- موضوعات علمية
- /
- ٠1موضوعات علمية من الخطب
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين, اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم, اللهم علمنا ما ينفعنا, وانفعنا بما علمتنا, وزدنا علماً, وأرنا الحق حقاً, وارزقنا اتباعه, وأرنا الباطل باطلاً, وارزقنا اجتنابه, واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه, وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين, أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .
كيف نفسر معنى هاتين الآيتين ؟
أيها الأخوة المؤمنون, في سورة يس, آيةٌ كونية، وهي قوله تعالى:
﴿لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ﴾
هذه الآية، على ظاهرها، أن للشمس مداراً، وللقمر مداراً، ومدار الشمس لا يتصل بمدار القمر، ولن تصطدم الشمس بالقمر، بل كل في فلك يسبحون، يؤيِّد هذا المعنى، قوله تعالى:
﴿إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً﴾
أن تزول، بمعنى تنحرف، والزوال في وقت الظهيرة، انحراف الشمس عن كبد السماء, فهم من هذه الآية، أن كل كوكبٍ في الفضاء، له مدارٌ يدور فيه، حتى إن بعضهم، حينما تلا قوله تعالى:
﴿وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ﴾
رأى أن هذه الآية، فيها أدقُّ وصفٍ للسماء، ما من كوكبٍ أو نجمٍ في السماء إلا وله مدارٌ يدور فيه، ويعود إلى ما كان بعد حين .
هل يمكن أن يخرج مذنب هالي عن مساره , وما دليل ذلك ؟
فهذا المذنَّب، الذي يرصده الناس كلَّ يوم، والذي كما يقول العلماء: سوف يظهر بعد أسابيع في الأفق الجنوبي، مذنَّب هالي، يدور في مدار منذ أن خلق الله السموات والأرض لا يحيد عنه قيد أنمُله، يصل إلى نقطةٍ تقترب من الأرض، ثلاثمئة مليون كيلو متر، له ذيلٌ يزيد طوله عن ثلاثٍ وتسعين مليون كيلو متر, ويخاف الناس أن يبقى في سيره مستقيماً فيصطدم بالأرض.
أما الآية الكريمة: (إن الله يمسك السموات والأرض أن تزولا) يعني بقاء هذا المذنَّب في مداره، ملايين السنين، بقاء الأرض في مدارها، ملايين السنين، بقاء الشمس في مدارها، بقاء القمر في مداره، هذا بحدِّ ذاته آية, قال تعالى :
﴿لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ﴾
هل يجري على كواكب الكون متغيرات عشوائية بأن يسبق كل واحد الآخر, وما الدليل ؟
كلُّ كوكبٌ له مدار، لا يزيد، لا ينقص، لا يسرع، لا يبطئ، لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر, ولا الليل سابق النهار، يعني الشمس، لن ترتطم بالقمر، ودورة الأرض حول نفسها ثابتة، طول الليل لا يتغيَّر؛ يعني التقاويم بعد مئة عام، يقال لك: في يوم سبعة عشر نيسان مثلاً، تشرق الشمس الساعة السادسة ودقيقتين، ما معنى ذلك؟ ولا الليل سابق النهار، دورة الأرض ثابتة حول نفسها، وحول الشمس ثابتة، وكل في فلك يسبحون, لكن علماء الذرة، دهشوا من هذه الآية:
﴿لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ﴾
على من تعود (كلٌ)؟ قال: هذه الآية تعود على كل شيءٍ خلقه الله عزَّ وجل .
هذا المنبر الذي أقف عليه، فيه ذراتٌ، نترونات، وإليكترونات تدور حول نفسها، نظام الذرة كنظام المجرة .
قطعة المعدن هذه، كلٌّ شيءٍ تقع عليه عينك، مؤلّفٌ من جزيئات، والجزيء، مؤلَّفٌ من ذرات، والذرة، مؤلَّفةٌ من نواة، ومن كهارب لها مدارات، ولها سرعاتٌ ثابتة، هذه الآية التي تشير إلى الذرة: (لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر, ولا الليل سابق النهار) يعني كل شيءٍ خلقه الله في فلك يسبحون .
ذرات الصخر، حجر، قطعة خشب، كأس الماء، لوح البللور، الطاولة، كلُّ شيءٍ تقع عينك عليه، إنما هو جسمٌ مؤلّفٌ من جزيئات، والجزيء من ذرات، والذرة من نواة، ومن كهارب.