وضع داكن
19-05-2024
Logo
ندوات إذاعية - راديو صوت العرب من أمريكا - برنامج في رحاب رمضان : الحلقة 02 - أجر الصيام وثماره
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

مقدمة :


المذيع :
 بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين .
مستمعينا ومشاهدي قناة صوت العرب من أمريكا ، أهلاً وسهلاً ومرحباً بكم في حلقة من برنامج : "في رحاب رمضان" ، الذي نستضيف فيه ثلة من السادة العلماء والأئمة الأفاضل هنا في أمريكا ، والسادة العلماء الذين يأتون زيارة من خارج أمريكا ، أكرمنا الله تبارك وتعالى بوجود شيخنا فضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي بيننا هنا ، وهو زائر إلى هذه البلاد فتشرفنا بمشاركته ، أهلاً وسهلاً ومرحباً بكم فضيلة الدكتور .
الدكتور محمد راتب النابلسي :
بارك الله بكم ، ونفع بكم ، وأعلى قدركم .
المذيع :
نورت أمريكا بوجودكم ، أسأل الله تبارك وتعالى أن ينفعنا بعلمكم ، وأن يبارك لنا في صحتكم ، وفي همتكم .
شيخنا الكريم ؛ قد نشأنا على مقولتك في مواسم رمضان ، ونذكر في الشام وهو القول عن أحد الصحابة : لو علم الناس ما في رمضان لتمنوا أن تكون السنة كلها رمضان ، هلا تحدثنا عن هذه المقولة ؟
 

رمضان شهر عبادة مكثفة :


الدكتور محمد راتب النابلسي :
الحقيقة الدقيقة أن الله ذات كاملة ، والأصل الجمال ، والكمال ، والنوال ، والاتصال بهذه الذات الكاملة سعادة كبيرة جداً ، نحن في صلواتنا الخمس نصلي ، وهناك بعض العبادات ، أما رمضان شهر عبادة مكثفة ، شهر فيه مؤاثرة ، تركنا الطعام والشراب ، تركنا سائر الملذات ، في رمضان عكفنا على الصلوات ، وعلى الفجر في وقته ، وفي المسجد ، وعلى تلاوة القرآن ، هذه كلها عبادات تقرب إلى الله عز وجل كي نذوق طعم القرب ، والإنسان إذا ذاق طعم القرب تمنى أن يكون رمضان كل العام .
والحقيقة أنا أضطر أن أقول هذا الكلام : البطولة بالمؤمن الصائم أن يفطر فمه فقط بعد العيد ، وأن تبقى جوارحه منضبطة كما في رمضان ، ما أرادنا أن نصعد في رمضان إلى مكان أعلى ونعود بعد رمضان إلى مكان أدنى ، هذا رمضان يجب أن يكون مثل درج كل سنة فيه قفزة نوعية ، طبعاً نأكل بعد العيد لكن نبقى نغض البصر ، نبقى صادقين ، نبقى مستقيمين ، نبقى في عون العبد ، فهذه البطولات والكمالات التي أخذناها في رمضان ينبغي أن تستمر ، حتى تكون رمضانات القادمة درجاً ، بكل رمضان نرقى درجة أعلى ، أما عندما نعود بعد رمضان كما كنا قبل رمضان ما انتفعنا إطلاقاً .
المذيع :
وكأننا ما قطفنا ثمرة هذه العبادة .
الله تبارك وتعالى لم يحدد أجر الصيام ، لم يجعل له أجراً أو ثواباً محدداً معيناً .

((  عن أبي هريرة : كل عمل ابن آدم له ، الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف ، قال الله : إلا الصيام فهو لي وأنا أجزي به ، يدع الطعام من أجلي ، ويدع الشراب من أجلي ، ويدع لذته من أجلي ، ويدع زوجته من أجلي . ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك ، وللصائم فرحتان فرحة حين يفطر ، وفرحة عند لقاء ربه ))

[ أخرجه الإمام أحمد في مسنده وابن خزيمة ]

 

رمضان عبادة الإخلاص :


الدكتور محمد راتب النابلسي :
الإنسان عندما يتصدق قدم ماله ، عندما يغض بصره صان نفسه ، عندما يصدق ارتفعت مكانته ، لا يوجد عمل صالح ، ولا يوجد طاعة لله إلا تكسب صاحبها رقياً عند الناس ، إلا إنك إذا تركت الطعام والشراب لِمَ تركته ؟ الطعام مباح ، سمح لك ، أو أمرك أن تترك المباح  كي تتأكد أنت أن الله تحبه كثيراً ، فأنت قد تترك .
عفواً إنسان ترك السرقة ، يا ترى من شدة القانون ترك السرقة أم تركها خوفاً من الله الواحد الديان ؟ لا نعرف ، أما ترك الطعام والشراب لا يوجد إلا الله عز وجل ، إنسان جالس ببيته لوحده ، والثلاجة فيها ماء بارد ، والدنيا صيف ، وهو صائم ، من يمنعه أن يشرب ماء بارداً ؟ من يعلم به ؟ ولا أحد ، إذا هدفه الناس لا أحد يدري بهذا ، لكن إذا هدفه الله عز وجل الله يعلم ، لكن عظمة الدين وأنت لوحدك في البيت ، والدنيا صيف ، والحر لا يحتمل ، وعندك عطش بحالة غير معقولة ، لا يمكن أن تدخل بفمك قطرة ماء واحدة ، سماه الناس عبادة الإخلاص .
المذيع :
وكأن الله تبارك وتعالى يريد من عبده أن يرى اسم الله الرقيب ، وأنه مطلع عليه ومراقب لحركاته فجعل هذه الدورة التدريبية من أجل تعزيز هذه المراقبة .
الدكتور محمد راتب النابلسي :
الإنسان مؤمن بالله الرقيب ، طبعاً أحياناً يكون أمام الناس يتجمل ، يتكلم كلاماً لطيفاً ، أنيق يتعطر ، هذا شيء فيه مصلحة خارجية يسمونها بزنس ، لكن برمضان جالس ببيته وحده ، والثلاجة فيها ماء بارد ، وهو يكاد يموت من العطش ، لا يمكن أن يضع قطرة ماء بفمه هذا دليل أنه يؤمن بوجود الله ، بمراقبته ، بثوابه الكبير لهذا العمل الطيب .
المذيع :
إذاً سيدي الصيام عبادة الإخلاص ، وهو من أظهر العبادات وأجملها ، لكن طرأ على المسلمين في هذا الزمان أنه أصبح شهراً فولكلوراً ، سهرة رمضانية ، أجواء رمضانية ، أفلاماً ومسلسلات ، وكأنه خرج من الهدف المقصود من هذه العبادة .
 

خروج رمضان عن الهدف المقصود منه :


الدكتور محمد راتب النابلسي :
كان عبادة فأصبح عادة ، وهذه مشكلة كبيرة جداً ، هذا الشهر بتعبير معاصر فُرغ من مضمونه ، ما عاد له معنى إطلاقاً .
المذيع :
كيف للمسلمين أن يعيدوا فيحيوا معاني شهر رمضان ؟
 

كيفية إحياء معاني شهر رمضان :


الدكتور محمد راتب النابلسي :
عظمته أنه فردي وجماعي ، إذا أنت ما أقنعت من حولك أن يصوم كما أراد الله  صم أنت كما أراد الله ، مبدئياً كلما استقل الإنسان عن المجموع المقصر بعبادة متقنة العبادة تتوسع ، هكذا .
المذيع :
إذاً الله تبارك وتعالى أراد منا أن نصوم ، وجعل للصيام علة ، وأنت علمتنا أن الإمام الشافعي يقول : العبادات في الإسلام معللة بمصالح الخلق ، ما علة الصيام ؟
 

علة الصيام :


الدكتور محمد راتب النابلسي :
أرادك أن تشعر أن الله عظيم عندك ، بدليل أنك تركت الطعام والشراب وهو مباح لأجله ولا أحد يراك ، لو أكلت في بيتك وحدك لا أحد يراك ، فأنت أكدت لنفسك أنك تعرف الله ، وأنت حريص على طاعته ، وأنت ترى أنه معك في كل مكان .
المذيع :
أنت تبارك للجالية الإسلامية هنا في أمريكا بشهر رمضان الفضيل ، بماذا تنصحهم ؟ وماذا تقول لهم ؟
 

نصيحة الدكتور راتب للجالية الإسلامية في أمريكا :


الدكتور محمد راتب النابلسي :
أنا أنصحهم اتقِ الله حيثما كنت ، في بلادك ، في الشرق ، وفي أمريكا ، فهذا البلد فيه حريات ، وهذا لصالحك ، هناك أشياء قد لا تتمكن من فعلها في بلادك أحياناً لظروف استثنائية ، هنا يوجد حرية ، استثمرها لصالح دينك ، لا لصالح دنياك .
يوجد شيء آخر هؤلاء الأخوة الكرام في هذا البلد الطيب إذا تواصلوا وتعاونوا ظهرت مكانتهم ، أما إذا تقاطعوا وتنافروا وتدابروا ظهر خللهم ، فأنا ممكن في بلاد أمريكا أن يكون تعاوننا أقوى بكثير من تعاوننا في بلادنا ، هنا ينظر لنا من زاوية واحدة ، الآخر يريد أن يرى عند الإسلام ثغرات ، فإذا لم يجد هذه الثغرات ، وجد تعاوناً بينهم ، مودة ، محبة ، تناصراً ، هذا وجد شيئاً يرفع من قيمة المسلمين ، والحقيقة الإسلام يرتفع إذا ارتفع المسلمون بتطبيقه .
المذيع :
الله تبارك وتعالى رب المشرق والمغرب ، والإله العظيم الذي نعبده في المشرق هو نفسه الذي نعبده في أمريكا ، الآن هناك بعض - وخصوصاً بعد الأحداث التي حلت في الشرق - من تخلى عن هذا الدين ، هناك فئة من الأخوات نزعن الحجاب بحجة أنهن موجودات في بلاد غير إسلامية ، ورمضان هذا شهر التوبة ، وشهر الإقبال على الله ، وشهر العودة إلى الله ، ماذا تقول لهن ؟ 
 

رمضان شهر التوبة :


الدكتور محمد راتب النابلسي :
أنا أقول وأنا متأكد من قولي : المرأة المتفلتة إن رأت امرأة محجبة كبرت في عينها ، أن هذه إنسانة عندها قناعة .
مرة أحد كبار الملحدين في أمريكا رأى شابة تحضر دكتوراه في الرياضيات وهي محجبة ، قال : إن هؤلاء النسوة شبه عرايا ما الذي حملها على أن تكون محجبة في هذا الجو   الحار ؟ قال : لا بد عندها قناعات كبيرة جداً تؤمن بها ، هذا الرجل عكف على قراءة القرآن  اسمه جيفري لانج ، قرأه ، وصل لآية :

﴿ فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ (92) ﴾

[ سورة يونس ]

ظن أن هذه الآية غير صحيحة ، فلما سأل موريس بوكاي ، قال له : هذا فرعون الذي رممت جسده بيدي ، والآن أكبر داعية ، جيفري لانج صار أكبر داعية ، بسبب امرأة محجبة ، لم تنطق بكلمة .
المذيع :
إذاً باب التوبة في رمضان مفتوح ، وهو فرصة .
 

رمضان فرصة للاصطلاح مع الله :


الدكتور محمد راتب النابلسي :
فرصة أن نصطلح مع الله ، فرصة أن نذوق طعم القرب ، فرصة أن نذوق حلاوة الإيمان ، فرصة أن نذوق حلاوة القرب من الله عز وجل ، هذه كلها فرص في رمضان ، والحقيقة إذا كان هناك شيء أنت ذقته وأحببته تتناوله دائماً ، إذا كان هناك طعام طيب جداً ، أكلته في رمضان تأتي بعد رمضان وتشتري هذا الطعام ، فهذا الذوق الذي حصل لك في رمضان يستمر بعد رمضان ، أي الإنسان بالعيد يفطر فمه فقط ، أما جوارحه في غض البصر وضبط اللسان كلها قائمة كما هي برمضان .
المذيع :
كيف يعلم المؤمن أن الله قد تقبل صيامه ؟
 

السعادة الحقيقة هي الاتصال بالله :


الدكتور محمد راتب النابلسي :
لا يمكن أن يتقبل الله عز وجل صيام عبد إلا ويلقي في روعه أنني قبلتك يا عبدي ، هذا من كمال الربوبية ، ابن يأتي بجلائه آخذ علامات تامة ، الأب يضمه ويقبله ، ويأخذ له هدية ، هذا من لوازم التربية ، فلما ربنا يرانا نحن برمضان استقمنا تماماً ، وضبطنا حياتنا ،  وكان صيامنا جيداً ، وارتقينا عند الله في رمضان يلقي في قلبنا سعادة لا توصف ، إذا الله ألقى السعادة بقلب المؤمن يصبح أسعد إنسان .
المذيع :
إذاً السعادة الحقيقة هي الاتصال بالله .
الدكتور محمد راتب النابلسي :
أصل الجمال ، والكمال ، والنوال هو الله .
 

خاتمة وتوديع :


المذيع :
الله تبارك وتعالى .
نسأل الله تبارك وتعالى أن يبارك فيكم ، وأسأل الله تبارك وتعالى أن يتقبل منا ومنكم ، شكر الله لكم هذه المشاركة في هذا البرنامج .
السادة الأعزاء المستمعون والمشاهدون من قناة صوت العرب من أمريكا نرحب بفضيلة شيخنا باسمكم ، ونشكره على هذا اللقاء الطيب المبارك ، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يتقبل منا جميعاً الصيام ، والقيام ، وأن يجعلنا من عتقاء شهر رمضان ، بارك الله فيكم .

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور