- أسماء الله الحسنى
- /
- ٠2أسماء الله الحسنى 2008م
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم، إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
من أسماء الله الحسنى: ( اللطيف ):
ورود اسم اللطيف في القرآن الكريم في سبع آيات:
أيها الأخوة الكرام، مع اسم جديد من أسماء الله الحسنى، والاسم اليوم اللطيف، هذا الاسم ورد في سبع آيات من القرآن الكريم، قال تعالى:
﴿ أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (14) ﴾
وقال تعالى:
﴿ وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا (34) ﴾
ولم يقترن اسم اللطيف إلا باسم الخبير، لطيف خبير، وهذا الاسم ورد مقيداً في قول الله عز وجل:
﴿ إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (100) ﴾
وكذلك في قوله تعالى:
﴿ اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ (19) ﴾
وقد ورد هذا الاسم في السنة في صحيح مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي عليه الصلاة والسلام قال لها:
(( لَتُخْبرِيني أو لَيُخْبِرنِّي اللطيف الخبير ))
اللغة ترقى برقي أهلها وتضعف بضعفهم:
أيها الأخوة، اللطيف في اللغة صفة مشبهة باسم الفاعل، كما ذكرت لكم من قبل: اللغة العربية بشهادة علماء اللغة في العالم من أرقى اللغات المتصرفة، معنى المتصرفة، نظام اللغة نظام أسر في جد في أولاد في أحفاد، في مصدر، في فعل ماض، فعل مضارع، فعل أمر، اسم فاعل، صيغ مبالغة لاسم الفاعل، اسم مفعول، اسم زمان، اسم مكان، اسم تفضيل، اسم آلة، صفة مشبهة باسم الفاعل، لكن السؤال ما الفرق بين اسم الفاعل وبين الصفة المشبهة باسم الفاعل ؟ الصفة المشبهة باسم الفاعل من أوزانها فعلان و فعيل، طويل، الطول صفة تلازم صاحبها، صفة تلازم الإنسان، طويل دائماً طويل أما دخل يدخل داخل، الدخول طارئ تدخل مرة واحدة، فاسم الفاعل يدل على الحدوث والانقطاع، والصفة المشبهة باسم الفاعل تدل على الثبات والدوام.
اللطيف هنا جاءت على وزن فعيل ؛ وفعيل صفة مشبهة باسم الفاعل.
أيها الأخوة الكرام، اللغة ترقى برقي أهلها وتضعف بضعف أهلها، لو أردت أن توازن بين خصائص اللغة العربية وبين خصائص اللغات الأخرى لوجدت بوناً شاسعاً، لكن ضعف هذه الأمة أضعف معها لغتها.
ثبات اللغة العربية بفضل القرآن الكريم:
على كل: ما في لغة بتاريخ البشرية يقول قائلها:
ألا أيها الليل الطويل ألا انجلِ بصبح وما الإصباح منك بأمثل
هذا البيت قاله امرؤ القيس قبل ألف وخمسمئة عام، وطلابنا في الصف العاشر يقرؤون هذا البيت وهذا الشعر فيفهمونه ببساطة وبين قائل البيت ومن يفهمه الآن ألف وخمسمئة عام ؛ بينما في اللغة الإنكليزية الشعر الذي قاله شكسبير في القرن السادس عشر لا يمكن أن يفهمه أحد في بريطانيا إلا أن يفهموه مترجماً، اللغة الإنكليزية التي قيلت في القرن السادس عشر تترجم إلى اللغة الإنكليزية، ثبات اللغة العربية هذا بفضل القرآن الكريم لأنها لغة القرآن ولأنه من فضل الله علينا أن جعل لغتنا لغة كلامه، والحديث عن فقه اللغة وعن خصائص اللغة وعن عظمة هذه اللغة حديث طويل لكن يكفيها شرفاً أن الله خالق السماوات والأرض اختارها لكتابه الكريم.
﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا (2) ﴾
﴿ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ (195) ﴾
الله عز وجل خلقه دائم:
الصفة المشبهة باسم الفاعل على وزن فعيل أو فعلان، لطيف، لكن في حقيقة دقيقة جداً الأصل في اللغة المعنى، هذه القاعدة الذي ذكرتها قبل قليل الله عز وجل خالق، خالق ليس مرة واحدة يخلق ما يشاء، الخلق مستمر، فمع أن علماء اللغة قالوا اسم الفاعل يدل على الحدوث والتغيير بينما الصفة المشبهة تدل على الثبات والدوام، نقول خالق يدل على الثبات، ما دام هذا الموضوع نسب إلى الله عز وجل ؛ فالله خلقه دائم لا تنطبق هذه القاعدة على اسم الله الخالق، ولما وصف سيدنا موسى بأنه غضبان على وزن فعلان، والغضب ليس من صفة الأنبياء صفة طارئة:
﴿ وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا (150) ﴾
فالغضب طارئ لذلك في مقدمة أصول النحو الذي درسناه في الجامعة المعول عليه المعنى، هذا من قواعد اللغة العربية.
اللطف هو رقة الشيء و استحسانه و خفته على النفس:
الآن لطف الشيء، ماذا يعني أنه لطف، اللطف في الشيء رقته، رقيق، واستحسانه، وخفته على النفس، أو احتجابه و خفاؤه، هذا هو اللطف رقة الشيء واستحسانه وخفته على النفس أو احتجابه وخفاؤه، وعند البخاري من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: في قولِ أَصحاب الإفْكِ ولا أشْعُرُ، وهو يريبُني في وجَعي: أَنِّي لا أرى من النبي صلى الله عليه وسلم اللُّطْفَ الذي كنت أرى منه حين أشتكي.
فكان النبي عليه الصلاة والسلام رقيق بالسيدة عائشة لطيف.
(( خيرُكُم خيرُكُم لأهْلِهِ، وأنا خيرُكُم لأهْلِي))
مقياس الأخلاق عند الإنسان أخلاقه في بيته:
أيها الأخوة، مقياس الأخلاق أخلاقك في بيتك، مقياس الأخلاق، الإنسان خارج البيت يحسن وضعه، يلمع صورته، يعتني بثيابه، يبتسم، يعتذر، يتعطر، هذا لمصلحته لمكانته لينتزع إعجاب الناس به، مصلحته تقتضي أن يكون لطيفاً معتذراً مبتسماً أما حقيقته تظهر في البيت، لذلك قال عليه الصلاة والسلام:
(( خيرُكُم خيرُكُم لأهْلِهِ، وأنا خيرُكُم لأهْلِي))
فالسيدة عائشة تقول: يَريبُني في وجَعي، أي مما يؤلمني في وجعي أَنِّي لا أرى من النبي صلى الله عليه وسلم اللُّطْفَ الذي كنت أرى منه حين أشتكي.
إذاً هذا منهج:
(( خيرُكُم خيرُكُم لأهْلِهِ، وأنا خيرُكُم لأهْلِي))
كانت تسأله كيف حبك لي ؟ يقول لها كعقدة الحبل، عقدة لا تفك فأصبحت هذه الكلمة العقدة مصطلحاً بينها وبينه، تسأله من حين لآخر كيف العقدة ؟ يقول على حالها. يعني ماذا يمنع أن تكون مع أهلك لطيفاً ؟ ماذا يمنع أن تكون مع أهلك رفيقاً رحيماً ودوداً مبتسماً ؟ السلام عليكم، الزوج اللطيف المؤنس، كان إذا دخل بيته بساماً ضحاكاً، كان يقول:
(( أكرموا النساء، فو الله ما أكرمهن إلا كريم، ولا أهانهن إلا لئيم، يغلبن كل كريم، ويغلبهن لئيم، وأنا أحب أن أكون كريماً مغلوباً من أن أكون لئيماً غالباً ))
مرة السيدة عائشة حدثته عن قصة طويلة، عن قصة أبي زرع وأم زرع، أشادت بأبي زرع لشجاعته، لكرمه، لبطولته، لرجولته، لكنها تأسفت في نهاية القصة فقالت غير أنه طلقها طلق أم زرع فكان تعقيب النبي عليه الصلاة والسلام أنا لك كأبي زرع لأم زرع غير أني لا أطلقك.
طمأنها، من أقواله صلى الله عليه وسلم:
(( الحمد لله الذي رزقني حب عائشة ))
يحمد الله على أن رزقه حب عائشة.
على كل إنسان أن يتخذ من النبي الكريم قدوة له:
من علامات الإيمان أن تحب حليلتك، أن تحب زوجتك، هذه زوجتك هذه هدية الله إليك، هذه إنسانة جعلها الله تحت طوعك، عاملها بالإحسان، كان عليه الصلاة والسلام رفيقاً بأهله، كان يخصف نعله ويكنس داره ويحلب شاته وكان في مهنة أهله، هكذا علمنا النبي عليه الصلاة والسلام.
إذاً الشاهد أن النبي كان لطيفاً معها، لكن بعد حديث الإفك تغير، شيء مقلق، يعني لا في دليل إثبات ولا في دليل نفي وهو سيد الخلق وحبيب الحق وتتهم زوجته بأثمن ما تملك امرأة، عفتها، امتحان صعب لماذا قال الله عز وجل:
﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ (21) ﴾
أذاقه الله الفقر وقف الموقف الكامل، أذاقه الله الغنى فكان سخياً وقف الموقف الكامل، أذاقه الله القهر في الطائف وقف موقفاً كاملاً إن لم يكن بك غضب عليّ فلا أبالي، أذاقه الانتصار في فتح مكة وقف الموقف الكامل، أذاقه موت الولد، إن العين لتدمع، وإن القلب ليحزن، ولا نقول إلا ما يرضي الرب، أذاقه كل شيء وقف الموقف الكامل لذلك قال تعالى:
﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ (21) ﴾
الله عز وجل لطيف يعلم دقائق الأمور ولا يخفى عليه شيء:
الآن الله عز وجل لطيف يعني اجتمع له العلم بدقائق المصالح وأوصلها إلى من قدرها له من خلقه مع الرفق به، يقال لطف به وله، فقوله تعالى:
﴿ اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ (19) ﴾
يعني لطف بهم، وقوله تعالى:
﴿ إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ (100) ﴾
لطف لهم، الله لطيف بعباده رفيق بهم، يرحمهم، قريب منهم، يعامل المؤمنين بعطف ورأفة وإحسان، ويدعو المخالفين إلى التوبة والغفران مهما بلغ بهم العصيان، لطيف بعباده رفيق بهم، قريب منهم، يعامل المؤمنين بعطف ورأفة وإحسان، ويدعو المخالفين إلى التوبة والغفران مهما بلغ بهم العصيان، فهو لطيف بعباده يعلم دقائق أحوالهم ولا يخفى عليه شيء مما في صدورهم، إنسان أحياناً يبلغه أنه إذا تبرع بأرض لمسجد اضطرت البلدية أن تنظم أرضه وأن تقسمها إلى محاضر وعندئذ يرتفع السعر أضاعفاً مضاعفة، هو أراد من التبرع أن يرتفع سعر أرضه، لو سمع هذا الخبر أن فلاناً تبرع بمسجد ما شاء الله محسن كبير، من الذي يعلم الحقيقة ؟ الله عز وجل، من الذي يعلم خائنة الأعين ؟ الله عز وجل، من الذي يعلم البواعث الخفية ؟ الله عز وجل، من الذي يعلم المقاصد البعيدة ؟ الله عز وجل، لطيف يعلم دقائق أحوالهم ولا يخفى عليه شيء مما في صدورهم.
من معاني اللطيف:
كم معنى للطيف ؟ رفيق، قريب، رحيم، يدعوك للتوبة مهما كنت عاصياً ويعلم كل شيء، يعلم ما خفي عنك، يعلم سرك وجهرك، علم ما كان، وعلم ما يكون، ويعلم ما سيكون، ويعلم ما لم يكن لو كان كيف كان يكون، والدليل:
﴿ أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (14) ﴾
سيدنا لقمان قال لابنه وهو يعظه:
﴿ يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ (16) ﴾
دقائق الأمور أدق التفصيلات، البواعث الخفية، المقاصد البعيدة، النوايا الدقيقة، المشاعر، الخواطر يعلمها، لكنه لطيف.
لا يتحقق شيء على وجه الأرض إلا بتوفيق الله عز وجل:
لو رافقك إنسان لمدة أطول مما ينبغي تضجر منه يا أخي حل عني، الله معنا لكن لطيف، اللطيف هو الذي ييسر لعباده أمورهم، من ييسر لك أمورك ؟ يوفقك في زواجك في شراء بيت، بالوصول إلى المنصب، باحتلال وظيفة، بتجارة رابحة من يوفقك ؟ بطولتك ألا تعزو الفضل إلا إليه، أنت حينما تقول الله وفقني، الله أكرمني، الله مكنني، الله أعطاني، الله تفضل عليّ، الله يسر لي أمري، هذا ليس من باب التواضع من باب الحقيقة، لذلك قال تعالى:
﴿ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ (88) ﴾
لا يتحقق شيء على وجه الأرض إلا بتوفيق الله:
﴿ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ (88) ﴾
من عطاء الله على الإنسان نعمة الإيجاد و الإمداد و الهدى و الرشاد:
إذاً اللطيف هو الذي ييسر للعباد أمورهم و يستجيب منهم دعاءهم، فهو المحسن إليهم في خفاء و ستر، من حيث لا يعلمون فنعمه عليهم سابغة ظاهرة لا يحصيها العادون و لا ينكرها إلا الجاحدون.
أنت كلك كرم من الله، منحك نعمة الإيجاد، كل شخص منا له تاريخ ميلاد أنا عندما أقرأ كتاباً و أراجع بعض صفحاته متى نُضد ؟ متى طبع ؟ إذا كان مطبوع قبل ولادتي أقول أثناء طبع هذا الكتاب كان في إنسان بالأرض اسمه راتب نابلسي:
﴿ هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا (1) ﴾
فأنت منحك الله نعمة الإيجاد لم تكن شيئاً مذكوراً، ثم منحك نعمة الإمداد، أعطاك هواء، أعطاك ماء، أعطاك مأوى، أعطاك علماً، أعطاك طلاقة لسان، زوجك، عندك أولاد، عندك أصهار، كل هذه النعم بفضل الله عز وجل، إذاً هذا معنى اللطيف، وهو المحسن إليهم في خفاء وستر من حيث لا يعلمون نعمه سابغة ظاهرة لا يحصيها العادون ولا ينكرها إلا الجاحدون، وهو الذي يرزقهم بفضله، هذا يتقن الخط، هذا يتقن قص الشعر، هذا يتقن التعليم، هذا يتقن الهندسة، هذا تاجر، هذا مزارع، كل واحد الله مكنه من عمل ويسره له، أ نسهر أياماً في معنا طبيب جراح يعمل كل يوم عملية قلب أنا أقول له كيف تستسيغ الطعام بالمنشار ينشر عظم القص، بجهاز معين تتباعد هذه العظام يصل إلى القلب، يوقف القلب يربطه بقلب صناعي، يفتح البطين يصل إلى الدسام أربع خمس ساعات، الدماء والإنسان مخدر ويأتي إلى بيته يأكل بشهية، إذا واحد منا رأى الدم ما فيه نفس يأكل لقمة، كيف الله مكّنه من عملية جراحية وهو مرتاح، وهذا يلقي خطبة، ذا يقود مركبة، وهذا يقود طائرة، طائرة ثلاثمئة وخمسين طناً شاب صغير يقودها بالليل معه علم، شاب صغير يقود طائرة من أكبر الطائرات ليلاً، يحرك ثلاثمئة وخمسين طناً في الهواء أقل غلط تسقط الطائرة من مكنه من ذلك ؟
الله عز وجل لطيف يعين كل إنسان على عمله:
لذلك أيها الأخوة، الله عز وجل لطيف يعني يعين كل إنسان على عمله، يسر له عملاً، مكنه من عمل فنعمه عليهم سابغة ظاهرة وهو يرزقهم بفضله، كل واحد الله مكنه من شيء ويسر له عمله، من حيث لا يحتسبون.
﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ (63) ﴾
وقال سبحانه:
﴿ اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ (19) ﴾
كما أنه يحاسب المؤمنين حساباً يسيراً بفضله ورحمته ويحاسب غيرهم من المخالفين وفق عدله وحكمته.
من أفضل إيمان المرء أن يعلم أن الله معه حيث كان:
الآن من معاني اللطيف أنه خفي:
﴿ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا (19) ﴾
ينبغي ألا يراه أحد، ألا يعلم به أحد، أحياناً الله عز وجل غير ظاهر، جالس في بيتك مع زوجتك وأولادك الله معك وهو معكم أينما كنتم، لكن بلطف من دون أن تشعر أن الوجود مخيف هو القدير هو العليم هو الحكيم هو اللطيف هو القدير هو الجميل، معك وهو معكم أينما كنتم.
أيضاً اسم الله احتجب عنك ليمتحننا، يبدو لك أول وهلة لوحدك في البيت ما في معك أحد هكذا تتوهم وهو معك، فلذلك إن من أفضل إيمان المرء أن يعلم أن الله معه حيث كان.
الله عز وجل لا يُرى في الدنيا لطفاً منه وحكمة ويُرى في الآخرة إكراماً ومحبة:
إذاً الله عز وجل لا يرى في الدنيا لطفاً منه وحكمة ويرى في الآخرة إكراماً ومحبة، احتجب عنا في الدنيا لطفاً وامتحاناً ورأيناه في الآخرة إكراماً وإحساناً.
ورد في بعض الآثار أن أهل الجنة ينظرون إلى وجه الله الكريم فيغيبون خمسين ألف عام من نشوة النظرة.
ولو رآه الناس في الدنيا جهاراً لبطلت الحكمة وتعطلت معاني العدل، لذلك قال الله عز وجل عن رؤية الناس له في الآخرة:
﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ﴾
لو رأى الناس الله عز وجل في الدنيا جهاراً لبطلت الحكمة وتعطلت معاني العدل:
أيها الأخوة، هذه النقطة دقيقة جداً إن شاء الله في درس قادم سأشرحها بالتفصيل، لماذا احتجب الله عنا في الدنيا ؟ ليمتحننا ولماذا نراه في الآخرة ؟ ليكرمنا، إذاً في الدنيا:
﴿ وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ (51) ﴾
﴿ لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ﴾
أما في الآخرة:
﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ﴾
هذا الموضوع دقيق جداً لماذا احتجب عنا في الدنيا ولماذا نراه في الآخرة إن شاء الله في درس قادم أعالج هذا الموضوع.