- أسماء الله الحسنى
- /
- ٠2أسماء الله الحسنى 2008م
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
من أسماء الله الحسنى: ( الطيّب ):
أيها الإخوة، مع اسم جديد من أسماء الله الحسنى، والاسم اليوم ( الطيب ).
1 ـ ورودُ اسم ( الطيِّب ) في السُّنة:
هذا الاسم لم يرد في القرآن الكريم، ولكنه ورد في السنة المطهرة، ففي الحديث الصحيح عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
(( أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا... ))
وفي حديث آخر:
(( إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ يُحِبُّ الطَّيِّبَ، نَظِيفٌ يُحِبُّ النَّظَافَةَ، كَرِيمٌ يُحِبُّ الْكَرَمَ، جَوَادٌ يُحِبُّ الْجُودَ... ))
2 ـ لابد للمؤمن أن يكون طيِّبًا:
النقطة الدقيقة أن الله سبحانه وتعالى لأنه ذاتٌ كاملة لا يتجلى على مخلوق أو على إنسان إلا إذا كان طيباً، لذلك بإمكانك أن تقف في الصلاة، وأن تركع، وأن تسجد، إن لم تكن طيباً فلن يتجلى الله عليك، ولا يلقي في قلبك النور، ولا يمنحك القرب، بينما الأقوياء ببساطة بالغة يمكن أن تتقرب إليهم برفع صورة لهم فرضاً، أو بكتاب، أو بثناء، أو بكلمة تلقيها في حضرته، تتقرب إليهم بهذه الطريقة، ولا يشترط بعدها أن تكون كاملاً، لكن الإله العظيم لا يقبلك إلا إذا كنت طيباً، لا يقبلك إلا إذا كنت ورعاً، لا يقبلك إلا إذا كنت طاهر السريرة، لا يقبلك إلا إذا كنت مستقيماً.
لك أن تفعل كل شيء في الحقل الديني، أما أن تشعر بقرب من الله عز وجل، وأنت لست طيبا، بل فيك خبث واحتيال وكذب ودجل ونفاق، لن تستطيع أن تصل إليه إلا إذا كنت طيباً ورعاً مستقيماً طاهراً ملتزماً، لذلك الفرق صارخ بين أتباع الأنبياء وأتباع الأقوياء، أتباع الأنبياء كمَّلٌ، لأن الله لا يقبلهم إلا إذا كانوا كذلك، ولا يتجلى عليهم، ولا يمنحهم توفيقه، لا يمنحهم تأييده، ولا يمنحهم قربه إلا إن كانوا طيِّبين.
في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة، ماذا يفعل أعدائي بي ؟ بستاني في صدري، إن أبعدوني فإبعادي سياحة، وإن حبسوني فحبسي خلوة، وإن قتلوني فقتلي شهادة، فماذا يفعل أعدائي بي ؟
المؤمنون أتباع الأنبياء:
النقطة الدقيقة للمرة الثانية: أن أتباع الأنبياء كمل، أتباع الأقوياء يرفعون شعارات، يرفعون صورا، يتكلمون بالمديح، لكنهم في علاقاتهم ليسوا كمّلاً، لذلك الفرق صارخ بين مؤمن وتابع لقوي أن المؤمن يتبع الأنبياء.
مرة ثانية، كالأب تماماً يطعم كل أولاده، و له ابن صالح مستقيم طاهر بار، ودّ الأب المودة لهذا الابن كبيرة، لكنه يطعم الكلَّ ويسقيهم.
الإنسان يأكل ويشرب، لكن أن تتصل بالله، أن تذوق طعم القرب منه، أن يلقي في قلبك نوراً، أن تكون مسدداً موفقاً مرشداً، هذا يحتاج إلى طهر:
(( أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا... ))
النبي عليه الصلاة والسلام رأى تمرة على السرير كما في الحديث عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ
(( أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَدَ تَحْتَ جَنْبِهِ تَمْرَةً مِنْ اللَّيْلِ فَأَكَلَهَا فَلَمْ يَنَمْ تِلْكَ اللَّيْلَةَ، فَقَالَ بَعْضُ نِسَائِهِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرِقْتَ الْبَارِحَةَ، قَالَ: إِنِّي وَجَدْتُ تَحْتَ جَنْبِي تَمْرَةً فَأَكَلْتُهَا، وَكَانَ عِنْدَنَا تَمْرٌ مِنْ تَمْرِ الصَّدَقَةِ فَخَشِيتُ أَنْ تَكُونَ مِنْهُ ))
ركعتان من ورع خير من ألف ركعة من مخلط.
أنت لا تعلم حينما تكون طيباً ماذا ينتظرك من الله عز وجل، التوفيق، النصر، التأييد، السكينة، السعادة، الرضى، أنت لا تعلم ماذا ينتظرك فيما لو كنت طيباً:
(( إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا، وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ ))
أنت لست نبياً ولا رسولاً، ولكنك مأمور أن تتبع النبي في أخلاقه.
بين ممرض وجراح قلب لمسافة كبيرة جداً، لكن هذا الممرّض لو أراد أن يعطي حقنة فلابد من تعقيمها، هناك إجراءات لابد منها، لا فرق بين ممرض وطبيب جراح فيها:
(( وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ ))
إن كانت هناك شهوة أغلى عليك من الله فالطريق إلى الله غير سالك، قال تعالى:
﴿ قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (24)﴾
لأن
(( اللَّهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا... ))
3 ـ لن تقطف ثمار العبادات إلا إذا كنتَ طيِّبَ النفس:
النقطة الدقيقة للمرة الثالثة: بإمكانك أن تفعل كل شيء مادي، بإمكانك أن تذهب إلي الحج، وأن تصوم رمضان، وأن تصلي، إن لم تكن مستقيماً فلن تقطف ثمار هذه العبادات، لأن الله طيب ولا يقبل إلا طيباً، فهذا الذي يأكل أموال الناس بالباطل، هذا الذي يعتدي علي أعراض الناس، هذا الذي يقول كلاماً لا يرضي الله عز وجل ليس طيباً، لذلك لن يستطيع أن يقطف من ثمار العبادات شيئاً.
الفكرة دقيقة جداً، تريد القرب من الله، تريد أن تكون في عين الله، أن تكون في توفيق الله، و تكون في تأييد الله، أن ينصرك الله، أن تحيى حياة طيبة، تريد أن تكون متفوقاً عند الله، كن طيباً، لأن
(( اللَّهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا... ))
أتباع الأنبياء شيء، وأتباع الأقوياء شيء آخر، الأنبياء أعطوا ولم يأخذوا، الأنبياء ملكوا القلوب، الأنبياء عاشوا للناس، أما الأقوياء فأخذوا ولم يعطوا، الأقوياء ملكوا الرقاب، الأقوياء عاش الناس لهم، والناس جميعاً تبع لقوي أو نبي، فإن
(( اللَّهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا... ))
تريد أن تخطب وده كن طيباً، تريد أن تنال رضوانه كن طيباً، تريد أن يتجلى على قلبك كن طيباً، تريد أن تخشع في الصلاة كن طيباً تريد أن يقبل صيامك كن طيباً تريد أن يقبل حجك كن طيباً، هذه العبادات لا يمكن أن تقطف ثمارها إلا إذا كنت طيباً، لأن
(( اللَّهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا، وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ ))
الطريق إلى الله عز وجل واضح، ومتاح لكل مؤمن، قال تعالى:
﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا (110)﴾
هذا مُتاحٌ، بإمكانك أن تكون أسعد الناس.
صدقوا أيها الإخوة، ولا أبالغ، لا يجتمع حزن مع إيمان بالله، معك سلاح الدعاء، أنت بالدعاء أقوى الأقوياء، معك جنة القرب.
كنت أقول دائماً عبر سؤال في الهاتف أقول للسائل: إذا عرفت الله كنت أكبر من أكبر مشكلة، فإن لم تعرفه فأنت أصغر من مشكلة.
فلذلك: " ابن آدم اطلبني تجدني، فإن وجدتني وجدت كل شيء، وإن فتك فاتك كل شيء "، يا رب، وماذا فَقَد من وجدك ؟ وماذا وجدك من فَقَدك ؟ وإذا كان الله معك فمن عليك ؟ وإذا كان عليك من معك ؟
(( اللَّهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا ))
يمكن أن يكون هذا الحديث الصحيح شعاراً لك في حياتك، في تجارتك، في سفرك، في بيعك، لذلك أَطِبْ مطعمك تكن مستجاب الدعوة.
4 ـ المؤمن الطيِّب ليس عنده ازدواجية الشخصية:
أعظمُ ما في المؤمن أن سريرته كعلانيته، وأن خلوته كجلوته، وأن باطنه كظاهره، ما عنده ازدواجية أبداً، لأنه طيب ما عنده أسرار أبداً، ما يفعله في البيت يفعله أمام الناس، ما يفعله أمام الناس يفعله في البيت، ما عنده شيء للاستهلاك الخارجي، وممارسة خاصة.
صدقوا أيها الإخوة الكرام، أن مرض انفصام الشخصية أحياناً يصيب معظم الناس بشكل مخيف، لا يسمى مريضا، لكن له موقفان، في بيته موقف ومع الناس موقف، مع الذين آمنوا له كلام، ما شاء الله، ما هذا الدرس، لكنْ مع الطرف الآخر يقول لك: كله دجل، له موقفان، كله دجل، موقف مع هؤلاء، قال تعالى:
﴿ وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ (14) ﴾
المؤمن ليس عنده ازدواجية في الشخصية، سريرته كعلانيته، باطنه كظاهره خلوته كجلوته، لأنه طيب، وفي الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة.
5 ـ معنى ( الطيِّب ):
طاب يطيب طيباً، تقول: ما أطيبه، أي ما أجمله، أي ما أزكاه، ما أنفسه، ما أحلاه، ما أجوده، شيء طيب وطعام طيب:
﴿ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ (157) ﴾
6 ـ لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ
كل شراب مسموح به، هناك مئة شراب الآن، حرم عليك الخمر فقط، كم نوعًا من اللحم مسموح به ؟ مئات الأنواع، حرم عليك لحم الخنزير، المحرمات بالنسبة إلى المحلّلات لا شيء:
﴿ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ (157) ﴾
وكأن الطيب تطيب النفس به، إنسان اشتهى المرأة، فتزوج، في بيته محترم، هذه الشهوة يمكن أن يصل إليها من طريق مشروع، لأن ما من شهوة أودعها الله في الإنسان إلا وجعل لها قناةً نظيفةً تسري خلالها، يقارب زوجته، ويصلي قيام الليل، ويبكي في الصلاة، لأنه وفق المنهج:
﴿ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ (50) ﴾
المعنى المخالف: لو أنك اتبعت هواك وفق هدى الله فلا شيء عليك، أحببت المال اكسبه من طريق مشروع، تتزوج وتشتري بيتًا، تنجب أولادا تسعد بهم، تأكل طعامًا طيبًا من دخلٍ مشروع.
مرة ثانية، ما من شهوة أودعها الله في الإنسان إلا وجعل لها قناة نظيفة تسري خلاله، لأن الله طيب ولا يقبل إلا طيباً.
لكن أيها الإخوة، بالمناسبة تصور إنسانا جائعا جداً، وأمامه طعام من لحم مشويّ مع مقبّلات، طعام نفيس جداً، وطيب جداً، اللحم نفسه لو تركته في الهواء أياماً طويلة والجو حار يتفسخ، ويكون له رائحة لا تحتمل قد تخرج من جلدك منها.
قد تكون الدابة ميتة في الطريق، من كيلومترين اثنين تشمّ رائحة لا تحتمل، تذكر هذا المثل: قطعة لحم إن كانت طازجة مشوية وأنت جائع فهي أنفس طعام، وإن تفسخت لا تحتمل، لذلك قال تعالي:
﴿ لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ (100) ﴾
الكثرة لا تحيل الخبيث طيّباً، والكثرة لا تجعل المحرم حلالاً، وكثرة الباطل لا تجعله حقاً، فلا تَقُل: أنا مع مجموع الناس:
﴿ وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ (116) ﴾
كن مع الأقلية المؤمنة، كن مع الأقلية الملتزمة، كن مع الأقلية الوقافة عند كتاب الله، لذلك:
﴿ لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ (100) ﴾
هناك إنسان طيب طاهر صادق متواضع أمين، إن حدثك فهو صادق، إن عاملك فهو أمين، إن استثيرت شهوته فهو عفيف، الله عز وجل قال:
﴿ مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ (179) ﴾
7 ـ مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ
الله عز وجل عنده امتحانات، تكلم ما شئت، ادَّعِ ما شئت، لكن الله متكفل أن يجعلك في ظرف يكشف حقيقتك، هذا هو الابتلاء:
﴿ وَإِن كُنَّا لَمُبْتَلِينَ ﴾
الإنسان يفتن:
﴿ أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ ﴾
﴿ مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ (179) ﴾
يقول الرجلُ لأمه: بعد أن أتزوج ستكون هذه الزوجة خادمة لك، خير إن شاء الله، بعد الزواج لا يتحمل أمه، ويقول لها: متى يريحنا الله منك ؟ بعدما تزوج كان كلامه السابق باطلا، الله عز وجل متكفل أن يحجمك، تكلم ما شئت، أعط نفسك أيّ مقام يضعك الله في ظرف يكشف حقيقتك، وهناك الآن ذهب من أربعة وعشرين قيراطًا، وواحد وعشرون، وثمانية عشر، وستة عشر، وهناك نحاس مطلي بالذهب، ونحاس، ومعدن خسيس، والناس معادن.
8 ـ ما صفاتُ البلدة الطيبة ؟
أيها الإخوة هناك أماكن طيبة، بلدة طيبة ورب غفور، ما صفات البلدة الطيبة ؟
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
(( إِذَا كَانَ أُمَرَاؤُكُمْ خِيَارَكُمْ، وَأَغْنِيَاؤُكُمْ سُمَحَاءَكُمْ، وَأُمُورُكُمْ شُورَى بَيْنَكُمْ فَظَهْرُ الْأَرْضِ خَيْرٌ لَكُمْ مِنْ بَطْنِهَا، وَإِذَا كَانَ أُمَرَاؤُكُمْ شِرَارَكُمْ، وَأَغْنِيَاؤُكُمْ بُخَلَاءَكُمْ، وَأُمُورُكُمْ إِلَى نِسَائِكُمْ، فَبَطْنُ الْأَرْضِ خَيْرٌ لَكُمْ مِنْ ظَهْرِهَا ))
البلدة الطيبة التي يكون فيها أمراء طيبون أغنياء سمحاء، والأمر شورى بينهم.
الأعمال:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ (267) ﴾
9 ـ الأعمال والأقوال الطيبة:
هناك كسب طيب بتجارة مشروعة، وهناك نادٍ ليلي دخلُ صاحبِه كبيرٌ، وهناك ملهى وتجارة مخدرات ورشوة، ومكاسب كثيرة جداً لا ترضي الله عز وجل، الله عز وجل يقول:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ (267) ﴾
هناك كلام طيب وكلام خبيث:
﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ (25) ﴾
أحيانا الكلمة تنتهي بالإنسان إلى طاعة الله وإلى التوبة، وإلى الصلح مع الله، فما من شيء أعظم عند الله من كلمة الحق، قل الحق ولا تخشَ في الله لومة لائم، وكلمة الحق لا تقطع رزقا، ولا تقرّب أجلاً، الكلمة الطيبة تطير في الآفاق، والكلمة الخبيثة تطير في الآفاق، لذلك: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
(( إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا يَرْفَعُهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَاتٍ، وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا يَهْوِي بِهَا فِي جَهَنَّمَ ))
مثلا: يقول لك كاتب: أنت أخلاقي لأنك ضعيف، وأنت ضعيف لأنك أخلاقي، هذه كلمة خبيثة تزهد الناس بمكارم الأخلاق، لكن أنت قوي، لأنك أخلاقي، وأخلاقي لأنك قوي، وليس هناك خُلق أساسه الضعف، بل تعفو عن مقدرة، وتعطي عطاء من لا يخشى الفقر، وقد ورد: " أحِبّ الطائعين، وحبي للشاب الطائع أشد "، شاب في مقتبل العمر، وهو مستقيم وعفيف " أحب الكرماء، وحبي للفقير الكريم أشد، أحب المتواضعين، وحبي للغني المتواضع أشد، أبغض العصاة، وبغضي للشيخ العاصي أشد، أبغض المتكبرين، وبغضي للفقير المتكبر أشد، أبغض البخلاء وبغضي للغني البخيل أشد ".
10 ـ الأشياء الطيبة يوم القيامة:
الأشياء الطيبة في الآخرة:
﴿ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ (12) ﴾
والطيبات الأعمال الصالحة، الله عز وجل قال:
﴿ الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ (46) ﴾
الْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ: الأعمال الصالحة، أو هي: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، هذه من الطيبات.
11 ـ الله طيب في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعالِه وخَلقِه:
أيها الإخوة، الله جل جلاله طيب في ذاته، طيب في أسمائه وصفاته:
﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى (8) ﴾
أسماءُه كلها حسنى:
﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ(11) ﴾
له ذات كاملة، والله طيب في خَلقه:
﴿ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ(88) ﴾
في شبكية العين بالميليمتر مربع مئة مليون مستقبل ضوئي، وهذه آلة التصوير الاحترافية الرقمية أحدث آلة في المليمتر مربع عشرة آلاف مستقبل، أما شبكية العين في المليمتر مئة مليون مستقبل:
﴿ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ(88) ﴾
طيب في خلقه، طيب في أسمائه، وفي صفاته، وفي ذاته، وطيب في أفعاله، كل شيء وقع أراده، وكل شيء أراده الله وقع، وإرادة الله متعلقة بالحكمة المطلقة، وحكمته المطلقة متعلقة بالخير المطلق.
لكل واقع حكمة، ولو كان الموقِع مجرماً، قد يكون الموقع مجرماً، لكن لكل واقع حكمة، لمجرد أن الله سمح لهذا الذي وقع أن يقع إذًا هناك حكمة بالغة.
هو طيب في أفعاله، وفي خلقه، وفي صفاته، وأسمائه، وفي ذاته.
12 ـ معنى آخر من معاني الطيب:
المعنى الأخير: الله طيب، بمعنى أنه قدوس منزه عن النقائص والعيوب، وقد طيب الدنيا للموحدين:
﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً(97) ﴾
وطيب الآخرة، فجعلها خالدة لروادها، الدنيا طيبة للموحدين، فألهمهم رشدهم، وأحياهم حياة طيبة، والآخرة طيبها، فجعلها إلى أبد الآبدين.