الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد سيد الأولين والآخرين وعلى آله وصحبه أجمعين، كنا قد تكلمنا في عدد من الحلقات الماضية عن عدد من صفات الحروف المتقابلة، وسبق أن قلنا في درسنا الأول عن صفات الحروف العربية بأنها تُقسم إلى قسمين، صفاتٍ لها ضد، يعني الحرف العربي إما أن يكون في هذه الصفة أو في الصفة التي تقابلها، وإما أن يكون الصفات التي ليس لها ضد، أما الصفات التي لها ضد فتكلمنا عنها وقسمناها كما نرى على الشاشة إلى أربع صفات تُقابل أربع صفات، الصفة الأولى هي صفةُ الهمسِ، ويقابلها صفة الجهر، والصفة الثانية هي صفة الشدة والرخاوة والبينية، يعني هي صفة الشدة والرخاوة وبينهما صفة البينية، وتكلمنا على أن الهمس والجهر علاقتهما بالنفس، هل يجري النفس عند النطق بالحرف أم لا يجري؟ فإن كان يجري فهذا حرفٌ مهموس، وإن كان النفس لا يجري فهذا حرفٌ مجهور.
ثم في الحلقة التي بعدها تكلمنا عن جريان الصوت وعدم جريانه، فقلنا إن كان الصوت يجري فالحرف رخو، وإن كان الصوت لا يجري فالحرف شديدٌ، وإن كان يجري جرياناً جزئياً فالحرف بين الرخو والشديد، هذا ما أخذناه في الدروس الماضية.
 اليوم نتكلم على صفتين متقابلتين آخريين من صفات الحروف العربية، وهما صفتا الإطباق والانفتاح، يعني كيف يكونُ شكلُ اللسانِ في الفمِ عند النطق بالحرف العربي؟ هناك أربعةٌ من الحروف العربية عند النطق بها يكونُ اللسانُ في وضعٍ هناك جزءٌ لا بئس به منه منطبقٌ على غار الحنك الأعلى، أو يكونُ قريباً منه جداً ومحازياً له، هذه الأحرف الأربعة هي، الصاد، الضاد، الطاء، والظاء، هذا هو الذي تكلمنا عليه منذ قليل بأن الصفات التي لها ضد هي صفة الجهر والهمس والشدة والرخاوة والبينية والإطباق والانفتاح والاستعلاء والاستفال.
 الإطباق، قلنا هي صفة لأربعة أحرف هي، الصاد، الضاد، الطاء، والظاء، الإطباق كما عرفه العلماء: هو انطباقُ طائفة من اللسان على غارِ الحنك الأعلى أو محازاتها له محازاةٍ شديدة عند النطق بحرف مطبق، وحروفه أربعة وهي الصاد، الضاد، الطاء، والظاء.
 إذاً نعيد، الإطباق في اللغة الالتصاق، أطبق فلان على فلان يعني التصق، وعند المُجودين يعني عند أهل هذا العلم، عرفوا الإطباق بقولهم: انطباق طائفة من اللسان على الحنك الأعلى أو محازاتها له محازاة شديدة عند النطقِ بحرفٍ مطبق.
 جربوا معنا لما نقول: (اَطْ)، حرف الطاء، نجد أن قطعة من اللسان قد انطبقت على غارِ الحنك الأعلى، ولما نقول: ( اَضْ)، أيضاً نلاحظ هذا الأمر، لما نقول: (اَصْ)، نجد بأن اللسان قد تصعد هكذا إلى سقف الحلق هذه المنطقة نسميها غار الحنك الأعلى أو نسميها سقف الحلق أو نسميها قبة الحنك، يعني أسماء متعددة لشيء واحد، نسميها قبة لأنها تشبه القبة، ونسميها سقف لأنها هي سقف الفمِ، فاللسان يتصعد هكذا، عندما نقول فلما نقول: (اَصْ)، نجد بأنه يحازي غار الحنك محازاة شديدة، كذلك عندما نقول: (اَظْ)، نجد أيضاً بأن اللسان قد ارتفع و حازى غار الحنك الأعلى محازاة شديدة، هذا العمل يجعل الحرف عند النطق قوياً، لذا عدَّ العلماءُ صفة الإطباق من الصفات التي تدل على قوة الحرف.
 إذاً، الصاد، الضاد، الطاء، والظاء، هذه الأربعة فيها صفة تجعلها قوية هي صفة الإطباق، يقابل الإطباق، الانفتاح، والانفتاح كما عرفه العلماء في اللغة هو الافتراق، وعند المجودين، هو عدم انطباق طائفة كبيرة من اللسان على غار الحنك الأعلى، أي انفتاح ما بين اللسان والحنك الأعلى عند النطق بحرف منفتح، كم عدد الحروف المنفتحة؟هي بقية حروف الهجاء، حروف الهجاء كما ذكرنا مرات، تسعة وعشرون حرفاً، أربعة منها مطبقة
يبقى عندنا خمسة وعشرون هي الأحرف المنفتحة، أما الإطباق فيدل على قوة الحرف عند النطق به.
 ما أظن أن هذا البحث صعب ولا فيه تعقيد، خلاصة، أن هناك في اللغة العربية أربعة حروف مطبقة، يعني عند النطق بها يرتفع اللسان وإما أن ينطبق جزء منه على غار الحنك الأعلى أو يقترب اقتراباً شديداً، وهذا العمل يدل على قوة الحرف عند النطق به، وصلى اللهم وبارك على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.