- أسماء الله الحسنى
- /
- ٠2أسماء الله الحسنى 2008م
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم، إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
من أسماء الله الحسنى: ( الكبير ):
أيها الأخوة الكرام، مع اسم جديد من أسماء الله الحسنى والاسم اليوم الكبير.
اسم الله الكبير ورد مقترناً بعدة أسماء منها:
أيها الأخوة، ورد هذا الاسم العظيم مقترناً باسمه المتعالي في قوله تعالى:
﴿ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِي(9) ﴾
وقد ورد أيضاً مقترناً باسم العلي في عدة مواضع منها قوله تعالى:
﴿ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ(62) ﴾
وقد ورد أيضاً في السنة الصحيحة في صحيح البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(( إذا قضى اللّهُ الأمرَ في السماءِ ضرَبت الملائكةُ بأجنحتها خُضْعانا لقوله، كأنه سِلْسِلةٌ على صفوان...))
صفوان الحجر أي كصوت السلسلة على الحجر:
((..فإذا فُزِّعَ عن قلوبِهمْ قالوا: ماذا قال ربُّكُمْ ؟ قالوا للذي قال: الحقَّ، وهو العليُّ الكبيرُ، فَيَسمعُها ))
المعاني اللغوية لاسم الكبير:
أيها الأخوة، كما هي العادة نبدأ بالمعاني اللغوية، الكبير من صيغ المبالغة على وزن فعيل، والمبالغة كما تعلمون مبالغة كم ومبالغة نوع، هذا الفعل الذي منه الكبير كبر يكبر كبراً فهو كبير، والكبر نقيض الصغر، وكبر بالضم أي عظم، والكبير والصغير من الأسماء المتضايفة، قد تضيف اسماً إلى اسم أو اسماً إلى اسم، ما معنى هذا الكلام ؟ يعني إنسان أحياناً يكون كبيراً بالنسبة إلى إنسان ويكون صغيراً بالنسبة إلى إنسان آخر، المعلم في الصف يعني إنسان يحمل شهادة جامعية، عمره ثلاثون سنة أمام طلاب صغار هو كبير بالنسبة إليهم لكن أمام عَلم من أعلام الأمة في اختصاصه هو صغير أمامه، فالأسماء المتضايفة تكون تارةً كبيرة بالنسبة إلى شيء وتارة صغيرة بالنسبة إلى شيء آخر، من هذا الملمح أن الله عز وجل أحياناً يقول:
﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ ﴾
مواقع النجوم، بين الأرض وبين بعض النجوم أربعة وعشرين مليار سنة ضوئية يعني من أجل أن أقطع أربع سنوات ضوئية بمركبة أرضية أحتاج إلى خمسين مليون عام، الأربعة والعشرين مليار سنة ومع ذلك هذا القسم بالنسبة إلى الله لا شيء إذاً لا أقسم، أما بالنسبة إلينا شيء كبير.
﴿ وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا ﴾
فإذا أقسم الله في القرآن فبالنسبة إلينا وإذا لم يقسم فبالنسبة إلى ذاته العلية، هذا ملمح طبعاً.
من رحمة الله بنا أن كنا في هذا الزمان:
الآن على المستوى العملي لو جئت بلوحة ذات لون رمادي وضعت إطارها أسود اللون، تبدو أقرب إلى البياض منها إلى السواد اللوحة، اللوحة نفسها ضعها ضمن إطار أبيض اللون تبدو أقرب إلى السواد منها إلى البياض، هذه أسماء متضايفة، تطبيقاً لهذه الحقيقة، يعني الله عز وجل رحمنا رحمة كبيرة حين جاء بنا في آخر الزمان فبالنسبة لمن حولنا من العصاة نحن أولياء، أما إذا كنا مع أصحاب رسول الله فقد نبدو منافقين، لا أحد يقل لماذا لم أكن مع رسول الله ؟ يعني قصة وردت في السيرة أنه في غزوة مؤتة عيّن النبي صلى الله عليه وسلم قواداً ثلاثة سيدنا زيد أولاً فإذا قتل سيدنا جعفر فإذا قتل سيدنا عبد الله بن رواحة، القائد الأول أخذ الراية وحملها فقاتل بها حتى قتل، جاء القائد الثاني سيدنا جعفر، أخذ الراية بيمينه فقاتل بها فضربت يمينه (قطعت) فأمسكها بشماله فضربت شماله فأمسكها بعضديه ثم قتل، في بعض الروايات وعلى ذمة الروايات القائد الثالث عبد الله بن رواحة وكان شاعراً، يعني أول قائد مات لتوه والثاني مات الامتحان صعب فذكر بيتين من الشعر قال:
يا نفس إن لم تقتلي تموتي هذا حمام الموت قد صليت
إن تفعلي فعلهما رضيت و إن توليت فقد شقيــت
***
وأخذ الراية وقاتل بها حتى قتل، انتهى الأمر، النبي صلى الله عليه وسلم قال بين أصحابه أخذ الراية أخوكم زيد، فقاتل بها حتى قتل، وإن أرى مقامه في الجنة، ثم أخذها أخوكم جعفر، فقاتل بها حتى قتل، وإني أرى مقامه في الجنة، ثم سكت، لما سكت ثوان فقلق الصحابة على أخيهم عبد الله، قالوا: ما فعل عبد الله ؟ قال: ثم أخذها عبد الله، وقاتل بها حتى قتل، وإني لأرى في مقامه ازوراراً عن صاحبيه، نزل درجة لأنه تردَّد.
الحل الوحيد في معالجة ضعف الإيمان أن تحيط نفسك بأناس مؤمنين:
نقول لك تعال احضر درساً لا في قتل ولا.. احضر درساً فقط، نحن من رحمة الله بنا أن كنا في هذا الزمان أمام من حولنا من العصاة والفجار والمنحرفين نظهر أننا أولياء أما لو قسنا نفسنا مع الأبطال نحن بالامتحان بمادة اللغة العربية بموضوع التعبير تقييم العلامة تقييم ذوقي فلو طالب متفوق جداً كان بشعبة متفوقين له علامة، أما لو جاء طالب دون الوسط مع شعبة كسالى يأخذ خمس علامات دون أن نشعر زيادة بالقياس لمن حوله، الحل الوحيد من معالجة ضعف الإيمان أن تحيط نفسك بأناس مؤمنين كبار، أن تكون مع المؤمنين، من هنا قال الله عز وجل:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ (119) ﴾
الإنسان إذا كان مع الصادقين يشتهي الجنة، يشتهي العمل الصالح، يشتهي قيام الليل، يشتهي تلاوة القرآن، يشتهي الأعمال البطولية، أما إذا كان جالساً مع جهات منحرفة مهما قصّر يرى نفسه متفوقاً، من هنا جاء التوجيه الإلهي:
﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً (28) ﴾
من معاني كلمة كبير اتساع الذات وعظمة الصفات:
أيها الأخوة، أيضاً كلمة كبير تستخدم للأشياء المتصلة والأشياء المنفصلة، المتصلة كأن تقول هذا الحب حبّ كثير أو قليل يعني قمح، أما الأشياء التي تعد عدّاً تقول أعداد كثيرة أو كبيرة، أعداد صغيرة، ويكون الكبر دققوا في اتساع الذات وعظمة الصفات، يعني إنسان أحياناً صغير الجسم، ضئيل قصير القامة، ناتئ الوجنتين، غائر العينين، مائل الذقن، أحنف الرجل، ممكن وإنسان عظيم قد يكون، لكن إنسان عظيم الهيئة، طويل القامة، عريض المنكبين، وعالم كبير، كلمة كبير تعني اتساع الذات وعظمة الصفات:
﴿ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ (247) ﴾
الله عز وجل قال:
﴿ فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا إِلَّا كَبِيرًا لَهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ (58) ﴾
أنواع الجهاد:
1 – جهاد النفس والهوى و هو الجهاد الأساسي:
في قوله تعالى:
﴿ فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا (52) ﴾
سمى الله جهاد الدعوة إلى الله، جهاد تعليم القرآن، جهاد تبين السنة، جهاد تبين الأحكام الفقهية، وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَاداً كَبِيراً، نحن إذا ذكرنا كلمة جهاد لا يقفز إلى أذهاننا إلا الجهاد القتالي، مع أن هناك أربعة مستويات للجهاد قبل القتالي، أول جهاد، جهاد النفس والهوى، قال تعالى:
﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (69) ﴾
لذلك أثر عن بعض الصحابة أنه قال حينما عاد من غزوة قال: رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر جهاد النفس والهوى.
نحن عندنا بالتعليم تعليم الأساسي، يعني أول مرحلة أساسية في التعليم وأنا أرى أن جهاد النفس والهوى هو الجهاد الأساسي، فالمهزوم أمام نفسه لا يستطيع أن يواجه نملة:
﴿ وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا ﴾
2 ـ الجهاد الدعوي:
الجهاد الثاني الجهاد الدعوي، في دماء للشهداء وفي مداد للعلماء.
3 ـ الجهاد البنائي:
الجهاد الثالث الجهاد البنائي أن تسهم في بناء الأمة، أن تكون لك بصمة في الحياة فإن لم تكن لك هذه البصمة فأنت زائد على الحياة، يعني طبيب متفوق، مهندس متفوق، أستاذ جامعي متفوق، مؤلف متفوق، صناعي متفوق، نحن بحاجة إلى هؤلاء، إلى نخبة يسهمون في بناء الأمة.
4 ـ الجهاد القتالي:
دققوا الآن إذا نجحنا في الجهاد النفسي، والجهاد الدعوي، والجهاد البنائي، ينتظر أن ننجح في الجهاد القتالي.
من عظم الذنب عنده صغر عند الله:
أيها الأخوة الكرام، حتى أوضح قصة عبد الله بن رواحة في مثل، مرة إنسان ماشٍ في الطريق بعد صلاة الفجر مرّ إلى جانب حاوية قمامة فسمع صوتاً فيها فأطل عليها فإذا كيس أسود يتحرك، أمسك به فتحه فإذا طفل ولد لتوه، ابن زنا فأخذه، القصة واقعية، أول قسم منها واقعي والباقي متابعة، أخذه إلى المستشفى وضعه في الحاضنة اعتنى به إلى أن صحّ جسمه أخذه إلى البيت رباه كمتبنٍ واعتنى به كثيراً، أدخله التعليم الابتدائي والإعدادي والثانوي وهذا الشاب أصبح نبيهاً أدخله في الجامعة في كلية الطب وتابع دراسته أرسله إلى أمريكا وجاء بالبورد زوجه اشترى له عيادة جعله شيئاً مذكوراً، مرة هذا العم، هذا الذي رعى هذا الابن الذي كان في الحاوية رآه في مركبته قال له يا عم أوصلني إلى البيت الله يرضى عليك، فتردد خمس ثوان، ألا يعدّ هذا التردد بحق هذا الإنسان الذي أخذه من الحاوية وجعله طبيباً مشهوراً ألا يعد بحقِّ عمه مجرماً ؟
لا تنظر إلى صغر الذنب ولكن انظر على من اجترأت. لهذا قالوا ذنب المنافق كالذبابة بينما ذنب المؤمن كجبل جاثم على صدره، وكلما عظم الذنب عندك صغر عند الله، وكلما صغر عندك عظم عند الله، لذلك هناك مذنب وهناك من يضيف إلى ذنبه ذنباً آخر وهو عدم الاهتمام بهذا الذنب، يقول لك ماذا فعلنا ؟ يكون خالف المنهج، يكون تكلم كلمة لا يلقي بها بالاً يهوي بها في جهنم سبعين خريفاً، قذف محصنة يهدم عمل مئة سنة.
قال له ما قولك بفلانة ؟ ما حكى ولا كلمة قال الله أعلم ؟ طبعاً هذه الحركة بدرس صوتي لا تفهم، أما الدرس مصور تفهم، قذف محصنة يهدم عمل مئة سنة.
(( وإن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يلقي لها بالاً يهوي بها في جهنم سبعين خريفاً ))
عظمة الله عز وجل عظمة مطلقة:
أيها الأخوة الكرام، الله كبير، سبحانه وتعالى هو العظيم في كل شيء عظمته عظمة مطلقة هو الذي كبر وعلا في ذاته قال تعالى:
﴿ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ (255) ﴾
روي عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنه قال: ما السماوات السبع والأرضون السبع في يد الله إلا كخردلة في يد أحدكم.
﴿ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ ﴾
وهو الكبير في أوصافه، فلا سمي له ولا مثيل ولا شبيه له ولا نظير، قال تعالى:
﴿ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا(65) ﴾
يعني نظيراً ؟ السمي الذي اسمه كاسمك، هو الكبير في أفعاله فعظمة الخلق تشهد بكماله وجلاله قال تعالى:
﴿ لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ(57) ﴾
اتصاف الله عز وجل بالكبرياء ومن نازعه ذلك قصمه وعذبه:
وهو سبحانه وتعالى متصف بالكبرياء ومن نازعه ذلك قصمه وعذبه، أقول هذه الكلمة وقلتها في مناسبات عديدة، جهة قوية جداً جداً في الأرض أرادت أن تبني مجدها على أنقاض الشعوب، أن تبني عزها على إذلال الشعوب، أن تبني حريتها على التضييق على الشعوب، أن تبني غناها على إفقار الشعوب، أن تبني قوتها على إضعاف الشعوب، دققوا أن تنجح خطط هذه القوة الجبارة على المدى البعيد هذا يتناقض مع وجود الله لأن الله عز وجل يقول:
(( الْكِبْرِيَاءُ رِدَائِي، وَالْعَظَمَةُ إِزَارِي، فَمَنْ نَازَعَنِي وَاحِدًا مِنْهُمَا قَذَفْتُهُ فِي النَّارِ ))
﴿ وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ ﴾
بالتعبير الدارج كل أمة قوية لها عشرة أيام وإن شاء الله خلصوا.
حفظ الله عز وجل لدينه و هدايته لخلقه:
حقيقة ثانية لو اجتمعت قوى الأرض وتضافرت وتعاونت وتآمرت على أن تستطيع أن تفسد على الله هداية لخلقه لا تستطيع، لا تقلقوا على هذا الدين، لا تقلقوا عليه أبداً إنه دين الله بل ينبغي أن نقلق على أنفسنا ما إذا سمح الله لنا أو لم يسمح أن نكون جنوداً له ولا تضجروا من اتساع الباطل البطولة دققوا ألا ينفرد الباطل في الساحة، ما دام في بقعة ضوء تنير الطريق، ما دام في مؤمنين صادقين لا تجتمع أمتي على خطأ.
(( لَا يَزَالُ مِنْ أُمَّتِي أُمَّةٌ قَائِمَةٌ بِأَمْرِ اللَّهِ، لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ، وَلَا مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ))
الإنسان مجبول على حبِّ الكمال والجمال والنوال:
أيها الأخوة، الآن إذا كنت في مجلس دون أن تشعر، دون أن تنتبه، دون أن تدرك في مجموعة أشخاص في شخص قوي تتجه إليه بنظرك، شخص جميل الصورة تملأ عينيك من محاسنه، شخص ذكي جداً، شخص طليق اللسان، أنت مبرمج بالتعبير المعاصر مولف مفطور مجبول على حب العظيم، حب الكبير، حب القوي، حب الغني، حب الكامل، حب الأخلاقي، الإنسان مجبول على حب الكمال والجمال والنوال، يحب الجمال، يحب الكمال، يحب العطاء النوال، وهذه الثلاثة الكبرى مجتمعة عند الله عز وجل، هو أصل الجمال وأصل الكمال وأصل النوال، لذلك الله جل جلاله موصوف بالجلال والكمال، تنفرد ذاته وصفاته وأفعاله بكل كمال، له جميع أنواع العلو المعروفة عند الخلق.
من قوانين النفس أنها لا تُقبل إلا على كل كبير و عظيم:
الآن إن من قوانين النفس أنها لا تقبل إلا على كبير وإلا على عظيم ولا تختار إلا الكبير ولا تعجب إلا بالعظيم هذا من خصائص النفس البشرية، لذلك حينما تتعرف على الله عز وجل ترتاح نفسك لأن فطرتها كذلك اختارت الكبير، اختارت الملك، اختارت العظيم، اختارت الرحيم، اختارت القوي، اختارت العليم، اختارت السميع، هذا معنى قوله تعالى:
﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا (180) ﴾
كلام دقيق أنت في عقد قران مضى عليه سنة وأهل الزوجة على وشك أن يفسخوا هذا العقد ما عندك بيت، بلغك أنه في إنسان محسن كبير ويحب الخير وعنده عدة بيوت يفكر أن يعطيها لطلاب العلم الذين لا يملكون ثمن بيت ماذا تعمل ؟ تتجه إليه فوراً، ما الذي دفعك إليه ؟ هذه المعلومات أنه إنسان محسن وعنده بيوت وأنت بحاجة إلى بيت، طبيعة النفس أنها تقبل على العظيم القوي الغني الشافي المعافي المغني العدل، أنت حينما تتجه إلى الله تصطلح مع نفسك، مع فطرتك، أنت مصمم أن تعرف الله فإذا اكتفيت بهدف محدود أرضي حينما تصل إليه يبدأ الشقاء ملل، يشاهد الإنسان الناجحين في الحياة الذين لم يعرفوا الله يشعر بملل عجيب، أكل حتى شبع، سافر، تزوج، ذاق طعم كل شيء وماذا بعد ذلك ؟ ما في شيء إلا إذا توجهت إلى الله.
المؤمن لا يشيخ لأن هدفه الله عز وجل:
المؤمن لا يشيخ، المؤمن يبقى شاباً وهو في التسعين، لأن هدفه الله عز وجل، الشيخوخة هو موضوع انتهاء الأهداف، اشتغل، اشترى بيتاً، تزوج، أنجب أولاداً، أولاده جالس متقاعد، مرة يلعب طاولة، مرة يقرأ جريدة، ضاق خلقه شيء ممل، أما إذا كنت في طريق الإيمان أنت شاب، وأنت في التسعين، لما احتفلوا قبل سنتين أعتقد بتكريم علماء القرآن الكريم المفاجأة أن هؤلاء العلماء الأجلاء كلهم فوق التسعين، من عاش تقياً عاش قوياً.
لا سبيل إلى السعادة إلا بطاعة الله عز وجل:
لذلك أيها الأخوة، نقطة أخيرة أنت حينما تعرف أسماء الله الحسنى تتجه إليه وحينما تعرف أسماء الله الحسنى تتقرب إليه بكمال مشتق من كماله، عندئذ يلقي في قلبك الأمن، الحكمة، السعادة، الطمأنينة، الرضا، عندئذ يبارك لك في وقتك وفي أهلك وفي أولادك وفي عملك وفي حياتك، عندئذ كما يقال أولياء أمتي إذا رؤوا ذكر الله بهم. في عندهم إشعاع قوة تأثير فلذلك أيها الأخوة، لا سبيل إلى السعادة إلا بطاعة الله.
﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ(28) ﴾