وضع داكن
20-04-2024
Logo
مختلفة - الجزائر - المحاضرة : 10 - اقرأ باسم ربك
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين، وعلى صحابته الغر الميامين، أمناء دعوته، وقادة ألويته، وارضَ عنا وعنهم يا رب العالمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.

الفرق الكبير بين الذي تعلم كتاب الله وبين الذي جهله :

 أيها الأخوة الكرام، في أول آية من أول سورة نزلت في القرآن الكريم كلمة:

﴿ اقْرَأْ ﴾

[ سورة العلق الآية: 1]

 اقرأ بشكل أو بآخر أي اطلب العلم، لأن في الإنسان عقلاً يدرك، وقلباً يحب، وجسماً يتحرك، الغذاء الأول للإنسان غذاء عقله بالعلم، فإذا أردت الدنيا فعليك بالعلم، وإذا أردت الآخرة فعليك بالعلم، وإذا أردتهما معاً فعليك بالعلم، لكن العلم لا يعطيك بعضه إلا إذا أعطيته كلك، فإذا أعطيته بعضك لم يعطك شيئاً، ويظل المرء عالماً ما طلب العلم، فإذا ظنّ أنه قد علم فقد جهل.
 طالب العلم يؤثر الآخرة على الدنيا فيربحهما معاً، بينما الجاهل يؤثر الدنيا على الآخرة فيخسرهما معاً.
 لذلك في أول كلمة في أول آية من أول سورة نزلت في القرآن الكريم:

﴿ اقْرَأْ ﴾

 أي تعلم، فرق كبير بين الذي تعلم كتاب الله وبين الذي جهله.

﴿ أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كَانَ فَاسِقاً ﴾

[ سورة السجدة الآية: 18]

 قد يسأل أحدكم هذا السؤال، الشيء المقابل: أفمن كان مؤمناً كمن كان كافراً الآية:

﴿ أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كَانَ فَاسِقاً ﴾

 لأنه حينما لا تؤمن لابد من أن تعصي.

﴿ وَإِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ ﴾

[ سورة المؤمنون]

 من لوازم البعد عن الله أن تأخذ ما ليس لك، أن تتجاوز الحدود، أن تنقض العهود، هذا من لوازم البعد عن الله عز وجل.

 

الإنسان فطر على حبّ وجوده و سلامة وجوده و استمرار وجوده :

 لذلك أيها الأخوة، الإنسان فطر على حبّ وجوده، في الأرض ستة آلاف مليون، ما منهم واحد، من أي ديانة، من أي قبيلة، من أي طائفة، من أي عرق، من أي جنس، إلا وهو يحب وجوده، ويحب كمال وجوده، يحب أن يكون غنياً، وقوياً، وعنده بيت فخم، يحب وجوده، ويحب كمال وجوده، ويحب استمرار وجوده، استمراره، يحب أن يعيش مئة وثلاثين سنة، فالإنسان يحب وجوده، ويحب سلامة وجوده، ويحب كمال وجوده، ويحب استمرار وجوده، هذه الحقيقة تنطبق على أي إنسان على وجه الأرض كائناً من كان، لكن هناك سؤال كبير : لماذا الشقاء؟ الشقاء بسبب نقص العلم، والدليل أن أهل النار في النار يقولون:

﴿ وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ ﴾

[ سورة الملك]

 أزمة علم فقط، فلذلك أنت حينما تأتي إلى المسجد من أجل أن تضمن سلامة وجودك، وكمال وجودك، واستمرار وجودك، من أجل مصلحتك أنت.
 مثلاً: الإنسان قد يرفض أي شيء، قد يرى بيتاً صغيراً وغالي الثمن يرفضه، يرفضه احتقاراً له، احتقاراً لمساحته، أو لارتفاع ثمنه، قد تعرض عليه فتاة ليتزوجها لا يرى فيها ديناً قويماً فيرفضها، فأنت في الحقيقة ترفض آلاف الأشياء احتقاراً لها، أما إذا رفضت منهج الله فأنت تحتقر نفسك، الدليل:

﴿ وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ ﴾

[ سورة البقرة الآية: 130]

 لذلك مرة ثانية: أول كلمة، في أول آية، في أول سورة نزلت،

﴿ اقْرَأْ ﴾

 اطلب العلم.

 

أعظم ما في هذا الدين أنه عبادة تعليمية ثابتة :

 أيها الأخوة، لابد للهاتف الخلوي من شحن دوري، أليس كذلك؟ شبه نفسك بهذا الهاتف، إن لم تشحنه يصمت وتنطفئ شاشته، فلابد لك من شحن، الحقيقة عندنا شحن يومي خمس شحنات يومية، الصلوات الخمسة، وأنت من الصلاة إلى الصلاة على صلة مع الله عز وجل، والدليل قوله تعالى:

﴿ الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ ﴾

[ سورة المعارج]

 ممكن أن تصلي دائماً؟ لا، لكن بين الصلاتين أنت مع الله،

﴿ الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ ﴾

 فلابد من شحن يومي شحن الصلوات الخمسة، ولابد من شحن أسبوعي، الشحنة الأسبوعية تكفيك سبعة أيام، هي خطبة الجمعة، لذلك قال تعال:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ﴾

[ سورة الجمعة]

 قال علماء التفسير: ذكر الله الخطبة، يتوهم بعض المتوهمين أنه إذا جاء إلى المسجد وأدرك الركعة الثانية في الصلاة أدرك الجمعة، والله ما أدركتها، تدرك الجمعة إذا استمعت إلى الخطبة، لأن العلماء أجمعوا أن الله عز وجل حينما قال:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ﴾

 ذكر الله هو الخطبة، لأن من أعظم ما في هذا الدين أنه عبادة تعليمية ثابتة، لا يوجد بلدة، و لا مدينة، ولا مكان بالعالم الإسلامي، إلا فيه خطبة جمعة، والخطبة تعليم، فأنت تسمع خطبة، تسمع حديثاً.

 

على الإنسان أن يعود نفسه أن يطلب الدليل لأنه لولا الدليل لقال من شاء ما شاء :

 لكن بالمناسبة وقد يكون من المناسب أن أقول هذا الكلام الآن: يجب أن تكون داعية، وكل مسلم يجب أن يكون داعية كفرض عين، العلماء قالوا: الدعوة إلى الله فرض كفاية، إذا قام بها البعض سقطت عن الكل، هذا كدعوة احترافية تحتاج إلى تفرغ، وإلى تعمق، وإلى تبحر، وهذا الداعية قادر بحسب علمه أن يجيب عن أي سؤال، أما في الدعوة إلى الله كفرض عين فأنت تدعو إلى الله في حدود ما سمعت ومع من تعرف.

((بلِّغُوا عني ولو آية))

[أخرجه البخاري والترمذي عن عبد الله بن عمرو بن العاص]

 فكل واحد منكم أتمنى أن يعتقد جازماً أن الدعوة إلى الله بحقه فرض عين، والدليل:

﴿ قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ﴾

[ سورة يوسف الآية: 108]

 فإن لم تدعُ إلى الله على بصيرة معنى بصيرة بالدليل والتعليل، خذوا الكتاب بقوة واذكروا ما فيه، من حكمة، بالدليل، ما الدليل؟ الآية الكريمة، ما الدليل؟ الحديث الشريف الصحيح، ما الدليل؟ إجماع العلماء، لا تقبل علماً بلا دليل، عود نفسك أن تسأل عن الدليل، معظم المسلمين يسأل داعية، خطيب مسجد، عالماً، هذا العمل حرام أم حلال؟ يقول لك: حلال، قل له: ما الدليل؟ يقول لك: حرام، ما الدليل؟ عود نفسك أن تطلب الدليل، لأنه لولا الدليل لقال من شاء ما شاء، عود نفسك حتى يتكون عندك فكر فقهي أن تسأل عن الدليل، كلمة دقيقة.
 أنا مثلاً مرة قلت: كنت في بناء بدمشق مرتفع كثيراً، فيه طوابق كثيرة، فدمشق كلها تظهر من هذا الطابق، كل هذه البيوت ملكي لكن بلا دليل، طبعاً بلا دليل أما بالدليل أين الوثائق؟.
 عود نفسك أن تطلب الدليل، وأي عالم يُسأل على الدليل فيغضب فهو ليس بعالم، هذا دين، "إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم، ابن عمر دينك دينك إنه لحمك ودمك خذ عن الذين استقاموا ولا تأخذوا عن الذين مالوا".

 

من لبى حاجات عقله و جسمه و قلبه فقد تفوق :

 إذا:

﴿ اقْرَأْ﴾

 أول كلمة، بأول آية، بأول سورة، الله عز وجل يدعوك أن تطلب العلم، طبعاً بشكل أو بآخر، من درس علم، من ندوة تشاهدها، من كتاب تقرأه، من شيخ تلزمه، لابد من طلب العلم، لأنك بطلب العلم تلبي الحاجة العليا، والإنسان له حاجات عديدة، له حاجات عليا طلب المعرفة، وله حاجات دنيا طلب الطعام والشراب، والإنسان كما قلت قبل قليل: عقل يدرك، وغذاء العقل العلم، وقلب يحب، وغذاء القلب محبة الله، وجسم يتحرك وغذاء الجسم الطعام والشراب، فأنت إذا لبيت حاجات عقلك وقلبك وجسمك تفوقت، أما إذا لبيت حاجة واحدة فتطرفت، إذاً:

﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ ﴾

[سورة العلق]

إعجاز الله في القرآن :

 أيها الأخوة، بارك الله بكم، ولكم، وبأهلكم، وأولادكم، هل هناك واحد منكم لا يعرف أن ابنه كان نقطة ماء وصار كائناً كاملاً؟ رأس فيه ثلاثون ألف شعرة، لكل شعرة وريد، وشريان، وعصب، وعضلة، وغدة صبغية، وغدة دهنية، في داخل رأسه دماغ، فيه مئة وأربعون مليار خلية لم تعرف وظيفتها بعد، خلية استنادية، و هناك ذاكرة بحجم حبة العدس، تتسع لسبعين مليار صورة.

﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ﴾

[سورة التين]

 الآن أنت تنام، أنت حينما تنام ما الذي يجري؟ وأنت غارق في النوم يجتمع اللعاب في فمك، تذهب رسالة من الفم إلى الدماغ، اللعاب ازداد، يأتي أمر من الدماغ إلى لسان المزمار يفتح المريء ويغلق القصبة الهوائية، وأنت نائم، هذه تقع بالليلة من ثمان و ثلاثين إلى أربعين مرة، تصوروا إنساناً نائماً يبلع لعابه قريب أربعين مرة، وأنت نائم، وأنت غارق في النوم هيكلك العظمي مع ما فوقه من عضلات يضغط على ما تحته من عضلات، الهيكل العظمي فوقه عضلات، العضلات التي تحته تنضغط، فإذا انضغطت لمعة الأوعية تضيق، فإذا ضاقت شعر الإنسان بالتنميل، لذلك يأتي أمر من الدماغ وأنت نائم، تتقلب إلى اليمين مرة، التقلب الثاني نحو اليسار، والآية من إعجاز الله في القرآن:

﴿ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ ﴾

[ سورة الكهف الآية: 18]

 فالذي معه مرض السبات -عافنا الله وإياكم من أي مرض عضال- هذا له سرير خاص يقلبه، إذا ما تقلب اللحم الذي في الأسفل يتفسخ،

﴿ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ ﴾

 حتى أهل الكهف لو لم يتقلبوا لماتوا،

﴿ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ ﴾

طلب العلم ينبغي أن يكون جزءاً من حياة كل إنسان :

 إذاً

﴿ اقْرَأْ ﴾

 اطلب العلم، ليست قضية العلم أنك عندك وقت أم لا، عندك وقت ليس هذا هو الموضوع، الذي عنده وظيفة، ومديره شديد، وحازم، ويحاسبه على التأخر أشد الحساب، الدوام جزء من حياته، وأنا أقول لكم: طلب العلم ينبغي أن يكون جزءاً من حياتكم، لفهم القرآن، لفهم السنة الشريفة، لفهم الأحكام الفقهية، لفهم ما ينبغي، فأنت أعقد آلة بالكون، وهذا التعقيد تعقيد إعجاز لا تعقيد عجز، وهذه الآلة لها صانع حكيم، وهذا الصانع الحكيم معه تعليمات التشغيل والصيانة، إنه القرآن الكريم، فلذلك انطلاقاً -سامحوني في هذه الكلمة- من أنانيتك ينبغي أن تطيع ربك، انطلاقاً من حبك لذاتك ينبغي أن تطيع ربك، قال تعالى:

﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ﴾

[ سورة الأحزاب]

آيات الله كثيرة علينا أن نتفكر بها لنصل إلى الخالق سبحانه :

﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ ﴾

 أقسم لكم بالله لو أتيح لك أن ترى أفلاماً علمية كيف تتطور البويضة التي لقحت بنطفة إلى أن تصبح طفلاً في تسعة شهر، والله لا تملك إلا أن تخر لله ساجداً، عشرات المرات البويضة لقحت بحوين، تنقسم، تنقسم إلى آلاف الأجزاء، لكن أخطر شيء بالموضوع كيف تمايزت هذه الخلايا، خلايا الدماغ لها خاصة، خلايا العضلات لها خاصة، خلايا العظام لها خاصة، خلايا الأوعية لها خاصة، من هذا الذي جعل هذا التمايز بين النسج؟ بعد تسعة أشهر طفل سوي، رأس، وشعر، وعينان.
 العين بالشبكية، حجم الشبكية ميلي وثلث، فيها مئة وثلاثون مليون عصية ومخروط لنقل الصورة.

﴿ أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ ﴾

[ سورة البلد]

 القرنية شفافة، كل جسمك يتغذى بالأوعية الشعرية إلا القرنية تتغذى بطريقة خاصة، الخلية الأولى تأخذ غذاءها وغذاء جارتها، والغذاء يتنقل عبر الغشاء الخلوي، من أجل أن تكون القرنية شفافة شفافية تامة، لا من أجل أن ترى الصورة من خلال شبكة وأوعية، من جعل هذه القرنية شفافة شفافية تامة؟ من جعل هذه الشبكية عشر طبقات؟ أكبر آلة تصوير احترافية، أحدث آلة تصوير، وقد يكون ثمنها بالملايين، في مكان استقبال الصورة بالميلي متر عشرة آلاف مستقبل ضوئي، أما بالعين فمئة مليون، أو مئة وثلاثون مليوناً بالميلي والثلث، إذا قرأت قوله تعالى:

﴿ أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ * وَلِسَاناً ﴾

[ سورة البلد]

 الحرف الواحد يسهم في صنعه سبع عشرة عضلة، الحرف الواحد، خمسة حروف ضرب خمسة، خمس كلمات، خمس جمل، خطبة، كم عضلة تحركت حتى صنعت هذه الحروف؟.

﴿ أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ * وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ * وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ ﴾

[ سورة البلد]

الغشاء العاقل من آيات الله الدالة على عظمته :

 هذا الحليب معقم، ساخن في الشتاء بارد في الصيف، فيه مضادات حيوية مذهلة، لذلك المرأة حينما تلد ينزل مع الوليد قرصاً لحمياً اسمه المشيمة، هذه المشيمة تجتمع فيها دورة دم الأم ودورة دم الجنين، ومن بديهيات الطب أنك إذا أعطيت إنساناً دماً من غير زمرته يموت فوراً بانحلال الدم، ودم الأم زمرة، ودم الجنين زمرة، ويجتمع دم الأم مع دم الجنين في قرص لحمي واحد هو المشيمة، كيف يجتمعان؟ قال: بينهما غشاء رقيق، ما هذا الغشاء؟ قال: هذا غشاء عاقل، كيف عاقل؟ لأنه يقوم بأعمال يعجز عنها العقلاء، بماذا يقوم؟ يأخذ من دم الأم السكر، والأوكسجين، والأنسولين، يضعه في دم الجنين، صار في دم الجنين سكر وأوكسجين وأنسولين، يحترق السكر بالأوكسجين بوساطة الأنسولين، فينشأ طاقة هي الحرارة، حرارة الجنين سبع و ثلاثون درجة، من أين جاءت؟ من السكر من دم الأم، مع الأوكسجين، مع الأنسولين، لما احترق السكر هناك بقايا غاز الفحم.
 الغشاء العاقل يأخذ غاز الفحم من دم الجنين يضعه في دم الأم، الآن جزء من زفيرها زفير ابنها الجنين، في بطن أمه.
 الغشاء العاقل ينقل من دم الأم إلى دم الجنين كل عوامل المناعة، أي جميع الأمراض التي أصيبت بها الأم لا يصاب بها الجنين، لأن عوامل المناعة نقلها الغشاء من دم الأم إلى دم الجنين، هذه اثنان.
 الغشاء العاقل ينقل البروتينات والشحميات والمواد الزلالية، ينقل مئات بل بضع مئات من المواد الغذائية من دم الأم إلى دم الجنين، هذه المواد تمثل أو تستقطب، صار هناك استقلاباً، الآن بواقي حمض البول يأخذها الغشاء العقل من دم الجنين يضعه في دم الأم، فجزء من بول الأم بول جنينها، ما هذا الغشاء؟.
 الآن الطفل بحاجة إلى بوتاس، كيف الوسيلة ليعبر هذا الطفل الجنين في بطن أمه أريد البوتاس؟ أي تريد أكلات فيها بوتاس، قال: تشتهي الأم في أثناء الحمل من المواد الغذائية ما يحتاجه جنينها فشهوة الأم أثناء الحمل هو حاجات الجنين، هذا الإله الـعظيـم يعصـى؟ هذا الإله العظيم ألا يخطب وده؟ ألا ترجى جنته؟ ألا تخشى ناره؟

تعصي الإله وأنت تظهر حبـه  ذاك لعمري في المقال شنيــعُ
لو كان حبـك صادقـاً لأطعتـه  إن المحب لمن يحب يطيـــعُ
* * *

طلب العلم أساس في سلامة الإنسان و سعادته و استمراره :

﴿ اقْرَأْ﴾

 اطلب العلم، أتمنى على أخوتنا الكرام أن يكون طلب العلم جزءاً أساسياً بحياتهم، أنت كائن معقد تعقيد إعجاز، والذي خلقك أعطاك التعليمات، تعليمات ماذا ينبغي أن تفعل، فانطلاقاً من حبك لذاتك، وحرصك على سلامتك، وسعادتك، واستمرارك، ينبغي أن تطلب العلم، إذاً:

﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ ﴾

﴿ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ ﴾

[سورة القلق]

أنواع القراءات :

 أيها الأخوة،

﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ﴾

 هناك قراءة إيمانية، وهناك قراءة شكر وعرفان،

﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ ﴾

 قراءة هدفها الإيمان، وقراءة هدفها الشكر والعرفان،

﴿ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ ﴾

 وهناك قراءة الغيب، لا يعلم الغيب إلا الله، أخبرك الله عن يوم آخر، وعن صراط مستقيم، وعن حساب، وعن عذاب، وعن جنة، وعن نار، إذاً عندنا قراءة إيمانية، وقراءة شكر وعرفان، وقراءة وحي وإذعان، ثلاث قراءات:

﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ﴾

 قراءة إيمان،

﴿ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ ﴾

 قراءة شكر وعرفان،

﴿ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ﴾

 قراءة وحي وإذعان، ثلاث قراءات.

 

المصائب من أعظم النعم عند المؤمن :

 حياة المؤمن يجب أن تكون مبنية على طلب العلم، والإنسان إذا طلب العلم حقق سلامته، وسعادته، وكمال وجوده، واستمرار وجوده،

﴿ عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ﴾

﴿ كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى * أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى ﴾

[سورة العلق]

 أخطر شيء بحياة الإنسان أن يكون المرء غنياً، وقوياً، وعندئذٍ ينسى الله،

﴿ كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى * أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى ﴾

 فلذلك المصائب من أعظم النعم، قال تعالى:

﴿ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً ﴾

[سورة لقمان]

 النعم الباطنة هي المصائب، قال تعالى:

﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ﴾

[سورة البقرة]

المؤمن إذا أصيب بمصيبة يرى أنها رحمة من أجل أن تسوقه إلى باب الله :

 المؤمن- صدقوا ولا أبالغ- إذا أصيب بمصيبة يرى أن هذه المصيبة رحمة، نعمة باطنة، هذه المصيبة من أجل أن تسوقه إلى باب الله، لذلك ورد في الأثر:

(( إذا أحب الله عبداً ابتلاه، فإن صبره اجتباه، وإن شكر اقتناه ))

 إذا أحبّ الله عبداً عجل له بالعقوبة، متابعة للتوضيح: طبيب جاءه مريضان الأول معه التهاب معدة حاد، فأخضعه لحمية قاسية جداً، حليب فقط، وهدده وتوعده، ومريض ثان معه مرض خبيث منتشر، فالأول سأله ماذا آكل؟ قال له: حليب فقط، بعنف، الثاني سأل ماذا أكل؟ قال له: كُل ما شئت، أيهما أفضل؟ أن تخضع لحمية قاسية جداً وشديدة لأن المرض قابل للشفاء أم أن يقال لك كُل ما شئت؟ الله ماذا قال؟ قال:

﴿ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ ﴾

[سورة الأنعام الآية:44]

 هذا الطرف الآخر، بلاد جميلة، خضراء، جبال خضراء، بحيرات، وسائل مواصلات رائعة جداً، المحلات فيها كل ما تحتاج

﴿ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ ﴾

﴿ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ ﴾

[سورة الأنعام الآية:44]

 ما قال باب

﴿ أَبْوَابَ ﴾

 ما قال شيء

﴿ كُلِّ شَيْءٍ ﴾

﴿ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ ﴾

ما من شِدة إلا بعدها شَدة إلى الله وما من مِحنة إلا بعدها مَنحة من الله :

﴿ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً ﴾

[سورة الأنعام الآية:44]

 اشكروا الله عز وجل، المسلمون قابلون للشفاء، المسلمون عندهم استعداد للشفاء، لذلك وضعهم الله في العناية المشددة، أو بتعبير آخر: العناية المركزة، هذه العناية المركزة تعني أن هذا الإنسان قابل للشفاء، أما إذا كان غير قابل للشفاء فيقول له: كُل ما شئت، الآية واضحة:

﴿ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً ﴾

﴿ فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ ﴾

[سورة الأنعام]

 فأنا أرى والله أنه جبر لخاطرنا أن يحاسبنا الله في الدنيا قبل الآخرة. والله الذي لا إله إلا هو، لو أن الله تابعنا، ومع كل تقصير أدبنا، وفي النهاية إ ذا وصلنا إلى شفير القبر، إن كنا مطهرين إن شاء الله فنحن أسعد الناس، فلا تنزعج من شدة تساق إليك.
 اسمعوا هاتين الكلمتين: ما من شِدة إلا بعدها شَدة إلى الله، وما من محنة إلا بعدها منحة من الله أبداً.

﴿ وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ ﴾

[ سورة القصص]

ثلاث قنوات فعالة في معرفة الله؛ خلقه وأفعاله وكلامه :

 لذلك الطغاة في الأرض عصي بيد الأقوياء، أدوات تأديب، فأنت إذا خضعت إلى تأديب معين فافرح أنك قابل للشفاء، أفضل ألف مرة أن يقال لإنسان عليك أن تحتمي حمية قاسية جداً من أن يقال لإنسان كُل ما شئت، إذا كان هناك خضوع لحمية قاسية معنى ذلك أن هناك أمل بالشفاء.
 إذاً:

﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ *الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ﴾

 عندنا قراءة بحث وإيمان، قراءة شكر وعرفان، قراءة وحي وإذعان، ثلاث قراءات، قراءة تؤمن بها، وقراءة تشكر الله عليها، وقراءة يعلمك الله من خلالها ماذا سيكون بعد الموت هذا معنى اقرأ.
 لذلك ثلاث قنوات فعالة في معرفة الله، خلقه، وأفعاله، وكلامه، أنت مع خلق الله عليك أن تتفكر.

﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾

[ سورة آل عمران]

ومضة من ومضات التفكر :

 الأرض تدور حول الشمس في مسار بيضوي أي إهليلجي، ومعنى إهليلجي أي بيضوي، هذا الشكل له مركزان، الدائرة لها مركز واحد لكن الشكل البيضوي له مركزان، فالأرض تدور حول الشمس في مسار إهليلجي أي بيضوي، إذا انتقلت من القطر الأطول- الشكل الإهليلجي أو البيضوي له قطران، قطر أصغر، وقطر أطول - إلى القطر الأصغر ما الذي يحصل هنا؟ تقل المسافة بينها وبين الشمس، والجاذبية متعلقة بالمسافة، فكلما قلت ازدادت الجاذبية، فهناك احتمال أن تنجذب الأرض إلى الشمس، فإذا انجذبت إلى الشمس، تتبخر في ثانية واحدة، لأن حرارة الشمس عشرون مليون درجة، فإذا انجذبت الأرض إلى الشمس تبخرت في ثانية واحدة، وانتهى الأمر، ماذا يحصل؟ قال: ترفع الأرض سرعتها، لينشأ من رفع السرعة قوة نابذة تكافئ القوة الجاذبة.
 كيف أن الغسيل يجف في الغسالة بالدوران السريع، تنشأ قوة نابذة تطرد الماء.
 فحينما تقترب الأرض من القطر الأصغر لئلا تنجذب إلى الشمس وتتبخر في ثانية واحدة ترفع سرعتها، ينشأ من رفع السرعة قوة نابذة تكافئ القوة الجاذبة، فتبقى على مسارها، اسمع القرآن:

﴿ إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا ﴾

[ سورة فاطر الآية: 41]

 هنا الزوال الانحراف، أية قدرة تجعل الأرض تبقى على مسارها؟ معنى ذلك أن المسافة قلت والجاذبية كثرت، واحتمال انجذابها إلى الشمس قائم، إذاً الله عز وجل برفع سرعة الأرض نشأ من هذه السرعة قوة نابذة تكافئ القوة الجاذبة فبقيت على مسارها، فتابعت مسيرها، هنا المسافة طالت، فلما طالت ضعفت الجاذبية، فهناك إمكان أن تستمر الأرض في خط مستقيم، وإذا سبحت الأرض في الفضاء الخارجي انتهت الحياة، تصبح الحرارة مئتين و سبعين تحت الصغر، الصفر المطلق تموت كل الكائنات، ما الذي يحصل هنا؟ تخفض الأرض سرعتها، لينشأ من خفض السرعة قوة نابذة أقل تكافئ القوة الجاذبة الأقل فتبقى على مسارها، الآن إذا قرأت القرآن:

﴿ إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا ﴾

 يجب أن يقشعر جلدك، بيد من؟.

﴿ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ ﴾

[ سورة الزمر الآية: 67]

بطولة الإنسان أن يكون مفتقراً إلى الله في كل الأحوال :

 إذاً

﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ﴾

 هناك قراءة إيمانية، قراءة بحث وإيمان، وقراءة شكر وعرفان، وقراءة وحي وإذعان،

﴿ عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ﴾

 أخبره عن الآخرة، وعن الجنة، وعن النار، وعن الصراط المستقيم، وقراءة شكر وعرفان:

﴿ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْراً ﴾

[ سورة سبأ الآية: 13]

 قرآن وبحث، لذلك أيها الأخوة:

﴿ كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى * أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى ﴾

[ سورة العلق]

 بطولتك أنت قوي، وأنت غني، أن تكون مفتقراً إلى الله، درس بليغٌ بليغ، هذا الدرس تحمله أصحاب رسول الله في بدر:

﴿ وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ ﴾

[ سورة آل عمران الآية: 123]

 افتقروا إلى الله فانتصروا، هم هم وفيهم سيد الخلق وحبيب الحق، قالوا:

((ولن يُغْلَبَ اثنا عَشَرَ ألفا مِنْ قِلَّةٍ ))

[أخرجه أبو داود والترمذي عن عبد الله بن عباس]

 نحن كثر.

﴿ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ ﴾

[ سورة التوبة ]

التولي و التخلي :

 أيها الأخوة الكرام، صدقوني هذا الكلام أبلغ ما في هذا اللقاء، تقول: أنا، يتخلى الله عنك، يرتكب الإنسان حماقة ما بعدها حماقة، لأن الحكمة لا تؤخذ لكنها تعطى، قال تعالى:

﴿ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ ﴾

[ سورة البقرة الآية: 269]

 مهما كنت ذكياً من دون حكمة إلهية تقع في خطأ كبير، وتقع في شر أعمالك، أما إذا كنت مع الله فسيؤتيك الله الحكمة.
 إذاً تقول: الله، يتولاك الله، يدافع عنك، يلهمك الصواب، يلهمك رشدك، يلقي محبتك في قلوب الخلق، أما إذا قلت أنا فيتخلى عنك، الصحابة بحنين وهم صحابة النبي الكريم هم نخبة الخلق قالوا:

((ولن يُغْلَبَ اثنا عَشَرَ ألفا مِنْ قِلَّةٍ ))

[أخرجه أبو داود والترمذي عن عبد الله بن عباس]

﴿ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ ﴾

الاستعانة بالله أساس كل نجاح :

 أخواننا الكرام، بعضكم طبيب، بعضكم مهندس، بعضكم محمي، بعضكم تاجر، بعضكم موظف، تقول: الله يحفظني، الله يرزقني، الله يلهمني الصواب، تجد أن الله تولاك بالتوفيق، والعناية، ويدافع عنك، تقول: أنا معي شهادة عليا، خبراتي متراكمة، لي أتباع كثر، لي معارف كبير، لي شبكة معلومات دقيقة، معي يتخلى عنك، يقع الإنسان في شر عمله، فإذا أردنا أن نلخص هذا اللقاء الطيب بكلمات قليلة: لا تقل أنا، قل الله.
 عندنا طبيب جراح أعصاب بالدماغ موفق جداً، المريض وضع على منصة العملية، يقوم هذا الطبيب ويصلي ركعتين أمام المريض ويدعو ربه بالسجود، يقول: يا ربي ألهمني الصواب، ولا يوجد أية عملية أخطأ فيها.
 والله أتمنى من كل واحد منكم بدراسته، بجامعته، بتجارته، بعمله، بوظيفته، أن يطلب من الله المعونة، يفتقر لله عز وجل، تفتقر يتولاك الله، تقول: أنا يتخلى عنك، من؟ لسنا نحن، الصحابة:

﴿ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ ﴾

((ولن يُغْلَبَ اثنا عَشَرَ ألفا مِنْ قِلَّةٍ ))

[أخرجه أبو داود والترمذي عن عبد الله بن عباس]

﴿ وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ ﴾

 فهذا درس بليغ، قلها من أعماق أعماقك، وعندئذٍ انتظر كل خير.

((استقيموا ولن تُحْصُوا))

[أخرجه مالك عن بلاغ بن مالك]

 المفعول به ليس مذكوراً، هكذا الحديث.

((استقيموا ولن تُحْصُوا))

[أخرجه مالك عن بلاغ بن مالك]

 قال بعض شراح الحديث: توفيق إلهي، أسرة سعيدة، أولاد أبرار، مكانة اجتماعية، الخلق يحبونك.

((استقيموا ولن تُحْصُوا))

[أخرجه مالك عن بلاغ بن مالك]

 هناك خلل، هناك بعد، هناك متاعب لا تنتهي.
 بارك الله لكم، ونفع بكم، وحفظ لكم بلادكم آمنة، مطمئنة، متقدمة، مزدهرة، وحفظ لكم إيمانكم، وأهلكم، وأولادكم، وصحتكم، ومالكم.

 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور