وضع داكن
19-04-2024
Logo
الحلقة - 24 - الاسرة في الاسلام2 - الأمانة الزوجية - الطيبون للطيبات امر توجيهي - عبادة الهوية - مكانة المرأة .
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

مقدمة :

المذيع :
 السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، مرحباً بكم إلى حلقة جديدة في ربيع الإيمان نتفيأ ظلاله الطيبة مع فضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي ، أهلاً وسهلاً بك فضيلة الدكتور .
الدكتور راتب :
 بارك الله بك .
المذيع :
 أسأل الله أن يجعل هذا اللقاء طيباً نافعاً .
 أعزائي المشاهدين ؛ ما زال الحديث في ربيع الإيمان عن الأسرة ، وموضوع الأسرة موضوع مميز مهم جداً ، سنتحدث مع الدكتور اليوم عن زوايا جديدة في موضوع الأسرة مرحباً بك مرة أخرى دكتور .
 دكتور الأسرة أمانة مشتركة بين الزوج والزوجة ، ولعل كثيراً من الناس في الحديث عن الأمانات يتضايق أو يقصر فيؤدي ذلك إلى نتائج ليست طيبة ، دكتور ما الذي يحضركم في مسألة أمانة الأسرة ؟ أي تربية الأولاد مثلاً أمانة ، قضية عمل المرأة وما يشوش على أداء الأسرة من هذه القضايا .

 

أمانة الأسرة :

الدكتور راتب :
 بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد ، وعلى آله وأصحابه الطيّبين الطاهرين ، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وُحول الشهوات إلى جنّات القربات .
 الحقيقة هناك مشكلة قد تفهم على غير ما أراد الله عز وجل فحينما قال الله عز وجل :

﴿ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ ﴾

[سورة النور:26]

 هذا الكلام كلام الله توجيهي أم قدري ؟ أغلب الظن أنه توجيهي ، أي قد تجد امرأة صالحة تحت زوج سيئ ، والعكس ، فكيف نفهم هذه الواقعة القائمة في حياتنا مع الآية الكريمة؟ لذلك العلماء توجهوا إلا أن هذه الآية ليست قدر الإنسان ولكنها توجهه أي تجعل الطيبين للطيبات وقد يقاس على ذلك :

﴿ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا ﴾

[ سورة آل عمران:97]

 فأمن بيت الله الحرام أمن توجهي أم قدري ؟
المذيع :
 توجيهي أي لا تمسه بسوء .
الدكتور راتب :
 فلذلك حينما قال الله عز وجل :

﴿ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ ﴾

 أي ينبغي أن تبحث لابنتك الصالحة المؤمنة عن زوج صالح مؤمن لا عن زوج غني فقط ، فحينما تعتني بابنتك وترفع من مستواها العلمي والأخلاقي والتوجيهي ثم يأتيها من يخطبها لماله فقط فقد خنت الأمانة ، فهذه البنت المؤمنة الطاهرة العفيفة تليق بزوج مؤمن طاهر عفيف ، أما أن نفهم الآية :

﴿ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ ﴾

[سورة النور:26]

 على أن الأمر قدري ، لا ، الأمر توجيهي .
المذيع :
 دكتور كيف يتوجه الحديث عن الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات أي ربما يتوجه نفهمه في مسألة الطيبين ؟
الدكتور راتب :
 الحقيقة أن الأمر دقيق ، أي المرأة حينما يخطبها إنسان خبيث أي زان ، وترضى به فهي حكماً زانية ، والخبيثون للخبيثات ، فينبغي للمرأة الطاهرة العفيفة ألا تقبل إلا زوجاً طاهراً عفيفاً ، أما أن يغريها المال فهذه مشكلة كبيرة ، إذاً أريد أن أؤكد أن قوله تعالى :

﴿ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ ﴾

[سورة النور:26]

المعنى هنا ليس قدرياً ، المعنى توجيهي ، اجعلوا الطيبين للطيبات ، احرصوا على أن يكون الطيبون للطيبات .
 أنا أخاطب الآباء : الآن البنت المستقيمة المؤمنة الطاهرة العفيفة تحتاج إلى زوج مؤمن طاهر عفيف لا إلى زوج غني لا يعرف قيمة علمها وأدبها ، هذه نقطة خطيرة جداً في الزواج ، وأنا أعتقد أيضاً أن معظم أخطاء من حولنا ، أخطاء أولادنا ، بناتنا ، نحن المسؤولون عنها ، فإذا أحسنا اختيار الأزواج لبناتنا كان هذا الزواج رائعاً ، و لذلك ورد في بعض الآثار : " تزوجوا ولا تطلقوا " بمعنى تزوج امرأة لا تحتاج أن تطلقها ، إن بحثت عن علمها ، عن دينها ، عن أهلها ، عن ثقافتها ، عن حضارتها ، مثل هذه لا تحتاج أن تطلقها ، لذلك الزواج الذي له بعد عميق أقرب إلى النجاح من الزواج الطارئ الفجائي هذه واحدة .
المذيع :
 دكتور هل يمكن أن نقول : إن نموذج امرأة فرعون لمثل ما نقول في مثل هذا الوقت ؟

 

استقلال المرأة في دينها عن زوجها :

الدكتور راتب :
 الحقيقة أن هذا الكلام كما تفضلتم به هو إجابة دقيقة لأية امرأة تقول : هكذا يريد زوجي ، إن شاء الله في رقبته ، هذا كلام مرفوض ، لأن دين المرأة مستقلة به عن دين زوجها ، وقد جاءنا الله عز وجل بحالة حادة جداً أكفر كفار الأرض الذي قال : أنا ربكم الأعلى ، والذي قال : ما علمت لكم من إله غيري ، زوجته مؤمنة ، إذ قال سبحانه وتعالى :

﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنْ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴾

[ سورة التحريم: 11]

 أي أنا لا أقبل من أية امرأة أن تقول : أفعل هذا لأن زوجي يريد ذلك ، أي هي مستقلة في دينها عن زوجها .
المذيع :
 دكتور ولكن هذه القاعدة التي تقول : النساء على دين أزواجهن غير صحيحة ؟
الدكتور راتب :
غير صحيح ، المرأة مستقلة في دينها عن زوجها ، بمعنى أن تبعيتها لزوجها لا يعفيها من المحاسبة ، تحاسب ، لذلك المرأة حينما يرى زوجها أنه إذا أمرها بمعصية تقول له : لا وألف لا ، عندئذ يتدبر الأمر بشكل آخر ، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر موضوع حلقات سابقة ، هذا ينبغي أن يكون بين الزوجين ، فحينما تقول المرأة المؤمنة الطاهرة : لا لزوجها إذا أراد حفلة مختلطة ، لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ، فالله عز وجل قد جاءنا بحالة حادة جداً أن الزوج كافر بل ادّعى الألوهية وقال :

﴿ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى ﴾

[ سورة النازعات :24 ]

 والزوجة قالت :

﴿ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنْ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴾

[ سورة التحريم: 11]

 إذاً أول توجيه لأخواتنا الفضليات أن عذرك أن تقولي : هو الذي يريد ذلك وأنا ليس لي علاقة ، هذا كلام مرفوض ، أنت مؤمنة وسوف تحاسبين عن أعمالك صغيرها وكبيرها بصرف النظر عن موقف الزوج منها .
المذيع :
 دكتور إذا تكرمت هناك نقطة ربما أساسية في الحديث عن أمانة الأسرة ومتطلبات الأسرة ، وهي أمانة تربية الأولاد ، أي كثير من الأزواج يدخل يسأل عن أبنائه هل أكلوا طعامهم؟ هل كتبوا وظائفهم ؟ ويمشي .

 

أمانة تربية الأولاد :

الدكتور راتب :
 الحقيقة النقطة الدقيقة هنا أن الإنسان حينما يبحث عن مقاييس الدنيا فيريد لابنه أن يكون مثقفاً ثقافة عالية ، يتقن اللغة الأجنبية ، ومعه شهادات عليا ، ولا يهتم بدينه ، وقع في خطأ كبير ، أي حينما يأتي الزوج إلى البيت يسأل زوجته : هل تناول الأولاد طعام العشاء ؟ تقول له : نعم ، يا ترى هل صلوا العشاء ؟ أنت حينما تحرص على دين أولادك ضمنت لهم السعادة في الدنيا والآخرة ، فأنت حينما تهتم فقط بالابن في صحته ، في تفوقه ، في تحصيله دون أن تهتم بدينه فقد ضيعته ، فالأبوة توجيه ، وقد تقول المرأة : أنا أحب أن أعمل ، تجد الزوج وضعه المادي جيد ، وكل شيء متوافر ، الخروج كل يوم هذا المكان يسمح للرجل أن يأخذه ليتزوج ، أنت لك دخل إضافي ، فحينما تسعى المرأة لتخرج من البيت وتهمل أولادها وقعت في خطأ كبير ، لأن خير كسب الرجل ولده ، وأنا قلت في أمريكا مرة : لو بلغت منصباً ككلينتون ، وثروة كأوناسيس ، وعلماً كأنشتاين ، ولم يكن ابنك كما تتمنى فأنت أشقى الناس ، لم يكن ابنك كما تتمنى فأنت أشقى الناس ، لأن الابن امتداد لك .
 أحياناً يمشي الإنسان في الطريق يرى شباباً ثلاثة يدخنون أحدهم ابنه لا سمح الله ، والثاني ابن أخيه ، والثالث صديقهما ، انفعاله لأعلى درجة على ابنه فقط ، وأقل درجة على ابن أخيه ، ولا ينفعل إطلاقاً للثالث ، فكلما كان الابن أقرب إلى الأب هناك مسؤولية كبيرة ، فالأب الذي يربي أبناءه تربية إيمانية هذا يكافأ في الدنيا قبل الاخرة ، قال تعالى:

﴿ وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا﴾

[ سورة الفرقان:74]

 هذه قرة العين لا يعرفها إلا من ذاقها ، أن ترى ابنك مؤمناً مصلياً صادقاً أميناً متصدقاً صائماً له سمعة طيبة ، هذا الشعور الذي ينتاب الأب لا يقدر بثمن ، وأنا أقول دائماً: الأب حينما يعتني بأولاده هو يعتني بنفسه دون أن يشعر ، حينما يعتني بتربيتهم ، حينما يعتني بمستقبلهم ، أحياناً يرسل الأب ابنه إلى بريطانيا مثلاً، لا يفكر في الأخطار التي قد تنجم عن هذا السفر ، لا بد من أن يؤمّن له مكاناً فيه حفظ ، فيه أصدقاء مؤمنون ، رعاية مستمرة هناك ، وإلا إذا زلت قدمه وعاد منحرفاً ماذا استفاد من هذا العلم ؟ كارثة كبيرة جداً .
المذيع :
 دكتور إذا كان الرسول صلى الله عيه وسلم يسأل كما في حديث ميمونة أنه عليه الصلاة والسلام حينما دخل عليها قال : هو لا يسأل عن ابنه وإنما يسأل عن ابن أختها فيقول أصلى الغلام ؟ أي هذا تفقد جميل .
الدكتور راتب :
أحياناً المرأة تقول : أنا ليست مضطرة أن أبقى في البيت ، وأنا يخطر في بالي أن هذا الطيار الذي يقود الطائرة سبعمئة وسبع وسبعون ويوجد معه أربعمئة راكب ، وغرفته صغيرة جداً ، إذا شكا ضيق غرفته وقال : لن أبقى هنا ، ولكن يوجد أربعمئة راكب ؟ هذا أخطر مكان في الطائرة ، بمعنى أن أخطر مكان في الحياة الزوجية هو البيت ، حينما تكتفي المرأة بمال زوجها ، وزوجها يقدم لها كل شيء ، وتتفرغ لتربية أولادها ، تكون قد عبدت ربها فيما أقامها ، حينما تتفرغ لتربية أولادها ، أنا فيما أعلم في بعض المجتمعات الغربية أعلى وصف للمرأة أنها سيدة منزل ، أي متفرغة لأولادها ، أي خطأ للأولاد كنت أقول دائماً : أخطاء أولادنا نحن نحاسب عليها قبل كل شيء ، بل نحن المسؤولون عنها .
المذيع :
 فضيلة الدكتور نعود إن شاء الله تعالى بعد فاصل قصير إلى الحديث عن هذه المسؤولية بالذات لأهميتها في بناء الأسرة .
 أعزائي المشاهدين فاصل قصير ونعود بكم إلى فضيلة الدكتور .
 مرحباً بكم مرة أخرى قبل الفاصل وقفنا مع فضيلة الدكتور عن موضوع مسؤولية تربية الأبناء ، وكنت قد ضربت أمثالاً جميلة عن المرأة التي تعمل وتخرج وتترك بيتها وراءها بقائد الطائرة ، هل سلطت الضوء عليه قليلاً فضيلة الدكتور ؟

 

الأصل في العبادة أن تعبد الله فيما أقامك أيها الإنسان :

الدكتور راتب :
 الحقيقة أن الأصل في العبادة أن تعبد الله فيما أقامك أيها الإنسان ، أنت أيتها المرأة أقامك الله زوجة وأماً ، فحينما تحسن رعاية الزوج وتربية الأولاد ، والتربية تعني أشياء كثيرة ؛ هناك تربية إيمانية ، وتربية أخلاقية ، وتربية علمية ، وتربية اجتماعية ، وتربية نفسية ، وتربية جنسية ، فحينما تعتني المرأة بتربية أولادها هي في أعلى عليين ، هي مع النبيين والصديقين ، هي لأنها قدمت للمجتمع عناصر طيبة ، والآية الكريمة :

﴿قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى﴾

[ سورة آل عمران:36]

 لكن الله قال سبحانه وتعالى :

﴿ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ ﴾

[ سورة آل عمران: 36 ]

 هذه الأنثى سوف تنجب سيدنا عيسى ، فأية امرأة حينما تتصور أن ابنها قد يكون قائداً عظيماً ، أو مصلحاً كبيراً ، أو داعية كبيراً ، كل أعماله في صفيحتها ، شيء رائع جداً لأن الله عز وجل يحبنا أن نتاجر معه ، لأن الأم إذا ربت أولادها كل أعمال أولادها في صفيحتها ، بل أعمال أولاد أولادها في صفيحتها ، بل أعمال أولاد أولاد أولادها في صحيفتها ،فحينما تعي المرأة خطورة دورها في المجتمع ، وأنها إذا ربت أولادها على طاعة الله ، وعلى محبته ، وعلى التفوق ، وعلى خدمة الأمة ، فكل أعمالهم في صحيفتها .
المذيع :
 دكتور ويهون عليها ما تلاقيه وكما قيل : لكل روعة لوعة .

 

تربية الأولاد طريق إلى الجنة :

الدكتور راتب :
 الحقيقة أن هذه الدنيا دار ابتلاء لا دار استواء ، ومنزل ترح لا منزل فرح ، فمن عرفها لم يفرح لرخاء ، ولم يحزن لشقاء ، قد جعلها الله دار بلوى ، وجعل الآخرة دار عقبى، فجعل بلاء الدنيا لعطاء الآخرة سبباً ، وجعل عطاء الآخرة من بلوى الدنيا عوضاً ، فيأخذ ليعطي ويبتلي ليجزي ، فإن هذه المرأة حينما تؤمن أنها باستطاعتها أن تصل إلى أعلى درجة في الجنة من خلال تربية أولادها حينئذ تعرف خطورة مهمتها .
 في الحقيقة يوجد مسؤولية كبيرة جداً وقد تصل بتربية أولادها إلى أعلى عليين ، وأنا من خلال علاقتي مع الناس كثير من الأخوة الكرام يقولون لي : رحم الله والدي دلني على الصدق ، أمرني بالأمانة ، أصلي الفجر يومياً في الجامع ، أنت لا تعلم مقدار الأثر الذي يتركه الأب والأم في تربية الأولاد ، وكأن هذه التربية طريق إلى الجنة ، إذاً النبي الكريم قال :

(( أفضل كسب الرجل ولده ))

[أخرجه الطبراني عن أبي بردة بن نيار ]

 الولد امتداد للأب والأم .
المذيع :
 دكتور في القرآن الكريم الولد هبة من الله أليس كذلك ؟ والله عز وجل أشار في القرآن الكريم أن الإنسان إذا أراد أن يحفظ أبناءه كما قال في سورة النساء :

﴿ وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا﴾

 ما علاقة التقوى والقول السديد بصلاح الأبناء ؟

علاقة التقوى والقول السديد بصلاح الأبناء :

الدكتور راتب :
 الحقيقة العبد الفقير يرى أن بادئ ذي بدء الأب المنضبط وفق الشرع ، والأم المنضبطة وفق الشرع هذه أول درجة في التربية ، لو نشأ على أب صادق ، أب عفيف ، أب منتج ، أب شجاع ، فهذه التربية لها أثر كبير جداً ، أنت لا تدري الابن يتعلم من أمه وأبيه فيكفي أن يكون الأب كما أراد الله ، والأم كذلك ، فالأولاد ينشؤون على أعلى الدرجات ، إذاً التربية درجات ؛ أحدها القدوة ، القدوة قبل الدعوة .
الآن عندي سؤال ثان : بالثقافة الإسلامية كل أب محترم ، الثقافة الإسلامية ثقافة هذه الأمة ، الأب محترم جداً ، لكن لي تعليقاً خطيراً : ما كل أب محترم محبوب ، فالبطولة لا أن تكون محترماً فقط ينبغي أن تكون محبوباً ، لأن الذي يأتي عن طريق الحب لا يأتي عن طريق الاحترام ، فالأب حينما يكون محبوباً ، فأنا مثلاً أتمنى أن يكون البيت جنة ، جنة ليس بفخامته ، ولا بمساحته ، ولا بنوع الطعام ، جنة في الود بين الزوجين ، فحينما يرى الابن المودة البالغة بين أمه وأبيه فإذا تزوج يرى المودة هدفاً ، أما إذا رأى الصياح والشتائم والخلاف والخصومة بشكل مستمر فيأخذ فكرة عن الزواج خطيرة جداً ، أخطر شيء مع البنات ، حينما ترى البنت أمها معذبة دائماً تكره الزواج ، لذلك التفلت أحياناً من الدين أحد أسبابه خيبة أمل بعض الناس بالدين .
المذيع :
 دكتور ينتج كذلك عدم التزام الآباء والأمهات يتنج أبناء وبنات لا يلتزمون أبداً .
الدكتور راتب :
 الحقيقة القسوة والبخل يصغران دين الأب ، القسوة مع الأولاد والبخل يصغران دين الأب ، يكرهون الصلاة لأن أباهم يصلي ، لأنه قاس ، بخيل ، فلذلك الكلام الدقيق : يا داود ذكر عبادي بإحساني إليهم فإن النفوس جبلت على حبّ من أحسن إليها ، أن أذكر الآباء : لا يكفي أن تكون محترماً ينبغي أن تكون محبوباً ، ينبغي أن يشد بيتك أولادك إليه ، ينشدون إليه ، فلذلك العناية في البيت ، العناية بالأولاد ، العناية بالطعام أحياناً ، هذا يشد الطفل لبيته ، والله هذا كلام دقيق ، والله نحن بحاجة ماسة إليه .
المذيع :
 دكتور في الحديث عن أمانات الأسرة أحياناً يصدر أو يبدر من الزوج بعض الأخطاء ، ويصدر من الزوجة بعض الأخطاء ، نحن نعلم أن الإسلام عالج هذه الأخطاء بمنطق الصبر ، أو بقيمة الصبر ، أو بمنهاج الصبر ، الذي جعله الله سبحانه وتعالى قانوناً أسرياً مباركاً ، وكذلك ربما المرأة أو البنت التي لا يحالفها الحظ فلا تتزوج ، وكنا قد تحدثنا في حلقة سابقة عن خطورة العنوسة كذلك يطلب منها الصبر أليس كذلك ؟

 

الصبر يمتص متاعب الحياة و يوفى صاحبه أجره بغير حساب :

الدكتور راتب :

 وعاء البخار ، هناك وعاء أساسه ضغط البخار ، هذا الوعاء يوجد له صمام أمان ، له فتحة صغيرة عليها غطاء بلاستيكي ، هذا الغطاء البلاستيكي يذوب من الحرارة فينفذ البخار من هذا الثقب فلا ينفجر هذا الوعاء ، وأنا أقول هكذا الصبر يمتص كل المتاعب ، ولكن إذا قرأت قوله تعالى :

﴿ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾

[ سورة الزمر:10]

 كل عمل صالح له أجر ، إلا أن الصبر وحده يعطيك الله عز وجل للتقريب شيكاً لا يوجد فيه رقم ، ولكن يوجد فيه توقيع اكتب الرقم الذي تريده :

﴿ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾

[ سورة الزمر:10]

 فكان الله عز وجل أرادنا حينما نعالج قضايانا إذا كان هناك متاعب أو ضغوط معينة أو ضيق ذات يد أن نصبر .
المذيع :
 دكتور في مسألة اختلاف الطبائع قال صلى الله عليه وسلم :

(( لا يَفْرَك مؤمن مؤمنة إن كره منها خُلقاً رضي منها آخر ))

[ أحمد عن أبي هريرة]

الصبر صمام أمان لكلّ مشكلة في البيت :

الدكتور راتب :
 الحقيقة أنا أتمنى إذا نشب خلاف بين الزوجين أن يسأل ، أحياناً أنا يأتيني أخ من باب الموعظة يشكو لي زوجته ، وهو قريب من تطليقها ، فأفاجئه وأقول له : تخونك ؟ فقال لي: معاذ الله يا أستاذ ما هذا الكلام ! فقلت له : سيئة الخلق ؟ فقال لي : لا والله ، فقلت له : طبخها جيد ؟ فقال لي : طبخها جيد ، فأنا أستدرجه إلى ميزاتها ثم يستحيي ، وأحياناً قد يكون الإنسان منزعجاً من قضية واحدة فهو يمكن أن يكبرها إلى درجة أن يصل إلى الطلاق ، لذلك امرأة جاءت الرسول الكريم قالت : " يا رسول الله ! إن زوجي تزوجني وأنا شابة ، ذات أهل ، ومال ، وجمال ، فلما كبرت سني ، ونثر بطني ، وتفرق أهلي ، وذهب مالي ، قال : أنتِ عليّ كظهر أمي ولي منه أولاد - الآن دققوا - إن تركتهم إليه ضاعوا - أنا أربيهم - وإن ضممتهم إلي جاعوا - هو يعمل ويكسب رزقاً ليطعمهم وأنا أربيهم- " .
 شاهد الأدوار المتكاملة بين الزوجين ، فبكى النبي الكريم وقد سمع الله شكواها من فوق سبع سموات ، وقد روي أن سيدنا عمر رضي الله عنه رأى هذه المرأة وهو يمشي في الطريق وكان يركب دابته فنزل عن دابته احتراماً لها ، فقيل له : لماذا فعلت هذا ؟ قال : ألا أستمع إليها وقد سمع الله شكواها من فوق سبع سموات ؟ فالمرأة لها بالإسلام مكانة كبيرة جداً لكن الصبر كما قلت هذا الوعاء البخاري يوجد فيه صمام أمان ، وكأن الصبر صمام أمان لكل مشكلة في البيت .
المذيع :
 دكتور حتى تطبيقات الرسول صلى الله عليه وسلم لما جاء ضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأرسل إلى بيوته من كان عندها طعام فلترسل طعاماً ، فسبقت إحدى نساء النبي صلى الله عليه وسلم عائشة بإرسال الطعام ، فضربت عائشة الغلام فسقطت القصعة وانكسرت فقال صلى الله عليه وسلم وأخذ يلمها عن الأرض ويقول : غارت أمكم ، صبر جميل جداً جداً ، و بيوت الأنبياء يوجد فيها كما يوجد في بيوتنا .
الدكتور راتب :
 بالمناسبة لولا أن النبي بشر تجري عليه كل خصائص البشر لما كان سيد البشر لولا أنه بشر تجري عليه كل خصائص البشر لما كان سيد البشر .

خاتمة و توديع :

المذيع :
 دكتور حقيقة كنت أريد أن أبقى معك أكثر من ذلك لكن الوقت قد داهمنا .
 أعزائي المشاهدين للأسف الشديد داهمنا وقت البرنامج مرة أخرى كالعادة نعود بكم بإذن الله تعالى في حلقة مقبلة في ربيع الإيمان ، الذي نتفيأ ظلاله مع فضيلة الدكتور المربي محمد راتب النابلسي جزاك الله خيراً دكتور ، وأنتم أعزائي المشاهدين السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور