وضع داكن
13-12-2025
Logo
أسماء الله الحسنى - إصدار 2008 - الدرس : 037 ب - اسم الله المصور 2
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.

  الحظوظ الدنيوية موزعة توزيع ابتلاء:


أيها الإخوة الأكارم؛ لا زلنا في اسم المصور، وفي اللقاء السابق بينت لكم بفضل الله عز وجل أن الله سبحانه وتعالى وزّع الحظوظ على خلقه توزيع ابتلاء في الدنيا، وسوف توزع في الآخرة توزيع جزاء، وهذا الكلام يعني أن هذه الدنيا دار ابتلاء، وليست دار استواء، ومنزل ترح لا منزل فرح، فمن عرفها لم يفرح لرخاء، ولم يحزن لشقاء، قد جعلها الله دار بلوى، وجعل الآخرة دار عُقبى، فجعل بلاء الدنيا لعطاء الآخرة سبباً، وجعل عطاء الآخرة من بلوى الدنيا عوضاً، فيأخذ ليعطي، ويبتلي ليجزي.
فالإنسان الذي أوتي حظاً من الذكاء عالياً له حساب خاص، والذي لم يُتَح له أن يدرس له حساب خاص، والذي أوتي المال له حساب خاص، فالعبرة لا أن تكون غنياً أو قوياً، العبرة أن تنجح في امتحانك، فإذا نجحت في امتحانك نلت الدرجات العلا، هذا الشيء يسع جميع الناس، كل إنسان بحسب ما أقامه الله عز وجل، قد ينجح، ويتفوق، وقد يصل إلى أعلى درجات الجنة، الإنسان له ظروف، له إمكانات، له قدرات، له بيئة، عاش بعصر معين، عاش بظروف معينة، يوجد ضغوط معينة، يوجد عقبات، يوجد صوارف، هذا المعنى يؤكده النبي عليه الصلاة والسلام حينما قال: اشتقت لأحبابي، قالوا: أو لسنا أحبابك؟ قال: لا، أنتم أصحابي، أحبابي أناس يأتون في آخر الزمان القابض منهم على دينه كالقابض على الجمر، أجره كأجر سبعين، قالوا: منا أم منهم؟ قال: بل منكم، لأنكم تجدون على الخير معواناً ولا يجدون،

(( فعَنْ أَنَسِ ابْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ الصَّابِرُ فِيهِمْ عَلَى دِينِهِ كَالْقَابِضِ عَلَى الْجَمْرِ. ))

[ صحيح الترمذي ]

كيف بكم إذا لم تأمروا بالمعروف ولم تنهوا عن المنكر؟ قالوا: أو كائن ذلك يا رسول الله؟ أي بالتعبير الدارج: معقول؟ قال عليه الصلاة والسلام وأشدّ منه سيكون، قالوا: وما أشد منه؟ قال: كيف بكم إذا أمرتُم بالمنكر ونهيُتم عن المعروف؟ قالوا: أو كائن ذلك يا رسول الله؟ قال: وأَشدُّ منه سيكون؟ قالوا: وما أشد منه؟ قال: كيف بكم إذا أصبح المعروف منكراً والمنكر معروفاً؟ البيت من الشعر الذي دخل صاحبه السجن في عهد عمر شعار كل إنسان الآن:

دع المكارم لا ترحل لبغيتها               واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي

[ الحطيئة ]

* * *

لذلك الحظوظ التي وزِّعت في الدنيا توزيع ابتلاء سوف تُوَزع في الآخرة توزيع جزاء.
 

المنافسة على الدنيا سباق الحمقى:


لكن أحياناً يتساءل الإنسان عن سباق أحمق بين الناس، يسعى جهده لجمع أكبر ثروة مالية، ويضحي بدينه، ومبادئه، وقِيمه، ويكذب، ويبتز أموال الناس، ثم يموت، يسعى إلى أن يكون في أعلى درجات الانغماس في الملذات، وبعد أن يصل إلى هذا الهدف يأتيه ملك الموت.
تصور سيارات متسابقة، في نهاية المطاف حفرة ما لها من قرار، الكبيرة سقطت، والصغيرة سقطت، والحديثة سقطت، والقديمة سقطت، ما هذا السباق! من هنا قال عليه الصلاة والسلام دققوا:

(( عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: بادِرُوا بِالأَعْمَالِ سَبْعًا: هَلْ تَنْتَظِرُونَ إِلَّا فَقْرًا مُنْسِيًا؟ أَوْ غِنًى مُطْغِيًا؟ أَوْ مَرَضًا مُفْسِدًا؟ أَوْ هَرَمًا مُفَنِّدًا؟ أَوْ مَوْتًا مُجْهَزًا؟ أَوِ الدَّجَّالَ؟ فَشَرٌّ غَائِبٌ يُنْتَظَرُ، أَوِ السَّاعَةَ؟ فَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ. ))

[ الترمذي ]

نحن جميعاً، ولا أستثني واحداً في الأرض يمكن أن يستيقظ كل يوم كاليوم السابق إلى ما شاء الله؟ أبداً، هناك مفاجأة، أحياناً ينشأ فقر طارئ، وكيل شركة سُحبت الوكالة منه، عليه التزامات، أو: ﴿غِنًى مُطْغِيًاً﴾ اغتنى ففسق وفجر، ﴿أَوْ مَرَضًا مُفْسِدًا؟ أَوْ هَرَمًا مُفَنِّدًا؟ أَوْ مَوْتًا مُجْهَزًا؟ أَوِ الدَّجَّالَ؟﴾ ما أوسع أقواله! وما أبعده عن أقواله! ﴿فَشَرٌّ غَائِبٌ يُنْتَظَرُ، أَوِ السَّاعَةَ؟ فَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ﴾ .
 

من بنود اسم المصوِّر أن الله تعالى خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ:


من بنود هذا الاسم العظيم المصوِّر أن الله سبحانه وتعالى فيما رواه النبي عليه الصلاة والسلام في صحيح البخاري:

(( خلق اللهُ آدمَ على صُورتِه، وطُولُه سِتُّونَ ذِراعًا، ثُم قال: اذْهبْ فَسَلِّم على أُولئِكَ النَّفَرِ –وهُم نَفَرٌ من الملائِكةِ جُلُوسٌ–فاسْتمِعْ ما يُحَيُّونَك؛ فإِنَّها تَحَيَّتُك وتَحيةُ ذُرِّيَّتِكَ، فذَهبَ فقال: السَّلامُ عليكم، فقالُوا: السَّلامُ عليكَ ورحمةُ اللهِ، فزَادُوهُ (ورَحمةُ اللهِ) فكُلُّ مَن يَدخلُ الجنةَ على صورةِ آدمَ في طُولِه سِتُّونَ ذِراعًا، فلمْ تَزلْ الخَلْقُ تَنقُصُ بعدَه حتى الآنَ. ))

[ صحيح البخاري ]

كيف؟ الله عز وجل صوَّر آدم، أعطاه صورة، وجعل له سمعاً، والله سميع، وجعل له بصراً، والله بصير، وجعل له عِلماً، والله عليم، وحكمة، وخلافة، وملكاً.
أيها الإخوة؛ هذه الصفات يصح إطلاقها في حقّ الذات الإلهية، ويصح إطلاقها في حق الإنسان، ألا يوجد إنسان عالم؟ والله عز وجل عليم، ألا يوجد إنسان سميع؟ والله سميع، لكن كل ما خطر في بالك فالله بخلاف ذلك.
 

إثبات صفات الله بغير تشبيه ولا تعطيل ولا تحريف:


ذكرت لكم تعريفاً صغيراً أن الله خالق، يخلق كلَّ شيء مِن لا شيء، وبلا مثال سابق، فإذا عُزِي الخلق إلى الإنسان يصنع شيئًا من كل شيء، وفق مئات الأمثلة السابقة، فرق كبير، فلذلك:

﴿ فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (11)﴾

[ سورة الشورى ]

واحد أحد، فرد صمد:

﴿ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4)﴾

[ سورة الإخلاص ]

بعض كبار العلماء يقول: ما من شيئين إلا بينهما قدْر مشترك، وقدْر غير مشترك، فمن نفى القدر المشترك فقد عطل أسماء الله وصفاته، ومن نفى القدر الفارق فقد مثّل.
الله عز وجل حينما وصف ذاته العلية ببعض الصفات، الله عز وجل وصف نفسه بأنه سميع، إذا نفيت أن يكون له سمع غير ذاته أنت عطلت اسمًا من أسمائه، وإذا شبهت سمعه كسمع الإنسان مثلته، فالبطولة الصفات المتعلقة بالذات الإلهية ممنوع أن تلغيها، وممنوع أن تجسدها، ينبغي أن تُفوِّض، أو أن تُؤوّل، التأويل موقف مقبول أحياناً، أما التفويض أكمل، أنا أفوض الله في معنى سمعه، ومعنى بصره، ومعنى:

﴿ وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (22)﴾

[ سورة الفجر ]

كيف يجيء؟ ومعنى:

﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (10)﴾

[ سورة الفتح ]

أنا أُفوض معاني هذه الصفات التي وصف الله بها نفسه إلى ذات الله، أكمل موقف إيماني، حينما أريد أن أوضح لأناس إيمانهم ليس كما ينبغي، أأول، لكن ممنوع أن ألغي، أن أنفي، فإذا نفيت عطلت صفات الله، وممنوع أن أُمَثّل، فقد جسّدت هذه الصفات كصفات الإنسان.
 

اتصاف المخلوق ببعض صفات الخالق:

 

1 – الاختيار والمشيئة:

لكن من الصفات المشتركة التي قد يُفهم منها قول النبي عليه الصلاة والسلام: ((إِنَّ اللهَ خَلَقَ آدَمَ على صورَتِهِ)) أن الله عز وجل مريد، يفعل ما يريد.

﴿ وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (21)﴾

[ سورة يوسف ]

ما شاءَ اللهُ كانَ، وما لم يشأْ لم يكن، قال تعالى:

﴿ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ (16)﴾

[ سورة البروج ]

والإنسان-دقق-لكرامته عند الله جعله مختاراً، قال تعالى:

﴿ وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا (29)﴾

[ سورة الكهف ]

﴿ إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا (3)﴾

[ سورة الإنسان ]

﴿ وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (148)﴾

[ سورة البقرة ]

كما أن الله مُريد، ويفعل ما يريد، و: ﴿فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ﴾ وما شاءَ اللهُ كانَ، وما لم يشأْ لم يكن، هذه الصفة التي وصف بها نفسه منحها للإنسان، لكرامته عنده، أنت المخلوق الأول.

أتحسب أنك جرم صغيـر                  وفيك انطوى العالم الأكبر؟

[ علي بن أبي طالب ]

* * * 

2 – الفردية الخَلقية:

أيها الإخوة؛ الله عز وجل فرد، واحد أحد، فرد صمد، ومنحك هذه الصفة، ليس في أهل الأرض من آدم إلى يوم القيامة إنسان يشبهك، أبداً، أولاً: لك قُزحية عين لا يُشبهك بها إنسان آخر، والآن بالمطارات يأخذون صورة قزحية العين، هذه الهوية الحقيقية، ولك رائحة جلد تنفرد بها من بين الستة آلاف مليون، ولولا هذه الرائحة لما كان من جدوى إطلاقاً في عمل الكلاب البوليسية، ولك نبرة صوت ليس على وجه الأرض إنسان يُشبهك بها، نبرة صوت، رائحة جلد، قُزحية عين، ولك بصمة يد، هوية، فرد، ولك زمرة نسيجية، الأطباء الذين يزرعون بعض الأعضاء يعرفون هذه الحقيقة، لك زمرة نسيجية لا يمكن أن يكون في الأرض إنسان زمرته كزمرتك، وثبت أخيراً أن نطفتك تتميز بها عن كل البشر، بالتعبير الأجنبي يوجد كود لهذه النطفة، وبلازما الدم، موضوع طويل.
لذلك كما أن الله سبحانه وتعالى فرد منحك هذه الصفة، أما صناعة الإنسان تشابه تطابق تام، يعطون القطعة رقمًا، التمايز بالرقم، أنت ليس لك رقم، لكن لك هيئة تتميز بها، لك طريقة في الحديث، طريقة في المشي، طريقة في الجلوس، طريقة في التفكير، طريقة في ارتداء ثيابك، لك شكل معين، قوام معين، طول معين، لون معين، حركات معينة، أنت نسيج وحدك، وهذا من فضل الله عليك، فالله عز وجل مُريد، وجعلك مريداً، وهو فرد صمد، وجعلك فردًا لا شبيه لك. 

3 – الإبداع:

وهو مبدع.

﴿ بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (117)﴾

[ سورة البقرة ]

﴿ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا (113)﴾

[ سورة النساء ]

لما خلق الأشياء على شكل ذكر وأنثى وجينات، فأنت طورت، في هولندا استنبتوا وردة سوداء عن طريق التعديل في الجينات، واستنبتوا أشجاراً عملاقة مُقزّمة، وأشجاراً مُقزّمة عملاقة، هذا بحث طويل، حينما تحكّم الإنسان بالجينات فأبدع أشياء كثيرة، فالله عز وجل كما أنه: ﴿بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ سمح لك أن تبدع عن طريق الجينات. 

4 – التشريع والاجتهاد فيما لا نص فيه:

الله عز وجل مُشرِّع، لكن سمح لك أن تُشَرّع، كيف؟ عن طريق النص ظني الدلالة، لو أن كل النصوص قطعية الدلالة لن تجد إنسانًا مشرّعًا، ولا يوجد مجتهد، ولا يوجد فقيه،  انتهى كله، الله عز وجل كان من الممكن أن تكون آيات القرآن الكريم كلها قطعية الدلالة، أما حينما تأتي آية ظنية الدلالة، أو حديث صحيح ظني الدلالة العلماء اجتهدوا، وفهموا هذا النص فهماً موسعاً، إذاً سمح الله لك أن تُشَرع عن طريق النص ظني الدلالة، وسمح الله لك أن تُبدع عن طريق الجينات، وسمح لك أن تكون فرداً، وسمح لك أن تكون مُريداً، وهذا مما يُفهم اجتهاداً طبعاً ليس قطعاً من قول النبي عليه الصلاة والسلام في صحيح البخاري: ((إِنَّ اللهَ خَلَقَ آدَمَ على صورَتِهِ)) .
 

تطبيقات اسم المصوِّر:

 

1 – إتقان الصنعة وإخراجُها في أحسن صورة:

أيها الإخوة؛ من تطبيقات هذا الاسم، نحن في كل درس إن شاء الله نقول:

﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (180)﴾

[ سورة الأعراف ]

أي تقرّب إلى الله بكمال مشتق من كماله، هو مُصوِّر.

﴿ اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَارًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (64)﴾

[ سورة غافر ]

أنت إذا صنعت شيئاً اجعله بصورة حسنة، والعالم الغربي برع في هذا، بضاعته متقنة جداً، وجميلة جداً، ولها غلاف رائع، فإذا صنعت شيئاً ينبغي أن تصنعه وفق صورة حسنة، كأنك تشتق هذا الكمال من الله عز وجل، وتتقرب به إلى الله، لذلك اجعل الإتقان والجمال في صنعتك، الإتقان والجمال، أحياناً يكون هناك جمال لكن لا يوجد إتقان، يُعتنى بغلاف الكتاب فقط، والكتاب مُصوَّر تصويرًا عشوائيًا، هناك صناعة كبيرة جداً ظاهرها جميل، باطنها غير متقن، هذا يُعَدّ غشاً، أما أنا أقول: اجعل الإتقان والجمال باطناً وظاهراً لما تُقدِّمه للناس من صناعة، أو من إنتاج،

(( النبي الكريم عليه أتمّ الصلاة والتسليم حينما دُفن ابنه إبراهيم، الذي حفر القبر ترك فيه فرجة صغيرة، قبر! فقال عليه الصلاة والسلام: إن هذه لا تؤذي الميت، ولكنها تؤذي الحي، عن عائشة أم المؤمنين: إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه. ))

[ السيوطي: الجامع الصغير: حسن ]

وعندك مفتاح كهربائي ومائل، تتضايق، يقوم بوظيفته كاملة! لمَ لمْ يضعه على الشاقول أو على المتوازي؟ تتضايق، قال له: إن هذه الفرجة لا تؤذي الميت، ولكنها تؤذي الحي، ((إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه)) إذاً إتقان الصنعة جزء من الدين، هذا إتقان الصنعة ليكون مظهرها جيداً، هناك عدم إتقان يودي بحياة إنسان، أحياناً لا تتقن معالجة مريض، لا تبلغه أن هذا الدواء يسبِّب له حساسية، أنت معك حساسية مثلاً، قد تكون حساسية قاتلة، أحياناً لا تنتبه تعطي عياراً لكبير، هو طفل صغير.
أيها الإخوة؛ ((إن الله يحبّ إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه)) . 

2 – حسنُ الصورة الظاهرة:

النبي عليه الصلاة والسلام قال لأصحابه مرة:

(( عن ابن الحنظلية سهل بن الربيع: إنكُم قادِمُونَ على إخوانكم فَأصْلحُوا رِحَالَكُم، وأصلحوا لِبَاسَكُم، حتى تكونوا كأنَّكم شَامَةٌ في النَّاسِ. ))

[ أبو داود: حسن ]

لماذا غير المؤمن أنيق جداً وثيابه جيدة؟ ألوانه متناسبة؟ بيته جميل؟ مركبته جميلة؟ لماذا المؤمن يُهمل مظهره أحياناً؟ هذا حديث شريف: ((فَأصْلحُوا رِحَالَكُم، وأصلحوا لِبَاسَكُم، حتى تكونوا كأنَّكم شَامَةٌ في النَّاسِ)) أي مطلوب بحسب هذا الاسم أنا لا أقول: اشترِ ثياباً غالية، أبداً، ثيابك العادية البسيطة لكن اجعلها نظيفة، واجعل بينها تناسقاً فقط، محلك التجاري نظِّمه، أحياناً تدخل إلى محل والعياذ بالله، أحياناً صيدلية، لا تجد دواء في مكانه، أكوام أكوام بالأرض، وغبار، تنفر نفسك من هذه الصيدلية، وصاحبها مسلم، لا يصح، أنت مسلم يجب أن تكون في أعلى درجة من الأناقة، والشكل الحسن، لذلك الصورة الحسنة في العناية بالجسم، وباللباس، وبالبيت، وبمكان العمل، وبالمركبة، هذه من لوازم المؤمن.
مرة ثانية، ينبغي أن نتقرب إلى الله بكمال مشتق من كماله: ﴿وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ﴾ .

﴿ وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ (88)﴾

[  سورة النمل  ]

والحقيقة أن الجمال حاجة أساسية بالإنسان، الإنسان يرتاح لبيت نظيف، وألوانه متناسقة، أنا لا أقول أبداً أن تكون غنياً، أبداً، لكن يرتاح الإنسان لبيت لا يوجد فيه حاجات غير مستعملة، تجد أحياناً مئة حاجة بالبيت لا تُستعمل، لكنها عبء، منظرها عبء، فكلما جعلت البيت بسيطاً، وأنيقاً، ونظيفاً ارتاحت نفسك في البيت، وشدّك إليه.
أحياناً الأب الذي يعتني بالبيت يشدّ أبناءه إليه، إذا كان البيت مهملاً جداً ينفر الابن منه، أكثر أوقاته بالطريق مع رفاقه، البيت غير مريح، فالعناية بالبيت أنا أراها حكمة بالغة من الأب، العناية بالبيت تجذب الابن إلى البيت.
 

إن الله جميل يحب الجمال:


الحديث الشريف:

(( عن عبد الله بن مسعود: إن الله جميل يحب الجمال. ))

[ القسطلاني: صحيح ]

كلام كالشمس واضح،

(( عن الحسين بن علي بن أبي طالب: إنَّ اللهَ تعالى يُحِبُّ مَعاليَ الأُمورِ، وأَشرافَها، ويَكرَهُ سَفْسافَها. ))

[ صحيح الجامع: خلاصة حكم المحدث: صحيح ]

هناك رجلٌ أنيق جداً، تكلم بكلام بذيء جداً، قال له أحدُهم: إما أن ترتدي ثياباً كهذا الكلام، أو أن تتكلم كهذه الثياب، انظر: ((إن الله جميل يحب الجمال)) ويحب مع الجمال ((مَعاليَ الأُمورِ وأَشرافَها، ويَكرَهُ سَفْسافَها)) ويحب أن يرى نعمته على عبده.
والله حدثني إنسان قال لي: شخص من كثرة ما بيته بائس، ووضعه بائس، قال لي: تحاول أن تدفع له صدقة أحياناً، ولما مات ترك مئات الملايين، لماذا البؤس والتباؤس؟ من جلس إلى غني فتضعضع له ذهب ثلثا دينه، ((إن الله جميل يحب الجمال)) ، ((يُحِبُّ مَعاليَ الأُمورِ وأَشرافَها، ويَكرَهُ سَفْسافَها)) ،

(( عن جد عمرو بن شعيب: إن الله يُحِبّ أن يرى أثرَ نعمتهُ على عبدهِ. ))

[  سنن الترمذي: حسن ]

الله أعطاك، ليس منا من وسع الله عليه ثم قتّر على عياله،

(( عن أبي هريرة رضي الله عنه: إنَّ اللهَ تعالى إذا أنعَم على عبدٍ نعمةً، يحبُّ أن يرى أثرَ النِّعمةِ عليه، ويكره البُؤسَ والتَّباؤسَ، ويُبغِضُ السائلَ الملْحِفَ، ويحبُّ الحييَّ العفيفَ المتعفِّفَ. ))

[ صحيح الجامع: خلاصة حكم المحدث: صحيح ]

هكذا تتمسكن، شيء غير أنيق، يكون لك مظهر منفر: ((ويكره البؤس والتباؤس)) لذلك أثنى الله على الفقراء الذين:

﴿ لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (273)﴾

[ سورة البقرة ]

لابس، لا يخطر في بالك إطلاقاً أن هذا محتاج، لذلك: ﴿يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ﴾ جاء ذكرهم في كلمة:

﴿ وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (24) لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (25)﴾

[ سورة المعارج ]

لأنه لا يسأل يُحرم، والذي يسأل ويلح ويقتحم عليك اقتحاماً تعطيه أحياناً، فالبطولة أن تعطي مَن لا يسأل، تعطي المتعفف.
 

من أدعية النبي لاسم المصوِّر:


أيها الإخوة؛ من أدعية النبي لهذا الاسم كان إذا سجد يقول:

(( عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه: اللَّهمَّ لَكَ سَجدْتُ، وبِكَ آمَنْتُ، ولَكَ أسلَمتُ، وأنْتَ رَبِّي، سَجَدَ وَجْهي لِلَّذي خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ، وَشَقَّ سَمعَهُ وبَصرَهُ، تَبَارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الخَالِقينَ. ))

[ صحيح النسائي ]

وفي دعاء آخر:

(( عن علي بن أبي طالب: كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا استفتَح الصَّلاةَ كبَّر ثمَّ يقولُ: وجَّهْتُ وجهيَ للَّذي فطَر السَّمواتِ والأرضَ حنيفًا وما أنا مِن المُشرِكينَ إنَّ صلاتي ونُسُكي ومحياي ومماتي للهِ ربِّ العالَمينَ لا شريكَ له وبذلكَ أُمِرْتُ وأنا أوَّلُ المُسلِمينَ اللَّهمَّ أنتَ الملِكُ لا إلهَ إلَّا أنتَ، أنتَ ربِّي وأنا عبدُكَ، ظلَمْتُ نفسي واعترَفْتُ بذَنْبي، فاغفِرْ لي ذُنوبي جميعًا لا يغفِرُ الذُّنوبَ إلَّا أنتَ، لبَّيْكَ وسعدَيْكَ والخيرُ كلُّه في يدَيْكَ، والشَّرُّ ليس إليكَ، أنا بكَ وإليكَ تبارَكْتَ وتعالَيْتَ، أستغفِرُكَ وأتوبُ إليكَ. ))

[ صحيح ابن حبان ]

(( عن علي بن أبي طالب: أنت ربي، وأنا عبدُكَ، ظَلَمْتُ نَفسي، واعتَرفْتُ بذنبي، فاغفِر لي ذُنُوبي جميعاً، لا يغفر الذُّنُوبَ إِلا أنْتَ، واهدني لأحْسنِ الأخلاقِ لا يَهْدي لأحسنِها إلا أنت، وَاصرفْ عَني سَيِّئَها، لا يصرفُ عني سَيِّئَهَا إِلا أنتَ. ))

[ صحيح ابن خزيمة ]

وفي النهاية كان عليه الصلاة والسلام إذا وقف أمام المرآة، ورأى خلقه، كان يقول:

(( عن عبد الله بن مسعود: اللهمَّ كما حسَّنتَ خَلقي فحسِّنْ خُلُقي. ))

[ ابن حبان: السفاريني الحنبلي: شرح كتاب الشهاب: خلاصة حكم المحدث: إسناده جيد جداً ]


الملف مدقق

والحمد لله رب العالمين 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

نص الزوار

نص الدعاة

اللغات المتوافرة

إخفاء الصور