وضع داكن
25-04-2024
Logo
موضوعات قرآنية - الدرس : 08 - مقاييس الفوز2.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين .

ما ابتليت به مسؤولاً عنه وستسأل فيما أنفقته:

 أيها الأخوة الكرام, في قوله تعالى:

﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾

[ سورة آل عمران الآية: 185]

 هذه الآية أصل في العقيدة، الدنيا ليست دار جزاء إنما هي دار ابتلاء، وفي الدنيا وزعت الحظوظ كالمال والصحة والوسامة والذكاء والقوة والنسب والقدرات الخاصة و القدرات, إن كنت فقيراً -لا سمح الله- أنت ممتحن في الفقر، وإن كنت غنياً أنت ممتحن بالغنى، إن كنت قوياً أنت ممتحن بالقوة، إن كنت مستضعفاً أنت ممتحن بالضعف، فهذه الحظوظ وزعت علينا توزيع ابتلاء في الحياة الدنيا, كيف نقف منها؟.
 نقف من الفقر موقف السخط رسبنا، نقف من الفقر موقفاً أن نمد أعيننا إلى ما عند الناس، أن نحتال على الناس، أن نسرق، أن ننهب، أن نحقد رسبنا، صبرنا وتجملنا ورضينا بقضاء الله وقدره نجحت، خذ هذه الحظوظ حظاً حظاً أنت ممتحن بكل حظ، الزوجة الممتازة امتحان، والزوجة السيئة امتحان، كل شيء أنت تعانيه أنت ممتحن به، إيجاباً أو سلباً، لكن الجزاء ليس في الدنيا، الجزاء في الآخرة، في الآخرة سوف توزع هذه الحظوظ توزيعاً جزائياً وأبدياً، لو أن الله عز وجل امتحن الإنسان بالفقر في الدنيا، الفقر مؤقتاً ما دام حياً، فإذا جاء الأجل انتهى الفقر, وانتهى المرض, وانتهت كل الحظوظ السلبية، وانتهت كل الحظوظ الإيجابية، الموت ينهي كل شيء, ينهي غنى الغني, وفقر الفقر, وقوة القوي, وضعف الضعيف, ووسامة الوسيم, وذمامة الذميم, وصحة الصحيح, و مرض المريض، ينهي كل شيء، كيف وقفت من هذا الحظ؟ كنت غنياً هل تواضعت؟ هل أنفقت هذا المال في مرضاة الله؟ هل جعلت هذا المال قربة إلى الله؟ هل مسحت بهذا المال دموع البائسين؟ هل أطعمت الجائعين؟ هل زوجت الشباب؟ هل عالجت المرضى؟ أنت ممتحن .
 أيها الأخوة, هؤلاء الذين مكنوا في الأرض؛ إما بقوة المال, أو بقوة السلطان, أو بقوة العلم, أو بالقوة المادية, هؤلاء لهم حساب خاص، ماذا فعلت بهذه القوة؟ ماذا فعلت بهذا العلم؟ ماذا فعلت بهذا المال؟ كيف أنفقته؟ أين وظفته؟ كيف تعاملت معه؟ نحن ممتحنون فيما أعطينا، ممتحنون فيما سلب منا، وهذه الحياة الدنيا محبوبة وقصيرة .

لا تفرح فيما آتاك الله إلا إذا ابتغيت الدار الآخرة:

 مرة لا بد من ذكر هذه القصة لأنها توضح هذا الموضوع، دخلت إلى بيت من أفخر البيوت في دمشق، صاحب البيت لا أدري لماذا قال هكذا؟ قال لي: هذا البيت مساحته أربعمائة متر، قلت له: بارك الله لك بهذا البيت -والله شيء جميل- أي المنزل الواسع من نعم الله عز وجل، ثم تابع، قال لي: هذا البلاط استوردته من إيطاليا وشحن جواً -شيء جميل هنيئاً لك بهذا البلاط- هذه الغرفة، هذه اللوحة، هذا الأثاث، بدأ يسرد ميزات هذا البيت, وأثاث هذا البيت, وما في هذا البيت, وكم دفع ثمن هذه الحاجات، أردت أن أذكره بالله عز وجل، قلت له: ما قولك ببيت في أطراف المدينة, ليس فوق سطح الأرض بل تحت سطح الأرض, والرطوبة تأكله, ومنافعه ليست ممتازة, وليس فيه أبواب، قماش بدل, الأبواب والمياه المالحة مكشوفة, والحي مكتظ بالسكان، رطوبة على ظلمة على ... أيوازن ذاك البيت بهذا البيت؟ قال لي: أعوذ بالله، مسافة كبيرة جداً، جئت بمثل آخر, قلت له: رئيس غرفة التجارة مع بائع يبيع في سوق الحميدية كلما رأى شرطياً هرب منه مثلاً هل يوازن هذا بهذا؟ مستحيل، جرّاح كل عملية بأربعمائة ألف وممرض مهمته أن ينظف المرضى أيوازن هذا الطبيب مع هذا الممرض؟ أستاذ في الجامعة مع أستاذ في قرية، رئيس أركان مع جندي في موقع متقدم في أيام الشتاء، الحفرة التي هو فيها نصفها ماء أيوازن؟ أيوازن أستاذ جامعي مع أستاذ ابتدائي؟ رئيس أركان مع جندي؟ طبيب جرّاح قلب مع ممرض؟ بيت كهذا البيت مع بيت؟ ذكرته بالآية:

﴿انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ﴾

[سورة الإسراء الآية: 21]

 أخواننا الكرام, ثمن الحنفية بثمن بيت، أحياناً تجد قصراً منيفاً إلى جانبه خيمة يسكنها بدو رحل، أتوازن خيمة مع قصر منيف؟ أتوازن مركبة فخمة جداً مع دراجة؟:

﴿انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ﴾

[سورة الإسراء الآية: 21]

 يأمرك الله أن تنظر كم هي المسافة بين هذين الحظين؟ قال:

﴿وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً﴾

[ سورة الإسراء الآية: 21]

 لذلك درجات الدنيا لا تعدل شيئاً وقد تعني العكس وهي مؤقتة:

﴿فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ﴾

سورة الأنعام الآية: 44]

 إذا وجدت جنة في الدنيا هي في بلاد الغرب لكن على الشبكية, أما إذا ذهبت إلى الدماغ تراها جهنم وبئس المصير؛ فسق وفجور وكفر وإلحاد وكل أنواع الانحراف وكسب مال حرام وربا وشذوذ والعياذ بالله، فلذلك:

﴿انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا﴾

[سورة الإسراء الآية: 21]

 أي لو الإنسان فرضاً فاز بشيء من الدنيا ليس عند الله فوزاً، لو أن الإنسان انتصر ليس عند الله نصراً إلا أن تقوم على أمر الله عز وجل، فهذه الآية:

﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾

[سورة آل عمران الآية: 185]

لن ترى عدل الله في الدنيا:

 أخواننا الكرام, أسماء الله الحسنى كلها محققة في الدنيا إلا اسم العدل:

﴿وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ﴾

[سورة الروم الآية: 27]

﴿لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى﴾

[سورة طه الآية: 15]

 لماذا قال الله عز وجل:

﴿وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا﴾

[سورة مريم الآية: 71]

 أي إنسان سوف يرد النار، ورود النار شيء ودخولها شيء آخر، ورود النار لا يتأثر من يردها ولا بوهجها.
 مرة كنا في متحف للحيوانات يوجد جناح للثعابين، الثعابين موضوعة في صناديق مضاءة, وبينك وبينها لوح من البللور, سماكته ثمانية ميليمتر، فأنت تقترب منها إلى مسافة عشرة سنتيمتر ترى تفاصيل رأس هذا الثعبان، تفاصيل عينيه لكنك لا تخاف منه، لأنه بينك وبينه حاجز منيع، الله عز وجل حينما قال:

﴿وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا﴾

[سورة مريم الآية: 71]

 هؤلاء الذين يردون النار لا يتأثرون ولا بوهجها، لكن لماذا يردوها؟ لكي تتضاعف سعادتهم في الجنة، يرون مكانهم بالنار ما لم يؤمنوا، يرون مكانهم في النار لو لم يتوبوا، ويرون هؤلاء الذين بنوا أمجادهم على أنقاض الشعوب، وبنوا حياتهم على موتهم، وبنوا غناهم على فقرهم، يرونهم في النار، من أجل أن يحقق اسم العدل في الآخرة، لذلك:

