- موضوعات علمية
- /
- ٠1موضوعات علمية من الخطب
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين, اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم, اللهم علمنا ما ينفعنا, وانفعنا بما علمتنا, وزدنا علماً, وأرنا الحق حقاً, وارزقنا اتباعه, وأرنا الباطل باطلاً, وارزقنا اجتنابه, واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه, وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين, أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .
ما هي المعاني التي تلتف حول موضوع مواقع النجوم ؟
1- المسافة الشاسعة بين هذه المواقع :
أيها الأخوة الأكارم, في القرآن الكريم آية, هي قوله تعالى:
﴿فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ * وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ﴾
ما مواقع النجوم؟ لهذه المواقع معانٍ ثلاث: المعنى الأول؛ أن بين النجوم مسافاتٍ يستحيل على العقل تصورها، بعض هذه المسافات ثمانية عشر ألف مليون سنة ضوئية بين الأرض وبين مجرة المرأة المسلسلة .
يسير الضوء في الثانية الواحدة ثلاثمئة ألف كيلو متر، كم يسير في الدقيقة؟ هذا العدد الكبير ثلاثمئة ألف مضروب بستين، كم يسير في الساعة؟ كم يسير في اليوم؟ كم يسير في الشهر ؟ كم يسير في السنة؟ قال تعالى:
﴿فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ * وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ﴾
أيها الأخوة, بين الأرض والقمر ثانية ضوئية واحدة، أي ثلاثمئة وستين ألف كيلو متر بين الأرض, والشمس ثمانية دقائق، أي مئة وستة وخمسين مليون كيلو متر .
طول المجموعة الشمسية ثلاث عشرة ساعة، طول درب التبان مئة وخمسين ألف سنة ضوئية, قال تعالى:
﴿فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ * وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ﴾
2- تعدد هذه المواقع :
المعنى الثاني؛ هو أن هذه النجوم ليس لها موقعٌ واحد بل لها مواقع، إذاً: هذه النجوم متحركة، كل شيءٍ يسبح في فلكٍ خاصٍ به, قال تعالى:
﴿وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ﴾
تدور الأرض حول الشمس في ثلاثمئةٍ وخمسةٍ وستين يوماً، بينما نجمٌ آخر في المجموعة الشمسية، يدور حول الشمس في سنتين أو ثلاثة، وبعضها في أقل من سنة، كل نجمٍ له مواقعه الخاصة، له مدارٌ طويلٌ أو قصيرٌ، له شكلٌ دائريٌ أو إهليلجي بحسب الدقة التامة, قال تعالى:
﴿فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ﴾
كل نجمٍ له موقعٌ في كل ثانية، وتضبط أدق ساعات العالم، تضبط على بعض النجوم، قد يجد صانعوها أنها تأخرت أو قدمت في العام ثانيةً واحدة، ما الذي يضبطها؟ مرور نجمٍ لا يتقدم ولا يتأخر عن موعده الدقيق، فهذه المواقع وفق نظامٍ مدهش، المواقع جمع موقع، في كل ثانيةٍ للنجم موقعٌ جديد .
المذنب، الذي نحن بانتظار رؤيته، يقطع مساره في ستة وسبعين عاماً، رآه الناس في عام ألفٍ وتسعمئةٍ وعشر، ونراه نحن في عام ألفٍ وتسعمئةٍ وستةٍ وثمانين، وكان قد رؤي قبل الميلاد بألفي عام, هذه مواقع النجوم .
3- تنوع الكتل في هذه المواقع :
وأما المعنى الثالث، بين النجوم تجاذب، الكتلة الأكبر تجذب الكتلة الأصغر، وعاملٌ آخر، هو مربع المسافة بينهما، لو أن مواقع النجوم تغيرت، لاختل توازن الكون، ولارتطمت النجوم بعضها ببعض، وأصبح الكون كتلةً واحدة، هذه المواقع مدروسةٌ بعنايةٍ فائقة بحيث يكون محصلها دورانٌ واستقرار .
المعنى الأول؛ المسافات الشاسعة، والمعنى الثاني؛ حركي، تنقل النجم من موقعٍ إلى آخر، والمعنى الثالث؛ أن هذه الكتل بعضها كبير، بعضها صغير، بعضها قريب، بعضها بعيد، وضعت هذه النجوم المتفاوتة في الأحجام، والمتفاوتة في الأبعاد في أماكن دقيقة، بحيث لو تجاذبت لكان محصلة ذلك النظام البديع الذي نراه بأعيننا .
ما معنى أن تزول في هذه الآية ؟
أيها الأخوة, قال تعالى:
﴿إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا﴾
ما معنى أن تزول؟ لا أن تفنى، أي أن تخرج عن مسارها إذا اقتربت الأرض من الشمس، زادت من سرعتها، لئلا تنجذب إلى الشمس، هذه السرعة الزائدة تعطيها قوة نابذة، تكافئ القوة الجاذبة فتبقى في مسارها, قال تعالى:
﴿فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ * وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ﴾
فكروا في هذه الآية، دققوا، ابحثوا، تأمَّلوا، تصوَّروا، تعرَّفوا إلى الله, قال تعالى:
﴿وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ﴾
﴿قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾
ما معنى القرآن قطعي الثبوت قطعي الدلالة ؟
أيها الأخوة, في السموات والأرض آيات لا تنتهي، ولا تقف عند حد، في السموات والأرض أدلةٌ ليست مقنعة، ولكنها قاطعة، والدليل القاطع أبلغ من الدليل المقنع، يقولون القرآن قطعي الثبوت، قطعي الدلالة، إذا قال الله سبحانه تعالى:
﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ﴾
هذه الآية، لو خالفها الإنسان لشقي، قطعي الثبوت، قطعي الدلالة، إذا قال الله عز وجل:
﴿وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ﴾
أيها الأخوة, لا يصلح المجتمع بالاختلاط, فالقرآن قطعي الثبوت، قطعي الدلالة .
