانها، هذه حالة، الكتلتان متساويتان في الحجم، لو كتلة أكبر وكتلة أصغر الحساب صار أدق، يجب أن تكون في مكان بين الكتلتين لكن ليس في المنتصف، في مكان يتناسب مع جذب الكتلة الأكبر، وجذب الكتلة الأصغر، لو في ثلاث كتل، أصعب، لو في أربعة، أصعب، لو في خمس كتل متفاوتة بالحجم، وأنت يجب أن تضع كرة حديدية بين هذه الكتل الحسابات لا تنتهي، وقد يكون شيئاً مستحيلاً، وإن كانت هذه الكتل في الفراغ شيء أعلى، شيء أدنى، شيء أقرب، شيء أبعد، شيء أكبر، شيء أصغر، هذا يسميه العلماء توازن الحركي.
الكون من آيات الله الدالة على عظمته:
هكذا الكون، مجرات، وكواكب، ونجوم، وكبير، وصغير، وكثيف، وغير كثيف، والمحصلة توازن حركي، هذا من آيات الله الدالة على عظمته، يعني المحصلة في توازن، الأرض، والقمر، والشمس، المجموعة الشمسية، وفي مليون مليون مجرة، وبكل مجرة في مليون مليون نجم وكوكب، والمحصلة توازن، بحسب قانون التجاذب، الأكبر يجذب الأصغر.
الأرض تسير حول الشمس، في مسار إهليلجي، طبعاً المسار الإهليلجي في قطر أصغر وقطر أكبر، إذا انتقلت الأرض من القطر الأكبر إلى الأصغر، المسافة قلّت بعدها عن الشمس أصبح أقل، إذاً احتمال أن تنجذب إلى الشمس احتمال قائم، وإذا انجذبت الأرض إلى الشمس تبخرت في ثانية واحدة، ما العمل ؟ الله عز وجل بيده ملكوت كل شيء، يرفع سرعة الأرض من هذه السرعة الجديدة تنشأ قوة نابذة تكافئ القوة الجاذبة، فتبقى في مسارها.
﴿ إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا ﴾
الآن حينما تنتقل من القطر الأصغر إلى القطر الأكبر، المسافة زادت واحتمال تفلت الأرض من جاذبية الشمس قائمة، ما الذي يحصل ؟ يخفض الله سرعتها، هذه السرعة القليلة تنشأ قوة نابذة أقل تكافئ القوة الجاذبة الأقل فتبقى في مكانها. لذلك:
﴿ وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾
ولاية الله لعباده على وجهين:
وقال تعالى:
﴿ أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ ﴾
معنى دقيق جداً، كالطبيب تماماً، زار مريضاً، قرأ التحليل، الضغط مرتفع جداً، أعطى أمراً بإيقاف الملح فوراً، القضاء حكم، والقدر علاج، أحياناً الضغط منخفض جداً يعطي أمراً بإضافة ملح زائد إلى الطعام، الملح يحبس السوائل، الضغط يتوازن، أي موضوع القضاء والقدر شيء مبسط، واضح، القضاء حكم، والقدر معالجة.
يرى الإنسان شارداً يُقدم له مصيبة تردّه إليه، الإنسان مقبل، يقدم له عطاء يكرمه به، فالقضاء والقدر الله عز وجل نظر إليك، حكم عليك بحالة، هيأ لك علاجاً لهذه الحالة، إما تأديباً، أو تكريماً، هذا القضاء والقدر، أوضح مثل:
طبيب مرّ على مريض وجد ضغطه مرتفعاً قال: لما علم أن ضغطه مرتفع قال: أوقفوا الملح، الملح قضاء، وإيقاف الملح قدر،
﴿ أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ ﴾
وولاية الله لعباده على وجهين، وهذان الوجهان يأتي شرحهما إن شاء الله في درس قادم.