وضع داكن
27-04-2024
Logo
برنامج منهج التائبين - الحلقة : 18 - مظاهر ضعف الإيمان1- كثرة المعاصي وعدم إتقان العبادات.
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

مقدمة :

الدكتور بلال:
 بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين، سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
 أخوتي الأكارم، أخواتي الكريمات؛ نحن معاً في مستهل حلقة جديدة من برنامجنا: "منهج التائبين" ضيفنا الدائم في هذه الحلقات فضيلة شيخنا الدكتور محمد راتب النابلسي، السلام عليكم سيدي.
الدكتور راتب :
 عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الدكتور بلال:
 سيدي لا زلنا في ضعف الإيمان، وقد خصصنا حلقتين للحديث عن أسباب ضعف الإيمان، وأفدتم وأجدتم فجزاكم الله خيراً.
 اليوم ننتقل إلى مظاهر ضعف الإيمان، كيف يتجلى ضعف الإيمان في سلوك الإنسان؟
 قالوا: إن أول مظهر من مظاهر ضعف الإيمان هو انتشار المعاصي، المعصية يلفت نظري هنا في موضوع المعصية أن الله تعالى يقول:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ﴾

[ سورة النساء:136]

 أليس هذا إيماناً؟ ما علاقة هذا بالمعصية؟

مظاهر ضعف الإيمان :

1 ـ كثرة المعاصي :

الدكتور راتب :
 بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
 معنى ذلك أن هناك إيماناً غير منج، الشيطان قال: ربي:

﴿ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ﴾

[ سورة ص:81]

 هذا إيمان، آمن بالله رباً وعزيزاً، معلومات، لكنه عصى الله، أما الآية الثانية:

﴿ خُذُوهُ فَغُلُّوهُ * ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ * ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلُكُوهُ * إِنّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ ﴾

[ سورة ص:30- 33]

 تحت كلمة عظيم أربعة خطوط، لا بد من أن تؤمن بالله العظيم.
 ورد في بعض الآثار القدسية:

((يا رب أي عبادك أحب إليك حتى أحبه بحبك؟ - وقع في روعه - أن أحب عباده إلي تقي القلب، نقي اليدين، لا يمشي إلى أحد بسوء، أحبني، وأحب من أحبني، وحببني إلى خلقي، قال: يارب إنك تعلم أنني أحبك، وأحب من يحبك، فكيف أحببك إلى خلقك؟ قال: ذكرهم بآلائي، ونعمائي، وبلائي، ذكرهم بآلائي كي يعظموني، وبنعمائي كي يحبوني، وببلائي كي يخافوني))

[ حديث قدسي]

 إذاً لا بد من أن يجتمع في قلب المؤمن تعظيم لله، ومحبة له، وخوف منه.
الدكتور بلال:
 إذاً الإيمان المنجي هو الذي يحمل على طاعة الله، أما الإيمان الذي لا ينجي فربما يقع الإنسان بالمعاصي الكثيرة ولا ينتبه.
الدكتور راتب :
 لا جدوى منه إطلاقاً، بل هو يزيد الحجة على الإنسان.
 رجل على وشك أن يموت عطشاً، شخص عرف أن هناك نبعاً في مكان بعيد، والثاني لم يعرف، الاثنان لم يتوجها إلى النبع، الأول يموت مع الحسرة، لأنه عرف النبع، والثاني يموت لأنه ظن أنه لا يوجد ماء.
الدكتور بلال:
 والنتيجة واحدة، إذاً أول مظاهر ضعف الإيمان هي المعصية، ونحتاج إلى إيمان يحملنا على طاعة الله.
الدكتور بلال:
 أي إيمان لا يحمل صاحبه على طاعة الله لا جدوى منه إطلاقاً.
الدكتور بلال:
 تقصدون سيدي طبعاً إن كان لا يلتزم أبداً، أما أن يلتزم ويقع في الأخطاء فهذا شأن الإنسان.
 لو انتقلنا إلى البند الثاني من مظاهر ضعف الإيمان، وهو عدم إتقان العبادات، تجد من مظاهر ضعف الإيمان أنه لا يتقن عبادته كما يتقن عمله الدنيوي.

2 ـ عدم إتقان العبادات :

الدكتور راتب :
 إله عظيم أمرنا بالصلاة، ممكن أن تصلي، وقلبك بعيد بسبب أشياء كثيرة، لم تنتبه للآيات، ولم تركع ركوعاً حقيقياً، ولا سجوداً حقيقياً، ولا قرأت الآيات بعد الفاتحة، هذه الصلاة الشكلية لا تقدم ولا تؤخر.

(( لَنْ تُغْلَبَ أمَتي مِنْ اثْنَا عَشَرَ أَلْفاً مِنْ قِلَّةٍ))

[أبو داود والترمذي عن عبد الله بن عباس]

 فإذا كان المسلمون مليارين، وليست كلمتهم هي العليا، هذه مشكلة كبيرة، معنى هذا أن هناك عبادات شكلية تؤدى، لا تقدم ولا تؤخر.
الدكتور بلال:
 إذاً إتقان العبادات مطلوب، وعدم إتقانها مظهر من مظاهر ضعف الإيمان، قال تعالى:

﴿ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ﴾

[ سورة الحج:32]

كليات الدين هي الجانب العقدي والاستقامة والعمل الصالح والاتصال بالله :

الدكتور راتب :
 ورد في الأثر القدسي:

(( ليس كل مصل يصلي، إنما أتقبل الصلاة ممَّن تواضع لعظمتي، وكفَّ شهواته عن محارمي، ولم يصرَّ على معصيتي، وأطعم الجائع، وكسا العُريان، ورحم المصاب، وآوى الغريب، كل ذلك لي، وعزتي وجلالي إن نور وجه لأضوأ عندي من نور الشمس))

[ حديث قدسي]

 كأن هذا النص الدقيق جداً فيه إيمان بالله واستقامة على أمره.

((وكفَّ شهواته عن محارمي))

 وفيه عمل صالح واتصال بالله عز وجل، كأن هذه كليات الدين، الدين مئات الموضوعات، بل ألوف، المؤلفون في الدين مئات الألوف، العلماء مئات الألوف، يمكن لهذا الدين العظيم، المنهج القويم، شرع رب العالمين، أن ينضغط بأربع كليات، اجتهاداً مني، الكلية الأولى العقيدة، التصور، أيديولوجيا، الفكر، المنطلق النظري، بمعنى واحد، الجانب الثاني السلوك العملي، يوجد سلوك سلبي الاستقامة، ما أكلت مالاً حراماً، ما كذبت، ما غششت، ما أفسدت، ما استعليت، ما تكبرت، وهناك جانب إيجابي قدمت من مالي، من وقتي، من علمي، من خبرتي، ثم اتصلت بالله، فالجانب العقدي، والاستقامة، والعمل الصالح، والاتصال بالله هذه كليات الدين.
الدكتور بلال:
 جميل! جزاكم الله خيراً.
 سيدي إذاً عدم إتقان العبادات، لو انتقلنا إلى بند ثالث من مظاهر ضعف الإيمان وهو التكاسل عن الطاعة، أي يقوم إلى الصلاة لكنه متكاسل.

3 ـ التكاسل عن الطاعة :

الدكتور راتب :

﴿ قَامُوا كُسَالَى ﴾

[ سورة النساء:132]

 لي فهم لهذه الآية، ما دام لم يضبط استقامته، لم يستطع في الصلاة أن يحكم اتصاله بالله عز وجل، أي مخالفة للشرع حجاب بينك وبين الله، هذا الحجاب قد يكون كثيفاً جداً، المعصية كبيرة، وقد تكون قليلة، لكن يوجد حجاب، ما دام هناك معصية فهناك مخالفة، آثرت الدنيا على الآخرة، آثرت إرضاء الزوجة على إرضاء الله، آثرت الشريك بقبول بضاعة محرمة، فكلما أخطأت في علاقتك مع الله، هذا الخطأ أنشأ حجاباً بينك وبينه، فلما أنشأ حجاباً صارت العبادات شكلية، وتصبح مملة.
الدكتور بلال:
 يتكاسل عنها.
الدكتور راتب :

﴿ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى ﴾

[ سورة النساء:132]

﴿ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ ﴾

[ سورة النساء:132]

 الصلاة:

﴿ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ ﴾

[ سورة النساء:132]

 فما دام هناك معاص، وآثام، ومخالفات، وبيت غير إسلامي، وتجارة غير إسلامية، ولقاءات مختلطة، ومتابعة أفلام لا ترضي الله، هذه ليست كبائر، لكن هذه الصغائر مفعولها كالكبائر، حجبتك عن الله عز وجل، فإذا حجبتك عن الله حجبتك عن أجمل ما في الصلاة، إذاً صار تثاقل بالصلاة.

﴿ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى ﴾

[ سورة النساء:132]

الدكتور بلال:
 أما المؤمنون فالله تعالى يصفهم فيقول:

﴿ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ ﴾

[ سورة الأنبياء:90]

 يسارع، ويسابق إلى الخيرات.
 البند الرابع سيدي في قضية مظاهر ضعف الإيمان، يقرأ القرآن فلا يتأثر، أي وكأنه لا أريد أن أشبه كأنه يقرأ كتاباً عادياً.

4 ـ عدم التأثر عند قراءة القرآن الكريم :

الدكتور راتب :
 والله يوجد نص أنا لا أتمنى أن أقوله لكن سأقوله: من صلى فلم يشعر بشيء، وذكر الله فلم يشعر بشيء، وقرأ القرآن فلم يشعر بشيء، فليعلم أن لا قلب له، معنى هذا أن الطريق مسدود، يوجد معاص، ومخالفات، وأشياء حجبتك عن الله عز وجل، لا بالصلاة شعرت بشيء، ولا بالذكر، ولا بالتلاوة، إذاً يوجد حجاب كبير، فليعلم أن لا قلب له.
الدكتور بلال:
 فليبحث له عن قلب.
 نعم سيدي، أيضاً من مظاهر ضعف الإيمان: أنه يرى حرمات الله تعالى تنتهك ولا يغضب، إن أهل قرية أوحى الله أن تهلك القرية، قالوا: فيها رجل صالح؟ قال: به فابدؤوا، لماذا سيدي؟

5 ـ عدم الغضب عند انتهاك حرمات الله :

الدكتور راتب :
 والله القصة عجيبة، به فابدؤوا، فالجواب كان: لأنه لم يتمعر وجهه إذا رأى منكراً، أي تأتي ابنة أخيه بثياب فاضحة، يثني على جمالها، هو عمها، تكلم كلمة عن ثيابها الفاضحة، ولا كلمة، يرى الانحرافات، يرى الانتهاكات، يرى الاختلاط، يرى الكسب الحرام، يجامل الجميع، المجاملة هي اسم لطيف، لكن فيها نوع من النفاق، مداهنة.
 بالمناسبة عندنا مداراة ومداهنة، المداهنة بذل الدين من أجل الدنيا.
الدكتور بلال:
 يسكت عن الباطل من أجل دنياه.
الدكتور راتب :
 أما المداراة فيبذل الدنيا من أجل الدين، فرق كبير بينهما، المداهنة بذل الدين من أجل الدنيا، أما المداراة فبذل الدنيا من أجل الدين.
الدكتور بلال:
 المداراة مطلوبة.
الدكتور راتب :
 مطلوبة، بعثت لمداراة الناس، إنسان أعطيته شيئاً، هدية ثمينة بذلتها له فأحبك، عندما أحبك قلدك بالصلاة، بذلت المبلغ المالي فاشتريت قلبه.
 طبعاً الإنسان، املأ قلب من تدعوه إلى الدين بإحسانك، ليفتح لك عقله لبيانك.
الدكتور بلال:
 ومن المداراة هذا الرجل البدوي الذي جاء للنبي صلى الله عليه وسلم قال: لمن هذا الوادي من الغنم؟ قال: هو لك.
الدكتور راتب :
 أتهزأ بي؟ قال: لا والله، قال: أشهد أنك تعطي عطاء من لا يخشى الفقر.
الدكتور بلال:
 بذل له الدنيا من أجل أن يكسب الدين.
 أيضاً سيدي من مظاهر ضعف الإيمان: الاستجابة للفتن، تأتي الفتن فيشربها قلبه، أريد لو سمحتم لي أن أقول الحديث الشريف الفيصل في ذلك، يقول صلى الله عليه وسلم:

((الفتن على القلوب كالحصير عَودا عَودا، فأيُّ قلب أُشْربَها نُكِتَ فيه نُكتة سوداء، وأَي قلب أنكرها نُكِتَ فيه نكتة بيضاء، حتى تصير على قلبين: أبيضَ مثل الصَّفا، فلا تَضرهِ فتنة، مادامت السموات والأرضُ، والآخر: أسود مُرْبادا، كالكوزِ مُجَخِّيا، لا يعرف معروفا، ولا ينكر منكرا))

[مسلم عن حذيفة بن اليمان]

 كيف يكسب الإنسان هذا القلب؟

6 ـ الاستجابة للفتن :

الدكتور راتب :
 إذا جئنا بكأس كريستال، غال جداً، وضعناه على عكس ما ينبغي، فمه للأسفل، صببنا عليه أثمن شراب، لا يدخله شيء.
 ما دام هناك دنيا، يوجد محبة للدنيا، يوجد نفاق، يوجد تساهلات، فاستيعاب الإنسان صار ضعيفاً جداً.
 أحياناً جلسة علم، شخص لا ينتبه لشيء في الجلسة، رأى الوقت ثقيلاً جداً عليه، هو كأسه مقلوب، و آخر يطلب الحقيقة، يقتبس من هذه الجلسة.
الدكتور بلال:
 نسأل الله عز وجل أن يجعلنا من أصحاب القلوب البيضاء.
الدكتور راتب :
 لم أرَ أشد صمماً من الذي يريد ألا يسمع.

خاتمة و توديع :

الدكتور بلال:
 جزاكم الله خيراً سيدي، وأحسن إليكم.
 أخوتي، أخواتي؛ في لقاء لاحق إن شاء الله نتابع مظاهر ضعف الإيمان بمعية شيخنا جزاه الله عنا كل خير.
 أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه.
 والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور