وضع داكن
26-04-2024
Logo
الخطبة : 0900 - رجال من التاريخ ، العز بن عبد السلام
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الخطبة الأولى:

 الحمد لله نحمده ، ونستعين به ونسترشده ، ونعوذ به من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مُضل له ، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إقراراً بربوبيته ، وإرغاماً لمن جحد به وكفر ، وأشهد أن سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم رسول الله ، سيد الخلق و البشر ، ما اتصلت عين بنظر أو سمعت أذن بخبر ، اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد ، وعلى آله وأصحابه ، وعلى ذريته ، ومن والاه ، ومن تبعه إلى يوم الدين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علَّمتنا ، إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علِّمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .

الشجاعة والجرأة في الحق سمت الصحابة والتابعين :

 أيها الأخوة الكرام : لا أعتقد أن هناك مصيبةً أكبر من أن يهتز المثل الأعلى في مجتمع ما ، الإمام أبو حنيفة فيما يروى كان يمشي في الطريق فرأى غلاماً أمامه حفرة ، فقال : إياك يا غلام أن تسقط ، فقال الغلام : بل إياك يا إمام أن تسقط ، إني إن سقطتُ سَقطتُ وحدي ، وإنك إن سقطتَ سقطَ معك العالم .
 أيها الأخوة : في علم النفس يقولون : حينما يشعر الإنسان بالإحباط ، وحينما يفقد المثل الأعلى يهرب إلى الماضي ليعوض ما فقده في الحاضر ، هذه الخطبة عن عالم جليل اسمه العز بن عبد السلام .
 إن الشجاعة أيها الأخوة والجرأة في الحق هي الهدي والسمت الذي كان موجوداً عند الصحابة الكرام والتابعين الأجلاء ، فلما جاء مروان بن الحكم وغيّر بعض السنة ، وقدّم خطبة العيد على الصلاة ، وأخرج المنبر خارج المسجد قام أبو سعيد الخدري رضي الله عنه وأنكر عليه ، بل إنه أوقفه ، وأمسكه من ثوبه ففي الصحيحين عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ :

((كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْرُجُ يَوْمَ الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى إِلَى الْمُصَلَّى فَأَوَّلُ شَيْءٍ يَبْدَأُ بِهِ الصَّلَاةُ ثُمَّ يَنْصَرِفُ فَيَقُومُ مُقَابِلَ النَّاسِ وَالنَّاسُ جُلُوسٌ عَلَى صُفُوفِهِمْ فَيَعِظُهُمْ وَيُوصِيهِمْ وَيَأْمُرُهُمْ فَإِنْ كَانَ يُرِيدُ أَنْ يَقْطَعَ بَعْثًا قَطَعَهُ أَوْ يَأْمُرَ بِشَيْءٍ أَمَرَ بِهِ ثُمَّ يَنْصَرِفُ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ فَلَمْ يَزَلْ النَّاسُ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى خَرَجْتُ مَعَ مَرْوَانَ وَهُوَ أَمِيرُ الْمَدِينَةِ فِي أَضْحًى أَوْ فِطْرٍ فَلَمَّا أَتَيْنَا الْمُصَلَّى إِذَا مِنْبَرٌ بَنَاهُ كَثِيرُ بْنُ الصَّلْتِ فَإِذَا مَرْوَانُ يُرِيدُ أَنْ يَرْتَقِيَهُ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ فَجَبَذْتُ بِثَوْبِهِ فَجَبَذَنِي فَارْتَفَعَ فَخَطَبَ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَقُلْتُ لَهُ غَيَّرْتُمْ وَاللَّهِ فَقَالَ أَبَا سَعِيدٍ قَدْ ذَهَبَ مَا تَعْلَمُ فَقُلْتُ مَا أَعْلَمُ وَاللَّهِ خَيْرٌ مِمَّا لَا أَعْلَمُ ))

[متفق عليه عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ]

 وفي رواية لمسلم :

((كلا والذي نفسي بيده لا تأتون بخير مما أعلم ، فقال مروان : إِنَّ النَّاسَ لَمْ يَكُونُوا يَجْلِسُونَ لَنَا بَعْدَ الصَّلَاةِ فَجَعَلْتُهَا قَبْلَ الصَّلَاةِ))

[مسلم عن أبي سعيد الخدري]

 وقام رجل آخر ، وأنكر على هذا الأمير فأقره أبو سعيد ، فعن طارق بن شهاب قال: " أول من قدم خطبة العيد على الصلاة مروان بن محمد ، فقال رجل : خالفت السنة ، فقال : يا فلان تُرِكَ ما هنالك ، فقال أبو سعيد الخدري : أما هذا فقد أدى الذي عليه " ، هذا واجب أيها الأخوة ، أن ينصح الإنسان المسلمين ، لهذا كان الإمام الجليل العز بن عبد السلام في غاية البطولة ، وهذه المواقف التي وقفها لولا أنها مسطرة في الكتب وتواترت لقلنا : إنها خيال في خيال ، لكنها مكتوبة ومتواترة ، والذين كتبوها علماء أجلاء عاصروه ، وعاشروه ، وعاشوا معه .

مواقف العز بن عبد السلام من الملك الصالح إسماعيل :

 أيها الأخوة : عندما كان العز بن عبد السلام في دمشق ، وكان الحاكم رجلاً يقال له : الملك الصالح إسماعيل ، من بني أيوب ، فولى العز بن عبد السلام خَطابة الجامع الأموي، وبعد فترة قام هذا الملك بالتحالف مع أعداء المسلمين ، فحالفهم ، وسلّم لهم بعض الحصون ، كقلعة الشقيف وصفد ، وبعض الحصون ، وبعض المدن من أجل أن يستعين بهم على قتال الملك الصالح أيوب في مصر . إنه مسلم يستعين بغير مسلم على قتال مسلم ، أرأيت إلى التاريخ كيف يعيد نفسه ؟
 فلما رأى العز بن عبد السلام هذا الموقف الموالي لأعداء المسلمين لم يصبر ، فصعد المنبر ، وتكلم ، وأنكر ، وقالها صريحةً ، وقطع الدعاء ، وختم الخطبة بقوله : " اللهم أبرم لهذه الأمة أمراً رشداً ، تعز فيه وليك ، وتذل فيه عدوك ، ويؤمر فيه بالمعروف ، وينهى فيه عن المنكر " ثم نزل ، وعرف الأمير الملك الصالح إسماعيل أنه يريده ، فغضب عليه غضباً شديداً ، وأمر بإبعاده عن الخطابة ، وسجنه ، وبعدما حصل الهرج والمرج ، واضطرب أمر الناس أخرجه من السجن ، ومنعه من الخطبة ، وخرج العز بن عبد السلام من دمشق مغضباً إلى جهة بيت المقدس ، وصادف أن خرج الملك الصالح إسماعيل إلى تلك الجهة أيضاً، والتقى بأمراء الأعداء من بيت المقدس ، فأرسل رجلاً من بطانته ، وقال له : اذهب إلى العز بن عبد السلام ، ولاطفه ، ولاينه بالكلام الحسن ، واطلب منه أن يأتي إلي ، ويعتذر مني، ويعود إلى ما كان عليه ، فذهب الرجل إلى العز بن عبد السلام وقال له : ليس بينك وبين أن تعود إلى الخطابة وأعمالك وزيادة على ما كنت عليه إلا أن تأتـي وتقبّل يد السلطان لا غير ، فضحك العز بن عبد السلام وقال : يا مسكين ، والله ما أرضى أن يقبل الملك يدي فضلاً عن أن أقبل يده ، يا قوم أنا في واد ، وأنتم في واد آخر ، الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاكم به . هذا موقف ، قال له : إذاً نسجنك ؟ قال : افعلوا ما بدا لكم ، فأخذوه ، وسجنوه في خيمة ، فكان يقرأ فيها القرآن ويتعبد .
 أيها الأخوة الكرام : هذا موقف وقفه العز بن عبد السلام ، وقبل هذا الموقف في إحدى المرات كان الملك الصالح إسماعيل قد عقد اجتماعاً مع بعض زعماء أعداء المسلمين ، وكان اجتماعهم قريباً من العز بن عبد السلام ، حيث يسمعون قراءته للقرآن ، فقال : هل تسمعون هذا الذي يقرأ ؟ قالوا : نعم ، فقال متفاخراً : هذا هو أكبر علماء المسلمين سجناه لأنه اعترض علينا في محالفتنا لكم ، وتسليمنا لكم بعض الحصون والقلاع ، واتفاقنا معكم على قتال المصريين ، فقال له ملوك الأعداء : لو كان عندنا رجل بهذا الإخلاص للأمة ، وبهذه القوة ، وبهذه الشجاعة لكنا نغسل رجليه ، ولشربنا الماء الذي غسلنا به رجليه ، فأصيب الملك بالخيبة والذل ، وكانت بداية هزيمته وفشله ، وجاء جند المصريين ، وانتصروا عليه وعلى من كانوا متحالفين معه ، وأُفرج عن الإمام العز بن عبد السلام ، وذهب إلى مصر .

موقف العز بن عبد السلام من نجم الدين أيوب حاكم مصر :

 خرج العز بن عبد السلام إلى مصر ، واستقبله نجم الدين أيوب ، وأحسن استقباله، وجعله في مناصب ومسؤوليات كبيرة في الدولة ، و كان المتوقع أن يقول العز بن عبد السلام : هذه مناصب توليتها ، ومن المصلحة أن أحافظ عليها حفاظاً على مصالح المسلمين ، وألا أعكر ما بيني وبين هذا الحاكم ، خاصةً أن أيوب الملك الصالح مع أنه رجل عفيف وشريف إلا أنه كان جباراً شديد الهيبة ، حتى إنه ما كان أحد يستطيع أن يتكلم بحضرته ، ولا أن يشفع لأحد عنده ، ولا يتكلم أمامه إلا جواباً لسؤال ، حتى إن بعض الأمراء في مجلسه يقولون : والله إننا دائماً نقول : ونحن في مجلس الملك الصالح لن نخرج من هذا المجلس إلا إلى السجن فهو رجل جبار مهيب ، وإذا سجن إنساناً نسيه ، ولا يستطيع أحد أن يكلمه فيه ، أو يذكره به ، وكان له عظمة وأبهة ، وخوف وذعر في نفوس الناس سواء الخاصة منهم والعامة ، فماذا كان موقف العز بن عبد السلام ؟
 في يوم العيد خرج موكب السلطان يجوب شوارع القاهرة ، والناس مصطفون على جوانب الطريق ، والسيوف مسلطة ، والأمراء يقبلون الأرض بين يدي السلطان هيبةً وأبهةً ، وهنا وقف العز بن عبد السلام وقال : يا أيوب ، هكذا باسمه مجرداً بلا ألقاب ، فالتفت أيوب الحاكم الجبار القوي ليرى من الذي يخاطبه باسمه الصريح ، وبلا مقدمات ، وبلا ألقاب ، ثم قال له العز بن عبد السلام : ما حجتك عند الله عز وجل غداً إذا قال لك : ألم أبوئك ملك مصر فأبحت الخمور ؟ فقال : أو يحدث هذا في مصر ؟ قال : نعم ، في مكان كذا وكذا حانة يباع فيها الخمر ، وغيرها من المنكرات ، وأنت تتقلب في نعم هذه المملكة ، فقال : يا سيدي أنا ما فعلت هذا إنما هو من عهد أبي ، فهز العز بن عبد السلام رأسه ، وقال : إذاً أنت من الذين يقولون : إنا وجدنا آباءنا على أمة ، قال : لا أعوذ بالله ، وأصدر أمراً بإبطالها فوراً ومنع بيع الخمور في مصر .
 أيها الأخوة : أحد طلابه سأله : يا سيدي ماذا فعلت مع السلطان وهو في أبهته وعظمته ؟ فقال : رأيته في أبهة وعظمة فخشيت أن تكبر عليه نفسه فتؤذيه ، فأردت أن أعرفه قدرها ، وسأله آخر : كيف واجهت السلطان ؟ قال : يا بني استحضرت عظمة الله عز وجل وهيبته فلم أرَ أمامي أحداً .

موقف العز بن عبد السلام من المماليك :

 هناك موقف آخر يعد من أعجب مواقفه رحمه الله ، فقد كان المماليك هم الذين يحكمون مصر في عصر العز بن عبد السلام ، فالحكومة الحقيقية كانت في أيديهم ، فقد كان نائب السلطنة مملوكياً ، وكذلك أمراء الجيش ، والمسؤولون كلهم مماليك في الأصل ، وفيهم من لم يثبت تحرره من الرق ، وكان العز بن عبد السلام كبير القضاة في مصر ، فكان كلما جاءته رقعة فيها بيع أو شراء أو نكاح أو شيء من هؤلاء المماليك الذين لم يحرروا أبطلها ، وقال : هذا عبد مملوك ، ولو كان أميراً وكبيراً ، إذ لابد أن يباع ، ويحرر ، وبعد ذلك يصحح بيعهم وشراؤهم وتصرفاتهم ، أما الآن فهم عبيد ، فغضب المماليك من هذا الإمام ، وجاؤوا إليه ، وقالوا : ما تصنع بنا ؟ قال : رددنا بيعكم ، فغضبوا أشد الغضب ، ورفعوا أمره إلى السلطان ، فقال : هذا أمر لا يعنيه ، فلما سمع العز بن عبد السلام هذه الكلمة قام ، وعزل نفسه من القضاء .

جوانب قوة العز بن عبد السلام :

 لقد كان من أهم جوانب قوة العز بن عبد السلام أنه كان أكبر من المنصب ، وأكبر من الوظيفة ، وأكبر من الأسماء ، وأكبر من الألقاب ، لذلك ما كان يتطلع إليها ، أو يستمد قوته منها ، إنما يستمد قوته من إيمانه بالله ، ومن وقفته إلى جانب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، والصدع بكلمة الحق ، ثم من الأمة التي أعطته ثقتها ، لذلك أصبح العز بن عبد السلام في حياتهم وفي قلوبهم هو تاج الزمان ، ودرته ، وأصبح هو أعظم عالم وداعية وإمام في العالم الإسلامي في وقته ، فلذلك عزل نفسه عن القضاء ، إذ كل أمور المسلمين تدخل تحت تصرف القاضي ، وهو لا يحكم فيها إلا بحكم الله ورسوله ، ثم قام العز بتصرف آخر مشابه ، وهو أنه جمع متاعه كل متاعه ، وأثاث بيته ، واشترى حمارين ، وضع متاعه على حمار ، وأركب زوجته وطفله على حمار ، ومشى بهذا الموكب البسيط المتواضع يريد أن يخرج من مصر ، ويرجع إلى بلده الشام ، لكن الأمة كلها خرجت وراء العز بن عبد السلام حتى ذكر المؤرخون أنه خرج وراءه العلماء والصالحون والعبّاد والرجال والنساء والأطفال ، حتى الذين لا يأبه لهم ، هكذا تقول الرواية ، أي عامة الناس ، الجميع خرجوا وراء العز بن عبد السلام في موكب مهيب رهيب ، ثم ذهب بعض الناس إلى السلطان ، وقالوا له : من بقي لك تحكمه إذا خرج العز بن عبد السلام وخرجت الأمة كلها وراءه وما بقي لك أحد ؟ متى راح هؤلاء ذهب ملكك ، فأسرع الملك الصالح أيوب للعز ، وركض يدرك هذا الموكب ، ويسترضيه ، ويقول له : ارجع ، ولك ما تريد ، قال : لا أرجع أبداً إلا إذا وافقتني على ما طلبت من بيع هؤلاء المماليك، قال : لك ما تريد ، افعل ما تشاء .
 رجع العز بن عبد السلام ، وبدأ المماليك يحاولون معه ليغير رأيه ، إذ كيف يباعون بالمزاد العلني ، وهم أمراء ، فأرسل إليه نائب السلطنة وكان من المماليك بالملاطفة فلم يفد معه هذا الأسلوب ، فاقترح بعضهم قتل العز بن عبد السلام ، فذهب نائبه نائب السلطنة ، ومعه مجموعة من الأمراء ، ثم طرق باب العز بن عبد السلام ، وكانت سيوفهم مسلطةً يريدون أن يقتلوه ، فخرج ولد العز بن عبد السلام ، واسمه عبد اللطيف ، فرأى موقفاً مهيباً مخيفاً ، فرجع إلى والده ، وقال يا والدي انج بنفسك ، الموت الموت ، قال : ما الخبر ؟ قال : كيت وكيت ، فقال العز بن عبد السلام لولده : يا ولدي والله إن أباك لأحقر وأقل من أن يقتل في سبيل الله ، هو أحقر وأقل من أن يقتل في سبيل الله ، ثم خرج مسرعاً إلى نائب السلطنة ، فلما رآه نائب السلطنة يبست أطرافه ، وتجمد ، وأصابته حالة من الذعر والرعب ، وأصبح يضطرب، وسقط السيف من يده ، واصفر وجهه ، وسكت قليلاً ، ثم بكى ، وقال : يا سيدي خبّر ماذا تفعل ؟ فقال العز : أنادي عليكم ، وأبيعكم في المزاد ، قال : تقبض الثمن ؟ قال : نعم ، قال : أين تضعه ؟ قال : في مصالح المسلمين العامة ؛ فطلب منه الدعاء ، وبكى بين يديه ، وانصرف ، وفعلاً فعلها العز بن عبد السلام رحمه الله ، قام ، وجمع هؤلاء ، وأعلن عنهم ، وبدأ يبيعهم ، وكان لا يبيع الواحد منهم إلا بعدما يوصله إلى أعلى الأسعار ، فلا يبيعه تحلةً لقسم ، إنما يريد أن يزيل ما في نفوسهم من كبرياء ، فكان ينادي على الواحد بالمزاد العلني ، وقد حكم مجموعة من العلماء والمؤرخين أن هذه الواقعة لم يحدث لها مثيل في تاريخ البشرية . من هاب الله هابه كل شيء ، ومن لم يهب الله أهابه الله من كل شيء .
 أيها الأخوة : من مواقفه أيضاً أن بعض تلامذته أتوه في يوم من الأيام فقالوا : إنه في مكان كذا قام فلان أمير كبير في دولة المماليك يدعى فخر الدين ببناء طبلخانة ، أي مكان مخصص للغناء ، و الرقص ، و الموسيقا ، و الفساد ، و كان هذا المكان بقرب أحد المساجد ، و عندما تأكد العز بن عبد السلام من صحة هذا الخبر جمع أولاده وبعض تلامذته ، و ذهب إلى المكان الذي يسمونه الطبلخانة ، و قام ، و أخذ الفأس ، و بدأ في هدم هذا المكان حتى سووه بالأرض ، هل اكتفى بذلك ؟ بل أصدر فتوى بأن هذا الأمير ساقط العدالة ، ظن هذا الأمير أن هذه الفتوى محصورة في مصر ، فصدف أن أرسل حاكم مصر هذا الأمير برسالة إلى ملك بعيد ، فلما كان هذا الذي أوصل الرسالة قال : أنت ساقط العدالة ، لا أقبلها منك ، أي ذاع أمر هذه الفتوى في أرجاء الأرض .

أصل الدين طاعة الله عز وجل و الزهد في الدنيا :

 أيها الأخوة : مرة ثانية ، الإنسان حينما يفتقد المثل الأعلى إن في الأمراء ، أو في العلماء يبحث في الماضي عما يملأ نفسه من مثل عليا يشد إليها .
 على كل أيها الأخوة : القضية تاريخية محضة ، وأنا نقلتكم إلى التاريخ كما نقلتكم مرة إلى سيدنا عمر ، و كما نقلتكم مرة إلى سيدنا صلاح الدين الأيوبي ، كيف فتح القدس ، وكيف صعد الخطيب المنبر ، وقال الخطبة الشهيرة التي تهتز لها الرمال البيض .
 على كل أيها الأخوة : هؤلاء مثل عليا ، هكذا كان الدين عظيماً ، وهكذا كان رجاله أشداء ، و كانت لهم الكلمة الأولى والأخيرة ، والبطولة يمكن أن تكون في كل زمان يكفي أن تطيع الله الواحد الديان ، فالله سبحانه وتعالى يرفع لك ذكرك ، ويلبسك ثوباً من الهيبة .
 أيها الأخوة الكرام : الأصل طاعة الله عز وجل ، والأصل هو الزهد في الدنيا ، سئل الإمام الحسن البصري : بمَ نلت هذا المقام ؟ قال : باستغنائي عن دنيا الناس ، و حاجتهم إلى علمي ، فكيف إذا كان العكس إذا استغنى الناس عن علم العالم و احتاج العالم إلى دنياهم؟ سقطت مكانته و هيبته ، و أصبح بوقاً ينفخ فيه كما يشاء الذي ينفخ .

هيبة العز بن عبد السلام :

 أيها الأخوة الكرام : هذه نبذة عن مواقف هذا العالم الجليل ، حدث في دمشق انخفاض في الأسعار ، حتى أصبحت البساتين تباع بأسعار زهيدة ، فجاءت زوجة العز له ، و قد جمعت مصاغاً لها ، و أعطته لزوجها ، و قالت له : اشتر لنا بستاناً نصطاف فيه ، فأخذ العز الحلي و المصاغ و باعه ، ثم وجد الناس محتاجين فتصدق به ، ثم رجع إلى البيت فقالت له زوجته : يا سيدي هل اشتريت لنا بستاناً ؟ قال : نعم اشتريت لك بستاناً ولكن في الجنة ، فقد رأيت الناس محتاجين ، ففرقت هذا المال فيهم ، فقالت له : جزاك الله خيراً ، تصور الآن زوجة تعطي زوجها مالاً ليشتري بيتاً في المصيف ، ثم يدفعه صدقة أينام مرتاح البال معها ؟ قالت له: جزاك الله خيراً ، هكذا كانت امرأته أيضاً . لما أراد حاكم مصر أن يقاتل التتار رأى أن أموال خزينة الدولة لا تكفي ، و رأى أن يأخذ أموالاً من الناس فجمع العلماء و قال لهم : ما رأيكم نريد أن ناخذ من الناس أموالاً نستعين بها في تجهيز الجيش و السلاح و دفع رواتب الجند و ما أشبه ذلك من المصالح التي لابد منها ، و نحن نواجه عدواً اجتاح بلاد العراق و الشام ، و وصل إلينا ، و ما في الخزينة لا يكفي لإعداد الجيش ؟ فقال له العز بن عبد السلام : إذا أحضرت ما عندك وعند حريمك وأحضر الأمراء ما عندهم من الحلي الحرام وضربته سكة ونقداً و فرقته في الجيش ، و لم يقم بكفايتهم في ذلك الوقت اطلب القرض من الناس ، أما قبل ذلك فلا ، فأحضر السلطان والعسكر كل ما عندهم من ذلك بين يدي الشيخ ، و كان الشيخ له عظمة عندهم و هيبة حيث لا يستطيعون مخالفته ، وامتثلوا أمره ، وانتصروا .
 أيها الأخوة الكرام : في التاريخ الإسلامي مثل عليا إن افتقدناها في الحاضر فلا أقل من أن نترسم خطاها ، وهم قد انتقلوا إلى الرفيق الأعلى .

موقف العلماء من العز بن عبد السلام :

 الآن موقف العلماء من العز بن عبد السلام ؛ لم يكن بينهم خصومات كما ترون أنتم ، ولا منافسات ، ولا طعن ، ولا غمز ، ولا لمز ، ولا تعصب ، ولا ما شاكل ذلك .
 أيها الأخوة : غضب عليه بعض الحكام فعزله ، وكان مفتي مصر هو الإمام عبد العظيم المنذري ، فلما جاء العز بن عبد السلام قال الإمام المنذري : قد كنت أفتي ، ولم يكن الإمام العز موجوداً ، أما الآن فإن منصب الإفتاء له ما تمسك به ، ما رأى أن هذا الإنسان نافسه ، وخطف الأضواء منه ، ما كانت عداوة حرفة بينهم ، كان التعاون كبيرًا .
 موقف آخر لجمال الدين الحصيري ، عندما غضب أحد أمراء الشام على العز بن عبد السلام ومنعه من التدريس ، وفرض عليه الإقامة الجبرية ذهب أحد الفقهاء الأحناف وهو جمال الدين الحصيري ، وكان فقيهاً مهيباً إلى الحاكم في قلعته وقف عند الباب على حماره فقال الحاكم : دعوه يدخل ، فلما دخل قام الحاكم إليه ، وأنزله بنفسه ، وقدمه ، وقدره ، وأبى أن يأكل إلا بعده، فقال الشيخ : ما جئت إلى طعامك ولا إلى شرابك ، فقال له السلطان : اطلب ما تريد ، ونحن نمتثل أمرك ، قال : ما الذي حدث بينك وبين الإمام العز بن عبد السلام ؟ قال : حدث كذا وكذا ، وذكر القضية ، قال هذا الفقيه : والله لو كان العز بن عبد السلام في الهند أو في أقصى الدنيا لكان جديراً بك أن تسعى في أن تحضر إليه ، فإنه شرف لك أن تملك أمة فيها مثل هذا فينبغي أن تسترضيه ، فوافق على ذلك ، وأرضى العز .
 الآن مشهد من تعاون العلماء ؛ من تعاونهم على نشر الحق ، من دفاعهم عن بعضهم البعض ، من حبهم لبعضهم البعض ، هكذا كان العلماء ، لم يكونوا متنافسين ، ولا متخاصمين ، ولا متحاسدين ، ولم يكن أحد يطعن بأحد ، ولم يكن أحد يسفه رأي أحد ، هذا مثل أيها الأخوة من أمثلة التاريخ المضيء .

تقسيم أمة محمد إلى قسمين أمة التبليغ و أمة الاستجابة :

 أيها الأخوة الكرام : هناك فائدة كبيرة في قراءة التاريخ ، يعطيك التاريخ مثلاً أعلى للأمة التي رضي الله عنها ، لذلك اضطر العلماء أن يقسموا أمة محمد قسمين ، أمة التبليغ وأمة الاستجابة ، فالأمة التي استجابت لله وللرسول هي خير أمة أخرجت للناس ، لكن التي لم تستجب شأنها كأية أمة ، والذين قالوا : نحن أبناء الله وأحباؤه أجابهم الله عز وجل :

﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ﴾

[ سورة المائدة : 18]

 وحينما يقول بعضنا : نحن من أمة محمد الرد الإلهي :

﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ﴾

[ سورة المائدة : 18]

 أريد من هذه الخطبة أيها الأخوة لا أن يكون التاريخ ممتعاً ، و لا أتحدث عن بطولات ليست الآن موجودة ، ولكن أريد منكم أن يسعى كل منا ليكون مثلاً أعلى ، ولو أمام أولاده ، ولو في بيته ، ولو في عمله ، وهذا الإنسان كلمة الحق لا تقطع رزقاً ، ولا تقرب أجلاً ، فإذا كنت مع الله كان الله معك ، ومن هاب الله هابه كل شيء ، ومن لم يهب الله أهابه الله من كل شيء ، وإذا قال الله : أنا معكم ، أي بالتأييد ، وبالنصر ، وبالحفظ ، وبالرعاية .
 أيها الأخوة الكرام : حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ، و زنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم ، و اعلموا أن ملك الموت قد تخطانا إلى غيرنا ، وسيتخطى غيرنا إلينا ، فلنتخذ حذرنا ، الكيس من دان نفسه ، وعمل لما بعد الموت ، و العاجز من أتبع نفسه هواها ، و تمنى على الله الأماني ، و الحمد لله رب العالمين .

* * *

الخطبة الثانية :

 

 الحمد لله رب العالمين ، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين ، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله ، صاحب الخلق العظيم ، اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

لمحة عن طلب العز بن عبد السلام العلم :

 لمحة لكبار السن ، العز بن عبد السلام طلب العلم في وقت متأخر جداً في حياته، لم يكن عالماً ، ولا متفقهاً ، ولا طلب رضا الله عز وجل إلا في وقت متأخر ، وكان هذا العالم بمكانة من الصعب أن نتصورها ، الظاهر بيبرس قال : " والله ما استقر ملكي إلا بعد أن مات العز بن عبد السلام ".
 أيها الأخوة : هذه لمحة أولى أنه طلب العلم في وقت متأخر جداً ، وحصّل منه الشيء الكثير ، الشيء الثاني في نهاية حياته لما حضرته الوفاة وقرب موته ، وكان ذلك في حكم السلطان بيبرس الذي كان يحب العز بن عبد السلام ، حتى إنه لما مات قال : " لا إله إلا الله ما اتفق موت الشيخ إلا في زمني " أي هذا ليس بخير أن يموت الشيخ في زمني .
 فجاء السلطان بيبرس إلى العز في مرض موته ، وطلب منه أن يعين أحد أولاده في منصبه ، وكان للعز أكثر من ولد ، من أشهرهم عبد اللطيف ، طالب علم ، ومترجم له ، فقال له العز : ما فيهم من يصلح ، فالمسألة ليست مجاملات ولا أمور تتم بهذه الطريقة ، أولادي ما فيهم من يصلح ، إنما أعين فلاناً ، وقال : إنه هو الذي يصلح ، وهو الجدير بهذا المنصب .
 ورع ما بعده ورع ، موضوعية ما بعدها موضوعية ، هيبة ما بعدها هيبة ، إخلاص ما بعده إخلاص .

من أطاع الله و أخلص له ألبسه الله ثوب العز و الفخار :

 الآن اقرؤوا قوله تعالى :

﴿ أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ * وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ * الَّذِي أَنقَضَ ظَهْرَكَ * وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ ﴾

[ سورة الشرح : 1-4]

 هذه الآية في ظاهرها موجهة للنبي عليه الصلاة والسلام ، لكنها في حقيقتها تشمل كل مسلم ، كل مسلم أطاع الله ، وأخلص له ، وأقبل عليه ، و ائتمر بما أمر ، وانتهى عما عنه نهى وزجر ، يلبسه الله ثوب العز ، هذا العز الذي يشعر به المؤمن ، والله لا يشعر به أقوياء الأمة ، لذلك قال إبراهيم بن الأدهم ، وكان ملكاً ثم أصبح عارفاً بالله : " والله لو يعلم الملوك ما نحن عليه لقاتلونا عليه بالسيوف ".
 فيا أيها الأخوة الكرام : كل الخير ، وكل السعادة ، وكل الحفظ ، وكل التوفيق ، وكل الرفعة ، وكل الشأن في طاعة الله ، ومستحيل وألف ألف مستحيل أن تطيعه وتخسر ، ومستحيل وألف ألف مستحيل أن تعصيه وتربح ، وإذا كان الله معك فمن عليك ؟ وإذا كان عليك فمن معك ؟ وفي هذا المعنى آية كريمة قال تعالى :

﴿فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ * إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾

[ سورة هود : 55-56]

 المؤمن لا يليق به أن يكون لغير الله ، إذا كان لغير الله فقد احتقر نفسه ، لا يليق بالمؤمن أن يكون لغير الله ، ولا يليق بالداعية أن يكون محسوباً على جهة في الأرض ، إنه فوق كل هذه الجهات ، إنه يمثل خطاب السماء للأرض ، فينبغي أن يعرف الإنسان قدره ، إذا كنت لله فأنت المصيب ، و إذا كنت لغير الله فأنت المخطئ ، لا يليق بك ولا بمكانتك عند الله ولا بكرامتك أن تكون محسوباً على جهة أرضية ، أنت لله ، قال تعالى :

﴿وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً﴾

[سورة الجن : 18]

 هذا هو التوحيد ، وما تعلمت العبيد أفضل من التوحيد ، وقد نُقلنا في هذه الخطبة إلى تاريخ ليس عنا ببعيد ، ولكن هذا التاريخ يملأ النفس عزة وكرامةً ، لأن الهجمة الشرسة التي جاءت من التتار هناك ما يشبهها اليوم ، والتاريخ يعيد نفسه ، وهناك من يقف موقفاً قوياً يغار فيه على الدين ، وهناك من يعاون أعداء الدين ليحتلوا أرض المسلمين ، وليسفكوا دماء المسلمين ، ولينهبوا ثروات المسلمين ، وهم تحت السمع والبصر .

من هان أمر الله عليه هان على الله :

 أيها الأخوة الكرام : معظم وقائع البلاد الإسلامية في زمن العز بن عبد السلام تقريباً هناك ما يشبهها ، سلمهم الحصون والقلاع ، واستعان بهم على حرب ملك مسلم ، وهذا الذي يحصل إنما هو عبرة وموعظة للجميع .
 أيها الأخوة الكرام : ما بقي أمامنا إلا أن نفر إلى الله ، أن نتوب إليه ، وأقول لكم هذه الكلمة مرة ثانية وثالثة : إذا كان الله معنا فمن علينا ؟ وإذا كان علينا فمن معنا ؟ ليس معنا أحد ، هل كلمتنا هي العليا في الأرض ؟ هل نحن مستخلفون ؟ هل نحن ممكنون ؟ هل نحن آمنون ؟ لأن أمر الله هان علينا فهنا على الله ، وإن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.

الدعاء :

 اللهم اهدنا فيمن هديت ، و عافنا فيمن عافيت ، و تولنا فيمن توليت ، وبارك لنا فيما أعطيت ، و قنا و اصرف عنا شر ما قضيت ، فإنك تقضي بالحق ، و لا يقضى عليك ، و إنه لا يذل من واليت ، و لا يعز من عاديت ، تباركت ربنا و تعاليت ، و لك الحمد على ما قضيت ، نستغفرك و نتوب إليك ، اللهم هب لنا عملاً صالحاً يقربنا إليك ، اللهم أعطنا و لا تحرمنا ، أكرمنا و لا تهنا ، آثرنا و لا تؤثر علينا ، أرضنا و ارض عنا ، مولانا رب العالمين ، اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا ، و أصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا ، و أصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا ، و اجعل الحياة زاداً لنا من كل خير ، و اجعل الموت راحة لنا من كل شر ، مولانا رب العالمين ، اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك ، و بطاعتك عن معصيتك ، و بفضلك عمن سواك ، اللهم لا تؤمنا مكرك ، و لا تهتك عنا سترك ، و لا تنسنا ذكرك يا رب العالمين ، اللهم بفضلك و رحمتك أعل كلمة الحق و الدين ، و انصر الإسلام و أعز المسلمين، و خذ بيد ولاتهم إلى ما تحب و ترضى ، إنك على ما تشاء قدير و بالإجابة جدير .

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور