- الخطب
- /
- ٠1خطب الجمعة
الخطبة الأولى:
الحمد لله نحمده، ونستعين به، ونسترشده، ونعوذ به من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إقراراً بربوبيته، وإرغاماً لمن جحد به وكفر، وأشهد أن سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم رسول الله، أدى الأمانة، وبلغ الرسالة، ونصح الأمة، وكشف الغمة، وجاهد في الله حقّ الجهاد، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .
الشريعة الغراء سمحت لكل مسلم في كل شهوة بحيز مباح :
أيها الأخوة الكرام، أخ كريم قال لي في الأسبوع الماضي بالحرف الواحد: في حدود معلوماتي ليس هناك دليل على تحريم الاختلاط بين النساء والرجال، والحقيقة كما قال الإمام علي رضي الله عنه: "قوام الدين والدنيا أربعة رجال، عالم مستعمل علمه ـ أي مطبق لعلمه ـ وجاهل لا يستنكف أن يتعلم، وغني لا يبخل بماله، وفقير لا يبيع آخرته بدنياه، فإذا ضيّع العالم علمه استنكف الجاهل أن يتعلم، وإذا بخل الغني بماله باع الفقير آخرته بدنيا غيره".
شيء طبيعي جداً أن تقول لا أعلم، ولا أعلم نصف العلم، الإمام ابن حنبل الفقيه الكبير، جاءه مجموعة من الرجال من أقصى الغرب، معهم ثلاثة وثلاثون سؤالاً، أجاب عن سبعة عشر، قالوا: والباقي؟ قال: لا أعلم، قالوا: الإمام أحمد بن حنبل لا يعلم؟ قال: الإمام أحمد بن حنبل لا يعلم، أي وطن نفسك أنك إن تأكدت من معلومة فقلها، وإلا قل لا أعلم، لا أعلم نصف العلم، هذا الأخ الكريم قال: في حدود معلوماتي لم أجد دليلاً يمنع الاختلاط، لذلك هناك كلمات يقولها العوام وبعض المثقفين، المرأة نصف المجتمع، صحيح، وأنا أقول: بل هي المجتمع، لأنك إن علمت فتاة علمت أسرة، إن علمت شاباً علمت واحداً، بل هي المجتمع، ولكن هناك ضوابط، ذلك أن الله سبحان وتعالى أودع في الرجل حبّ المرأة، وأودع في المرأة حبّ الرجل، هذا الحب واسع، بالمقياس الهندسي مئة وثمانون درجة، لكن هذه الشريعة الغراء سمحت لك أيها المسلم في كل شهوة أودعها الله فيك، سمحت لك بحيز مباح، المرأة تعني عند المسلم الزوجة، أو الأخت، أو البنت، أو الأم، أو العمة، أو الخالة، أو الجدة لأب، أوالجدة لأم، أو بنت الابن، أو بنت البنت، هؤلاء المحارم لك أن تلتقي بهم في حدود سماها العلماء ثياب الخدمة، ثياب غير مبتذلة، ساترة، فضفاضة، لكن حينما صار التعري ضمن البيت وتجاوز التعري الحدود التي سمح الشرع بها، نشأت مشكلة كبيرة جداً، بل ومنتشرة في العالم كله، هذه المشكلة اسمها زنا المحارم، سببها عدم تقيد أفراد الأسرة بالحدود الشرعية للثياب داخل البيت.
أية شهوة أودعها الله في الإنسان ربما تكون سلماً أو دركات :
أيها الأخوة الكرام، النقطة الأولى: في القرآن الكريم ما يزيد عن مئة دليل في تحريم الاختلاط، الأخ الكريم بتواضع جمّ قال لي: في حدود معلوماتي ليس هناك دليل، في القرآن الكريم مئة دليل ودليل على تحريم الاختلاط، لكن بالمقدمة:
﴿ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ ﴾
الله عز وجل هو الخبير، هو العليم، هو الذي خلقنا، هو الذي أعطانا هذه الحاجات، وآية ثانية:
﴿ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ ﴾
وآية ثالثة:
﴿ أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ﴾
فكرة أرددها كثيراً، أية شهوة أودعها الله في الإنسان، ربما تكون سلماً نرقى بها إلى أعلى عليين، أو تكون دركات نهوي بها إلى أسفل سافلين.
إنسان تزوج امرأة مؤمنة، طاهرة، عفيفة، أنجب منها أولاداً وبنات، زوج الأولاد والبنات صار هناك هرم؛ أب وأم، وأولاد وبنات، وكنائن وأصهار، ثم الأحفاد، هذا الهرم المبارك سببه بيولوجي، علاقة جنسية، وفي أي بيت دعارة هناك علاقة جنسية، ترقى بهذه العلاقة إلى أعلى عليين وتهوي بها إلى أسفل سافلين.
الإيمان مرتبة علمية وأخلاقية وجمالية :
أيها الأخوة، فضائح أهل الأرض من قديم الزمان إلى الآن لا تزيد عن نوعين من الفضائح؛ فضائح أخلاقية، وفضائح مالية، والشرع الحكيم حصن المسلم من أن تزل قدمه مالياً، أو أن تزل قدمه أخلاقياً، لذلك يتمتع المؤمن بسمعة طيبة، يمشي رافع الرأس لا يخشى في الله لومة لائم، المؤمن مرتبة عالية جداً، مرتبة أخلاقية، منضبط بالكتاب والسنة، مرتبة علمية، تعرف إلى الحقيقة الأولى في الكون، تعرف إلى الله، وتعرف إلى منهجه التفصيلي، والمؤمن يعني مرتبة جمالية له أذواق في حياته تفوق كل ذوق، يذهب الناس إلى النزهات، مكان عام، صياح، ضجيج، لعب نرد، نساء كاسيات عاريات، كل واحد ينظر إلى امرأة لا تحل له، يعودون إلى البيت ويتعاتبون وقد يتشاددون وقد يتساببون، لماذا نظرت إليها كل هذه النظرات؟ لماذا لاطفتها كثيراً؟ أما المؤمن له طريقة خاصة في النزهة، يعيش مع أهله، مع أولاده، الإيمان مرتبة علمية، ومرتبة أخلاقية، ومرتبة جمالية، أساس التشريع ضبط العلاقة بين الذكر والأنثى، وضبط العلاقة مع المال، أكبر شيئين بالفقه العلاقات النسائية، والعلاقات المالية، فإذا ضبطت هذه العلاقات النسائية والعلاقات المالية كنت في حصن حصين، تمشي رافع الرأس، لا تخاف في الله لومة لائم.
للتقريب شاب تزوج ثم دخل بزوجته، وحملت، فأنبأت أمها، ثم شاع الخبر في الأسرتين، أسرة الزوج وأسرة الزوجة، فهللوا، وفرحوا، وهنؤوا، وعند وضع الغلام جاءت التبريكات، والتهنئات، والسلامات، والهدايا، وحدثني أخ قال: طُرق بابي الساعة الرابعة صباحاً، فتحت الباب فلم أجد أحداً، حالت مني التفاتة إلى الأسفل فإذا محفظة تتحرك، فيها غلام ولد الآن، ولد وضع أمام بيت، قرع الجرس، وفرّ واضع المحفظة، هذا الحرام، بالحلال هناك تهنئة و تبريك و فرح، هذا ابن فلان وابن فلانة، اعلم هذه الحقيقة، ما من شهوة أودعها الله في الإنسان إلا وجعل لها قناة نظيفة تسري خلالها، أنا أخاطب الشباب، أيها الشاب! لا تتوهم أن في الإسلام حرماناً أبداً، ما من شهوة أودعها الله فيك إلا وجعل لها قناة نظيفة رائعة تسري خلالها، لذلك مسموح لك أن تتبع الهوى بنص القرآن الكريم، قال تعالى :
﴿ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ ﴾
هناك معنى في علم الأصول يدعى المعنى المعاكس، المعنى الخلافي، أي الذي يتبع هواه وفق هدى الله لا شيء عليه، بالعكس، يبارك الله الزواج، بارك الله لكما وعليكما وفيكما.
الثقافة الغربية أباحت للمرأة أن تبرز كل مفاتنها :
أيها الأخوة، طبيعة المرأة أنها جبلت على حبّ التزين، وهذا مباح لها لمحارمها بنوع من الزينة، ولزوجها بنوع آخر من الزينة، ما سوى ذلك فهذا ليس مباح لها،
ماذا فعلت الثقافة الغربية؟ أباحت للمرأة لا أن تبرز بعض مفاتنها، أن تبرز كل مفاتنها لمن يمشي في الطريق، كانت أختاً لك حينما سترت مفاتنها، فأصبحت أنثى، سلعة يشتهيها كل من رآها، بين أن يكون الإنسان شيئاً ثميناً، بين أن تكون المرأة أختاً كريمة وبين أن تكون سلعة رخيصة، حينما تتعرى صدقوا ولا أبالغ هناك مصطلح خطر في بالي هذا المصطلح هو التحرش، كيف يتحرش الرجل بالمرأة؟ يسمعها كلاماً معسولاً وقد يمد يده إليها، هذا التحرش، لكن الأخطر من هذا كيف تتحرش المرأة بالرجل؟ حينما تكشف عن مفاتنها هذا اسمه تحرش أيضاً، فلذلك حدثني أخ كريم أنا ما رأيت هذا، رأى في فضائية شاباً في بلد عربي في شمال إفريقيا اغتصب عشر فتيات وقتلهنّ، باحثة اجتماعية أخذت أذناً من وزير الداخلية أن تقابله على فضائية، فسمح لها بذلك، الأخ الكريم حدثني أعتقد بقناة اقرأ، قالت له ما اسمك؟ أعطاها اسمه، هل أنت مسلم؟ قال: نعم، تصلي؟ لا، تحفظ الفاتحة؟ لا ، أي أجهل الجهلاء، لماذا فعلت هذا؟ قال كلمة لو كان عالم نفس لا يقولها، قال: من ثيابهن، قالت: فإذا رأيت فتاةً محجبة؟ قال: إنها أختي والذي يقول لها كلمة أقتله، هذا جاهل ليس معه شهادة، ولا دراسة ،ولا ابتدائية، ولا يقرأ إطلاقاً، من ثيابهن.
انتشار الفواحش بسبب الاختلاط :
لذلك أيها الأخوة، صدقوا ولا أبالغ تسعون بالمئة من الفواحش بدأت بالاختلاط، خيانة زوجية مع من؟
مع صديق الزوج، كيف تعرف عليها؟ بطعام مشترك، بنزهة مشتركة، ما من مشكلة ترفع إليّ حول الخيانة الزوجية إلا أسأل مع من وكيف تعرف إليها؟ النتيجة اختلاط، الله عز وجل هو العليم، هو الخبير، هو الحكيم.
القصص التي تروى من خلال التعرف على الفتيات بالانترنيت، بالشات، وهذا التعرف ينتهي بالفاحشة، ثم بالتصوير، ثم بالابتزاز، ثم بالمتاجرة بالفتاة، لا تعد ولا تحصى.
تبدأ من علاقة آثمة بين فتاة وفتى، لذلك القناة النظيفة الوحيدة في الإسلام هي قناة الزواج، في أصح كتابين بعد كتاب الله في البخاري ومسلم يقول النبي عليه الصلاة والسلام:
(( لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ وَلَا تُسَافِرَنَّ امْرَأَةٌ إِلَّا وَمَعَهَا مَحْرَمٌ فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ اكْتُتِبْتُ فِي غَزْوَةِ كَذَا وَكَذَا وَخَرَجَتْ امْرَأَتِي حَاجَّةً قَالَ اذْهَبْ فَحُجَّ مَعَ امْرَأَتِكَ))
أي فَضّل النبي لهذا الصحابي أن يحج مع امرأته وأن يدع الجهاد في سبيل الله، مع أن الجهاد ذروة سنام الإسلام.
نهي النبي الكريم عن الخلوة بين الرجل و المرأة :
أيها الأخوة، هناك ملمح بالحديث دقيق جداً، ما قال النبي عليه الصلاة والسلام: ما خلا كافر بامرأة، ما قال: ما خلا فاسق بامرأة، قال: ما خلا رجل، المؤمن رجل، والكافر رجل، والفاسق رجل، والمنافق رجل، الحديث بنصه الدقيق:
((أَلَا لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلَّا كَانَ ثَالِثَهُمَا الشَّيْطَانُ))
في عمر الدعوة المتواضع خمس وثلاثون سنة، والله عندي آلاف القصص عن الخيانة الزوجية، بدأت بالاختلاط فقط وانتهت بالخيانة الزوجية، أساساً لسيدنا سعد بن أبي وقاص كلمة رائعة قال: " ثلاثة أنا فيهن رجل، وفيما سوى ذلك أنا واحد من الناس ـ من هذه الثلاثة ـ ما سمعت حديثاً من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلاعلمت أنه حقّ من الله تعالى ـ" ، وفي آية دقيقة:
﴿ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا ﴾
والآية الدقيقة أيضاً:
﴿ وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى ﴾
الابتعاد عن أسباب الخطيئة :
ليس هناك في القرآن الكريم نهي عن الزنا، هناك نهي عن أن تقرب الزنا، فالخلوة تقرب من الزنا، صحبة الأراذل تقرب من الزنا، إطلاق البصر يقرب من الزنا، تكشف المرأة يقرب من الزنا، هذه كلها مقدمات، وضع الشهوة كهذا المثل، صخرة مستقرة في قمة الجبل، وإلى أسفل هذا الجبل واد سحيق، أنت إذا دفعت هذه الصخرة من قمة الجبل إلى عشرة أمتار في المنحدر، لن تقف إلا في قعر الوادي، فهذه الشهوة حينما تستثار لا تنتهي إلا بالفاحشة، أساسها لقاء، أساسها ابتسامة، أساسها تعرٍ قليل، بدأت من هنا وانتهت بالفاحشة، لو أن هناك عالم اجتماع يدرس تفاصيل الخيانة الزوجية أو حالات الزنا، يجدها على هذا النمط، قال تعالى:
﴿ وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى ﴾
لذلك أثر عن السيد المسيح كلمة أنا أراها رائعة جداً، قال: "الشريف من يهرب من أسباب الخطيئة". والنبي عليه الصلاة والسلام يقول:
((إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَرَأَيْتَ الْحَمْو ـ أي أخي الزوج ـ قَالَ: الْحَمْوُ الْمَوْتُ))
لأن أخ الزوج يحدث زوجة أخيه، يبتسم لها أحياناً، يروي لها طرفة تظنه كأخيها، وهو ليس كذلك، أيها الأخوة، معنى الحمو بالضبط أخو الزوج وأقاربه، لذلك أنا أقول لكم: في الأعمِّ الأغلب معظم المسلمين لم يقتلوا، ولم يزنوا، ولم يشربوا الخمر، المعظم، لكن معظم المسلمين يقعون في مخالفات، يتوهمونها صغائر وهي عند الله كبائر، بيوتات الشام أكثر الولائم مختلطة، الأصهار والكنائن مع بعضهم، هذا الصهر الأول ألم يرَ زوجة عديله؟ والله أجمل، لماذا أخفوها عني؟ هذه مشكلة كبيرة، أي كل إنسان يتمنى الأكمل، فإذا وجد أنه الأقل وليس الأكمل هذه مشكلة، لذلك لا تصاحب إلا مؤمناً، ولا يأكل طعامك إلا تقي. اجعل طعامك وفق السنة، وفق منهج الله عز وجل، وأنا فيما أتوهم أن بيوتاً قليلةً جداً ليس فيها اختلاط من بيوتات المسلمين.
الشروط الواجب اتباعها عند التقاء الرجال مع النساء :
1 ـ على المرأة أن تكون بالثياب الشرعية و الحشمة الكاملة :
أيها الأخوة، لا شك أن كيد الشيطان كيد ضعيف، وأن كيد النساء كيد كبير:
﴿ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ﴾
لا يوجد شهوة متعلقة مع الشيطان، تفسير الفرق بين الآيتين، ليس هناك شهوة متعلقة مع الشيطان، لكن هناك شهوة متعلقة مع المرأة، لكن كحكم شرعي قد يلتقي الرجال مع النساء بالثياب الشرعية الكاملة، والحشمة الكاملة، والكلام الجدي، لا يوجد تكسر، ولا تميع، ولا شيء من هذا القبيل، ولأمر ضروري.
2 ـ عدم توسع المرأة في الخروج من بيتها:
الشيء الثاني: عدم توسع المرأة في الخروج من بيتها:
﴿ وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ (33) ﴾
أي ليكن البيت هو المكان الأول في إقامتها، وإذا خرجتن:
﴿ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى ﴾
أما الرجال:
﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ﴾
3 ـ التزام المرأة بالحجاب الشرعي:
ثم التزام المرأة بالحجاب الشرعي، والثياب المحتشمة، بمعنى أن أي ثياب تبرز خطوط جسم المرأة فهي ثياب غير شرعية، أي ثياب تبرز لون البشرة فهي ثياب غير شرعية، أي ثوب المرأة ينبغي ألا يكون شافاً، ولا شفافاً، ولا ضيقاً، ثوب سابل، سميك.
4 ـ الالتزام بآداب الإسلام في الكلام الجاد :
شيء آخر الالتزام بآداب الإسلام في الكلام الجاد:
﴿ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا ﴾
أما أثناء البيع والشراء راعينا، نحن جيرانك، قلبك قاس علينا:
﴿ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا ﴾
هذا مهمة الأزواج، فإذا اشترت المرأة حاجةً ينبغي أن تقول قولاً معروفاً لا يسبب أي طمع فيها، من هذه الآداب، تجنب الزينة، الزي الشرعي، غض البصر، وألا يكون هناك اختلاط بين الشباب والشابات في أي مكان في حياتهم.
وأخيراً..
أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه يغفر لكم، فيا فوز المستغفرين، أستغفر الله.
***
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، صاحب الخلق العظيم، اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
العودة إلى الأخلاق الفاضلة تقوي المسلمين و تقدس دينهم :
أيها الأخوة، قصة قرأتها في موقع معلوماتي لكن رأيتها شاهداً قوياً على محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونحن في ذكرى مولده
قروي مسكين من الضفة الغربية عاد إلى بيته، بعد أن أخذ محصوله من بستانه الذي زرعه زيتوناً، أخذ الزيتون إلى المعصرة، وعصر كل الزيتون الناتج، ثلاثون صفيحة هي جهد عامه بأكمله، مصروفه بأكمله، أقساط أولاده، نفقاته، طعامه، شرابه، ولما وصل إلى الحاجز الذي يضعه اليهود على باب المخيم، قال الجندي له: لن تستطيع المرور حتى تدفع الثمن، قال: وما الثمن؟ قالوا له: أن تشتم النبي محمد صلى الله عليه وسلم، قال: لا، لا يمكن، فقالوا: إما أن تشتم وإما أن يهرق الزيت، فلم يشتم، بدأ الجنود بإطلاق الرصاص على العبوات واحدة واحدة من أسفلها، حتى ساح الزيت كله، هذا القروي سكن حب النبي في أعماق نفسه، ولا يستبعد أنهم حينما أطلقوا النار على هذه الصفائح، وتقاطر الزيت على الأرض تقاطر كبده مع الزيت، مصروف السنة بكاملها، وكأن أوعيته تنزف، تهاوت أمامه أحلام الغد، رسوم الجامعة لأولاده، سداد ديونه، الكهرباء، الماء، عاد إلى البيت وقد فقد كل محصوله السنوي، وجد في البيت ثلاثين عبوة من الزيت، تضامن أهل القرية معه، وعلموا بالقصة، فقدم كل واحد منهم عبوة، فاجتمعت ثلاثون عبوة في البيت.
حينما نعود إلى هذه الأخلاق لا يمكن أن يستعلي أحد علينا، حينما ننضم إلى الجماعة، حينما نقدس ديننا، الله موجود، بيده كل شيء، لكن حينما يهون أمر الله على المسلمين يهونون على الله.
حجم الإنسان عند ربه بحجم عمله الصالح :
أنا لا أنسى أن أخاً كريماً من محسني هذه البلدة، أراد بناء مسجد، وكلف أحد أخوتنا من المهندسين المتفوقين ببناء هذا المسجد، والبحث عن أرض.
بادئ ذي بدء، وجد أرضاً بعد القدم، مناسبة جداً، أربعة دونمات مربعة، أحد أضلاعها باتجاه القبلة، من صاحب هذه الأرض؟ حاجب في مدرسة ابتدائية، ساكن بغرفة واحدة مع ثمانية أولاد، دخله أربعة آلاف ليرة، تَمَلَّك هذه الأرض إرثاً منذ شهر، فتساوم مع من يريد أن يشتريها، فاستقر المبلغ على ثلاثة ملايين ونصف، المحسن الكبير فتح دفتر الشيكات وكتب له شيك بمليوني ليرة، قال له صاحب الأرض ـ المستخدم، الحاجب غير المتعلم، الذي عنده ثمانية أولاد، ودخله أربعة آلاف، وبيته بالأجرة غرفة واحدة ـ أين البقية؟ قال له: عند التنازل، قال له: أي تنازل؟ قال له: يا أخي هذه الأرض سوف تغدو جامعاً، ولابد من أن تذهب إلى الأوقاف كي تصرح بالتنازل للأوقاف، قال: هذه الأرض ستغدو مسجداً؟ قال: نعم، قال: أنا أبيع أرضاً تغدو مسجداً؟! قال له: نعم، قال: والله أستحي من الله، ثم أمسك الشيك ومزقه، وقال: أنا أولى بك أن أقدمها لله، وتمّ بناء المسجد، من قدمه؟
أفقر إنسان، يقول المحسن الكبير الذي معه ملايين مملينة: والله ما صغرت في حياتي كما صغرت أمام هذا المستخدم.
سائق تكسي على خط دمشق بيروت، لا يوجد ركاب جاء شاب وشابة، قال له: انتظر ربع ساعة سوف تأتينا محفظة، قال: تفضلوا، بعد ربع ساعة أو ثلث ساعة جاء رجل بالسبعين، واضع المحفظة على رأسه، فهذا الشاب وكزه على رأسه وقال له: لماذا تأخرت؟ أخذ المحفظة وضعها في الصندوق وانطلق وصل إلى عالية، سمع الشابة زوجته تعاتب زوجها لماذا ضربت أباك؟ فتوقف، قال له: هذا أبوك؟ قم وانزل وألقى بالأجرة، وقال له: لا أركب معي إنساناً عاقاً لوالديه.
انظر إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فيا أيها الأخوة الكرام، نحن نتحدث عن محسنين كبار دائماً، والله بين المسلمين يوجد محسنون صغار، و هم عند الله كبار جداً، هذا المستخدم لا يملك من الدنيا إلا أربعة آلاف ليرة بالشهر، وبيته بالأجرة، جاءته أرض ثمنها أربعة ملايين، وباعها بثلاثة ونصف فلما علم أنها سوف تغدو مسجداً، استحيا من الله وقال لمن يريد أن يشتريها: أنا أولى منك أن أقدمها لله.
أيها الأخوة الكرام، حجمك عند الله بحجم عملك الصالح.
دعاء الختام ..
اللهم اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت، وتولنا فيمن توليت، وبارك لنا فيما أعطيت، وقنا واصرف عنا شر ما قضيت، فإنك تقضي بالحق، ولا يقضى عليك، وإنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت، ولك الحمد على ما قضيت، نستغفرك و نتوب إليك، اللهم اهدنا لصالح الأعمال لا يهدي لصالحها إلا أنت، اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا، واجعل الحياة زاداً لنا من كل خير، واجعل الموت راحة لنا من كل شر، مولانا رب العالمين، اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك، وبطاعتك عن معصيتك، وبفضلك عمن سواك، اللهم بفضلك ورحمتك أعلِ كلمة الحق والدين، وانصر الإسلام، وأعز المسلمين، انصر المسلمين في كل مكان، وفي شتى بقاع الأرض يا رب العالمين، اللهم أرنا قدرتك بأعدائك يا أكرم الأكرمين .