- الخطب
- /
- ٠1خطب الجمعة
الخــطــبـة الأولــى :
الحمد لله نحمده، ونستعين به، ونسترشده، ونعوذ به من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضل له، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إقراراً بربوبيته، وإرغاماً لمن جحد به وكفر، وأشهد أن سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم رسول الله، سيد الخلق والبشر، ما اتصلت عين بنظر، أو سمعت أذن بخبر، اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه، وعلى ذريته ومن والاه، ومن تبعه إلى يوم الدين، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، و اجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين، أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
أسباب زيادة الرزق :
1 ـ الهجرة:
أيها الأخوة، لازلنا في موضوع أسباب زيادة الرزق، ولعل هذا الموضوع هو الموضوع الأخير، في مقدمة فقرات هذا الموضوع موضوع الهجرة، يعني أن تسافر، أن تترك بلداً إلى بلد آخر، فالإنسان قد يسافر بحثاً عن الرزق وهذا سفر مشروع، وقد يسافر فراراً بدينه وهذا عمل عظيم يؤجر عليه الإنسان بل ينجو بهذا العمل من عذاب الله يوم القيامة لقوله تعالى:
﴿ إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (97) ﴾
شيء مخيب، يعني أنت من أجل المال تبقى في مكان تخسر أولادك، تخسر أهلك، تخسر بناتك، من أجل المال.
أشقى الناس من حصّل أكبر ثروة و خسر أولاده :
أيها الأخوة، لو حصّل الإنسان أكبر ثروة في الأرض وخسر أولاده فهو أشقى الناس
أولادك امتداد لك، لذلك حينما تترك مكاناً تتحقق فيه مصالحك وتنمو فيه أموالك وأنت في قمة النجاح لكنك خفت على أولادك.
من أقام مع المشركين برئت منه ذمة الله، وأنا سافرت كثيراً حينما أخاطب هؤلاء الذين أقاموا إقامة دائمة في بلاد الغرب حينما أذكر لهم أولادهم تتقطع نياط قلوبهم، مرة كنا في مؤتمر في بلاد الغرب وقام أحد العلماء وقال: إن لم تضمن أن يكون ابن ابن ابنك ثلاثة أجيال مسلماً فلا ينبغي أن تبقى في هذه البلاد، ثمّ عقد مؤتمر للأطباء في دمشق والمؤتمرون جميعاً من أمريكا أطباء سوريون مقيمون هناك، أحدهم زوج ابنته وأجرى عقد قران ودعاني لحضوره، وألقيت فيه كلمة ذكرت أمام هؤلاء المئة مؤتمر بمؤتمر طبي هذه المقولة التي قالها بعض العلماء، فبعد أن انتهيت من إلقاء كلمتي وانتهى الحفل تقدم أحد الأطباء ودمعة على خده قال لي: ابن ابن ابني ؟ قلت له نعم، قال: أنا ابني غير مسلم، ما في داعي تقول ابن ابن ابني، ابني ليس مسلماً.
من هاجر في سبيل الله وعده الله عز وجل بمكافأة كبيرة :
لذلك الإنسان حينما يكون في بلد مصالحه محققة، دخله وفير، أنا أقول دائماً على الشبكية إذا في جنة في الدنيا على الشبكية فقط هناك، ومع ذلك لو وصلت هذه الصورة إلى الدماغ لأصبحت هذه البلاد جحيماً لا يطاق، لأن الإنسان يخسر فيها أهله وأولاده، أنا لا أقول بالتعميم المطلق، لا بد من حالات استثنائية نادرة جداً لا تزيد عن ثلاثة بالمئة، لذلك الله عز وجل وعد من هاجر في سبيل الله فراراً بدينه، وحفاظاً على إيمان أولاده، وحفاظاً على بناته، وحفاظاً على مستقبلهم، وعاد إلى بلد قد يكون بلداً نامياً فيه مشكلات لا تعد ولا تحصى، الدخل قليل، المتاعب كثيرة، هذا شأن البلاد النامية، الذي يعود إلى بلده ليقيم فيها، ويحفظ أولاده، وأهله، وبناته، له عند الله مكافأة وردت في هذه الآية:
﴿ وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً (100) ﴾
أي يكافئه الله عز وجل بثروة طائلة وبدخل كبير.
العاقل من وازن بين الدنيا و الآخرة لا بين بلاده و البلاد الأخرى :
أحد أسباب زيادة الرزق أن تدع بلداً لا تستطيع أن تقيم فيه شعائر الله إلى بلد يمكن أن تقيم فيه شعائر الله،
وأنا أقول لأخوتي الكرام الذين أرادوا أن يقيموا إقامة دائمة في بلاد الغرب لا توازن بين تلك البلاد وبين بلادك النامية، وازن بين الدنيا والآخرة، أنت حينما ترى ابنك صالحاً يؤدي الصلوات، يعتز بدينه، يعظم كتاب الله، ينتمي إلى هذه الأمة، أنت يدخل على قلبك من السرور ما لا يوصف، فلذلك الحديث الشريف له عدة روايات من هذه الروايات:
(( من أقام مع المشركين فقد برئت منه الذمة ))
أقول لكم أنا سافرت كثيراً الحياة هناك أقوى من أي دعوة إلى الله، أينما ذهبت التفلت والتعري والإباحية وكأن البشر عاشوا كالحيوانات، وما من تعريف جامع مانع لكلمة العولمة كأن تقول معناها الحيونة، أن يعود الإنسان إلى حيوانيته، الشيطان يعري والرحمن يستر:
﴿ يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ (26) ﴾
أما الشيطان:
﴿ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا (27) ﴾
من عاد إلى بلده بعدما كان في رفاه لا يوصف حفاظاً على دينه وأولاده ربح كل شيء :
لذلك أيها الأخوة، أنت حينما تكون في بلاد فيها رفاه لا يوصف، وفيها دخول فلكية، وفيها استقرار، وفيها حرية، وفيها ديمقراطية كما يزعمون، وجميع مصالحك محققة، وبلاد جميلة جداً كأنها جنة الله في الأرض، حينما تضع تحت قدمك كل هذه الخصائص، وتعود إلى بلد ينمو في صعوبات، في أزمات سكن، في أسعار مرتفعة، فرص العمل قليلة، وتعود إلى هذه البلاد من أجل إرضاء الله، ومن أجل إنقاذ أولادك مكافأة الله كبيرة:
﴿ وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً (100) ﴾
والله أيها الأخوة، خلال لقاءاتي الكثيرة مع أفراد الجاليات الإسلامية في بلاد الغرب والشرق سمعت العجب العجاب، سمعت العجب العجاب حتى إن بعض الجاليات حينما ودعتني قالت لي: أبلغ أخوتنا في الشام أن مزابل الشام خير من جنات أستراليا، قلت لما ؟ قال: لأن ابنك في الشام امتداد لك أنت مسلم وابنك مسلم، لكن أولادنا ونحن في أعلى درجات اليقظة احتمال أن يعتنق الإلحاد خمسون بالمئة واحتمال أن ترى في آذانهم قرطاً في الأذن اليمين والمعنى سيء جداً، خمسين بالمئة، أو أن ترى في الأذن اليسار قرطاً والمعنى أسوأ خمسون بالمئة، وأن ترى في كلا الأذنين قرطين فالمعنى أسوأ وأسوأ شاذون، هذا كلام أخ كريم غيور قال لي أبلغ أخوتنا في الشام هذه الحقيقة.
من أقام في بلد يستطيع أن يقيم فيه شعائر الله فقد ربح الدنيا و الآخرة معاً :
أيها الأخوة، أقم في بلد تستطيع أن تقيم فيه شعائر الله، أقم في بلد تستطيع أن تصلي في المسجد، وأن تستمتع إلى خطاب ديني يملأ عقلك وقلبك، أقم في بلد تستطيع أن تحجب بناتك ولا أحد يسائلك، أقم في بلد من حولك على شاكلتك، أخوك وأختك، وابن أخيك، وابن أختك، وخالك، وعمك، مسلمون يصلون، نساؤهم محجبة، يؤمنون بالله.
والله حدثني أخ من أستراليا أقسم لي بالله أن التقليد هناك المتزمت الذي يعيش وراء العصر إن رأى ابنته تتزين في أحد الأيام ينصحها بألا تحمل فقط، إلى هنا وصلوا، وصلوا في الغرب إلى الشذوذ الذي أقرته القوانين، من يصدق أن سفير أحد أكبر الدول في العالم له شريك ليس له زوجة، وأقيم له حفل وداع في عاصمة بلده هو وشريكه، يعني الشذوذ دخل في الاعتراف القانوني، فنحن في بلاد لا تعرفون فضلها إلا إذا غادرتموها، على الشبكية هناك متاعب كثيرة أما لو وصلتم إلى بلاد بعيدة ترون المجتمع كالحيوانات تماماً يأكل ويشرب ويتمتع، لكن في بلادنا هناك إنسان معه رسالة يسعى لهداية أولاده، يسعى لهداية جيرانه، يسعى لهداية الخلق، غيور على هذا الدين، هذه نعمة لا يعرفها إلا من فقدها.
العاقل من ترك بلداً تتحقق فيه مصالحه إلى بلد يستطيع أن يقيم فيه شعائر الله:
فيا أيها الأخوة، أحد أول وأكبر أسباب زيادة الرزق أن تدع بلداً تتحقق فيه مصالحك إلى بلد تستطيع أن تقيم فيه شعائر الله، هذه هجرة في سبيل الله، وصدقوا أيها الأخوة، أن أحد الأخوة الكرام الذين كانوا يقيمون في بريطانيا قال لي: أنا عدت إلى هذا البلد وضمنت أولادي وزوجته داعية والله عز وجل وفقه، قال لي: لي زميل بقي هناك حينما شبت بناته عن الطوق وتفلتن كشأن المجتمعات، هناك بقيت الأم إلى جانب بناتها واختلفت مع زوجها، الخلاف تفاقم إلى أن ترك البيت وعاش وحده في بيت، كان يزوره من حين إلى آخر، قال لي: مرة رأيت قارورة حليب أمام البيت لم تؤخذ، في اليوم الثاني زرته قلقاً عليه رأيت قارورتين، في اليوم الثالث أخبرت الشرطة فإذا هو ميت من أيام ثلاثة مات وحده، قال لي أنا عدت إلى هذه البلد وزوجته داعية وأولاده زوجهم، أولادهم مستقيمون والحمد لله، ما من إنسان رجع إلى بلده إنقاذاً لأولاده، وإنقاذاً لمستقبلهم إلا أكرمه الله عز وجل بعمل ورزق وفير، أحد أسباب زيادة الرزق: أن تهاجر من بلد حققت فيه مصالحك إلى بلد لا تعرف ما إذا كنت توفق إلى عمل أو إلى غير عمل.
2 ـ ازدياد الرزق بطلب العلم:
أيها الأخوة الكرام، شيء آخر الرزق يزداد بطلب العلم، سمعت من أحد العلماء ولم أقرأ ذلك أن الذي حمل أبو حنيفة النعمان على طلب العلم حديثاً وصل إليه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه:
(( من طلب العلم تكفل الله له برزقه ))
أنت حينما تطلب العلم وتقتطع من وقتك الثمين وقتاً لطلب العلم، حينما تحضر درس علم، حينما تقرأ كتاب في الفقه، حينما تحفظ كتاب الله حينما تلتزم في مسجد هذا وقت أنت اقتطعته من وقت فراغك من وقت راحتك مكافئة الله عز وجل على من طلب العلم أن يوسع الله عليه في رزقه، هذا الحديث:
(( من طلب العلم تكفل الله له برزقه ))
هذا سبب آخر، الهجرة في سبيل الله تزيد في الرزق، وطلب العلم يزيد في الرزق، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(( من غدا في طلب العلم صلت عليه الملائكة وبورك له في معيشته ولم ينقص من رزقه وكان عليه مباركاً ))
من طلب العلم تكفل الله برزقه :
الله عز وجل حينما تطلب العلم يكافئك بمكافأة أخرى، يسمح لك بإلقاء العلم، يجعلك داعية، يقنع الناس بدعوتك، تكون في حال ثم تصبح في حال آخر.
(( من طلب العلم تكفل الله له برزقه ))
من غدا في طلب العلم صلت عليه الملائكة وبورك له في معيشته، دققوا هم في مساجدهم والله في حوائجهم، ألا تحب أن يتولى الله لك أمرك، هم في مساجدهم والله في حوائجهم.
(( من غدا في طلب العلم صلت عليه الملائكة وبورك له في معيشته ولم ينقص من رزقه وكان عليه مباركاً ))
عن أنس بن مالك رضي الله عنه:
(( من انقطع إلى الله كفاه الله كل مؤونة ورزقه من حيث لا يحتسب))
وعندي والله مئات القصص تؤكد هذه الحقيقة، من طلب العلم تكفل الله له برزقه.
إذاً إذا هاجرت في سبيل الله من أجل إنقاذ نفسك وأهلك وأولادك أو إذا طلبت العلم، أيها الأخوة: أما الحديث القدسي الذي ينبغي أن تقشعر منه الأبدان:
(( من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته فوق ما أعطي السائلين ))
عبدي، كن لي كما أريد أكن لك كما تريد، كن لي كما أريد ولا تعلمني بما يصلحك، عبدي أنت تريد وأنا أريد فإذا سلمت لي فيما أريد، كفيتك ما تريد، وإن لم تسلم لي فيما أريد، أتعبتك فيما تريد، ثم لا يكون إلا ما أريد.
3 ـ الإنفاق على طلاب العلم:
أيها الأخوة، من أسباب زيادة الرزق دققوا أن تنفق على طلاب العلم، وهذه البلدة والله لا أبالغ هي البلدة الأولى التي ترعى طلاب العلم.
من كان له شريك متفرغ للدعوة إلى الله وأتاح له أن يطلب العلم فله نصف الأجر :
لذلك أحد أسباب زيادة الرزق أن تنفق على طلاب العلم، وعندي قصة والله سمعتها قبل أيام لا أزال أذكرها في كل دقيقة، أخ كريم أنشأ ثانوية شرعية أنفق عليها من ماله لسنوات طويلة رزقه الله رزقاً غطى كل هذه النفقات بل أضعاف مضاعفة منها، أحد أسباب زيادة الرزق أن تنفق على طلاب العلم، طالب من الطلاب في هذا المسجد، الله أكرمني واعتنيت به، حضرت مؤتمراً في القاهرة (مؤتمراً إسلامياً كبيراً) وألقيت كلمة هذا البلد الطيب، فإذا هو إلى جواري مندوب دولة غينيا كان طالباً من طلاب العلم هنا، عاد إلى بلده يحمل دكتوراه وارتقى إلى منصب رفيع وعينته حكومته مندوباً لبلدها في هذا المؤتمر، أنت إذا أنفقت على طلاب العلم الله يكافئك في الدنيا قبل الآخرة، طالب العلم من إفريقيا، من آسيا، من تركيا، من بلاد فقيرة، إذا أسكنته في غرفة أكرمته، كان الأجر معقول أو أقل من معقول، وعاونته في بعض الأثاث كله محفوظ عند الله، وهذا البلد سمعته طيبة جداً في رعاية طلاب العلم، الشاهد:
كان عليه الصلاة والسلام قد التقى بأخوين في الله أحدهما يأتي إلى مجلس رسول الله والثاني يعمل وكلاهما شريك، يبدو أن الذي يعمل شكا إلى النبي عليه الصلاة والسلام شريكه الذي لا يعمل فأجابه لعلك ترزق به.
هذا شاهد لطالب العلم قال لشريكه: لعلك ترزق به، أي طالب العلم فقط يتعلم ليعلم، يتعلم ليعم الخير.
فلذلك إذا هناك شريكان أحدهما متفرغ للدعوة إلى الله و الثاني يعمل مكانه، الثاني له أجر، بل له نصف الأجر، لأنه أتاح للأول أن يتفرغ لطلب العلم، الشاهد: لعلك ترزق به.
4 ـ إكرام الفقراء و الضعفاء و المحرومين:
الآن أول شاهد الهجرة في سبيل الله، و الشاهد الثاني طلب العلم، و الشاهد الثالث الإنفاق على طلاب العلم، و الشاهد الرابع: إذا أكرمت الضعفاء و الفقراء و المحرومين، يقول عليه الصلاة و السلام:
(( هَلْ تُنْصَرُونَ وَتُرْزَقُونَ إِلَّا بِضُعَفَائِكُمْ ))
تنصرون و ترزقون، إن أردتم أن تنتصروا على من هو أقوى منكم فليكن همكم إكرام الضعفاء و الفقراء.
5 ـ مهاداة الطعام:
أيها الأخوة: هناك تفاصيل دقيقة منها: مهاداة الطعام، أنا أذكر حينما كنت صغيراً أن في الأحياء عادة إسلامية راقية جداً ؛ أن هذا البيت طبخ فيقدم صحناً إلى جاره، و الجار طبخ يقدم صحناً إلى جاره، هذه مهاداة الطعام، و أحياناً يلمح أهل الحارة أن جارهم معه ضيف كل شخص يقدم صحناً، هذا الضيف وجد أمامه أنواع منوعة من الطعام، هذا التكافل، فلذلك ابن عباس رضي الله عنه يروي عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أن:
(( تهادوا الطعام بينكم فإن ذلك توسعة في أرزاقكم ))
6 ـ المداومة على الطهارة:
آخر موضوع في هذه الموضوعات أن المداومة على الطهارة أحد أسباب الرزق، ورد عن أحد أصحاب رسول الله أنه جاء رجل إلى النبي عليه الصلاة والسلام فقال: إني سائلك عما في الدنيا و الآخرة، فقال عليه الصلاة و السلام: سل عما بدا لك، فسأله عن أمور كثيرة و من جملتها سأله قال: أحب أن يوسع الله عليّ في الرزق ؟ فقال له النبي الكريم: دم على الطهارة يوسع الله عليه في الرزق، أي النظافة و لعلي أوسع المعنى، النظافة المادية و المعنوية.
بيت نظيف لا يوجد فيه اختلاط، ليس فيه معاص، ليس فيه آثام، الآن محل تجاري نظيف، مظهره نظيف، و الشباب أعفة، تدخل إنسانة يغضون عنها البصر، لا يحاورونها حواراً غزلياً، لا يملؤون أعينهم من محاسنها، يوجد حياء، يوجد أدب، تؤدى فيه الصلوات، محل نظيف بالمعنى المادي و المعنوي، محل مرزوق، بيت نظيف ليس فيه لقاءات مختلطة، لا يوجد فيه أغان تصدح، لا يوجد فيه محطات فضائية فاضحة، ليس فيه غيبة، ليس فيه نميمة، بيت نظيف بيت مرزوق، محل نظيف، محل مرزوق.
أيها الأخوة، بهذا تنتهي هذه السلسلة من الخطب التي تمحورت حول موضوع واحد و هو أسباب زيادة الرزق، هذه الأسباب بين أيديكم و أنا لا أكتمكم أن هناك أزمة عالمية في ارتفاع أسعار المواد الغذائية و الله مفتعلة، يفتعلها العالم الغربي ليركع الشعوب و لكن المؤمن لا يركع، لا يركع مهما كان العدو قوياً، إنه يعتمد على الله عز وجل.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه يغفر لكم، فيا فوز المستغفرين، أستغفر الله.
* * *
الخــطــبـة الثانية :
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى صحابته الغر الميامين و على آل بيته الطيبين الطاهرين.
الشمس في مكانها والأرض تدور حولها و حول نفسها من آيات الله عز وجل:
أيها الأخوة، استمعت اليوم إلى حديث من عالم متخصص بالإعجاز العلمي وقد لفت نظري بشكل لا يصدق هذا الحديث الشريف ؛ الذي يؤكد أن هناك إعجازاً علمياً في السنة أيضاً، النبي عليه الصلاة والسلام سئل عن الشمس، لا تنسوا أن البشرية جمعاء لآلاف السنين، لعشرات آلاف السنين، لمئات آلاف السنين، ترى أن الشمس هي التي تتحرك على الشبكية وفق هذه العين تشرق وترتفع وتغيب، أما بعد تقدم علم الفلك ووصول الإنسان إلى الفضاء، تبين أن الشمس في مكانها والأرض تدور حولها، تدور حول نفسها دورة ينشأ منها الليل والنهار، وحول الشمس دورة تنشأ من هذه الدورة الفصول الأربعة، فعلى شبكية العين الشمس تشرق وترتفع وتصل إلى قبة السماء ثم تنحرف نحو الغرب وتغيب، مع تقدم علم الفلك ثبت أن الشمس هي في مكانها والأرض تدور حول نفسها، أنا لا أصدق أن هذه الحقيقة عرفت إلا في زمن متأخر قبل خمسين عاماً، أما أن يقول النبي عليه الصلاة والسلام حينما سئل عن الشمس قال: هي على رسلها لا تبرح ولا تزول، في مكانها لا تبرح ولا تزول ثم يقول تشرق على قوم فيقولون أشرقت وتغرب عن قوم فيقولون غربت.
القوم على هذه الأرض تدور الأرض فإذا وصلت إلى مكان تقابل الشمس يقول أهل هذا البلد أشرقت، وإذا وصلت إلى مكان تغرب فيه الشمس يقولون غربت والشمس هي هي.
الإعجاز العلمي في السنة من دلائل نبوة النبي عليه الصلاة والسلام :
هذه الحقيقة مستحيل على إنسان أن يعرفها إلا أن يكون هناك وحي من الله عز وجل:
﴿ لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى (18) ﴾
الشمس هي على رسلها لا تبرح ولا تزول، ولكن تشرق على أناس فيقولون أشرقت وتغرب عن قوم فيقولون غربت.
هذا الحديث ومئات الأحاديث الأخرى التي يجمعها عنوان واحد الإعجاز العلمي في السنة من دلائل نبوة النبي عليه الصلاة والسلام، يعني بعد أن وضعت مقاييس المطر في كل بقاع الأرض، وبعد الحسابات الدقيقة لمئات السنين تبين أن التهطال المطري في الأرض لا يزيد ولا ينقص، لكن الأمطار تتوزع من مكان إلى آخر المجموع الكامل ثابت، أن تقرأ حديثاً عن رسول الله يقول النبي عليه الصلاة والسلام:
(( ما عام بأمطر من عام ))
هذا من دلائل نبوة النبي عليه الصلاة والسلام.
أن يقول الربع الخالي صحراء لكن تحت الرمال في مدن وفي آثار بساتين وآثار أنهار، أما أن يقول النبي عليه الصلاة والسلام ستعود بلاد العرب جنات وأنهار، هذا من دلائل نبوة النبي عليه الصلاة والسلام، يعني هناك مجموعة كبيرة تصل إلى مئتي حديث فيها إعجاز علمي، بمعنى أن الله كشف له بعض الحقائق التي لم تكن معروفة من قبل.
الدعاء :
اللهم اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت، وتولنا فيمن توليت، وبارك لنا فيما أعطيت، وقنا واصرف عنا شر ما قضيت، فإنك تقضي بالحق، ولا يقضى عليك، وإنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت، ولك الحمد على ما قضيت، نستغفرك و نتوب إليك، اللهم اهدنا لصالح الأعمال لا يهدي لصالحها إلا أنت، اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا، واجعل الحياة زاداً لنا من كل خير، واجعل الموت راحة لنا من كل شر، مولانا رب العالمين، اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك، وبطاعتك عن معصيتك، وبفضلك عمن سواك، اللهم بفضلك ورحمتك أعل كلمة الحق والدين، وانصر الإسلام، وأعز المسلمين، انصر المسلمين في كل مكان، وفي شتى بقاع الأرض يا رب العالمين، اللهم أرنا قدرتك بأعدائك يا أكرم الأكرمين.