وضع داكن
26-04-2024
Logo
برنامج منهج التائبين - الحلقة : 29 - الوقاية من الذنب.
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

مقدمة :

الدكتور بلال:
 بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
 أخوتي الأكارم، أخواتي الكريمات؛ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، نبدأ معاً رحلتنا في: "منهج التائبين" مستضيئين بكلمات شيخنا الفاضل فضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي، السلام عليكم سيدي.
الدكتور راتب :
 عليكم السلام ورحمة الله وبركاته، ونفع الله بكم.
الدكتور بلال :
 ونفع بكم سيدي، سيدي اليوم وقد شارفنا على مفردات هذا المنهج ونحن في نهاياتها نتحدث عن التوبة، يذنب الإنسان فيتوب فالتوبة كأنها علاج للوقوع في الذنب.

التوبة علاج من وقع في الذنب :

الدكتور راتب :
 لولا التوبة لتفاقمت الذنوب، وانتهت بالهلاك.
الدكتور بلال
 نعم هي علاج، لكن لو استطاع الإنسان أن يقي نفسه أصلاً، أن يحصن نفسه لن يصل إلى مرتبة لا يقع فيها بذنب، فكل بني آدم خطاء، لكن أن يحصن نفسه من كثرة الوقوع في الذنوب، أليس هذا أولى كما قالوا: "درهم وقاية خير من قنطار علاج" أليست الوقاية أولى من الوقوع في الذنب؟

ضرورة اتباع تعليمات الصانع للسلامة و السعادة :

الدكتور راتب :

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ﴾

[ سورة الحديد: 28]

 تصور إنساناً يركب مركبة ليلاً، والطريق فيه أكمات، وحفر، ومنعطفات، ومفاجآت، ما دام النور كاشفاً يتقي كل شيء.

﴿ إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَاناً ﴾

[ سورة الأنفال: 29]

 بين الخير والشر، يوجد رؤية، يوجد بصر وبصيرة، نور يقذف في قلب الإنسان فالمؤمن فيه نور يهتدي به، لذلك اليقين غير الظن.

﴿ كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ ﴾

[ سورة التكاثر: 5]

 اجعل علاقتك مع الله، مبادئ الدين يقينية كلها، مئة بالمئة صحيحة، لا تبق في الظن، لا تبق في الشك، لا تبق في الوهم، لا تبق في غلبة الظن، ابقَ مع اليقين.

﴿ كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ ﴾

[ سورة التكاثر: 5]

 اليقين قطعي، ما سوى ذلك مثلاً شخص رأى دخاناً وراء جدار، يقول بعقله: لا دخان بلا نار، هذا استنباط منطقي، لا دخان بلا نار، فتل خلف الجدار شعر بوهج النار، هذه أعلى، اقترب أكثر احترقت يده بالنار.

﴿ كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ * لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ ﴾

[ سورة التكاثر: 5-6]

 إنسان يمشي بمركبة ضمن منطقة انحدارها شديد، تنتهي بمنعطف حاد، وفقد المكبح، يقول لك: انتهينا، هو لم ينتهِ بعد، هذه قوانين، قانون دقيق جداً، المكبح تعطل، والانحدار شديد، والسرعة متنامية، الحادث حتمي، فالمؤمن يعرف القوانين، القانون ينبئك بالمستقبل، عظمة هذا القانون هو نهاية العلم القانون، يقابله بالإسلام السنن، في الهداية، الهدى البياني، التأديب التربوي، الإكرام الاستدراجي، القصم، وهناك مصائب الأنبياء مصائب كشف، ومصائب المؤمنين دفع ورفع، وغير المؤمنين ردع وقصم، يوجد قوانين، فالإنسان من حبه لذاته، من حرصه على سلامته، بتعبير آخر من أنانيته، ينبغي أن يتبع تعليمات الصانع لسلامته وسعادته.
الدكتور بلال:
 إذاً إذا أذنب ربما يتوب أو لا يتوب، أي ظن.
الدكتور راتب :
 التوبة ظنية، أما قبل الظن فيقيناً نافداً.
الدكتور بلال:
 حاول ألا تقع في الذنب أصلاً.
الدكتور راتب :
 نجا يقيناً، أما ما بعد الخطأ فقد يتوب، أو لا يتوب، أو تقبل هذه التوبة أو لا تقبل.
الدكتور بلال:
 ما الذي يمنع الإنسان من الوقوع بالذنب؟ ما هي الأمور التي تحجزه عن محارم الله؟

الأمور التي تحجز الإنسان عن الوقوع في محارم الله :

الدكتور راتب :
 لا بد من طلب العلم أولاً، الإنسان كائن أرقى من كل الكائنات، الجماد، النبات، الحيوان، الإنسان أعطاه الله قوة إدراكية، هذه القوة الإدراكية إن لم يستخدمها هبط إلى مستوى آخر.

﴿ أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ ﴾

[ سورة النحل:21]

 كلام الله.

﴿ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ ﴾

[ سورة المنافقون:4]

﴿ كَالْأَنْعَامِ ﴾

[ سورة الفرقان: 44]

 انتهى، فالإنسان لا يليق به أن يكون كالجماد، ولا كالنبات، ولا كالحيوان.
الدكتور بلال:
 يليق به أن يرتفع حيث رفعه الله.
الدكتور راتب :
 الله كرمه.

﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ﴾

[ سورة الإسراء: 70]

 كرمه بمعرفته.
الدكتور بلال:
 لو تحدثنا عن معرفة الله عز وجل، وأنتم هنا وصلتم.

العلم أصل في حياتنا و طلبه فريضة على كل مسلم :

الدكتور راتب :
 الله عز وجل أولاً جعل هذا الكون ينطق بكل شيء فيه، بكل جزئياته، بوجود الله، ووحدانيته، وكماله، هذا الكون كتاب الله المفتوح، يقرؤه أي إنسان، الشمس، القمر، النجوم.
 ذكرت مرة أن حولنا أفلاكاً، شيء لا يصدق من عظمته، نحن بيننا وبين أقرب نجم ملتهب أربع سنوات ضوئية، يقطع الضوء في الثانية ثلاثمئة ألف كيلو متر، في الدقيقة ضرب ستين، في الساعة ضرب ستين، في اليوم ضرب أربع و عشرين، بالسنة ضرب ثلاثمئة و خمسة و ستين، بأربع سنوات عندنا رقم، هذا الرقم لو ركبنا مركبة نقطع هذا الرقم، أقرب نجم ملتهب أربع سنوات ضوئية لاحتجنا إلى خمسين مليون عام، تاريخ البشر ألفا سنة.
الدكتور بلال:
 حتى نصل لأقرب نجم.
الدكتور راتب :
 أقرب نجم ملتهب بعده عنا أربع سنوات ضوئية، متى نصل إلى نجم القطب؟ أربعة آلاف سنة ضوئية، متى نصل إلى المرأة المسلسلة؟ مليونا سنة ضوئية، متى نصل إلى مجرة الآن اكتشفت تبعد عنا أربعة و عشرين ألف مليون سنة ضوئية؟

﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ * وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ ﴾

[ سورة الواقعة: 75-76]

 فالعلم أصل في حياتنا، طلب العلم فريضة على كل مسلم.
 عفواً، وردة حمراء ليس عليك فرض أن تضعها على صدرك، أما الهواء ففرض، العلم الديني كالهواء، حاجتك إلى الدين كالحاجة إلى الهواء لا إلى وردة حمراء.
الدكتور بلال:
 فإن عرف الإنسان الآمر الآن.

معرفة الآمر قبل الأمر :

الدكتور راتب :

(( ابن آدم اطلبنِي تجدني، فإذا وجدتني وجدت كل شيء، وإن فتك فاتك كل شيء))

[ حديث قدسي ]

الدكتور بلال:
 ولماذا يتحايل بعض الناس على الأمر؟
الدكتور راتب :
 تغلبهم شهوتهم، آثر الشهوة، هو اختل توازنه عندما اقترف الشهوة، يبحث عن فتوى ضعيفة، عن توجيه لعالم لم يتمكن من علمه، عن كتاب قرأه بعيداً عن الدين.
الدكتور بلال:
 إذاً نعرف الآمر قبل الأمر، أو مع الأمر.
الدكتور راتب :
 إن عرفت الآمر قبل الأمر تفانيت في طاعة الآمر، أما إن عرفت الأمر ولم تعرف الآمر تفننت في معصية الآمر.
 أنت إنسان عادي، راكب سيارتك، والإشارة حمراء، لماذا تقف لا تتخطاها؟ أنت على يقين أن واضع هذا القانون - قانون السير- علمه يطولك من خلال هذا الشرطي، والآن من خلال الكاميرا، وقدرته تطولك، سحب الإجازة لسنة، مادمت توقن أن القوي علمه يطولك، وقدرته تطولك لا يمكن أن تعصيه، القرآن:

﴿ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً ﴾

[ سورة الطلاق: 12]

 الله اختار من كل أسمائه اسمين، العلم والقدرة، فنحن علم الله يطولنا، وقدرته تطولنا.
الدكتور بلال:
 هذه وقاية من الذنب، إذاً أصل الوقاية من الذنب معرفة الله، العلم معرفة الله، العلم بالله.

