الدين والحياة - الرائعة : 047 - لا معنى من المقارنة بين النار والطين
- قصص و روائع و مقتطفات و ومضات / ٠2الروائع الاجتماعية
- /
- ٠1الدين والحياة
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو
اضغط هنا
×
بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم
لا معنى من المقارنة بين النار والطين .
أيها الإخوة؛ قال الله عز وجل:
﴿ قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (12) ﴾
أنت أمام قضيب مستقيم، وأمام خطّاف يُستخدم للحمل، الخطاف منحني هكذا أيهما أفضل؟ كلام ليس له معنى.
حينما تحتاج إلى قضيب مستقيم القضيب المستقيم أفضل، وحينما تحتاج إلى خطاف تحمل به الأشياء فالانحناء أفضل، فأن تقول:
أيهما أفضل الطين أم النار ؟! هذا كلام لا معنى له، كل صفة تؤدي مهمتها.
أيهما أفضل سيارة سياحية أم سيارة شاحنة ؟! كلام مضحك .
ماذا تريد أن تستخدم هذه السيارة ؟.
لنقل الركاب ؛ السياحية أفضل .
لنقل البضاعة ؛ الشاحنة أفضل .
فكل صفة لا يمكن أن تكون مُفضَّلة إلا بحسب مهمتها، لكن أنا أفاضل بين شاحنتين، أو بين سيارتين لنقل الركاب، أما أنا لا أفاضل بين مركبة مهمتها نقل الركاب، ومركبة مهمتها نقل البضائع.
قال: ( أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ ) لا !!!
الجن لهم مهمات تخطي المسافات، والحدود، والسدود، وسرعة الحركة .
والإنس لهم مهمات .
أعطي كل مخلوق الصفات التي تؤهله لتحقيق هدفه .
طبعاً قال القرآن على لسان إبليس :
﴿ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا (61) ﴾
إذاً جاء التوضيح :
﴿ قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ۖ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ (75) ﴾
الله عز وجل يقول: ( مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ ) ما الذي منعك أن تسجد؟ والحقيقة هنا نحتاج إلى وقفة متأنية، عندنا: ( مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ ) وعندنا: ( مَا مَنَعَكَ أَلا تَسْجُدَ )
هذا يتوضح في الفرق بين المنع والامتناع .
أحياناً تريد أن تأكل تأتي قوة قاهرة تُشهِر عليك سلاحاً، فلا تأكل، أنت الآن مُنعت أن تأكل. لكن الأكل أمامك، وهممت أن تأكل، فجاء طبيب تثق بعلمه، وأخبرك أن هذا الطعام يؤذي مرضك، ويؤخر شفاءه، الآن لم تُمنع من أن تأكل، ولكنك أُقنعت ألا تأكل، فامتنعت، الفرق كبير بين أن تُمنع بالقوة، وبين أن تمتنع اختياراً .
دقة القرآن الكريم شيء عجيب: ( مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ ) هل هناك قوة قاهرة منعتك أن تسجد؟ وهناك آية ثانية توضح هذا المعنى: ( مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ ) من الذي أقنعك ألا تسجد ؟ الفرق بين : ( مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ ) و ( مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ ) هو الفرق بين أن تُقهر، وبين أن تقتنع، فيبدو أن إبليس اقتنع أن النار خير من الطين، فقال :
﴿ قَالَ لَمْ أَكُن لِّأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ (33) ﴾
( أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ ) .