﴿وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ﴾

[سورة يونس الآية: 46]

 قد لا يتاح للنبي أن يرى عدل الله في الأرض، لا يتاح وهو سيد الخلق وحبيب الحق ولكن هذه الرؤيا لا بد منها يوم القيامة، لذلك:

﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾

[سورة آل عمران الآية: 185]

 أي ليس بالضرورة أن كل إنسان كافر يجب أن يسحقه الله في الدنيا، ليس شرطاً، وليس بالضرورة أن كل إنسان مؤمن يجب أن يعلو في الدنيا، ليس هذا شرطاً، لكن لحكمة أرادها الله يكافئ بعض المحسنين تشجيعاً لبعض المحسنين, ويعاقب بعض المسيئين ردعاً لبقية المسيئين لكن الحساب الكامل، لكن ترصيد الحساب يوم القيامة، هذا الإيمان -أيها الأخوة- له أثر إيجابي كبير، لو رأيت دولة طاغية تتجبر، تتغطرس، تفعل ما تريد، تقتل الأبرياء وانتصرت واستعلت واستكبرت، الدنيا ليست دار جزاء إنما هي دار امتحان، دار ابتلاء، الدنيا دار تكليف لا دار تشريف، الدنيا دار عمل ليست دار أمل، الدنيا دار تنفيذ ما أمر الله, ليست دار نيل الجزاء على ما فعلت أو لم تفعل، هذه طبيعة الدنيا، لذلك ورد في بعض خطب النبي:

((إن هذه الدنيا دار التواء لا دار استواء، ومنزل ترح لا منزل فرح، فمن عرفها لم يفرح لرخاء ولم يحزن لشقاء، قد جعلها الله دار بلوى وجعل الآخرة دار عقبى, فجعل بلاء الدنيا لعطاء الآخرة سبباً، وجعل عطاء الآخرة لبلوى الدنيا عوضاً، فيأخذ ليعطي ويبتلي ليجزي))

 ما الموقف العملي من هذه الحقائق؟ كل شيء الله أتاك إياه في الدنيا أنت ممتحن به لينظر كيف تعمل؟.

 

لا تعد النعمة نعمة إلا إذا كانت وفق مقاييس القرآن:

 الآن الحقيقة الصارخة: أن الحظوظ التي أوتيتها ليست نعمة وليست نقمة ولكنها موقوفة على نوع استخدامها، أيمكن أن تسألني أيعد المال نعمة؟ أقول لك: لا، نقمة؟ أقول لك: لا، إذاً ما الجواب؟ ليس نعمة وليس نقمة إنما هو حظ موقوف على نوع استخدامه، فإن أنفق المال في طاعة الله انقلب إلى نعمة، وإن أنفق في معصية الله انقلب إلى نقمة، حقيقة صارخة كالشمس ماذا يؤكدها؟ قال تعالى:

﴿فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ

 -هو يقول ذلك، هذه مقولته-:

وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ

 -جاء الجواب الإلهي-:

كَلَّا﴾

[سورة الفجر الآية: 15-17]

 كلا أداة ردع ونفي، أي كلا يا عبادي ليس عطائي إكراماً، ولا منعي حرماناً، عطائي ابتلاء وحرماني دواء:

﴿فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ﴾

[سورة الإنسان الآية: 15-16]

 أيها الأخوة, أتمنى على كل واحد منا أن يفهم حقيقة هذه الآية، أي إذا الله عز وجل سلبك الصحة ليس معنى هذا أنه لا يحبك، جعلك من أصحاب الدخل المحدود، جعلك في الدرجة الدنيا اجتماعياً:
 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ, أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:

((رُبَّ أَشْعَثَ مَدْفُوعٍ بِالْأَبْوَابِ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ))

[أخرجه مسلم في الصحيح]

 الحكمة أن تكون بمقاييس القرآن عند الله عظيماً .

قيمتك عند الله تختلف فيما عند الناس:

 ما مقاييس القرآن:

﴿هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾

[سورة الزمر الآية: 9]

 العلم:

﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾

[سورة المجادلة الآية: 11]

 والعمل:

﴿وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا﴾

[سورة الأنعام الآية: 132]

 ففي القرآن الكريم لا يوجد سوى مقياسين؛ العلم والعمل، البطولة أن تكون بمقياسي القرآن متفوقاً عند الله، أما بمقاييس الناس:
 مرة كنت في نزهة مع بعض الأخوة, ومعي كتاب حديث, أحد الأخوة عنده التهاب في مفاصله, جلس على كرسي وراء ظهري، فنظر إلى حديث:
 اطلعت على أهل الجنة فرأيت عامة أهلها من البله.
 فسئلت عن معنى هذا الحديث، هو ليس حديثاً صحيحاً في الضعاف.
 على كل؛ حينما سئلت عنه الله عز وجل قال:

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ﴾

[سورة النساء الآية: 71]

 المؤمن ليس أبلهاً مستحيل قال: المؤمن كيّس فطن حذر.
 لست بالخب ولا الخب يخدعني.
 النصوص عكس هذا الحديث، ما معنى هذا الحديث؟ والله أعلم: اطلعت على أهل الجنة فرأيت عامة أهلها من البله؛ أي هؤلاء في نظر الكفار بلهاً، أما هم في قمة الذكاء، والدليل:

﴿مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ﴾

[سورة القلم الآية: 2]

 اتهم النبي بأنه مجنون، لذلك قال:

﴿قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي﴾

[سورة هود الآية: 28]

 دققوا في هذه الآية:

﴿قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتَانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ﴾

[سورة هود الآية: 28]

 المؤمن آتاه الله رحمة وعميت على الكافر، الكافر لا يرى إلا المال فقط والطعام والجنس، هذه يعبدها من دون الله، لا يقدر العلم:

﴿وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً﴾

[سورة النساء الآية: 113]

 لا يقدر العلم، لا يقدر الكرم، لا يقدر التواضع، يعد التواضع ضعفاً، والإنفاق يعده سفهاً:

﴿الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ﴾

[سورة البقرة الآية: 268]

 فأنت بمقاييس الكفار أبلهاً، لو أنه أتيح لك فرصة كي تنغمس في سعادة لا توصف، في لذة محرمة لا توصف, وقلت:

﴿قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ﴾

[سورة يوسف الآية: 23]

 سيدنا يوسف في نظر المنحرفين كان يجب عليه أن ينتهز هذه المناسبة، فقال:

﴿قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ﴾

[سورة يوسف الآية: 23]

 لذلك أهل الإيمان لهم قيم وأهل الكفر لهم قيم، فإذا اختلط أهل الإيمان بأهل الكفر نشأت مشكلة، الأوراق اختلطت، أما أنت مؤمن؛ قيمتك بإيمانك، قيمتك باستقامتك، قيمتك في معرفتك بالله، قيمتك بما وعدك الله به يوم القيامة:

﴿أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْداً حَسَناً فَهُوَ لَاقِيهِ كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ﴾

[سورة القصص الآية: 61]

 حقق مراد الله فيما أعطاك ولا تبتغي به هواك فتدحرج إلى أسفل سافلين:

 

 أيها الأخوة, هذه الآية :

﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ * لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ﴾

[سورة آل عمران الآية: 185-186]

 أنتم ممتحنون في أموالكم وفي أنفسكم، وكل شخص مُمَكَن في الأرض؛ إما بقوة المال أو بقوة السلطان أو بقوة العلم، هذا له حساب خاص عند الله، فإن أفلح وإن استفاد من هذا الحظ, وظفه في الحق, ارتقى إلى أعلى عليين، وإن وظف هذا الحق في المنكر, وفي الفسق والفجور, هوى به إلى أسفل سافلين، والحمد لله رب العالمين .

دعاء الختام:

 بسم الله رب العالمين, والحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أعطنا ولا تحرمنا، أكرمنا ولا تهنا، آثرنا ولا تؤثر علينا، أرضنا وارض عنا, وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم.

تحميل النص

إخفاء الصور