وضع داكن
19-04-2024
Logo
الخطبة : 1091 - ذكر الله - استغلال الأوقات بالذكر .
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الخــطــبـة الأولــى :

     الحمد لله نحمده، ونستعين به، ونسترشده، ونعوذ به من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضل له، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إقراراً بربوبيته، وإرغاماً لمن جحد به وكفر، وأشهد أن سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم رسول الله، سيد الخلق والبشر، ما اتصلت عين بنظر، أو سمعت أذن بخبر، اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين أمناء دعوته وقادة ألويته و ارضَ عنا وعنهم يا رب العالمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم، إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.

ذكر الله تعالى أفضل عبادة تدور مع الإنسان :

     أيها الأخوة الكرام، مع هذا الحديث الشريف الصحيح، يقول عليه الصلاة والسلام:

(( ألا أنبئكم بخير أعمالكم ))

[ الترمذي عن أبي الدرداء رضي الله عنه]

     وقبل أن أتابع سيدنا سعد بن أبي وقاص يقول: ثلاثة أنا فيهن رجل، ومعنى رجال في القرآن وفي السنة لا تعني أنه ذكر، تعني أنه بطل، ثلاثة أنا فيهن رجل، وفيما سوى ذلك أنا واحد من الناس، من هذه الثلاثة: وما سمعت حديثاً من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا علمت أنه حق من الله تعالى.
     في ضوء هذا القول لسيدنا سعد بن أبي وقاص تابعوا معي هذا الحديث:

(( ألا أنبئكم بخير أعمالكم، على الإطلاق خير اسم تفضيل، وأزكاها عند مليككم، أرقاها عند الله عز وجل، وأرفعها في درجاتكم، هذا العمل يرفعك إلى أعلى عليين، وخير لكم من إنفاق الذهب والورق، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم، قالوا: بلى، قال: ذكر الله تعالى. ))

[ الترمذي عن أبي الدرداء رضي الله عنه]

     لا يوجد عبادة تدور مع الإنسان ليلاً نهاراً، صباحاً مساءً، وأنت متزوج وغير متزوج، وفي الطريق، وفي بيتك، وفي عملك، صحيح، مريض، لا يوجد عبادة تدور مع الإنسان في كل أوقاته، وفي كل شؤون حياته كهذه العبادة، إذا قرأت القرآن فأنت ذاكر، وإذا دعوت الله فأنت ذاكر، وإذا استغفرت فأنت ذاكر، وإذا ناجيت الله فأنت ذاكر، وإذا فتحت كتاب فقه كي تعرف الحكم الشرعي في موضوع ما فأنت ذاكر، وإذا دعوت إلى الله فأنت ذاكر، وإذا رويت حديثاً عن رسول الله فأنت ذاكر، عبادة تدور معك، راكب سيارة من دمشق إلى حلب ذكرت الله عز وجل فأنت ذاكر.

 

أفضل الذكر لا إله إلا الله وأفضل الدعاء الحمد لله :

     مرة ثانية:

(( ألا أنبئكم بخير أعمالكم، وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إنفاق الذهب والورق، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم، فتضربوا أعناقهم، ويضربوا أعناقكم، قالوا: بلى، قال: ذكر الله تعالى. ))

[ الترمذي عن أبي الدرداء رضي الله عنه]

     حديث آخر:

(( الدنيا ملعونة، الدنيا من شأنها أنها تبعدك عن الله، ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما والاه وعالم أو متعلم ))

[ الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه]

     أجمل ما في الدنيا، أجمل لقاء مذاكرة العلم، أجمل حضورٍ حضور مجلس علم، وعالم أو متعلم.
     يقول الإمام علي رضي الله عنه: الناس ثلاثة، عالم رباني، و متعلم على سبيل النجاة، و همج رعاع أتباع كل ناعق لم يستضيؤوا بنور العلم، و لم يلجؤوا إلى ركن وثيق، فاحذر يا كميل أن تكون منهم.

(( أفضل الذكر لا إله إلا الله وأفضل الدعاء الحمد لله))

[ الترمذي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما ]

     التوحيد ألا ترى مع الله أحداً، الخير عند الله، الخير توفيق الله، الخير رزق الله.

