- أسماء الله الحسنى
- /
- ٠2أسماء الله الحسنى 2008م
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
من أسماء الله الحسنى: ( الشكور):
أيها الأخوة الكرام، لازلنا مع اسم "الشكور"، وكما يقال ملخص الملخص أن المؤمن مع المنعم، وأن غير المؤمن مع النعمة، المؤمن يتجاوز النعمة إلى المنعم، فيشكره بينما غير المؤمن يستمتع بالنعمة ويغفل عن المنعم.
الشكور يزكو عنده القليل من أعمال العباد ويضاعف لهم الجزاء:
أيها الأخوة، اسم الله "الشكور"، يعني أن "الشكور" إذا أعطى أجزل، أي أكثر، وإذا أُطيع بالقليل قبل، وهو الذي يقبل القيل ويعطي الجزيل، وهو الذي يقبل اليسير من الطاعات، ويعطي الكثير من الدرجات.
و "الشكور" يزكو عنده القليل من أعمال العباد، ويضاعف لهم الجزاء، فيثيب الشاكر على شكره، ويرفع درجته، ويضع عنه وزره.
ورد في بعض الأحاديث أن المؤمن إذا وضع لقمة في فم زوجته، يراها يوم القيامة كجبل أُحد، أي عمل تقدمه هو في الحقيقة قرض لله عز وجل، أي عمل تجاه أي مخلوق ولو كان هرة.
امرأة بغي، شكر الله لها، وغفر لها بأنها سقت كلباً كاد يأكل الثرى من العطش.
أي عمل تقوم به تجاه أي مخلوق، ولو كان حيواناً، ولو سقيت نباتاً، هو في الحقيقة قرض لله عز وجل، وهذه الآية إذا قرأها المؤمن ينبغي أن يقشر جلده:
﴿ مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً ﴾
من أراد أن يكون أسعد الناس فليسعد من حوله:
أيها الأخوة، شكر العبد لله ثناءه عليه، المؤمن يشكر، والله عز وجل يشكر، المؤمن يشكر الله لإحسانه إليه، والله عز وجل يشكر العبد لطاعته له.
للإمام الغزالي رحمه الله تعالى قول لطيف: إذا كان الذي أخذ فأثنى يعد شكوراً فالذي أعطى وأثنى أولى أن يكون شكوراً، يعطي، ويثني، يعطي العبد يشكر، والله عز وجل هو الذي أعطاه، هو الذي مكنه أن يشكر، وبعد ذلك الله عز وجل يشكر هذا العبد.
أنت حينما تقرأ في القرآن الكريم أن الله شكور، يجب أن تندفع بكل ما تملك لخدمة عباده.
والله أيها الأخوة، يمكن قرأت كلمة في مجلة مترجمة من أربعين عاماً، هذه الكلمات دخلت في أعماق نفسي: إذا أردت أن تسعد فأسعد الآخرين، فأنت أسعدهم، لأن الله شكور، أنت حينما تفكر أن تقدم خدمة لإنسان، لحيوان، لنبات، أنت حينما تفكر أن ترسم بسمة على وجه طفل، أو على وجه أسرة بائسة تكون أسعد الناس.
أعرف رجلاً فقيراً جداً، أصيب بآفة في قلبه، والعملية تكلف مئات الألوف ولا يملك مها قرشاً واحداً، زرته في البيت الكآبة مهيمنة، الأولاد، وضعهم حزين، البيت فيه غمامة سوداء، هو الرجل، الأب، الزوج، ما في شيء، إنسان محسن أمر طبيباً أن يجرى لهذا الفقير العملية على حسابه، والله زرته بعد نجاح العملية الأطفال يكادون يرقصون من فرحتهم.
هذا الذي يدخل الفرح على قلوب الخلق بإحسانه إليهم، بتخفيف آلامهم، بحمل همومهم له عند الله مقام كبير، إذا أردت أن تسعد فأسعد الآخرين، ولأن الله شكور تكون أنت أسعدهم.
سعادة الإنسان لا تأتي من المال بل تأتي من اتصاله بالله عز وجل:
نحن في الأوراد نقول: اللهم صلِّ على سيدنا محمد، وعلى آل محمد، وصلِّ على أسعدنا سيدنا محمد.
السعادة لا تأتي من المال، بل تأتي من اتصالك بالله عز وجل، فإذا قدمت خدمات لعباد الله فالله شكور، وعندئذٍ يشكرك.
والله مرة أخ حدثني، قال لي: أنا كنت خارج دمشق، وصلت إليها في الساعة الثانية عشرة ليلاً، القصة بالثمانينات، بأزمة لبنان، رأى امرأة تمسك بطفل صغير وتبكي، وإلى جانبها زوجها، سأل، الابن حرارته 42، هم غرباء من لبنان، لا يعرفون أحداً، قال لي: بقيت معهم حتى الساعة الرابعة صباحاً، من مستشفى لمستشفى، من صيدلية لصيدلية، حتى انخفضت الحرارة وزال الخطر، يقسم لي بالله أنه بقي أسبوعين وهو في جنة.
يحدثني طبيب، يدخل لمستشفى عامة، العناية فيها قليلة جداً، يعامل المرضى وكأنهم في أرقى مستشفى، المرضى الفقراء، التحاليل، الإيكو، المرنان، وكأنهم في أرقى مستشفى، يقول لي: وأنا في هذه المستشفى العامة التي فيها إهمال كما هي العادة في كل بلاد العالم، قال لي: أشعر وكأني في جنة، لأن الله شكور.
سيدنا ابن عباس كان معتكفاً في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، معتكف بعبادة، بل من أرقى العبادات، رأى رجلاً كئيباً، قال له: ما لي أراك كئيباً ؟ قال له: والله ديون لزمتني ما أطيق سدادها، قال له: لمن ؟ قال له: لفلان، فقال له ابن عباس: أتحب أن أكلمه لك ؟ قال له: والله أتمنى، فانطلق ابن عباس من معتكفه (أي خرج من عبادته) قال له أحدهم: يا بن عباس أنسيت أنك معتكف ؟ قال: لا والله، ولكني سمعت صاحب هذا القبر (يقصد رسول الله عليه الصلاة والسلام، والعهد به قريب، ودمعت عيناه) سمعت صاحب هذا القبر يقول: والله، لأن أمشي مع أخي في حاجته، خير لي من صيام شهر، واعتكافه في مسجدي هذا، صيام من ؟ صيام سيد الخلق، اعتكاف من ؟ اعتكاف رسول الله، والله لأن أمشي مع أخ في حاجته خير لي من صيام شهر، واعتكافه في مسجدي هذا.
الشكور الحقيقي هو الله جل جلاله لأنه يعطي العبد ثم يوفقه للشكر:
أيها الأخوة، عالم جليل ابن القيم رحمه الله تعالى يقول: "الشكور" هو سبحانه وتعالى، هو أولى بصفة الشكر من كل شكور، بل هو "الشكور" على الحقيقة، وإذا سمي عبد ما بأنه شاكر أو شكور فالتسمية مجازية، الشاكر الحقيقي، "الشكور" الحقيقي هو الله جل جلاله، لأنه يعطي العبد، ثم يوفقه للشكر، ويشكر القليل من العمل، فلا يستقله، فيشكر، الحسنة بعشرة أمثالها إلى أضعاف مضاعفة، ويشكر عبده بأن يثني عليه، بين ملائكته، وبين ملئه الأعلى، يشكره بفعله، فإذا ترك شيئاً لله أعطاه أفضل منه وإذا ضحى بشيء ردّه عليه أضعافاً مضاعفة.
(( ما ترك عبد شيئاً لله، إلا عوضه الله خير منه في دينه ودنياه ))
أي مبلغ فيه شبهة، وكبير، فالمؤمن الصادق ركله بقدمه، وقال:
﴿ مَعَاذَ اللَّهِ ﴾
﴿ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ ﴾
إلا عوضه الله خير منه، في دينه، بقيت هذه الصلة بينه وبين الله، ودنياه عوضه أضعافاً مضاعفة.
العاقل من يتاجر مع الله عز وجل:
لما بذل الشهداء أجسادهم، الشهيد بذل أثمن ما يملك، والجود بالنفس أقصى غاية الجود، ولما بذل الشهداء أجسادهم حتى مزقها أعداؤهم شكر لهم ذلك، بأن جُعلت طيراً خضراً، أقرّ أرواحهم فيها، ترد أنهار الجنة، وتأكل من ثمارها إلى يوم القيامة، فيردها عليهم أكمل ما تكون جمالاً وبهاءً.
الله شكور، والبطل، والذكي، والعاقل، والموفق، والفالح، والناجح، هو الذي يتاجر مع الله، يعني مثال بسيط:
لو أن ملكاً أمر معلماً أن يعطي ابنه دروساً خاصة، المعلم أفقه ضيق , بعد عشرة دروس أين الأجرة ؟ قال له: كم تريد ؟ قال له: على كل درس ألف، قال له تفضل أعطاه فوراً، ليته لم يسأل، لأن الملك كان مهيئاً له بيتاً، ومركبة، مقابل هذه الدروس، فلما طلب أجرته من هذا الطالب أعطاه ما يريد، من هو الذكي ؟ هو الذي يقدم عملاً لله، فإذا سأل على عمله أجرة، عمل طبعاً صالح أخذ أقل شيء ممكن، أما إذا احتسب هذا عند الله أخذ أكبر أجر ممكن.
الله عز وجل لن يضيع عملاً صالحاً لأي إنسان:
الآن هناك فكرة من شكر الله سبحانه وتعالى، أنه يجازي أعداءه بما يفعلونه من خير، أعداؤه الذين كفروا به، بل الذين أنكروا وجوده، بل الذين تفلتوا من منهجه، بل الذين انغمسوا في ملذات محرمة، أعداؤه يجازيهم، إذا فعلوا الخير، ويخفف به عنهم يوم القيامة، فلا يضيّع عليهم ما يعملونه من إحسان، وهم من أبغض الخلق إليه، لن تفعل شيئاً ويضيع عليك أجره.
أما الحديث الذي يؤكد هذا المعنى، طبعاً الحديث عن عمرو بن العاص رضي الله عنه، الآن القول يرويه عمرو بن العاص:
(( تَقُومُ السَّاعَةُ والرُّومُ أكْثرُ النَّاسِ، فقال له عمرو بن العاص: أبْصِرْ ما تقول: قال: أقول ما سمعتُ من رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، قال: لئن قلتَ ذلك إنَّ فيهم لَخِصالاً أربعاً، إنَّهُم لأحْلَمُ النَّاسِ عِنْدَ فِتْنَة ))
أحياناً بعض الشعوب تهوج وتموج، ثم تفتر، الإنسان العاقل يفكر قبل أن يتصرف وهناك إنسان يُثار، ويُستثار، ويهوج، ويموج، وفي النهاية لا يفعل شيئاً، هذا شأن بعض الشعوب النامية، قال:
(( إنَّهُم لأحْلَمُ النَّاسِ عِنْدَ فِتْنَة، وأسْرَعُهُم إفَاقَة عند مُصِيبة، وأوْشَكُهُم كَرَّة بعد فَرَّة، وخَيْرُهُم لِمسْكِين ويَتيم وضَعيف ))
هؤلاء الغارقون في المعاصي والآثام، الذين يعتدون على شعوب الأرض ، يعاملون شعوبهم معاملة تفوق حدّ الخيال، مع أنهم أعداءه، مع أنه يبغضه لكنه يشكرهم على هذه الأفعال.
المسلمون هم أول من أساء إلى النبي الكريم لأنهم لم يطبقوا سنته بشكل صحيح:
قوانين، والبطولة أن تكتشف قوانين الله عز وجل، أي مؤمن، غير مؤمن ، مستقيم، غير مستقيم، إذا قدّم عملاً صالحاً لمن حوله، فالله عز وجل يشكره عليه، لا يمكن أن يضيع عليك عملاً طيباً، ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق، و لو أن تبتسم في وجه أخيك:
(( إنَّ فيهم لَخِصالا أربعا، إنَّهُم لأحْلَمُ النَّاسِ عِنْدَ فِتْنَة ))
يفكرون، يخططون بهدوء، يرسمون خططاً بعيدة، شعوب أخرى تثور، وتهوج، وتموج، ثم تخمد، يعني شيء مؤلم جداً.
يعني هذا الرسام الذي رسم، المفروض أن نتلقى هذا بهدوء، وأن نخطط لتعريف الغرب برسول الله، أما قتل، وضرب، هذا ماذا يفعل ؟ يصورون هؤلاء الشعوب حينما تهوج وتموج، ويسخرون، أما الذكاء والعقل أن نخطط، أن نُعرف الناس بهذا النبي الكريم، أن نطبق سنته، حتى يأخذ الناس فكرة عن هذا الدين العظيم، من هم الذين أساؤوا للنبي عليه الصلاة والسلام ؟ أنا أرى أن المسلمين هم أول من يسيء إليه، إذ لم يطبقوا سنته، أكلوا المال الحرام، اعتدوا على بعضهم بعضاً، سفكوا دماء بعضهم بعضاً، فالعالم الآخر يراهم متخلفون، يظن أن هذا دينهم، حتى الرسام الدنمركي لما عوتب عتاباً شديداً قال: كنت أظنه كأتباعه، إذاً من هو الذي أساء حقيقة ؟ نحن أسأنا إلى نبينا، فكان ردّ فعل الغرب أنهم أساؤوا إليه.
(( وخَيْرُهُم لِمسْكِين ويَتيم وضَعيف، وخَامِسَة حسنة جَميلة: وأمْنَعُهُم منْ ظُلْمِ الْمُلُوك ))
ما أحسن عبد مسلم أو كافر إلا وقع أجره على الله في الدنيا أو في الآخرة:
النبي سافر إلى أوربا ؟ سافر إلى بلاد بعيدة ؟ التقى بهم ؟.
﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ﴾
هذا الحديث في صحيح مسلم، من أعلى درجات الصحة يصف الروم:
(( تَقُومُ السَّاعَةُ والرُّومُ أكْثرُ النَّاسِ، فقال له عمرو بن العاص: أبْصِرْ ما تقول: قال: أقول ما سمعتُ من رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، قال: لئن قلتَ ذلك إنَّ فيهم لَخِصالا أربعا، إنَّهُم لأحْلَمُ النَّاسِ عِنْدَ فِتْنَة ))
يخططون، يملكون أعصابهم.
(( وأسْرَعُهُم إفَاقَة عند مُصِيبة، وأوْشَكُهُم كَرَّة بعد فَرَّة، وخَيْرُهُم لِمسْكِين ويَتيم وضَعيف، وخَامِسَة حسنة جَميلة: وأمْنَعُهُم منْ ظُلْمِ الْمُلُوك ))
منهج الإسلام منهج موضوعي، طبعاً الفكرة قد تبدو غريبة، أعداؤه غارقون في المعاصي والآثام، أعمالهم الطيبة محفوظة لهم، لأنه شكور.
ما أحسن عبد من مسلم أو كافر إلا وقع أجره على الله في الدنيا أو في الآخرة.
أعمال الإنسان الطيبة محفوظة له عند الله عز وجل :
أيها الأخوة، لي صديق من لبنان، أثناء أحداث لبنان سكن في دمشق، وضعه المادي جيد جداً، كنت إلى جانبه في مكتبه فسيارته ارتكبت حادثاً مع سيارة سورية، يعني صاحب المركبة يجب أن يغضب، وأن يثور، وإذا كانت تربيته متدنية، وأن يتكلم الكلام القاسي، وأن يشتم، ونظر إلى المركبة اللبنانية، وقال له: ما في مشكلة مسامح، هو يحتاج لعدة آلاف لإصلاح السيارة، شيء عجيب، بهذه البساطة ؟ لو أنه طالبه بالتعويض قال له: مسامح، هذا الأخ اللبناني انهمرت دمعة على خده، أنا ما فهمت تفسيرها، إنسان ميسور مالياً فرح أنه وفر خمسة آلاف ؟ مستحيل ! سألته لماذا تأثرت لهذا الموقف ؟ قال لي: أنا قبل سنتين في بيروت إنسان مركبته سورية، معه نساء محجبات، وضرب لي سيارتي، ما أردت أن أزعجه وهو في نزهة، قال له: مسامح، تذكر هذا الحادث.
والله أيها الأخ الكريم، لو وقفت لإنسان متقدم في السن في مركبة عامة وأجلسته مكانك.
(( ما أكرم شاب شيخاً لسنه، إلا قيض الله له من يكرمه عند سنه ))
الله شكور، ينتظر أن نقدم له عملاً يكافئنا عليه، ورد في بعض الآثار:
(( يا داود ! لو يعلم المعرضون انتظاري لهم، وشوقي إلى ترك معاصيهم لتقطعت أوصالهم من حبي، هذا انتظاري للمعرضين فكيف بالمقبلين ؟ ))
إنسان ناجى ربه، قال: يا رب إذا كانت رحمتك بمن قال: أنا ربكم الأعلى فرعون، فكيف بمن قال: سبحان ربي الأعلى ؟ وإذا كانت رحمتك بمن قال: ما علمت لكم من إله غيري، فكيف رحمتك بمن قال: لا إله إلا الله ؟.
ألم يقول الله عز وجل :
﴿ اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى ﴾
﴿ فَقُولَا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى ﴾
ما من عمل صالح تقدمه لمخلوق كائناً من كان إلا كافأك الله عليه:
أيها الأخوة، إذا أردنا السعادة فالسعادة بين أيدينا، أَسْعِد الآخرين تكون أسعدهم، إذا أردت أن تسعد فأسعد الآخرين، اخرج من ذاتك إلى خدمة الخلق، كل واحد منا يذوق لذة الأخذ، قد يغيب عنه أن لذة العطاء أضعاف مضاعفة، الأنبياء أعطوا ولم يأخذوا، الأقوياء أخذوا ولم يعطوا، الأنبياء ملكوا القلوب، الأقوياء ملكوا الرقاب، الأنبياء عاشوا للناس، الأقوياء عاش الناس لهم، الأنبياء يمدحون في غيبتهم، وبعد ألف وخمسمئة عام، الأقوياء يمدحون في حضرتهم، لا في غيبتهم.
أيها الأخوة، اسأل نفسك هل أنت من أهل الدنيا أم من أهل الآخرة ؟ ما السؤال ؟ ما الذي يفرحك أن تعطي أم أن تأخذ ؟ إذا كنت من أهل الآخرة يسعدك أن تعطي لا أن تأخذ، إذا كنت من أهل الآخرة يسعدك أن تكون في خدمة الآخرين لا أن تستهلك جهد الآخرين، إذا كنت من أهل الآخرة لا تبني مجدك على أنقاض الآخرين، ولا غناك على فقرهم، ولا أمنك على خوفهم، ولا عزك على ذلهم، ولا غناك على فقرهم.
أيها الأخوة، اسم "الشكور" يدور مع المؤمن في كل دقيقة، ما من عمل صالح تقدمه لمخلوق كائناً من كان وأنت في أي وضع، مستقيم، غير مستقيم، مؤمن، غير مؤمن، أنا بأي وضع إلا كافأك الله عليه، لأنه شكور، وكما قلت قبل قليل: يكافئ أعداءه، الذين لا يحبهم على أعمالهم الطيبة.