وضع داكن
26-04-2024
Logo
أحكام التجويد - الحلقة ( 108 - 113 ) - صفات الحروف - المحاضرة(43-48) : أزمنة الغنن.
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 
 الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد سيد الأولين و الآخرين وعلى آله و صحبه أجمعين، أخواننا الكرام، قبل أن نبدأ بالكلام على أزمنة الغنن من حيث الإدغام والإخفاء والإظهار والقلب وما يتبع ذلك، أود أن أنبه عن أمور تتعلق بأخر حكم ذكرناه وهو حكم الإخفاء بالنسبة للنون الساكنة والتنوين، كان بعض الأخوة قد استوقفني واستفهم عن أشياء من جملة ذلك ما هو المطلوب عمله تماماً عند النطق بالإخفاء؟ ما المطلوب من القارئ؟ يعني ماذا أفعل عندما تأتي نون بعدها حرف من حروف الإخفاء؟ المطلوب من القارئ يا أخوتي عندما تأتي نون ساكنة أو تنوين وبعده حرف من أحد حروف الإخفاء الخمسة عشر، ثلاثة أمور:
الأمر الأول أن يهيئ فمه على مخرج الحرف الآتي، بدأً ينتقل من الحرف الذي قبل النون إلى مخرج الحرف الآتي بعد النون فيهيئ فمه عليه، يعني مثلاً، (قم فأنذر)، ( يا أيها المدثر قم فأنذر)، ينتقل من مخرج الهمزة في كلمة أنذر إلى مخرج الذال وهو طرف اللسان مع أطراف الثنايا العليا، إذاً تهيئة الفم على مخرج الحرف الآتي يصاحب ذلك غنة كاملة من الخيشوم منطوقة بمقدار كامل، كما هو متلقاً.
 الأمر الثالث، يصاحب ذلك من الفم صوت بسيط بسبب عدم انغلاق المخرج، الآن أنا أنطق صوتين في آن واحد، غنة من الخيشوم تقريباً 75% و25% صوت أو صويت بسبب عدم انغلاق المخرج انغلاقاً تاماً، وتكون الغلبة كما قلت لصوت الغنة، لا كما أسمع من بعض أخواننا وخاصة الذين يقرءون في بعض المناسبات، (أنذر)، تجد أنه يخرج 90% من الصوت من فمه و10% من الخيشوم، هذا إن أخرج فهذا لا يصح، ولعلهم يفعلون ذلك حتى الصوت يصل إلى أبعد مكان ممكن، فهذا لا يصح القراءة لها أحكام لا بد أن تراعا، هذا الحكم إخفاء غنة من الخيشوم، وهذا الصويت ونستعمل كلمة صويت تصغير صوت، لبيان أنه صوت ضئيل وليس هو الأساس، ليس هو الغالب وإنما سببه عدم امتثال المخرج، الشيء الذي يبقى، ليس هناك شيء يحول بين الصوت وخروجه عن طريق الفم، هذا الذي كنت ألاحظه على اللوحة التالية التي تبين لنا ما المطلوب عمله عند النطق بالنون المخفاة.
ثلاثة أمور كما قلنا الأمر الأول تهيئة الفم على مخرج الحرف الآتي.
الأمر الثاني نطق غنة كاملة من الخيشوم، وسوف نشرح ما معنى كاملة.
الأمر الثالث نطق صويت من الفم بسبب عدم انغلاق مخرج النون، ونقصد مخرج النون الجزء اللساني.
هذا الأمر الأول الذي أحببت أن أنبه عليه وهو تابع لدرسنا الماضي درس الإخفاء.
 التنبيه الثاني يا أخوتي، هذا النطق للنون المخفاة له علاقة بنوع الحرف الآتي بعد النون، إن كان الحرف الآتي بعد النون من حروف التفخيم، يعني صاد أو ضاد أو قاف، فلابد أن يكون مجموع نُطقنا للنون المُخفاة مفخمة، مثالاً، ( مَنصورا)، لاحظتم كيف الصوت يخرج مفخماً لأنه كما قلنا مجموع جزئين، غنة من الخيشوم وذلك الصويت من الفم، فهذا الصويت الفموي مضغوط إلى قبة الحنك فيتفخم ويخرج الصوت للسامع مفخماً، بخلاف مثلاً، (الإنسان)، نلاحظ أن الصوت لا تفخيم فيه.
إذاً هذا ملحظٌ آخر لابد من بيانه عند نطق النون المخفاة، نلاحظ ذلك على اللوحة التالية التي تبين لنا الفرق بين نطق النون المخفاة عند حرف مفخم ونطقها عند حرف مرقق، اللوحة التالية.
تنبيه، يكون صوت النون المخفاة مفخماً إن جاء بعده حرف مفخم، نحو، ( من قبل)، لاحظوا الغنة المفخمة، (منصوراً).
 ويكون صوت النون المخفاة مرفقاً إن جاء بعده حرف مرقق نحو، (أن كان)، لاحظوا النون جاء بعدها كاف والكاف مرققة، كذلك النون بعد السين، (الإنسان)، إذاً لا بد من ملاحظة هذا الأمر عند نطقنا بالنون المخفاة عند الحروف الخمسة عشر التي سبق أن شرحناها في درسنا الماضي.
 أما درسنا اليوم يتعلق بأزمنة الغنن، كيف نطول الغنن هذه؟ عندنا نون مدغمة، عندنا نون مخفاة وعندنا نون ساكنة مظهرة، وعندنا نون متحركة، وكذلك الميم، كيف ننطق هذه الغنن؟ هل ننطق بطول واحد، هل بينها اختلاف؟ قسم علماؤنا رحمهم الله تعالى بحسب ما تلقوه وضبطوه من التلاوة النبوية، أزمنة الغنن أربعة درجات، قالوا أطول أكمل ما تكون الغنة عندما تكون في نون مشددة، أو في ميم مشددة، مثالاً (حمَّالة الحطب)، (حما)، هذه أطول غنة، كذلك المدغمة، مثال، (من مَّـال الله)، أيضاً هذه بنفس الطول.
 يليها بدرجة أقل منها بقليل أن تكون الغنة كاملة، الدرجة الأولى أكمل ما تكون، الدرجة الثانية كاملة، تكون الغنة كاملة يعني طويلة وممطوطة ولكنها أقصر من التي قبلها بقليل في النون والميم المخفاتين، عند النطق بميم مخفاة، مثالاً، (ترميهم بحجارة)، هذه تكون أقصر بقليل من التي قبلها، وكذلك النون المخفاة، مثال، (من دون)، هذه الغنة كاملة وعليها يقاس كل حروف الإخفاء الخمسة عشر.
المرتبة الثالثة، تكون غنة النون ناقصة، يعني فيها مطٌ قليل جداً جداً، عندما تكون النون والميم ساكنتان مظهرتان، إذاً إن سكنت النون وكانت مظهرة وإن سكنت الميم وكانت مظهرة، ففيها غنة ضئيلة سماها العلماء غنة ناقصة، مثال ذلك الميمات والنونات التي نقف عليها، مثال، (الرحيـم)، هل لاحظتم تلك المطة البسيطة، بعض إخواننا بين إفراط وتفريط، بعضهم لا يأتي بها، (الرحيـم)، ويكاد ينطق باءً يبترها بتراً، وبعضهم يفعل العكس، (الرحيـم)، وهذا المط الزائد لا يصح، لا المط الزائد صحيح ولا بتر تلك الغنة وكأن النطق بباء الرحيب، لا يصح، فلا بد من بيان هذه الغنة الناقصة في النون والميم الساكنتين المظهرتين.
 المرتبة الرابعة والأخيرة هي أن تكون الغنة أنقص أي أقصر ما تكون وذلك في ستة أصوات، النون المفتوحة، والمضمومة والمكسورة والميم المفتوحة والمضمومة والمكسورة، (مَ،مُ،مِ،نَ،نُ،نِ)، هذه الأصوات الستة فيها غنة أنقص ما تكون وهي متساوية في الزمن، ما قلته من مراتب الغنة وأزمنتها نلاحظه على اللوحة التعليمية التالية التي تبين لنا ذلك.
نلاحظ أزمنة الغنن أكمل ما تكون في النون والميم المشددتين والمدغمتين.
تكون الغنة كاملة كما نلاحظ في النون والميم المخفاتين.
تكون الغنة ناقصة في النون والميم الساكنتين المظهرتين، لا بد من هاذين القيدين.
تكون الغنة أنقص ما تكون يعني اقصر ما تكون في النون والميم المتحركتين.
هذا هو ميزان الغنن، أما ما يتردد في بعض كتب المحدثين من أن الغنة بمقدار حركتين، فهذا شيء لم يقل به أحد من أئمتنا القدامى أبداً، قياس الغنة بالحركات شيء محدث وليس دقيقاً، لأن الغنة الأكمل ما تكون ليست حركتين، لما نقول مثلاً غنة،( من الجـِنَّـةِ والناس)، هل هذه الغنة مثل (قا)، أطول منها، فهي أكثر من حركتين، من الأمثلة التي نلحظ فيها الفروق بين أزمنة الغنن ما سنراه في اللوحة التالية، التي فيها أمثلة من أنواع النونات والميمات الأربعة وقد لونا حتى تبدو إن شاء الله تعالى واضحة، نلاحظ على اللوحة الأخيرة من درسنا اليوم أمثلة على أزمنة الغنن.
لاحظوا يا أخوة، النونات المتحركات لونت باللون الأزرق وهي أنقص ما تكون، النونات الحمراء اللون هي ساكنة مظهرة، النونات والميمات التي لونت باللون الأخضر هي نون وميم مخفاة فلذلك غنتها كاملة، أما اللون الوردي الذي في الميم المشددة، نراه في السطر الثالث والرابع، فهذه غنتها أكمل ما تكون.
نلاحظ في السطر الأول، (صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ)، لابد للقارئ أن يسوي بين زمن النون في كلمة أَنعَمتَ والميم التي بعدها والميم الأخيرة من كلمة عـَلـَيهـِم، أزمنتها واحدة لذلك لونها واحد.
السطر الثاني، ( قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيـمَانُكُمْ )، لاحظوا، (بِئْسَمَا)، مع كلمة، (إِيـمَانُ)، هذه الميمات والنونات المتحركات التي لونت بالأزرق زمنها واحد وهي أنقص ماتكون، ( يَأْمُرُكُمْ بِهِ)، الميم التي لونت بالأخضر هي ميم مخفاة وغنتها كاملة، أما الميم الأخيرة في كلمة، (إِيـمَانُكُمْ)، ففيها غنة قليلة وهي غنة ناقصة مساوية للغنن التي سبقتها في السطر الأول.
 لاحظوا السطر الثالث، (إِنْ كُنْتُمْ مُّؤْمِنِينْ)، هذا السطر سبحان الله فيه أنواع الغنة الأربعة، أكمل ما تكون في الميم المدغمة بين، (كُنْتُمْ ومُّؤْمِنِينْ)، هذه الميم المشددة غنتها أكمل ما تكون، بينما، (إِنْ كُنْتُمْ)، هاتان النونان غنتهما كاملة لأن هاتين النونين مخفاتان، بينما النون الأخيرة من كلمة، ( مُّؤْمِنِينْ)، غنتها ناقصة وهي ساكنة، أما الميم والنون في كلمة، (مُّؤْمِنِينْ)، فهما متحركتين، فغنتهما أنقص ما تكون.
 السطر الأخير، (وَحِفْظـاً مِّنْ كُلِّ شَيْطَان ٍ مَّارِدٍ)، لاحظوا هذا السطر فيه ثلاثة غنن، غنتان من غنن الإدغام وهما أكمل ما تكون، الغنة في، (وَحِفْظـاً مِّنْ و شَيْطَانٍ مَّارِدٍ)، لابد أن يكون زمن هاتين الغنتين متساوياً، بينما، (مِّنْ كُلِّ)، هذه النون المخفاة عند الكاف زمن غنتها كاملة وهي أنقص من جارتيها بقليل، قليل يعني مقدار بسيط ولكنه موجود.
 هذه هي أزمنة الغنن، وأنبه إلى أن ضابط أزمنة الغنن ميزانه مرن ونعني بالميزان المرن، أنه يتناسب مع سرعات القراءة، كنا قد قلنا القرآن الكريم يقرأ بثلاث سرعات، بطء وسرعة وتوسط، هذا الميزان أن تكون الغنة أكمل ما تكون أو كاملة أو ناقصة أو أنقص ما تكون، ينطبق على سرعات القراءة الثلاثة، إن بطئنا في القراءة يصير هذا الميزان ممطوطاً قليلاً، وإن أسرعنا وقرأنا بالتدوير تنقص مقاديره كله، إن أسرعنا وقرأنا بالحدر تنقص مقاديره كلها، ولكن يبقى التناسب بين تلك الغنن موجوداً وليس مقياس الغنن جامداً مقياس واحد نطبقه مهما كانت سرعات القراءة، لابد من التناسب وكل شيء خلقه الله تعالى خلقه بالتناسب، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور