- أسماء الله الحسنى
- /
- ٠2أسماء الله الحسنى 2008م
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
من أسماء الله الحسنى: ( الخلاّق ):
1 – معنى ( الخلاّق ):
أيها الإخوة الكرام، لا زلنا في اسم الله ( الخلاّق )، و( الخلاّق ) كما قلت صيغة مبالغة من الخالق، والخالق، هو الذي خلق كل شيء من لا شيء على غير مثال سابق.
2 – الفرق بين خلق الله ونسبة الخلق إلى الإنسان:
أما إذا نسبنا مجازاً إلى الإنسان الخلق فهو الذي يصنع شيئاً من كل شيء، وعلى مثال سابق، لذلك فرق كبير بين صنعة الإنسان وبين صنعة الواحد الديان.
على كلٍّ، ( الخلاّق ) هو المبدع كَمًّا وكيفاً، وقد قال الله عز وجل:
﴿ الَّذِي أَحْسَن كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ ﴾
التفكَّر عبادة من العبادات:
وبالمناسبة، هناك عبادة هي أرقى عبادة على الإطلاق، إنها عبادة التفكر، الأصل فيها قوله تعالى:
﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾
الله سبحانه وتعالى أودع في الإنسان قوة إدراكية، ونصب له كوناً ينطق بكل تفاصيله بوجود الله، ووحدانيته، وكماله، وقد قال الله عز وجل:
﴿ الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ ﴾
والله عز وجل جعل التفكر بآياته الكونية والتكوينية والقرآنية سبيلاً إلى معرفته، قال تعالى:
﴿ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ ﴾
أي ليس هناك من طريق للإيمان لعظمة الله إلا التفكر في آياته.
﴿ إِنَّ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللّهِ لاَ يَهْدِيهِمُ اللّهُ ﴾
الكون صورة للقدرة للإعجاز والقدرة الربانية:
فلذلك يمكن أن نقف وقفة متأنية عند خلق السماوات والأرض، هذا الكون هو ما سوى الله، وعُبر عنه في القرآن الكريم بمصطلح السماوات والأرض، السماوات والأرض مصطلح قرآني، يعني الكون، والكون ما سوى الله.
الكون متحرّك:
الكون متحرك، وبناء على قانون الجاذبية لولا أنه متحرك لاجتمع الكون كله في كتلة واحدة، المليار مليار مجرة، وكل مجرة فيها مليار مليار نجم، لولا أن الكون متحرك، لولا أن كل كوكب يتحرك ويدور حول كوكب آخر لاجتمع الكون كله في كتلة واحدة.
أما بحركة الكوكب فتنشأ عنها قوة نابذة تكافئ القوة الجاذبة، فالمحصلة حركة مع سكون، أو سكون حركي، وهذا شيء دقيق جداً، أنه شيء متحرك ويبدو ساكنًا.
الأرض متحركة، في الثانية تقطع ثلاثين كيلومترا في الثانية، في عشر ثوانٍ 300 كم، في عشرين ثانية 600 كم، في ستين ثانية ساعة، ففي الساعة نقطع مئات ألوف الكيلو مترات، هذا شيء من مسلَّمات العلم الفلكي:
﴿ الَّذِي أَحْسَن كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ ﴾
لما يعوِّد الإنسان نفسه بأن يجول في آيات الله الدالة على عظمته يزداد معرفة بالله، لأن الله سبحانه وتعالى:
﴿ لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ ﴾
سرعة الضوء:
ولكن العقول تصل إليه، فإذا كان بُعْد أقرب نجم ملتهب عنا أربع سنوات ضوئية، وأي طالب في الإعدادي يحسب، الضوء سرعته 300 ألف كم في الثانية، ضرب ستين بالدقيقة، ضرب ستين بالساعة، ضرب 24 باليوم، ضرب 365 بالسنة، ضرب أربعة، في ثوان يُحسب هذا الرقم، لو أن طريقًا معبدًا لهذا الكوكب، ومعنا مركبة أرضية، سرعتنا 100، قسم هذه المسافة على 100، الناتج كم ساعة، قسم على 24 كم يوم، قسم على 365 كم سنة، من أجل أن نصل إلى أقرب نجم ملتهب نحتاج إلى 50 مليون عام، من أجل أن تعرف ماذا تعني أربع سنوات ضوئية، أربع سنوات ضوئية تعني قيادة مركبة إلى هذا الكوكب خمسين مليون عام، الإنسان كل عمره مئة عام إذا عاش هذا السن.
هناك شيء في الكون مذهل، أربع سنوات خمسين مليون عام، أربعة آلاف سنة بُعد نجم القطب عنا، من أربع سنوات لأربعة آلاف سنة، مليونا سنة ضوئية، المرأة المسلسلة عشرين مليار سنة، بُعد أحد الكواكب، لذلك:
﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء ﴾
وكلمة ( إنما ) تعني أن العلماء وحدهم ولا أحد سواهم، لذلك:
﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ ﴾
إذا كانت الشمس تكبر الأرض بمليون و300 ألف مرة، وجوف الشمس يتسع لمليون و300 ألف أرض، وبين الأرض والشمس 156 مليون كم، وأن نجماً صغيراً أحمر اللون في برج العقرب اسمه قلب العقرب يتسع للشمس والأرض مع المسافة بينهما.
﴿ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ﴾
هذا الإله العظيم يعصى ؟ ألا يخطب وده ؟ ألا ترجى جنته ؟ ألا تخشى ناره ؟
إذاً: لولا أن كل كوكب يتحرك، وينشأ عن هذه الحركة قوة نابذة تكافئ القوة الجاذبة لاجتمع الكون كله في كتلة واحدة:
﴿ الَّذِي أَحْسَن كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ ﴾
تفاوت درجة انصهار العناصر في الكون:
تصور أن كل عناصر الكون يحكمها قانون الانصهار، كلما ارتفعت الحرارة ازدادت سرعة الذرات، فأخذ الجسم أو العنصر شكلاً، من الحالة الصلبة إلى الحالة اللزجة، إلى الحالة المائعة، إلى الحالة الغازية، أيّ شيء إذا رفعت حرارته انتقل من حالة الصلابة إلى الميوعة، إلى الغازية، حتى صخور البازلت ترونها تمشي في البراكين كالأنهار، ولو ـ نظرياً ـ رفعنا الحرارة أكثر لأصبح صخر البازلت بخاراً، هذا قانون.
الآن دقق: لو أن كل عناصر الكون لها درجة انصهار واحدة، ما الذي يحصل ؟ الكون كله إما أنه صلب، أو مائع، أو غاز، أما أنت ترى طاولة صلبة، ومقعد وثير لين، وماء تشربه، وهواء تستنشقه، من الذي قنن أن كل عنصر في الأرض له درجة انصهار، لولا هذا التفاوت في درجات الانصهار لكان الكون كله في حالة واحدة، أنت عندك بيت من الإسمنت، صلب، فيه حديد، فيه مقاعد وثيرة، فيه ماء تشربه، فيه هواء تستنشقه، فيه غازات، فيه سوائل، فيه معادن.
إذاً: لو فكرنا في أن درجة انصهار العناصر متفاوتة لعرفنا قيمة هذه النعمة.
تناسق الأرض وتناسبها لحجم الإنسان:
أيها الإخوة، أنت وزنك بالأرض 60 كغ، على القمر عشرة كغ، على كوكب بحجم الشمس ضرب مليون ضعف، 60 مليون كغ، من صمم الأرض بحجم يتناسب معنا ؟ هذا من نعم الله الكبرى، أنك موجود على كوكب وزنك 60 كغ، لكن على كوكب آخر قد يكون الوزن 60 مليون كغ، صارت الحركة أشغالا شاقة إذاً: من جعل هذه الأرض متناسبةً مع حاجاتك.
دوران الأرض على محور متعامدٍٍ لمستوى دورانها:
شيء آخر، الأرض تدور، دقق في هذا الكلام، لو أن الأرض تدور على محور موازٍ لمستوى دورانها، أي الشمس تدور هكذا لانتهت الحياة، تدور هكذا، وجه فيه أشعة شمس بشكل دائم، هذا الوجه حرارته 350 درجة، تنتهي الحياة، والقسم الثاني حرارته 270 تحت الصفر، هذا لو أن الأرض تدور على محور موازٍ لمستوى دورانها، من الذي صمم أنها تدور على محور مبدئياً متعامد مع مستوى دورانها، لما دارت الأرض على محور متعامد مع مستوى دورانها كان الليل والنهار.
﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ ﴾
لو أن سرعة الأرض عالية جداً في دورانها، الليل ساعة، والنهار ساعة لاضطربت الحياة، لو أنها بطيئة، الليل شهر، والنهار شهر، وأنت طاقتك 8 ساعات عمل، يجب في النهار أن تعمل وترتاح، وتعمل وترتاح، الحياة اضطربت، هذا نائم، هذا مستيقظ، الأرض كلها يلفها الظلام في 12 ساعة، وكلها يلفها النور والضياء في 12 ساعة.
لذلك دوران الأرض على محور ليس موازياً لمستوى دورانها ينشأ منه الليل والنهار، لو أن الأرض تدور حول الشمس على محور عمودي على مستوى دورانها صار هنا الصيف إلى أبد الآبدين، وهنا الشتاء إلى أبد الآبدين، ليس هناك في فصول، لأنها تدور حول محور مائل على مستوى دورانها، تدور هكذا، هنا الصيف، فلما انتقلت إلى هنا صار الشتاء، هنا الشتاء وهنا الصيف، إذا جاءت أشعة الشمس عمودية على سطح الأرض كان الصيف، فإذا جاءت مائلة كان الشتاء، لما يقول الله لك:
﴿ وَمِنْ آيَاتِه اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ ﴾
وقدر أقواتها في أربعة أيام، يعني الصيف، والشتاء، والربيع، والخريف، هذا النظام نظام غذائي أيضاً.
لذلك أيها الإخوة:
﴿ وَكَأَيِّن مِّن آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ ﴾
يجب أن تتفكر، والله عز وجل يقول لك:
﴿ وَمِنْ آيَاتِه اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ ﴾
دوران الأرض حول الشمس:
الآن الأرض تدور حول الشمس بمسار إهليلجي، والمسار الإهليلجي فيه قطر أطول، وقطر أصغر، الآن الأرض في اتجاه إلى القطر الأصغر، المسافة في القطر الأصغر قلّت، الجاذبية ازدادت، فهناك احتمال أن تنجذب الأرض إلى الشمس، وإذا انجذبت إلى الشمس تبخرت في ثانية واحدة، لأن جوف الشمس الحرارة فيه عشرون مليون درجة، ما الذي يمنع أن تنجذب الأرض إلى الشمس وتنتهي الحياة ؟ الذي يمنع هذا أن الله جل جلاله يرفع سرعتها، فإذا ارتفعت سرعتها نشأ عن هذه السرعة الزائدة قوة نابذة زائدة تكافئ القوة الجاذبة الزائدة، وتبقى على مسارها.
﴿ إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَن تَزُولَا ﴾
من آيات الله الدالة على عظمته أن تبقى الأرض على محور دورانها، وعلى خط سيرها حول الشمس، الآن تجاوزت هذه المنطقة التي فيها القطر أصغر، ورفعت سرعتها فنشأ من هذه السرعة الزائدة قوة نابذة تكافئ القوة الجاذبة فبقيت على مسارها، فلما وصلت إلى القطر الأطول الجاذبية ضعفت، والسرعة عالية، هناك احتمال كبير أن تتفلت الأرض من جاذبية الشمس، فإن تفلتت انتهت الحياة، لأنها تصبح قبراً جليدياً.
إذا ابتعدت الأرض عن مصدر الطاقة والحرارة تصبح قبراً جليدياً، 270 تحت الصفر، وتنتهي الحياة، من الذي يخفض سرعتها هنا من أجل أن ينشأ عن تخفيض السرعة قوة نابذة أقلّ تكفئ القوة الجاذبة الأقل ؟ الله جل جلاله، لذلك:
﴿ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ ﴾
الشمس طاقة وضياء:
من قال: هناك كواكب منطفئة في الأرض، وهناك كواكب ملتهبة، لولا أن هناك كواكب ملتهبة، وكواكب منطفئة لما كانت الحياة، الشمس مصدر الطاقة، والشمس متألقة من خمسة آلاف مليون عام، والعلماء يقدرون أن عمر الشمس يستمر إلى خمسة آلاف مليون عام أخرى، هذه الطاقة من أودعها فيها ؟
﴿ وَمِنْ آيَاتِه اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ ﴾
الهواء:
أيها الإخوة، من الذي خلق الهواء ؟ الهواء طبقة فوق الأرض، سمك هذه الطبقة 65 ألف كم، من الذي قنن هذا الهواء أن يتحرك مع الأرض ؟ لو أن حركة الهواء منفصلة عن حركة الأرض ما الذي يحصل ؟ ينشأ تيارات أعاصير على سطح الأرض سرعتها 1600 كم.
مرة في دمشق هبت رياح عاصفة هُدمت أبنية، وانهارت جدران، وانهارت أسوار، السرعة كانت 125 كم، فإذا كانت السرعة 1600 كم لا يبقَى على وجه الأرض شيء، لو أن الهواء ثابت والأرض تدور، من الذي قدر أن الهواء يدور مع الأرض، لذلك:
﴿ قُلْ سِيرُواْ فِي الأَرْضِ ﴾
ما قال: على الأرض، لأن الهواء مع الأرض، أنت تمشي في الأرض لا على الأرض، لأن الهواء عُدّ مع الأرض، لذلك لولا أن الهواء ثابت مع الأرض لهُدم كل شيء على سطح الأرض، وبعض الأعاصير بأمريكا تقترب سرعتها من 500 كم لا يبقَى شيء على وجه الأرض، تُدمر مدنًا بأكملها.
فلذلك أيها الإخوة، الهواء أولاً وسيط، ولولا الهواء لما سمعت كلامي، رواد الفضاء على سطح القمر يتكلمون باللاسلكي بينهم، يكون واقفًا إلى جانب الرائد لا يسمعونه، هناك وسيط، الهواء وسيط ينقل لك الصوت، ينقل لك الحرارة، فالهواء وسيط، هو ينقل لك الدفء، والحرارة، والصوت.
الماء:
من الذي خلق الماء، لا لون له، ولا طعم له، ولا رائحة، وسيط أيضاً.
﴿ مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ﴾
لو أن الفكر انطلق في التفكر في خلق السماوات والأرض لعرف الله، هذا الإله العظيم ينبغي أن يُطب وده، وهذا الإله العظيم ينبغي أن يطاع فلا يعصى.
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ ﴾
قال علماء التفسير: معنى:
﴿ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ ﴾
أي: أن تطيعه فلا تعصيه، وأن تشكره فلا تكفره، وأن تذكره فلا تنساه.
المشيمة:
أيها الإخوة، حينما يولد الطفل ينزل من رحم الأم مع قرص لحمي اسمه المشيمة، وهذه المشيمة قرص لحمي يجتمع فيها دم الوليد مع دم أمه، في أثناء الحمل يجتمع دم الأم مع دم الجنين في المشيمة، ولا يختلطان، ولكل دم زمرته، كيف ؟ لأن بين الزمرتين غشاء سماه علماء الطب الغشاء العاقل، لأنه يقوم بأعمال يعجز عنها العقلاء، ما هذه الأعمال ؟
أولاً: هذا الغشاء العاقل بين دم الأم ودم الجنين، ولا يختلطان، ولو أن إنساناً أعطي دماً من زمرة غير زمرته لمات فوراً بما يسمى انحلال الدم، الغشاء العاقل يأخذ الأوكسجين من دم الأم، ويطرحه في دم الجنين، ثم يأخذ السكر من دم الأم، ويطرحه في دم الجنين، لما أخذ الأوكسجين قام بدور جهاز التنفس، ولما أخذ السكر قام بدور جهاز الهضم، ثم يأخذ الأنسولين من دم الأم، ويطرحه في دم الجنين، صار بدم الجنين سكر و أوكسجين وأنسولين، احترق السكر، ولد طاقة، والجنين حرارته 37، من أين جاءت هذه الحرارة ؟ من احتراق السكر بالأوكسجين عن طريق الأنسولين الذي أمنه الغشاء العاقل من دم الأم إلى دم الجنين، وينشأ عن هذا الاحتراق ثاني أوكسيد الكربون، يأتي الغشاء العاقل فيأخذ ثاني أوكسيد الكربون من دم الجنين ويطرحه في دم الأم، لذلك جزء من نفس الأم هو نفس جنينها، أنفاس الأم في أثناء التنفس جزء منه أنفاس دم الجنين، الآن الغشاء العقل يأخذ من دم الأم عوامل المناعة، فجميع الأمراض التي أصيبت بها الأم تنتقل عوامل مناعتها إلى دم الجنين، فالجنين محصن من كل الأمراض التي أصيبت بها أمه، يدُ من ؟ يد الله عز وجل.
الآن الغشاء العاقل يأخذ من دم الأم كل حاجات الجنين الغذائية، البروتينات والشحوم، والشحوم الثلاثية، والسكريات، والنشويات، والمعادن، وأشباه المعادن والفيتامينات، يأخذ كل عناصر الغذاء من دم الأم بنسب تتبدل كل ساعة، لو أوكِل أمر الغشاء العاقل إلى نخبة من أطباء الأرض لمات الجنين في ساعة واحدة، يأخذ هذا الغشاء العاقل من دم الأم كل عوامل التغذية، ومكونات الغذاء بمعايير دقيقة جداً فيطرحها في دم الأم، يأخذها من دم الأم، ويطرحها بدم الجنين، يكون الهضم وما يسمى بالاستقبلاب، ينتج عن هذا الهضم حمض البول، يأتي الغشاء العاقل فيأخذ حمض البول من دم الجنين، ويضعه في دم الأم، فجزء من بول الأم هو بول جنينها.
وقد يحتاج الجنين إلى مادة غذائية معينة، فيكيف يخبر أمه ؟ لا طريق للتواصل بينهما، عن طريق أن الأم تشتهي طعاماً في أثناء الحمل فيه هذه المادة، تصميم من ؟ خلق من ؟
لذلك أيها الإخوة:
﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾
التفكر في خلق السماوات والأرض يضعك أمام عظمة الله، وأنت إذا عرفت الله عز وجل فلا بد من أن تطيعه، وسبحان الله عز وجل ! قال بعض الشعراء:
تعصي الإله وأنت تظهر حبه ذاك لعمري في المقال شنيع
لـو كان حبك صادقا لأطعته إن المحب لـمن يحب يطيع
***