- أسماء الله الحسنى
- /
- ٠2أسماء الله الحسنى 2008م
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
من أسماء الله الحسنى: ( القهار):
أيها الأخوة الكرام، مع اسم جديد من أسماء الله الحسنى، والاسم اليوم "القهار".
ورود اسم القهار في القرآن الكريم و السنة الشريفة:
سمى الله جلّ جلاله ذاته العلية بهذا الاسم في كثير من نصوص القرآن، كما في قوله تعالى:
﴿ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ﴾
إرادته هي النافذة.
﴿ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾
(( ما شاءَ اللهُ كانَ، وما لم يشأْ لم يكن ))
أما ورود هذا الاسم في السنة المطهرة، ففي حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت: قلت: يا رسول الله:
(( يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ والسماوات وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ، قالت: فقلت أين الناس يومئذ يا رسول الله ؟ قال: على الصراط ))
وورد أيضاً هذا الاسم في صحيح الجامع الصغير أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا تضور (أي تقلب في الليل)، تقول تضور من الجوع (تلوى من الجوع)، تضور من الليل (تقلب على فراشه)، أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا تضور في الليل قال:
(( لا إله إلا الله الواحد القهار رب السماوات والأرض وما بينهما العزيز الغفار ))
معاني اسم القهار:
أيها الأخوة، "القهار" كما ألفنا على وزن فعال، وهي من صيغ المبالغة، مبالغة اسم الفاعل، قهر، يقهر، قاهر، اسم فاعل، قهار صيغة مبالغة، وصيغ المبالغة دائماً تعني مبالغة الكم، يقهر ملايين الطغاة، أو يقهر أكبر طاغية، إما كماً أو نوعاً.
"القهار" صيغة مبالغة من اسم الفاعل القاهر، أما الفرق بين القاهر و "القهار" القاهر هو الذي له علو القهر، بأي مكان، بأي مؤسسة، بأي دائرة في رجل قوي، أمره نافذ، قد يكون هو المدير العام، وقد يكون إنساناً آخر، لكن هناك شخص أمره نافذ، لا أحد يستطيع أن يعارضه، هذا الرجل القوي بالمصطلح الحديث بمعنى "القهار"، أي إرادته نافذة.
فالله قاهر لأن له علو القهر الكلي المطلق على جميع المخلوقات، وعلى اختلاف تنوعهم، فهو القاهر فوق عباده، البطولة أن تكون مع القوي، إذا كنت مع القوي فأنت القوي، إذا أردت أن تكون أقوى الناس فتوكل على الله، لكن التوكل على الله لا يكون إلا بأن تكون مستقيماً على أمره، إذا أردت أن تكون أقوى الناس قاطبة فتوكل على الله، إذا أردت أن تكون أغنى الناس فكن بما في يدي الله أوثق منك بما في يديك، إذا أردت أن تكون أكرم الناس فاتقِ الله.
﴿ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ﴾
الاستقامة على أمر الله عزّ وجل سبب سعادة الإنسان في الدنيا و الآخرة:
الحقيقة هناك أسرار الإنسان قد يصل إلى سعادة الدارين باستقامته على أمر الله وكان عليه الصلاة والسلام يدعو ويقول: اللهم ألهمنا سبيل الاستقامة لا نحيد عنها أبداً .
ذكرت كثيراً: أن الاستقامة يبنى عليها كل شيء، ومن دون استقامة لا يبنى شيء، كأن الدين كله مضغوط بكلمة استقامة.
﴿ فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ ﴾
(( وإنَّ الله أمرَ المؤمنين بما أمر به المرسلين ))
وإذا ألغيت الاستقامة من الدين كأنك ألغيت المحرك من السيارة، لم تعد سيارة أصبحت وقافة، إذا ألغيت المحرك، الاستقامة عين الكرامة، لا يوجد إنسان يخطب ودّ الله عز وجل بالاستقامة على أمره إلا والله جل جلاله يرفع ذكره، ألم يقل الله عز وجل:
﴿ أَلَم نَشْرَح لَكَ صَدْرَك وَوَضَعْنَا عَنْك وِزْرَكَ الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ ﴾
أية آية موجهة إلى رسول الله لكل مؤمن منها نصيب بقدر إيمانه واستقامته:
أيها الأخوة، من باب البشارة أية آية موجهة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لكل مؤمن منها نصيب، بقدر إيمانه، واستقامته، وإخلاصه، فإذا قال الله عز وجل
﴿ وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ ﴾
أي مؤمن سلك طريق الحق، واستقام على أمر الله، وأقبل عليه يرفع الله له ذكره، ويعلي قدره، إذا قال الله عز وجل يخاطب النبي الكريم:
﴿ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا ﴾
أي بحفظنا، ورعايتنا، وتوفيقنا، وتأييدنا، ونصرنا، وأنت أيها المؤمن بقدر استقامتك، وإخلاصك فأنت في عين الله، وفي حفظ الله، وفي تأييد الله، وفي توفيق الله وفي نصر الله.
الله عز وجل قاهر و علو القهر مقترن بعلو الشأن والفوقية:
معنى القاهر ؛ أي قاهر قهراً مطلقاً فوق عباده، علو القهر مقترناً بعلو الشأن، الإنسان أحياناً قد يكون قوياً لكن لا أحد يحبه، أما أن يكون قوياً، وأمره هو النافذ، وكماله كمالاً مطلقاً، ذكرت هذا كثيراً: أنت لا تعجب بإنسان قوي، لكن ليس أخلاقياً، كما أنك لا تعجب بإنسان أخلاقي لكنه ضعيف، أما الذي يلفت نظرك، ويجعلك تتأمل إنسان بقدر ما تخافه، بقدر ما تحبه، وهذا درس للآباء والأمهات، ودرس للمعلمين وللقادة، ولأي إنسان مكنه الله في الأرض، بسلطته يعد قوياً، لكن البطولة أن تكون قوياً محبوباً، أن تكون قوياً كاملاً.
قلت مرة: يوجد بالأرض أقوياء، ويوجد أنبياء، الأنبياء ملكوا القلوب، والأقوياء ملكوا الرقاب، والأنبياء أعطوا ولم يأخذوا، والأقوياء أخذوا ولم يعطوا، والأنبياء عاشوا للناس، والأقوياء عاش الناس لهم، الفراعنة سخروا الشعوب لبناء الأهرامات، بالقهر والتعذيب، الأنبياء يمدحون في غيبتهم، اذهب إلى المدينة المنورة بعد ألف و أربعمئة، وانظر إلى الملايين وهي تبكي أمام قبر النبي الكريم، ولم يلتقوا به، ولم يأخذوا منه شيئاً، الأنبياء قمم البشر، قمم البشر بالكمال، بالرحمة.
﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ﴾
القلب القاسي ينعكس معاملة قاسية:
النبي الكريم أوتي القرآن الكريم، وأوتي المعجزات، والفصاحة والبيان، وجمال الصورة، والحلم، والرحمة، أوتي كل شيء، ومع ذلك يقول الله له: أنت أنت يا محمد على كل هذه الخصائص، وعلى كل هذه الكمالات
﴿ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ﴾
﴿ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ﴾
إذا الإنسان ما كان معه وحي، ولا معه معجزات، وليس نبياً، ولا رسولاً، ولا أوتي الفصاحة، ولا البيان، ولا جمال الصورة، ولا الحكمة، وكان فظاً في حياته، غليظاً في معاملته، نقول له لِمَ الغلظة يا أخي؟.
شخص دخل على ملك، وقال له: سأنصحك وسأغلظ عليك، قال له: ولِمَ الغلظة يا أخي ؟ لقد أرسل الله من هو خير منك إلى من هو شر مني، أرسل موسى إلى فرعون، وقال له:
﴿ فَقُولَا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً ﴾
لذلك من أمر بمعروف فليكن أمره بمعروف، ومن نهى عن منكر فليكن نهيه في غير منكر.
﴿ وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ ﴾
له علو القهر مقترن بعلو الشأن والفوقية.
(( أنا مالك الملوك وملك الملوك، قلوب الملوك بيدي، وإن العباد إذا أطاعوني حولت قلوب ملوكهم عليهم بالرأفة والرحمة وإن العباد إذا عصوني حولت قلوبهم عليهم بالسخط والنقمة ))
العاقل من هيأ جواباً لله الواحد القهار عن كل عمل يقوم به قبل أن يلقاه:
الله عز وجل يقول:
﴿ قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ ﴾
بالأرض ملوك، وأحياناً إنسان يغضب ملك عليه في مملكته، فيفر إلى مملكة أخرى فينجو من سلطانه، الملك الآخر ند للأول، يعطيه حق اللجوء السياسي، فلا يستطيع الأول أن يصل إليه، هذا بين الملوك، بين ملوك الأرض، ولكن هذا لا ينطبق على ملك الملوك.
قال له: ماذا أفعل ؟ جاءه توجيه من يزيد والي البصرة، إن نفذه أغضب الله وإن لم ينفذه أغضب الخليفة وعزله، عنده الحسن البصري، قال له: ماذا أفعل ؟ والله لا أرتوي من ترداد هذا الجواب، قال له: إن الله يمنعك من يزيد، ولكن يزيد لا يمنعك من الله.
مرة قلت لشخص، عمله حساس جداً، بإمكانه أن يوقع الأذى بالناس ولا أحد يسائله، قلت له: الله عز وجل يحب كل عباده، الله في عنده خثرة بالدماغ، شلل، عنده تشمع كبد، عنده فشل كلوي، عنده ورم خبيث، ذكرت له أمراضاً تهز الجبال، وكل هؤلاء العباد عباده، فبطولتك أن تهيئ لربك جواباً، لا لمن هو فوقك، بطولتك أن تهيئ لمن هو فوقك وهو الواحد "القهار" جواباً، لا للذي تعمل تحت إمرته.
الله عز وجل قادر على أن يقهر كل الطغاة من دون استثناء :
أيها الأخوة، عند الإمام البخاري من حديث البراء بن عازب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(( اللَّهمَّ أسْلَمْتُ نَفْسي إليك، ووجَّهْتُ وجهي إليك، وفوَّضْتُ أمْري إليك وألجَأْتُ ظَهْري إليك، رَغْبة ورَهْبة إليك، لا مَلْجأ، ولا مَنْجَا منك إلا إليك ))
الإله وحده لا ملجأ، ولا منجا منه إلا إليه، أما غير الإله تلجأ إلى غيره منه، تفر من مملكته إلى مملكة أخرى، أما الله عز وجل جميع الخلق في قبضته، فلا ملجأ ولا منجا منه إلا إليه.
يعني بالضبط تماماً: لو أن ابناً عقّ أمه، فطردته من البيت لا يوجد عنده إلا حل واحد أن يعود إليها تائباً، برحمتها تقبله، أما أي إنسان آخر غير الأم ترفضه، لأنها أم ولأنها تحب أن ترحمه، فإذا لجأ إليها خوفاً من عقابها قبلته.
(( لا مَلْجأ، ولا مَنْجَا منك إلا إليك ))
إذاً هو القاهر الذي له علو القهر الكلي.
من بنى مجده على أنقاض الآخرين محقه الله عز وجل :
أما "القهار" صيغة المبالغة فهو الذي له علو القهر باعتبار الكثرة، يعني يقهر كل الطغاة من دون استثناء، ويقهر أقوى الطغاة.
يعني عاد، ما أهلك الله قوماً إلا ذكرهم أنه أهلك من هو أشد منها قوة، إلا عاداً حينما أهلكها قال:
﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً ﴾
وقتها كما يبدو ما كان فوق عاد إلا الله، وأنا أطمئن، الله عز وجل يقول:
﴿ وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ ﴾
لا يوجد أمة تخطط لبناء مجدها على أنقاض الآخرين إلى ما شاء الله، لا
﴿ وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ ﴾
في أجل ينتهي، الله مكنها في الأرض وامتحنها، وظهرت متوحشة وينتهي أجلها، ولا تقنطوا من روح الله.
الله عز وجل أهلك قوم نوح وقهرهم، أهلك قوم هود وثمود وقهرهم، أهلك فرعون وقهره، أهلك هامان، والنمرود وقهرهم، قال تعالى:
﴿ وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَاداً الْأُولَى وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكَ تَتَمَارَى ﴾
وهذا الذي هدّم سبعين ألف بيت كان يتفنن في قتل الفلسطينيين، مضى عليه سنوات ثلاث ولم يمت بعد، وأمد الله في عمره.
الله "القهار" بطولتك أن تخاف من "القهار"، ألا تتطاول على مخلوق، وليس له ناصر إلا الله، الله عز وجل قد يجعل هذا الظالم عبرة لمن يعتبر.
الله عز وجل بالمرصاد لكل متكبر جبار:
أيها الأخوة، الله سبحانه وتعالى، جبار، قهار، واحد، لا مثيل له، ولا شريك له، وهو بالمرصاد لكل متكبر جبار، قال تعالى:
﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ أرم ذَاتِ الْعِمَادِ الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ ﴾
تفوقت في شتى الميادين، تفوقت عمرانياً.
﴿ أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ ﴾
تفوقت صناعياً مجازاً:
﴿ وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ ﴾
تفوقت عسكرياً:
﴿وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ ﴾
تفوقت علمياً:
﴿ وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ ﴾
لكن الله سبحانه وتعالى لهم بالمرصاد.
المؤمن ينبغي أن يتلقى إخبار الله وكأنه يراه لأنه أصدق القائلين:
﴿ أَلَمْ تَرَ ﴾
أما أن يقول أحدهم: والله أنا ما رأيت، نقول له: الملمح الدقيق في هذه الآية أنك كمؤمن ينبغي أن تتلقى إخبار الله وكأنك تراه، لأنه أصدق القائلين
﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ أرم ذَاتِ الْعِمَادِ الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ ﴾
﴿ وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَاد وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَاد ﴾
ما قال طغوا في بلدهم
﴿ طَغَوْا فِي الْبِلَاد ﴾
﴿ فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ ﴾
سبحان الله الطغاة يعنيهم الفساد، لأنهم بإفساد الناس يضعفونهم، فكل الطغاة يعنيهم التفلت، والإباحية، وخروج المرأة متبذلة، يعنيهم الزنا، لا يعنيهم الزواج
﴿ طَغَوْا فِي الْبِلَاد فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ ﴾
ليستطيعوا أن يتمكنوا من السيطرة عليهم، لأن المؤمن رقم صعب.
أنا أقول لكم: أي إنسان إذا كان يغير قناعته، يغير موقفه، بمبلغ من المال سقط عند الله، قد يكون مبلغاً بسيطاً، قد يكون ملايين مملينة، مادام هناك رقم يغير قناعته فثمنه هذا الرقم، أما المؤمن رقم صعب.
(( والله يا عم لو وضعوا الشمس في يميني، والقمر في شمالي، على أن أترك هذا الأمر ما تركته، هذا يظهره الله أو أهلك دونه ))
الله تعالى قهره عظيم أليم يقصم ظهر الجبابرة من أعدائه:
لذلك قالوا: "القهار" هو كثير القهر للظالمين، وقهره عظيم أليم، يقصم ظهر الجبابرة من أعدائه.
الله عز وجل بزلزال تسونامي هذا الزلزال قوته مليون قنبلة ذرية، والبلاد التي دمرها أجمل بلاد في العالم، ولاسيما في فصل الشتاء، نصف الكرة الشمالي برد لا يحتمل وثلوج، نصف الكرة الجنوبي سواحل الهند، وشرق آسيا سواحل دافئة، نباتات عملاقة جو لطيف، دفء رائع، وهناك منتجعات، إن أردنا أن نصنفها من فئة العشر نجوم، لنخبة أغنياء العالم، وقد رأى هؤلاء الأغنياء الكبار النجوم ظهراً بهذا الزلزال.
فالله عز وجل قوي قد يستدرج بعض الناس، وقد يموت أناس مؤمنون لهم حكم آخر، طائرة وقعت (طائرة متجهة إلى شرق آسيا)، هناك ركاب عندهم محلات تجارية ذهبوا للتسوق، وعمل مشروع، يموتون على نيتهم، و ركاب يذهبون إلى هناك للزنا يموتون على نيتهم، إذا وقعت طائرة فكل راكب يموت على نيته، فإذا كان الشخص مؤمناً يموت شهيداً، أما إذا غير مؤمن اتجاه إلى جهنم، الآن هناك مصطلح جديد اسمه السياحة الجنسية، يذهب ليزني، يموت على نيته.
الله تعالى يتحدث عن ذاته بضمير المفرد و عن أسمائه بضمير الجمع:
أيها الأخوة، الله عز وجل يقول أحياناً:
﴿ إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي ﴾
﴿ إِنَّنِي أَنَا ﴾
بالمفرد، وأحياناً يقول:
﴿ إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ ﴾
﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلاً ﴾
العلماء قالوا: إذا ذكر الله ذاته العلية بضمير المفرد فالحديث عن ذاته، أما إذا ذكر ذاته العلية بضمير الجمع
﴿ إِنَّا ﴾
فالحديث عن أسمائه.
﴿ إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى ﴾
كل أسماء الله داخلة في أفعاله، الله فعل فعله، في رحمة، في حكمة، في عدل، في لطف، إذا قال:
﴿ إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ ﴾
أي أن أسماءه الحسنى كلها داخلة في هذا الفعل، تصور فعل فيه رحمة، فيه عدل، فيه لطف، فيه حكمة، والله شيء جميل ! هكذا ينبغي أن نؤمن، أما إذا قال الله:
﴿ إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي ﴾
الحديث عن ذاته العلية، الحديث عن ذاته بضمير المفرد، والحديث عن أفعاله بضمير الجمع.
أحياناً يجمع الله في بعض أسمائه معظم أسمائه، مثلاً:
﴿ تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ﴾
الجلال جمعت أسماء القوة، والقهر، والجبروت، كل أسماء القوة مجتمعة بالجلال، وكل أسماء الرحمة، والعطاء، والإحسان مجتمعة بالكمال، باسم الجلال والكمال
﴿ تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ﴾
جمعت أسماؤه على زمرتين، أسماء جلال، و أسماء كمال.
من أدرك أن علم الله يطوله و قدرته تطوله فلن يعصيه أبداً:
أيها الأخوة:
﴿ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ ﴾
الآن الله عز وجل سيذكر اسمين فقط، اختار من أسمائه كلها اسمين:
﴿ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً ﴾
أنت متى تستقيم على أمره ؟ بل متى تستقيم على أمر وزير الداخلية ؟ الذي أصدر قانون السير، بحالتين: حينما توقن أن علمه يطولك من خلال هذا الشرطي، أو شرطي على دراجة نارية، أو ضابط في قسم السير في سيارته، هناك شرطي واقف معه دفتر ضبط، و سائق دراجة نارية قد يتبعك، و ضابط يضمن عدم التواطؤ مثلاً، فأنت متى تستقيم على أمر وزير الداخلية الذي أصدر قانون السير ؟ حينما يكون علمه يطولك، وحينما تكون قدرتك تطولك، أني يسحب منك الإجازة، و يحجز المركبة.
سؤال ثانٍ: متى لا تستقيم على أمره ؟ في حالتين، حينما لا يطولك علمه الساعة الثالثة بالليل، لا يوجد شرطي، أما الآن هناك كاميرات في بعض الدول، تضبط المخالفة حتى الفجر، أو إن كنت أقوى منه فقدرته لا تطولك، أما حينما توقن أن علمه يطولك وأن قدرته تطولك، لا يمكن أن تعصيه، الآية:
﴿ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ ﴾