- أسماء الله الحسنى
- /
- ٠2أسماء الله الحسنى 2008م
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
من أسماء الله الحسنى: (السلام):
أيها الأخوة الكرام، مع اسم جديد من أسماء الله الحسنى، والاسم اليوم "السلام".
ورود اسم السلام في القرآن مرة واحدة و الإكثار من هذا الاسم في السنة الشريفة:
ورد هذا الاسم في القرآن الكريم في موضع واحد، يقول الله عز وجل:
﴿ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ ﴾
وفي صحيح البخاري، أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول:
(( فإن الله هو السلام ))
وفي صحيح مسلم كان عليه الصلاة والسلام إذا انصرف من صلاته قال:
(( اللَّهم أنْتَ السَّلامُ، ومِنكَ السَّلامُ، تَبَاركتَ يا ذَا الجلالِ والإكرَام ))
وكان عليه الصلاة والسلام يكثر من ذكر اسم "السلام"، وفي صحيح الجامع الصغير:
(( إن اسم السلام من أسماء الله تعالى فأفشوه بينكم ))
لذلك تحية المؤمنين فيما بينهم السلام عليكم.
الجنة دار السلام لأنها مبرأة من كل هذه العيوب:
أيها الأخوة، "السلام" اسم للموصوف بالسلامة، يعني الله جل جلاله ذو السلامة والسلامة الأمن، والطمأنينة، والحصانة، والاطمئنان، والبراءة من كل آفة ظاهرة وباطنة، والخلاص من كل مكروه وعيب، الله عز وجل "السلام" أي ذو السلامة، الجنة هي دار السلام، لأنها دار السلامة من كل متاعب الدنيا، يوجد في الدنيا أمراض، تقدم بالسن، زواج غير ناجح، ولد عاق، فقر، مرض، كل آفات الدنيا، دار السلام سميت دار السلام لأنها مبرأة من كل هذه العيوب.
أيها الأخوة، و "السلام" التحية، التحية الخالصة من سوء الطوية، ومن خبث النية، والله سبحانه وتعالى يدعو إلى إلقاء السلام، قال تعالى:
﴿ وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَاماً ﴾
والله عز وجل يدعو إلى سبل السلام، والله عز وجل يدلك على طريق تسلم فيه من كل متاعب الدنيا.
﴿ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ ﴾
ويدعو إلى سبل السلام، قال تعالى:
﴿ يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ ﴾
منهج الله عز وجل يفضي بالإنسان إلى السلامة:
أنت إذا طبقت منهج الله أنت في سلام مع نفسك، لأن الإنسان إذا خالف فطرته يعذب عذاباً شديداً من قبل ذاته، يعيش حالة احتقار الذات، يعيش حالة عقدة الذنب، يعيش حالة الانهيار الداخلي، أنت إذا بنيت مجدك على أنقاض الناس، أنت إذا بنيت غناك على إفقارهم، أنت إذا بنيت أمنك على خوفهم، إنك إن بنيت وجودك على موتهم، إنك إن بنيت عزك على ذلهم، تشعر بانهيار داخلي، ولو كنت في أعلى مقام، تشعر بحالة اسمها احتقار الذات، اختلال التوازن، لكنك إذا طبقت منهج الله عز وجل هذا المنهج يفضي بك إلى سلام مع نفسك، وإلى سلام مع ربك، وإلى سلام مع من حولك، منهج الله عز وجل ينتهي بك إلى "السلام"، "السلام" السلامة، ما في قهر، ما في احتقار للذات، ما في عقدة الذنب، ما في شعور بالانحطاط.
الله عز وجل يهدي كل إنسان إلى سبل السلام ليرضى عنه و يحبه:
أيها الأخوة الكرام، لولا أن فطرة الإنسان سليمة لما شقي إنسان، لماذا يشقى ؟ لأن الله فطره فطرة سليمة، فإذا خرج عن مبادئ فطرته، إذا أساء إلى خلق الله عز وجل ذاته تعذبه، نفسه تعذبه.
﴿ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ﴾
الله عز وجل يهديك إلى سبل "السلام"، لو طبقت منهج الله في علاقتك بزوجتك تعيش في سلام معها، لو طبقت منهج الله في كسب مالك، أنت في حرز حريز من إتلاف المال، إذا طبقت منهج الله في تربية أولادك، هذا المنهج يفضي بك إلى سلام مع أولادك.
فمنهج الله عز وجل بتفاصيله يفضي بك إلى "السلام"، وإذا أردنا أن نوضح أركان "السلام" أنت في سلام مع الله.
﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾
هل من مرتبة أعلى من أن تكون في سلام مع الله ؟ هل من مرتبة أعلى من أن تشعر أن خالق السماوات والأرض يحبك ؟ هو وليك، يدافع عنك، يفوقك، ينصرك يحفظك، إنك إن طبقت منهج الله عز وجل أنت في سلام مع نفسك، حالة المؤمن أنه طاهر، أنه ما بنى مجده على أنقاض أحد، أنه ما سبب آلاماً للناس، كان معطاءً، كان مصدر أمنٍ لهم، كان مصدر سعادة لهم، أنت إذا طبقت منهج الله في سلام مع نفسك، تنام قرير العين، تنام مرتاح البال، تنام وأنت تشعر أن الله يحبك، لأنك أحسنت إلى خلقه.
(( الخلق عيال الله فأحبهم إلى الله أنفعهم لعياله ))
من طبق منهج الله عز وجل فهو في سلام مع نفسه و ربه و مع من حوله:
الله عز وجل "السلام" لأنك إن طبقت منهجه أخذك إلى "السلام" في سلام مع نفسك، في سلام مع ربك، في سلام مع من حولك، هذا المنهج الإلهي التفصيلي في كسب مالك، في إنفاق مالك، في زواجك، في حلك، في ترحالك، في إقامتك، في سفرك، في أفراحك، في أتراحك، أنت إذا طبقت منهج الله عز وجل في سلام مع من حولك، علاقات المؤمن كلها ناجحة، علاقات طيبة، علاقات مودة مع الآخرين، لأنه محسن إليهم، لأنه يلتزم منهج الله، لأنه يعرف ما له وما ليس له، أنت إذا طبقت منهج الله عز وجل حققت وجودك.
أريد أن أؤكد لكم أيها الأخوة، أنك إذا طبقت منهج الله في سلام مع جهات ثلاث الأولى أنت في سلام مع الله، والثانية أنت في سلام مع نفسك، والثالثة أنت في سلام مع من حولك، لماذا وضع الله لنا دستوراً تفصيلياً نسير عليه ؟ من أجل "السلام"، والكلمة الآن المحببة في العالم "السلام"، لأن الأرض، تمتلئ ظلماً، وجوراً، وقهراً، وقتلاً، واستغلالاً وطمعاً، وقمعاً، لأن البشر الآن ابتعدوا عن منهج الله.
من اتقَ الله عز وجل أدخله جنات أُعدت له:
أيها الأخوة، الله سبحانه وتعالى يدعو إلى إلقاء "السلام"، والله عز وجل يدعو إلى سبل "السلام"، من اتق الله في اختيار زوجته، هو في سلام مع زوجته، من اتقَ الله في كسب ماله، هو في سلام مع هذا المال، لم يتلف، لم يدمر، لن يخسره فجأة، ثم في النهاية
﴿ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ ﴾
إلى الجنة:
(( أعْدَدْتُ لعباديَ الصالحين ما لا عين رأتْ ولا أذن سمعتْ، ولا خطَر على قلبِ بَشَرْ ))
وفي الحديث ملمح لطيف
(( أعْدَدْتُ لعباديَ الصالحين ما لا عين رأتْ ))
هناك دائرة المرئيات، لكن دائرة المسموعات أوسع بكثير من دائرة المرئيات
(( ولا أذن سمعتْ ))
أنت شاهدت بضع مدن في العالم، مئة مدينة، لكنك تستمع في الأخبار إلى آلاف المدن
(( أعْدَدْتُ لعباديَ الصالحين ما لا عين رأتْ ولا أذن سمعتْ ))
أما الدائرة الثالثة
(( ولا خطَر على قلبِ بَشَرْ ))
دائرة المرئيات، فالمسموعات، فالخواطر.
