- أسماء الله الحسنى
- /
- ٠2أسماء الله الحسنى 2008م
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
من أسماء الله الحسنى: (العلي):
أيها الأخوة الكرام، مع اسم جديد من أسماء الله الحسنى، والاسم اليوم "العلي".
ورود اسم العلي في:
1 ـ القرآن الكريم:
هذا الاسم أيها الأخوة، ورد مقروناً باسم العظيم، في موضعين في القرآن الكريم، الآية الأولى:
﴿ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ﴾
والآية الثانية:
﴿ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ﴾
واقترن هذا الاسم باسم الكبير، في أربعة مواضع في القرآن الكريم منها قوله تعالى:
﴿ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ ﴾
2 ـ السنة الشريفة:
هذا في القرآن الكريم، فماذا في السنة المطهرة ؟ لقد ورد عن أبي داود، وابن ماجة من حديث عبادة رضي الله عنه أنه من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم في قيام الليل:
(( لا إِلهَ إِلا اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ، ولَهُ الحَمدُ، وهو على كلِّ شيءٍ قَدِيرٌ، سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أَكبر، ولا حَولَ ولا قُوة إلا باللهِ العلي العظيم ))
من دعا بهذا الدعاء كما قال عليه الصلاة والسلام: غفر له.
وفي السنة أيضاً، من حديث عبد الله بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول عند الكرب، والمسلمون اليوم في كرب، بل من أشد أنواع الكرب، بل إن حرباً عالمية ثالثة معلنة جهاراً نهاراً على المسلمين في كل بقاع الأرض، بل إن التهجم على المسلمين كان في الماضي لفاً ودوراناً، ولكن التهجم الآن هجوماً واضحاً صريحاً على أكبر رموز الدين، على سيد المرسلين، وعلى كتابه الكريم.
أيها الأخوة، كان يقول عند الكرب:
(( لا إِلَهَ إِلا اللهُ العليُّ العظيمُ، لا إِلهَ إِلا اللهُ الحليمُ الكريمُ، لا إِلهَ إِلا اللهُ ربُّ العرشِ العظيم، لا إله إلا الله رب السماوات السبع ورب العرش العظيم ))
على كل إنسان أن يصطلح مع الله عز وجل قبل أن يلوذ به:
كان عليه الصلاة والسلام إذا حزبه أمر بادر إلى الصلاة، لأنك بالدعاء أنت أقوى إنسان، الدعاء سلاح المؤمن، سيدنا يونس وهو في بطن الحوت، بالمعايير الأرضية أمل النجاة صفر، إنسان وزنه سبعين كيلو، في فم حوت، وجبته المعتدلة أربعة طن، يعني لقمة واحدة، في ظلمة الليل، وفي ظلمة البحر، وفي ظلمة بطن الحوت.
﴿ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ﴾
الشيء الرائع، أن الله قلب القصة إلى قانون، قال:
﴿ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ﴾
في أي عصر، بالقرن الواحد والعشرين، في ظل معركة مصيرية، بين الحق والباطل في ظل حرب عالمية ثالثة معلنة على المسلمين
﴿ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ﴾
أرادنا الله سبحانه وتعالى أن نثق به، أن نلجأ إليه، أن نحتمي بحماه، أن نلوذ به، ولكن لابدّ أن نصطلح معه قبل كل ذلك، لابدّ من أن نطيعه.
من لم يكن إيمانه حاملاً له على أن يطيع الله فلا قيمة لهذا الإيمان:
أيها الأخوة، اسم الله "العلي" قبل أن نخوض في التفاصيل من أسماء التنزيه، أما أن يؤمن الإنسان أن الله سبحانه وتعالى خلق السماوات والأرض هذا شيء بديهي، بل إن كل أهل الأرض إلا قلة قليلة منهم لا يؤبه لها تقر بوجود الله، كُتب على الدولار ثقتنا بالله، ماذا يفعل أصحاب هذه العملة في العالم ؟ ثقتنا بالله، فأن تقر أن لهذا الكون إلهاً قضية سهلة، بل إن إبليس اللعين أقر بذلك، قال ربي:
﴿ فَبِعِزَّتِكَ ﴾
﴿خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ ﴾
﴿ قَالَ أَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾
ما هو الشيء الحاسم في الموضوع ؟ الشيء الحاسم أن تؤمن بالله "العلي" العظيم ، أن تؤمن بالله "العلي" الكبير، بالضبط كما لو أن الله أمرنا.
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً ﴾
أين تضع الخط الأحمر ؟ تحت أي كلمة ؟ تحت كلمة كثير، لأن المنافق يذكر الله، بدليل الآية الكريمة:
﴿ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلاً ﴾
إذاً الأمر هنا لا ينصب على الذكر إطلاقاً، ولكن ينصب على الذكر الكثير، و الآن:
﴿ إِنّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ ﴾
آمن بالله، لكن ما آمن بالله العظيم، آمن بالله إلا أنه لم يؤمن بالله العظيم، فهذا الاسم من أسماء التنزيه، ما لم يكن إيمانك بالله حاملاً لك على أن تطيعه فلا قيمة لهذا الإيمان.
كل مخلوق يموت ولا يبقى إلا ذو العزة والجبروت:
أيها الأخوة، العلو في اللغة له معانٍ كثيرة، إلا أن "العلي" على وزن فعيل وهو من الصفات المشبهة باسم الفاعل، فعله على يعلو علواً، المعنى المادي المتبادر العلو ارتفاع المكان، أو ارتفاع المكانة، أي إذا دائرة فيها عشرة طوابق، المدير العام بالطابق الأرضي، لكن مكانته في أعلى مكان، مع أنه في الطابق الأرضي لكن مكانته في الطابق العاشر، فوق الجميع هو، فوق الجميع مكانة، أما هو مقره في الطابق الأرضي، لكن مكانته فوق كل هؤلاء الموظفين، فإما ارتفاع المكان، أو ارتفاع المكانة، والآية الدقيقة:
﴿ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعاً ﴾
في أي مكان كنتم، بل في أية مكانة كنتم.
لا تأمن المـوت في طرف ولا نفس وإن تمنعت بالــحجاب والحرس
فما تزال سهام الــــموت نافذة فـــي جنب مدرع منها ومترس
أراك لـــــست بوقاف ولا حذر كالحاطب الخابط الأعواد في الغلس
ترجو النجاة ولــم تسلك مسالكها إن الـسفينة لا تجري على اليبس
* * *
إذاً
﴿ أَيْنَ مَا تَكُونُوا ﴾
في أي مكان كنتم، بل في آية مكانة كنتم، كل مخلـــوق يموت ولا يبقى إلا ذو العزة والـــــجبروت:
والليل مهمـــــــا طال فلا بد من طلوع الـفجر
والعمر مهما طـــــــال لا بد من نزول الــقبر
* * *
وكل ابن أنثى وإن طالت سلامته يوماً على آلة حدباء محمول
فإذا حملــت إلى القبور جنازة فـاعلم أنك بعدهـا محمول
* * *
من كان مع الله كان الله معه:
إذاً العلم ارتفاع المكان، أو ارتفاع المكانة، أي ارتفاع المجد، والشرف، قال تعالى:
﴿ وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾
الطرف الآخر بيده أموال لا تأكلها النيران، بيده الإعلام، بيده التحالفات، العالم كله مع الطرف الآخر، ومع كل ذلك إذا كنت مع الله فأنت الأعلى،
﴿ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾
(( إنه لا يذل من واليت ولا يعز من عاديت ))
معان اسم العلي:
1 ـ من علا بذاته فوق جميع خلقه:
"العلي" في أسماء الله هو الذي علا بذاته، فوق جميع خلقه، فاسم "العلي" دلّ على علو الذات والفوقية.
2 ـ الله عز وجل تعالى على أن يشبه خلقه:
"العلي" أيضاً كما قلت قبل قليل من أسماء التنزيه، يعني الله جلّ جلاله تعالى عن كل صفة لا تليق به، هل يليق به أن يظلم ؟ مستحيل.
﴿ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ ﴾
﴿ وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلاً ﴾
خيط بين فلقتي نواة التمر.
﴿ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيراً ﴾
نواة التمر أحد رأسيها مؤنف، كالإبرة، ولا تظلمون بمقدار قطمير، غشاء رقيق يغلف غشاء يغلق نواة التمر،
﴿ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ ﴾
﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ ﴾
﴿ وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ ﴾
والله عز وجل تعالى على أن يشبه خلقه، تعالى عن كل ما خطر ببالك، فكل ما خطر ببالك فالله بخلاف ذلك.
3 ـ عدم معرفة الله إلا الله:
و "العلي" هو الذي علا فلا تدرك ذاته، ولا تتصور صفته، يعني لا يعرف الله إلا الله.
4 ـ تاهت الألباب في جاهه:
"العلي" هو الذي تاهت الألباب في جاهه.
5 ـ عجزت العقول عن أن تدرك كماله:
"العلي" هو الذي عجزت العقول عن أن تدرك كماله، كل هذه المعاني أيها الأخوة يمكن أن ترد حينما تقول: الله هو "العلي"، عليّ مكانة، عليّ تنزيهاً، عليّ عزة، عليّ أن أحداً لن يحيط به، ولن يدرك ذاته، عليّ بمعنى رفيع القدر، الله سبحانه وتعالى قال عن ذاته العلية:
﴿ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ ﴾
ما لم تعظم الله جلّ جلاله لن تعظم أمره، إذا عرفت الآمر، ثم عرفت الأمر تفانيت في طاعة الآمر، أما إذا عرفت الأمر ولم تعرف الآمر تفننت في التفلت من الأمر.
الآيات التي تتحدث عن ذات الله تعالى على الإنسان أن يترك معناها لله:
أيها الأخوة، الذي وعيه السلف الصالح من الصحابة، والتابعين، والأئمة الأجلاء المتبعين، أن الله سبحانه وتعالى عالٍ على عرشه بذاته، وبكيفية حقيقية معلومة لله، مجهولة لنا، فهناك بالقرآن بضعة آيات تتحدث عن ذات الله، أكمل موقف للإنسان الموحد الورع أن يوكل معناها إلى الله، لأنه كما قال عليه الصلاة والسلام:
(( تفكروا في مخلوقات الله ولا تفكروا في ذاته فتهلكوا ))
يجب أن تعتقد أن عقلك ليس قوة مطلقة في المعرفة، يعني أنت تماماً كميزان في بقالية، غالٍ جداً، دقيق جداً، حساس جداً، معه ذواكر، ولكن مصمم لوزن ما بين خمس غرامات إلى خمسة كيلو، ما لم تؤمن أن هذا الميزان مهمته محدودة، فإذا أردت أن تزين به سيارتك، وضعته على الأرض وسرت فوقه، تكون قد حطمته، هل يعد هذا علة في الصنعة ؟ لا، علة في المستخدم.
(( تفكروا في مخلوقات الله ولا تفكروا في ذاته فتهلكوا ))
لذلك قالوا: عين العلم به عين الجهل به، وعين الجهل به عين العلم به.
لذلك قالوا: العجز عن إدراك الإدراك إدراك.
مثل بسيط: شخص سألك المحيط الهادي كم لتر ؟ لمجرد أن تدلي برقم فأنت جاهل ولمجرد أن تقول لا أعلم فأنت عالم.
لذلك قالوا: عين العلم به عين الجهل به، وعين الجهل به عين العلم به.
وتكون في أعلى درجات العلم إذا قلت لا أعلم، أنا أقول لكم هذه الكلمة: تقييم الأشخاص من شأن الله وحده.
تقييم الأشخاص من شأن الله وحده:
النبي عليه الصلاة والسلام توفي أحد أصحابه، من عادته أن يذهب إلى بيت المتوفى قبل التشييع، فلما ذهب إلى البيت سمع امرأة تقول (اسم المتوفى أبو السائب)، سمع امرأة تقول: هنيئاً لك أبا السائب لقد أكرمك الله، النبي وحده لو سكت لكان كلامها صحيحاً لأن سنته تعني أقواله، وأفعاله، وإقراره، لو سكت لكان كلامها صحيحاً، فقال عليه الصلاة والسلام: من أدراكِ أن الله أكرمه ؟ هذا اسمه عند علماء العقيدة تأل على الله، تطاول، من أنت حتى تحكم على فلان أنه من أهل الجنة ؟ أو أنه من أهل النار، من أنت ؟ تقييم الأشخاص من شأن الله وحده، قال لها: من أدراكِ أن الله أكرمه ؟ قولي: أرجو الله أن يكرمه، تضيف كلمة أرجو، وأنا نبي مرسل لا أدري ما يفعل بي ولا بكم، على وجه القطع أما على وجه الرجاء كل مؤمن مستقيم على أمر الله يرجو الله أن يدخله الجنة.
لكن رجاء، رجاء في أدب، أما فلان من أهل الجنة ! طول بالك، ما في إلا عشرة الذين بشر بهم النبي، وأحد هؤلاء العشرة عملاق الإسلام سيدنا عمر ذهب إلى حذيفة بن اليمان قال له: يا حذيفة ! بربك اسمي مع المنافقين.
تجد شخصاً تارك العبادات، ماله حرام، علاقاته مشبوهة، يقول: أنا إيماني أقوى من إيمانك، شيء مضحك، سذاجة، غباء، حمق، إذا كان سيدنا عمر يقول لحذيفة: بربك اسمي مع المنافقين ؟.
لذلك أحد التابعين قال: التقيت بأربعين صحابياً، ما منهم واحد إلا وهو يظن نفسه منافقاً، من شدة الخوف من الله، من شدة الورع، من شدة القلق.
الآيات المتعلقة بذات الله لك أن تؤولها إلى حدٍّ مقبول أو تترك معناها إلى الله تعالى:
لذلك أيها الأخوة، لابدّ من أن تؤمن بالله العظيم، فهذه الآيات المتعلقة بذات الله أكمل موقف أن توكل معناها إلى الله، يعني ارتح وأرح الناس.
هناك من يؤول إلى حدٍّ ما مقبول، أنه:
﴿ وَجَاءَ رَبُّكَ ﴾
أي جاء أمره.
﴿ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ ﴾
أي قوته، يسمعك، أي يعلم ما تقول، هناك من فوض، هذا أرقى موقف هناك من أَوَّل، إلى هنا ينتهي الصح، أما إذا عطلت، أو جسدت وقعت في عقيدة زائغة.
إذاً الذي هم عليه السلف الصالح، من الصحابة، والتابعين، والأئمة الأجلاء المتبعين، أن الله عالٍ على عرشه بذاته، بكيفية حقيقية معلومة لله، مجهولة لنا.
معاني العلو عند السلف الصالح ثلاثة معانٍ: علو الذات وعلو الشأن وعلو القهر:
يقترن اسم الله "العلي" دائماً باسمه العظيم، ولا سيما حينما يُذكر العرش والكرسي، ففي آية الكرسي وهي كما تعلمون أعظم آية في كتاب الله:
﴿ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حفظيهما وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ﴾
هذه الآيات أيها الأخوة، واضحة في إثبات علو الذات، والفوقية، وغيرها كثير لكن بعض المفسرين باسم الله "العلي" جعلوه دالاً على معنيين فقط من معاني العلو، هما علو الشأن، وعلو القهر، واستبعدوا المعنى الثالث وهو علو الذات، والثابت الصحيح أن معاني العلو عند السلف الصالح ثلاثة معانٍ دلت عليها أسماء الله المشتقة من صفة العلو، فاسم الله "العلي" دلّ على علو الذات، واسم الله الأعلى دلّ على علو الشأن.
﴿ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ﴾
واسم الله المتعال دلّ على علو القهر، علو الذات، وعلو الشأن، وعلو القهر ، والنبي عليه الصلاة والسلام لما سأل الجارية: أين الله ؟ فأشارت إلى السماء، فأثبت لها الإيمان.
﴿ أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ ﴾
لأن السماء رمز العلو، شهد النبي الكريم لها بالإيمان، فلا إشكال عند الموحدين العقلاء في فهم حديث الجارية، وقولها إن الله في السماء والأمر واضح جلي، أي اعتراض على هذا، هو اعتراض على رسول الله، عدا إشارتها إلى السماء إيماناً، والدليل الآية الكريمة:
﴿ أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ ﴾
﴿ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ ﴾
صار علو الذات والفوقية، علو الشأن، علو القهر.
شرف العلم من شرف المعلوم:
أيها الأخوة الكرام، ما لم نؤمن بأن الله عليّ عظيم، وبأنه عليّ كبير، قد لا نطيعه، لأنه عظمة الأمر من عظمة الآمر، فكلما عظم الآمر عظم الأمر.
هناك مقولة دقيقة: فضل كلام الله على كلام خلقه، كفضل الله على خلقه، الآن لو شخص درس أي علم أرضي، وإنسان درس أسماء الله الحسنى، فضل علمه بأسماء الله الحسنى على فضل علمه بمخلوقاته كفضل الله على مخلوقاته، شرف العلم من شرف المعلوم، أي لا يوجد علم أشرف من أن تعرف الله، لا يوجد علم أشرف من أن تعرف أسماءه الحسنى وصفاته الفضلى، شرف العلم من شرف المعلوم، فضل كتاب الله على كلام خلقه كفضل الله على خلقه، وفضل معرفة الله على معرفة خلقه كفضل الله على خلقه.
فضل معرفة الله على معرفة خلقه كفضل الله على خلقه:
لذلك الإنسان حينما يغفل عن الله، ويتقن شيئاً في الدنيا، يأتي يوم القيامة وقد تقطع قلبه أسفاً.
﴿ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي ﴾
﴿ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً ﴾
يجب أن نعرف الله، لذلك قال تعالى:
﴿ الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ ﴾
قال بعض العلماء: أن تقول سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، أي أن تسبحه، وأن تحمده، وأن توحده، وأن تكبره، إن سبحته، ووحدته، وحمدته وكبرته فقد عرفته.
(( ابن آدم اطلبني تجدني فإذا وجدتني وجدت كل شيء، وإن فتك فاتك كل شيء، وأنا أحب إليك من كل شيء إليك ))