وضع داكن
07-05-2024
Logo
ندوات مختلفة - فلسطين - وكالة معاً الإخبارية - لقاء في برنامج لماذا نحبه : 1 - الدعوة إلى الله من خلال القرآن والسنة
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

مقدمة :


الحمدُ لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الهادي الأمين ، وعلى آله وصحبه أجمعين ، والصلاة والسلام على جميع الأنبياء والمرسلين وعلى آلِهم وأتباعِهم بإحسانٍ إلى يوم الدين .
أيُها الإخوة المُشاهدون؛ أيتها الأخوات المُشاهدات؛ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وأهلاً وسهلاً ومرحباً بكم في هذا البرنامج الذي سنعيش فيه مع رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم في هذا الشهر الفضيل ، لعلَّنا نلقاه يوم القيامة ، ونكون بصحبته في الفردوس الأعلى من الجنة إن شاء الله .
أيها الإخوة؛ أيتها الأخوات؛ نتحدث في هذه الحلقة عن الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى في القرآن والسنَّة ، لأنَّ النبي عليه الصلاة والسلام هو الذي قال الله سبحانه وتعالى فيه :

﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (45) وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا (46﴾

[ سورة الأحزاب ]

فالدعوة إلى لله سبحانه وتعالى كان وسيلتها القرآن والسُنَّة؛ القرآن الكريم هو الذي كان مادة هذه الدعوة ، وسُنَّة النبي محمد عليه الصلاة والسلام هي التي كانت تُوصل هذا القرآن ، أي النبي محمد بذاته هو الذي كان يُوصل هذا القرآن للناس ، ويُدخله إلى عقولهم وقلوبهم ، وكانت مواقف التحدي في ربوع مكة المكرّمة ، ثم مواقف الإدارة الناجحة الحكيمة في المدينة المنورة ، وأردت أن أستضيف لهذا الموضوع المهم جداً جداً فضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي الذي تعرفونه ، رحبّوا معي بفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي أهلاً بك في سماء فلسطين في فضاء فلسطين في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس .
الدكتور محمد راتب النابلسي :
بارك الله بكم ، ونفع بكم ، وأعلى قدركم ، وحَفِظ لكم كل ما أنتم حريصون على حفظه .
المذيع :
جزاك الله خيراً ونحن حريصون على حفظ الدين والمُقدسات ، وحفظ هذه البلاد الكريمة على الله سبحانه وتعالى .
دكتور النبي هو الداعية الأول ، والقرآن هو مادة تلك الدعوة ، فكيف كان النبي عليه الصلاة والسلام في مكة المكرمة أولاً من خلال هذا القرآن الكريم يصل إلى قلوب الناس ؟
 

أفضل إنسان من دعا إلى الله وعمل صالحاً :


الدكتور محمد راتب النابلسي :
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمدُ لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللَّهم لا عِلم لنا إلا ما علّمتنا إنك أنت العليم الحكيم ، اللَّهم علّمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا عِلماً ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .
بادئ ذي بدء في القرآن الكريم كلام خالق السماوات والأرض :

(( يقولُ الرَّبُّ عزَّ وجلَّ من شغلَهُ القرآنُ عن ذِكري ومسألتي أعطيتُهُ أفضلَ ما أعطي السَّائلينَ وفضلُ كلامِ اللَّهِ على سائرِ الكلامِ كفضلِ اللَّهِ على خلقِهِ ))

[ ضعيف الترمذي ]

يقول الله عز وجل : 

﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (33﴾

[ سورة فصلت ]

أي ليس على وجه الأرض إنسانٌ أفضل ممن دعا إلى الله ، دعا إلى الله بلسانه ، بخطابه ، بدرسه ، بلقائه ، بسهرته ، بكل نشاطاته ، دعا إلى الله بقوله وعمله ، الآن وعمل صالحاً أي حركته في الحياة ؛ كسب ماله ، إنفاق ماله ، اختيار زوجته ، تربية أولاده ، خروج بناته ، كسبه ، من أين اكتسب هذا المال ؟ ما نوع الاكتساب ؟ هل طبَّق أوامر الله عز وجل ؟  أمور لا تنتهي تبدأ من أخص خصوصيات الإنسان من العلاقات الزوجية وتنتهي بالعلاقات الدولية ، منهج تفصيلي ، أما العبادة الشعائرية فهي الصلاة والصوم والحج والزكاة والنطق بالشهادة ، أما العبادة التعاملية فهي واسعة جداً لا تنتهي فقراتها ، الحركة بالحياة من كسب المال إلى إنفاق المال إلى اختيار الزوجة إلى تربية الأولاد إلى خروج البنات إلى علاقته بالأقوياء ، بالضعفاء ، بمن حوله ، بجيرانه إلى آخره هذا منهج تفصيلي يبدأ من أخصِّ خصوصيات الإنسان من العلاقات الأُسرية وينتهي بالعلاقات الدولية ، هذا هو الإسلام ، الإسلام الشعائري سهل جداً ؛ الصلاة والصوم والحج والزكاة .

(( لأعلمنَّ أقوامًا من أمتي يأتون يومَ القيامةِ بحسناتٍ أمثالِ جبالِ تهامةَ بيضًا فيجعلُها اللهُ عزَّ وجلَّ هباءً منثورًا قال ثوبانُ يا رسولَ اللهِ صِفْهم لنا جَلِّهم لنا أن لا نكونَ منهم ونحنُ لا نعلمُ قال أما إنهم إخوانُكم ومن جِلدتِكم ويأخذون من الليلِ كما تأخذون ولكنَّهم أقوامٌ إذا خَلْوا بمحارمِ اللهِ انتهكُوها ))

[ الألباني صحيح ابن ماجه ]

هذه الصلاة .
الصوم :

(( مَن لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ والعَمَلَ به والجَهْلَ ، فليسَ لِلَّهِ حاجَةٌ أنْ يَدَعَ طَعامَهُ وشَرابَهُ ))

[ صحيح البخاري ]

الزور واسع جداً ، إذا أنت اشتريت بضاعة من دولة من الدرجة العاشرة ، وطلبت من المصنع أن يكتب عليها Made in Germany   هذا كلام زور ، هذا الإسلام ، اشتراها على أنها من صنع ألمانيا وهي في الحقيقة من صنع الصين ، هذا زور ، كلمة الزّور يدخل تحتها مليون بند ، كسب أموالنا ، إنفاق أموالنا ، حينما يخطُب إنسان امرأةً يتكلم كلاماً عن نفسه غير صحيح وهي كذلك فهناك كذب ، والمؤمن لا يكذب :

﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (33) ﴾

[ سورة فصلت ]

 

التكذيب العملي أخطر من التكذيب اللفظي  :


أهم شيء في الداعية ألا يُصيب الآخرين بخيبة ، الخيبة أنهم سمعوا منه كلاماً رائعاً لكن التعامل لم يكن كذلك ، فلذلك الدعوة إلى الله تقتضي التطبيق قبل كل شيء ، أي المصداقية ، أنا التقيت مرة بالإمام الشعراوي مرات عديدة ، مرة سألته عن نصيحة للدُعاة فاجأني بجملة واحدة ، قال لي : ليحذر الداعية أن يقول كلاماً لا يُطبِّقه ، المصداقية إذا رأى منك الذي تدعوه مصداقيةً صدَّق هذه الدعوة ، إن لم ير مصداقيةً كذّبها ، هذا التكذيب العملي أخطر من التكذيب اللفظي ، حينما لا يرى الداعية كما يقول هذه مشكلة كبيرة جداً فلا بُدَّ من تطبيق ما تقول : 

﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (33) ﴾

[ سورة فصلت ]

دعا إلى الله المطلق على إطلاقه ، بلسانه ، بقلمه ، بمقالته ، بموقفه من موظفيه ، أي قضية واسعة جداً ، بكل أساليب التعبير ، بكل أساليب المواقف ، بكل أساليب المكافأة وعدم المكافأة ، دعا إلى الله وعمل صالحاً ، الحياة اليومية تفاصيل الحياة اليومية بدءاً من كسب ماله ، بدءاً من اختيار حرفته ، يوجد حِرف لا تُرضي الله في الأساس ، ثم في تفاصيل التعامل مع حرفته ، قد يُقدِّم بضاعة تبدو للمشتري أنها من جهة معينة وهي ليست كذلك ، فإذا دخلت إلى الإسلام الحقيقة الدقيقة والمؤلمة :

﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (55) ﴾

[ سورة النور ]

هل نحن مستخلفون في الأرض ؟ لا والله .
هذه الدعوة إلى الله شيء مهم جداً ، دعا إلى الله بلسانه ، بقلمه ، بمحاضرتهِ ، بخطبتهِ ، بكتابهِ المُؤلف ، بلقاءاته ، بأمسياته ، وعمل صالحاً ، دخله من المال ، إنفاق المال ، اختيار الزوجة أصلاً ، تربية البنات ، تربية الأولاد ، أي تفاصيل لا تنتهي ، الإسلام دين الحياة ، دين التفاصيل .
 

من طبق منهج الله استحق نصره :


نحن عندنا عبادات شعائرية وسأقول كلاماً لعله سلبي :

(( لأعلمنَّ أقوامًا من أمتي يأتون يومَ القيامةِ بحسناتٍ أمثالِ جبالِ تهامةَ بيضًا فيجعلُها اللهُ عزَّ وجلَّ هباءً منثورًا ، قال ثوبانُ : يا رسولَ اللهِ صِفْهم لنا ؟ جَلِّهم لنا ألا نكونَ منهم ونحنُ لا نعلمُ ؟ قال : أما إنهم إخوانُكم ومن جِلدتِكم ، ويأخذون من الليلِ كما تأخذون ، ولكنَّهم أقوامٌ إذا خَلْوا بمحارمِ اللهِ انتهكُوها . ))

[ الألباني صحيح ابن ماجه ]

هذه الصلاة . 

(( مَن لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ والعَمَلَ به والجَهْلَ ، فليسَ لِلَّهِ حاجَةٌ أنْ يَدَعَ طَعامَهُ وشَرابَهُ. ))

[ صحيح البخاري ]

 هذا الصيام .

الحج :

(( إذا حجَّ الرجلُ بمالٍ منْ غيرِ حلِّهِ فقالَ : لبيكَ اللهمَّ لبيك ، قالَ اللهُ : لا لبيكَ ولا سعديكَ ، هذا مردودٌ عليكَ .))

[ المحدث السيوطي حكمه ضعيف ]

الزكاة :

﴿ قُلْ أَنفِقُوا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا لَّن يُتَقَبَّلَ مِنكُمْ إِنَّكُمْ كُنتُمْ قَوْمًا فَاسِقِينَ(53) ﴾

[ سورة التوبة ]

الشهادة :

(( من قال لا إله إلا اللهُ مخلصًا دخل الجنةَ ، قيلَ : وما إخلاصُها ؟ قال: أنْ تحجزَهُ عنْ محارمِ اللهِ . ))

[ الألباني ضعيف الترغيب ]

ألا نسأل أنفسنا وعود الله بالنصر أين هي ؟ مادمنا نحن نطبق الإسلام الفولكلوري صورة الكعبة بغرفة الضيوف ممتاز ، بغرفة أُخرى المدينة المنورة ، مصحف في السيارة ، كله جيد أنا لا أعترض عليه لكن هل دخلك حلال ؟ هل إنفاقك حلال ؟ يوجد مادة مُسرطنة توضع في بعض المُعلبات الغذائية مسموح بها ثلاثة بالألف هو وضع ثلاثة بالمئة ارتفع السرطان عند الناس ، الإسلام دين الحياة ، دين التفاصيل ، دين كسب المال ، إنفاق المال ، تربية زوجتك ، تربية أولادك ، تربية بناتك ، علاقاتك الخارجية مع الأقوياء ، مع الضعفاء ، مع من حولك مع الوالدين ، والله لا أبالغ بالآلاف هذه البنود إذا طبقناها عندئذٍ نستحق نصر الله عز وجل :

﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (55) ﴾

[ سورة النور ]

( كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ) هذه قوانين ( وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ ) هل هذا الدين الآن مُمكَّن أم يواجه حرباً عالميةً ثالثة كانت تحت الطاولة واليوم فوق الطاولة جِهاراً نهاراً ؟
 أحد الكبار المسؤولين في أمريكا يقول : لن نسمح بقيام حُكمٍ سُنّي في الشرق الأوسط ، طبعاً الله عز وجل موجود بيده كل شيء ، لكن الله عز وجل يُقدِّم دعمه لمن استجاب له استجابة كاملة ، للتقريب بيت فيه جميع الأجهزة الكهربائية بأعلى مستوى ، بأغلى ثمن ، بأعلى الماركات ، لكن لا يوجد كهرباء في البيت ، لا قيمة لكل هذه الأجهزة ، كلها كُتل بلاستيكية ، فإذا جاءت الكهرباء كله تحرك ، الثلاجة بردت ، الغسالة غسلت ، المروحة دارت وهكذا ، الآن المشكلة الدقيقة أنت إذا قطعت التيار ميليمتراً واحداً الكهرباء قُطعت ، وإذا قطعته متراً قُطعت ، فالإنسان أيخسر دعم الله له ؟ أيخسر نصر الله له ؟ أيخسر إقباله على الله بأشياء صغيرة ؟ والنبي قال :

(( لا صغيرةَ مع الإصرارِ  ، ولا كبيرةَ مع الاستغفارِ ))

[  ابن رجب حديث ضعيف  ]

الصغيرة إذا ثبتنا عليها انقلبت كبيرة ، أنت راكب سيارة والطريق عرضه حوالي ستين متراً ، أوتستراد دولي ، وعلى اليمين واد سحيق ، وعلى اليسار واد سحيق ، لو حركت المقود سنتمتراً واحداً نحو اليمين ، وثبته إلى الوادي بعد حين بعد دقائق ، أما إذا حركته تسعين درجة وانتبهت أعدته ، فالنبي ماذا قال ؟

(( لا صغيرةَ مع الإصرارِ ، ولا كبيرةَ مع الاستغفارِ ))

[  ابن رجب حديث ضعيف  ]

بأي مدينة إسلامية خذ ألف بيت لا يوجد خمر أي كمسلمين ، ولا يوجد قمار ، ولا يوجد زنا ، لكن يوجد أشياء صغيرة جداً ، شاشة مفتوحة ، اختلاط ، بالدخل يوجد شُبهات ، هذه التي تبدو لنا صغائر قطعت التيار الكهربائي .
 

من أخلّ بما كُلف به من عبادة فالله في حلّ من وعوده :


لذلك : 

﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (55) ﴾

[ سورة النور ]

يوجد كلمة واحدة يعبدونني ، فإذا أخلَّ المسلمون بما كُلِّفوا به من عبادة فالله جلَّ جلاله في حلٍّ من وعوده الثلاث .
إذاً : 

﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (33) ﴾

[ سورة فصلت ]

حركته في الحياة هذا البند واسع جداً ، نشاطاته ، سهراته ، لقاءاته ، أمسياته ، علاقاته بزوجته ، بأولاده ، بأصهاره ، بكنائنه ، بمن حوله ، بوالديه ، بجيرانه ، بنود لا تنتهي ويوجد لكل بند حُكم إسلامي ، أمر إلهي ، سُنّة نبوية ، فإذا اعتبرت هذا الإسلام دين الحياة ، دين التفاصيل ، دين التطبيق ، فلما طبَّق المسلمون إسلامهم وصلت رايتهم إلى الشرق ، إلى الصين ، وإلى بواتييه جنوب باريس ، فلما أهملوا العبادة التعاملية واكتفَّوا بالعبادة الشعائرية ، عندنا مآذن رائعة جداً ، عندنا مُؤذنون ، عندنا قُرّاء قرآن ، عندنا كل شيء في العبادة الشعائرية ، أما التعاملية فهناك أشياء لا تُعد ولا تحصى من المعاصي والآثام ، هذه إن لم نتخلَّ عنها ولم نتُب منها النصر بعيد عن أيدينا ، إذاً : 

﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (33) ﴾

[ سورة فصلت ]

 

عَظمة هذا الدين أنه دينٌ فردي وجماعي :


يوجد آية دقيقة جداً تقول هنا سأدخل في موضوع دقيق ؛ عَظمة هذا الدين أنه دينٌ فردي ودينٌ جماعي ، دين فردي بمعنى أنت واحد من ملياري مسلم ، الآن يوجد ملياران من المسلمين ، أنت واحد من ملياري مسلم ماذا تملك ؟ تملك نفسك تصلّي أم لا تُصلّي ، تغض البصر أم لا تغضه ، تضبط الشاشة أم لا تضبطها ، يوجد اختلاط أم لا يوجد اختلاط ، يوجد كسب مشروع أو كسب غير مشروع ، أنت وحدك الإسلام فردي ، فإذا أقمت أمر الله فيما تملك كفاك ما لا تملك ، إذا أديت تعاليم هذا الدين الفردية لا الجماعية البيت مضبوط ، الزيارات مضبوطة ، الشاشة مضبوطة ، الكسب مضبوط ، الإنفاق مضبوط ، السهرات مضبوطة ، السياحة مضبوطة ، السفر مضبوط ، إذا أقمت أمر الله فيما تملك كفاك ما لا تملك ، هذا النصر الفردي .
أما كأمُّة :

﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (33) ﴾

[ سورة الأنفال ]

أي يا محمد ما دامت سُنَّتك مُطبَّقةً في حياتهم هم في مأمنٍ من عذاب الله ، إسلام فردي وإسلام جماعي ، الفردي :

﴿ مَّا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا (147)﴾

[ سورة النساء ]

هذا الكون مُسخَّر لنا تسخير تكريم وتعريف ، التعريف نُؤمن والتسخير نَشكر ، الكون كله بكل قاراته ، القارات بكل النجوم والكواكب هذا الكون مُسخَّر للإنسان :

﴿ وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (13) ﴾

[ سورة الجاثية ]

 التسخير تكريم وتعريف ، فالبطولة أن تعرف الله ، والبطولة الثانية أن تشكره : 

﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (33) ﴾

[ سورة الأنفال ]

إذاً الإسلام الفردي حتى يكون كل واحد قادراً أن يُطبق هذا الدين تطبيقاً تاماً ، وينجو من كل السلبيات في الحياة إذا طبقه بدوائر يملكها كم دائرة ؟ ثلاث دوائر ، الإنسان دائرة يستطيع أن يُصلي أو لا يُصلي ، يغض بصره أو يُمتع عينه من محاسن النساء في الطريق ، أعرف شخصاً هو يبدو مُلتزماً ولكن عنده غلطة كبيرة أنه يمشي في طريق معين في وقت معين يُمتِّع عينه بالنساء الكاسيات العاريات ، المائلات المُميلات ، أصيب بمرض في جفنيه ارتخاء في الجفون لا يرى إلا إذا أمسك جفنه ورفعه ، فالإنسان حينما يعرف الله ينضبط بالتفاصيل  .
 

الحجاب أكبر عقاب إلهي للإنسان :


سأقول مرة ثانية : بأي شارع بمدينة إسلامية ببيت مسلم لا يوجد في هذا البيت خمر ، ولا زنا ، ولا قمار ، لكن لا يوجد انضباط بالسهرات ، يوجد اختلاط ، إطلاق بصر ، شاشة غير مُنضبطة ، كسب مشبوه به من مادة مُحرمة ، فمادام هناك معاص وآثام إذاً يوجد حجاب عن الله ، والحجاب أكبر عقاب إلهي للإنسان الذي قال : أنا مؤمن :

﴿ كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ (15) ﴾

[ سورة المطففين ]

الذنب يَحجبك ، المال الإشكالي يَحجُبك ، اللقاء الذي لا يرضي الله يَحجُبك ، إطلاق البصر يَحجُبك ، الدخل الحرام يَحجُبك وهكذا ، تجد أن - والكلمة سأقولها بدقة بالغة - المسلمين يملكون نصف ثروات الأرض بالتمام والكمال ، ويحتلون أهم موقع إستراتيجي في الأرض مُلتقى القارات الثلاثة ، ويملكون ثلاثة ممرات مائية أصل التجارة الدولية ، ومع ذلك ليست كلمتهم هي العليا ، هذه الحقيقة المُرَّة وليس أمرهم بيدهم ، وللآخر عليهم ألف سبيلٍ وسبيل ، ما السبب ؟

﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (55) ﴾

[ سورة النور ]

فإن قصَّرنا في عبادتنا فقدنا هذه الميزات ، فقدنا هذا الدعم ، فقدنا هذا التأييد ، فقدنا هذا النصر ، أنا لا أُعمم التعميم من العمى ، أحياناً بلد صغير يُقيم أمر الله تماماً ينتصر على أقوى قوة في الشرق الأوسط ، هذا شيء رأيناه بأعيننا ، القضية قضية إيمان بالله ، إيمان واستقامة ، إذا آمنت واستقمت رغم عدم تمكنك من أن ترتفع إلى مستوى العدو تنتصر ، العبرة أن تكون مع الله ، إذا كان الله معك فمن عليك  ؟ وإذا كان عليك فمن معك  ؟ ويا رب ماذا فقد من وجدك ؟ وماذا وجد من فقدك ؟
 

الاستقامة حديّة والعمل الصالح نسبي :


يوجد مقولة أنا أستخدمها كثيراً : الحرب بين حقين لا تكون ، الحق لا يتعدد ، خط مستقيم بين نقطتين ، ارسم خطاً آخر يأتي فوقه تماماً ، الثالث فوقه ، الرابع فوقه ، الحق لا يتعدد ، الحق هو الله ، الحرب بين حقين لا تكون أصلاً ، وبين حق وباطل لا تطول ، إن الله مع الحق وإذا كان الله معك فمن عليك ؟ وإذا كان عليك فمن معك ؟ وبين باطلين لا تنتهي ، راحت مع العمر .
الحرب بين حقين لا تكون ، وبين حق وباطل لا تطول ، وبين باطلين لا تنتهي ، فلذلك لا بُدَّ من الصُلح مع الله ، لا بُدَّ  من إقامة أمر الها في حياتنا ، لا بُدَّ من الاستقامة ، الاستقامة حديّة والعمل الصالح نسبي ، إذا قلت : هذا المستودع مُحكَّم مستودع للماء أو للبترول ، إذا قلت : مُحكَّم ، لو ملأته ثلاثة آلاف لتر وغبت عشر سنوات لا ينقص ولا ميلي لتر ، إذا كان غير محكم صار نسبياً ، هناك ثقب يفرغه بشهر ، وهناك ثقب يفرغه بعشرة أيام ، وثقب يفرغه بيوم ، فالباطل نسبي ، الحق حدّي ، فالمستقيم مستقيم ، دخلك حلال ، الإنفاق حلال ، العلاقات حلال ، الشاشة مضبوطة ، الرزق مضبوط ، البنات مُنضبطات ، الأولاد تربيتهم عالية هكذا ، فإذا طبقنا أمر الله فيما نملك كفانا ما لا نملك ، والله أقول هذا الكلام وأعني ما أقول : والله زوال الكون أهون على الله من أن نصطلح معه ثم لا ننتصر أبداً :

﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (55) ﴾

[ سورة النور ]

المذيع :
دكتور نريد أن نعرف كيف النبي محمد عليه الصلاة والسلام نجح في تقويم الأمة مع أنها كانت تعبد أصناماً ثم استقامت على أمر الله ؟ كيف اليوم الدعاة إلى الله سبحانه وتعالى يملكون المنابر والشاشات ووسائل التواصل ثم لا يصلون إلى هذه الدرجة من النجاح أو ربما كما تفضلت نسبياً ، فكيف نتعلم من رسول الله ؟
 

التفكّر في خلق الله يضع الإنسان وجهاً لوجهٍ أمام عظمة الله :


الدكتور محمد راتب النابلسي :
 أمضى في مكة المكرمة سنوات طويلة يُعرّفهم بالإيمان بالله واليوم الآخر ، كلمة دقيقة جداً أقولها لكم إذا عرفت الآمر ثم عرفت الأمر تفانيت في طاعة الآمر ، أما إذا عرفت الأمر ولم تعرف الآمر تفننت في التفلُّت من الأمر ، الآيات المكيّة بأكملها تتحدث عن الإيمان بالله واليوم الآخر لماذا ؟ الإيمان بالله كي تُطيعه ، والإيمان باليوم الآخر كي لا تؤذي مخلوقاً ، فنحن عندما نتمكن من معرفة الله المعرفة الصحيحة ، لماذا في القرآن ألف وثلاثمئة آية تتحدث عن الكون والإنسان ؟ آية الأمر تقتضي أن نأتمر ، آية النهي تقتضي أن ننتهي ، القصة تقتضي أن نتعظ وألف وثلاثمئة آية في القرآن لماذا ؟ ما الموقف منها ؟ 

﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ (190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (191) ﴾

[ سورة آل عمران ]

 أُعطي ومضات ؛ الأرض تدور حول الشمس دورةً كل عام بمسار إهليلجي بيضوي ، هي الآن في القطر الأطول مادام الشكل بيضوياً فلها قطران ، قطرٌ أطول وقطرٌ أصغر ، الآن بالقطر الأطول تتجه نحو القطر الأصغر ما الذي حدث ؟ المسافة قلت تضاءلت بينها وبين الشمس ما الذي يحصل ؟ الجاذبية ازدادت فلا بُدَّ من أن تنجذب الأرض إلى الشمس ، وإذا انجذبت تبخرت في وقتٍ قليل انتهت ، تابعت السير وصلت إلى القطر الأطول المسافة طالت ، الجاذبية ضعفت ، لا بدَّ من أن تتفلت من جاذبية الشمس وعندها تصبح الحرارة مئتين وستين تحت الصفر ، تنتهي الحياة كلياً إذا انجذبت ، وتنتهي الحياة إذا تفلتت ، في المرحلة الأولى تزداد السرعة ينشأ من هذه الزيادة قوة نابذة تُكافئ القوة الجاذبة تبقى على مسارها ، لمّا المسافة طالت السرعة تنخفض ، يدُ من ؟! قدرة من ؟! علمُ من ؟! حكمةُ من ؟! هذا هو الله عز وجل .

﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ (190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (191)﴾

[ سورة آل عمران ]

فالتفكّر بالله هو العبادة التي أُلغيت من حياتنا ، التفكّر في خلق الله يضعك وجهاً لوجهٍ أمام عظمة الله ، التفكّر في خلق الله يضعك وجهاً لوجهٍ أمام نِعَم الله عز وجل :

﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ (190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (191) ﴾

[ سورة آل عمران ]

فلذلك التفكّر ألف وثلاثمئة آية في القرآن ، الآن سؤال آخر الله قال :

﴿ وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ (1) ﴾

[ سورة البروج  ]

البروج جمع برج ، والبرج مجموعة من النجوم كبيرة جداً تصل للملايين ، أحد هذه البروج برج العقرب ، كنت في أمريكا زرت متحفاً فلكياً رأيت هذا البرج ، وصلوا بين نجومه كالعقرب تماماً ، في هذا البرج نجم صغير أحمر مُتألِّق اسمه : قلب العقرب يتّسع للشمس والأرض مع المسافة بينهما ! هذا الإله العظيم ألا يُخطب ودُّه ؟ ألا تُرجى جنته ؟ ألا تخشى ناره؟
   

 تَعصي الإِلَهَ وَأَنتَ تُظهِرُ حُبَّهُ            هَذا مَحالٌ في القِياسِ بَديـعُ

لَو كانَ حُبُّكَ صادِقاً لَأَطَعتــــــهُ            إِنَّ المُحِبَّ لِمَن يُحِبُّ مُطيعُ

***

[ محمد بن إدريس الشافعي ]

فالتفكر في خلق السماوات والأرض ، مرة ثانية : 

﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ (190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (191) ﴾

[ سورة آل عمران ]


ويتفكرون فعل مضارع يُفيد الاستمرار ، فالتفكّر أقصر طريق إلى اله  ، وأسع باب ندخل منه على الله ، لماذا ؟ لأنه يضعنا وجهاً لوجهٍ أمام عظمة الله .
 

أزمة أهل النار أزمة علم فقط :


نُدقق ، ماذا يقول أهل النار في النار ؟

﴿ وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ (10) ﴾

[ سورة الملك ]

أزمة علم فقط ، لو عَلِم هؤلاء ما فعلوا هذا ، أنا أذكر كلمة دقيقة : العيد قد يأتي بعد شهر ، عيد الفطر السعيد ، طفل أخذ من عمه خمسين ديناراً - أنا في الأردن طبعاً – وأخذ من عمه الآخر خمسين ، ومن خاله أخذ خمسين ، ومن خاله الثاني أخذ خمسين ، يقول : أنا أملك مبلغاً عظيماً ، معه حق ، طفل عمره خمس سنوات يملك مئتي دينار! فإذا قال مسؤولٌ كبير في وزارة خارجية أو وزارة دفاع من دولة عظمى : أعددنا لهذه الحرب مبلغاً عظيماً حوالي مئتي مليار ، نفس الكلمة قالها الطفل كانت مئتي دينار قالها مسؤول كبير في دولة عظمى كانت مئتي مليار ، فإذا قال الله عز وجل :

﴿ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّت طَّائِفَةٌ مِّنْهُمْ أَن يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِن شَيْءٍ وَأَنزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُن تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا (113) ﴾

[ سورة النساء ]

عظيم فضل الله عز وجل ، فلا بُدَّ من التفكّر في خلق السماوات والأرض ، لا بُدَّ من إحياء هذه العبادة ، هذا العبادة أقصر طريق إلى الله ، وأسع باب ندخل منه على الله .
 

من عرف أن علم الله يطوله وقدرته تطوله لا يمكن أن يعصيه :


﴿ إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ (33) ﴾

[ سورة الحاقة ]

 انظروا إلى دقة هذه الآية ! آمن بالله لكن ليس بإلهٍ عظيم ، أي أنت مع إنسان قوي  مثلاً أنت راكب سيارتك بأي مدينة الآن مكتوب : ممنوع التجاوز ، أو الإشارة حمراء ، أو يوجد كاميرا ، مثل بعضهم ، واضع قانون السير علمُه يطولك وقدرته تطولك لا يمكن أن تعصيه أبداً ، فإذا قال الله عز وجل :

﴿ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا (12) ﴾

[ سورة الطلاق ]

دقق ، الله عز وجل سيلخص لك القرآن كله ، عِلمه يطولك وقدرته تطولك كيف تعصيه ؟!
عِلمه يطولك ؛ شرطي مادام معه دفتر ضبط أو كاميرا تنقل للدولة المخالفة لا ترتكب معصية فكيف مع خالق السماوات والأرض ؟ إذا عرفنا الله تفانينا في طاعته ، أو سأقول كلمة دقيقة وأعني ما أقول : إذا عرفنا الأمر ولم نعرف الآمر تفننا في معصيته ، أما إذا عرفنا الآمر ثم عرفنا الأمر تفانينا في طاعته .
المذيع :
نعم دكتور كان النبي محمد عليه الصلاة والسلام سواءً في المرحلة المكيَّة أو في المرحلة المدنية يتدخل في تقويم أخطاء أو استعجالات بعض الصحابة رضوان الله عليهم ، فلما أراد سعد أن يستخدم العُنف في المرحلة المكيَّة قال له : يا سعد لم نُؤمر بعد ، ولمّا رأى الأذى ينصب على المسلمين أمرهم بالهجرة إلى الحبشة ، وكذلك في المدينة المنورة لمّا كان يرى خطأً إنسان خرج عن الصف بعود سواك في يده يعيده إلى الصف فلما يحتج يقول له : هذا صدري تعال فاستقص مني ، وهكذا كان النبي عليه الصلاة والسلام يُصحح أخطاء بعض الصحابة و يعترف إذا أخطأ هو ، لمّا قال لهم : لا تؤبروا النخل فلم يؤبروه أي لم يُلقحوه فلم يُثمر أي لم يعط النخل ذلك الثمر ، قال : أنتم أعلم بأمور دنياكم ، فمن يُصحح اعوجاج أو أخطاء أو تسرّع بعض المسلمين في هذه الأيام سواءً على المستوى الفردي أو على المستوى الجماعي ؟
 

علة خيرية هذه الأمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر :


الدكتور محمد راتب النابلسي :
العلماء هذه مسؤوليتهم الأولى ، المديح سهل ، التعظيم سهل فيه منفعة ، أما حينما تُبيّن للقوي الخطأ بحكمةٍ بالغة أديت الرسالة ، أديت الذي عليك أبداً لا بُدَّ من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، السبب :

﴿ كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ (110) ﴾

[ سورة آل عمران ]

 كنتم أي أصبحتم في الآية ، ( خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ) ما علَّة هذه الخيرية ؟ ( تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ) فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يكاد يكون الفريضة الثالثة .
 كيف بكم إذا لم تأمروا بالمعروف ولم تنهوا عن المُنكر ؟ الصحابة صُعقوا قالوا : أو كائنٌ ذلك ؟ قال : وأشدُّ منه سيكون ، قالوا : وما أشدّ منه ؟ قال : كيف بكم إن أمرتم بالمُنكر ونَهيتم عن المعروف ، صُعقوا صعقةً أُخرى ،  ثم قال : كيف بكم إذا أصبح المعروفَ مُنكرًا والمُنكرَ معروفًا ؟ أخطر مرحلة انقلاب القيم فيصبح المعروف مُنكراً والمُنكر معروفاً .

(( كيف بكم إذا طغَى نساؤُكم ، وفسق شبَّانُكم ، وتركتم جهادَكم ، قالوا : وإنَّ ذلك لكائنٌ يا رسولَ اللهِ ؟ قال : نعم والَّذي نفسي بيدِه وأشدُّ منه سيكونُ ، قالوا : وما أشدُّ منه يا رسولَ اللهِ ؟ قال : كيف أنتم إذا لم تأمروا بمعروفٍ ولم تنهَوْا عن منكرٍ ؟ قالوا : وكائنٌ ذلك يا رسولَ اللهِ ؟ قال : نعم والَّذي نفسي بيدِه وأشدُّ منه سيكونُ قالوا وما أشدُّ منه ؟ قال : كيف أنتم إذا رأيتم المعروفَ منكرًا والمنكرَ معروفًا ؟ قالوا : وكائنٌ ذلك يا رسولَ اللهِ ؟ قال : نعم والَّذي نفسي بيدِه وأشدُّ منه سيكونُ ، قالوا : وما أشدُّ منه ؟ والَّذي نفسي بيدِه وأشدُّ منه سيكونُ ، يقولُ الله تعالَى : بي حلفتُ لأُتيحنَّ لهم فتنةً يصيرُ الحليمُ فيها حيرانَ . ))

[ العراقي إسناده ضعيف ]

 الزبرقان له بيت هجاء ، أي الذي فعله المهجو يفعله كل إنسان الآن ، أما وقتها فقد كان خطأ كبيراً جداً :

دع الـمكارم لا تـرحل لـبغيتها             واقـعد فـأنت الـطاعم الكاسي

***

[ الحطيئة ]

هذا كل إنسان الآن ، البيت الذي عُدَّ أهجا بيت قالته العرب : 

دع الـمكارم لا تـرحل لـبغيتها           وأقـعد فـأنت الـطاعم الكاسي

***

[ الحطيئة ]

هذا لكل واحد حقيقة مُرة ، بيته ملكه ، دخله معقول ، وعنده سيارة ، لا يهمه شأن المسلمين انتصروا أو لم ينتصروا ! بيته وسيارته ودخله ونُزهاته ومصروفه فقط ، لمّا ألغي الانتماء الجماعي وبقي الانتماء الفردي انتهت الأمة ، (( كيف أنتم إذا رأيتم المعروفَ منكرًا والمنكرَ معروفًا ؟ )) أي الآن المُنكر أصبح مألوفاً ، هو الصحيح :

(( إذا عُمِلتِ الخطيئةُ في الأرضِ ؛ كان من شهِدَها فكرِهَها كمن غاب عنها ، ومن غاب عنها فرضيَها كان كمن شهِدَها . ))

[ رواه الطبراني وأبو داود ]

سمع عن حادثة في أمريكا وهو في الشرق الأوسط قال : والله ممتاز أحسن في عمله ، من أثنى على مُنكرٍ ولو لم يشهده كان كمن شهده ، ومن شهد معصيةً فأنكرها كان كم غاب عنها . 
الأمر بالمعروف والنهي عن المُنكر الفريضة الثالثة ، هذه الفريضة توسع دوائر الحق وتضيّق دوائر الباطل ، أما إذا أثنينا على إنسان مثل بسيط تأتي ابنة الأخ في العيد لبيت عمها ترتدي ثياباً فاضحة ، قصيرة ، ضيقة ، يُثني عليها ، وعلى جمالها ، وعلى نموها ، أين النصيحة ؟! فالأمر بالمعروف والنهي عن المُنكر إذا أُلغي أُلغيت الأمة ، لأن هذا الأمر بالمعروف والنهي عن المُنكر علَّة خيرية الأمة .
كنتم أي أصبحتم  (خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ) ما علَّة هذه الخيرية ؟ ( تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ) فإذا لم نأمر بالمعروف ولم ننه عن المنكر فقدنا خيريتنا ، عندئذِ نحن أمةٌ كأي أمة خلقها الله ، انتهى الأمر .
المذيع :
دكتور في الدقائق الأخيرة كيف يأمر الإنسان بالمعروف وينهى عن المُنكر لأن بعض  الناس تعرف أسلوبهم في الدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المُنكر غير مقبول اجتماعياً أو غير مقبول إنسانياً ؟ هل أي أمر بالمعروف ونهي عن المنكر مقبول أم ينبغي أن نتبع بعض الآداب في ذلك ؟
 

مسؤولية الآباء والمعلمين في ترسيخ القيم الأخلاقية مسؤولية كبيرة :


الدكتور محمد راتب النابلسي :
أشكرك على هذا السؤال ؛ استقيموا يُستقم بكم ، بنت مع أمها ذهبت إلى بيت الجيران قبل الظهر ، تأخروا لمّا رجعوا الطبخ تأخر ، الزوج غضب ،  أين كنتم ؟ لم نخرج من البيت ، هذه البنت الصغيرة شربت الكذب من أمها ، كلمة أعمق وأدق أكثر واقعية مُعظم أخطاء أولادنا من المُعلمين ، ومن الآباء ، الأب كذب على زوجته والابن لاحظ الكذب ، الأب فاجأه ابنه بمنظر على الشاشة لا يُرضي الله ، فاستقيموا يُستقم بكم .
المستقيم قد لا يحتاج للكلام إطلاقاً استقيموا يُستقم بكم ، لذلك عندنا الأمر بالمعروف والنهي عن المُنكر معروف هذا ، لكن التطبيق للدين هو دعوة إلى الله مُبطنة ، دعوة إلى الله لم يكذب الأب أبداً ، ولم يخلع ثيابه أمام أولاده ، ولم يتكلم بكلمة بذيئة ، ولم يفتح على الشاشة بفيلم لا يُرضي الله ، مادام الأب مُنضبطاً استقامته دعوة صارخة ، ومؤثرة ، وقوية ، استقيموا يُستقم بكم ، والأم كذلك ، فالآباء والمعلمون والمعلمات لهم باعٌ كبير في ترسيخ القيم الأخلاقية ، ولهم مسؤوليةٌ كبيرة  في التفلّت منها .
المذيع :
دكتور الآن موضوع آخر في الدقائق القليلة المتبقية ؛ في المسجد الأقصى المبارك الآن يوجد نوع من المنافسة والتحدي ، المسلمون يريدون الصلاة في مسجدهم في شهر رمضان المبارك ، وهناك يوجد مستوطنون يريدون أن يدخلوا هذا المسجد عُنوةً ، ما هي النصائح التي يمكن ؟ وما هي مسؤولية الأمة الإسلامية تجاه المسجد الأقصى المبارك ؟
 

مسؤولية الأمة الإسلامية تجاه المسجد الأقصى هي الجمع بين العاطفة والعقل :


الدكتور محمد راتب النابلسي :
والله أنا أرى الحكمة ضرورية جداً : 

﴿ يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (269) ﴾

[ سورة البقرة ]

أنا يجب أن أدرس دراسة عميقة ، يقول سيدنا عمر : ليس بخيركم من عرف الخير ولا من عرف الشر ولكن من عرف الشرَّين وفرّق بينهما واختار أهونهما .
هذه نقطة مهمة جداً ، نحن الآن ليس بين خيرٍ وشر ، بين شرَّين ، ينبغي أن ندرس الأمر دراسة دقيقة لا أن نُضيّع أشياء ثمينة جداً كنا نملكها ، أما الحركة غير المدروسة فلا بُدَّ من التعقُّل . 
ليس بخيركم من عرف الخير ، ولا من عرف الشر ، ولكن من عرف الشرَّين وفرّق بينهما واختار أهونهما .
هذه الحكمة ، الحكمة ماذا قال عنها الله : وَمَن يُؤْتَ ، ما قال : ومن يأخذ ، ما قال : ومن يكن حكيماً ( وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ ) ، أنت بالحكمة تجعل العدو صديقاً ، بلا حكمة تجعل الصديق عدواً ، بالحكمة تعيش مع أي زوجة وتسعد بها ، من دون حكمة تشقى مع زوجة من الدرجة الأولى ، أنت بالحكمة تدبر أمرك بمال محدود ، بلا حكمة تُتلف المال الكثير ، الله ما قال في الحكمة : ومن يكن حكيماً ، ما قال : من يأخذ الحكمة ، قال : ( وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ ) ، هذه تحتاج إلى اتصال بالله ، واستخارة لله عز وجل :

(( الكلِمةُ الحِكْمةُ ضالَّةُ المؤمِنِ مِن حيثما وجدَها أَخذَ بها . ))

[ أخرجه الترمذي وابن ماجه ]

﴿ يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (269) ﴾

[ سورة البقرة ]

أنا غير معقول بقرار غير مدروس تماماً أخسر منه أشياء كثيرة جداً ، هذه النقطة الدقيقة ، أما عندنا عاطفة مُستعرة هي محترمة لكن لا بدَّ من عقل ، أن نجمع بين العاطفة والعقل. 
ليس بخيركم من عرف الخير ، ولا من عرف الشر ، ولكن من عرف الشرين وفرق بينهما واختار أهونهما .
المذيع :
دكتور في نهاية هذه الحلقة نريد منك دعاء لشعبنا ولأسرانا ولهذه الأمة الكثيرة والغافلة وللمسجد الأقصى المبارك نريد منك دعاء في هذا الشهر الفضيل ؟
 

الدعاء :


الدكتور محمد راتب النابلسي :
اللَّهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا ، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردّنا ، واجعل الحياة زيادةً لنا من كل خير ، واجعل الموت راحة لنا من كل شر مولانا رب العالمين ، اللَّهم اكفنا بحلالك عن حرامك ، وبطاعتك عن معصيتك، وبفضلك عمن سواك ، اللَّهم لا تؤمنا مكرك ، ولا تهتك عنا سترك ، ولا تنسنا ذكرك ، أعطنا ولا تحرمنا ، أكرمنا ولا تُهنا ، آثرنا ولا تؤثر علينا ، أرضنا وارض عنا ، وانصرنا على أعدائنا نصراً مُؤزّراً يا رب العالمين ، إنك وليُّنا وولي المؤمنين ، والحمد لله ب العالمين .
 

خاتمة وتوديع :


المذيع :
الحمد لله رب العالمين ، آمين يا رب العالمين .
في نهاية هذا اللقاء لا يسعنا إلا أن نشكر فضيلة الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي ، ولم أُرد أن أكثر عليه من الأسئلة في هذه الحلقة حتى يسترسل ويُعطينا من هذه الكنوز التي عنده جزاك الله خيراً دكتورنا الفاضل ، ولا تؤاخذنا إذا أتعبناك .
الدكتور محمد راتب النابلسي :
لا ، أنا في خدمتكم سيدي .
المذيع :
بارك الله بك ؛ وندعو الله سبحانه وتعالى أن يتقبل منا الصيام والقيام ، كما ندعوه سبحانه وتعالى أن يُفرج عن المسجد الأقصى ، وأن يفتح لنا الطريق إليه ، وأن نصلّي مع شيخنا الدكتور محمد راتب النابلسي ومع علماء المسلمين في المسجد آمنين مُطمئنين مُحرراً إن شاء الله ، وأن يُفرِّج الله عن أسرانا وكل المعتقلين والمسجونين من هذه الأمة ، وأن يردّهم إلى أهلهم سالمين غانمين ، اللهم تقبل منا واقبلنا واجعلنا عندك من المقبولين يا رب العالمين ، أستودعكم الله أيها الإخوة والأخوات شاكراً لكم حُسن مُتابعتكم على أمل اللقاء بكم في حلقة أُخرى .

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور