- تفسير القرآن الكريم / ٠2التفسير المطول
- /
- (003)سورة آل عمران
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علما، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .
أيها الإخوة الكرام، مع الدرس الثاني والخمسين من دروس سورة آل عمران، ومع الآية الثالثة والسبعين بعد المائة، وهي قوله تعالى :
﴿ الَّذِينَ قَالَ لَهُمْ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ﴾
مقدمة :
الدنيا دار امتحان وبلاء :
أيها الإخوة، بادئ ذي بدء، إن المؤمن حينما يوقن أن هذه الدنيا دار ابتلاء، وأنها مرتّبة على الامتحان، وفي آية أخرى يقول الله عزوجل :
﴿ وَإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ ﴾
وفي آية ثالثة :
﴿ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ ﴾
أنت لست في دار نعيم، ولست في دار جزاء، ولست في دار سرور، أنت في دار ابتلاء، في دار امتحان ، في دار تكليف، في دار تعب، قال تعالى :
﴿ يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ ﴾
الابتلاء في المنع والعطاء :
ذلك أن الله خلق الإنسان للجنة، و ثمن الجنة في الدنيا، هو نجاحك في هذا الابتلاء، الأصل أنك مبتلى، أي ممتحن، ممتحن في شيئين؛ أو في زمرتين، فيما أُعطيت، وفيما سُلب منك، الدعاء الشريف :
(( اللهم ما رزقتني مما أحب فاجعله لي عونا فيما تحب ، وما وزويت عني ما أحب فاجعله فراغا لي فيما تحب ... ))
إنسان آتاه الله الصحة، هو مبتلى بها، أينفقها في طاعة أم في معصية ؟
إنسان آتاه الله المال ، هو مبتلى به ، أينفقه في طاعة أم معصية ؟
بل إن كل حظ من حظوظ الدنيا آتاك الله إياه لا يعد نعمة، شيء موقوف على طريقة استخدامه، فإن أنفقت المال في طاعة اله عد نعمة، وإن أنفقته في معصية الله عد نقمة، فإياك أن تقول: هنيئا لفلان آتاه الله المال، قد يكون المال بلاء كبيرا، إن أنفقه في معصية، فلذلك القصة أن توقن أن الحظوظ في الدنيا موزعة توزيع ابتلاء، أنت مبتلى بزمرتين من المواد، فيما آتاك الله، وفيما زوى عنك .
سئل الإمام الشافعي : " أندعو الله بالابتلاء أم بالتمكين ؟ قال : لن تُمكن قبل أن تُبتلى " .
أنا أقول لكم: اعتمادا على نصوص من الكتاب و السنة لا بد للمؤمن أن يبتلى، و لمجرد أن تتوهم أن الله لن يبتليك فأنت واهم، قال تعالى :
﴿ أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ ﴾
قال تعالى :
﴿ أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ ﴾
يجب أن تتأكد، وأن توقن أنك في دار ابتلاء، بل إن من خطب النبي عليه الصلاة والسلام :
(( إن هذه الدنيا دار ابتلاء، ومنزل ترح لا منزل فرح ، فمن عرفها لم يفرح لرخاء، ومن عرفها لم يحزن لشقاء، قد جعلها الله دار بلوى، وجعل الآخرة دار عقبى، فجعل بلاء الدنيا لثواب الآخرة سببا، وجعل عطاء الآخرة من بلوى الدنيا عوضا، فيأخذ ليعطي، ويبتلي ليجزي ))
الابتلاء لكشف حقيقة النفس :
هذه أول حقيقة، أنت حينما توطن نفسك أن هذه الدنيا دار ابتلاء، ذاك من ماله، وذاك من صحته، وذاك من زوجته، و هذا من أولاده، وهذا في عمله، وهذا عنده مشكلة نفسية، ليس هناك إنسان على الإطلاق إلا وقد ابتلاه الله عزوجل، طبعا الإيمان لا يظهر بالابتلاء الإيجابي، يظهر بالابتلاء السلبي، كما أن المركبة لا تظهر قوة محركها في الطريق الهابطة، لا تظهر قوة محركها إلا في الطريق الصاعدة .
أحيانا المدرس يسأل الطالب سؤالا، فيجيب إجابة صحيحة، قد يكون هذا الطالب سمع الجواب من زميله، عندئذ المدرس يتأكد من وثوق معلوماته، يغالطه، فإذا تشبث الطالب بإجابته معناه أنه عن دراسة، أما إذا غالطه فغيّر الإجابة فورا معنى ذلك أنه عن تقليد، لو كنت مؤمنا، و لو كنت مستقيما، فلا بد من أن تبتلى ليظهر عمق إيمانك .
كنت مرة في معمل إسمنت، و دخلت إلى مخبره، أطلعوني على مكعبات إسمنتية، كل مكعب خلطة، طبخة، يمسك من أعلاه المكعب، ومن أسفله بكف، يضعون بها أوزانا بالتدريج، على أي وزن قُطع المكعب هذه قوة تماسكه، فالطبخات مستويات، فكل واحد منا عنده تماسك، على وزن معين يفقد تماسكه، فكل واحد قد يعصي الله بضغط معين، أو لإغراء معين، الله يمتحن، أما أن نعيش حياة وادعة ليس فيها ابتلاء، و نحن في ضعف في إيماننا، لكن لم نُمتَحن فلا، لا بد من أن نمتحن ، قال تعالى :
﴿ وَإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ ﴾
لذلك أحيانا الله عزوجل يخلق ظروفا معينة، ظروفا صعبة جدا لإنسان، قد يسقط ، قد يعصي الله، و قد يمد يده للحرام، فيرسب الإنسان في الامتحان .
يجب أن تؤمن أنك ممتحن في كل شيء، واحد طرق بابك، إنسان طلب منك حاجة، إنسان استقرضك، إنسان تطاول عليك، أنت مبتلى، هل تكيل له الصاع عشرة؟ أم الصاع بصاع، هل تعفو عنه؟ هل ترثي لحاله، وتأخذ بيده؟ فلذلك نحن في الدنيا في دار ابتلاء، و المضائق الصعبة التي مر بها النبي عليه الصلاة و السلام لا بد لكل مؤمن من أن يمر بمضائق مخففة، لكن لا بد منها .
الَّذِينَ قَالَ لَهُمْ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ
فمن هذا الابتلاء الذي ابتلى الله به المؤمنين قوله تعالى :
﴿ الَّذِينَ قَالَ لَهُمْ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ ﴾
أحيانا إنسان وادع مرتاح مطمئن، أموره جيدة، معه رزقه وبيته وأولاده فيأتي خطر خارجي، ماذا نفعل؟ هناك من ينقم، وهناك من يصبر، هناك من يكشف الحقيقة، هناك من يأخذ موقفا، قال تعالى :
﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمْ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ﴾
الخطر الخارجي ابتلاء :
والشيء المزعج أن الإنسان أحيانا لأنه قال : لا إله إلا اله أصبح مدانا في بلاد كثيرة، نحن الحمد لله ترون اجتماعكم في المسجد، لكن في بلاد لو دخل الإنسان المسجد مرة واحدة يسجن، فقد يسأل سائل: لماذا هذا الابتلاء؟ الابتلاء لفرز المؤمنين، فمن أنواع الابتلاء أن يأتيك خطر خارجي ، يهدد .
﴿ الَّذِينَ قَالَ لَهُمْ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ ﴾
حشدوا الأسلحة والجيوش، والطيران ، والحاملات، والمروحيات، والقنابل العنقودية، والقنابل الانشطارية، والقنابل الذكية، والأقمار الصناعية، نسمع عن أسماء أسلحة ما سمعناها من قبل، فقد يأتي خطر خارجي فهذا ابتلاء، قد يأتي تهديد خارجي، هذا ابتلاء، قد يأتي وعيد، هذا ابتلاء، قد تبتلى بعدو قوي، عدو متغطرس، عدو لا يرحم، عدو حاقد، عدو ناقم، هذا ابتلاء .
﴿ وَإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ ﴾
ومن خلال هذا الابتلاء يفرز المؤمنون؛ فريق يخاف، فريق يركع، فريق ينبطح، وفريق يوقن بأن الأمر بيد الله، فربنا عزوجل بين بعض أنواع الابتلاء :
﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمْ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا﴾
التهديد الخارجي لم يؤثر في الصحابة ، بل زادهم إيمانا:
فهذا التهديد ما أثر فيهم، وهذا الوعيد ما أثر فيهم، وهذا الحشد ما أثر فيهم، وهذا الكبر ما أخافهم، وهذه الغطرسة ما أذلتهم .
﴿ الَّذِينَ قَالَ لَهُمْ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا ﴾
زادهم إيمانا بأنه لا إله إلا الله، أي لا معطي، ولا مانع، ولا خافض، و رافع، ولا معز، ولا مذل إلا الله .
أمرك بيد الله :
بشكل مبسط: هذا الإله العظيم إذا سلمك إلى مخلوق مثلك لئيم ، ولا علاقة له بما يفعل بك كيف تعبده؟ لكنه طمأنك فقال لك :
﴿ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ ﴾
ما أمرك أن تعبده إلا بعد أن طمأنك أن الأمر عائد إليه بشكل دقيق، هذا معنى قوله تعالى :
﴿ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا ﴾
هناك مثل، وإن كان مثلا مضحكا، جندي التحق بثكنة، أو بقطعة عسكرية، وهنك متقدم عنه عريف، هدده، وقائد الجيش أبو هذا الجندي، الذي بيده رتب عالية جدا، فلمجرد أن يبكي هذا الجندي من تهديد هذا العريف يكون أحمق، ولا يعرف أن والده هو قائد الجيش، وأن الأمر كله بيد والده، هذا مثل للتقريب، فأنت مؤمن، أمرك ليس بيد إنسان، ولا بيد جماعة، ولا بيد دولة، ولا بيد دولة عظمى، ولا بيد طاغية، أمرك بيد الله، ما دمت موقنا أن أمرك بيد الله فقد نفسك .
﴿ الَّذِينَ قَالَ لَهُمْ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا ﴾
أحيانا الإنسان يتزلف، أو يتصنع الصبر، هذه القضية لا علاقة لها بدرسنا .
زعم الفرزدق أن سيقتل مربعا أبشر بطول سلامة يا مربعُ
أحيانا يكون هناك تجلد فارغ، هذا يحدث قبل الانهيار، يتجلد، يتجلد، وبعد ذلك جلد لا معنى له، و ليس مستندا إلى قوة عظمى .
قال تعالى :
﴿ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ﴾
وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ
معنى : حَسْبُنَا :
حسبنا: أي يكفينا، حسبك أي اكتفِ، إنسان يعطيك طعاما، فقلت له : حسبك ، أي اكتف، قال تعالى :
﴿ حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ﴾
يكفينا أننا عبيد لله، يكفينا أننا طائعون لله، يكفينا أن الله بيده أمر عدونا وصديقنا .
﴿ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ﴾
فقال تعالى :
﴿ فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنْ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ ﴾
فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنْ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ
لذلك لما قال ربنا عزوجل على لسان المؤمنين :
﴿قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا﴾
لنا غير علينا، هذا المبلغ لي، لي تعني أنه لك، و أنه مكافأة، إنما علي تعني أنه عبء، وأنه عقاب .
﴿ قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا ﴾
﴿ فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنْ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ ﴾
القضية قضية إيمان .
خذ مثلا فرعون الطاغية :
هناك مثل حاد جدا، فرعون و ما أدراك ما فرعون، فرعون بقوته، وجبروته، وأتباعه ، وأسلحته ، ولؤمه ، وقسوته ، وحقده ، وغطرسته ، يتبع سيدنا مع أصحابه ، الاتجاه نحو البحر الأحمر ، البحر لاح في الأفق ، قال تعالى :
﴿ فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ(61)قَالَ كَلَّا ﴾
ليس هناك أمل، فرعون لا يقابل من حيث القوة، و لا يُسترحم من حيث الرحمة، وسيدنا موسى وأتباعه شرذمة قليلون، هم في اتجاه البحر، و البحر مانع، وفرعون من ورائهم .
﴿ فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ(61)قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ ﴾
والله عزوجل أجرى هذه المعجزة، سيدنا موسى ضرب بعصاه البحر فأصبح طريقا يبسا في البحر، والله على كل شيء قدير .
لا مستحيل على الله :
يجب أن توقن في الأشياء التي تبدو لك مستحيلة، مرض عضال، قال لك خمسون طبيبا :لا أمل، ولا له دواء، وبقي لك بضعة أشهر، هناك أورام خبيثة، عمرها شهر أو شهران، مهما كان المرض خبيثا، مهما كان العدو مخيفا فالله على كل شيء قدير .
واللهِ أيها الإخوة، لي صديق مدرّس، أصيب بمرض السرطان في رئتيه، أنا تابعت الموضوع، وُجد أن هذا المرض من الدرجة الخامسة، صاحبه منتهٍ، فأرسلوا خزعة إلى بريطانيا، الجواب نفسه، لا أمل أبدا، هناك أمل في المائة عشرون، أن تزرع له رئة جديدة في أمريكا، والمبلغ يساوي ثمن بيته، ورث بيتا في أرقى أحياء دمشق، ثمنه غال جدا، هذه العملية تساوي ثمن بيته، لا بد من بيع البيت، وأن يبقى أولاده في بيت بالأجرة، وقد يموت في المائة ثمانون، لا أدري ماذا حدث، والذين عالجوه أصدقائي، والتحليلات في الشام وفي بريطانيا، وكل طبيب شاهده قال: لا أمل له، ثم إن هذا المرض تراجع شيئا فشيئا، والقضية مضى عليها أعتقد خمسة عشر عاما، ولا يزال حيا يرزق .
حينما تؤمن أن الله على كل شيء قدير ترتاح .
البارحة أوقفني أخ اشترى ورقة يانصيب، وربح خمسين ألفا، ثم علم أن هذا مبلغ حرام، فأنفقه على فقراء المسلمين، قضية المشروعية موضوع ثان، هذا الذي فعله ما أدخله إلى حسابه، يعمل في شركة، استدعاه مدير الشركة، قال له: هل تزوجت؟ قال له: أنا خاطب، قال له: عندك بيت؟ قال له: لا، قال له: خذ هذه المائة والخمسين ألف ليرة دفعة من ثمن بيت، شيء لا يصدق، الله على كل شيء قدير، بيد الله كل الخيارات .
لو فتحنا باب القصص لا ننتهي، تحتاج إلى إيمان ، والواحد منا لا سمح الله ولا قدر لو ركب البحر ووقع، و جاء حوت التقمه، و دخل إلى بطن الحوت، والحوت وجبته المعتدلة أربعة أطنان، وزنه مائة و خمسون طنا، ينتج تسعين برميلَ زيتٍ، لحم خمسون طنا، دهنه خمسون طنا، وتسعون برميل زيت، دماغه وزنه أربعمائة وخمسون كيلوًا، نصف طن، وهذا الحوت ابتلعه، أحيانا الواحد يأكل كرزة أو زبيبة، الشخص الذي وزنه مائة كيلو إذا ابتلعه الحوت مثل الزبيبة لنا، هل هناك أمل ليعيش؟
سيدنا يونس التقمه الحوت، مقدار الأمل صفر، هذا الدرس بليغ لنا .
﴿ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾
لم يكن معه خلوي، أساسا ليس هناك تغطية تحت .
﴿ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ(87)فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ﴾
واللهِ هذه القصة لو أرويها مليون مرة لا أشبع منها، لأن من قوله تعالى :
﴿ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ﴾
أيّ همٍّ يركبك، أي شيء يقلقلك، لو أنك في بطن حوت، وفي ظلمة الليل، وظلمة البحر، و ظلمة بطن الحوت، فنادى في الظلمات، وقلت: يا رب صادقا لوجدت الله معك، كن مع الله تر الله معك .
القضية لا بد لها من إيمان، وقد تنجو بقدرة قادر، طائرة انشقت نصفين، فوق جبال الألب، ومات كل ركابها عدا واحدا مقعده مكان انشطار الطائرة، فوقع ونزل ثلاثة وأربعين ألف قدم، نزل فوق غابة كمية الثلج تزيد على خمسة أمتار، فوق أشجار الصنوبر، خمسة أمتار ثلج، مع أغصان الصنوبر، ونزل واقفا .
وإذا العناية لاحظتك جفونها نم ، فالمخاوف كلهن أمان
امرأة تسافر من جدة إلى باكستان، معها طفلان رضيعان، حدث خلل في نافذة الطائرة، والطائرة مضغوطة ثلاثة أمثال، فصار هناك قوة دفع نحو الخارج، فولداها الاثنان خرجا من النافذة، وسقطا حول دبي، في بحر الخليج، الموت محقق، بكت، بعد أيام جاءت برقية إلى الشركة بباكستان أن الطفلين حيّان يرزقان، تابعت الأمر، سقطا إلى جانب صياد، فرأى شيئا هبط من السماء إلى البحر، فغطس وأنقذهما، أخذهما إلى مستشفى، الله على كل شيء قدير، إياك أن تيأس، إياك أن تقول: انتهيت، إياك أن ينقبض قلبك .
وإذا العناية لاحظتك جفونها نم فالمخاوف كلها أمان
هنا :
﴿ الَّذِينَ قَالَ لَهُمْ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ(173)فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنْ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ ﴾
كن مع الله تر الله معك، وإذا كنت مع الله كان الله معك، وإذا كان الله معك فمن عليك؟ ويا ربي ماذا فقد من وجدك؟ وماذا وجد من فقدك؟ هذا الإيمان، تجد المؤمن كالباخرة العملاقة كأنها جبل، والمؤمن الضعيف الإيمان كأنه قارب، تتلاعب به الأمواج .
ثم يخبرنا الله عن سبب ذلك، قال تعالى :
﴿ إِنَّمَا ذَلِكُمْ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ ﴾
إِنَّمَا ذَلِكُمْ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ
قد تخاف بغير سببٍ:
بالمناسبة ربما لا يكون هناك سبب للخوف، الخوف يخلق في نفس الإنسان قلقا، والله عزوجل قادر أن يخيف الإنسان بلا سبب، يوهمه بمرض عضال، و ليس كذلك، يوهمه بأشياء كثيرة، فالله عزوجل قادر أن يسوق مصيبة حقيقية، ومصيبة وهمية، قادر أن يملأ قلبك خوفا، وقد تخاف بلا سبب، وقد تطمئن بلا سبب، الله عزوجل قد يملأ قلبك أمنا وطمأنينة، ولا يوجد سبب، السبب مخيف، لذلك الآية الكريمة :
﴿ فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ(81)الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ(82)﴾
في هذه الآية :
﴿ إِنَّمَا ذَلِكُمْ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ ﴾
معنى :إِنَّمَا ذَلِكُمْ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ
الحقيقة: المعنى الدقيق يخوف المؤمنين من أوليائه، الطغاة أولياؤه، بل إن كل الأقوياء عصيٌّ بيد الله .
بالمناسبة، من منكم لا سمح الله ولا قدر لو أن جهة ضربته بعصا يحقد على العصا، الحقد على العصا غباء، تحقد على من؟ على من أمسك بالعصا وضربك بها .
في قضية التوحيد أنا حينما ينالني إنسان بأذى، و أنا أعلم أن هذا الإنسان بيد الله، كيف سمح الله له، فإذا نالني بأذى معنى ذلك أن الله سمح له، والله حكيم، ورحيم، وعادل، أنا عندي مشكلة، بدل أن أحقد على الآخرين، الكرة ارتدت إلي، تجد المؤمن حينما تأتيه المصيبة يفكر في السبب الحقيقي، ما الذي فعلته حتى ساق الله لي هذه المصيبة ؟
﴿ فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنْ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ(174)إِنَّمَا ذَلِكُمْ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾
فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ
في هذا نهي ، و كل نهي يقتضي أن تستجيب له، و كل أمر يقتضي أن تستجيب له .
﴿ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾
الخوف من غير الله دليل على عدم الإيمان أو ضعفه
المقياس إذًا: لمجرد أن تخاف من غير الله فأنت لست مؤمنا، أو على جانب من الشرك كبير، ولمجرد أن تخاف من الله وحده فأنت مؤمن، ومستحيل و ألف ألف مستحيل أن تخاف منه ثم يخيفك من غيره، إن خفت منه فلن تخاف من غيره، و إن لم تخف منه أخافك من أحقر خلقه، لذلك فهذا الأمن يلقى في قلب المؤمن، و الآية واضحة .
﴿ فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ(81)الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ(82)﴾
أولئك لهم الأمن وحدهم .
وَلَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ
ثم يقول الله عزوجل :
﴿ وَلَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا يُرِيدُ اللَّهُ أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾
إنسان في الأعماق وإنسان على حرف
هناك إنسان في الأعماق، وإنسان على حرف، فالذي على حرف كلمة تأخذه، وكلمة تذهبه، هذا نمط شائع، خفيف .
﴿ فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ ﴾
لمجرد أن أحاط الأعداء برسول الله في الخندق، قال أحدهم: أيعدنا صاحبكم أن تفتح علينا بلاد قيصر وكسرى، وأحدنا لا يأمن أن يقضي حاجته، كأنه خرج من الدين، فالبطولة أن تكون في الأعماق، لا أن تكون على حرف، إذا كانت الأخبار سارة بالشرق، لا إله إلا الله، جلت عظمة الله، وإذا لم تكن الأخبار غير سارة تجدهم يكذبون، كأنه شك في قدرة الله عزوجل، لأنه آمن بغير الله، لا .
﴿ إِنَّمَا ذَلِكُمْ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ(175)وَلَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ ﴾
لا يفعل الكافر شيئا ما أراده الله :
كلمة تأخذه، وكلمة تأتي به، خبر برأسه، خبر يبكيه، هذا شيء غير طبيعي، عندك ثوابت في حياتك، أولا المؤمن الله حكيم، وعليم وقدير، ولن يستطيع كافر ما أن يفعل شيئا ما أراده الله، قال تعالى :
﴿ وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لَا يُعْجِزُونَ ﴾
هم في قبضة الله، لكن لله حكم لا نعلمها نحن، و المؤمن يحترم حكمة الله، يحترم قرار الله عزوجل، أنت لا تعلم .
﴿ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾
قد تحزن من شيء هو لك خير :
أوضح مثل صلح الحديبية كان فيه مهانة للمسلمين، سيدنا عمر خرج من جلده، قال له: ألسنا مؤمنين؟ قال: بلى، قال: أليسوا كفارا؟ قال: بلى، قال له: فعلام نعطي الدنية في ديننا، قال له: إني رسول الله، معي أمر، لا يوجد صحابي إلا الصديق اقتنع بمواد الصلح، مهينة، ثم كان الخير من هذا الصلح، بشكل لا يوصف، الله قدير، تكون المقدمة مزعجة، أما الخاتمة فجيدة، تحتاج إلى إيمان، فضعف الإيمان كلمة تخرجه من الدين، وخبر يدخله في الدين، هؤلاء :
﴿ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا ﴾
أرضوا أم لم يرضوا، قضاء اللهو قدره نافذ في العباد .
قلت اليوم كلمة دقيقة: قانون السقوط، سقوط الأجسام، قانون له علاقة بالوزن، والهواء، والجاذبية، و الحجم ... إلخ، هذا القانون آمنت به أم لم تؤمن، أعجبك أم لم يعجبك، أرضيت عنه أم لم ترض، فهمته أم لم تفهمه، هو مطبق، و عدم إيمانك به لا يلغي وجوده، ولا يلغي فاعليته، السقوط سقوط، لو أن مظليا كفر بقانون السقوط و لم يفتح المطلة هل يعطل هذا القانون، لا، ينزل ميتا، قضاء الله واقع فينا، أعجبنا أو لم يعجبنا، آمنا به أو لم نؤمن ، وفي الأثر :
(( أنت تريد وأنا أريد، فإذا سلمت لي فيما أريد كفيتك ما تريد، و إن لم تسلم لي فيما أريد أتعبتك فيما تريد، ثم لا يكون إلا ما أريد ))
أمر الله هو الثابت .
عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَيِّدُ الِاسْتِغْفَارِ أَنْ تَقُولَ :
(( اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ، وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ، أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وَأَبُوءُ لَكَ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي، فَإِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ، َمَنْ قَالَهَا مِنْ النَّهَارِ مُوقِنًا بِهَا فَمَاتَ مِنْ يَوْمِهِ قَبْلَ أَنْ يُمْسِيَ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَمَنْ قَالَهَا مِنْ اللَّيْلِ وَهُوَ مُوقِنٌ بِهَا فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ))
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
(( مَا أَصَابَ أَحَدًا قَطُّ هَمٌّ وَلَا حَزَنٌ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ، وَابْنُ عَبْدِكَ، وَابْنُ أَمَتِكَ، نَاصِيَتِي بِيَدِكَ، مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ، عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ، أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ، سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ، أَوْ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ، أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي، وَنُورَ صَدْرِي، وَجِلَاءَ حُزْنِي، وَذَهَابَ هَمِّي، إِلَّا أَذْهَبَ اللَّهُ هَمَّهُ وَحُزْنَهُ، وَأَبْدَلَهُ مَكَانَهُ فَرَجًا، قَالَ: فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَا نَتَعَلَّمُهَا؟ فَقَالَ: بَلَى يَنْبَغِي لِمَنْ سَمِعَهَا أَنْ يَتَعَلَّمَهَا ))
قال تعالى :
﴿ وَلَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا يُرِيدُ اللَّهُ أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾
يُرِيدُ اللَّهُ أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ
معنى الإرادة:
معنى يريد أي سمح، وسمح تنفيذا لاختيارهم، هذا هو المعنى، كل شيء يسمح الله به، أو لا يسمح، فإن سمح به أي أذِن أن يكون، وأنت مخير، فإذا رفض الإنسان الدين فإن الله عزوجل جعلك مخيرا، وأنت رفضت الدين، إذًا: سمح لك ألاّ يكون لك حظ في الآخرة، هذا المعنى بالضبط، هنا الإرادة السماح، أراد كذا .
عندنا قاعدة في علم العقيدة أراد، ولم يأمر، أراد ولم يرض، إنسان أصرّ على السرقة، سمح الله له أن يسرق، مع أن الله لم يأمر بالسرقة، و لا رضي عنها، أراد أن يسرق تنفيذا لاختياره، مع أن الله لم بالسرقة، و لم يأمر بالفحشاء .
إذًا: هؤلاء الذين سارعوا في الكفر طبعا :
﴿ إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا ﴾
هم في قبضة الله، يريد الله، أي ما دام اختار الكفر، وأصر عليه، فكانت مشيئة أن يطلقهم لما يريدون .
﴿ يُرِيدُ اللَّهُ أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