 

من كان مع الله كان الله معه و تجلى على قلبه بالسكينة و الحكمة :

     أيها الأخوة:

(( أفضل الذكر لا إله إلا الله ))

[ الترمذي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما ]

     معناها ألا ترى مع الله أحداً، ألا ترى رازقاً إلا الله، ألا ترى معطياً إلا الله، ألا ترى مانعاً إلا الله، ألا ترى معزاً إلا الله، ألا ترى مذلاً إلا الله، ألا ترى رافعاً إلا الله، ألا ترى خافضاً إلا الله:

(( وأفضل الدعاء الحمد لله))

[ الترمذي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما ]

(( عَنْ حَنْظَلَةَ الأُسَيِّدِىِّ قَالَ - وَكَانَ مِنْ كُتَّابِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ - لَقِيَنِى أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ كَيْفَ أَنْتَ يَا حَنْظَلَةُ قَالَ قُلْتُ نَافَقَ حَنْظَلَةُ قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ مَا تَقُولُ قَالَ قُلْتُ نَكُونُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يُذَكِّرُنَا بِالنَّارِ وَالْجَنَّةِ حَتَّى كَأَنَّا رَأْىَ عَيْنٍ فَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللَّهِ عَافَسْنَا الأَزْوَاجَ وَالأَوْلاَدَ وَالضَّيْعَاتِ فَنَسِينَا كَثِيرًا، انظر إلى أدب الصديق، قَالَ أَبُو بَكْرٍ فَوَاللَّهِ إِنَّا لَنَلْقَى مِثْلَ هَذَا. تطيباً لقلبه، فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قُلْتُ نَافَقَ حَنْظَلَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « وَمَا ذَاكَ ». قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ نَكُونُ عِنْدَكَ تُذَكِّرُنَا بِالنَّارِ وَالْجَنَّةِ حَتَّى كَأَنَّا رَأْىَ عَيْنٍ فَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِكَ عَافَسْنَا الأَزْوَاجَ وَالأَوْلاَدَ وَالضَّيْعَاتِ نَسِينَا كَثِيرًا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ إِنْ لَوْ تَدُومُونَ عَلَى مَا تَكُونُونَ عِنْدِى وَفِى الذِّكْرِ لَصَافَحَتْكُمُ الْمَلاَئِكَةُ عَلَى فُرُشِكُمْ وَفِى طُرُقِكُمْ وَلَكِنْ يَا حَنْظَلَةُ سَاعَةً وَسَاعَةً ». ثَلاَثَ مَرَّاتٍ ))

[ مسلم عن حنظلة الأُسَيِّدِىِّ رضي الله عنهما ]

     الذكر، إذا كنت ذاكراً أنت مع الله، وإذا كنت مع الله كان الله معك، وإذا كنت مع الله تجلى على قلبك، وإذا كنت مع الله ألقى عليك السكينة، إذا كنت مع الله أعطاك الحكمة، إذا كنت مع الله أعطاك الرضا.

(( إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا قال: وما رياض الجنة ؟ قال حلق الذكر ))

[ الترمذي عن أنس بن مالك رضي الله عنه]

               مجلس علم، جلسة فيها مذاكرة القرآن الكريم، جلسة فيها مذاكرة لحديث رسول الله، جلسة فيها حديث عن الصحابة الكرام.

 

أول موضوع في الذكر في القرآن الكريم كثرة الذكر :

     أيها الأخوة هذه مقدمة، الذكر ورد في القرآن الكريم أكثر من مئة وأربعين مرة، لكن أول موضوع في الذكر في القرآن الكريم كثرة الذكر لماذا ؟ لأن المنافق يذكر الله لكن قليلاً، قال تعالى:

﴿ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا (142) ﴾

(سورة النساء)

     فالأمر للمؤمنين:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيراً ﴾

( سورة الأحزاب )

من أكثر ذكر الله برئ من النفاق :

     التركيز على كلمة كثيراً، تحت كثير ضع خطاً أحمر:

﴿ وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا(42)هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا(43) ﴾

( سورة الأحزاب )

     آية ثانية:

﴿ وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ(41) ﴾

( سورة آل عمران )

     لذلك قال النبي عليه الصلاة والسلام:

(( من أكثر ذكر الله فقد برئ من النفاق ))

[ أخرجه الطبراني في الصغير عن أبي هريرة ]

     آية ثالثة:

﴿ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ ﴾

( سورة آل عمران الآية: 191 )

     هناك حالة رابعة ؟ واقف، مضجع، جالس، أي يذكرون الله دائماً:

﴿ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ (191) ﴾

( سورة آل عمران)

     هنا معنى جديد، هذا عطف الخاص على العام.

 

التفكر في خلق السماوات والأرض أحد أهم أنواع الذكر :

     أحد أهم أنواع الذكر التفكر في خلق السماوات والأرض، لأنك إن تفكرت في خلق السماوات والأرض عرفت الله، وإذا عرفت الله عرفت كل شيء، وإن فاتتك معرفة الله فاتك كل شيء:

﴿ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ(191) ﴾

( سورة آل عمران)

     آية الأمر تقتضي أن تأتمر، وآية النهي تقتضي أن تنتهي، آية مشاهد الجنة تقتضي أن تعمل للجنة، آية مشاهد النار تقتضي أن تفر منها، آية الأمم السابقة تقتضي أن تتعظ، والآيات الكونية التي تقترب من ألف آية ما موقفك منها ؟ أن تتفكر في خلق السماوات والأرض لذلك قال تعالى:

﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾

( سورة آل عمران )

 

الأمر بالذكر مرتبط بالكثرة لأن المنافق يذكر الله قليلاً :

     آية خامسة:

﴿ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا (227) ﴾

( سورة آل عمران )

     الأمر بالذكر مرتبط بالكثرة لأن المنافق يذكر الله قليلاً.

 

وقت الذكر و مكانه :

     وقت الذكر:

﴿ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً (62) ﴾

( سورة الفرقان )

     أي يأتي النهار بعد الليل، والليل بعد النهار:

﴿ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا (62) ﴾

( سورة الفرقان )

     أي قبيل طلوع الشمس وقبيل غروبها لا تعجز عن الذكر، مكان الذكر بأي مكان، إلا أن أرقى أنواع الذكر ما كان في المسجد:

﴿ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ ﴾

( سورة النور الآية: 36 )

     أي ينبغي ألا يذكر في بيوت الله إلا اسم الله تعالى:

﴿ وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا(18) ﴾

( سورة الجن )

﴿ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ(36)رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ(37) ﴾

( سورة النور )

الصلاة أفضل أنواع الذكر :

     والصلاة أفضل أنواع الذكر، قال تعالى:

﴿ إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمْ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي(14) ﴾

( سورة طه )

﴿ اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ الْكِتَابِ وَأَقِمْ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ (45) ﴾

( سورة العنكبوت)

     قال علماء التفسير ذكر الله أكبر ما فيها.

 

موضوعات الذكر لا تعد و لا تحصى فعلى الإنسان أن يذكر الله على نعمه الكثيرة ومنها:

1 ـ نعمة الإيجاد:

     الآن موضوعات الذكر:

﴿ أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُنْ شَيْئًا(67) ﴾

( سورة مريم)

     هل تذكر نعمة الله عليك أن أوجدك، نعمة الإيجاد:

﴿ أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُنْ شَيْئًا(67) ﴾

( سورة مريم)

﴿ هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا (1) ﴾

( سورة الإنسان )

     أول موضوع نعمة الإيجاد، أنت موجود بفضل الله عز وجل.

2 ـ نعمة ذكر الآلاء:

     نعمة ذكر الآلاء، الكون كله يدل على الله، الكون مظهر لأسماء الله الحسنى، قال تعالى:

﴿ فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ(69) ﴾

( سورة الأعراف )

     آياته الكونية، لك سمع، لك بصر، لك شعر، لك دماغ، أمامك ماء، أمامك زوجة، أولاد، في جبال، في أنهار، في بحيرات، في أطيار، في أسماك، في نباتات:

﴿ فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ(69) ﴾

( سورة الأعراف )

من لم يُدخل الدار الآخرة في حساباته خسر الدنيا و الآخرة :

     موضوع ثان، الموضوع الخطير:

﴿ إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ(46) ﴾

( سورة ص )

     هل اليوم الآخر داخل في حساباتك ؟ قبل أن تعقد صفقة هل تحاسب عليها يوم القيامة ؟ مادة محرمة، قبل أن تفعل شيئاً هل تتساءل ماذا أجيب الله يوم القيامة ؟ من أكبر نعم الله بعد الإيمان به أن تذكر كل دقيقة اليوم الآخر، قبل أن تعطي، قبل أن تمنع، قبل أن تغضب، قبل أن ترضى، قبل أن تصل، قبل أن تقطع، قبل أن تطلق زوجتك، قبل أن تعقد عقداً على فتاة لا ترضي الله، قبل أن تنسحب من شريك، إذا سألك الله يوم القيامة بماذا تجيب ؟

