- أسماء الله الحسنى
- /
- ٠2أسماء الله الحسنى 2008م
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
من أسماء الله الحسنى ( المليك ):
1 ـ ( المليك ) ملِك ومالِك:
أيها الإخوة الكرام، لا زلنا مع اسم ( المليك ).
و( المليك ) أيها الإخوة، ملِك ومالك، و ( المليك ) يملك كل شيء، تصرّفًا ومصيرًا، و( المليك ) يدل على كمال المُلكية، وعلى أبدية المُلكية.
2 ـ من لازم ( المليك ) أن يكون المعبود الحق:
لذلك الفاتحة التي هي أصل في أصول كتابنا فيها آية ؟
﴿ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴾
ماذا تعني هذه الآية ؟ تعني أن الإنسان مكلف أن يعبد ربه، وأن عبادة ربه علة وجوده.
﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾
الله أعطانا مقومات التكليف والعبادة:
وأن العبادة طاعة طوعية، ممزوجة بمحبة قلبية، أساسها معرفة يقينية، تفضي إلى سعادة أبدية، لأن الله سبحانه وتعالى حينما كلفنا أن نعبده أعطانا مقومات هذا التكليف، أعطانا كوناً هو الثابت الأول، ينطق هذا الكون بوجود الله، وكماله، ووحدانيته، هذا الكون ينطق بأسماء الله الحسنى، وصفاته الفضلى، هذا الكون يشير إلى أن خالقه ذات كاملة، أعطانا عقلاً يكفي إلى أن نتعرف من خلاله إلى الله، الآيات التي تتحدث عن العلم والعقل والتفكر تقترب من ألف آية.
﴿ أَفَلَا يَعْقِلُونَ ﴾
﴿ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ ﴾
أعطانا فطرة تكفي لكشف الخطأ ذاتياً، من دون تعليم، من دون توجيه.
﴿ وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ﴾
بمعنى أعلمها ذاتياً بحسب فطرتها العالية أنها اتقت أو فجرت، أعطانا شهوة هي ترقى بنا إلى الله، أو تهوي بنا إلى أسفل سافلين، حيادية، يمكن أن تكون الشهوة سلماً نرقى بها إلى أعلى عليين، ويمكن أن دركات نهوي بها إلى أسفل سافلين.
لكن الذي يتعلق بهذا الدرس أعطانا حرية الاختيار.
3 ـ من لازم ( المليك ) استرداد حرية الإنسان عند موته:
﴿ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ ﴾
﴿ إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا ﴾
﴿ سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ لَوْ شَاء اللّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلاَ آبَاؤُنَا وَلاَ حَرَّمْنَا مِن شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم حَتَّى ذَاقُواْ بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ أَنتُمْ إَلاَّ تَخْرُصُونَ ﴾
أعطانا كوناً يطق بكماله، وبوجوده، ووحدانيته، أعطانا وقتاً هو غلاف عملنا، أعطانا منهجاً تفصيلاً يهدينا إلى سواء السبيل، ثم أعطانا حرية الاختيار، عند الموت تسترد هذه الحرية:
﴿ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴾
ملّكك الحرية، وعند الموت استردها منه.
﴿ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي ﴾
فات الأوان.
أيها الإخوة الكرام:
﴿ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لاَ يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا ﴾
البطولة معرفة الحقيقة قبل فوات الأوان:
النقطة الدقيقة في هذا الدرس أن الله سبحانه وتعالى يسترد منا حرية الاحتيار، انتهى الأمر، وأنت حي ترزق والقلب ينبض، وفيك نفس، يمكن أن تفعل كل شيء، يمكن أن تتوب من كل الذنوب، يمكن أن تصلح كل العيوب، يمكن أن تفتح مع الله صفحة جديدة.
لذلك أيها الإخوة، أتمنى أن تكون هذه الحقيقة الخطيرة واضحة، مَن هو أكفر كفار الأرض ؟ الذي قال:
﴿ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى ﴾
فرعون، والذي قال:
﴿ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي ﴾
أكفر كفار الأرض عند الموت قال:
﴿ آمَنتُ أَنَّهُ لا إِلِـهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ ﴾
إذاً: أهل الأرض قاطبة، الـ6000 مليون عند الموت تكشف لهم الحقائق.
﴿ فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ ﴾
خيارُ الإنسان مع الإيمان خيار وقتٍ:
إذاً: خيارنا مع الإيمان لا خيار قبول أو رفض، بل خيار وقت، فلا بد من أن نؤمن في الوقت المناسب، أن تتصدق وأن صحيح شحيح، أن تؤمن وأنت في مقتبل العمر، أنت تؤمن والدنيا بين يديك:
﴿ فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ ﴾
أن تؤمن وأنت في أتم درجات القوة، أن تؤمن وأنت غني، أما عند الموت فما من إنسان على الإطلاق إلا وتكشف له الحقائق التي جاء بها الأنبياء، ولكن عند فوات الأوان:
﴿ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لاَ يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا ﴾
هل يمكن لأيّ طالب أدى الامتحان وما نجح، نال الصفر، يعود إلى البيت فيفتح الكتاب المقرر، ويقرأ الإجابة ؟ هل تصدقون أن طالباً يجرؤ أن يقدم طلبا إلى وزير التربية أنه يمكن أن تعيد لي الامتحان بالسؤال نفسه، شيء مضحك.
فلذلك:
﴿ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴾
الآن نحن في نعمة لا تعدلها نعمة، نحن أحياء، والقلب ينبض، وفينا بقية من العمر، والتوبة ممكنة، والإصلاح ممكن، والاستغفار ممكن، وفتح صفحة مع الله ممكن، كل شيء ممكن، ما دام في العمر بقية، فإذا جاء ملك الموت انتهى كل شيء.
لذلك ورد في بعض الآثار أن الميت حينما يوضع في قبره أول ليلة ينادى " أن عبدي، رجعوا وتركوك، وفي التراب دفنوك، ولو بقوا معك ما نفعوك، ولم يبقَ لك إلا أنا، وأنا الحي الذي لا يموت.
( المليك ) يسترد حرية الاختيار التي أعطاك الله إياها.
جيء لسيدنا عمر بشارب خمر، فقال: << أقيموا عليك الحد، قال: والله يا أمير المؤمنين، إن الله قدر عليّ ذلك، فقال: أقيموا عليه الحد مرتين، مرة لأنه شرب الخمر ومرة لأنه افترى على الله، قال: ويحك يا هذا إن قضاء الله لم يخرجك من الاختيار إلى الاضطرار >>.
في اللحظة التي تتوهم فيها أنك مجبر على كل أفعالك فأنت مخطئ، أنت مخير فيما كلفت، لكن لستَ مخيرًا في أمك وأبيك، ولا في عصرك، ولا في مدينتك، ولا في كونك ذكراً أو أنثى، لكن العلماء أجمعوا على أن هذا الذي اختاره الله لك هو أكمل شيء، وليس في الإمكان أبدع مما كان، لكنك مخير فيما كلفت.
فلذلك عند الموت يسترد هذا الاختيار:
﴿ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴾
لا تملك شيئاً، أما الآن تملك أن تتوب، تملك ألا تتوب، تملك أن تصلي، تملك ألا تصلي، تملك أن تستقيم تملك أن تنحرف، أنت مخير، أما حينما يأتي الموت.
الآن المواطن مخير، لكن حينما يقتل مواطناً آخر يلقى القبض عليه، وعندئذٍ يفقد حريته، لأنه مخير.
فلذلك أيها الإخوة، حينما تقرؤون الفاتحة في كل صلاة تذكروا هذه الآية:
﴿ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴾
نتمتع اليوم بنعمة لا تعدلها نعمة.
ورد في بعض الآثار أنه النبي عليه الصلاة والسلام مر أمام قبر فقال:
(( صاحب هذا القبر إلى ركعتين مما تحقرون من تنفلكم خير له من كل دنياكم ))
هناك شركات عملاقة، ميزانياتها تساوي ميزانيات خمس دول، شركة، لو أنك تملك هذه الشركة، هذا كلام النبي الصادق المصدوق.
﴿ وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى ﴾
(( صاحب هذا القبر إلى ركعتين مما تحقرون من تنفلكم خير له من كل دنياكم ))
مثلاً: قال لنبي عليه الصلاة والسلام لعليٍّ
(( فَوَ اللَّهِ لأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِكَ رَجُلاً وَاحِداً خَيْرٌ لَكَ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ ))
(( خَيْرٌ لَكَ مما طلعت عليه الشمس ))
(( خير لك من الدنيا وما فيها ))
﴿ قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا ﴾
﴿ فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَؤُوا كِتَابِيهْ * إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيهْ * فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ * فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ * قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ * كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ * وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيهْ * وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيهْ * يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ * مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيهْ * هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيهْ * خُذُوهُ فَغُلُّوهُ * ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ ﴾
ابدأ من النهاية:
إخوتنا الكرام، في البرمجة العصبية اللغوية قاعدة رائعة، تقول هذه القاعدة: " ابدأ من النهاية "، والمؤمن الصادق يبدأ من الموت، إذا بدأ من الموت أفلح في حياته، يقول: هذا العمل سأحاسب عليه، هذا الدخل مشبوه سوف أحاسب عليه، هذا الطلاق لا يرضي الله سأحاسب عليه، حينما تبدأ من النهاية تبدأ من وقفتك بين يدي الله عز وجل، عندئذٍ تستقيم على أمره.
4 ـ من معاني ( المليك ):
الآن من معاني: ( المليك ) كما جاء في الآية الكريمة: قُلْ:
﴿ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ لَكُم مِّنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا ﴾
يعني التوحيد فحوى دعوة الأنبياء، هل يعقل أن تضغط مضامين دعوة الأنبياء جميعاً بآية واحدة ؟
﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ﴾
أهمية التوحيد في حياة المسلم:
ما تعلمت العبيد أفضل من التوحيد.
﴿ فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ ﴾
﴿ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ لَكُم مِّنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا ﴾
والله أيها الإخوة، هناك قصة قصيرة جداً لا أشبع من تكرارها، لما كان الحسن البصري عند والي البصرة، وجاء توجيه من يزيد، يقول هذا الوالي للحسن البصري: " لو نفذت هذا التوجيه لأغضبت الله عز وجل، ولو لم أنفذه لأغضبت الخليفة وعزلني، فماذا أفعل ؟ بالتعبير اللغوي وقع في حيص بيص، أجابه إجابة والله ينبغي أن تكون شعار كل إنسان، قال له الحسن البصري: إن " الله يمنعك من يزيد، ولكن يزيد لا يمنعك من الله ".
فالمليك:
﴿ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ لَكُم مِّنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا ﴾
أيّ خلل في أجهزتك تجعل حياة الإنسان جحيماً لا يطاق، فجأة خثرة في الدماغ تصيبك بشلل، وفي مكان بفقدِ البصر، وفي مكان بفقدِ الذاكرة.
لذلك أيها الإخوة، هذا الذي لا يدخل الله في حساباته ليس اليومية الساعية، كل ساعة، قبل أن تقول كلمة، قبل أن تصل، قبل أن تقطع، قبل أن تغضب، قبل أن ترضى، قبل أن تبتسم، قبل أن تتجهم، هل جهزت جواباً لله عز وجل ؟
مرة قال لي واحد: انصحني، يعمل في عمل بإمكانه أن يودع معظم الناس في السجن، التموين، أردت أن أقول له كلمة يصحو بها من غفلته، قلت له: ضع كل الناس في السجن، قال لي: ما هذا الكلام ! قلت له: إذا كنت بطلاً فهيئ لربك جواباً عن كل عمل تفعله.
فلذلك:
﴿ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ لَكُم مِّنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا ﴾
أيها الإخوة،
﴿ فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ ﴾
﴿ سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُواْ ﴾
الآية التي بعدها:
﴿ الًّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ﴾
مليك:
﴿ الًّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ﴾
لست أنت المملوك، ليس بلدك هو المملوك، السماوات والأرض، والسماوات والأرض مصطلح قرآني يعني ما سوى الله، السماوات والأرض مصطلح قرآني يعني الكون، والكون ما سوى الله:
﴿ الًّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ﴾
﴿ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ ﴾
﴿ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا ﴾
لذلك ورد: " أن هناك ذنباً لا يغفر هو الشرك، وهناك ذنب لا يترك ما كان بين العباد وهناك ذنب يغفر ما كان بينه وبين الله ".
لماذا الشرك ذنب لا يغفر ؟ أوضح هذا بهذا المثل:
نحن في دمشق، وهناك إنسان له في حلب مبلغ ضخم جداً بالملايين، ومعه وثائق رسمية، والقبض الساعة الثانية عشرة من يوم السبت، توجه إلى محطة القطارات، وركب قطار حلب ـ دقق ـ قطع بطاقة من الدرجة الأولى، وركب في الدرجة الثالثة خطأ، وقع في خطأ، بطاقته من الدرجة الأولى، ركب بمركبة من الدرجة الثالثة، هذا خطأ، الخطأ الثاني اختار مكانا فيه شباب غير منضبطين فأزعجوه كثيراً في أثناء الرحلة، الخطأ الثالث جلس في مقعد بعكس اتجاه القطار فأصيب بالدوار، هذا خطأ ثالث، تلوّى من الجوع، وفي القطار مكان فيه مطعم، ولا يعلم ذلك، هذا خطأ رابع، يمكن أن يرتكب أخطاء كثيرة، لكن القطار في طريقه إلى حلب، وسوف يصل بالموعد المحدد، وسوف يقبض المبلغ، هذه الأخطاء كلها تنتهي مع وصول القطار، ركب في الدرجة الثالثة مع شباب غير منضبطين، بعكس اتجاه القطار، وهو يتلوى من الجوع، هذه كلها أخطاء، لكن هذه لا تعيق هدفه، أما الخطأ الذي لا يغتفر هو أن يركب قطار مدينة درعا، ليس له فيها شيء.
أنت مع كل ذنوبك لو توجهت إلى الله فالله عز وجل يقبلك، ويتوب عليك، ويغفر لك، أما لو توجهت إلى إنسان ضعيف مثلك، فقير مثلك، جاهل مثلك، الخطأ الذي لا يغتفر ؛ أن تتجه لغير الله.
لذلك الإمام الشافعي له دعاء، يقول: " يا رب لقد أطعتك في أحب الأشياء إليك، أطعتك في التوحيد، ولم أعصِك في أبغض الأشياء لك، الشرك، فاغفر لي فيما بين ذلك، اغفر لي ما بينهما ".
الآن:
﴿ لِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ﴾
الله مليك.
﴿ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾
تعلقت قدرته بكل ممكن.
والله أيها الإخوة، أمراض وبيلة، أورام من الدرجة الخامسة، شرايين مسدودة، حالات كثيرة يعجب لها الأطباء، صنفوها تحت باب الشفاء الذاتي، كلية توقفت عن العمل، موعد استئصالها بعد 8 أيام، خطر في بال الطبيب قبل أن يستأصلها أن يعيد التصوير، فإذا هي تعمل.
والله لي صديق أصيب بورم خبيث في رئتيه، والقصة من عشرين سنة، أُخذت منه خزعة وأُرسلت إلى بريطانيا، أبداً ورم خبيث من الدرجة الخامسة، والأطباء الذين تولوا معالجته قمم في البلد، والقرار قطعي ما في أمل أبداً، ثم شفي شفاء تاماً، ولا يزال حيا يرزق من عشرين سنة.
﴿ لِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾
يمكن أن يتحقق شيء ولا يقع في الخيال أبدا.
5 ـ من لوازم ( المليك ) الالتجاء إليه وحده:
حينما تعرف أن الله بيده كل شيء تتجه إليه وحده، تعلق الأمل عليه، لا تعلق أملاً على غيره، لا تضعضع إلا في أعتابه.
(( من جلس إلى غني فتضعضع له ذهب ثلثا دينه ))
لا تتضعضع أمام قوي، عزيز النفس.
(( اطلبوا الحوائج بعزة الأنفس ؛ فإن الأمور تجري بالمقادير ))
((الإيمان بالقدر يذهب الهم والحزن ))
الإيمان بالقدر نظام التوحيد، كل شيء وقع أراده الله، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
(( لِكُلِّ شَيْءٍ حَقِيقَةٌ، وَمَا بَلَغَ عَبْدٌ حَقِيقَةَ الْإِيمَانِ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَهُ، وَمَا أَخْطَأَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَهُ ))
6 ـ الدعاء باسم ( المليك ):
فلذلك: حينما تتعرف إلى اسم ( المليك ) تتجه إليه وحده، فعَنْ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ إِذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ:
(( الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي كَفَانِي، وَآوَانِي، وَأَطْعَمَنِي، وَسَقَانِي، وَالَّذِي مَنَّ عَلَيَّ فَأَفْضَلَ، وَالَّذِي أَعْطَانِي فَأَجْزَلَ، الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ، اللَّهُمَّ رَبَّ كُلِّ شَيْءٍ وَمَلِيكَهُ، وَإِلَهَ كُلِّ شَيْءٍ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ النَّارِ ))
قال لي أحدُهم: دخلي يغطي نفقاتي، قلت له: إذاً أصابتك دعوة رسول الله، قال: ماذا دعوته ؟ دعوته:
(( اللهم من أحبني فاجعل رزقه كفافاً ))
((الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي كَفَانِي، وَآوَانِي، وَأَطْعَمَنِي ))
لك بيت.
(( وأطْعَمَنِي وَسَقَانِي، وَالَّذِي مَنَّ عَليَّ فأفْضَلَ، وَالَّذي أعطانِي فأجْزَل الحَمْدُ لِلَّهِ على كُلّ حالٍ ؛ اللَّهُمَّ رَبَّ كُلِّ شَيْءٍ وَمَلِيكَهُ، وَإِلهَ كُلِّ شَيْءٍ، أعُوذُ بِكَ مِنَ النَّارِ ))
إذا عرفت ( المليك ) تتوجه إليه، وقد كان رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا أراد أن ينام دعا بهذا الدعاء.
الآن من أدعية النبي التي كان يكثرها في ضوء اسم ( المليك ):
(( سبحان الملك القدوس، سبحان الملك القدوس، سبحان الله وبحمده ))