وضع داكن
23-04-2024
Logo
أحكام التجويد - الحلقة ( 073 - 113 ) - صفات الحروف - المحاضرة(08-48) : الشدة والبينية والرخاوة.
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 
 الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد سيد الأولين والآخرين وعلى آله وصحبه أجمعين، في المرة الماضية تكلمنا عن الحروف العربية من زاوية هي زاوية جريان النفس عند النطق بالحرف العربي وعدم جريانه، أما اليوم فنتكلم عن الحروف نفسها ولكن من زاوية أخرى، وهي جريان الصوت، المرة الماضية تكلمنا عن جريان النفس، أما اليوم نتكلم عن جريان الصوت، يعني عن قابلية الحرف للتطويل والمط، جريان الصوت فيه، نأتي إلى الحروف العربية ونتذوقها حرفاً حرفاً، كما فعل أسلافنا من علماء اللغة والتجويد ننظر مثلاً ( أَشْ )، هل نستطيع أن نجري الصوت في حرف الشين؟ ( أَشْ )، فنجد بأن حرف الشين قابل للتطويل، طيب نأتي إلى حرف ( أَقْ )، القاف ونحاول أن نضغط على هذا الحرف نجد أنه لا يمكن جريان الصوت عند هذا الحرف، نأتي إلى حرف الثاء مثلاً (أَثْ)، ممكن أن أضغط عليه وأطول الصوت فيه، لكن إن أتيت إلى الباء ( أَبْ )، مهما ضغطت فإن الشفتين قد انطبقتا على الباء، ولا يمكن أن يجري ولا ذرة للصوت في هذا الحرف.
 طيب لو قلنا ( أَعْ )، نلاحظ بأن حرف العين لم ينبتر الصوت عند النطق به كانبتار الباء والقاف لم ينقطع، ولكنه لا يجري جريان الشين وجريان الثاء، لذلك قام علماءنا جزاهم الله خيراً من الرعيل الأول من القرن الأول الهجري والثاني الهجري، بتذوق الحروف العربية كيف كانت العرب تنطقها زمن نزول القرآن؟ انتبهنا، كل الذي قام به علماءنا أن تذوقوا هذه الحروف اللغة موجودة ولكن هم تذوقوها وقعدوا ما وجدوا، ووصفوا ما شاهدوا.
 لذلك قسم علماءنا الحروف العربية من حيث جريان الصوت وعدم جريانه إلى ثلاثة مجموعات: المجموعة الأولى فيها ثمانية أحرف، قالوا عنها بأن الصوت لا يجري معها أبداً، سموها بالحروف الشديدة.
وعرفوا الشدة بقولهم: هي انحباس الصوت عند النطق بحرف من حروف الشدة. وحروف الشدة ثمانية كما قدمت مجموعة في قولنا: ( أجد قط بكت )، وبعضهم يجمعها في قوله: (أجدك قطبت)، لو أذنت لي بنكتة لطيفة، كنت أقرأ على أستاذنا الشيخ عبد العزيز عيون السود رحمه الله، في كتاب الرعاية لمكي القيسي، في تجويد القراءات، فمر معنا (أجدك قطبت )، فقال لي الشيخ: ( أجدك قد طبت )، فقلت له يا سيدي: أجدك قد طبت فيها تكرير للدال، فقال يا عمي: كرر الدال ولا تقطب، يعني هذه من لطافات المشايخ جزاهم الله خيراً.
إذاً أجد قط بكت، أو أجدك قد طبت، أو أجدك قطبت، هذه الحروف الثمانية لا يجري معها الصوت أبداً، تعالوا لنتأملها أو نتأملها بعد قليل.
 القسم الثاني من الحروف يجري معه الصوت ولكن جرياناً ضئيلاً، وجد العلماء بأن هناك خمسة أحرف في اللغة العربية يجري معها الصوت جرياناً ضئيلاً، سموها بالحروف بين الرخوة والشديدة وجمعوها بقولهم: ( لن عمر )، لِنْ فعل أمر من لان يلين، لن يعني كن ليناً وعمر منادى بأداة النداء المحذوفة يعني يا عمر، معروف أن عمر رضي الله عنه كان شديداً فإذا لان عمر فيصير بين الرخو والشديد، لا هو شديد ولا رخو.
الصفة الثالثة من الصفات المتقابلة هي الرخاوة، وهي جريان الصوت عند النطق بالحرف الرخو، الرخاوة: جريان الصوت جرياناً تاماً عند النطق بحرف من حروف الرخاوة، بينما في الصفة البينية قلنا جريان الصوت جرياناً جزئياً أو ضئيلاً عند النطق بالحرف البيني، بينما هنا جرياناً تاماً، أما حروف الرخاوة فهي باقي حروف الهجاء بعد حروف الشدة والبينية.
 إذاً نلخص البحث عندنا ثلاث مجموعات: المجموعة الأولى، أجد قط بكت، ثمانية أحرف ينحبس الصوت عند النطق بها انحباساً تاماً، ويستطيع المشاهد الكريم أن يجرب، جرب يا أخي في بيتك بأن تقول ( يأتون، يَأْ )، وحاول أن تضغط على الهمزة فتجري معها الصوت جرب هكذا ( يَأْ )، مهما ضغطت فإن مخرج الهمزة قد انقفل انقفالاً تاماً غير قابل للجريان، كذلك الجيم ( أَجْ )، مهما ضغطت فإن الجيم العربية الفصيحة شديدة، يعني ينحبس الصوت.
 هنا اسمحوا لي أن أنبه على ما اعتدناه في عاميات كثيرة في الوطن العربي من نطق الجيم رخوة، في بلاد الشام وفي بلاد المغرب وفي غيره، نقول في العامية(أججج)، هذا الصوت ممتد أن غير ممتد؟ قابل للمط أم غير قابل؟ هذه جيم ليست فصيحة، هذه جيم عامية.
 يعني لو جاءت (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم)، الرجيم، هذه ليست صحيحة، (أجْ، جَ،جُ،جِ)، هذه هي الجيم الصحيحة، (الفجرة)، (والجبال أرساها)، (أصحاب الجنة)، (تجعلون)، هذه جيم عامية وليست فصيحة مخرجها صحيح، ولكن فاتها صفة من صفات الجيم الفصيحة وهي انحباس الصوت أي صفة الشدة هذه الجيم.
 الدال ( أَدْ )، جرب في بيتك ( أَدْ )، تجد بأن الصوت قد انغلق تماماً، القاف (أَقْ)، الطاء ( أَطْ )، الباء من بكت ( أَبْ )، الكاف ( أَكْ )، التاء ( أَتْ )، تجد بأن المخرج قد انقفل تماماً.
 بينما ( لن عمر )، هذه الخمسة نلاحظ بأن الصوت جرى فيها ولكن لم يجر جرياناً تاماً، تعالوا نتأملها حرفاً حرفاً، يا اخوة، ( لِن )، خذ اللام، اللام كنا قد تكلمنا في مخرج الحروف بأن اللام تخرج من أدنى حافة اللسان إلى منتهاها، أشبه يدي هذه باللسان، هذه الحافة اليمنى للسان مثلاً وهذه اليسرى، هذه الحافة اليمنى أدناها هنا ومنتهاها هنا، وهذه الحافة اليسرى أدناها هنا ومنتهاها هنا، فهذه المنطقة هي التي تقرع ما يحاذيها من الحنك الأعلى لتخرج اللام، جربوا هكذا ( أَلْ )، الصوت يخرج من هنا من الرئتين الهواء يخرج لما يصل إلى الفم يجد هذه المنطقة قد انقفلت تماماً، فيضطر الصوت أن ينحرف بعضه عن يمين اللسان وبعضه عن يسار اللسان، ثم يتابع طريقه إلى الخارج، انظروا هكذا، ( أَلْ )، هذه المنطقتين منطقة حرف الضاد الذي هو حافتي اللسان مفتوحة ليس فيها انسداد فالهواء الخارج من الداخل يصطدم بمقدمة اللسان التي قد انقفلت تماماً فيضطر الصوت أن ينحرف يمنة ويسرة ليتابع طريقه إلى الخارج.
 وبهذا نكون قد شرحنا صفة من الصفات السبع التي لا ضد لها وهي صفة الانحراف في اللام، نحن شرحناها ضمناً الآن إذاً اللام لم يجر معها الصوت جرياناً تاماً ولم ينحبس انحباساً كاملاً لذا عدها علماءنا من الحروف بين الرخوة والشديدة، وما قيل في اللام يقال عن الراء جربوا هكذا ( أَرْ )، تجد بأن الصوت لم يجر جريانَ ( أَشْ )، أو ( أَسْ )، ولكنه لم ينحبس انحباس ( أَقْ )، أو ( أبْ )، هذا بالنسبة للام والراء، ماذا بقي من ( لن عمر)، بقي الميم والنون والعين.
 نأخذ الميم قلنا في بحث مخارج الحروف بأنها تتألف من جزئين جزء شفوي وهو انطباق الشفتين على بعضها، ويصاحب ذلك غنة من الخيشوم، مجموع هذين العملين يشكل حرف الميم، انظروا إلى الجزء الشفوي من الميم ( أمْ )، بعد أن اصطدمت الشفة العليا بالشفة السفلى، هل عاد يمر من هذه المنطقة ولو جزء من الصوت ضئيل أبداً؟ إذاً نصف الميم الشفوي في الحقيقة شديد، لكن النصف الخيشومي قابل للمط ( أَمْ )، ما الذي يطول الآن؟ صوت الغنة، إذاً نصف الميم الخيشومي وهو الغنة قابل للمط، ونصف الميم الشفوي شديد مجموعها شَكَّل حرف الميم، فهل نقول على الميم حرف شديد؟ لا نستطيع بأن نصفها شديدة لوجود جزء منها رخو طيب فهل نقول هي رخوة؟ لا نستطيع بأن نقول هي رخوة لوجود جزء منها شديد وهو النصف الشفوي، لذلك عدها علماءنا حرفاً بين الرخو والشديد تأملتم دقة علماءنا، علماءنا لما كانوا يضعون القواعد ما كانوا يضعونها هكذا اعتباطاً إلا بالدراسة الدقيقة في ذلك العصر المتقدم حيث لم تكن هناك المعامل الصوتية، ولا المختبرات ولا المقاييس الحديثة التي تستعمل الآن في علم الأصوات.
 وما قيل عن الميم يقال عن النون، فالنون أيضاً يا أخوة، جزءان جزء لساني وجزء خيشومي، الجزء اللساني جربوا هكذا في البيت، ( أَنْ )، متى اصطدم طرف اللسان بغار الحنك الأعلى؟ انقفل المكان تماماً وبقيت الغنة من الخيشوم قابلة للتطويل لذلك النون أيضاً لا نستطيع أن نعتبرها رخوة ولا نستطيع أن نعتبرها شديدة هي بين الرخوة والشديدة.
 بقي الحرف الأخير وهو حرف العين، العين، جربوا هكذا في البيت ( أعْ )، جربوا بارك الله فيكم ( أَعْ )، تجد بأن حرف العين من طبيعته التي كونه الله فيها في وسط الحلق أن الصوت يجري معه قليلاً ثم يقف لوحده، مهما ضغط إلا إذا أردت أن تتكلف ويخرج عن الطبيعة نحن نتكلم على الصوت الطبيعي، فالعين أيضاً لا ينقطع الصوت عندها كانقطاع ( أَبْ )، ولا يجري كجريان ( أَشْ )، لذلك عدها العلماء حرفاً بين الرخو والشديد، هذا ما يتعلق بصفة بين الرخاوة والشدة.
 أما بقية الحروف ما عدا، (أجد قط بكت)، الشديدة وما عدا (لن عمر)، التي هي بين الرخوة والشديدة فإن بقية الحروف حروف رخوة يجري معها الصوت جرياناً تاماً، هذا بحثنا لهذا اليوم وله تطبيقات سنذكرها إن شاء الله تعالى في الحلقة القادمة، وصلى اللهم وبارك على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور