الروائع العلمية : الرائعة 061 - النمل أقدم مزارع عرفه التاريخ.
- قصص و روائع و مقتطفات و ومضات
- /
- ٠1الروائع العلمية
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو
اضغط هنا
×
بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم
النملةُ المزارعةُ :
النمل مجتمع كالمجتمع البشري تماماً ،
﴿ أُمَمٌ أَمْثََالًُكُمْ﴾
كما جاء في القرآن الكريم ، يزرع البشر منذ آلاف السنين ، والزراعة تسد أكبر قسم من احتياجات الغذاء في العالم، يستخدم الناس تقنيات مختلفةً لزراعة أخصب.

طور رجال العلم أساليب لزيادة الخصوبة ، كاستخدام الأسمدة الكيماوية والأدوية الفعالة ، بالإضافة إلى أنهم نجحوا في الحصول على نتاج الفصول كلها بإنشائهم البيوت البلاستيكية ، لكن هناك كائن ظل يشتغل بالزراعة ، ويستخدم أرقى التقنيات قبل البشر منذ دهر طويل ، لنقم الآن برحلة إلى أعماق غابات الأمازون للتعرف عن قرب على هذا الكائن .
أساليب الزراعة عند النمل ، ومسؤولية كل فريق زراعي :
إنها النملة القاطعة للأوراق ، هذه النملة تعمل في الزراعة منذ ملايين السنين ، وتصل إلى تحقيق غايتها بعمل دؤوب مرحلة مرحلةً ، بتخطيط وتعاون لا مثيل لهما ، في أول مرحلة من مراحل الإنتاج تقوم النملات العاملة بمهمتها خارج مملكتها ، تقطع أوراق النباتات البرية وأشجار الغابات ليلاً ونهاراً دون أي توقف ، 

وفي المرحلة الثانية تقوم بنقل الأوراق التي قطعتها إلى مملكتها ، تحمل النملات قِطع الأوراق إلى مملكتها ممسكة بها كشراع كما نرى تماماً .

هذه العاملات الصغيرة قوية أكثر مما يتصورها الإنسان ، وعلى سبيل المقارنة فالواحدة منها تشبه إنساناً يحمل على ظهره مئتين وخمسين كيلو غراماً راكضاً بسرعة كيلو متر ونصف الكيلو متر في الدقيقة ، ليس بمقدور أي إنسان بنفسه أن ينجز مثل هذا العمل .

تعمل النملات بتخطيط ونظام إلى درجة محيرة ، من الضروري لها نقل الأوراق إلى مملكتها تمهيداً للزراعة ، ولأجل هذا يجب ألا تتعطل عملية النقل ، تنشئ النملات طريقاً كثير الممرات لتسهيل عملية النقل ،

على خيط تمشي النملات ، الأعجب من هذا وجود منظمة مسؤولة عن إصلاح وصيانة الطرق ، وزارة النقل هذه ، كما هو الحال عند البشر .

هذه نملة موظفة للقيامة بإزالة العوائق عن الطريق ، وهذه أخرى موظفة لمراقبة الطريق العام تتحقق في منظمات النمل إنها تصرفات تتجاوز خيال الإنسان .

الآن نشاهد جسراً حياً قوامه نملات تشد بعضها بعضاً ، تتابع النملات الأخريات ، وتتابع طريقها بالسير على هذا الجسر ، إنه مشهد تضحية وتحمل عظيم لا مثيل له ،

تتحرك خمسمئة ألف نملة تقريباً بهذه الأعمال كجسد واحد ، وهذه المنظمة الضخمة قادرة في أربع وعشرين ساعة على قطع ونقل أوراق شجرة بأكملها كبيرة جداً ، تقطع النملات هذه كل أنواع النباتات ، وحتى الأزهار دون ملل ولا توقف .

هناك عالم كبير يئس من متابعة الدراسة ، قبل أن يكون عالماً كبيراً رأى نملة تصعد على حائط ، وتقع، حاولت أربعة وأربعين مرة ، فاستحيا من هذه النملة التي أعادت المحاولة أربعين مرة ، وتابع دراسته .
وعند مقارنة حجم النملة مع ما قطعته من الأوراق بالنسبة لحجم الإنسان يكون الذي قطعته النملات كجذع شجرة سميكة واسعة الأطراف ، ويستخدم الإنسان في قطعه للشجر آلات خاصة .
معجزات الله في النمل : آلة قطع الأشجار :
إذاً كيف تنجز مجموعة النمل هذا العمل ؟ الجواب : أيضاً يظهر معجزة واضحة ، لأن الله تعالى وهب النملة التي تقطع الورق آلة قطع خارقة التصميم ، تتكون آلة القطع هذه من سكينين مختلفين ، وقد غطي سطح السكاكين بالزنك لتأمين حد أدق .

في آلة القطع هذه نظام يحير العقول ، تحت رأس كل نملة مباشرة عضو خاص يبث موجات صوتية ذات تردد عال ، ترسل هذه الترددات من السكين إلى الورقة ، تُهشم هذه الموجات الورقة ، وتسهل قطعها ، هذا النظام تصميم خارق.

لنتأمل قليلاً الآن في بنية هذا النظام ، تغطية المعدن بخلائط معدنية خاصة لصناعة سكين ، أحد أسلوب يستخدمه البشر أيضاً ، ولكن الناس الذين يصنعون هذا أرشدهم الله إليه بالعقل ، 

ولم يتطور هذا النظام إلا بعد عمل دؤوب في المختبرات ، ولكن ليس لدى النمل علم بوجود مادة تسمى الزنك ، لا تعلم أن سكاكينها مغطاة بهذه المادة ، تغطى الخلايا الموجودة في آلة القطع في شفرات النملة بالزنك بشكل معجز ، وفي جسم هذا الكائن الصغير تصميم ذكي جداً كما نرى على الشاشة ، وكذلك الحال في النظام المساعد على قطع الورقة بيسر بفضل موجات الصوت ، لا تعرف النملة قطعاً تحول مادة إلى حالة مهشمة بموجات الصوت ذات التردد العالي .
ليس هذا مِن قَبيل المصادفة :
بلا شك لا يمكن أن يحدث نظام معقد كهذا مصادفة ، هناك تفسير واحد فقط لوجود هذا النظام البديع ، الله تعالى أوجد النملات ، ووهبها مع كل خصائصها ، آلات القطع المعجز ،
أورد الباري سبحانه في كتابه ما يدل على ذلك بقوله :

﴿ وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ ﴾
مملكة النمل المزارع:
يمكن أن تصل أعماق مملكة النمل إلى خمسة أمتار، ويمكن أن يصل اتساعها إلى سبعة أمتار ، تنشئ النملات فيها مئات الغرف والأنفاق ،
يحفر وينقل قرابة أربعين طناً من التراب إلى الخارج ، الهندسة المعمارية للمملكة لوحدها معجزة من معجزات الخلق .

طعام النملة المزارعة:
لا تأكل النمل هذه الأوراق التي قطعتها من الأشجار لأنها لا تتغذى إلا على نوع خاص من الفطر ، 

إذاً : ماذا ستفعل بهذه الأوراق التي لا تؤكل ؟ الجواب مدهش حقاً :

ستستخدم النملات هذه الأوراق كمادة أولية للزراعة ، النمل يزرع .
﴿ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ﴾
وبفضل هذه المادة ستنتج الفطر ،
ولهذه الغاية تقيم مئات المزارع للفطر داخل مملكتها .


الآن نرى واحدة من تلك المزارع أعدت من قبل النملات بشكل خاص لزراعة الفطر ، تزرع الفطر لتأكله ، وخططت مساحة هذه المزرعة ورطوبتها وحرارتها ، تسلم النملات العاملة الأوراق التي قطعتها إلى النملات الموظفة في المزرعة ، قبل أن تبدأ النملات التي تتسلم الأوراق لمهمتها ،

تقوم أولاً بتعقيمها ، وكأنها عاقلة ، ولهذا سبب مهم جداً ، لأن دخول فطر غريب أو بكتريا إلى المملكة يسبب أضراراً بالغة ، 

وهذا يعني خطرَ مرضٍ مُعْدٍ لمستعمرة يعيش فيها نصف مليون نملة ، إلا أن الله تعالى هيأ نظاماً خاصاً جداً لحماية النمل من هذا المرض .
نظامُ الصحةِ عند النمل :
تفرز النملة من جسمها مادة يرى فيها خصائص مضادات الالتهاب ، الأنت بيوتك النملة التي نراها تعقم الورقة بفمها ، ولم يبقَ في نهاية هذا العمل أي بكتريا على الورقة ،

والبشر يكافحون البكتريا مثلما تكافحها النملة تماماً ، لذلك ينتجون المضاد الحيوي ( الأنتي بيوتك )في المختبرات ، إلا أن ( الأنتي بيوتك )الذي أنتجته النملة أقوى بكثير ، وتستخدمه النملة منذ ملايين السنين ، وبلا شك ليس لهذه الكائنات الصغيرة علم بالبكتريا ( الأنتي بيوتك )، التي تمنع تكاثر البكتريا ،
لكن بفضل هذا النظام الرائع الذي خلقه الله تعالى لا تقدر جرثومة ضارة واحدة أن تؤوي إلى جسم النملة ، ولا إلى البيئة التي تعيش فيها ، وكأنها أعقل الأمم.

الاكتفاءُ الذاتي عند النمل :
بعد الانتهاء من أعمال التعقيم تبدأ النملات سوية بتقطيع الأوراق ، بعد فصل الأوراق إلى قطع صغيرة يأتي دور أصغر النملات ، هذه النملات بطول ميليمترين ، أي بحجم حبة رمل ، وتمضي طوال حياتها في الغرف الصغيرة تحت الأرض ، وتنشر الأوراق التي مضغتها جيداً ، وحولتها إلى مسحوق ، كل هذا الورق التي أخذته النمال إلى مستعمراتها تطحن بفم النملات الصغيرات ، وتصبح مسحوقاً في حقل الإنتاج ، ثم تخمر الفطر على هذا المسحوق ، ويختفي اللون الأخضر للأوراق تماماً في 24 ساعة ، وبعد يوم يغطى مسحوق الأوراق بطبقات الفطر البيضاء النامية ،

وفي النهاية يبدأ الحصاد مباشرة
وحصلت النملات على الغذاء الذي تتغذى عليه .

النملةُ تعطي وتأخذ :
تؤثر النملات التي تعمل بالحصاد زميلاتها على أنفسها ، وتجعل لها الأولوية فتحمل الفطر إلى النملات العاملات خارج غرف الحصاد ، هذه نملة حاصدة تقدم السائل المغذي الذي حصلت عليه من الفطر لنملة تعمل في مكان آخر ، النملة عندها جهاز مص وجهاز ضخ ، وفي الإنسان جهازُ مصٍّ فقط ، يأخذ ولا يعطي ، النملة تعطي وتأخذ ، إن رأت نملة جائعة تعطيها من خلاصتها الهضمية بجهاز خاص هو جهاز الضخ . 

وبهذا الأسلوب وزع الغذاء الذي تحتاجه جميع النملات من قاطعات الأوراق التي تعمل في الخرج إلى الطاحنات التي تحول الأوراق إلى مسحوق ، وهكذا تعمل 500 ألف نملة يومياً ، وعلى مدار السنة دون توقف بتعاون وتكافل رائع .
مهام النمل متعددة:
تنظيف الخلية حالاً ، تنظف العاملات غرف الإنتاج لإزالة الفضلات قطعةً قطعة ، ثم ترمي بها في ساحة خالية خارج مملكتها ، هذه الكائنات النشيطة لا تعرف الراحة ولا التشكي ، 

هناك في المستعمرة نملات ذات مهمات أخرى ، على سبيل المثال :
نملات تقوم على حماية المملكة ، إنها محاربة شجاعة ، وقوية مضحية ، يهرع العسكر خارجاً لأقل حركة حتى لو كانت وقع قدم إنسان يقترب منها ، هذه الأفراد المحاربة أثقل من النملات الأخريات بـ300 ضعف ، النملات المحاربة جيش على أقلّ حركة خارج المملكة ، يخرج قطيع من النمل المحارب بأجسام يزيد حجمها 300 ضعف عن النملة الصغيرة .

كل شيء في أطراف المملكة عجيب ، تقوم هذه النملات التي أوكل إليها الدفاع بعض حذاء الإنسان أحياناً وجواربه ، أو جوارب إي إنسان يقترب من مملكتها ، وإذا أمسكت بفكيها لحم كائن غريب لا تتركه أبداً بل قد تخسر حيتها من أجل بقاء المستعمرة ، ولا تفتح فكيها حتى لو تضررت بقيت أعضاء جسمها ، هذا بلا شك مثال عظيم للتضحية .

تعد النحلات الطنانة أكبر عدو للنملات القاطعة للأوراق ، تستطيع النملة الدفاع عن نفسها بسهولة تجاه النحلة الطنانة ، بفضل فكين قويتين ، ولكن تبقى دون دفاع تجاه أي هجوم مفاجئ ، لأنها تمسك الورقة بفكيها .
إذاً : كيف يتحقق أمن النملة التي تحمل الورقة بفكيها ؟ الجواب : هذا السؤال يظهر مرة أخرى التكافل الاجتماعي في مستعمرة النملات ، لنرى عن قرب أكثر النملات حاملات الورق ، نلاحظ على كل ورقة واحدةً من النملات العاملات الصغيرة مهمتها حماية حاملة الورق ، ونملة أخرى مهمتها من تحمل الأوراق تجاه أي غارة جوية محتملة ،

﴿ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ﴾
هذه الحرس مختصر جداً ، لو تعمقنا في موضوع النمل والنحل لرأينا العجب العجاب ، ولكن هذا كله لا بأمر تكليفي كالإنسان بأمر تكويني ، هي ما لها فضل في ذلك ، لكن الله يرينا عظمة خلقه في مجتمع النمل أحياناً .
المصدر:
الإيمان هو الخلق - مقومات التكليف - الندوة : 51 - الاختيار - أمثلة من واقع الصحابة العملي في عقيدة الاختيار - النملة المزارعة
الإيمان هو الخلق - مقومات التكليف - الندوة : 52 - الاختيار - الآيات المتشابهات والمحكمات ـ اتقان عمل النمل