- ندوات تلفزيونية
- /
- ٠45برنامج منهج التائبين - قناة الرحمة
مقدمة :
الدكتور بلال:
بسم الله:
﴿ الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ *عَلَّمَهُ الْبَيَانَ ﴾
والصلاة والسلام على النبي العدنان، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان.أخوتي، أخواتي؛ أينما كنتم، أسعد الله أوقاتكم بكل خير، بتحية الإسلام نحييكم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، معاً نبحر في رحاب حلقة جديدة في "منهج التائبين" نتلمس هذا المنهج ومفرداته من فضيلة شيخنا الدكتور محمد راتب النابلسي، السلام عليكم سيدي.
الدكتور راتب :
عليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبارك الله بك، ونفع بك.
الدكتور بلال:
أكرمكم الله سيدي، ونفع بعلمكم الأمة.
سيدي الفاضل اليوم ندخل في بعض المعاصي بالتفصيل، يحتاج التائب أن يتوب منها خصوصاً الشباب، لا سيما الشباب، والشابات طبعاً، وهناك فتنتان هما من أضر الفتن على الإنسان وعلى الأمة، وهما فتنة النساء وفتنة المال، ونبدأ اليوم بالفتنة الأولى وهي: "فتنة النساء"
(( ما تركت أضر على الرجال من فتنة النساء))
فنبدأ بموضوع غض البصر، وكيف يعين الشاب نفسه على غض البصر، ولماذا غض البصر عبادة الإخلاص كما يقال.غض البصر عبادة الإخلاص :
الدكتور راتب :
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
نحن نعيش حياة مدنية فيها قوانين، ونعيش حياة دينية فيها وحي السماء، المحرمات في الدين في الأعم الأغلب محرمات في القوانين، فالسرقة محرمة هنا وهنا، لكن لحكمة بالغةٍ بالغةٍ بالغة جعل الله في دينه طاعة القوانين لا تنص عليها إطلاقاً منها غض البصر.
يبدو أن الإنسان حينما يخلو بنفسه معه ربه، البناء المقابل فيه امرأة متبذلة خرجت إلى الشرفة، بإمكانه أن ينظر إليها، أن يملأ عينه من محاسنها، لكن الله يراقبه، لذلك يغض بصره.
إنسان دخل إلى بيته برمضان، وحده، والأيام حارة جداً، والحر لا يطاق، والعطش لا يحتمل، بإمكانه أن يشرب كأس ماء من الثلاجة في رمضان ولا أحد يعلم ذلك، لحكمة بالغةٍ بالغةٍ بالغة، هناك عبادات في الإسلام لا تلتقي مع القوانين، هذه العبادات سماها بعض العلماء عبادات الإخلاص لله عز وجل، وحده في البيت، والجارة متبذلة، والشرفة أمامه، فغض بصره، وحده في البيت وهو صائم لم يأكل، ولم يشرب، لذلك عظمة هذا الدين أنها تبرزه في هذه العبادة عبادة الإخلاص، وغض البصر من عبادات الإخلاص.
طبيب جراح عظام، وبالعادة أن يرى المرأة كما خلقها الله، عنده قماش مفتوح فتحة دائرية، أين الألم؟ هنا، ما رأى منها شيئاً، هذا مؤمن حلّ مشكلته.
الدكتور بلال:
ولو نظر ما ضبطه أحد إلا الله.
الدكتور راتب :
إلا الله، أريد أن أقول كلمة دقيقة: إذا قلت: ذهباً، يوجد ذهب عيار أربعة وعشرين، وواحد وعشرين، وثمانية عشر، وستة عشر، وأحد عشر، كله ذهب، لكن هذا المعدن الثمين على مستويات، وهناك معدن خسيس هو التنك، فالمؤمن فرقه عن غير المؤمن ليس فرقاً بالدرجة، بالطبيعة، من نوع آخر منطلقاته، مبادئه، أهدافه، كمالاته، جمالياته، بيته، أسرته، عمله، تجارته، ربحه، خسارته، ممكن أن يدخل مئة ألف بند فيها من نوع آخر، فالإيمان شيء كبير جداً.
الدكتور بلال:
﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ﴾
من للتبعيض، مسموح أن يرى امرأته من دون قيد أو شرط، أما المحارم فبثياب الخدمة، أي نصف كم، تحت الركبة، صدر مرتفع، هذه ثياب الخدمة، يرى والدته، وأخته، وعمته، وخالته، وابنته، وبنت ابنه، وبنت ابنته، وهكذا، بثياب الخدمة، الخدمة أي نصف كم، تحت الركبة، وقبة عالية.لباس الاحتشام في البيت، وهو المطلوب.
﴿ مِنْ أَبْصَارِهِمْ ﴾
أما غير المحارم، غير زوجته فيغض بصره، ما علاقة:﴿ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ﴾
هل يبدأ حفظ الفرج من غض البصر؟غض البصر طريق وحيد لحفظ الإنسان من الفاحشة :
الدكتور راتب :
في الحقيقة يوجد فهم عميق جداً في هذا الموضوع، كأن حفظ الفرج سببه غض البصر، لأن هذه الشهوات تتنامى.
حجر برأس جبل تطلقه لن يستقر إلا في قعر الوادي، أما إذا أبقيته في قمة الجبل فأنت تضمن بقاءه، فغض البصر بقاء هذا الحجر في الأعلى.
والحقيقة يوجد حالات كثيرة جداً هو ما أراد أن يصل إلى النهاية، وصل للنهاية.
الدكتور بلال:
لم يرد أن يصل إلى الفاحشة.
الدكتور راتب :
وصل إليها.
الدكتور بلال:
لأنه بدأ بإطلاق البصر.
الدكتور راتب :
عفواً، قد يأتي غض البصر بحديث، وقد يقول لك حديثاً غير صحيح مثلاً، فيه خلاف، أما أن تأتي بآية قرآنية، واضحة، صارخة، هذه معناها شيء مهم جداً.
الدكتور بلال:
﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ﴾
الدكتور راتب :وكأن غض البصر طريق وحيد لحفظ الفرج.
الدكتور بلال:
نظرةٌ فابتسامة فموعد فلقاء، وهذه هي خطوات الشيطان؟
خطوات الشيطان لإضلال الإنسان :
الدكتور راتب :
الشيطان ذكي جداً يدعو الإنسان إلى الكفر، إن وجده على إيمان يدعوه إلى الشرك، إن وجده على توحيد يدعوه إلى الكبيرة، إن وجده على طاعة يدعوه إلى الصغيرة، إن وجده على ورع يدعوه إلى التحريش بين المؤمنين، ثم إلى التوسع في المباحات.
الدكتور بلال:
﴿ وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ َ﴾
إذاً ينبغي على الشاب أن يبدأ من غض بصره.الدكتور راتب :
أنا أذكر كلمة دقيقة: لو أن شخصاً يرتدي أجمل ثياب، وأغلى ثياب، نزل في حفرة مياه آسنة سوداء، وذهب إلى القاضي ليشكو أحداً، قال له القاضي: هذا الشخص أمسكك ووضعك في هذا الماء الآسن؟ قال له: لا والله، قال له: دفعك إليه؟ قال له: لا والله، قال لي: انزل فنزلت.
﴿ وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ َ﴾
الدكتور بلال:سيدي من الأسباب التي تعين على غض البصر أن يستحضر الإنسان مراقبة الله، أن يعلم أن الله ناظر إليه، كيف نعلق على ذلك؟
استحضار الإنسان مراقبة الله يعينه على غض البصر :
الدكتور راتب :
أعظم إيمان المرء أن يعلم أن الله معه.
﴿ وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ َ﴾
معكم بعلمه، والحقيقة معية العلم مألوفة، الأدق من ذلك:﴿ وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ َ﴾
معنى آخر، الآية الأولى معية عامة، الآية الثانية معية خاصة، مع المؤمنين بالنصر، والتأييد، والتوفيق، والحفظ.وإذا كان الله معك فمن عليك؟ وإذا كان عليك فمن معك؟ ويا ربي ماذا فقدك من وجدك؟ وماذا وجد من فقدك؟
الدكتور بلال:
سيدي أيضاً كما قلنا من الأسباب المعينة على غض البصر مراقبة الله تعالى، أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك، الآن لو انتقلنا إلى ثمرات غض البصر حتى يندفع المؤمن أو الشاب لهذا الأمر.
ثمرات غض البصر :
الدكتور راتب :أنا اجتهاد مني، وأرجو أن أكون مصيباً، صعب تتحقق سعادة زوجية مع إطلاق البصر، صعب، من أراد السعادة الزوجية فعليه بغض البصر، عليه بغض البصر، وعليها بغض البصر.
الدكتور بلال:
الرجل، والمرأة.
الدكتور راتب :
﴿ وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ َ﴾
الدكتور بلال:لا سيما أنه اليوم تظهر المرأة في الإعلام بأبهى زينة، وأبهى حلة، وينظر، فيترك في قلبه حسرة، ألم الحسرة، فغض البصر من ثمراته أنه يخلص القلب من ألم الحسرة.
أيضاً من ثمرات غض البصر: يجعل في القلب نوراً.
الدكتور راتب :
يرى به الحق حقاً، والباطل باطلاً.
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ﴾
الدكتور بلال:أيضاً سيدي من ثمرات غض البصر أنه يفتح للإنسان طريق العلم، هذا الشافعي رضي الله عنه عندما قال: شكوت إلى وكيع سوء حفظي.
الدكتور راتب :
فأرشدني إلى ترك المعاصي، وأنبأني بأن العلم نور، ونور الله لا يهدى لعاصي.
الدكتور بلال:
إذاً من ثمرات غض البصر أنه يفتح طريق العلم، العاصي يُحجب عن العلم.
الدكتور راتب :
دفع ثمن العلم، إذا الله عز وجل تجلى على قلب الإنسان بفتح نافذة يطل منها إلى معرفة الله، هذا شيء ثمين جداً.
(( ابن آدم اطلبنِي تجدني، فإذا وجدتني وجدت كل شيء))
هذه النافذة التي يطل منها المؤمن على أنوار الله عز وجل تحتاج طاعة لله.الدكتور بلال:
أيضاً سيدي من ثمرات غض البصر أن الإنسان يصبح في حصن من الوقوع في الكبائر، لأن غض البصر وإن توهمه أنه من محقرات الذنوب لكن يقوده إلى الكبائر.
الدكتور راتب :
للتقريب: إنسان على شط البحر، قد تأتي موجة عاتية تأخذه إلى البحر، إنسان كان في رأس جبل، مهما جاءت الأمواج هو في حصن حصين، ما دمت مع الله فهو معك، الحقيقة أن المعية الإلهية شيء كبير جداً.
كن مع الله تر الله معـــك واترك الكل وحاذر طـــــــمعك
وإذا أعطاك مـن يـــــــمنعه ثم من يعطي إذا ما منعك؟
***
الدكتور بلال:
سيدي ما رسالتكم لشاب يقول: لا أستطيع غض البصر، هذه فوق طاقتي.
من يتوهم أنه لا يستطيع القيام بالطاعة فهو لا يريد أن يطيع الله :
الدكتور راتب :
يوجد جواب دقيق جداً وعلمي: أنت حينما تتوهم أنك لا تستطيع هذه الطاعة فاعلم علم اليقين الحقيقة المرة أنك لا تريد أن تطيع الله، من توهم أنه لا يستطيع هو بالحقيقة لا يريد لأنه:
﴿ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا َ﴾
الدكتور بلال:من يحدد الوسع؟
الدكتور راتب :
الله عز وجل، الله وحده يحدد لك الوسع، أي شيء يتوهم صاحبه أنه لا يستطيعه ليعلم علم اليقين أن هذا الشيء لا يريد أن يفعله.
الدكتور بلال:
أي ما دام أمرنا بغض البصر فهو في وسعنا؟
الدكتور راتب :
﴿ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً َ﴾
مطلقاً:﴿ إِلَّا وُسْعَهَا َلَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ﴾
كسب فعل ثلاثي، لمجرد أن تفعل العمل الصالح كتب لك، أما اكتسبت فلعل الإنسان يتوب، يندم، يصحح، يتصدق.﴿ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ﴾
خاتمة و توديع :
الدكتور بلال:
الفعل خماسي.
جزاكم الله خيراً سيدي، وأحسن إليكم على هذه الإفادة والإجادة.
بارك الله بكم أخوتي، أخواتي؛ لم يبقَ لنا في نهاية هذا اللقاء، وقد سعدنا بوجود شيخنا الفاضل، واستمتعنا بوجودكم معنا، ومتابعتكم الطيبة، نسأل الله تعالى أن نلتقيكم وأنتم في أحسن حال.
إلى الملتقى أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الاستماع للدرس
تحميل النص
إخفاء الصور
