- أسماء الله الحسنى
- /
- ٠2أسماء الله الحسنى 2008م
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
من أسماء الله الحسنى: ( السبوح):
أيها الأخوة الكرام، لا زلنا في اسم "السبوح".
السبوح من يُعظم كثيراً ويُنزه كثيراً:
"السبوح" من التسبيح هو التعظيم والتنزيه، ومعنى "السبوح" هو الذي يُعظم كثيراً، ويُنزه كثيراً، قال تعالى:
﴿ فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ * إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ (20) ﴾
أي أيقنت
﴿ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ ﴾
﴿ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ * فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ * قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ * كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ * وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ * وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ * يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ * مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ * هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ * خُذُوهُ فَغُلُّوهُ * ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ * ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلُكُوهُ ﴾
مشكلة الإنسان ليست أن يؤمن بالله بل أن يعظمه:
لماذا ؟ قال:
﴿ إِنّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ ﴾
آمن بالله، لكنه ما آمن بالله العظيم، بل إن الذين يعبدون الأصنام يقولون:
﴿ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى ﴾
ليست المشكلة أن تؤمن بالله، إبليس من الذين آمنوا بالله.
﴿ قَالَ فَبِعِزَّتِكَ ﴾
﴿ قَالَ أَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾
﴿ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ ﴾
ليست المشكلة أن تؤمن بالله، أهل الأرض يؤمنون بالله إلا قلة قليلة جداً ممن عطلوا عقولهم.
الله عز وجل أمدّ الإنسان بكل ما يحتاجه و مع ذلك لم يؤمن به:
﴿ وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ ﴾
لذلك أيها الأخوة،
﴿ إِنّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ ﴾
العبرة أن تُعظم الله، أن تعظم أمره، أن تُعظم حرماته، أن تُعظم كتابه، أن تُعظم دينه،
﴿ إِنّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ ﴾
﴿ وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ * فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ * وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ * لَا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخَاطِئُونَ ﴾
الآيات التي ورد فيها اسم الله العظيم تزيد عن مئة و عشرين آية، من هذه الآيات:
﴿ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ﴾
﴿ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ﴾
﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ ﴾
﴿ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ﴾
منحك نعمة الإيجاد، منحك نعمة الإمداد، منحك نعمة الهدى والرشاد، أنت مخلوق، هذا من فضل الله العظيم، أمدك الله بكل ما تحتاج، هذا من فضل الله العظيم هداك إليه من خلال الوحي، من خلال الأنبياء، من خلال الآيات الكونية، من خلال الآيات التكوينية، من خلال التربية النفسية، من خلال المصائب.
تسخير الكون للإنسان بنص القرآن الكريم:
﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ ﴾
لمَ لا تتقونه ؟
﴿ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ ﴾
أحياناً يعلمك برؤية، أحياناً يعلمك بمصيبة، أحياناً يعلمك بضيق، أحياناً يعلمك بنصيحة، أحياناً يعلمك بدرس، أحياناً يعلمك بتفسير، أحياناً يعلمك بحدث.
لذلك أيها الأخوة، ﴿ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ﴾، منحك نعمة الإيجاد، ونعمة الإمداد، ونعمة الهدى والرشاد، سخر لك ما في السماوات وما في الأرض، الكون العظيم سخره لك بنص القرآن الكريم.
﴿ وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ ﴾
من أحبّ الله و لم يطعه ما عبده:
أيها الأخوة، رد فعل التسخير الحب، أراد الله أن تكون العلاقة بينك وبينه علاقة حب، فقال:
﴿ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ﴾
أراد الله عز وجل أن تأتيه طائعاً، أن تأتيه مختاراً، أن تأتيه بمبادرة منه، بيّن لك الله عز وجل أنه يحبك، وينبغي أن تحبه، ومن أعجب العجب أن تعرفه ثم لا تحبه، ومن أعجب العجب أن تحبه ثم لا تطيعه، وما عبد الله من أحبه ولم يطعه، وما عبد الله من أطاعه ولم يحبه.
العاقل من أطاع الله عز وجل و أعدّ ليوم القيامة عدته:
أيها الأخوة:
﴿ عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ * عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ ﴾
والله أيها الأخوة، أنا أقول دائماً: الذكاء كل الذكاء، والعقل كل العقل، والفوز كل الفوز، والنجاح كل النجاح، والتوفيق كل التوفيق، والفلاح كل الفلاح أن تطيع الله، وأن تعد لهذا اليوم العظيم عدته.
﴿ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾
﴿ يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ ﴾
تسبيح الله عز وجل ينصب على التعظيم أولاً و التنزيه ثانياً:
أيها الأخوة، إله عظيم، رب رحيم، كتاب كريم، عذاب أليم، نبأ عظيم، لذلك:
﴿ فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ ﴾
التسبيح ينصب على التعظيم، والتنزيه، التعظيم أولاً، والتنزيه ثانياً، ما لم تعظم ربك لا يمكن أن تنتفع من دعوة.
﴿ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ﴾
والمؤمن يعظم حرمات الله، هل من الممكن أن تلخص مشكلات المسلمين في العالم الإسلامي اليوم بكلمات ؟ نعم ممكن، هان أمر الله على المسلمين فهانوا على الله الإنسان حينما يشرد عن الله لا يقيم الله له يوم القيامة وزناً، لهم:
﴿ صَغَارٌ عِنْدَ اللَّهِ ﴾
(( إن الله يحب معالي الأمور وأشرافها ويكره سفسافها ودنيها ))
الفوز العظيم أن تزحزح عن النار و تدخل الجنة:
أيها الأخوة، البطولة أن تأتي مقاييسك التي تعتمدها وفق مقاييس القرآن الكريم الله عز وجل يقول:
﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ﴾
ليس الفوز العظيم أن تشتري أرضاً، ويرتفع سعرها مئة ضعف، ولا أن تملك شركة عملاقة دخلها فلكي، ولا أن تستمتع بمباهج الدنيا حتى قمة رأسك، الفوز العظيم أن تعرف الله، الفوز العظيم أن تطيعه، الفوز العظيم أن تزحزح عن النار.
﴿ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴾
كل حجمك المالي، وكل شأنك الاجتماعي، وكل هيمنتك، بنية على شريانك التاجي، كم قطره ؟ إذا ضاق هذا الشريان دخل الإنسان في متاعب كثيرة، كل هذا الحجم المالي، والشأن الاجتماعي مبني على سيولة الدم، كل هذا الحجم المالي، والشأن الاجتماعي مبني على نمو الخلايا فإذا نمت نمواً عشوائياً انتهت حياة الإنسان.
الإنسان يموت بثانية، بثانية يكون شخصاً فإذا هو خبر، يكون إنسان ذو شأن عظيم يصبح بضاعة في صندوق.
بطولة الإنسان أن يعظم ما ينبغي أن يُعظم ويحتقر ما ينبغي أن يُحتقر:
أيها الأخوة الكرام، لا زلنا في موضوع "السبوح" و"السبوح" من التسبيح والتسبيح هو التعظيم، والبطولة أن تعظم ما ينبغي أن يعظم، وأن تحتقر ما ينبغي أن يُحتقر، البطولة أن تكبر ما ينبغي أن يكون كبيراً، والبطولة أن تصغر ما ينبغي أن يكون صغيراً.
الإنسان العظيم يتمتع بقلب كبير، يتضاءل أمامه كل كبير، بينما الإنسان إذا شرد عن الله عز وجل وغفل عنه له قلب صغير، هذا القلب الصغير يصغر أمام كل صغير، بين أن يصغر كل كبير أمامك، وبين أن يكبر كل صغير أمامك، فرق كبير.
النبي الكريم آتاه الله عز وجل كل شيء و مع ذلك فقد مدحه بخلقه العظيم:
أيها الأخوة، في القرآن الكريم:
﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ * وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا ﴾
الآن دقق:
﴿ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ﴾
المؤمن له من الله حظ عظيم، اشتق من كماله، اشتق من رحمته، اشتق من عدله، اشتق من حبه، اشتق من لطفه، اشتق من غناه، المؤمن غني بالله، قوي بالله، عزيز بالله، المؤمن شخصية فذة، الآية دقيقة جداً ﴿ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ﴾ نصيبك من الله عظيم فكنت عفيفاً، نصيبك من الله عظيم فكنت منصفاً، نصيبك من الله عظيم عفواً، نصيبك من الله عظيم فكنت متواضعاً، نصيبك من الله عظيم فكنت رحيماً، بماذا مدح النبي عليه الصلاة والسلام ؟ آتاه القرآن، آتاه الوحي، آتاه المعجزات، آتاه البيان، آتاه الفصاحة، آتاه الجمال، آتاه الحكمة، آتاه القيادة، آتاه أنه لا ينسى.
﴿ سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى ﴾
مُدح بخلقه العظيم.
من اشتق من الله معرفة و كمالاً كان ذا شأن عظيم بين أقرانه:
لذلك هذه الآية أيها الأخوة،
﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ * وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ﴾
الحظ هو النصيب، أنت بقدر ما تُشتق من الله معرفة وكمال تكون ذا شأن عظيم بين أقرانك.
الآن:
﴿ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ ﴾
الإنسان إن لم يعرف الله لا يتحرك بلا أجر، لا ينطق كلمة بلا تعويض، هذا المادي.
(( إذا رأيت شحا مطاعا وهوى متبعا ودنيا مؤثرة وإعجاب كل ذي رأي برأيه ))
من علامات آخر الزمان، شح مطاع، مادية مقيتة، هوى متبع ؛ الجنس، إعجاب كل ذي رأي برأيه، كبر، كل واحد يرى محور العالم.
أفضل عطاء للإنسان أن يعرف الله عزّ وجل:
لذلك أيها الأخوة،
﴿ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ ﴾
﴿ وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾
لكن أريد أن أقف وقفة متأنية، أنت أمام طفل عقب العيد، زرت أهله فقال لك بحضرة أبيه أنا معي مبلغ عظيم، ببلدنا، والأب مدرس، كلمة عظيم إذا قالها طفل أنا أقدرها بمئتي ليرة، لو أنه مسؤول كبير بدولة عظمى تزمع أن تشن حرباً كبيرة على بلد نفطي، فقال المسؤول الكبير: أعددنا لهذه الحرب مبلغاً عظيماً، الطفل قال عظيم قدرناها بمئتي ليرة، أما هذا المسؤول الكبير قال: أعددنا لهذه الحرب مبلغاً عظيماً نقدره بمئتي مليار دولار، الرقم قفز من مئتي ليرة إلى مئتي مليار أميركي، فإذا قال ملك الملوك ومالك الملوك، إذا قال خالق السماوات والأرض، إذا قال رب العرش العظيم، إذا قال العلي العظيم:
﴿ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً ﴾
هل هناك من عطاء بنص هذه الآية يفوق أن تعرف الله ؟ يفوق أن تعرف أن الله موجود، وواحد، وكامل ؟ يفوق أن تعرف أسماءه الحسنى وصفاته الفضلى ؟ يفوق أن تعرف رحمته، وحلمه، وكرمه، وغناه، وقوته ؟ لذلك:
(( ابن آدم اطلبني تجدني فإذا وجدتني وجدت كل شيء، وإن فتك فاتك كل شيء وأنا أحب إليك من كل شيء ))
المؤمن عظمة الله عز وجل ملأت نفسه أما غير المؤمن مأخوذ بالدنيا:
أيها الأخوة:
(( مَنْ قال حين يُصبحُ: سبحانَ الله العظيم وبحمدِهِ، مِائَةَ مَرَّةٍ، وإذا أَمسى كذلك لم يَأتِ أَحدٌ يَومَ القيامةِ بأفْضَلَ مما جاءَ به ))
كان عليه الصلاة والسلام:
(( إذا دَهَمَه أمر رفع رأسه، وقال: سبحان الله العظيم، اللهمَّ إليكَ المشتَكى وبك المستعَانُ، وعليك التُكْلانَ، يا حَيُّ يا قيُّوم ))
من أدق الأذكار التي رويت عن النبي عليه الصلاة والسلام:
(( سبحان الله العظيم وبحمده سبحان الله العظيم ))
الإنسان إذا رأى الكعبة المشرفة من السنة أن يقول:
(( ما أعظمك وأعظم حرمتك، والمؤمن أعظم حرمة عند الله منك ))
لماذا ؟ لأنه عرف الله العظيم، ما سوى المؤمنين عرفوا الدنيا.
﴿ يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾
أما المؤمن عرف الله العظيم، وبين معرفة المؤمن ومعرفة غيره ما بين الله وخلقه.
بطولة الإنسان أن يستعد للقاء الله عز وجل:
أخواننا الكرام، بشارة من رسول الله، الذي لا ينطق عن الهوى، يقول عليه الصلاة والسلام:
الأمراض نوعان: أمراض يشفى منها الإنسان، ومرض الموت لا يشفى منه، مرض الموت بوابة الخروج، كل واحد منا إذا سافر آخر مرحلة يعطوه بطاقة صعود للطائرة يحددوا له البوابة، وأنا أقول لكم وليس هذا من التشاؤم: كل واحد منا له بوابة خروج، هناك بوابة تبدأ من القلب، شي من الكليتين، شي من الدماغ، شي بحادث سير، كل واحد منا له بوابة خروج، بطولته أن يستعد لهذه البوابة، فلذلك قال عليه الصلاة والسلام:
(( من عاد مريضا لم يحضُر أجلُه، فقال عنده سبع مِرَارِ: أسأل اللَّه العظيم، ربَّ العرشِ العظيم: أن يشفيَك، إلا عافاه اللَّه عز وجل من ذلك المرض ))
لذلك من أجل أن تعرف الله العظيم، من أجل أن تكون مسبحاً، من أجل أن تستوعب أو أن تعرف هذا الكمال الإلهي، قال تعالى:
﴿ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾
خلق الله عظيم، كماله عظيم، يوم القيامة عظيم، قرآنه عظيم، وعده عظيم، وعيده عظيم، فلذلك المؤمن عظمة الله عز وجل ملأت نفسه، غير المؤمن عظمة مركبة، عظمة بيت، عظمة جمال امرأة، يعني غير المؤمن مأخوذ بالدنيا، بينما المؤمن مأخوذ برب السماوات والأرض.
فلو شاهدت عيناك من حسـننا الذي رأوه لما وليت عنا لغيرنا
ولو سمعت أذناك حُسن خطابنا خلعت عنك ثياب العجب و جئتنا
ولو ذقت من طعم المحـبَّة ذرةً عذرت الذي أضحى قتيلاً بحبنا
ولو نسمت من قربنا لك نسمةٌ لمـُت غريباً واشـتياقاً لقربـنا
ولو لاح من أنوارنا لـك لائحٌ تركــت جميع الكـائنات لأجلنا
فما حبنا سهلٌ وكل مـن ادعى ســهولته قلنا له قد جهـلتنـا
* * *
أكبر مصيبة تصيب الإنسان أن يكون من الغافلين:
أيها الأخوة الكرام، يجب أن نجتهد في التفكر في خلق السماوات والأرض حتى نسبح الله العظيم، حتى نكون من المسبحين، لا أن نكون من الغافلين، وأكبر مصيبة تصيب الإنسان أن يكون من الغافلين، البشر نوعان، نوع عرف الله، عرف عظمته، عرف ما عنده من إكرام لو أطعته، عرف ما عنده من عذاب لو عصيته، عرف الله فانضبط بمنهجه، وأحسن إلى خلقه، فسلم وسعد في الدنيا والآخرة، وإنسان آخر غفل عن الله، وتفلت من منهجه، وأساء إلى خلقه، فهلك وشقي في الدنيا والآخرة، وقد أقول: ولن تجد في الأرض نموذجاً ثالثاً.
أشقى الناس من وضع نفسه في خندق معاد للدين:
أهل الأرض مؤمن وغير مؤمن، هناك من عرف العظيم، وهناك من لم يعرفه هناك من اتصل بالعظيم فسعد، وهناك من لم يتصل به، فكيف بمن يحارب عباد الله ؟ كيف بمن يحارب دينه ؟ كيف بمن يضع نفسه في خندق مضاد للدين ؟ هؤلاء أشقى البشر الذين وضعوا أنفسهم في خندق معاد للدين، الذين نصروا هذا الدين أين هم ؟ في أعلى عليين، أسماؤهم في لوحات الشرف في التاريخ البشري، وهؤلاء الذين حاربوا الدين أين هم ؟ في مزبلة التاريخ، في أسفل سافلين، والإنسان إما أن يكون فوق الملائكة، وإما أن يكون أدنى من أحقر حيوان في الأرض.
﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ﴾
﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ ﴾
ركب الملك من عقل بلا شهوة، وركب الحيوان من شهوة بلا عقل، وركب الإنسان من كليهما، فإن سمى عقله على شهوته أصبح فوق الملائكة، وإن سمت شهوته على عقله أصبح دون الحيوان.