- أسماء الله الحسنى
- /
- ٠2أسماء الله الحسنى 2008م
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم، إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
من أسماء الله الحسنى: ( اللطيف ):
أيها الأخوة الكرام، لازلنا مع اسم اللطيف، و اللطيف هو الذي أعطى العباد فوق الكفاية، و كلفهم دون الطاقة، و اللطيف هو الميسر لكل عسير و الجابر لكل كسير، و اللطيف من وفق للعمل في الابتداء و ختمه بالقبول في الانتهاء، و اللطيف هو الذي ولي فستر و أعطى فأغنى و أنعم فأجزل و علم فأجمل، هذا هو اللطيف.
اللطيف احتجب عن خلقه في الدنيا لكماله و جلاله:
أيها الأخوة، معنى دقيق من معاني اللطيف، اللطيف احتجب عن خلقه في الدنيا لكماله و جلاله، فإن الله لا يرى في الدنيا لطفاً و حكمة، و يرى في الآخرة إكراماً و محبة، إنك لن تراني في الدنيا مستحيل، طبيعة الجسم، بنيته، خصائصه لا تحتمل:
﴿ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا(143) ﴾
لذلك لا يُرى في الدنيا لطفاً و حكمة و يُرى في الآخرة إكراماً و محبة، و في كل الأحوال الله عز وجل لا يدرك إحاطة من قبل خلقه، حتى أعلى الخلق، حتى سيدنا محمد عليه الصلاة و السلام.
هو أعلانا معرفة، إحاطة مستحيلة، لأنه لا يعرف الله إلا الله، لو رآه الناس في الدنيا جهاراً لبطل التكليف، أضرب هذا المثل لو أن صاحب المحل وراء الطاولة، و المكان الذي فيه المال بقبضته، عنده موظف، مادام صاحب المحل التجاري لا يغادر مكتبه و لا ثانية، و يأتي أول إنسان و يغادر آخر إنسان، و مكان المال بيده، فهذا الموظف أمين أم خائن ؟ مستحيل أن نعلم، الآن يوجد مولات، بالاسم الأجنبي بالعالم الغربي أي سلعة عليها مادة إن لم يدفع ثمنها تصدر صوتاً و تُغلق الأبواب بشكل أوتوماتيكي، من هو الأمين ؟ ليس هناك أمين و لا خائن، لأنه لا يوجد امتحان، الأمر مستحيل، أما حينما قطعت الكهرباء في بلدة غربية ارتكبت في ليلة واحدة مئتا ألف سرقة بثلاثين مليار، فانضباط العالم الغربي انضباط الكتروني و ليس دينياً، انضباط العالم الغربي انضباط الكتروني فقط، لا يمكن أن ينجو الإنسان من مخالفة، يوجد ضبط، هذا الضبط يلغي الرقي، يلغي التكليف، يلغي المسؤولية، يلغي البطولة، أنت منضبط، لو أن الله عز وجل يُرى في الدنيا و كل ذنب وراءه عقاب مباشر الكل يستقيمون.
لا يستحق الإنسان الجنة إلا إذا كان مخيراً:
في بعض البلاد الشرقية لو إنسان نزل من على الرصيف يعدم قديماً، الناس انضبطوا و لكن انضباط قهر، ليس انضباط شكر، انضبطوا انضباط خوف.
قلت لكم كثيراً الله عز وجل ما أراد أن تكون علاقة عباده به عبادة قهر، لا إكراه في الدين، علاقة حب، علاقة أن تأتيه طائعاً، علاقة أن تأتيه مختاراً، علاقة أن تطيعه و بإمكانك أن تعصيه، أن تصلي و بإمكانك ألا تصلي.
لذلك لو أن الله ظهر في الدنيا ألغي التكليف، أُلغي حمل الأمانة، ألغيت البطولات، ألغي الثواب، ألغي العقاب، تماماً كما لو جلس صاحب المحل وراء مكتبه و مكان المال بيده، فهذا الذي أمامه لا يمكن أن يوصف بأنه أمين و لا بأنه خائن، لكن صاحب المحل لو خرج من المحل و أبقى الدرج مفتوحاً و جلس في المحل المقابل بمكان لا يراه الموظف يراقبه، الآن يمتحن الموظف، لذلك قال تعالى:
﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ(42) ﴾
هو يبدو أنه غافل، يقتلون ليلاً نهاراً:
﴿ إنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ (42) ﴾
لا يمكن أن نمتحن، لا يمكن أن نستحق الجنة، لا يمكن أن يكون لنا ثواب، لا يمكن أن نرقى إلا إذا كنا مخيرين، إلا إذا كان بالإمكان أن تعصيه و أنت معافى، العالم كله يعصي الله عز وجل، أنواع المعاصي و الآثام و الشذوذ و الإباحية و السحاق واللواط بالعالم كله، و أكل المال الحرام و الربا و القهر و القتل و صحة طيبة و الضغط ثمانية اثني عشر و النبض ثمانين و الأمور كلها بأعلى درجة، لا يستحق الإنسان الجنة إلا إذا كان مخيراً.
الآخرة خبر في القرآن الكريم أما الدنيا فمحسوسة:
لذلك أول آية:
﴿ الم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ ﴾
الدنيا محسوسة أما الآخرة خبر في القرآن الكريم:
﴿ وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى (4) ﴾
الآخرة خبر أما الدنيا محسوسة، لذلك لو رآه الناس في الدنيا لبطلت الحكمة، و تعطلت معاني العدل و الرحمة.
الدنيا دار تكليف و عمل و الآخرة دار تشريف و جزاء:
من هنا قال الله عز وجل عن رؤيته في الدنيا:
﴿ وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ(51) ﴾
مستحيل، حتى كليمه موسى، كلمه الله من وراء حجاب، و قال تعالى:
﴿ لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (103) ﴾
موجود لكن لا تراه، اعبده كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك، هذه مرتبة الإحسان و في صحيح مسلم أن النبي عليه الصلاة والسلام قال:
(( تعلَّموا أنَّه لَنْ يَرى أحدُ منكم ربَّه حتى يموتَ ))
في الدنيا ليس هناك رؤية و أية دعوى افتراء و كذب و اركلها بقدمك، لأن الدنيا خلقت للابتلاء، أما الآخرة فهي دار الجزاء.
الدنيا دار تكليف أما الآخرة دار تشريف، الدنيا دار عمل أما الآخرة دار جزاء، في الآخرة يُكشف الغطاء و يرفع فيها الحجاب، و يلطف الله بالموحدين عند الحساب قال تعالى:
﴿ فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ (22) ﴾
رؤية وجه الله الكريم يوم القيامة:
لذلك قال تعالى:
﴿ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ(26) ﴾
قال علماء التفسير الزيادة رؤية وجه الله الكريم.
و في آية تبين أن هناك ما هو يَفْضل رؤية وجه الله الكريم رضوان رب العالمين، قال تعالى:
﴿ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ(72) ﴾
أعلى عطاء يناله الإنسان عند الله عز وجل رضوان من رب العالمين:
صار في جنة فيها:
((....مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ... ))
و فيها نظر إلى وجه الله الكريم:
﴿ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ(26) ﴾
ثم هناك رضوان من الله عز وجل هذا أعلى عطاء يناله الإنسان عند الله عز وجل.
دخل إلى بستان جميل لكن أجمل ما في هذا البستان وجه صاحبه، تمليت منه فنسيت البستان ثم إذا هو يرحب بك يا أهلاً وسهلاً أكرمتنا بهذه الزيارة مثلاً فصار في بستان و في وجه و في ترحيب.
﴿ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ(72) ﴾
لذلك الآية الكريمة:
﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (23) ﴾
التفكر في الكون طريق إلى معرفة الله:
أيها الأخوة، الآن فضلاً عما جاء به العلماء من تعريف أسماء الله الحسنى، أسماء الله الحسنى يمكن أن نعرفها من خلال خلق الله عز وجل، المخلوقات، هذا الكون مظهر لأسماء الله الحسنى أو تجسيد لأسماء الله الحسنى، و من خلال فعله، و من خلال أمره، و من خلال كلامه، أي أربعة طرق سالكة لمعرفة الله:
أن تتفكر في خلقه، أو أن تنظر في أفعاله، أو أن تتدبر أمره، أو أن تستمع إلى كلامه، مثال: الهواء لطيف، موجود و غير موجود، نستنشقه، لا صوت له، بلا لون، بلا حركة، بلا ضجيج، موجود و كأنه غير موجود لكن ألم تركب طائرة وزنها ثلاثمئة و خمسين طناً كيف يحملها الهواء ؟ أربعمئة خمسمئة الآن يوجد طائرة ثمانمئة راكب تقريباً، كيف يحملها الهواء ؟ الهواء موجود، و لا تراه و لا تسمع صوته لكن اركب مركبة و لتنطلق بك بسرعة، مدّ يدك تعرف أن الهواء موجود لكن موجود بلطف، أما إذا ثار الهواء لا يبقي و لا يذر، الأعاصير التي سرعتها ألف و مئتي كيلو متر لا تبقي شيئاً إطلاقاً لا بناء و لا جدار و لا شجر و لا شيء.
الله عز وجل لطيف بعباده:
دققوا الأرض تدور حول نفسها بسرعة ألف و ستمئة كيلو متر بالساعة، لو الهواء ثابت و الأرض متحركة معنى ذلك يوجد أعاصير بالأرض كلها سرعتها ألف و ستمئة كيلو متر لا يبقى شيئاً، لا يبقى بناء، لا تبقى شجرة، لا تبقى آلة، هذه الأعاصير، لو الهواء ثابت و الأرض تدور انتهت الحياة لكن لحكمة بالغة الهواء يدور مع الأرض، لذلك الآية الكريمة:
﴿ قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ (11) ﴾
أنا أمشي على الأرض، الآية في الأرض لأن الله عز وجل عدّ الهواء و الأرض معاً، فالهواء جزء من الأرض تمشي أنت في الأرض، أي على سطح اليابسة و تحت الهواء، لو كان الهواء مستقلاً و منفصلاً كان هناك أعاصير تدمر كل شيء، فالهواء لطيف و الماء لطيف، رقراق، أما إذا ثار البحر يُغرق أكبر مركبة.
التفاحة لطيفة حجمها معتدل، يمكن أن تقضمها بأسنانك، لو كان لها بنية كالصخر تحتاج إلى مطحنة أحجار، بنيتها لطيفة، شكلها لطيف، حجمها لطيف، لونها لطيف، طعمها طيب، مغذية، لطيف الله عز وجل.
الفاكهة الكبيرة على الأرض و الفاكهة التي لا تؤذي على الشجر، لو أن البطيخ على الشجر، الفاكهة التي لا تؤذي على الشجر أما الكبيرة على الأرض، الله لطيف.
حدثني إنسان من بلد آخر دخل السجن أعطوه علبة طُن بلا مفتاح قال لي حتى فتحتها من الساعة الثامنة صباحاً حتى الساعة الثانية ظهراً على الحك أما البيضة فتحها سهل، الآن يوجد معلبات سعرها أعلى، فتحها سهل تفتحها من دون مفتاح، الله لطيف الأشياء التي تحتاجها في متناول يدك.
قوى التجاذب أحد أكبر الأدلة على لطف الله عز وجل:
قوى التجاذب لو أن الأرض تفلتت من جاذبية الشمس، أردنا أن نعيدها نحتاج إلى مليون مليون حبل فولاذي، و قطر الحبل خمسة أمتار، معنى حبل فولاذي قطره خمسة أمتار أي يقاوم من قوى الشد مليوني طن، أي الأرض مرتبطة بالشمس بقوة تساوي مليون مليون ضرب مليوني طن من أجل أن تحرف الأرض في مسيرتها حول الشمس ثلاثة ميلي كل ثانية، مليون مليون ضرب مليوني طن من أجل أن تحرف الأرض فتشكل مداراً مغلقاً بكل ثانية ثلاثة ميلي متر، أين هي قوى التجاذب ؟ موجودة بيننا، هل يستطيع إنسان في الأرض يعمر بناء مئة طابق من دون علاقة بالأرض، ارتفاعه عشرة أمتار تمشي تحته.
قوى التجاذب قوى مذهلة نمشي خلالها نحن، لطيف الله عز وجل، قوى التجاذب أحد أكبر الأدلة على لطف الله عز وجل، قوى جبارة تربط الكواكب ببعضها بعضاً، و مع ذلك لا تراها أنت تمشي خلالها.
ممكن هذه الدعامة أن تكون موجودة و تحمل السقف و أن تمشي خلالها ؟ مستحيل، لطيف الله عز وجل.
لطف الله عز وجل بالإنسان و بالأم و وليدها:
أمهر طبيب أسنان هل بإمكانه قلع سن من دون الأم ؟ يقول لك بإمكاني أعطيه إبرة مخدر، هل بإمكان أي طبيب أسنان يعطي الإبرة بنيرة الأسنان من دون ألم ؟ الطفل الصغير حينما يبدل أسنانه بلا ألم إطلاقاً، هذا قلع سن من قبل الله عز وجل مباشرة، بلا ألم فالله لطيف.
الرحم قبل الولادة تقلص لطيف، أولاً متباعد، مسافة التباعد تنقص تدريجياً كل ساعة يوجد طلقة، بعد ذلك كل خمسين دقيقة، كل أربعين دقيقة، كل ثلاثين، كل عشرين، و تقلص لطيف إلى أن يخرج الجنين من الرحم يتقلص الرحم تقلصاً عنيفاً شديداً فجأة كي يغلق العشرة آلاف وعاء دموي تقطعت لئلا تموت المرأة بالنزيف، فلو انعكست التقلصات قبل و بعد لماتت الأم و الجنين معاً.
قبل الولادة يوجد جنين تقلص لطيف لطيف لطيف إلى أن يخرج، بعد الخروج تقلص حاد و عنيف حتى تغلق الأوعية التي تقطعت أثناء الولادة، و كم من امرأة ماتت بالنزيف لأن التقلص الثاني كان ضعيفاً:
﴿ ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ (20) ﴾
أيها الأخوة، هذا خلقه.
أوامر الله عز وجل لطيفة أتت بالتدريج:
إذاً أمره: أمر بالصلاة، الظهر ثلث ساعة، الصبح ربع ساعة، أعطاك أربع و عشرين ساعة قال لك صلِّ، مجموع الصلوات ساعة تقريباً، ساعة و خمس دقائق مجموع الصلوات، أمره لطيف، صم ثلاثين يوماً، لا يوجد صيام متصل، من الفجر إلى المغرب، قال لك: ادفع زكاة مالك اثنان و نصف في المئة أي الأوامر لطيفة، معقولة، محتملة، ضمن الطاقة، لم يحرمك من شيء قال لك دع الخنزير و الخمر فقط:
﴿ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا(35) ﴾
كم نوع عصير يوجد ؟ لا تعد و لا تحصى، كم نوع من اللحم ؟ حرم عليك الخنزير و الخمر فقط، كُلْ بعدها ما شئت، صلِّ خمسة أوقات، صم ثلاثين يوماً، أمره لطيف، و الأمر إذا ضاق اتسع، مريض افطر لا يوجد مانع، مسافر افطر، تسافر ركعتين الظهر من دون سنن و العصر ركعتين، أمره لطيف و خلقه لطيف.
تحريم الخمر كان بالتدريج نحو:
1 ـ السكر رزق غير حسن:
حتى تحريم الخمر كان لطيفاً بالتدريج:
﴿ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا(67) ﴾
أي السكر رزق غير حسن، أول إشارة.
2 ـ عدم اقتراب الإنسان من الصلاة إلا على طهارة:
ثانياً:
﴿ لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى(43) ﴾
3 ـ تحريم الخمر و غيره:
ثالثاً:
﴿ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ(90) ﴾
أمر الله يشف عن لطفه و فعله يشف عن لطفه و خلقه يشف عن لطفه:
كلامه لطيف، الله عز وجل قال:
﴿ اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ(19) ﴾
أي أخبرك بكلامه، و أمره يشف عن لطفه، و فعله يشف عن لطفه، و خلقه يشف عن لطفه.
حظ العبد من هذا الاسم الرفق بالعباد، مادام الله لطيفاً ينبغي أنت أن تكون لطيفاً، الطف بهم في تعاملك معهم، قال عليه الصلاة و السلام:
(( إِنَّ اللهَ عز وجلَ رَفيق يحِبُّ الرِّفق، ويُعْطي عليه ما لا يُعطي على العُنْفِ ))
يوجد عمل صالح لكن بلطف الأجر صار مضاعفاً إنه لطيف، شخص أثناء الصلاة أحد الصحابة عطس قال له يرحمك الله، أول مرة يصلي فالصحابة ضربوا على أرجلهم خاف فالنبي قال: يا هذا إن هذا لا يكون في الصلاة، قال و الله ما قهرني و لا ضربني و لا أساء إليّ إنه معلم الخير.
أيضاً لطيف، شخص دخل المسجد و أحدث جلبة و ضجيجاً و شوش على الصحابة صلاتهم، فلما انتهى قال له رسول الله زادك الله حرصاً و لا تعد.
زادك الله حرصاً أثنى عليه و لا تعد:
(( إِنَّ اللهَ عز وجلَ رَفيق يحِبُّ الرِّفق، ويُعْطي عليه ما لا يُعطي على العُنْفِ ))
اللطف و الرحمة من أسس الدعوة إلى الله عز وجل:
﴿ اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (43) فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا ﴾
لطيف لا داعي للغلظة، النبي كان في نشوة اتصاله بالله سمع صوت طفل يبكي، فاختصر الصلاة و سلم قال سمعته ينادي أمه ببكائه فرحمتها، لطيف، بلا غلظة.
قال إذا أمرت بمعروف فليكن أمرك بمعروف، و إذا نهيت عن منكر فليكن نهيك بلا منكر.
إذا أمرت بالمعروف فأمر برفق ناصح لا بعنف معسر، دخل إنسان على ملك قال له سأعظك و أغلظ عليك، قال له ولمَ الغلظة يا أخي ؟ لقد أتى مَن هو خير منك إلى من هو شر مني، أرسل الله موسى إلى فرعون، بلا غلظة.
سيد الخلق و حبيب الحق، سيد ولد آدم معه وحي، معه إعجاز، معه معجزات، معه فصاحة، معه علم، معه ذكاء، معه حكمة قال له: أنت أنت بالذات:
﴿ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ(159) ﴾
تجد شخصاً لا هو نبي و لا رسول و لا معه وحي و لا معجزات و لا فصيح و لا جميل الصورة و غليظ:
﴿ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ (159) ﴾
أحد أكبر نتائج معرفة أسماء الله الحسنى التخلق بكمال الله عز وجل:
قال: إذا عرفت شيئاً فاستره و كن لطيفاً، و إذا تحركت نحو عمل فكن بهذه الحركة لطيفاً، إن أردت إحداث شيء فاجعل لهذا الشيء برنامجاً تدريجياً لئلا تثقل على الناس، إذا دعوت إلى الله عز وجل كن رحيماً بهم ليناً معهم.
قال إذا استفتيت في أمر و كان في الأمر سعة فأفتِ بالرخصة و خذ نفسك بالعزيمة، يوجد أشخاص بالعكس يأخذ بكل الرخص لنفسه و يفتي بكل العزائم، هذا لؤم، إن سئلت في فتية أفتِ بالرخصة و خذ نفسك بالعزيمة، لكن بالنهاية لا يمكن أن تتقرب إلى الإله الطيف إلا إذا كنت لطيفاً مع خلقه، هذا معنى قوله تعالى:
﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا (180) ﴾
يوجد نقطة دقيقة، معنى اللطيف أن تكون عالماً بدقائق الأمور و غوامضها و خلفياتها و بواعثها و مقاصدها و أن تفهم ما بين الصدور و لطيف اليد من كان حاذقاً في صنعته، مهتدياً إلى ما يُشكل على غيره.
من أنواع اللطيف أن تكون عالماً ببواطن الأمور، لا تكن ساذجاً، تؤخذ بكلام غير محقق، فلهذا أحد أكبر نتائج معرفة أسماء الله الحسنى هو أن تتخلق بهذا الكمال الإلهي.