صحبة الصالحين للوقاية من الذنب :

الدكتور راتب :
 طلب العلم، الآن صحبة الصالحين، تحتاج إلى من يعينك على طاعة الله، أن يشجعك على الصلاة، أن يبتعد لك عن زلة القدم، تحتاج إلى مؤمنين.

﴿ اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾

[ سورة التوبة: 119]

﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ ﴾

[ سورة الكهف: 28]

الدكتور بلال:
 هذه وقاية من الذنب.
 هناك حديث شريف قد يُساء فهمه.

(( لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللَّهُ بِكُمْ، وَلجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ فَيَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ تَعالى فَيَغفِرُ لَهُمْ))

[مسلم عن أبي هريرة رضي اللّه عنه]

من لم يشعر بذنبه انتهى عند ربه :

الدكتور راتب :
 هذا من مشكل الحديث، معناه الدقيق: لو لم تشعروا بذنوبكم انتهيتم عند الله، المؤمن قد يذنب لكن لا ينام الليل، ما دام الذنب عنده كبيراً فهو عند الله صغير، وما دام الذنب عنده صغيراً فهو عند الله كبير.
 تماماً تمشي في الطريق بالوسط، تحرف المقود سنتمتراً واحد، والطريق عريض، عبارة عن ثلاثين متراً يميناً، وثلاثين متراً يساراً، وهناك واد سحيق، وواد سحيق، لو حرفته سنتمتراً واحد وثبته إلى الوادي، والكبيرة تسعون درجة، لو تبت منها عدت إلى مكانك الصحيح.

(( لا صغيرة مع الإصرار، ولا كبيرة مع الاستغفار))

[الحارث في مسنده فيه ميسرة وميسرة وضاع]

 ألف بيت في بلاد المسلمين، تقريباً الخمر، والقمار، والزنا قليل جداً، أما المعاصي الصغيرة قطعت التيار الكهربائي، وإذا قطع التيار ميلي أو متراً النتيجة واحدة، صار حجاب عن الله عز وجل.
الدكتور بلال:
 إذاً نتعرف إلى الله عن طريق خلقه، وذكرتم أيضاً كيف نتعرف على الله.

القرآن كون ناطق :

الدكتور راتب :
 أولاً: الكون قرآن صامت، والقرآن كون ناطق، منهج الله والنبي والأولياء الصالحين من بعده قرآن يمشي، الكون قرآن صامت، والقرآن كون ناطق، والمسلم المطبق منهج يمشي أمامك.
الدكتور بلال:
 إذاً آيات الله تعرفنا بالله.
الدكتور راتب :
 لذلك:

﴿ اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾

[ سورة التوبة: 119]

 تحتاج إلى حاضنة إيمانية.
الدكتور بلال:
 الآيات، آيات الله عز وجل هل هي آيات قرآنية وكونية؟

آيات الله الكونية و التكوينية و القرآنية طرق سالكة لمعرفته سبحانه :

الدكتور راتب :
 الآيات كونية، وتكوينية، وقرآنية، التكوينية خلقه، موقفك الكامل التفكر.

﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾

[ سورة البقرة: 191]

الدكتور بلال:
 هذه الآيات الكونية.
الدكتور راتب :
 أما الآيات التكوينية فأفعاله، النظر:

﴿ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ ﴾

[ سورة النحل: 36]

 وفي الآية الثانية:

﴿ قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا ﴾

[ سورة الأنعام: 11]

 أحياناً يأتي العقاب فورياً، أحياناً يأتي مع التراخي.
الدكتور بلال:
 والثالثة: الآيات القرآنية التدبر، وتحدثنا عنها.
الدكتور راتب :
 القرآنية تدبر، الكونية تفكر، والتكوينية نظر، والقرآنية تدبر.
الدكتور بلال:
 وهذه الطرق سالكة لمعرفة الله.
الدكتور راتب :
 القنوات الوحيدة السالكة.

خاتمة و توديع :

الدكتور بلال:
 فإذا عرفنا الله عندها نقي أنفسنا من الوقوع في الذنوب.
 جزاكم الله خيراً سيدي، وأحسن إليكم.
 أخوتي، أخواتي؛ شكر الله لكم حسن المتابعة، نسأل الله عز وجل لكم دوام الصحة والعافية، وأن نلتقيكم دائماً وأنتم في أحسن حال.
 إلى الملتقى أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه.
 والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور