وضع داكن
28-03-2024
Logo
عطر السنة - الندوة : 04 - الزواج 2 - معايير اختيار الزوج والزوجة .
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

مقدمة :

المذيع:
أعزائي المشاهدين ؛ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، أرحب بكم أجمل ترحيب في حلقة جديدة من برنامجكم : "عطر السنة "، نستتشق فيه عبير النبوة الفواح من فم أستاذنا الكريم الدكتور محمد راتب النابلسي .
الدكتور راتب :
بارك الله بكم.
المذيع:
حياكم الله أستاذ .
أعزائي المشاهدين ؛ ما زال الحديث متصلاً حول موضوع الزواج ، أستاذنا موضوع الزواج من الموضوعات الهامة جداً التي نحتاج فيها إلى توجيهات مستمرة ، ومعايير اختيار الزوج ومعايير اختيار الزوجة ربما كان واضحاً نظرياً لكن على أرض الواقع التطبيقات بل التضييقات هي السائدة ، ولذلك أنتج تأخر سن الزواج عند كثير من الشباب والفتيات أعداداً هائلة جداً من العوانس التي نشهدها في كل عواصمنا العربية ، أستاذنا حقيقة إعادة تفعيل هذه التعليمات النبوية أصبح إلزامياً أو أصبح مهماً جداً لحلّ هذه المشكلات ومحاولة ترميم ما أنتجه البعد عن منهج النبي صلى الله عليه وسلم في اختيار الأزواج .

 

قاعدة جامعة مانعة لأسباب الشقاق بين الزوجين :

الدكتور راتب :
إن أردت قاعدة جامعة مانعة لأسباب الشقاق بين الزوجين هذه الكلمة :

((ما تواد اثنان، ففرق بينهما إلا بذنب يحدثه أحدهما ))

[أحمد عن ابن عمر]

فأنا أقول : في كل مأساة بين زوجين ابحث عن المعصية من الزوج أو من الزوجة أو من كليهما ، لأن هذا العقد مبارك ، هذا ميثاق غليظ باركه الله عز وجل :

﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾

[ سورة الروم : 22]

﴿ وَمِنْ آيَاتِه اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ ﴾

[ سورة فصلت : 37 ]

﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ ﴾

[ سورة فصلت : 37 ]

﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً ﴾

[ سورة الروم : 21]

المذيع:
إذاً لا بد أن نساعد في إظهار هذه الآية الربانية بتخفيض أو بمحاولة تيسير أمر الزواج .

 

تيسير أمر الزواج :

الدكتور راتب :
بركة المرأة قلة مهرها ، أنا أبيع وأشتري بالزواج أنا تاجر ، هذا الزوج قيمه ومبادئه اشتريتها ، ما اشتريت ماله اشتريت مبادئه وقيمه ، لذلك قالوا : زوج ابنتك للمؤمن إن أحبها أكرمها ولا سمح الله ولا قدر إن لم يحبها لم يظلمها .

المذيع:هناك وازع ديني يخاف من الله .

 

عظمة هذا الدين أنه مبني على الوازع الديني :

الدكتور راتب :
نحن عندنا وازع وعندنا رادع ، عظمة هذا الدين مبنية على الوازع ، الرادع قد يخرق، فحينما تضع إشارات مرور ، وتضع رادر يكشف السرعة الزائدة ، فما دام هناك رادار هناك انضباط ، لو استطعنا أن نكتشف الرادر قبل وقت نرفع السرعة إلى أعلى درجة ، إذاً الحياة الدنيا إما أن تقوم بوازع من الداخل ، أو برادع من الخارج ، لذلك سيدنا عمر أراد أن يمتحن راعياً ، فقال له : بعني هذه الشاة وخذ ثمنها ؟ قال: ليست لي ، قال : قل لصاحبها ماتت ؟ قال: والله إنني لفي أشدّ الحاجة إلى ثمنها ، ولو قلت لصاحبها ماتت أو أكلها الذئب لصدقني ، فإني عنده صادق أمين ، ولكن أين الله؟!.

أقول : هذا الراعي لم يحصّل شهادات عليا ، ولا عنده مكتبة عامرة ، ولم يحضر دروس دين ، هذا الأعرابي وضع يده على جوهر الدين ؛ ولكن أين الله ؟ ففي اللحظة التي يقول فيها الإنسان : أين الله ؟ فهو مؤمن ورب الكعبة ، لأن أي شيء ممكن أن تتحايل عليه ، فلذلك قضية الزواج قضية مصيرية ، والبطولة أن هذه أم أولادك ، وهذا والد أولادك ، أيتها المرأة نقول: البطولة في الزوجين بعد الإنجاب أن يضعا حظيهما من الزواج تحت أقدامهما .

المذيع:
الحقيقة أكبر انحراف في اختيار الزوجة بعد أن أبعدنا الشروط الصحيحة إعلاء شرط واحد ألا وهو الجمال ، وأكبر انحراف في اختيار الزوج أننا أهملنا كل التعليمات النبوية واهتممنا فقط بشرط واحد وهو المال ، الحقيقة هذا الانحراف يحتاج إلى جهود كبيرة لإعادة رسم خطوطه الصحيحة ، والعودة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، نريد أن نتبين هل هذا في نطاق المباحات أن نركز فقط بالنسبة للزوج على المال ؟ وأركز فقط بالنسبة للزوجة على الجمال ؟ هل هذا من المباحات ؟ لماذا يلام الإنسان إذا فكر بهذه الطريقة ؟

 

الأمة العاقلة أمة تهتم بتزويج شبابها :

الدكتور راتب :
والله أنا أرى رؤية شخصية أن هؤلاء الشباب قوام الأمة ، الشباب والشابات قوام الأمة ، و لهم طلبات متواضعة جداً ، ما من شاب في الأمة إلا له ثلاثة طموحات ؛ فرصة عمل وزوجة ومسكن ، حينما نهتم بتأمين فرص عمل لهم ، وتأمين مساكن ولو شعبية صغيرة ، وتأمين زواج ، نكون قد لبينا حاجاتهم الكبرى ، أما إذا لم تلبَّ هذه الحاجات ، الشاب إن لم يجد فرصة عمل ، ولا بيتاً يسكنه ، ولا زوجة تؤنسه ، دخل في التطرف ، التطرف نوعان ؛ تطرف تفلتي إباحي تشددي التكفير ثم التفجير ، نحن حملناه على ذلك ، فالأمة حينما تهتم بتزويج شبابها أمة عاقلة ، وتسعى لبناء ذاتها بناء عظيماً .

المذيع:
في القرآن الكريم يقول الله تعالى :

﴿ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ﴾

[ سورة النور: 32]

تيسير الزواج و هو أمر إلهي موجه لأولي الأمر :

الدكتور راتب : 

﴿ وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ ﴾

[ سورة النور: 132 ]

أمر إلهي ، و كل أمر في القرآن الكريم يقتضي الوجوب ، وهذا الأمر موجه لأولي الأمر ، مثلاً تيسير البيوت بتقسيط مريح ، تأمين فرص عمل ، فلا بد أن تتدخل الدولة لتيسير الزواج وإلا كانت فتنة ، والله مرة سمعت عن بلدة عربية إسلامية عدد بيوت الدعارة رقم فلكي ، طرق الزواج مغلقة .
المذيع:
الحقيقة أستاذنا الانحراف لم يصل إلى هذا الحد التفلتي ، ولكن الانحراف في غاية الخطورة وهو تفلتي كذلك ، ولكنه على ألسنة بعض من ينتسبون للعلم ، فقد درس بعض الباحثين أنواعاً كثيرة للزيجات التي ظهرت في العقود الأخيرة مثل الزواج فريند ، هناك محاولات لتشويه هذه الرابطة حتى تصبح لتنتقل من حالة تأبيد إلى توقيت ، أو يصبح الزواج لثلاث ساعات أو ربما علاقة بائدة .

 

محاولات لتشويه الرابطة الزوجية :

الدكتور راتب :
هذا اجتهادي ويقيني والله أعلم ؛ ما لم يكن على التأبيد الزواج باطل ، ممكن أن يصير طلاقاً ما كان في الأصل ، أما حينما يطلق الإنسان وهو ناوي التأبيد لا يوجد مشكلة ، يكون في شيء لم يكن ظاهراً ، أما حينما يتزوج ليطلق فهذه مشكلة كبيرة جداً ، هذا غدر ، ومن يرضى لابنته أن يكون زواجها مؤقتاً ؟ لا أحد يرضى ، وعامل الناس كما تحب أن يعاملوك .
المذيع:
الزواج هذا الرابطة العظيمة يجب أن تقوم على أسس ثابتة ، وربما الحديث عن المال وعن أهميته لا يكفي لاختيار الزوج ، لأن الأصل هو استخدام المال لا وجود المال ، فكم من غني حارس لماله وليس مستمتعاً به ؟! لذلك الحديث :

(( إذا جاءكم من ترضون دينه و خلقه فزوجوه ... ))

[ الترمذي عن أبي هريرة ]

الزواج رابطة عظيمة تقوم على أسس ثابتة :

الدكتور راتب :
زوج أراد أن ينصح زوجته في الخطبة قال : إن في خلقي سوءاً ، أجابته إجابة مذهلة ، قالت : إن أسوأ خلق منك من حاجك لسوء الخلق .
المذيع:
جميل .
الدكتور راتب :

الحقيقة أنا أجتهد وأقول : إذا كان الإيمان متوافراً للزوجين فالقضية سهلة جداً ، الزواج الإسلامي الصحيح الله بين الزوجين ، كل طرف يخشى الله أن يظلم الطرف الآخر ، وكل طرف يتقرب إلى الله بخدمة الطرف الآخر ، مثل هذا الزواج وجد ليبقى ، ما دام الطرف الأول يخشى الله أن يظلم الطرف الآخر ، والطرف الآخر يتقرب إلى الله بخدمة الطرف الأول فمثل هذا الزواج بني ليبقى .

 

خاتمة و توديع :

المذيع:
قاعدة جميلة ؛ أسأل الله أن يعيننا على تطبيقها ، وأنتم أعزائي المشاهدين أشكركم على حسن المتابعة ، ألقاكم في حلقة قادمة ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور