- أسماء الله الحسنى
- /
- ٠2أسماء الله الحسنى 2008م
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
من أسماء الله الحسنى: (الباطن):
أيها الأخوة الكرام، لا زلنا في اسم "الباطن" ، الله جلّ جلاله باطن لأنه احتجب عن خلقه من أجل الابتلاء، الدنيا محسوسة، لكن حقائق الدين خبر في القرآن الكريم، الدنيا محسوسة، والآخرة أخبر الله عنها، فالذي يؤمن بالغيب أي يؤمن بما أخبر الله يستحق جنة الله، لذلك قال تعالى هو:
﴿ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ﴾
على شبكية العين ترى المرأة الجميلة، ترى البيت الرائع، لكن بالعقل تدرك أن هذه الدنيا زائلة، وأن نهاية كل إنسان الموت، وأن بعد الموت حياة أبدية، فالذي يؤمن بالغيب يستحق عطاء الله عز وجل.
الله جلّ جلاله باطن احتجب عن خلقه من أجل الابتلاء :
لذلك الله عز وجل باطن احتجب عن خلقه ابتلاءً لهم هو
﴿ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ﴾
لذلك جاءت الآية الكريمة:
﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ ﴾
في بعض الحالات، وفي أحيان كثيرة يبدو أن الله غافل، يبدو، فجاء النهي الإلهي
﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ ﴾
﴿ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ ﴾
إذاً الله عز وجل أحياناً ظاهر، أحياناً الكافر يقول: لا إله إلا الله، وأحياناً الله يحتجب عن عباده، فلذلك إذا احتجب من أجل أن يمتحنهم.
الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً: بالآية ملمحان:
1 ـ الإنسان بالدنيا أمام خيارات كثيرة أما عند الموت هو بين خيارين اثنين لا ثالث لهما:
هو
﴿ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ﴾
يوجد بالآية ملمحان دقيقان، بدأ بالموت، الإنسان حينما يولد أمام خيارات لا تعدّ ولا تحصى، قد يكون تاجراً، قد يكون عالماً، قد يكون ضابطاً، قد يكون طياراً، قد يكون مزارعاً، أما حينما يأتيه ملك الموت هو بين خيارين اثنين لا ثالث لهما:
(( فوالذي نفس محمد بيده ما بعد الدنيا من دار إلا الجنة أو النار ))
لأن الموت وراءه في خيارين فقط، لذلك خطير جداً،
﴿ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ﴾
2 ـ امتحان الله عز وجل للإنسان من أجل التفاوت بين الناجحين فقط:
الملمح الثاني: هو الامتحان لا من أجل أن يُعرف الناجح من غير الناجح المفروض أن الجميع ناجح، أما الامتحان من أجل التفاوت بين الناجحين، هناك أدلة دقيقة وكثيرة ولا متناهية تدل على الله، فالمفروض أن ينجح جميع الخلق، لكن الامتحان من أجل التفاوت بين الناجحين فقط،
﴿ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ﴾
لكن في الآخرة يُكشف هذا الحجاب إكراماً لعباده، قال تعالى:
﴿ لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ ﴾
عدم رؤية الله عز وجل في الدنيا و رؤيته في الآخرة جزاءً و إكراماً:
أيها الأخوة، الله عز وجل لا يُرى في الدنيا.
﴿ لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ ﴾
ابتلاء، وسوف يُرى في الآخرة، جزاءً وإكراماً.
﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ﴾
الله عز وجل ظاهر، في الزلازل مثلاً هذا من فعل الله مباشرة، في الأعاصير، في الأمطار، أحياناً في الرخاء، في خيرات الأرض، في الأمطار الغزيرة، في النبات الغزير الله عز وجل ظاهر، لكن أحياناً يكون الله باطناً، في الحروب ترى جيشاً يحارب، إنساناً يقتل، جيشاً يجتاح، قوة قاهرة تغتصب، تنهب الثروات، تذل الناس، ففي أفعال يبدو فيها الله ظاهراً.
يعني طفل وقع من الشرفة فنزل ميتاً، والد هذا الطفل يحقد على من ؟ لا يوجد إنسان سبّب هذا الموت، أما إذا سائق دهس الطفل أمام الأب خصم، أمام الأب إنسان كان سبب موت هذا الطفل، الأولى فعل الله واضح تماماً، أما الثانية في إنسان جاء هذا الفعل على يده.
أفعال الله واضحة يراها المؤمن و غير المؤمن:
أحياناً كثيرة جداً الله عز وجل ظاهر، بل يراه المنحرفون، يراه الشاردون يقول: لا إله إلا الله.
مرة جاءت عاصفة أتلفت ألف و خمسمئة بيت زراعي، يقول لي أحد الأخوة الكرام في أثناء جولته في المنطقة التي أتلفت فيها هذه البيوت، قال لي: عجيب ! التقينا مع أناس من كل الأطياف، كلهم يقول: صاحب البيت السيئ هو الذي دُمر بيته، حتى في بيتين متلاصقين لأخوين الأول صالح، والثاني طالح.
أحياناً كثيرة جداً الله ظاهر، يراه المؤمن وغير المؤمن، يراه الشارد، يراه الغافل، يراه العاصي، فعل الله واضح، وأحياناً ترى إنساناً قوياً، ترى طاغيةً، ترى جباراً يفعل ما يقول، يتفنن بإذلال الناس، بنهب ثرواتهم، بقتل شبابهم.
البطولة لا أن ترى الله ظاهراً، المؤمن وغير المؤمن حينما يظهر الله آياته تراه ظاهراً، المؤمن وغير المؤمن، لكن البطولة حينما يكون الله باطناً، الظاهر قوة غاشمة طاغية، إنسان أداة حرب، هتلر دمّر خمسين مليون إنسان قتل، فالبطولة عند الشدة التي تأتي على يد إنسان أن ترى الله وراءه، أن ترى الله سمح له، أن ترى الله سمح له لحكمة بالغة.
كل شيء وقع أراده الله لكن المؤمن يرى يد الله فوق أيدي الناس:
لذلك أيها الأخوة:
﴿ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى ﴾
﴿ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ ﴾
الله باطن، لكن المؤمن يرى يد الله فوق أيديهم، المؤمن يرى
﴿ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى ﴾
الآن في آية واضحة جداً:
﴿ قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِنْ فَوْقِكُمْ ﴾
هذه الصواعق، والآن الصواريخ.
﴿ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ ﴾
هذه الزلازل، أو الألغام، أما الثالثة:
﴿ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ ﴾
هذا قهر الإنسان، قهر الإنسان أصعب من الزلزال، أصعب من الفيضان ، أصعب من الصاعقة، إنسان يتفنن في الإذلال.
﴿ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ ﴾
﴿ قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً ﴾
هذه الحروب الطائفية
﴿ وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ ﴾
كل شيء وقع أراده الله، لا يليق أن يقع في ملك الله ما لا يريد، لا يقبل، ولا يعقل أن يقع في ملك الله ما لا يريد.
تعلق إرادة الله بالحكمة المطلقة:
إذاً كل شيء وقع لأنه وقع أراده الله، أي سمح به فقط، العلماء لهم قول رائع: أراد ولم يأمر، أراد ولم يرضَ، معنى أراد في القرآن تعني أنه سمح فقط، سمح لهذا القوي أن يفعل ما يفعل، لكن الله لم يأمره بذلك، والله عز وجل لم يرضَ عنه بهذا العمل، لكن لحكمة بالغة بالغةٍ بالغة سمح له، إذاً كل شيء وقع أراده الله، وكل شيء أراده الله وقع، افهم هذه الحقيقة على طريقتين الذي أراده الله وقع.
﴿ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلَا مَرَدَّ لَهُ ﴾
وكل شيء أراده الله وقع، قال: وإرادة الله متعلقة بالحكمة المطلقة، أي أن كل شيء وقع لو لم يقع لكان الله ملوماً يوم القيامة.
﴿ وَلَوْلَا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾
إذاً كل شيء وقع أراده الله، وكل شيء أراده الله وقع، وإرادة الله متعلقة بالحكمة المطلقة، والحكمة المطلقة متعلقة بالخير المطلق.
من يؤمن بالله و يعرفه يصبر على ما أصابه:
الآن أيها الأخوة، في آيتين الأولى:
﴿ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ﴾
إذا طفل صغير على كرسي طبيب الأسنان، لا يحتمل الألم، يصرخ، يبكي قد يمسك يد الطبيب، قد يحرك يديه ورجليه، قد يُتعب الطبيب كثيراً، لأنه لا يعلم أن هذا الألم مؤقت ولصالحه، أما الكبير الراشد يتألم، لكنه يتماسك، يضغط على أسنانه، لأنه يعلم علم اليقين أنه جاء إلى الطبيب باختياره، وسيعطيه أجر هذا الألم، لأنه هذا الألم لمصلحته.
فالذي يصبر يعرف الله
﴿ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ﴾
لكن في آية أخرى فيها تعديل:
﴿ وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ ﴾
الأول:
﴿ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ﴾
الآية الثانية:
﴿ وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ﴾
هذه لام المزحلقة، هي لام التأكيد، زُحلقت من المبتدأ إلى الخبر، لصبرك على ما أصابك من عزم الأمور، فزحلقت من الخبر
﴿ وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ﴾
هذه
﴿ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ﴾
أصبحت
﴿ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ﴾
لماذا ؟ الآية الأولى هي القضاء والقدر الذي يأتي من الله مباشرة
﴿ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ﴾
أما الآية الثانية للقضاء والقدر الذي يأتي على يد إنسان
﴿ وَلَمَنْ صَبَرَ ﴾
على قضاء الله وقدره
﴿ وَغَفَرَ ﴾
لمن هذا الذي سبب هذا القضاء والقدر
﴿ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ﴾
يحتاج إلى إيمان أقوى.
التوحيد يلغي الحقد من نفس المؤمن:
لذلك أيها الأخوة، البطولة لا أن تراه الظاهر، فالكل يراه ظاهراً، حتى الغافلون، حتى الشاردون، لكن بطولتك كمؤمن أن تراه "الباطن" أن ترى يد الله فوق أيديهم، أن ترى أن يد الله تعمل وحدها، أن ترى أن كل شيء وقع أراده الله.
أريد أن أضرب مثلاً لكن دقيق جداً: إنسان يعمل في تجارة الأقمشة، عنده موظف اختلف معه وطرده، هذا الموظف يعرف أسرار هذا المحل التجاري، فأبلغ الجهات المسؤولة عن مخالفة جمركية كبيرة جداً، فجاءت هذه الضابطة الجمركية وأوقعت في هذا التاجر خسارة تقترب من معظم رأسماله، هذا التاجر من شدة ألمه من هذا الموظف عنده مسدس أطلق عليه النار فأرداه قتيلاً، حكم ثلاثين عاماً، تحليل القصة: لو أن هذا التاجر يعرف الله تماماً وفعل معه هذا الموظف ما فعل، لعلم أن الله سمح له، الله باطن سمح له، لأن علاقته مع الله في هذا الموضوع، لا يحقد عليه، لكن يراجع حساباته مع الله.
دققوا: التوحيد مهمته ألا تحقد، ما دام الله سمح لهذا القوي أن يفعل بي ما فعل معنى الله عز وجل سمح له، والله حكيم، وعادل، ورحيم، ولأفعاله حكمة ما بعدها حكمة، لو أن الإنسان رأى الله باطناً في هذا الحدث المؤلم الذي سببه إنسان لك فشفيت من الحقد عليه وراجعت نفسك، ليس هذا أن لا تأخذ بحقك إطلاقاً، لكن التوحيد يلغي الحقد، لأنه:
﴿ وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ ﴾
لكن ما في حقد، ما أشرك، ما رأى أن هذا الإنسان دمره، يرى أن الله لحكمة بالغةٍ بالغة بالغة سمح له أن يفعل ما فعل، علاقته مع الله، يتصرف بحكمة مع هذا الإنسان لكن لا يحقد.
لذلك أيام التوحيد يحل مشكلة كبيرة جداً، والشرك يسبب مشكلة كبيرة جداً التوحيد يحل مشكلة، والشرك يسبب مشكلة.
﴿ وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ ﴾
لا يخافن العبد إلا ذنبه، ولا يرجون إلا ربه:
لذلك سيدنا هود خاطب قومه فقال:
﴿ فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ * إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا ﴾
في وحوش مخيفة، في طغاة، في جبارين، مرة سعيد بن المسيب، قال له الحجاج: سأقتلك، قال له: والله لو علمت أن حياتي بيدك لعبدتك من دون الله.
أيها الأخوة، هذا سيدنا هود
﴿ فَكِيدُونِي جَمِيعاً ﴾
سيدنا إبراهيم دققوا:
﴿ وَلَا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ ﴾
أنا لا أخاف هؤلاء الشركاء الأقوياء.
﴿ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئاً ﴾
إلا إذا سمح الله له، موقفك العلمي في جهة قوية ظالمة، علاقتك مع الله، لكنك مؤمن لو أنك أذنبت مع الله قد يسمح الله له أن يصل إليك، علاقتك مع الله، لذلك لا يخافن العبد إلا ذنبه، لا تخاف من قوي، ولا من جبار، ولا من طاغية، خاف ذنبك الذي يكون سبباً لوصول هذا القوي إليك، لا يخافن العبد إلا ذنبه، ولا يرجون إلا ربه،
﴿ وَلَا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئاً ﴾
﴿ وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً ﴾
ظلم الأقوياء نقمة الله:
من هنا الإمام الحسن البصري قال: ظلم الأقوياء نقمة الله، ونقم الله تردّ بالصلح معه أولاً، ثم بالمقاومة ثانياً، لذلك الله يعلم.
﴿ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا ﴾
والله قادر على كل شيء قدير.
﴿ وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ ﴾
ولا يقع في ملكه إلا ما يريد، لكن خطة الله تستوعب خطة الأقوياء، يتحركون بخطة من عند الله، لحكمة بالغةٍ بالغة، يعني بشكل أو بآخر الأقوياء عصي بيد الله.
الآن في إنسان عاقل يتلقى ضربة بعصا يحقد على العصا ؟ يكون أحمقاً، الألم لا من العصا، هذه أداة، لكن يتألم ممن أمسك بالعصا وضرب، فإذا كان الفاعل هو الله، هو الحكيم، هو الرحيم، هو العليم، هو العدل، فأنت تراجع نفسك بعدئذٍ.
مرة سألوا تيمور لنك من أنت ؟ سبحان الله ! أجاب إجابة رائعة، قال: أنا غضب الرب، الإنسان يغضب يرفع صوته، يغضب يكسر، يغضب يدفع الباب بعنف، فإذا غضب الله عز وجل يرسل تيمور لنك، من أنت ؟ قال له: أنا غضب الرب.
فعل الله عز وجل هو النافذ في أي زمان و مكان:
الله عز وجل باطن، هذا امتحان صعب جداً، ونحن فيه الآن، أنا ركزت على هذا، نحن في هذا الامتحان الآن، على الشبكية في أقوياء، في قرار يتخذ بالحصار الاقتصادي، في قرار يتخذ باجتياح، بإلقاء القنابل، بضرب المدن، نحن في هذا الامتحان الصعب، فالله سبحانه وتعالى باطن، في أحيان كثيرة لكن فعله هو النافذ، الدليل:
﴿ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ ﴾
﴿ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾
والآية الدقيقة:
﴿ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾
على الإنسان ألا يقيّم أي جهة في الأرض إلا إذا ضمت الآخرة إلى الدنيا:
تطبيقات هذا الاسم: عود نفسك أن تتجاوز الصورة إلى الحقيقة، لو دخلت لبيت لا سمح الله ولا قدر تاجر مخدرات، سبعمئة متر، بموقع رائع، بأثاث يصعب وصفه ودخلت لبيت موظف مستقيم، مؤمن، طاهر، 45 متراً، بأثاث متواضع، ببيت رخيص عود نفسك أن تحترم صاحب هذا البيت المتواضع لأنه مستقيم، ما بنى مجده على أنقاض الناس، عود نفسك تحتقر تاجر المخدرات، مع هذا البيت العظيم، لأن هذا البيت بني على تدمير الأسر، كل أسرة فيها شاب وقع في المخدرات دُمرت، عود نفسك تتجاوز الصورة الظاهرة، بالسبعينات بنوا كازينو كلفة الصالة الواحدة فيه خمسين مليون دولار، بالسبعينات وجامعة دمشق، بناء قديم، من عهد الفرنسيين، متداعٍ، جامعة دمشق تخرج علماء، أطباء، مدرسين، مهندسين، محامين، تخرج قادة للأمة، أما ذاك الكازينو ماذا يخرج ؟ منتحرين.
عود نفسك أن تتجاوز الصورة الظاهرة إلى حقيقتها، لذلك لا تقيّم جهة في الأرض إلا إذا ضممت الآخرة إلى الدنيا، في مطاعم خمس نجوم، في خمر، ونساء كاسيات عاريات، مطعم متواضع جداً لكن صاحبه مؤمن، لا يلحق مصروفه، عود نفسك أن تضيف الآخرة إلى الدنيا، ثم وازن، الغنى والفقر بعد العرض على الله، بأي تقييم تقيّم إنساناً، تقيّم جهة، تقيم شركة، تقيّم مشروعاً تجارياً، تقيّم شيئاً مع آخرته.
العاقل من قيّم الآخرين تقييماً حقيقياً لا تقييماً ظاهرياً:
لذلك قارون:
﴿ فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ * وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ * فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ ﴾
عود نفسك تقيّم تقييماً حقيقياً لا تقييماً ظاهرياً، قال تعالى:
﴿ فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾
قيّم تقييماً حقيقياً، احترم إنساناً دخله شرعي، وحجمه متواضع جداً، ولا تحترم إنساناً دخله غير شرعي وظالم.
المؤمن يشهد المنعم و غير المؤمن يشهد النعمة:
لذلك أيها الأخوة، غير المؤمن يشهد النعمة، لكن المؤمن يشهد المنعم، هذا الفرق الواضح الصارخ، بين مؤمن، وبين غير المؤمن، المؤمن يشهد المنعم لكن غير المؤمن يشهد النعمة.
(( قال: يا ربي أي عبادك أحبّ إليك حتى أحبه بحبك ؟ قال: أحبّ عبادي إليّ تقي القلب، نقي اليدين، لا يمشي إلى أحد بسوء، أحبني، وأحبّ من أحبني، وحببني إلى خلقي، قال: يا رب إنك تعلم أني أحبك، وأحبّ من يحبك، فكيف أُحببك إلى خلقك ؟ قال: ذكرهم بآلائي، ونعمائي، وبلائي ))
مرة قال لي شخص: ماذا رأيت في الغرب ؟ قلت له: على الشبكية جنة، إذا في بالأرض جنة هناك لكن على الشبكية فقط، أما على الدماغ شيء آخر، إباحية، تفلت زنا.
زرت مدينة من أجمل مدن العالم بأمريكا 75 % من سكانها شاذون جنسياً بطولتك أن ترى الحقيقة، أن ترى إنساناً يعمل لأخرته، مستقيماً على أمره، هذا اسم الله الظاهر والباطن، يكون ظاهراً أحياناً، ويكون باطناً أحياناً، ونحن في أصعب الامتحانات الآن.