﴿ إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ(46) ﴾

( سورة ص )

     تذكر الدار الآخرة دائماً، سألوا طالباً حصّل الدرجة الأولى على وطنه في الشهادة الثانوية، بما نلت هذا التفوق ؟ قال: لأن لحظة الامتحان لم تغادر مخيلتي ولا ثانية، إذا ذكرت الموت والدار الآخرة، ذكرت القبر، ذكرت العذاب، الجنة، النار، الصراط، أن تكون مع الأنبياء يوم القيامة، هل أدخلت الآخرة في حساباتك ؟ والله الذي لا إله إلا هو معظم المسلمين موضوع الدار الآخرة ليس داخلاً في حساباتهم أبداً بدليل الكسب الحرام أحياناً، والغش، والكذب وما إلى ذلك.

 

على المؤمن التمسك بأحكام الله عز وجل بقوة :

     من أفضل أنواع الذكر:

﴿ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ (171) ﴾

( سورة الأعراف )

     كيف ؟

﴿ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ (171) ﴾

( سورة الأعراف )

     لو بحثت في حكمة الصلاة، الصيام، حكمة الحج، حكمة تحريم الربا، الآن ظهر للعالم كله ماذا يعني أن الربا عند المسلمين محرم، هذا تشريع خالق الكائنات، تشريع رب الأرض والسماوات:

﴿ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (171) ﴾

( سورة الأعراف )

3 ـ النعم التي تخص الإنسان:

     الآن اذكر نعمة الله عليك التي خصك بها، كان عليه الصلاة والسلام إذا نظر في المرآة قال:

(( اللهم كما حسنت خلقي فحسن خلقي ))

[ الجامع الصغير بسند صحيح عن ابن مسعود ]

     الله أقامك في وضع كامل ؛ حواس، أعضاء، أجهزة كاملة، معك مفتاح بيت، لك زوجة، لك أولاد:

﴿ اذْكُرُوا نِعْمَتِي الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ (40) ﴾

( سورة البقرة)

     هذا موضوع للذكر، وجدت طعاماً في بيتك، لك غرفة نوم، غرفة ضيوف، مطبخ، حمام، زوجة، أولاد، هذه نعم كبرى، كان إذا دخل بيته يقول: الحمد لله الذي آواني وكم من لا مأوى له.

4 ـ نعمة المحبة بين المؤمنين:

     موضوع آخر:

﴿ وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ (103) ﴾

( سورة آل عمران )

     أي إذا كنت مع أخ مؤمن شعرت بمحبة تجاهه، هناك وفاء، هناك إخلاص، استأنست به نعمة كبيرة، لك أخوة مؤمنون، لك أخوة محبون، لك أخوة أوفياء لك:

﴿ وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ (103) ﴾

( سورة آل عمران )

﴿ وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ (86) ﴾

( سورة الأعراف )

     إذا دخلت إلى مسجد وجدته ممتلئاً الحمد لله هناك إقبال على الدين، لست وحدك في التدين:

﴿ وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمْ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنْ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ(26) ﴾

( سورة الأنفال )

5 ـ نعمة ذكر اسم الله:

     موضوعات الذكر:

﴿ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ (4) ﴾

( سورة المائدة)

     قبل أن تشرب سمِّ الله، ما معنى تسمية على كأس الماء ؟ أي أن هذه النعمة نعمة الله عز وجل، كم إنسان مات وهو في البحر ؟ يعني البحر أربعة أخماس الأرض، وكم من باخرة غرقت، والذين ركبوا قارب النجاة ماتوا عطشاً وهم فوق سطح البحر ؟ من جعل هذا الماء عذباً زلالاً بعد أن كان ملحاً أجاجاً ؟ إنه الله، التسمية أن تذكر نعمة الله عليك، والتسمية أن تشرب وفق منهج رسول الله:

(( مصوا الماء مصاً، ولا تعبوه عباً فإن الكباد من العب ))

[ البيهقي في الشعب عن عائشة]

     التسمية قبل أن تأكل، أن ترى أن هذا الطعام لم تدفع ثمنه لكنك دفعت أجرة خدمته، لو معك ملايين مملينة هذه الملايين لا يمكن أن تصنع تفاحة تأكلها، الذي خلقها هو الله، تقول اشتريته بمالي، دفعت ثمن خدمته فقط.

6 ـ نعمة النصر و النجاة من عدو مخيف:

     في تاريخ حياتك هناك أزمات، لك عدو مخيف نجاك الله منه هذا يوم، دخلت امتحاناً صعباً نجحت فيه، بحثت عن وظيفة سبع سنوات ثم عينت في وظيفة جيدة، هذه أيام الله قال تعالى:

﴿ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ (5) ﴾

( سورة إبراهيم )

     يوم الله نصرك، يوم وفقك، كان هناك شبح مرض خبيث، ظهر ورم حميد هذا يوم من أيام الله، كان في شبح أن تبقى عازباً الله هيأ لك من يقدم لك مساعدة، تزوجت، وعندك بيت، وعندك أولاد، هذه من أيام الله عز وجل:

﴿ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ(5) ﴾

( سورة إبراهيم )

     لك عدو مخيف حقود نجاك الله منه:

﴿ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنجَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ (6) ﴾

( سورة إبراهيم )

من غفل عن الله و غرق بالدنيا وقع في مصيبة ليعود إلى الطريق السليم :

     هذه موضوعات الذكر، غفلت عن الله عز وجل غرقت في الدنيا نسيت:

﴿ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِي رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا(24) ﴾

( سورة الكهف )

     لا سمح الله ولا قدر وقعت في معصية:

﴿ وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ (135) ﴾

( سورة آل عمران )

     موضوعات الذكر، وقت الذكر، مكان الذكر، كثرة الذكر.

 

كيفية الذكر :

1 ـ التذلل لله عز وجل أثناء الذكر:

     الآن كيفية الذكر:

﴿ وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا (205) ﴾

( سورة الأعراف )

     متذللاً.

2 ـ إخفاء الذكر:

﴿ وَخِيفَةً (205) ﴾

     من دون رفع صوت، أفضل الذكر إخفاء الذكر تضرعاً أي تذللاً وخيفة، أي خفية:

﴿ وَدُونَ الْجَهْرِ مِنْ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ (205) ﴾

3 ـ عدم الغفلة عن الله عز وجل أثناء الذكر:

     صباحاً ومساءً:

﴿ وَلَا تَكُنْ مِنْ الْغَافِلِينَ(205) ﴾

( سورة الأعراف )

نتائج الذكر :

1 ـ مَن ذَكَر الله عز وجل رفع الله ذكره بين الناس:

     نتائج الذكر:

﴿ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ (152) ﴾

( سورة البقرة)

     إنسان يجلس في مجلس يتحدث عن نفسه، عن بطولاته، عن ذكائه، عن خبراته، عن دخله، عن زواجه، عن بيته، عن نزهاته، إنسان آخر يعتم على ذاته ويتحدث عن ربه:

﴿ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ (152) ﴾

( سورة البقرة)

     ورد في بعض الأحاديث القدسية:

(( لا يذكرني عبد في نفسه إلا ذكرته في ملأ من ملائكتي، ولا يذكرني في ملأ إلا ذكرته في الرفيق الأعلى ))

[ الطبرانى عن معاذ بن أنس]

     أنت تعتم على نفسك والله عز وجل يرفع ذكرك بين الناس، أنت آثرت أن تعرف الناس بالله عن أن تعرفهم بنفسك فرفع الله لك ذكرك:

﴿ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ (152) ﴾

( سورة البقرة)

2 ـ ذكر الله عز وجل للإنسان أكبر من ذكر الإنسان لربه:

     لكن هناك معنى دقيق جداً:

﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ ﴾

( سورة العنكبوت الآية: 45 )

     ذكر الله لك وأنت في الصلاة أكبر من ذكرك له، إنك إن ذكرته أديت واجب العبودية، لكنه إذا ذكرك منحك نعمة الأمن، وكم من إنسان يفتقدها الآن، إنك إن ذكرته منحك نعمة الحكمة:

﴿ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيراً ﴾

( سورة البقرة الآية: 269 )

     وإنك إن ذكرته منحك الرضا، إنك إن ذكرته منحك السكينة، إنك إن ذكرته منحك الاطمئنان، إنك إن ذكرته منحك التفاؤل، هذه نتائج الذكر.

3 ـ اطمئنان القلب و سعادته و استقراره:

     أكبر نتيجة القلب لا يطمئن، ولا يستقر، ولا يسعد، إلا إذا ذكر الله، والدليل:

﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ(28) ﴾

( سورة الرعد )

أهل الذكر هم أهل الله و القرآن :

     من هم أهل الذكر ؟ قال العلماء: أهل الذكر هم أهل الله، أهل الذكر هم أهل القرآن، لذلك لا تستشر إنساناً من الدنيا، من الأغنياء، من الأقوياء، استشر أهل الذكر، قال تعالى:

﴿ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ﴾

( سورة النحل )

     إن استشرت أهل الدنيا أشاروا عليك بالتساهل في طاعة الله من أجل الدنيا، أشاروا عليك أن تأكل المال الحرام بدعوى أنه بلوى عامة، إن استشرت أهل الدنيا أغروك بالدنيا، أما البطولة:

﴿ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ﴾

( سورة النحل )

العاقل من ابتعد عن الغافلين عن الله عز وجل :

     الآن ينبغي ألا تلازم الغافلين:

﴿ وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا(46) ﴾

( سورة الإسراء )

     جرب حدث إنساناً عن الله، ما معي وقت آسف، قاطعتك لا تؤاخذني، دعه واقفاً حدثه بأسعار الأسهم، السندات، البورصة، البيوت، ثلاث ساعات على الواقف في الطريق مسرور:

﴿ وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا(46) ﴾

( سورة الإسراء )

من سار إلى الله عز وجل سيراً حثيثاً فله أجر كبير عند الله :

     لذلك الله أمرنا من خلال النبي عليه الصلاة والسلام:

﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾

( سورة الكهف )

     حينما تأتي إلى بيت من بيوت الله الجلسة على الأرض، لا يوجد ضيافة، أما أي لقاء حميم مختلط هناك مقاعد وثيرة، و ضيافات متنوعة، و مرح، و طرف تلقى:

﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾

( سورة الكهف )

     جالس في البيت مرتاح، لك مقعد خاص، أمامك زوجتك وأولادك، تتابع شيئاً معيناً، تقرأ شياً معيناً، تمزح مع أولادك، مسرور جداً، دخل وقت الدرس، نهضت من بيتك، وتوجهت إلى درس العلم، هذا له ثمن عند الله:

﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ﴾

( سورة الكهف )

توعد الله عز وجل بالعقاب الأليم لمن أعرض عن ذكره :

     نتائج عدم الذكر هنا، قال تعالى:

﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ﴾

( سورة طه )

     ومن صفات الكفار:

﴿ بَلْ هُمْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِمْ مُعْرِضُونَ(42) ﴾

( سورة الأنبياء)

     لا يقبل تفسيراً إلهياً، لا يقبل تفسيراً سماوياً، لا يقبل تفسيراً توحيدياً، لا يقبل تفسيراً دينياً، لا يقبل إلا تفسيراً أرضياً، هذه الزلزلة اضطراب في القشرة الأرضية فقط، من مسبب الأسباب ؟

﴿ وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ (117) ﴾

( سورة هود)

الغافل عن ذكر الله لا يقنع بأي تفسير ديني أو توحيدي إنما يقنع بالتفسير الأرضي فقط :

     هناك هلاك بالزلزال، هلاك بالفيضان، هلاك بالجفاف، لا يقبل إلا تفسيراً أرضياً مادياً، أما تفسير أرضي مدعوم بتفسير توحيدي، تفسير إلهي، تفسير قرآني، بلد في حرب أهلية لا يمكن أن يفسر هذا الحديث إلا بنزعات طائفية، أو بعدوان خارجي، أو بمؤامرة على البلد، أما اقرأ قوله تعالى:

﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ﴾

( سورة النحل )

     لا يقبل تفسيراً توحيدياً، تفسيراً قرآنياً، تفسيراً إلهياً، تفسيراً دينياً، يقول لك مؤامرة، استعمار، صهيونية، هكذا أريح له، فلذلك نتائج عدم الذكر:

﴿ بَلْ هُمْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِمْ مُعْرِضُونَ(42) ﴾

( سورة الأنبياء)

     النتيجة الأولى:

﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ﴾

( سورة طه )

استواء الرجال و النساء في الذكر :

     أيها الأخوة، يستوي في الذكر الرجال والنساء والدليل:

﴿ إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا(35) ﴾

( سورة الأحزاب)

الدعوة إلى الله نوع من مقابلة الإحسان بالإحسان :

     آخر موضوع في الذكر أن الدعوة إلى الله نوع من مقابلة الإحسان بالإحسان، قال تعالى:

﴿ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ (198) ﴾

( سورة البقرة)

     هو هداكم، اهتديت وحدك لا تكن أنانياً، كما هداك الله إليه، وكما صبر عليك، وكما حلم عليك، ادعُ إليه، واصبر على من تدعوهم إلى الله، وكن حليماً عليهم، لا تضجر:

﴿ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنْ الضَّالِّينَ (198) ﴾

( سورة البقرة)

     أيها الأخوة الكرام، حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم، واعلموا أن ملك الموت قد تخطانا إلى غيرنا، وسيتخطى غيرنا إلينا، فلنتخذ حذرنا، الكيس من دان نفسه، وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها، وتمنى على الله الأماني، والحمد لله رب العالمين.

* * *

الخــطــبـة الثانية :

     الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى صحابته الغر الميامين، و على آل بيته الطيبين الطاهرين.

العاقل من استغل كل لحظة من فراغه بالذكر و العبادة :

     أيها الأخوة الكرام، تطبيق لهذا الموضوع، الإنسان أحياناً عنده وقت لابدّ من أن ينفقه، مسافر إلى حلب، يجري ببرنامج رياضي يومي، يمكن أن تستغل هذه الأوقات بالذكر، بالدعاء، بالمناجاة، بالاستغفار، بسماع القرآن، بسماع درس، والله أناس يعدون بالآلاف سبب هدايتهم في أمريكا الطريق، ساعة ونصف إلى عملهم يومياً يضع شريطاً، هذا الشريط مع التراكم صار دعوة إلى الله كاملة، حدثني أخ قال: والله أنا أبعد الناس عن الدين، دخل إلى معرض فيه أشرطة (الأسماء الحسنى) أخذها كلها، خلال مئة يوم تقريباً سمعها كلها في الطريق وقلب، قال: والله غيرت سلوكي مئة وثمانين درجة، في وقت اسمع فيه درساً، اسمع فيه قرآناً، ادعُ الله عز وجل، الأوقات التي تراها أوقات لابدّ من أن تنفق، في أوقات انتظار عند الطبيب لا سمح الله أحياناً، في أوقات سفر، الوقت الميت بالتعبير الدارج هذا ينبغي أن يمتلئ بالذكر، عندئذ تكون أسعد الناس، الحياة صعبة، ومعقدة، ضغوط العمل شديدة، أنا أطلب منك فضلاً عن الصلوات الخمس الفرائض، وعن صيام رمضان، الأوقات التي لابدّ من أن تنفقها شئت أم أبيت هذه استغلها بالذكر، أنا أعرف أناساً كثيرين وقت الرياضة وقت ذكر، ساعة يمشي يقرأ قرآناً، أو يسمع قرآناً، يسمع درساً، أو يناجي ربه، أو يدعو الله عز وجل، هذا الذكر لا بد منه قال النبي عليه الصلاة والسلام:

(( من أكثر ذكر الله فقد برئ من النفاق ))

[ أخرجه الطبراني في الصغير عن أبي هريرة ]

(( برئ من الشح من أدى زكاة ماله ))

[أخرجه الطبراني عن جابر بن عبد الله ]

(( وبرئ من الكبر من حمل حاجته بيده ))

[رواه القضاعي والديلمي عن جابر مرفوعا وهو عند ابن لال عن أبي أمامة. وفي لفظ بضاعته بدل سلعته، والشرك بدل الكبر، قال ابن الغرس ضعيف]

الدعاء :

     اللهم اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت، وتولنا فيمن توليت، وبارك لنا فيما أعطيت، وقنا واصرف عنا شر ما قضيت، فإنك تقضي بالحق، ولا يقضى عليك، وإنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت، ولك الحمد على ما قضيت، نستغفرك و نتوب إليك، اللهم اهدنا لصالح الأعمال لا يهدي لصالحها إلا أنت، اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا، واجعل الحياة زاداً لنا من كل خير، واجعل الموت راحة لنا من كل شر، مولانا رب العالمين، اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك، وبطاعتك عن معصيتك، وبفضلك عمن سواك، اللهم بفضلك ورحمتك أعلِ كلمة الحق والدين، وانصر الإسلام، وأعز المسلمين، انصر المسلمين في كل مكان، وفي شتى بقاع الأرض يا رب العالمين، اللهم أرنا قدرتك بأعدائك يا أكرم الأكرمين.

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور