- أسماء الله الحسنى
- /
- ٠2أسماء الله الحسنى 2008م
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
من أسماء الله الحسنى: ( العفو ):
أيها الأخوة الكرام، مع اسم جديد من أسماء الله الحسنى والاسم اليوم العفو، ولكن لا بد من مقدمة كي نفهم حقيقة هذا الاسم.
الإنسان من بين كل الخلائق تصدى لحمل الأمانة:
الله عز وجل خلق الخلائق، وفي عالم الذر عرض عليهم حمل الأمانة، قال تعالى:
﴿عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ ﴾
فالإنسان من بين كل الخلائق تصدى لحمل الأمانة، وكأن لسان حاله يقول أنا لها لكن بقية الخلائق أشفقوا من حملها واكتفوا أن يكونوا طائعين لله، من هنا يقول الإمام علي رضي الله عنه: رُكِّب الملَك من عقل بلا شهوة، ورُكّب الحيوان من شهوة بلا عقل، ورُكّب الإنسان من كليهما، فالإنسان قَبِل حمل الأمانة، أي قَبِل أن تكون نفسه أمانة بين يديه.
﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا (10) ﴾
تكريم الله الإنسان عندما قَبِل حمل الأمانة:
قَبِل الإنسان حمل الأمانة، فلما قَبِل حمل الأمانة سخر الله له ما في السماوات وما في الأرض جميعاً منه، وأعطاه مقومات حملها، أعطاه كوناً ينطق بوجود الله وكماله ووحدانيته، أعطاه عقلاً أداة فعالة لمعرفته، أعطاه فطرة تكشف له عن خطئه، أعطاه شهوة تدفعه إلى الخير، أعطاه حرية تثمن عمله، أعطاه وقتاً هو غلاف عمله، أعطاه قوة فيما يبدو ليحقق اختياره، فالإنسان كائن متميز، في معه قبضة من تراب الأرض في شهوات:
﴿زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ (14) ﴾
يوجد عنده ومضة من نور الله، خلقه من نوره ومن تراب الأرض، في دوافع علوية، في دوافع سفلية، في مبادئ في قيم في شهوات، وهو بينهما.
الإنسان إما أن يكون فوق الملائكة أو دون أحقر حيوان:
الحيوان شهوته أصله ولا يحاسب وليس مكلفاً ولا مخيراً، والملك عقله أصله ولا يحاسب ولا يخير ولا يشقى، إلا الإنسان دققوا إما أن يفوق الملائكة المقربين وإما أن يهوي إلى أسفل سافلين:
﴿ ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ (5) ﴾
إما أن يكون فوق الملائكة أو دون أحقر حيوان، الدليل:
﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ (7)﴾
يعني خير ما برأ الله:
﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُوْلَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ(6) ﴾
لا يوجد حل وسط، أب عنده أولاد عرض عليهم أن يعملوا في معمله بدخل معقول وبيت ومركبة، لكنه قال من يقبل أن يأتي بأعلى شهادة في إدارة الأعمال أمنحه نصف المعمل، أحد أولاده الأذكياء تنطحوا لذلك، هذا إذا ذهب إلى هناك ونسي مهمته وانغمس بالملذات وملاحقة الفتيات، يعود إلى بلده محتقراً لا يملك شيئاً، أما إذا وفى بعهده ودرس نال نصف المعمل.
﴿إنا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ ﴾
من لم يحمل الأمانة كما أرادها الخالق سبحانه كان ظلوماً جهولاً:
الآن في كلمتين دقيقتين:
﴿ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ﴾
المعنى استفهامي، هل كان ظلوماً جهولاً حينما تنطح لحمل الأمانة ؟ لا كان طموحاً، فإن لم يحملها المعنى تقريري:
﴿ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ﴾
أنت إن وفيت بما عاهدت الله عليه أنت لست ظلوماً ولا جهولاً، أما إذا لم توفِ بما عاهدت الله عليه ؛ فالإنسان الذي لم يحمل الأمانة كما أراد الله عز وجل كان ظلوماً جهولاً.
التوبة النصوح يقبلها الله عز وجل و يعفو عن صاحبها:
الآن الله عز وجل أرحم الراحمين وهو رب العالمين، الإنسان غلبته شهوته، انتهى ؟ لا، للشقاء الأبدي ؟ لا، أمامه مليار مليار مليار فرصة ليصحح، من هنا كان اسم العفو، الشهوة غلبت تتوب، لذلك أجمل كلمة قرأتها، ما أمرك الله أن تستغفره إلا ليغفر لك، وما أمرك الله أن تتوب إليه إلا ليتوب عليك، وما أمرك أن تسأله إلا ليعطيك:
﴿ وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا (27) ﴾
لذلك أيها الأخوة، كان اسم العفو، الإنسان المخلوق الأول، المكرم، المكلف لعبادة الله ؛ العبادة طاعة طوعية، ممزوجة بمحبة قلبية، أساسها معرفة يقينية، تفضي إلى سعادة أبدية، هذا الإنسان المكلف العفو له، يعني إن قلت يا رب لقد تبت إليك يقول الله لك وأنا قد قبلت، إذا قال العبد يا رب وهو راكع قال الله له لبيك يا عبدي، فإذا قال العبد يا رب وهو ساجد قال الله له لبيك يا عبدي، فإذا قال العبد يا رب وهو عاص قال الله له: لبيك ثم لبيك ثم لبيك. أنا أنتظرك.
باب التوبة مفتوح على مصراعيه لكل إنسان:
لذلك:
(( لله أفرح بتوبة عبده من العقيم الوالد، ومن الضال الواجد، ومن الظمآن الوارد ))
أنت حينما تتوب إلى الله يفرح الله بك بنص الحديث، حتى إن النبي عليه الصلاة والسلام له وصف دقيق جداً، هذا الوصف الدقيق أن أعرابي امتطى ناقته ليقطع الصحراء بها عليها طعامه وشرابه، جلس ليستريح فأخذته سنة من النوم فأفاق فلم يجد الناقة أيقن بالموت المحقق فبكى، ثم بكى، ثم بكى فأدركته سنة من النوم، فاستيقظ فرأى الناقة، اختل توازنه اختلالاً شديداً، فصاح من شدة الفرح: يا رب أنا ربك وأنت عبدي، دققوا الآن يقول عليه الصلاة والسلام:
(( لله أفرح بتوبة عبده من هذا البدوي بناقته ))
لا تعلم كم يفرح الله إذا عدت إليه، واصطلحت معه، وتبت إليه، واستغفرته وسألته العفو والعافية والمعافاة الدائمة في الدين والدنيا والآخرة، وما دام القلب ينبض باب التوبة مفتوح على مصراعيه، لو جئتني بملء الأرض والسماء خطايا غفرتها لك ولا أبالي.
﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا (53) ﴾
باللغة الدارجة الصلحة بلمحة، والذي تاب إلى الله يعرف معاني ما أقول، أنت حينما تتوب إلى الله تنزاح عنك هموم كالجبال تشعر براحة ما بعدها راحة، مالك الملوك، ملك الملوك قيوم السماوات والأرض معك، وإذا كان الله معك فمَن عليك ؟ إذا كان عليك فمن معك ؟
العفو هو التجاوز عن الذنب وترك العقاب عليه:
الآن اسم العفو ورد في قوله تعالى:
﴿ إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا (149) ﴾
أنت حينما تعفو تتقرب إلى الله بكمال مشتق من كماله.
﴿ إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا (149) ﴾
آية ثانية:
﴿فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا (99) ﴾
كان الله أي كمالاته مع وجوده، كان الله ولم يكن معه شيء ومنذ أن كان الله هو عفو غفور، لا يوجد صفات طارئة.
﴿ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (60) ﴾
(( قلت: يا رسولَ الله إِنْ وَافَقْتُ ليلةَ القَدْرِ، ما أَدْعُو به ؟ قال: قُولي: اللهم إنك عَفُوٌّ كَرِيمٌ تُحِبُ الْعَفْوَ فاعْفُ عَنِّي ))
العفو هو الله من العفو، والعفو من صيغ المبالغة، والعفو هو التجاوز عن الذنب وترك العقاب عليه، وكل من استحق عندك عقوبة فتركت عقوبته فقد عفوت عنه، المعنى البسيط.
المؤمن إنساني يعرف لمن حوله حقه ولو كان تحت يده:
أيها الأخوة، جاء رجل إلى النبي عليه الصلاة والسلام فقال: يا رسول الله كم نَعفُو عن الخادم ؟ فَصَمَتَ، ثم أعاد عليه الكلام، فصمت، فلما كانت الثالثة قال:
(( اعفُ عنه في كل يوم سبعين مرة ))
إخوانكم جعلهم الله تحت أيديكم أطعموهم مما تأكلون، ألبسوهم مما تلبسون، لا تكلفوهم ما لا يطيقون، وإذا كلفتموهم أعينوهم على ذلك، يعني لا بد من توضيح فكرة أنا أرى أن الإنسان إما أن يكون إنسانياً أو عنصرياً، معنى عنصري أي يرى لنفسه ما ليس لغيره، ويرى على غيره ما ليس عليه، فهذا الخادم إنسان له مشاعر، له كرامة، له حاجات، ما دمت تعامله كإنسان فأنت إنساني ولو كان خادماً، الخادم عبد من عباد الله جعله الله تحت يديك وما لم يعامل الخادم كما يعامل الابن أنا أعني ما أقول، وما لم يعامل الخادم كما يعامل الابن فأنت عنصري.
قال لي شخص عندي شاب يتيم ذكي جداً طلب مني ساعة قبل الدوام يغادر ليتابع دراسته ليلاً، ما قبلت أخاف أن يتعلم ويفقس. يضع لابنه مليوني ليرة دروس خاصة ليكون طبيباً أما هذا اليتيم طلب منك ساعة قبل الدوام ليأخذ كفاءة ما قبلت، عنصري، حينما ترى ما لك ما ليس لزوجتك زوج عنصري، حينما تعامل زوجة ابنتك في البيت معاملة لا ترضاها لابنتك عنصري، عندما تميز نفسك على غيرك فأنت عنصري، المؤمن إنساني يعرف للناس حقهم، يعرف لمن حوله حقه ولو كان تحت يده.
هل تصدقون قبل بعثة النبي عليه الصلاة والسلام عنده سيدنا زيد بن الحارثة جاء أبوه وعمه ليعطوا النبي عليه الصلاة والسلام ما يريد، قال لا هو ابنكم خيروه فاختار أن يكون عند النبي، في إنسان يختار رجلاً غريباً عن أبيه وأمه وعمه ؟ ماذا لقي منه، ماذا لقي من معاملة ؟ من كرم ؟ من لطف ؟ فلذلك إن لم تعامل من حولك وكأنهم أولادك ففي مشكلة، الإيمان ما تغلغل إلى أعماق النفس.
معاني العفو:
من معاني العفو أنه يعطي معنى الكثرة وزيادة والدليل:
﴿وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ (219) ﴾
ما فضل عن نفقتكم، وعفا القوم أي كثروا، وعفا النبت أي نما وطال، معاني أخرى للعفو، لكن العفو سبحانه وتعالى هو الذي يعفو ويستر ويصفح عن الذنوب مهما كان شأنها ويستر العيوب ولا يحب إظهارها، يعفو عن المسيء كرماً وإحساناً ويفتح واسع رحمته فضلاً وإنعاماً، حتى يزول اليأس من القلوب وتتعلق بعلام الغيوب.
الإمام القرطبي من كبار العلماء والمفسرين يقول: العفو أن الله سبحانه وتعالى يعفو عن خلقه، وقد يكون هذا العفو بعد العقوبة أو قبلها.
أي هذا الذنب يستحق عقاباً معيناً، هذا المذنب يتحمل وزر هذا الذنب، العفو هو الذي لا يعاقب على هذا الذنب، أو يعاقب في الدنيا ويعفو في الآخرة، من أقيم عليه حدّ يعد إقامة الحد عليه سبباً لعفو الله عنه في الآخرة.
أما المغفرة لا يوجد معها عقاب، المغفرة أوسع من العفو، المغفرة لا عقاب معها أما العفو قد يكون عفواً في الدنيا قبل العقاب وقد يكون عفواً في الآخرة بعد العقاب.
تبديل السيئات حسنات مع الإقبال على الله في عدل و رحمة و تواضع:
أيها الأخوة، الله عز وجل يقول:
﴿إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (70) ﴾
يوجد مفهوم أنا لا أقبله إطلاقاً، أن السيئات مهما كانت كبيرة تنقلب يوم القيامة إلى حسنات كبيرة، معنى ذلك بقدر ما تستطيع افعل سيئات كبيرة حتى تصبح يوم القيامة حسنات كبيرة ؟ هذا المعنى مرفوض، لكن الإنسان كان غضوباً صار حليماً، كان بخيلاً صار كريماً، كان قاسي القلب صار رحيماً، تبديل السيئات حسنات مع البعد عن الله في سيئات في حمق في حقد في قسوة في ظلم في إجحاف لكن مع الإقبال على الله في عدل في رحمة في حلم في تواضع، هذا المعنى الذي يليق بالمؤمن.
﴿إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (70) ﴾
العفو و المغفرة:
أيها الأخوة:
(( يُدنى المؤمن من ربه حتى يضَع عليه كنَفَه، فيقرِّرُه بذنوبه: تَعْرِفُ ذَنّبَ كذا وكذا ؟ فيقول: أعرف ربِّ، أعرفُ، فيقول سَتَرْتُها عليك في الدنيا، وأغْفِرُها لك اليومَ، ثم تُطوى صحيفةُ حسناته.))
الله عز وجل في الدنيا يعفو عنك، يعني لا يعاقبك بعقاب الذنب الذي ارتكبته لكن في الآخرة يغفر لك، فالمغفرة لا يوجد معها عقاب، أما العفو قد يأتي بعده عقاب وقد لا يأتي وقد يسبقه عقاب، يوجد وزر تحمّله المذنب من هذا الذنب، العفو ألا يعاقب على هذا الوزر أما الفعل قائم.
كل إنسان سيرى عمله يوم القيامة عملاً عملاً:
أيها الأخوة، عندنا نقطة دقيقة أن الإنسان أعماله كلها سوف يراها، تعرض عليه.
﴿مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا (49) ﴾
الآن أحدث طريقة بالتحقيق أن تريه خطأه، في مخالفة سير يرى الصورة، يوجد أجهزة الآن تلتقط المخالفات لا يستطيع أن يتكلم و لا كلمة، لا يوجد حوار إطلاقاً، هذه مخالفتك، فالله سبحانه وتعالى يوم القيامة يري الإنسان عمله في بعض الآثار: قد تقع عين الأم على ابنها يوم القيامة، تقول الأم لابنها: هل من حسنة أنتفع بها من حسناتك ؟ جعلت لك صدري سقاء، وبطني وعاء، وحضني وطاء، فهل من حسنة يعود عليّ خيرها اليوم ؟ يقول لها ابنها: يا أمي، ليتني أستطيع ذلك إنما أشكو مما أنت منه تشكين .
(( يحشر الناس يوم القيامة حفاةً، عراةً، غرلاً ))
قالت: يا رسول الله، أينظر بعضنا إلى بعض ؟ قال: يا أم المؤمنين، الأمر أفظع مما يعنيهم ذلك.
والله بزلزال وقع في مدينة عربية حدثني صديق بيته أصابه هذا الزلزال، زوجته من شدة خوفها حملت ابنها الرضيع وانطلقت إلى الشارع ثم اكتشفت أن الذي حملته ليس ابنها بل هو حذاء زوجها.
﴿يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ (2) ﴾
﴿فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ (175) ﴾
بطولة الإنسان أن يعد العدة لمثواه الأخير:
أنا أقول يا أيها الأخوة، نحن أحياء والقلب ينبض ويوجد بالعمر بقية لما لا نتوب إلى الله.
(( لو يعلم المعرضون انتظاري لهم، وشوقي إلى ترك معاصيهم، لتقطعت أوصالهم من حبي، ولماتوا شوقاً إليّ، هذه إرادتي بالمعرضين، فكيف بالمقبلين ؟ ))
كنت أقول مرة: شخص ناجى ربه فقال يا رب إذا قلت لنبي كريم ولأخيه:
﴿اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (43) فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى (44) ﴾
إذا كانت رحمتك بمن قال أنا ربكم الأعلى هكذا فكيف رحمتك بمن قال سبحان ربي الأعلى ؟ إذا كانت رحمتك بمن قال ما علمت لكم من إله غيري فكيف رحمتك بمن قال لا إله إلا اله ؟
(( مرّ النبي عليه الصلاة و السلام بقبر فقال: صاحب هذا القبر إلى ركعتين مما تحقرون من تنفلكم خير له من كل دنياكم ))
البارحة حدثني أخ قال فلان راتبه بالشهر خمسمئة ألف، مدير مطعم بفندق خمس نجوم، يوجد إنسان أرباحه اليومية ملايين (اليومية)، يوجد إنسان اشترى أرضاً تضاعفت مئة ضعف مثلاً، صاحب هذا القبر إلى ركعتين مما تحقرون من تنفلكم خير له من كل دنياكم، فالبطولة أن نعد لهذه الساعة التي لا بد منها أن نعد لمثوانا الأخير، بيوتنا مثوى مؤقت، البطولة أن نعد لمثوانا الأخير.
قضية الدين قضية مصيرية:
أيها الأخوة الكرام، قضية الدين قضية مصيرية، فو الذي نفس محمد بيده ما بعد الدنيا من دار إلا الجنة أو النار.
أنت حينما ترى جنازة هل تعلم مصير هذا الإنسان ؟ إما إلى جنة يدوم نعيمها أو إلى نار لا ينفذ عذابها، والإنسان حينما يأتيه ملك الموت إن كان من أهل النار يصيح صيحة لو سمعها أهل الأرض لصعقوا.
﴿يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي (24) ﴾
نحن أحياء الآن الله يجعلنا من المؤمنين الصادقين.