أيها الأخوة الكرام، هذه الجنة التي أعدت لنا إلى أبد الآبدين، أيعقل أن نخسرها في سنوات معدودات، انغمس فيها الإنسان في المعصية والإثم،
﴿ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ ﴾
﴿ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾
السلام من سلمت أفعاله من شر:
أيها الأخوة، اسم "السلام" اسم يجعلك في سلام، اسم "السلام" يهديك إلى سبل "السلام"، اسم "السلام" اسم ينقلك إلى دار "السلام"، الذي يعانيه البشر اليوم مما لا يوصف من القهر، والاستغلال، والقتل، والتشريد، والإفقار، والإذلال، الأرض الآن تضج في الشكوى إلى الله عز وجل، والله هو "السلام".
أيها الأخوة، "السلام" هو الذي سلمت أفعاله من كل شر، ليس في الكون شر مطلق، هناك شر نسبي، يعني إنسان قد يمرض لكن نتائج هذا المرض قد تكون في صالح إيمانه، أحياناً تلتهب الزائدة، وأنا أسميها الذائدة، ولـ35 عاماً أنا أؤكد أنه من باب اليقين الإيماني لا يمكن أن يكون في خلق الله شيء زائد.
من أيام جاءتني رسالة من بلاد بعيدة تؤكد أنه بخلاف ما كان الأطباء يتوهمون هذه الزائدة الدودية بحسب تسميتهم لها وظيفة خطيرة، اكتشفت في وقت متأخر جداً، وليس صحيحاً أن استئصالها ليس له مضاعفات إطلاقاً، لذلك ينبغي أن نسميها الذائدة الدودية وليست الزائدة، وفرق كبير بين الذائدة، أي المدافعة، وبين كلمة الزائدة التي توهم أن لا وظيفة لها.
الشر المطلق لا وجود له في الكون لأنه يتناقض مع وجود الله:
أيها الأخوة، الشر النسبي موظف للخير المطلق، الشر المطلق لا وجود له في الكون، لأن الشر المطلق يتناقض مع وجود الله، ما معنى يتناقض مع وجود الله ؟ تقول أبيض وأسود، هذان لونان متعاكسان، وقد يجتمعان، لكن الضوء والظلام متناقضان، لأن وجود الآخر ينقض وجود الثاني، لك أن تزين بيتك بخطوط عرضية، سوداء وبيضاء، كما تحتفل به الشام من فلكلور، أبيض وأسود، الأبيض والأسود يجتمعان، لكن الضياء والظلام لا يجتمعان، وجود أحدهما ينقض الآخر، فالشر المطلق، يعني الشر للشر، لا وجود له في الكون.
﴿ قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ ﴾
لم يقل بيدك الخير والشر، قال:
﴿ بِيَدِكَ الْخَيْرُ ﴾
لأن إيتاء الملك خير أحياناً، وأن نزع الملك خير، وأن الإعزاز خير، أن الإذلال خير، من هنا يرى علماء العقيدة أنه لا ينبغي أن تقول الله ضار، هو ضار والضار من أسماء الله، ينبغي أن تجمع الاسمين معاً، هو ضار نافع، خافض رافع، مذل معز، أي أنه يضر لينفع، ويأخذ ليعطي، ويبتلي ليجزي، ويخفض ليرفع، ويذل ليعز.
" إن هذه الدنيا دار التواء، لا دار استواء، ومنزل ترح لا منزل فرح، فمن عرفها لم يفرح لرخاء ولم يحزن لشقاء، قد جعلها الله دار بلوى، وجعل الآخرة دار عقبى، فجعل بلاء الدنيا لعطاء الآخرة سببا، وجعل عطاء الآخرة من بلوى الدنيا عوضا، فيأخذ ليعطي، ويبتلي ليجزي ".
أي مصيبة يسوقها الله لعباده في الدنيا خير بالنسبة إلى مستقبلهم:
أيها الأخوة، الشر النسبي موظف للخير المطلق.
﴿ وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾
﴿ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا ﴾
هذا الشر النسبي.
﴿ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾
الخير المطلق، إذاً أي مصيبة يسوقها الله لعباده في الدنيا هي شر بالنسبة إليهم لكنها خير بالنسبة إلى مستقبلهم، يعني شدة الأب أحياناً تجعل ابنه إنساناً عظيماً، التشديد على شاب من قبل أبيه وأمه هذا التشديد قد يسوقه إلى أن يكون شيئاً مهماً في المجتمع.
أيها الأخوة، النبي عليه الصلاة والسلام يقول:
(( والشَّرُّ لَيسَ إليكَ ))
أوضح مثل: لو أن إنساناً قاد أحدث مركبة صنعت حتى الآن، قادها وهو مخمور، فسقط في الوادي، وتحطم، هل هذا التحطم له صانع ؟ هل هناك معمل جعلها هكذا ؟ مستحيل ! هذا التحطم نتيجة أن إنساناً خالف المنهج القويم في قيادتها، كان مخموراً فقادها فنزل بها في الوادي فتحطمت، نقول هذا الشر ليس من المعمل الصانع، هذا الشر من سوء استخدامها، بل إن فلسفة الشر أنه سوء استخدام، أليس الملح حاجة ثمينة ؟ أليس السكر مادة ثمينة ؟ أليس مسحوق التنظيف مادة ثمينة ؟ تدفع ثمنها غالياً، ضع مسحوق التنظيف في الطبخ، لا تأكله، هل نقول هذه المواد التي خلقها الله لنا هي شر ؟ لا، هي خير، ولكن سوء الاستخدام جعلتها شراً، هل يوضع الملح في الحلويات ؟ لا تأكلها، فهو الشر أحياناً يأتي من سوء الاستخدام، والنبي عليه الصلاة والسلام حسم هذا الموضوع فقال:
(( والشَّرُّ لَيسَ إليكَ ))
الله عز وجل "السلام" أي:
أيها الأخوة، السيارة لماذا صنعت ؟ بتعبير فلسفي ما علة صنعها ؟ صنعت من أجل أن تسير، لماذا وضعت فيها مكابح ؟ مع أن فلسفة المكبح أنه يتناقض مع علة صنعها هي صنعت للسير، والمكبح يوقفها، المكبح في فلسفته يتناقض مع علة صنعها، لكنه أكمل ضمان لسلامتها، فإذا فهمت المصيبة على أنها مكبح لهذه المركبة أي من أجل السلامة، كم من إنسان انحرف فجاء التأديب الإلهي، وهو بالنسبة إليه شر نسبي، لكن هذا الشر النسبي وظف للخير المطلق.
1 ـ يهديك إلى سبل السلام:
لهذا علاقة البشر مع ربهم يوم القيامة، هذه العلاقة ملخصة في كلمة واحدة:
﴿ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾
والله أيها الأخوة، هذا يقيني وإيماني، أن الله سبحانه وتعالى حينما يكشف لعبده يوم القيامة عن حكمة ما ساقه له من شدائد، ينبغي أن يذوب كما تذوب الشمعة محبة لله.
أيها الأخوة، هذا هو المعنى الأول، الله "السلام" يهديك إلى سبل السلام يدعوك إلى جنة عرضها السماوات والأرض، يدعوك
﴿ إِلَى دَارِ السَّلَامِ ﴾
2 ـ ذو سلامة لعباده:
المعنى الثاني: الله عز وجل "السلام" أي ذو سلامة لعباده، وخلق الإنسان، وما حول الإنسان يؤكد هذا الاسم، الجهاز العظمي، هذا الجهاز ينمو، لكن لحكمة بالغة عند حد ما يقف النمو، وهذا من رحمة الله بنا، عندنا مرض خطير اسمه العملقة، يستمر النمو لكن من أعطى لهذه الخلية العظمية أمراً بأن تقف ؟ القابض، بلغ هذا الشاب طولاً معيناً فتوقف النمو، هذا من رحمة الله بنا، لو تابع نموه لوقع في مرض خطير ونادر هو العملقة ولو قلّ نموه لوقع في مرض خطير ونادر هو القزم، إنسان قزم.
إذاً الله عز وجل يسمح لهذه الخلية بالنمو إلى حد ما، ويقف النمو، وتكسر رجل الإنسان أحياناً، هذه الخلية التي أمرت بالتوقف تستيقظ، وتعيد التئام طرفي العظم، قد تنام الخلية العظمية سبعين عاماً، وفي نهاية المطاف تكسر إحدى أعضاء هذا الإنسان تستيقظ هذه الخلية، وتسهم في التئام هذا العظم، يد من ؟ حكمة من ؟ هل يوجد بعالم المادة، بعالم الميكانيك، قطعة تنكسر نقول لصاحب هذه المركبة دعها بعد حين تلتحم ؟ انظر إلى تصميم الله عز وجل، أي عظم يكسر مهمة الطبيب العظمي فقط أن يضع القطعتين بشكل صحيح وبعدها العظم وحده يستيقظ، وتلتئم هذه العظمة.
لماذا جعل أعصاب حس في الأسنان ؟ من أجل ألا تخسر أسنانك، عصب الحس في الأسنان جهاز إنذار مبكر، إذا تلف السن، ووصل التلف إلى العصب الحسي لا تنام الليل تبادر إلى إصلاح هذا السن، لولا أعصاب الحس في الأسنان لخسرنا كل أسنانا.
لماذا جعل عصب حس في نقي العظام ؟ لأن هذا العظم إذا كسر، من شدة الألم من شدة عصب الحس في نقي العظام تبقي هذه القطعة على حالها، وإبقاؤها على حالها أربعة أخماس العلاج.
التفكر في خلق السماوات والأرض أقصر طريق لمعرفة الله:
إذاً الله ذو السلامة لعباده، أعطاك جهاز مناعة، جيش عرمرم، بكل ما في هذه الكلمة من معنى، هذا الجيش في فرقة استطلاع، فرقة تصنيع السلاح، فرقة مقاتلين، فرقة خدمات، فرقة مغاوير، خمس فرق في هذا الجيش، من أجل سلامتك، من أجل مكافحة الأمراض.
من جعل كل كلية فيها عشرة أضعاف حاجة الإنسان ؟ أنت تملك كليتين، الطاقة التصفوية لهاتين الكليتين عشرون ضعفاً عن حاجتك، لأن الله ذو السلامة لعباده.
من جعل في القلب مركز تنبيه خاص ؟ القلب لأنه من أنبل أعضاء الإنسان وعلى نبضه تتوقف حياة الإنسان، جعل الله في القلب مركزاً كهربائياً خاصاً، تتلقى منه الأمر بالنبض، ماله علاقة بالشبكة العامة، القلب يتلقى أمراً بالنبض من مركز كهربائي ذاتي فإذا تعطل هذا المركز هناك مركز احتياطي، فإذا تعطل الثاني هناك مركز احتياطي ثالث لأن الله ذو السلامة لعباده.
أيها الأخوة، قضية اسم "السلام" يمكن أن نتلمسها، من خلق الإنسان، والتفكر في خلق السماوات والأرض أقصر طريق لمعرفة الله، وأوسع باب ندخل منه على الله.
لذلك هذا الاسم أيها الأخوة، يعطينا شعوراً أن الله يحبنا، وأنه صمم أجسامنا وصمم ما حولنا تصميماً رائعاً بحيث تكون المحصلة هي "السلام" فالله سبحانه وتعالى هو "السلام"، ويدعو إلى إلقاء السلام، ويدعو إلى سبل السلام، ثم يدعونا إلى دار السلام.