وضع داكن
26-04-2024
Logo
برنامج منهج التائبين - الحلقة : 25 - أحاديث نبوية تحذيرية.
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

مقدمة :

الدكتور بلال:
  بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلاةً وسلاماً على سيدنا محمد صاحب الخلق العظيم، وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين، وعلى صحابته الغر الميامين، أمناء دعوته، وقادة ألويته، وارض عنهم وعنا يا رب العالمين.
 أخوتي، أخواتي؛ أحييكم بتحية الإسلام، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأستفتح معكم حلقة جديدة من: "منهج التائبين" ومعاً نرحب بفضيلة شيخنا الدكتور محمد راتب النابلسي، السلام عليكم سيدي.
الدكتور راتب :
 عليكم السلام ورحمة الله وبركاته، ونفع بكم.
الدكتور بلال:
 ونفع بكم سيدي، جزاكم الله خيراً.
 نبدأ اليوم سيدي، نخصص هذه الحلقة لأحاديث شريفة تبدأ بقول صلى الله عليه وسلم: " إياك، أو إياكم " يحذرنا صلى الله عليه وسلم في طريق توبتنا من أمور ينبغي أن ننتبه إليها، سأعرض كل حديث وأسمع تعليقكم عليه.

الإغراء والتحذير :

الدكتور راتب :
 لكن هناك أسلوب في اللغة تحت عنوان: الإغراء والتحذير، عليكم بالمسجد، إغراء بالمداومة في المسجد، والتحذير إياك أن تفعل كذا، عندنا أسلوب بلاغي في الأساس الإغراء والتحذير، الحث على فعل شيء إغراء، التحذير من فعل شيء ما تحذير.
 فالمحذر هو الرحيم، المحذر هو العليم، هو القدير، هو الذي أعدّ لك جنة عرضها السماوات والأرض، هو الذي خلقك ليرحمك.

﴿ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ ﴾

[ سورة هود: 119]

 فالرحيم يحذر، والعليم يحذر، والقادر يحذر.
الدكتور بلال:
 وقد يحذرنا على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، الحديث الأول يقول صلى الله عليه وسلم، وكل الأحاديث في الصحيح:

((إياك والتنعم فإن عباد الله ليسوا بالمتنعمين))

[أحمد عن معاذ بن جبل رضي الله عنه]

 ما معنى ذلك؟

الإسلام متوازن و على الإنسان أن يطلب الحلال وفق منهج الله :

الدكتور راتب :
 أي قد يتزوج شاب مؤمن زوجة صالحة، تسره إن نظر إليها، تحفظه إذا غاب عنها، تطيعه إن أمرها، تنعم، لكن الأصل طاعة الله عز وجل، الأصل أن يحفظ نفسه من المعصية، الأصل أن يجبر خاطر فتاة بحاجة إلى الزواج، أي يوجد أهداف نبيلة جداً، هو يتنعم لكن همه العمل، همه أن يحصن نفسه، همه أن يتقرب إلى الله، لأن كل شهوة، الشهوة مئة و ثمانون درجة يمكن أن تمارسها أيها الإنسان بمئة و عشر درجات فقط، فالمؤمن يحصر شهواته بالقسم المباح فقط.
الدكتور بلال:

﴿ بَقِيَّةُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ ﴾

[ سورة هود: 86]

الدكتور راتب :
 البقية خير له، دائماً هو مع الله بصير، ممكن إنسان يتزوج، واللقاء الزوجي معروف، لكن قد يصلي قيام الليل بعد اللقاء الزوجي، ويبكي في الصلاة، ما فعل شيئاً لا يرضي الله، ما دام ضمن الحلال هو له خط ساخن مع الله، ما دام ضمن الحلال يستطيع أن يناجي الله عز وجل، يستعين به، يدعوه، يلجأ إليه، يسعد بقربه، يسعد بمن حوله.
 فأنا لا أقول إن النعم محرمة، لا بالعكس، نحن عندنا كهنوت بالإسلام، عندنا إسلام متكافئ، متوازن، إسلام وسطي، لكن عندما يسعى الإنسان للشيء الحلال فهذه نعمة كبيرة، أما المطلوب فقط هو الجمال بلا طاعة لله، بلا التزام، مع تفلت فهنا المشكلة، الإنسان يطلب الحلال وفق منهج الله.
الدكتور بلال:
 إذاً:

((إياك والتنعم فإن عباد الله ليسوا بالمتنعمين))

[أحمد عن معاذ بن جبل رضي الله عنه]

 أن يستهدف النعيم.
الدكتور راتب :
 حينما يستهدف النعيم.
الدكتور بلال:
 لذاته.
الدكتور راتب :
 أكل مال حرام، أو بالنساء، اعتدى على امرأة لا تحل له، إذا استهدف النعيم بكل جوانبه من دون منهج إلهي هنا المشكلة.
الدكتور بلال:
 هذه اللذة عندما تستهدف.

الفرق بين اللذة و السعادة :

الدكتور راتب :
 اللذة دائماً تحتاج إلى وقت، وإلى صحة، وإلى مال، ولحكمة بالغةٍ بالغةٍ بالغة في البداية يوجد وقت وصحة لكن لا يوجد مال، بوسط الحياة يوجد مال وصحة لكن لا يوجد وقت، في النهاية المعمل سلمه لأولاده، عنده وقت ومال لكن لا يوجد صحة، هذه اللذة، أما السعادة لمجرد أن تنعقد لك صلة بالله فأنت أسعد الناس.
 أنا أقول دائماً ولا أبالغ: إن لم تقل ليس على وجه الأرض من هو أسعد مني إلا أن يكون أتقى مني هناك مشكلة، أنت مع من؟ أنت مع الله، مع الذات الكاملة، مع المعطي، مع الرحيم، مع الجميل، أي كل معاني الكمال مع الله عز وجل موجودة.
الدكتور بلال:
 سيدي، الحديث الثاني:

((وإياك وما يعتذر منه))

[الطبراني عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما]

الابتعاد عما يعتذر منه :

الدكتور راتب :
 والله قاعدة مهمة جداً، وصلت إلى العمل متأخراً، والمدير واقف، اضطررت أن تعتذر منه، مرة ثانية، مرة ثالثة، صار نقطة سوداء على اسمك، فكل عمل تضطر أن تعتذر منه ابتعد عنه.
 حتى هناك شيء آخر: وضح، مشى النبي مع زوجته، مرّ صحابيان، قال: على رسيلكما هذه زوجتي، إذاً عليك ألا تفعل شيئاً أنت مضطر أن تعتذر منه، بل البيان يطرد الشيطان، وضح.
الدكتور بلال:
 الحديث الثالث سيدي:

((إِيَّاكُمْ وَالتَّمَادُحَ فَإِنَّهُ الذَّبْحُ))

[ابن ماجه عن معاوية بن أبي سفيان]

الابتعاد عن الغلو في المديح و اعتماد المديح المعتدل الهادف الموضوعي :

الدكتور راتب :
 الحقيقة أن المديح مع التملق هو الذبح، لكن لو فرضنا إنساناً قام بعمل طيب.
 أذكر مرة أنه فيما قرأت أن الصحابة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، مرّ شخص، قال أحد الصحابة: هذا أحبه، قال له: هل أعلمته؟ قال: لا، قال: أعلمه.
 إذا إنسان قدم عملاً طيباً، وتلقى ثناء من الناس، أنت تشجعه، قويت فيه العمل الطيب، قويت فيه العمل الصالح، أما إذا سكتنا جميعاً فهناك مشكلة.
 فالمديح المعتدل، الهادف، الموضوعي، المخلص ضروري، تشجع، كأن الحق له دوائر، فإذا مدحت المحسن، الورع، المستقيم، وسعت هذه الدائرة، وإذا ذممته، أو أهملته، أي أنت معلم، الذي كتب الوظائف بشكل جيد لم تقل له أية كلمة، والذي لم يكتب لم تحاسبه، انتهى التعليم، ما لم يعاقب المسيء، ويكافأ المحسن، لا نتقدم نحن إطلاقاً.
الدكتور بلال:
 إذاً سيدي المدح نوعان: أن نمدحه
الدكتور راتب :
 تملقاً، وأن نمدحه بشكل موضوعي.
الدكتور بلال:
 مكافأة، بشكل موضوعي.
الدكتور راتب :
 وباعتدال.
الدكتور بلال:
 إذا مُدح المؤمن نما الإيمان في قلبه.
الدكتور راتب :
 المشكلة في الغلو، المبالغة في المديح، لي رأي آخر لكنه مزعج: الذي تمدحه وهو لا يستحق هذا المدح يحتقرك، أي المنافَق له يحتقر المنافِق.
الدكتور بلال:
 أيضاً حديث:

((إِيَّاكُم والجلوسَ في الطُّرُقات))

[متفق عليه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه]

البيت جنة المؤمن :

الدكتور راتب :
 طبعاً الطريق فيه نساء كاسيات عاريات، مائلات مميلات، هذه حرفة من لا عمل له، وحرفة من لا هم له، ومن لا هدف له، البيت جنة المؤمن، المؤمن جنته بيته، قاعد مع أولاده، مع زوجته، ابنه سأله سؤالاً أجابه، ابنته سألته سؤالاً أجابها، وضعوا الطعام، شكروا الله جميعاً، صلوا العشاء جماعة، البيت جنة، البيت جنة المؤمن، هناك إنسان يحب الخروج، ملهى، وقهوة.
الدكتور بلال:
 يحب الخروج من دون مبرر.
 سيدي أيضاً من الأحاديث:

((إِيِّاكُم والدخولَ على النساء، فقال رجل من الأنصارِ: أَفرأيتَ الحَمْوَ؟ قال: الحَمْوُ: الموتُ))

[متفق عليه عن عقبة بن عامر رضي الله عنه]

 ما توجيهكم؟

تحريم الخلوة :

الدكتور راتب :
 الخلوة محرمة، سأضرب مثلاً دقيقاً: صخرة على قمة جبل متمكنة لو أنت أزحتها نحو الوادي لن تقف في أي مكان، إلا في قعر الوادي.
 هناك شهوات تتنامى، شهوات تنتقل من نظرة، إلى ابتسامة، إلى كلام، إلى موعد، إلى لقاء، فإذا الإنسان تساهل بأول خطوة قد يقوده هذا التساهل لآخر خطوة، فالدخول على النساء ما دام فيه خلوة إذاً هناك مشكلة كبيرة جداً.

((إِيِّاكُم الحَمْوَ؟ قال: الحَمْوُ: الموتُ))

[متفق عليه عن عقبة بن عامر رضي الله عنه]

 في بعض الأحاديث.
الدكتور بلال:
 هذا تتمة الحديث، قال:

((إِيِّاكُم الحَمْوَ؟ قال: الحَمْوُ: الموتُ))

[متفق عليه عن عقبة بن عامر رضي الله عنه]

الدكتور راتب :
 الموت، لأن فيه قرابة، ممكن بالأحوال العادية تلتقي مع هذه الزوجة في مناسبة معينة، لكن هي وحدها في البيت مشكلة.
الدكتور بلال:
 سيدي، أيضاً من الأحاديث:

((إيَّاكم والشُّحَّ، فإنَّما هَلَكَ من كان قَبلكُم بالشُّحِّ، أمَرَهم بالبُخْلِ فَبَخِلُوا، وأمرهم بالقَطيعة فَقَطعوا، وأمَرهم بالفُجُور فَفَجَرُوا))

[أبو داود عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما]

الابتعاد عن الشح :

الدكتور راتب :
 أنا أريد من هذه النقيصة أن أربطها بمرض خبيث، كيف أن السرطان ورم خبيث ينهي الحياة، والشح مرض خبيث يصيب النفس.

﴿ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ ﴾

[ سورة الحشر: 9]

 معناها مرض خبيث، يوجد مرض خبيث يصيب الجسم كالورم الخبيث، ومرض خبيث يصيب النفس، وهو الشح والبخل.
الدكتور بلال:
 أيضاً من الأحاديث المهمة:

((إِيَّاكُم والظَّنَّ ، فإنَّ الظنَّ أكذبُ الحديثِ))

[متفق عليه عن أبي هريرة]

تجنب الظن :

الدكتور راتب :
 نحن أخي الكريم عندنا وهم، ثلاثون بالمئة من الحقيقة، وعندنا شك خمسون بالمئة، وعندنا ظن سبعون بالمئة، وعندنا غلبة ظن تسعون بالمئة، وعندنا قطع مئة بالمئة، الأولى أن يتعامل المؤمن بالقطع كله، يقينياً، بفهم آية، بفهم حديث، بفهم حكم شرعي، ما دام بالظن، فهذا شيء يحير، أكثر مشكلة بحياتنا الشبهات، لا حلال، ولا حرام.
 أضرب مثلاً بسيطاً: شخص قال لآخر: أعطِ فلاناً ألفاً وخمسمئة درهم، واضحة، لا تحتاج إلى تأويل، ولا تفسير، ولا أخذ رأي عالم، واضحة، أما لو قال له: أعطِ فلاناً ألف درهم ونصفه، الهاء على من تعود؟ قد تعود على الألف، أو على الدرهم.
 القضايا التي فيها شبهات تحتاج إلى أسئلة، وأجوبة، ومناقشة، أنا أفضل أن يكون الشخص واضحاً جداً.
الدكتور بلال:
 من الأحاديث أيضاً سيدي:

((إِيَّاكُمْ وسُوءَ ذَاتِ البَيْن، فَإِنَّهَا الحَالِقَةِ، لا أقول حَالِقةَ الشَعر ولكنْ أقول حَالِقةَ الدين))

[متفق عليه عن عقبة بن عامر رضي الله عنه]

إصلاح ذات البين :

الدكتور راتب :
 يوجد حياة معقدة، أخبار غير مريحة، صراعات بالعالم، المسلمون يواجهون مشكلات كبيرة، لكن هذا البيت الذي تعيشه إذا فيه مودة ومحبة، هذا البيت الذي فيه مودة ومحبة وفيه ورع طبيعي يخفف عن الإنسان الأخبار السيئة جداً، فالمؤمن جنته داره، إذا كان له علاقة طيبة مع زوجته، مع أولاده، مع بناته، مع أصهاره، مع كنائنه، مع من حوله، علاقة وضوح، علاقة محبة، إكرام، هذا البيت مؤسسة، ممكن هذا الإكرام، أو هذه السعادة في هذا البيت أن تواجه مشكلات خارجية كبيرة جداً، إذا كان هناك أخبار سيئة جداً، والبيت منهار فهذه مشكلة كبيرة.
الدكتور بلال:
 إذاً ينبغي أن نصلح ذات البين.
الدكتور راتب :
 ذات البين؛ العلاقات البينية.
الدكتور بلال:
 بينك وبين الناس.
الدكتور راتب :
 أي الرجل وزوجته، الزوجة وزوجها، الزوج وأولاده، الزوجة وبناتها، وأصهارها، والأصهار، والكنائن، والأقرباء، والأم والأب.
الدكتور بلال:
 هذه ذات البين.
الدكتور راتب :
 إذا العلاقة كانت متينة تخفف متاعب الحياة كلها.

خاتمة و توديع :

الدكتور بلال:
 جزاكم الله خيراً سيدي، وأحسن إليكم.
 أخوتي، أخواتي؛ شكر الله لكم حسن المتابعة، نلقاكم دائماً وأنتم في أحسن حال إن شاء الله مع الله، ومع خلقه.
 إلى الملتقى أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه.
 والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور