وضع داكن
18-04-2024
Logo
الخطبة : 1156 - حقوق الطفل في الإسلام - إكرام الله عز وجل لمن آثر آخرته على دنياه.
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الخطبة الأولى:

الحمد لله نحمده، ونستعين به، ونسترشده، ونعوذ به من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إقراراً بربوبيته، وإرغاماً لمن جحد به وكفر، وأشهد أن سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم رسول الله، أدى الأمانة، وبلغ الرسالة، ونصح الأمة، وكشف الغمة، وجاهد في الله حقّ الجهاد، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .

أشقى الناس من لم يكن ابنه كما يتمنى :


أيها الأخوة الكرام، من خلال بعض السفريات وجدت مشكلة تستحق أن تعالج في هذا اللقاء، المشكلة أن الإنسان يسافر إلى بلد غربي، النواحي المادية في أعلى مستوى، النظام، حقوق الإنسان، لكن ينسى أن هذا البلد يقدم له الدنيا بأبهى زينة، ويأخذ منه أولاده، والذي يخسر أولاده ما ربح شيئاً، أفضل ألف مرة أن تقيم في بلد نام، يعاني ما يعاني، وأن يبقى ابنك لك، أن يبقى ابنك مسلماً، أن تبقى ابنتك محجبة، لذلك بعض العلماء قال: إن لم تضمن أن يكون ابن ابن ابنك مسلماً فلا يجوز أن تبقى في هذه البلاد، يقصد بلاد الغرب.
لأن المشكلة أن الحياة هناك أقوى من أية دعوى، طبيعة الحياة كل شيء محرم مسموح به، طبيعة الحياة أقوى من أية دعوى، فهناك أناس كثر أحبوا الحياة هناك لكن خسروا أولادهم، وهذه أكبر خسارة بل خسارة لا تعوض، لذلك لو جمعت أكبر ثروة في الأرض، ونلت أعلى منصباً فيها، وحققت أعلى درجة علمية هناك، ولم يكن ابنك كما تتمنى فأنت أشقى الناس، أي المشكلة الأولى، والكبيرة، والخطيرة، التي يعاني منها من أقام في بلاد الغرب أنه خسر أولاده، إذاً لم يربح شيئاً، ما لم يكن ابنك كما تتمنى فأنت أشقى الناس.

حقوق الطفل في الإسلام :

1 ـ أن تحسن اختيار أمه :

لذلك أيها الأخوة، أستعرض معكم حقوق الطفل في الإسلام، أحياناً يصدرون لنا اتفاقيات، مرة تصدر لنا اتفاقية حقوق المرأة، ومرة تصدر لنا اتفاقية حقوق الطفل، فإذا رجعنا إلى ديننا وجدنا أن للطفل حقوقاً لا يحلم بها الغربيون، أول حق لابنك عليك قبل أن تنجبه أن تُحسن اختيار أمه، هذا حق، تخيروا لنطفكم، يجب أن تختار المرأة المؤمنة، عليك بذات الدين تربت يداك، يجب أن تختار المرأة الصالحة، المرأة التي تعلم كيف تربي ابنها، المرأة الودود، المرأة الحَصَان، المرأة المؤمنة، أول حق لابنك عليك أن تحسن اختيار أمه، هذا حق لا يحلم به أهل الغرب، حق واضح، أن تحسن اختيار أمه.
مرة حدثني أخ كريم سافر إلى باريس رأى شاباً ساهماً على نهر السين، قال له بمَ تفكر؟ قال: أفكر بقتل أبي، فهذا المسلم صعق، لماذا؟ قال: أُحب فتاة فأخذها مني.
وازن بين هذا الأب وبين أب مسلم يقيم في بلاد الشرق، همه الأول تزويج أولاده، كم من أب في هذه البلدة الطيبة باع بيته بأرقى أحياء دمشق وسكن خارج دمشق ليؤمن بيوتاً لأولاده، هذه الحضارة، التماسك الأسري عندنا في أعلى مستوى، أحياناً الإنسان يبهر، هناك أشياء ينبهر بها الإنسان على شبكية العين، أما مع الإقامة المديدة يرى لبلادنا من الخصائص، ومن الإيجابيات، ما لا يحلم به أهل الغرب، لذلك الأب عندنا أب، والأم أم ، الزوجة زوجة، الابن ابن، البنت بنت، مرة كنت في أمريكا فقلت لهم: شارع فيه مئة بيت، كم بيت فيه خيانة زوجية؟ قالوا لي: سبعون فما فوق، في بلاد المسلمين يمكن لا يوجد واحد بالمئة أو لا يوجد أبداً، نحن في نعم يجب أن نعرفها ونحن في هذا البلد، لذلك قال النبي عليه الصلاة والسلام:

(( رأيت عمود الإسلام قد سلّ من تحت وسادتي، فأتبعته بصري فإذا هو بالشام))

[ الطبراني والحاكم عن ابن عمرو ]

الداخل إليها برضائي، و الخارج منها بسخطي، أخبر النبي عليه الصلاة والسلام في أكثر من ثلاثين حديثاً صحيحاً عن فضل السكنى في الشام، أحياناً الإنسان لضعف فيه لا يرى إلا السلبيات، وقد تغيب عنه الإيجابيات، والبطولة أن ترى الإيجابيات قبل السلبيات.

 

2 ـ حق الجنين على أمه أن تفطر في رمضان كي يستطيع أن ينمو :

أيها الأخوة الكرام، يأمر هذا الدين العظيم الأم الحامل أن تفطر في رمضان، أن تترك ثاني أكبر عبادة من أجل الابن، كي يأتيه الغذاء وافراً، يأمر الأم المرضع أن تفطر من أجل ابنها، هذه الحقوق لا يحلم بها الغربيون، يقول النبي عليه الصلاة والسلام:

(( لا تجني أم على ولدها ))

[النسائي وأبو يعلى وأبو نعيم عن طارق المحاربي]

أن تفطر المرأة المرضع هذا واجب ديني، أو أن تفطر المرأة الحامل هذا واجب ديني، من أجل حق الطفل في الغذاء المتوازن. 

3 ـ عدم إسقاط الجنين :

شيء آخر: من حق الجنين ألا تسقطه أمه، لا تريد إنجاباً فتسقط الجنين، الأب لا يريد ولداً من هذه الزوجة لأن عنده من أخرى عشرات، يأمرها أن تسقط الجنين، هذا معاقب عليه في الإسلام، وعلى الأم التي تتناول دواءً لتسقط ابنها، أو الأب الذي يأمر زوجته بإسقاط الحمل، عليهما دية في الإسلام، دية قتل نفس، وهذا الحق أيضاً لا يحلم به الغربيون.
مؤتمرات السكان تدعو إلى الإجهاض الآمن، بل إن مؤتمرات السكان تتمنى أن أية فتاة حملت سفاحاً أن تتجه إلى أي مستشفى حكومي، وأن تطلب الإجهاض من دون أن تسأل، بينما في هذا الدين العظيم الفتاة التي تحمل تُسأل، كيف حملتِ وأنت لست متزوجة؟ في حياة الصحابة أن امرأة رمت الأخرى بحجر فأصابت بطنها وهي حامل فقتلت الوليد، فاختصموا إلى النبي عليه الصلاة والسلام فقضى النبي عليه الصلاة والسلام بدية إلى ورثة الجنين المقتول، قال تعالى:

﴿ وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ﴾

[ سورة المائدة الآية : 32 ]

4 ـ حجز أموال الأب المتوفى حتى تلد زوجته لضمان حقوق أطفاله :

الآن توفي الأب، زوجته حامل، الاحتمال أنثى أو ذكر، إن كانت أنثى والأب ليس له ولد تأخذ نصف ميراث أبيها، وإن كان ذكراً له نصيب أقل من النصف، ماذا تأمر قواعد المواريث؟ أن تحجز نصف الأموال على احتمال أن المولود أنثى، فإذا جاء المولود ذكراً يوزع الفرق على الورثة، هل من قانون يرعى حق الجنين قبل أن ينزل كهذا القانون؟ يجب أن نعتز بديننا، يجب ألا نبهر باتفاقية حقول الطفل، لا زلت في حقوق لا يحلم بها الغربيون.

5 ـ حق الطفل في النسب :

أكثر اتفاقيات حقوق الطفل لم تراعِ حق الطفل في أن ينسب إلى أبوين، وأربعون بالمئة ـ والرقم دقيق ـ من أطفال بلاد الغرب لقطاء، معي إحصاء دقيق، تقريباً أربعمئة وخمسين ألف لقيط في مدينة واحدة، يقابل هذا في بلادنا الطيبة أربعون حالة، نحن بخير، هذا من ثمار هذا الدين العظيم، من ثمار الانضباط، من ثمار أن الأسرة أصل في هذا البلد الطيب أو في هذا الدين العظيم، الآن بالغرب قلّما تجد أسرة، ماذا تجد؟ مساكنة، لا عقد لا في الكنيسة، ولا في المحكمة، ولا عقد مدني، ولا ديني، إنما هي المساكنة، وإذا جاء الطفل ينبغي أن يحنك، أن يوضع بعض الحلوى في فمه وليكن تمراً، وأن يقرأ أمامه الفاتحة، والمعوذتين، وبعض الآيات، وأن يقصر شعره، ويتصدق بمثل وزنه ذهباً، هذا حينما يأتي، وأن تذبح له العقيقة، يأتي على وليمة، يوزع بوزن شعره ذهباً صدقة.
حدثنا أستاذ في الجامعة قال: الأم حينما ترضع ابنها بقسوة قد ينشأ قاسي الطباع، وحينما ترضع ابنها بحنان قد ينشأ بصفات راقية، الحركة فقط لها أثر.

6 ـ عدم الشك بنسبه أو رفضه :

شيء آخر: بالإسلام مرفوض الشك في النسب، النبي عليه الصلاة والسلام قرر قاعدة ثابتة:

(( الولد للفراش ))

[مسلم عن أبي هريرة]

ما دامت هذه الأم التي لها زوج ينامان على فراش واحد، فهذا الابن لهذا الأب قطعاً، لذلك الآن شيء شائع جداً أن يكون هناك زواج عرفي لا يسجل في المحاكم، نشب خلاف بين الزوجين، ينكر الزوج أن هذه زوجته، لذلك أيها الأخوة، العقد خارج المحكمة له مضاعفات خطيرة، يكفي أن يقسم يميناً أنه لم يتزوج هذه المرأة، وأنه ليس له علاقة بها ـ لا يوجد دليل ـ وقد تكون زوجته منذ سنتين، وقد ينكر أن هذا الابن ابنه، فهذا الذي يتساهل بعقود القران، أنت قبل مئتي عام يمكن أن تبيع بيتاً من دون تسجيل بالسجلات الرسمية، قلت له: ثلاثمئة ليرة ذهب، أعطاك سلمته مفتاح البيت، هذه الآن لا تقع إطلاقاً، لا بد من أن يسجل البيت في السجلات الرسمية، يقاس على ذلك والآن لا بد من أن يكون الزواج مسجلاً في الجهات الرسمية، لماذا؟ لأن أي خلاف ينكر الزوج زواجه من هذه المرأة، بل ينكر ابنه، والطريق طويل.
مرة كنت عند قاض من قضاة الشرع المرموقين، أثناء تحقيقه بموضوع أطل فتى من باب الغرفة فقال له: تعال، هي زوجتك؟ قال: نعم، قال له: وقع هنا، أنا استغربت كيف قطع الحوار بموضوع، وطلب الشاب فجأة، وأقره على أنه زوجها، قال لي: إذا التقى بإنسان خبيث يقول له: أنكر هذا الزواج، فخفت أن ينكر الزواج، فاتخذت إقراراه وتوقيعه.
بادئ ذي بدء، أيها الآباء انتبهوا، هناك خطأ فاحش حينما تقبل بعقد خارج المحكمة، إلا في حالات نادرة جداً تقتضيها المصلحة، العقد صحيح لكن هناك ضمانات كبيرة جداً، هناك معرفة قوية، وثقة، لكن الأولى أن يكون العقد عند الجهات الرسمية.

 

7 ـ حق الطفل في الرضاعة :

حقه في الرضاع لا في حليب القارورات، والفرق كبير جداً بين حليب القارورات وبين حليب الأم، بل إن كل شركات حليب القارورات ملزمة أن تكتب لا شيء يعدل حليب الأم، قال تعالى:

﴿ وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ ﴾

[ سورة البقرة: 233]

مرة قرأت بحثاً أن حليب الأم تتبدل نسبه في أثناء الرضعة الواحدة، في البداية ستون بالمئة ماء، أربعون بالمئة مواد دسمة، في نهاية الرضاع ستون بالمئة مواد دسمة أربعون بالمئة رضاع، لا شيء يعدل حليب الأم.
هناك دراسة أخرى قراءتها أن الحموض الأمينية في حليب البقر فوق طاقة احتمال الطفل الصغير، خمسة أضعاف حليب الأم، وهذه تسبب آفات قلبية ووعائية في المستقبل، حينما نلغي حليب الأم ونقدم للطفل حليباً آخر قد نسبب له متاعب في أخطر جهازين؛ في قلبه، وأوعيته، قال تعالى:

﴿ أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ ﴾

[ سورة البلد الآية : 8 ]

ثم يقول تعالى:

﴿ وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ ﴾

[ سورة البلد الآية : 10 ]

قال ابن عباس: النجدين الثديين هدية من الله لك أيها الصغير، قال لي بعض الأطباء: إن كثيراً من حالات سرطان ثدي النساء أنهن امتنعن عن إرضاع أولادهن، قال بعض العلماء: كل ثماني نساء الثامنة معها سرطان بالثدي، أحد أكبر هذا السرطان امتناع المرأة عن إرضاع وليده.
سيدنا عمر كان يتجول في طرق المدينة، فرأى قافلة قد أقامت في أطراف المدينة، فقال لمن معه ـ سيدنا عبد الرحمن بن عوف ـ تعال نحرسها، سمع هذا الصحابي الجليل بكاء طفل فتوجه لأمه وقال: أرضعيه، فبكى ثانية نبه أمه، فبكى، فغضب: قال: أرضعيه، قالت ما شأنك بنا؟ إني أفطمه، قال: ولمَ؟ قالت: لأن عمر لا يعطي العطاء إلا بعد الفطام، تروي الروايات أنه ضرب جبهته وقال: ويحك يا بن الخطاب كم قتلت من أطفال المسلمين؟ وأصدر أمراً فوراً أن يعطى العطاء عقب الولادة لا عقب الفطام.

 

8 ـ حق الطفل في أن تحسن اختيار اسمه :

الآن من حق ابنك عليك أن تحسن اختيار اسمه، هناك أسماء لا تليق، عدوان، لمَ عدوان؟ هناك أسماء قبيحة جداً، هناك مقولة سخيفة أن الاسم القبيح أحد أسباب سلامة هذا الطفل، هذا شيء لم يرد في قرآن ولا في سنة، ما ورد في السنة يجب أن تحسن اختيار اسم ابنك؛ عبد الرحمن، عبد الله، بل إن النبي عليه الصلاة والسلام كان يغير بعض الأسماء، قال له ما اسمك؟ قال: أصرم، قال له : أنت أزرع، هناك أسماء لا تليق، فكان النبي عليه الصلاة والسلام يغير هذه الأسماء.

 

9 ـ حق الطفل في الحضانة :

حق الطفل في الحضانة، أي إذا طلقت أمه ولم تتزوج بعد، فأولى امرأة في الحضانة أمه، حق الطفل أن تحضنه أمه ولو طلقت من أبيه، فإن تزوجت فأم الأم، ثم أم الأب، ثم بقية الأمهات، ثم الجدة، ثم الأخت من أبوين، الأخت من أب، الأخت من أم، الخالة، العمة، ثم الأقرب فالأقرب.
حدثني أخ درس في شيكاغو هو طبيب إسعاف، قال لي: خمس عشرة حالة أطفال رضع ضربوا بآلات حادة من آبائهم وأمهاتهم لأنهم نغصوا عليهم ليلتهم، فجيء بهم إلى المستشفى من قسوة الآباء، لذلك بحسب هذه القسوة الآن الطفل في بلاد الغرب معه رقم صفر فقط، يتصل به تأتي الشرطة، يأخذون الأب إلى مركز الشرطة، يوقع تعهد أو يؤخذ الابن منه لقسوته، أما في هذه البلاد الطيبة الحمد لله نعيش في حال آخر.
وقبل هذا الحق النبي عليه الصلاة والسلام استشار طفلاً قال له: أتحب أن تكون مع أبيك أم مع أمك؟ كان في السابعة من عمره فاختار الابن والده، فالأم قالت للنبي: سله لمَ اختار والده؟ فسأله فقال: أمي تأمرني بالصلاة وأبي يتساهل معي.
الأم مربية، لذلك هذه المرأة التي شكت إلى الله زوجها من فوق سبع سماوات، ماذا قالت للنبي؟ زوجي تزوجني وأنا شابة ذات أهل ومال، فلما كبرت سني، ونثر بطني، وتفرق أهلي، وتبدد مالي، قال: أنت عليّ كظهر أمي، ولي منه أولاد، إن تركتهم إليه ضاعوا، وإن ضممتهم إلي جاعوا، فسمع الله شكواها من فوق سبع سماوات.

10 ـ حق الطفل في النفقة عليه :

حقه أيضاً في النفقة عليه، فإذا أنفق الأب على ابنه عليه حق آخر للابن، ما الحق الآخر؟ قال عنه النبي عليه الصلاة والسلام:

(( كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَقُوتُ ))

[ أبو داود عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو]

هو يطعمه لكن لم ينتبه إلى أخلاقه، هو يطعمه لكن لم ينتبه لدينه:

(( كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَقُوتُ ))

[ أبو داود عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو]

هذا الذي تطعمه وتكسوه يجب أن تعلمه أحكام دينه، أن تخلقه بخلق الإسلام.

 

11 ـ حق الطفل في المساواة بينه و بين أخوته :

وحق آخر للابن على أبيه أن يساوي بينه وبين أخوته، أقسم لي أخ في الله أن أباه سجل باسمه ما يقترب من مليار ليرة محاضر، كان تاجر عمار، له ابن آخر يعمل على شاحنة بالأجرة، هناك آباء يعطون بعض أولادهم ولا يعطون الآخرين، أيها الأخوة يجب أن تعدل بين أولادك حتى في القبل، حتى في الابتسامة، حتى في الملاعبة، قد يكون ولد أذكى من ولد، قد يكون ولد أجمل من ولد، ينبغي أن تعامل الولدين بعدل مطلق. 

12 ـ حق الطفل في التربية :

حقه في التربية:

(( كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ))

[ متفق عليه عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا]

الأب راع ومسؤول عن رعيته.
حقه في أن تعلمه الصلاة:

(( مروا أولادكم بالصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر، وفرقوا بينهم في المضاجع ))

[ أحمد و البيهقي و الدار قطني عن عمرو بن شعيب]

من أقوال النبي عليه الصلاة والسلام :

(( احفظ الله يَحْفَظْك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله ... ))

[أخرجه الترمذي عن عبد الله بن عباس ]

من توجيهات النبي عليه الصلاة والسلام :

(( يا غلام سمِّ الله وكُلْ بيمنك وكل مما يليك ))

[ صحيح عن عمر بن أبي سلمة ]

13 ـ حق الطفل في الملاطفة و المداعبة :

حقه في الملاطفة والملاعبة، الابن عنده حاجة، أكل وشرب، له غرفة خاصة، نام على سرير، كل حاجاته المادية مؤمنة، هناك حاجة أنا أراها أهم حاجة، قال: حقه بالمداعبة والملاطفة. في بعض الدراسات النفسية أنه يجب أن تضم ابنك الصغير في اليوم أكثر من عشرين مرة، أن تضم ابنك إلى صدرك هذا غذاء روحي، ليشتق منك الرحمة، يرى أنه محبوب، لذلك هذا الذي يسب ابنه طوال النهار ويضربه ابتعد عن تربية الأولاد بعد الأرض عن السماء، لذلك قال النبي عليه الصلاة والسلام:

(( من لا يَرحم لا يُرحم ))

[ البخاري و مسلم عن أبي هريرة]

كان النبي عليه الصلاة والسلام ينطلق من مسجده إلى العوالي، أي إلى طرف المدينة الآخر ـ للتقريب في الشام من الشيخ محي الدين إلى المخيم ـ ليقبل ابنه ويرجع، ما قولكم؟ جاء ابن ابنته فتعثر، فنزل النبي عليه الصلاة والسلام من على المنبر وحمله، وضمه، وصعد المنبر، وتابع الخطبة.
مرة النبي عليه الصلاة والسلام أطال السجود فظن أصحابه أنه قد قُبض، ما قبض لكن الحسن والحسين ارتحلا ظهره فكَرِهَ أن يعجل عليها الجلوس بعد السجود.

 

14 ـ حق الطفل في الحفاظ عليه وعدم لعنه وسبه والدعاء عليه :

حقه بعدم لعنه، وسبه، والدعاء عليه، له حق، الدعاء المستمر على الأولاد هذا بُعد عن الدين، حق الابن في الحفاظ عليه، وعدم لعنه، وسبه، وعدم الدعاء عليه، هذه كلها من حقوق الطفل.

15 ـ حق الطفل في العلاج :

حقه في العلاج، مثلاً فتاة يوجد بأسنانها حالة غير صحيحة تحتاج إلى تقويم، والمبلغ كبير لكن هذه فتاة، قد لا تتزوج بهذه العاهة في أسنانها، لذلك من حق البنت على أبيها أن يعالجها تمهيداً لزواجها.

16 ـ احترام شخصيته :

من حقه أيضاً احترام شخصية الصغير، النبي عليه الصلاة والسلام مع أصحابه جاءت ضيافة، طفل يجلس على يمينه، وعلى يساره أشياخ كبار صحابة، جاءت الضيافة، قال له: أتأذن لي يا غلام أن أعطي الأشياخ؟ قال له: لا والله لا آذن لك، ما هذا الدين؟ سيد الخلق يستأذن طفلاً صغيراً، أراد النبي عليه الصلاة والسلام أن يكرم الأشياخ الذين عن يساره، حقه أن يشرب بعد النبي، هنا جواب الغلام دقيق، قال هذا الغلام: والله يا رسول الله ما كنت لآثر بفضلي منك أحداً، أن أشرب بعدك هذا فضل كبير، لا أسمح لأحد أن يأخذه مني، فأعطاه النبي عليه الصلاة والسلام إياه.
أيها الأخوة الكرام، هذه بعض ما في هذا الدين العظيم من حقوق الطفل، الآن كلمة أقدمها بين أيديكم: لم يبقَ في أيدي المسلمين من ورقة رابحة إلا أولادهم، ما بقي بأيدينا شيء، هناك حرب عالمية ثالثة معلنة على هذا الدين، خمس دول إسلامية محتلة، الثروات نهبت، الشباب قتلوا، الأخبار سيئة جداً، لكن لم يبق في أيدينا إلا أولادنا، هذا ابنك، في البيت أنت أبوه، بطولتك أن تنشئه مؤمناً، أن تلحقه بمعهد شرعي، أن تهتم بدينه، أن تهتم بأصدقائه، من أصدقاؤه؟ أن تهتم بأخلاقه، أن تهتم بصلاته.

وأخيراً..

أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه يغفر لكم، فيا فوز المستغفرين.

الخطبة الثانية :

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، صاحب الخلق العظيم، اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

من آثر آخرته على دنياه فله إكرام خاص من الله عز وجل :

أيها الأخوة الكرام، أنا لا أتكلم من فراغ سافرت إلى بلاد كثيرة في العالم الغربي والشرقي، فوجدت أن أخوتنا المؤمنين هناك آثروا البقاء في هذه البلاد على تربية أولادهم، فكانت المشكلة الأولى أولادهم، فكنت أقول: لو ربحت الدنيا بأكملها ولم تربح أولادك لم تربح شيئاً، لذلك هذا الذي يأتي إلى بلده الأصلي ليكون هذا البلد أعون له على تربية أولاده، إنسان اتخذ قراراً حكيماً جداً، ولي أخوة كثر والله كانوا في عالم الغرب في أعلى درجات نجاحهم، وعادوا إلى بلدهم، والله عز وجل يقول:

﴿ وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَماً كَثِيراً وَسَعَةً ﴾

[ سورة النساء الآية : 100 ]

له إكرام خاص من الله لأنه آثر الآخرة على الدنيا، آثر بلداً نامياً فيه مشكلات كثيرة على بلد آخر، مرة طرق بابي إنسان قال: أنا طبيب هل تسمح لي أن أزورك؟ لما دخل فهمت قصته، طبيب مقيم في بريطانيا حدثني عن دخله الفلكي، عن مركبته، عن بيته، قال: أنا أعيش في بحبوحة ما بعدها بحبوحة، لي مكانة كبيرة، لكن في البناء الذي إلى جانبي رجلاً في الطابق السادس، والفصل شتاء، والنوافذ محكمة، مات صاحب البيت ومضى على موته ستة أشهر إلى أن فاحت رائحته التي لا تحتمل، وله أربعة أولاد في لندن، لم يفكر أحد من أولاده أن يزوره في هذه الأشهر، ولا أن يتصل به، فقل لي: أنا خفت أن يكون مصيري كهذا المصير، أردت أن آتي إلى الشام لأعيش فيها، نحن عندنا حالة تواصل أسري عالية جداً، هذه من أكبر النعم علينا، هذه نعمة كبيرة لا يعرفها إلا من فقدها.

الدعاء :

اللهم اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت، وتولنا فيمن توليت، وبارك لنا فيما أعطيت، وقنا واصرف عنا شر ما قضيت، فإنك تقضي بالحق، ولا يقضى عليك، وإنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت، ولك الحمد على ما قضيت، نستغفرك و نتوب إليك، اللهم اهدنا لصالح الأعمال لا يهدي لصالحها إلا أنت، اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا، واجعل الحياة زاداً لنا من كل خير، واجعل الموت راحة لنا من كل شر، مولانا رب العالمين، اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك، وبطاعتك عن معصيتك، وبفضلك عمن سواك، اللهم بفضلك ورحمتك أعلِ كلمة الحق والدين، وانصر الإسلام، وأعز المسلمين، انصر المسلمين في كل مكان، وفي شتى بقاع الأرض يا رب العالمين، اللهم أرنا قدرتك بأعدائك يا أكرم الأكرمين .

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

اللغات المتوافرة

إخفاء الصور