وضع داكن
18-04-2024
Logo
أحكام التجويد - الحلقة ( 089 - 113 ) - صفات الحروف - المحاضرة(24-48) : القلقلة2.
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 
 الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد سيد الأولين والآخرين وعلى آله وصحبه أجمعين، تكلمنا في المرة الماضية عن الحروف الخمسة التي كأنت العرب إذا نطقتها ساكنة أخرجتها بالتباعد بين طرفي عضو النطق بدلاً من أن تخرجها بالتصادم بين طرفي عضو النطق، يعني قلنا أن العرب بدل أن يقولوا: (أبْ)، إذا سكنت الباء يقولون: (أبْ)، فيخرجون الباء بالتباعد بين الشفتين لا بالتصادم بينهما دون أن يصاحب ذلك انفتاح للفم لأنه لو صاحبه انفتاح لانفتحت الباء، (بَ)، ودون أن يصاحب ذلك انضمام لشفتين لأنه لو صاحب ذلك انضمام للشفتين لانضمت الباء، (بُ)، ودون أن يصاحب ذلك انخفاض للفك السفلي لأنه لو صاحب ذلك انخفاض للفك السفلي لانكسرت الباء، (بِ).
القلقلة تحدث في الحرف الساكن وليس المتحرك ولذلك تنبهون على هذه القضية، حتى لا يتحول الحرف الساكن إلى متحرك.
لماذا قلقلت العرب (قطب جد)، بالذات؟ لماذا هذه الخمسة بالذات؟ لماذا لا تقول العرب (أس)، بالسين، (أع)، بالعين، لماذا هذه الخمسة بالذات؟
 كنا قد درسنا يا اخوة، الأحرف الشديدة وقلنا أن الشدة هي انحباس الصوت عند النطق بحرف من حروف الشدة، وقلنا أن حروف الشدة ثمانية جمعها العلماء رحمهم الله بقولهم: (أجد قط بكت)، لاحظوا بأن هذه الثمانية تحتوي، (قطب جد)، أجد، هذه الجيم والدال، قط، هذه القاف والطاء، بكت الباء، فهذه الخمسة من الحروف الشديدة يعني ينحبس الصوت عند النطق بها.
 أريدكم أن تجربوا معي هذه التجربة في البيت، أنا سوف أنطق حرفاً من حروف الشدة وليكن مثلاً القاف، أنطقه بحالاته الأربعة، قولوا، (أَقْ)، واضغطوا، (أَقْ)، ألا تلاحظون بأنه لما انقفل مخرج القاف حدث في جهاز النطق ضيق لأن الهواء محبوس خلف مخرج القاف يريد أن يخرج ولا يجد أمامه طريق، جربوا القاف المفتوحة، (قَ)، هل تشعرون بذلك الضيق الذي شعرتم به مع، (أَقْ)؟ لا أظن، لأن المخرج كأن مقفولاً فأنفتح، جربوا (أَقَ)، (أَقُ)،جربوا القاف المضمومة، (أَقُ)، أيضاً مثل القاف المفتوحة ما فيها ضيق، (أَقِ)، أيضاً ما فيها ضيق.
 إذاً ينحصر الضيق والإزعاج عند النطق بالقاف حالة سكونها، وذلك بسبب انغلاق المخرج وانقفاله أنقفالاً تاماً يحجز خلفه كمية من الهواء تشكل إزعاجاً للناطق، هذا الذي يفسر لنا لماذا قلقلت العرب،( قـُطـْبُ جَـد)، ولم تقلقل مثلاً الشين، لم تقل العرب، ( أشْ)، بل تقول، ( أش)، الصوت ماشي والهواء منطلق ما في حاجز منغلق كانغلاقه في حروف، (قـُطـْبُ جَـد)، إذاً هذا الذي يفسر لنا لماذا قلقلت العرب هذه الخمسة بالذات ولماذا قلقلتها في حالة السكون دون الفتح أو الضم أو الكسر، فقط في حالة السكون، لأن الإزعاج والضيق في جهاز النطق يحدث فقط كما جربنا الآن في حالة سكون هذه الحروف الخمسة.
 هنا يبرز سؤال، قلت منذ قليل أن حروف الشدة ثمانية، (أَجـِدُ قـَطٍ بـِكـَت)، وأن هذه الثمانية عبارة عن الخمسة، (قـُطـْبُ جَـد)، زائد ثلاثة أخرى التي هي، الهمزة من كلمة أَجـِد، والكاف والتاء من كلمة بـِكـَت، و الإزعاج الذي تكلمت عنه في حالة السكون أيضاً موجود في هذه الثلاثة، بدليل أني أقول: (يأْتون، يأْ)، عند نطق الهمزة الساكنة أشعر بنفس الضيق الذي شعرت به في، (أقْ)، و عند نطق الكاف، (أكْ)، وعند نطق التاء، (أتْ)، أيضاً أشعر بنفس الضيق، فلماذا لم تقلقل العرب الهمزة والكاف والتاء كما فعلوا في، (قـُطـْبُ جَـد)، طالما أن العلة واحدة؟
 الجواب على هذا السؤال يا أخوة، أن الهمزة كأن للعرب طرائق شتى للتخلص من شدتها، فتارة يبدلونها فيقولون: يومنون بدل أن يقولوا يؤمنون، وتارة يسهلونها فيقولون: ءأنذرتهم بدل من أن يقولوا ءأنذرتهم، وتارة يحذفونها فيقولون: من السما بدل أن يقولوا من السماء، تلك الطرق العديدة للتخلص من الهمزة في لغة العرب أغنت عن قلقلتها، لذا لم تقلقل العرب ولم يصلنا كقرآن مَتلُو همزة مقلقلة، يعني لا يصح أن يقول القارئ يؤمنون، هذا لا يصح.
 أما الكاف والتاء، يا أخوة، نعم فيهما انحباس، (أك، أت)، في الكاف والتاء، لكن في هذين الحرفين صفة قامت مقام القلقلة في، (قـُطـْبُ جَـد)، في التخلص من شدة هذين الحرفين ألا وهي صفة الهمس، حروف الهمس كما مر معنا،(فحثه شخص سكت)، لاحظوا في كلمة سكت الكاف والتاء، وقلت سابقاً وأعيد الآن قال العلماء رحمهم الله: الشدة والهمس في الكاف والتاء في زمنين متتالين خلف بعضهما مباشرة وليسا في زمن واحد، لأنه يستحيل على الإنسان أن يأتي بانحباس الصوت وجريان النفس في الزمن نفسه، و إنما هما خلف بعضهما، هكذا، (أكْ)، في قول، (أكْ)، هذا الانحباس هو الشدة، هذا جريان النفس هو الهمس، وفي قولنا (أكْ)، (أتْ)، ولو أعدناها بالبطيء هذا الانحباس والشدة، نفس، هذا هو الهمس في التاء.
 إذاً الهمس في الكاف والتاء يا أخوة، أغنى عن قلقلة هذين الحرفين وبالتالي تخلصنا من شدة، (أَجـِدُ قـَطٍ بـِكـَت)، كلها، ( قـُطـْبُ جَـد)، تخلصنا من شدتها بالقلقلة، الكاف والتاء تخلصنا من شدتهما بالهمس، أما الهمزة فتخلصنا من شدتها بالنقل والحذف والتسهيل والإبدال إلى غير ذلك من الطرق التي كانت العرب تفعلها.
أرجو أن أكون قد وفقت في بيان هذا الأمر إليكم وإن كان هناك أي استفسار فنحن على استعداد لتلقي استفساراتكم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور