وضع داكن
28-03-2024
Logo
مختلفة - الجزائر - المحاضرة : 03 - جامع عمر بن الخطاب : مظاهر ضعف الإيمان.
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

قسوة القلب من ظواهر ضعف الإيمان :

 من ظواهر ضعف الإيمان قسوة القلب، أبعد قلب عن الله القلب القاسي، من لا يرحم لا يرحم:

(( إن كنتم تحبون رحمتي فارحموا خلقي ))

[ الديلمي عن أبي بكر]

 وهذه علامة دقيقة جداً، القلب القاسي بعيد عن الله عز وجل، والقلب الرحيم قلب قريب من الرحمن الرحيم، البطولة وأنا مضطر لهذا التعليق ليست البطولة أن ترحم أولادك هذا شيء مودع في فطرتك، ولكن النبي عليه الصلاة والسلام قال: ولكنها رحمة عامة، أن ترحم الآخرين، أن ترحم الذي لا تعرفه، أن ترحم أي إنسان هذه بطولة، فلذلك أول مقياس لضعف الإيمان حينما يقع الإنسان في مخالفة، في معصية، في زلل، ليعتقد يقيناً أن في إيمانه ضعفاً، والشيء الثاني حينما تشعر بقسوة القلب لماذا؟ أيها الأخ الكريم أنت حينما تتصل بالله ما معنى أن تتصل بالله؟ تشتق منه الرحمة، تشتق من خلال اتصالك بالله الرحمة ترحم بها من حولك. لذلك النقطة الدقيقة جداً أن الله عز وجل قال:

﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ ﴾

[ سورة آل عمران الآية : 159 ]

 أي يا محمد بسبب رحمة استقرت في قلبك من خلال اتصالك بنا كنت ليناً معهم، فلما كنت ليناً معهم التفوا حولك، ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك، هذه الآية والله لا أبالغ يحتاجها كل أب على الإطلاق، تحتاجها كل أم، يحتاجها أي إنسان في منصب قيادي،

﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ ﴾

 هذه الباء باء السبب، أي بسبب رحمة استقرت في قلبك يا محمد كنت ليناً لهم، فلما كنت ليناً لهم التفوا من حولك، ولو كان الإنسان منقطعاً عن الله لقسا قلبه، وانعكست هذه القسوة غلظة وفظاظة، فانفضوا من حولك.

 

قانون الالتفاف والانفضاض :

 أكاد أقول: هناك قانون في القرآن اسمه قانون الالتفاف والانفضاض، متى يلتف الناس من حولك؟ إذا كنت متصلاً بالله، من خلال هذا الاتصال امتلأ القلب رحمة، انعكست هذه الرحمة إحساناً ولطفاً وليناً والتف الناس حولك.
مرة ثانية: هذه الآية يحتاجها كل أب على الإطلاق، تحتاجها كل أم، بل كل إنسان في منصب قيادي ولو على عشرة:

﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ﴾

[سورة آل عمران:159]

 أيها الأخوة، ألا تحب أن يلتف الناس من حولك؟ ألا تحب أن ينصاعوا لك؟ ألا تحب أن تكون ذا مكانة في مجتمعك؟ اتصل بالله واشتق منه الرحمة، هذه الرحمة تنعكس ليناً ولطفاً عندئذ يلتف الناس من حولك.

 

علامات ضعف الإيمان :

1 ـ قسوة القلب :

 أيها الأخوة، الشعور بقسوة القلب أحد أكبر مظاهر ضعف الإيمان، والبطولة لا أن ترحم أولادك هذه رحمة أودعها الله فيك كي يعيش الإنسان، البطولة أن تكون الرحمة عامة، طبعاً من باب أولى أن ترحم أولادك، مرة قال لي إنسان: عندي موظف في محل تجاري طلب مني أن يغادر المحل قبل ساعة ليلتحق بمدرسة ليلية ليأخذ شهادة الكفاءة، قال لي: لم أرضَ، يتعلم ثم يترك العمل، قلب قاس، يضع لابنه دروساً خاصة بمليون ليرة، أما هذا الطفل اليتيم طلب أن يغادر قبل ساعة فلا تقبل حتى يبقى عندك موظفاً بسيطاً.
 أيها الأخوة الكرام:

(( إن كنتم تحبون رحمتي فارحموا خلقي ))

[ الديلمي عن أبي بكر]

 من لا يرحم لا يرحم:

﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ﴾

[سورة آل عمران:159]

2 ـ عدم إتقان العبادات :

 شيء آخر: من علامات ضعف الإيمان عدم إتقان العبادات، لأن الله عز وجل خلقنا في الدنيا كي نعبده، والدليل قوله تعالى:

﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾

[ سورة الذاريات:56 ]

 العبادة طاعة طوعية، لأن الله عز وجل ما أراد أن نعبده قهراً، بل أراد أن نأتيه اختياراً، أراد أن نأتيه بمبادرة منا، أراد أن تكون العلاقة بينا وبينه علاقة حب:

﴿ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ ﴾

[ سورة المائدة: 54 ]

﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ ﴾

[ سورة البقرة الآية : 165 ]

 أراد الله عز وجل وهو القاهر وهو الفعال لما يريد، كن فيكون زل فيزول، هذا الإله العظيم أراد أن تكون علاقتنا به علاقة حب، بل إن العلاقة بنيت على المحبوبية والدليل:

﴿ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ﴾

[ سورة البقرة: 256 ]

 إذاً الشيء الذي يبدو دقيقاً جداً هو أن الإنسان إذا أحبّ الله أتقن العبادات:

﴿ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا ﴾

[ سورة النساء: 142 ]

علامة الإيمان كثرة ذكر الله وعلامة النفاق ضعف ذكر الله عز وجل :

 أيها الأخوة الكرام، النقطة الدقيقة جداً أن الله عز وجل يقول:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا ﴾

[ سورة الأحزاب: 41 ]

 الأمر لا ينصب على الذكر بل ينصب على الذكر الكثير، بدليل أن المنافقين يذكرون الله، قال تعالى:

﴿ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلاً ﴾

[ سورة النساء: 142 ]

 فالأمر الإلهي:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا ﴾

[ سورة الأحزاب: 41 ]

 الأمر لا ينصب على الذكر بل ينصب على الذكر الكثير، وعلامة الإيمان كثرة ذكر الله، وعلامة النفاق ضعف ذكر الله عز وجل، هذا الذكر يحملك على إتقان العبادات:

(( عماد الدين فمن أقامها فقد أقام الدين ومن تركها فقد هدم الدين))

[ البيهقي في شعب الإيمان عن عمر]

بطولة الإنسان أن يتعهد قلبه :

 ولكن لا بد من حقيقة دقيقة وهي أن الإنسان إذا وقع في المخالفات حجب عن الله عز وجل، والإنسان يعلم أنه حجب بفطرته لا بتوجيه من أحد، لمجرد أن تقع في مخالفة تشعر بالحجاب، وتشعر بالبعد عن الله عز وجل، فالبطولة أن تتعاهد قلبك، أن تراعي قلبك، لماذا صلاتي لا تعجبني اليوم؟ هناك مخالفة وقعت بها، محاسبة النفس شيء دقيق جداً، لذلك حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم، واعلموا أن ملك الموت قد تخطانا إلى غيرنا، وسيتخطى غيرنا إلينا، فلنتخذ حذرنا، الكيّس من دان نفسه، وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها، وتمنى على الله الأماني.
 أيها الأخوة الكرام، الإنسان قبيل أن يوارى الثرى:

﴿ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ ﴾

[ سورة المؤمنون: 99-100]

 هذا كلام الله عز وجل فما الذي يمنعنا إذا استيقظنا فجر كل يوم وبحثنا عن عمل صالح يقربنا إلى الله؟ ورد في بعض الأحاديث:

((مَنْ كَانَتِ الآخِرَةُ هَمَّهُ جَعَلَ اللَّهُ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ، وَجَمَعَ لَهُ شَمْلَهُ، وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ، وَمَنْ كَانَتِ الدُّنْيَا هَمَّهُ جَعَلَ اللَّهُ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَفَرَّقَ عَلَيْهِ شَمْلَهُ، وَلَمْ يَأْتِهِ مِنَ الدُّنْيَا إِلا مَا قُدِّرَ لَهُ))

[الترمذي عن أنس]

3 ـ التكاسل عن الطاعات :

 أيها الأخوة الكرام، عدم إتقان العبادات مظهر من مظاهر ضعف الإيمان، والتكاسل عن الطاعات أيضاً مظهر من مظاهر ضعف الإيمان، لذلك البطولة أن تحاسب نفسك دائماً، أن تعلم علم اليقين أين أنت؟ في أي مكانة أنت؟ وفي أي مرتبة أنت؟ ولا يرضى عن نفسه في الدنيا إلا المنافق، يقول أحد التابعين: التقيت بأربعين صحابياً، ما منهم واحدٌ إلا وهو يظن نفسه منافقاً من شدة خوفه من الله، هذا الذي يطمئن في الدنيا ولا يحاسب نفسه إنسان خارج المعادلة، أما البطولة فأن تحاسب نفسك.

المؤمن يشعر بقرب من الله وبسعادة لا توصف :

 أيها الأخوة، هناك شيء آخر قال تعالى:

﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ﴾

[ سورة طه: 124 ]

 من أدق ما قرأت عن هذه الآية أن أحداً سأل عالماً جليلاً ما بال الملوك والأغنياء؟ قال: ضيق القلب، المؤمن يشعر بقرب من الله، يشعر بسعادة لا توصف، أنا مضطر أن أبين الفرق بين اللذة و السعادة، الفرق كبير جداً، اللذة إحساس مادي يأتيك من طعام طيب، من منظر جميل، كل شيء حسي مادي هذا اسمه لذة نعيشها، هذه اللذائذ تحتاج إلى مال، وتحتاج إلى وقت، وتحتاج إلى شباب، مال ووقت وشباب، لكن لحكمة بالغة الإنسان في أغلب الأحيان تنقصه واحدة، في البدايات الصحة طيبة لكن لا يوجد مال، بمنتصف الحياة هناك مال وصحة لكن لا يوجد وقت، في خريف العمر صار هناك وقت ومال لكن لا يوجد صحة، هذه الدنيا تغر وتضر وتمر.
أعرف إنساناً توفي رحمه الله، كان يعمل موظفاً في محل تجاري وعنده دعابة، كان يجمع قمامة المحل بعلبة، ثم يلفها بورق فخم جداً، مع شريطة حمراء، مع وردة، ويضعها على طرف الرصيف، يأتي إنسان يظن فيها مُطيف ألماس فيحملها ويسرع، يلحقه، يمشي مئتي متر ويفك الشريط، يتابعه، مئتا متر ثانية يفك الربطة، ثم يفك الورق، يفتح حتى يشاهد المطيف الألماس فيجد قمامة المحل، أقسم لكم بالله محبو الدنيا عند الموت تكشف لهم حقيقتها كهذا الإنسان، الدنيا تغر وتضر وتمر.
 أن تعرف حقيقتها في مقتبل الحياة فهذه نعمة كبيرة، من لم تكن له بداية محرقة لم تكن له نهاية مشرقة، إذاً التكاسل عن الطاعة أحد مظاهر ضعف الإيمان، عدم إتقان العبادات، لأن النبي صلى الله عليه وسلم يسأل أصحابه:

((أتَدْرُونَ ما المُفْلِسُ ؟ قالوا : المفْلسُ فينا من لا درهم له ولا متاع. قال : إن المفْلسَ مَنْ يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي قد شَتَمَ هذا، وقذفَ هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيُعطَى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فَنيَتْ حَسَناتُهُ قبل أن يُقْضى ما عليه، أُخِذَ من خطاياهم فطُرِحَتْ عليه، ثم يُطْرَحُ في النار ))

[ مسلم و الترمذي عن أبي هريرة]

ثمار الصلاة لا تقطف إلا بالاستقامة :

 إذاً الصلاة تحتاج إلى استقامة، إذا لم يكن معها استقامة لا تقدم ولا تؤخر أو لا تستطيع أن تقطف ثمار الصلاة إلا بالاستقامة:

(( يؤتى بأناس يوم القيامة لهم أعمال كجبال تهامة يجعلها الله هباء منثورا، قيل: يا رسول الله جلّهم لنا ـ أي صفهم لنا ـ قال: إنهم يصلون كما تصلون، ويأخذون من الليل كما تأخذون، ولكنهم إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها ))

[ ورد في الأثر]

 وقد قيل:

((ركعتان من ورع خير من ألف ركعة من مخلط))

[الجامع الصغير عن أنس]

 من لم يكن له ورع يصده عن معصية الله إذا خلا لم يعبأ الله بشيءٍ من عمله.

 

4 ـ عدم التأثر بآيات القرآن الكريم :

 الظاهرة الجديدة لضعف الإيمان عدم التأثر بآيات القرآن الكريم، أما المؤمن فإذا ذكر الله وجل قلبه، واقشعر جلد،ه وخشع فؤاده، فهذه المقاييس دقيقة جداً.
  الحقيقة أيها الأخوة، الله حينما يصف المؤمنين لماذا؟ من أجل أن تكون هذه الأوصاف مقياساً لك، فإذا كانت هذه الأوصاف محققة فيك اشكر الله عز وجل، وإلا فتحرك لإصلاح ذات بينك، إصلاح ذات البين فيها توجيه إلهي:

﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ ﴾

[ سورة الأنفال: 1 ]

 والآية واسعة، أصلح العلاقة بينك وبين الله، أصلح العلاقة بينك وبين من حولك.
 أيها الأخوة الكرام، من علامة قوة الإيمان التأثر بالقرآن الكريم، ومن علامة ضعف الإيمان تقرأ القرآن لا تشعر بشيء، فضل كلام الله على كلام خلقه كفضل الله على خلقه، كم هي المسافة بين خالق الأكوان وبين هذا الإنسان الضعيف؟ فضل كلام الله على كلام خلقه كفضل الله على خلقه، إذاً من مظاهر ضعف الإيمان عدم التأثر بآيات القرآن أما المؤمن فإذا قرأ القرآن وجل قلبه، واقشعر جلده، ويبكي أحياناً، هذه كلها مقاييس ينبغي أن تكون بين أيديكم.

 

5 ـ عدم الغضب إذا انتهكت حرمات الله :

 أيها الأخوة، ومن علامات ضعف الإيمان عدم الغضب إذا انتهكت حرمات الله، قد يغضب لضعف الملح في الطعام أما إذا انتهكت حرمات الله فلا يتكلم، هناك ظاهرة الآن إنسان يسب الذات الإلهية لا أحد يتكلم، فحينما تضعف أساسيات الإيمان تضعف معها الغيرة على هذا الدين العظيم، هذا أيضاً أيها الأخوة من علامات ضعف الإيمان.
 المؤمن يغضب لله، يعطي لله، ويمنع لله، يرضى لله، ويغضب لله، هذه من علامات الإيمان، وعلامات الإيمان يجب أن تكون واضحة في أذهاننا جميعاً حتى تكون مقياساً لنا.

6 ـ حبّ الظهور في الحياة الدنيا :

 ومن علامات ضعف الإيمان أنك تحب الظهور في الحياة الدنيا، الظهور الاستعلاء، المركز الرفيع، أن يكون الناس في خدمتك، هذه مظاهر ضعف الإيمان، فالمؤمن مخلص لله، يرفع الله عمله إليه فيعود عليه سكينة، ما هي السكينة؟ السكينة تسعد بها ولو فقدت كل شيء، وتشقى بفقدها ولو ملكت كل شيء، الحقيقة لا يعرف السكينة إلا من ذاقها، أنزل الله سكينته على المؤمنين، هذه السكينة شعور بالرضا، شعور بالتفاؤل، شعور بالتوازن، شعور بحب الله عز وجل.

السكينة أكبر عطاء إلهي للمؤمن :

 مرة ثانية هذه السكينة أحد ثمار الإيمان الصادق، هذه السكينة أكبر عطاء إلهي للمؤمن، هذه السكينة تسعد بها ولو فقدت كل شيء، وتشقى بفقدها ولو ملكت كل شيء، والذي يذوق السكينة يعرف ما أقول، وهي عطاء إلهي كبير.
بالمناسبة الشيء بالشيء يذكر، ومن أكبر عطاءات الله للمؤمن الحكمة، الحكمة لا تؤخذ ولكنها تعطى قال تعالى:

﴿ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيراً ﴾

[ سورة البقرة الآية : 269 ]

 أكبر عطاء إلهي الحكمة، أنت بالحكمة تسعد بزوجة ولو أنها من الدرجة العاشرة، ومن دون حكمة تشقى بزوجة ولو أنها من الدرجة الأولى، بالحكمة تجعل العدو صديقاً، ومن دون حكمة تجعل الصديق عدواً، بالحكمة تتدبر أمرك بالمال القليل، ومن دون حكمة تبدد المال الكثير، أكاد أقول: إن أعظم عطاء إلهي للمؤمن في الدنيا الحكمة، ولكنها لا تؤخذ، والكلام دقيق:

﴿ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيراً ﴾

[ سورة البقرة الآية : 269 ]

 ينبغي أن نفهم القرآن.

 

الأمراض النفسية تبدأ بعد الموت والأمراض الجسمية تنتهي عند الموت :

 أيها الأخوة، المؤمن ما دام مخلصاً لله عز وجل لا تعنيه مكانته في المجتمع، لا يحب الظهور، لا يحب الاستعلاء، هناك أمراض نفسية لكن الذي أتمناه أن يكون واضحاً لديكم إن كل أمراض الجسد تنتهي عند الموت، معه مرض خبيث مات انتهى المرض، لكن الذي ينخلع القلب له أن كل أمراض النفس تبدأ بعد الموت، ورد:

(( إن العار ليلزم المرء يوم القيامة حتى يقول: يا رب لإرسالك بي إلى النار أيسر علي مما ألقى وأنه ليعلم ما فيها من شدة العذاب ))

[ أخرجه الحاكم عن جابر بن عبد الله ]

 الأمراض النفسية تبدأ بعد الموت والأمراض الجسمية تنتهي عند الموت. لذلك قال تعالى:

﴿ وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾

[ سورة السجدة: 21]

 أيها الأخوة الكرام، الذي يحب تعظيم الناس له يحب أن يكون في استعلاء واستكبار، يحب أن يخضع الناس له، هذه شهوات لا ترضي الله عز وجل، فالتواضع من صفات المؤمن.

 

7 ـ الشح والبخل :

 شيء آخر: الشح والبخل من صفات ضعف الإيمان، قال تعالى:

﴿ وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ﴾

[ سورة البقرة: 195]

 إن لم تنفقوا،

﴿ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ﴾

 إن أنفقتم كل أموالكم، للآية معنيان دقيقان،

﴿ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ﴾

 ينبغي أن أنفق وفق منهج الله عز وجل، عندي أولاد، عندي زوجة، يجب أن أنفق عليهم، من لهم غيري؟ وأنفق أيضاً في سبيل الله، إنفاق المال كله فيه مشكلة وعدم الإنفاق فيه مشكلة، فلذلك من علامات ضعف الإيمان البخل، الإنسان حينما يبخل يبخل على نفسه:

﴿ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ﴾

[ سورة البقرة: 57]

 الحقيقة الكبيرة أن أكبر خسارة يتحملها الإنسان أن يخسر الآخرة:

﴿ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ﴾

[ سورة الزمر: 15 ]

8 ـ أن يقول الإنسان ما لا يفعل :

 أيها الأخوة الكرام، مرض آخر من أمراض النفس بل هو ضعف في إيمانه أن يقول ما لا يفعل:

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ﴾

[ سورة الصف: 2-3 ]

 أساساً الإنسان يستمد مكانته من التطابق بين أقواله وأفعاله، وكل إنسان يفعل شيئاً ويقول شيئاً يسقط من عين الله أولاً ومن عين المؤمنين ثانياً، من علامات قوة الإيمان التطابق، أي لا يوجد مسافة بين الأقوال والأفعال، أقوال المؤمن تؤكدها أفعاله، وأفعال المؤمن تكشف أقواله.
 إذاً أيها الأخوة الكرام، أن يقول الإنسان ما لا يفعل هذا من ضعف الإيمان، الكلام سهل، لكن أن تكون في مستوى كلامك، ما الذي يزعزع مكانة المسلمين؟ أن يقولوا ما لا يفعلون، الكلام سهل لكن التطبيق يحتاج إلى قوة إرادة.

 

9 ـ تألم الإنسان إذا رأى من حوله تفوق في علم أو عمل :

 أيها الأخوة الكرام، ومن علامات ضعف الإيمان ملخص هذه الآية:

﴿ إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا ﴾

[سورة آل عمران: 120]

 لك أخ مؤمن لو نال شهادة عليا هل تتألم؟ لو تزوج زواجاً ناجحاً هل تنزعج؟ لو حقق تجارة رابحة هل تحزن؟ علامة إيمانك أن تفرح لإخوانك إذا تفوقوا، وعلامة النفاق إذا رأيت من حولك تفوق في علم أو عمل تتألم، والدليل:

﴿ إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا ﴾

[سورة آل عمران: 120]

 هذا مقياس دقيق، في عالم المؤمنين الكل لواحد والواحد للكل، فأنت حينما تفرح لأخيك إذا نال شهادة عليا أو حقق عملاً طيباً هذا الفرح دليل إيمانك، فإذا آلمك تفوق من حولك هذا من علامات النفاق أيضاً.

 

10 ـ الإنسان لا يعنيه من الدين إلا ما يكون في إثم ومعصية :

 شيء آخر من علامات ضعف الإيمان أن هذا الإنسان لا يعنيه من الدين إلا ما يكون في إثم ومعصية، أما الحب، الإقبال على الله، العبودية لله، التفاني في خدمة الخلق، فهذه المعاني لا تعنيه كثيراً بل يعنيه ما يكون في معاصي، البطولة أن تحب، لذلك من علامات قوة الإيمان أن يكون الله ورسوله أحب إليك مما سواهما، طبعاً:

(( ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ : أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا ))

[ متفق عليه عن أنس بن مالك ]

 والله الذي لا إله إلا هو حلاوة الإيمان شيء لا يوصف، أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، أي أن يكون الله في قرآنه ورسوله في سنته أَحَبَّ إِلَيك عند التعارض، هناك صفقة ربحها يقدر بمئتين بالمئة لكن فيها شبهة، فإذا كان الله ورسوله أحب إليك مما سواهما تركل هذه الصفقة برجلك لأن فيها شبهة، مادة محرمة أو علاقة محرمة، فهذا الحديث من أدق الأحاديث:

(( ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ : أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، الله في قرآنه ورسوله في سنته، أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا ))

[ متفق عليه عن أنس بن مالك ]

 متى؟ عند التعارض، إذا تعارضت مصلحتك مع نص قرآني أو مع نص نبوي، فركلت هذه المصلحة بقدمك وكنت مع الله الآن تستحق حلاوة الإيمان، حلاوة الإيمان مرة ثانية كالسكينة تماماً تسعد بها ولو فقدت كل شيء وتشقى بفقدها ولو ملكت كل شيء.

 

علة وجود الإنسان في الدنيا العمل الصالح بعد الإيمان بالله :

 أيها الأخوة الكرام مرة ثانية: أنت حينما تعلم سرّ وجودك في الدنيا ترى أن العمل الصالح بعد الإيمان بالله علة وجودك، الدليل القوي الإنسان حينما يأتيه ملك الموت يقول:

﴿ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ ﴾

[ سورة المؤمنون: 99-100]

 معنى ذلك أنت في الدنيا من أجل العمل الصالح، من أجل أن تدفع ثمن الجنة، رُكِّب الملَك من عقل بلا شهوة، وركِّب الحيوان من شهوة بلا عقل، وركِّب الإنسان من كليهما، فإن سما عقله على شهوته أصبح فوق الملائكة، وإن سمت شهوته على عقله أصبح دون الحيوان.
 فأنت حينما تؤمن وترتقي عند الله هذا مقام كبير جداً، لذلك قال تعالى:

﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾

[ سورة الذاريات56:]

 العبادة طاعة طوعية، ممزوجة بمحبة قلبية، أساسها معرفة يقينية، تفضي إلى سعادة أبدية- الكلام دقيق جداً - طاعة لكنها طوعية:

﴿ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ﴾

[ سورة البقرة: 256 ]

 هي طاعة طوعية، لكن ممزوجة بمحبة قلبية، العلماء قالوا: ما عبد الله من أحبه ولم يطعه، وما عبد الله من أطاعه ولم يحبه، إذاً طاعة طوعية، ممزوجة بمحبة قلبية، أساسها معرفة يقينية، تفضي إلى سعادة أبدية، أي لا بد من أن تخصص وقتاً من وقتك الثمين لمعرفة الله، ولقراءة القرآن وفهم القرآن، وقراءة السنة وفهم السنة، لنقل بعض معارفك للآخرين:

(( بلغوا عني ولو آية ))

[البخاري والترمذي عن ابن عمرو ]

 هذه كلها من خصائص قوة الإيمان أما الضعف فتعنيه مصلحته قبل كل شيء.

 

11 ـ عدم الاهتمام بقضايا الأمة :

 أيها الأخوة الكرام، هناك حالة اسمها الانتماء للمجموع، هناك إنسان لا يوجد عنده مشكلة شخصية، لا يعبأ بمن حوله، و إنسان ينتمي لمجموع المؤمنين، يؤلمه ما يؤلمهم، يسعده ما يسعدهم، فعدم الاهتمام بقضايا الأمة، هذا من علامة ضعف الإيمان، إذا كان هناك اهتمام تقدم شيئاً، لا يوجد إنسان على وجه الأرض لا يوجد عنده شيء يقدمه للدين، أحياناً نصيحة، أحياناً أمر بالمعروف و نهي عن المنكر.

12 ـ التحريش بين المؤمنين :

 شيء آخر ، من علامات ضعف الإيمان التحريش بين المؤمنين، ما الذي يحصل؟ هناك شرك، وهناك كبائر، الشيطان يدعو أولاً للكفر بالله، إن رآك على إيمان دعاك إلى الشرك، إن رآك على توحيد دعاك إلى كبيرة، إن رآك على طاعة دعاك إلى صغيرة، إن رآك على ورع دعاك إلى المباحات، يغرق في المباحات ويأتيه ملك الموت ولم يعد للآخرة شيئاً، وإن عزفت عن المباحات دعاك إلى التحريش بين المؤمنين مع أن الله عز وجل يقول:

﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ﴾

[ سورة الحجرات: 10 ]

 أكبر علاقة في حياتنا علاقة النسب، الله عز وجل جعل علاقة المؤمنين فيما بينهم كعلاقة النسب، فأحد مظاهر ضعف الإيمان التحريش بين المؤمنين لذلك قال تعالى في وصف المنافقين:

﴿ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ﴾

[ سورة الحشر: 14]

الدعوة إلى الله دعوتان :

 أيها الأخوة الكرام، الدعوة إلى الله فرض عين على كل مسلم في حدود ما يعلم ومع من يعرف، وهناك دعوة إلى الله فرض كفاية تحتاج إلى تفرغ، وإلى تعمق، وإلى تبحر، هذه فرض كفاية إذا قام بها البعض سقطت عن الكل، أما الدعوة إلى الله كفرض عين فعلى كل مسلم في حدود ما يعلم ومع من يعرف، والدليل:

(( بلغوا عني ولو آية ))

[البخاري والترمذي عن ابن عمرو ]

﴿ وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾

[ سورة العصر: 1-3]

 فالتواصي بالحق دعوة إلى الله عز وجل، يجب أن تعلم علم اليقين أنت كمسلم عادي مكلف بدعوة إلى الله لكن هذه الدعوة شروطها في حدود ما تعلم ومع من تعرف، والدليل:

﴿ قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي ﴾

[ سورة يوسف: 108 ]

13 ـ ترك الدعوة إلى الله كلياً :

 أيضاً من علامات ضعف الإيمان ترك الدعوة إلى الله كلياً، للتقريب استمعت إلى خطبة تأثرت بها، هذه الخطبة انقلها إلى زوجتك، إلى أولادك، إلى جيرانك، بلقاء، بسهرة، هذا كله من لوازم ضعف الإيمان.

14 ـ الخوف الشديد من المصائب :

 الخوف الشديد من المصائب من علامات ضعف الإيمان، مع أن المصيبة يرقى بها الإنسان، قال تعالى:

﴿ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً ﴾

[ سورة لقمان: 20 ]

 فالمصائب نعم باطنة، والدليل أن الإنسان بالمصيبة قد يعود إلى الله عز وجل، دققوا في هذه الآية:

﴿ إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِف طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ ﴾

[ سورة القصص: 4]

 الآن دققوا:

﴿ وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ *وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ ﴾

[ سورة القصص: 5-6]

 معنى ذلك الشدائد أحياناً تسوق الناس إلى الله عز وجل، وقد قيل: كل شِدة وراءها شَدة إلى الله، وكل مِحنة وراءها مَنحة من الله عز وجل، الشدائد للمؤمنين نعمة باطنة و هذه حقيقة دقيقة.

 

أنواع المصائب :

 أيها الأخوة الكرام، المصيبة - والكلام دقيق- طبعاً مصائب المؤمنين خاصة، أهل الدنيا مصائبهم من نوع آخر، مصائب المؤمنين مصائب دفع ورفع، الله عز وجل يدفعنا إلى بابه، ويرفع مقامنا عنده، أما الأنبياء فمصائبهم مصائب كشف، تكشف حقيقتهم من خلال بعض المصائب، إذاً لا بد من فهم المصيبة فهماً إيمانياً، الرضا بمكروه القضاء أرفع درجات اليقين:

﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ*الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ*أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ﴾

[ سورة البقرة: 155-157 ]

15 ـ الابتعاد عن الأجواء الإيمانية :

 أيها الأخوة الكرام، هذه المظاهر ما أسبابها؟ قال: الابتعاد عن الأجواء الإيمانية، المسجد فيه جو إيماني، أن تجلس مع مؤمن في جو إيماني، كلما ابتعدت عن الأجواء الإيمانية اقتربت من مظاهر ضعف الإيمان.

16 ـ عدم طلب العلم الشرعي :

 شيء آخر: عدم طلب العلم الشرعي، ينبغي أن تطلب العلم الشرعي ولا سيما العلوم الشرعية المتعلقة بحرفتك، تعمل تاجراً أحكام البيع والشراء، من دخل السوق من دون فقه أكل الربا شاء أم أبى، لا بد من طلب العلم ولا سيما الأحكام الشرعية المتعلقة باختصاصك أو حرفتك.

17 ـ الجلوس في مجتمع فاسد :

 شيء آخر: أن تجلس في مجتمع فاسد، في هذا المجتمع لا تستطيع أن تضبط إيمانك، قال تعالى:

﴿ وَإِذْ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ ﴾

[ سورة الكهف: : 16 ]

 إذا كان المجتمع متفلتاً ينبغي أن تبتعد عنه، هذه حمية نفسية.

 

18 ـ طول الأمل :

 

 شيء آخر: طول الأمل، قال لي شخص: فلان حيران بكسوة بيته يا ترى يعمل التمديدات تحت البلاط أم ظاهرة؟ إذا كانت تحت البلاط بعد عشرين سنة تصاب بخلل فيكسر البلاط، بقي مدة طويلة و هو يفكر بهذا الشيء، يعتقد أنه سيعيش عشرين سنة، علامة الإيمان يرى الموت قريباً منه، القرب من الآخرة يجعلك جاهزاً لاستقبال الموت.

19 ـ الانشغال بالزوجة والأولاد والعمل فقط والبعد عن أي نشاط ديني :

 أيها الأخوة الكرام، طول الأمل أحد أسباب ضعف الإيمان، والانشغال بالزوجة والأولاد والعمل فقط، والبعد عن أي نشاط ديني، هذا أحد أسباب ضعف الإيمان.
 أيها الأخوة الكرام، أرجو الله عز وجل أن تكون هذه الكلمات نبراساً لنا جميعاً، لعل الله عز وجل يرحمنا بها، وأرجو لكم التوفيق والنجاح، وكل عام وأنتم بخير.

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور