- قصص و روائع و مقتطفات و ومضات
- /
- ٠1الروائع العلمية
القمر:
أما القمر فالله سبحانه وتعالى جعله أيضاً آيةً لنا
لذلك جَلَّت حكمة الله سبحانه وتعالى ، تربة القمر تربةٌ بلوريَّة مهمَّتها الكبرى عكس أشعَّة الشمس على سطحه إلى الأرض
أشعَّة الشمس حادَّة ، أشعَّة القمر لطيفة ، القمر يبدو في الليل ، وفي الليل له جوٌ لطيف .
القمر لحكمةٍ بالغة يدور حول نفسه مرَّةً في الشهر ، ويدور حول الأرض مرَّةً في الشهر ، الأرض هكذا والقمر هكذا ، القمر يدور هكذا ، إذاً : وجهٌ واحدٌ يواجهنا طوال أيام الشهر ، لأنه يدور حول نفسه مرَّة وحول الأرض مرَّة ، من جعل هذا التوافق في دورته حول نفسه وحول الأرض ؟ الله سبحانه وتعالى ، لذلك ما يُرى على سطح القمر نراه دائماً ، لو أن رائد الفضاء ذهب إلى وجه القمر الآخر لما رأى الأرض إطلاقاً ، لأن وجهاً واحداً يواجه الأرض في دوران القمر حول الأرض .
الأرض تدور ، والقمر يتحرَّك ، يتحرك القمر في اليوم الواحد ثلاث عشرة درجة ، لذلك حينما يكون القمر بدراً تراه يُشْرِقُ مع غروب الشمس من الشرق ، عير الساعةَ في أيَّام الصيف مثلاً أشرقَ الساعة الثامنة ، في اليوم التالي يتأخَّر شروقه خمسين دقيقة ، أي أن القمرَ تحرَّك في مداره حول الأرض ثلاث عشرة درجة ، تأخر شروقه خمسون درجة أي مشى في فلكه حول الأرض ثلاث عشرة درجة وهكذا ، لكن كيف يبدو هذا القمر كما قال الله عزَّ وجل :
العلاقة الوطيدة بين القمر والأرض :
من هذه الأشياء أن بعده عنَّا ثلاثمئة وستون ألف كيلو متر ، هذا أقرب كوكب إلى الأرض ، حتى إن علماء الفلك سمَّوه : تابعاً ، لشدَّة لصوقه بالأرض ، مركبة الفضاء قطعت المسافة في ثلاثة أيَّام بسرعة أربعين ألف كيلو متر ، لكن الضوء يقطع المسافة بين القمر والأرض في ثانيةٍ واحدة فقط ، في ثانيةٍ واحدة تُقْطَع المسافة بين الأرض والقمر .
القمر كتلة والأرض كتلة بينهما تجاذب ، الأرض تجذب القمر والقمر يجذب الأرض ، الأرض تجذب القمر لولا جذبها له لانطلق في مسارٍ مستقيم بعيداً بعيداً عن الأرض ، لكن جذب كتلة الأرض للقمر تجعله يدور حولها ، وأما جذب الأرض للقمر لولا جذب الأرض للقمر لدارت الأرض حول نفسها دورةً في كل أربع ساعات ، صار النهار ساعتين والليل ساعتين ، مكابح ، غير معقول أن النهار ساعتان ! صلى الصبح ، لبس ، ذهب إلى العمل أذَّن المغرب ، لم يفتح المحل بعد ، رفع الغلق أذَّن المغرب ، هل يرجع إلى البيت ؟ غير معقول ، جاء إلى البيت ليتعشَّى ، تعشَّى وجلس مع أولاده ذهب لينام فرأى الشمس قد أشرقت ، غير معقول ،
لولا أن القمر يخفف من سرعة الشمس لصار النهار ساعتين والليل ساعتين ، لكن جذب القمر للأرض يجعل دورة الأرض حول نفسها في أربعٍ وعشرين ساعة ، معقول ، الإنسان دخل إلى بيته ، وارتاح ، لا يزال معه مسافة طويلة ، ووقتٌ طويل كي يستريح ، ذهب إلى عمله داوم ثماني ساعات فتعب ، جاء إلى البيت تناول طعام الغداء ، رجع إلى عمله ، عاد بعد المغرب ، فتوقيت النهار والليل اثتنا عشرة ساعة باثنتي عشرة ساعة شيءٌ دقيق جداً ..
بين القمر والأرض تجاذب ، العلماء قدَّروه بكبل فولاذي ، قطره خمسون كيلو متراً ، لكن الله لطيف ، جذب الأرض للقمر ليس عن طريق كبل فولاذي بل قوَّة جاذبة لا تراها ، هناك جذب ، والدليل : المد والجزر ، البحر يرتفع عشرين متراً حينما ينجذب إلى القمر ، وهناك بحوثٌ حول أن اليابسة نفسها ترتفع سنتيمترات بفعل جذب القمر ، هناك علاقةٌ وطيدة بين الأرض والقمر .
قالوا : لو أن القمر اقترب من الأرض إلى نصف المسافة قد يظن الإنسان أنه أجمل ، يصبح ذا حجمٍ أكبر ، ويصبح ضوءه أشد ، لا ، لو أن القمر اقترب من الأرض إلى نصف المسافة لتضاعف المدُّ والجزر أربعة وستين ضعفاً ، أي أربعة وستون ضرب عشرين مترا ، حوالي ألف ومئتي متر ، أي أن كل المدن الساحليَّة وعددٌ كبيرٌ جداً من مدن الجبال تصبح مغمورةً تحت سطح البحر كل يوم مرَّتين ، مستحيل ، وضع القمر في هذا المكان شيء معجز ، المد والجزر معقول عشرين متراً ، هذا يعين على الملاحة في الموانئ ، وله فوائد كبيرة جداً ، لكن لو أن المسافة اقتربت أكثر لتضاعف المد والجزر أربعة وستين ضعفاً ، وهذا مما يجعل الحياة على سواحل البحار مستحيلة .
مثلاً : في لبنان إلى أن تصل إلى ظهر البيدر حتى تنجو من المدِّ والجزر ، مستحيل ، كل هذه المدن ، وهذه الأماكن تصبح تحت البحر مثلاً ، هذا لو أن القمر اقترب من الأرض ، أُذَكِّركم بقوله تعالى :
﴿ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ (49) ﴾
ربنا عزَّ وجل قال :
القمر مخصص لنعلم عدد السنين والحساب :
شيءٌ آخر : هناك علماء رصدوا وجه القمر فعدّوا فيه عشرة آلاف واد ، يوجد وديان ، وجبال ، وسهول على سطح القمر ، الله عزَّ وجل جعل القمر أحد الآيات الدَّالة على عظمة الله سبحانه وتعالى ،
لكن هذه اللام لام التعليل
المصدر: التفسير المطول - الدرس : 03 - سورة يونس - تفسير الآيات 05 – 09 آيات الله الدالة على عظمته