- موضوعات علمية
- /
- ٠1موضوعات علمية من الخطب
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين, اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم اللهم علمنا ما ينفعنا, وانفعنا بما علمتنا, وزدنا علماً, وأرنا الحق حقاً, وارزقنا اتباعه, وأرنا الباطل باطلاً, وارزقنا اجتنابه, واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه, وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .
ما اسم المقود الذي يحرك الإنسان, وكيف تتم حركته ؟
أيها الأخوة المؤمنون, حينما يتحرك الإنسان من مكان إلى مكان
حينما يرفع ثقلاً، حينما يؤدّي عملاً، ما سرُّ هذه الحركة؟ أو ما سرُّ هذا العمل؟ إنه كامنٌ في العضلات، حينما تقف عند القصَّاب، وتشتري هذا اللحم، فهذا اللحم الذي تشتريه، ويقطِّعه لك هو العضلات، والله سبحانه وتعالى لحكمةٍ بالغة جعل هذه العضلة مؤلفةً من ملايين الألياف .
لو سلقت اللحم، لوجدته مؤلَّفاً من خيوط، كل خيط ليف، كل ليف ينتهي بعصب، فإذا جاء الأمر من المخ، أو من الجهاز العصبي إلى هذا الليف، فإنه ينقبض، ومعنى ينقبض، أي يتقلَّص إلى ستين في المئة من طوله، أي يبقى أربعين
إذا كان طول الليف عشرة سانتي، يصبح أربعة سانتي عندما تتقلص العضلة، والعضلة مربوطة بالعظم، يتحرك العظم، فلولا هذه الخاصة التي أودعها الله في العضلات، لكان الإنسان كقطعة الخشب الملقاة على الأرض لا حركة ولا سكنة
أما التحرك؛ حركة الأمعاء، حركة القلب، حركة الرئتين، حركة العضلات الملساء، حركة العضلات الإرادية، حركة الأطراف، أن تدير رأسك، أن تحرك يديك، أساس هذه الحركة أن الجهاز العظمي كل عظمةٍ مرتبطٌ فيها عضلتان عضلةٌ تحركها نحو اليمين مثلاً، وعضلة
نحو اليسار، عضلةٌ قابضة، وعضلةٌ باسطة، ما هذا السر؟ .
كيف يتحوَّل الغذاء الموجود في الخلايا العضلية إلى عمل، أو إلى حركة؟ هذا سرٌ لم يكشف عنه بعد حتى هذه الأيام، تنتهي العضلة بعصب، فإذا جاء الأمر العصبي إلى هذه العضلة بالتحرُّك، فإنها تنقبض، فإذا انقبضت، تحرَّك معها العظم، وتحرك الإنسان .
قد تكون جالساً فترى ابنك يقترب من المدفأة، فتقوم إليه، أدركت الخطر، جاء أمرٌ من المخ إلى العضلات، تحرَّكت العضلات، فسرت إليه، ثم حملته بيدك، وأبعدته عن المدفأة، هذا الشيء الذي نفعله ولا نفكر فيه، عمليةٌ معقدةٌ جداً .
كم عدد العضلات في جسم الإنسان, وما هي فروعها ؟
قال العلماء: في كل عضلة متوسطة عشرة ملايين ليف، وفي الإنسان ستمئة عضلة، خمسمئةٍ منها إرادية، أي تعمل بإرادتك، ومئةٌ منها لا إرادية، إذا كنت في غرفةٍ مظلمة، ثم أُشعل المصباح، ونظرت إلى عينك بالمرآة، ترى حدقة العين تضيق وتضيق، هل بإمكانك أن تبقيها واسعة؟ هل بإمكانك أن تمنع تضيُّقها؟ لا
فقزحية العين عضلةٌ، ولكن ليست بإرادتك، حركة القلب ليست بإرادتك، حركة الرئتين ليست بإرادتك، حركة الأمعاء ليست بإرادتك، ضيق الشرايين والأوردة ليست بإرادتك، جعل الله سبحانه وتعالى من هذه الستمئة عضلة خمسمئة عضلة إرادية، ومئةٌ منها تعمل وفق مصلحتك، لا بإرادتك .
شيءٌ آخر أيها الأخوة، تأتمر العضلات الملساء بنظامٍ عصبيٍ آخر، إنك تأكل وتنام والمعدة تتحرك، والأمعاء تتحرك، والأجهزة تتحرك، والرئتين تتحرك، وأنت لا تدري، هذا الخلق المتقن: صنع الله الذي أتقن كل شيء، ألا يستحق العبادة؟ ألا يستحق الطاعة؟ .
الإنسان يمشي إذا صعد الإنسان من طابقٍ إلى طابق، أي رفع جسمه البالغ سبعين كيلو غرام إلى ثلاث أمتار، هذا يساوي في القوة المحركة حصان ونصف تقريباً، أي بذل جهداً مقياسه هذا الرقم، فالإنسان حينما يتحرَّك، حينما يأكل، حينما يستلقي، حينما يمشي، حينما يحمل, يجب أن يفكر, قال تعالى:
﴿فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ * خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ * يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ﴾
﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ * ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ﴾
الخاتمة :
أيها الأخوة المؤمنون, موضوع العضلات وحده يكفي أن تؤمن بالله عزَّ وجل، لولا العضلة لما كان لصاحب الحرفة حرفة، لولا العضلة لما أنشئ هذا البناء، لما وجدت على وجه الأرض شيئاً من صنع البشر، جعل الله سبحانه وتعالى الحركة والعمل منوطةً بهذا الجهاز العضلي الذي يتقلص بتأثيرٍ عصبي، أما كيف يتحول الغذاءٌ إلى طاقة تحدث العمل؟ فهذا ما لم يعرف حتى الآن .