وضع داكن
28-03-2024
Logo
أحكام التجويد - الحلقة ( 103 - 113 ) - صفات الحروف - المحاضرة(38-48) : التفخيم والترقيق.
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 
  الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد سيد الأولين و الآخرين وعلى آله و صحبه أجمعين، في المرة الماضية تكلمنا على الصفتين الأخيرتين المتقابلتين من صفات الحروف وهما صفتا الاستعلاء والاستفال، وقلنا بأن أئمتنا تذوقوا الحروف العربية فوجدوا بأن قسماً منها عند النطق به يتجه ضغط هواءه إلى قبة الحنك الأعلى، إلى سقف الحلق، إلى غار الحنك الأعلى، تعابير متعددة والموصوف بها واحد وهو هذا المكان من الفم، وبعض الحروف لا يتجه إلى هذا المكان، بل يكون متجهاً إلى الحنك السفلي، وقلنا في الدرس الماضي إن هذه الحروف التي تتجه إلى الحنك الأعلى سبعةٌ جمعها علماءنا بقولهم، (خُصَ ضَغْطٍ قِظ)، وأن بقية حروف الهجاء هي حروف مستفلة لا يتجه ضغطها إلى الحنك العلوي.
لو لاحظنا بارك الله فيكم عندما نأخذ حرفاً من حروف، ( خُصَ ضَغْطٍ قِظ)، انظروا مثلاً، لما نقول، (خَ)، انظروا ماذا يحدث، ضغط هذا الحرف يتجه إلى قبة الحنك الأعلى، قبة الحنك مكان مدور هكذا ومقبب، فلما يتجه الهواء إليه، نحن الآن نتكلم في فيزياء الأصوات، لما يتجه ضغط الحرف إلى قبة الحنك الأعلى، يصعد الصوت فيصطدم بقبة الحنك الأعلى ويعود وله رنين كالرنين الذي نسمعه في بعض المساجد التي لها قبة، عندما ندخل مسجد له قبة وقال الأمام ورفع صوته، نجد أن صوته في المسجد صار له رنين، أو لو دخلنا غرفة خالية من الأثاث، عندما نتكلم نجد لأصواتنا رنيناً، هذا الرنين يسميه العلماء، التفخيم.
فالحرف عندما ينضغط إلى سقف الحلق ويصطدم بقبة الحنك الأعلى يصير له رنينظ، يمتلئ الفم بهذا الصوت كما تمتلئ الغرفة بصوت المتكلم، بصدى الصوت.
 فلذلك سمى العلماء هذا العمل التفخيم، إذاً التفخيم يا أخوة، هو أمر ناتجٌ من استعلاء الحرف، هل لاحظتم الصلة بين الاستعلاء والتفخيم، التفخيم أمرٌ ينتج يترتب، الذي سماه ابن الجزري مستحق الحرف، قلنا في تعريف التجويد:هو إعطاء كل حرفٍ حقه ومستحقه، الحق هو أن يكون الحرف المستعلي ضغطه إلى الحنك الأعلى، ماذا ينتج عن هذا الأمر وما هو مستحق ذلك؟ مستحق ذلك يعني يترتب على ذلك أن يربو الصوت في الفم ويسمن ويصير صوتاً سميناً فيمتلئ الفم بصداه.
لذلك لو نظرنا إن شاء الله إلى الشاشة عرف العلماء التفخيم بقولهم: التفخيم هو في اللغة التضخيم، الأمر المفخم يعني الأمر الضخم أو المُضخم، هذا في اللغة، أما عند المجودين فإذا قالوا التفخيم فمرادهم هو سِمَنٌ يعتري الحرف فيمتلئ الفم بصداه، سمن يعتري يعني يصيب أو يدخل على جسم الحرف فيمتلئ الفم بصداه كما نطقت قبل قليل، (خَ)، تلاحظون بأن صوت الخاء ملأ فمي، خالدين فيها.
نسمع من بعض أخوتنا المبتدئين، (خَ)، أرجوكم في البيوت أن تفرقوا، اسمعوني جيداً، (خَ، خَ، غَ، غَ)، (وما من غائبةٍ في السماء)، ( غَ)، أما إذا قلنا، (غَ)، ( وما من غَا)، لم يمتلئ بها الفم فلذلك لم تفخم، العرب لا تقول، ( غَ)، ولا تقول (خَ)، بل تقول، (غَ)، وتقول، (خَ)، هذا العمل اسمه التفخيم وهو ناتجٌ ومترتبٌ على الاستعلاء.
 بالمقابل عندما أنطق حرفاً مستفلاً ولا أضغط هواءه إلى الحنك الأعلى فإن هذا الحرف لا يربو في الفم، ولا يملأ صداه الفم، فلذلك نقول هو حرفٌ مرقق، لذلك عرف العلماء الترقيق، فقالوا: الترقيق في اللغة التنحيف وعند المجودين هو نحول يعتري الحرف فلا يمتلئ الفم بصداه، يعني هذا الفم، عندما نقول مثلاً، (مالكِ، أياك نعبد، يا)، لا أقول، (يا)، لو قلت، (يا)، فإن الفم يمتلئ وليس هذا من نطق العرب في شيء انتبهنا، العرب تقول، (يا، يا أيها الذين آمنوا)، (ولا تقول يا، ولا تقول ما)، فالحروف المستفلة كلها مرققة إلا الألف واللام والراء في بعض أحوالها فإنها قد تفخم وهذا نرجئه إلى درس قادم إن شاء الله.
إذاً التفخيم مستحق الاستعلاء، والترقيق مستحق الاستفال، شكراً للدكتور أيمن على هذه الإفادة اللطيفة، إذاً كل حروف الاستعلاء مفخمة وهل سبعةٌ، والباقي من حروف اللغة العربية ماعدا، (خُصَ ضَغْطٍ قِظ)، فهو مرقق، وبالتالي مستفل، يعني مقترنة بصفتين، الترقيق والاستفال.
يعني صار عندنا الاستعلاء ضده الاستفال والتفخيم ضده الترقيق، هذا بالنسبة لعلاقة التفخيم والترقيق بالاستعلاء والاستفال.
 كيف يمكن للمشاهد أن يأخذ نفسه بهذه الصفات خاصة الاستفال؟ الاستفال لا يحتاج إلى تدريب لأن الأصل أن الإنسان لا يفخم، الأصل في الكلام العادي إلا عند بعض العجم فهم يفخمون بعض الحروف، نحن عندما نتكلم على اللغة الإنكليزية نقول الذي لا ينطق الإنكليزية لا يستطيع أن ينطق كذا، هذا ليس من باب التعيير بل هو من باب وصف الحال، القرآن الكريم نزل بلسان عربيٍ مبين، فمن أراد أن ينطقه كما نطقه رسول الله صلى الله عليه وسلم وكما نقل إلينا عن الصحابة الكرام وعن التابعين وعن تابعيهم و هكذا إلى شيوخنا الكرام، لا بد له أن يراعي هذه الكيفيات في النطق.
أيضاً نريد أن ننبه على شيء، في الدرس قبل الماضي تكلمنا على صفتين متقابلتين هما الإطباق والانفتاح، وقلنا بأن حروف الإطباق أربعة، (الصاد والضاد والطاء والظاء)، وقلنا أن الإطباق هو انطباق طائفةٍ من اللسان على غار الحنك الأعلى أو محازاتها له محازاة شديدة، هذا العمل يعطي الحرف قوة.
 لاحظوا أن حروف الإطباق، (الصاد والضاد والطاء والظاء)، وأن حروف الاستعلاء، ( خُصَ ضَغْطٍ قِظ)، هذه السبعة، بينما حروف الإطباق، (الصاد والضاد والطاء والظاء)، نلاحظ يا أخوة أن الصاد حرف مطبق ولكنها في نفس الوقت مستعل، كذلك الضاد، انظروا إلى اللوحة، حروف الإطباق، (الصاد والضاد والطاء والظاء)، حروف الاستعلاء، ( خُصَ ضَغْطٍ قِظ)، قد لونا حروف الإطباق باللون الأحمر، فلاحظوا أن حروف الإطباق كلها مستعلية ولا عكس، يعني قد يوجد حرف مستعل وليس مطبقاً، وهذا ينطبق على ثلاثة أحرف هي، (الخاءُ والغين والقاف)، الخاءُ والغين والقاف مستعلية ولكنها غير مطبقة، لذلك حروف الإطباق أشد حروف الاستعلاء تفخيماً، لما؟ لأنها حوت صفتين من صفات القوة وهما صفة الإطباق وصفة الاستعلاء، بينما الخاءُ والغين والقاف، قد حوت صفة الاستعلاء.
 أين يتجلى هذا يا أخوة؟ يتجلى في الحرف المكسور، لما نقول مثلاً، ( ضَ، ضُِ، ضِ)، حتى عندما تكون الضاد مكسورة تكون ضخمة، مفخمة تماماً، (ضيزى)، مثلاً، (ظَ، ظُ، ظِ، ظِل، العظِيم)، ولو كانت الظاء مكسورة قوية، لكن عندما نقول، (قَ، قُ، قِ)، لما نقول، (قِ)، لا نلاحظ تلك القوة التي لاحظناها في، (ضِ أو في طِ أو في ظِ)، من الحروف المطبقة المستعلية، كذلك الغين، (غَ، غُ، غِ)، من، (غِل)، ولا نقول، (من غِل)، ولو سمعناها من بعض الإخوان المبتدئين ننبه، نقول لا تقول، (و نزعنا ما في صدورهم من غِل)، هذا مبالغة لتفخيم الغين المكسورة، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى أله وصحبه وسلم.

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور