- أحاديث رمضان
- /
- ٠15رمضان 1429هـ - خطاب الله للمؤمنين
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
عدم أداء الفرائض وفعل المحرمات خيانة لله تعالى:
أيها الأخوة الكرام، مع درس جديد من دروس يا أيها الذين آمنوا آية اليوم:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (27) وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (28) ﴾
أيها الأخوة، قال بعض العلماء لا تخونوا الله أي لا تعطلوا فرائضه، ولا تتجاوزوا حدوده، لا تخونوا الله والرسول لا ترفضوا سنته، ولا تفشوا سره، وتخونوا أماناتكم هنا نقف وقفة متأنية، يعني حينما لا تؤدي الفرائض وحينما لا سمح الله ولا قدر يفعل الإنسان المحرمات، عدم أداء الفرائض وفعل المحرمات هي خيانة لله، وعدم قبول سنة رسول الله خيانة لرسول الله.
هناك أمانات كثيرة معلقة في عنق الإنسان منها:
1 ـ أمانة التكليف:
أما معنى وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون، الله عز وجل قال:
﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا(58) ﴾
جاءت جمعاً وهنا ما قال وتخونوا أمانتكم،
﴿وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ﴾
، الأمانات جاءت جمعاً لأن هناك أمانات كثيرة معلقة في عنقك، أول هذه الأمانات أمانة التكليف:
﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ ﴾
كلفك أن تعرفه من خلال خلقه، ومن خلال قرآنه، ومن خلال أفعاله، ثم أعطاك منهجاً عن طريق رسوله، كلفك أن تطبق هذا المنهج، ثم أمرك أن تتقرب إليه بالعمل الصالح، فلابدّ من أن تفعل هذه الأشياء هذه أمانة التكليف، كلفك أن تعرفه، وأن تعبده، حتى تسعد بقربه في الدنيا والآخرة، أما الأمانة هي نفسك التي بين جنبيك، سلمها الله لك، جعلها أمانة بين يديك:
﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا {9}﴾
عرفها بربها، حملها على طاعته، قربها من ربها بالأعمال الصالحة، فاتصلت به، وزكت وسمت، وسعدت في الدنيا والآخرة:
﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا {9} وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا {10} ﴾
هذه الأمانة الأولى أمانة التكليف.
2 ـ أمانة التبيين للعلماء:
إذا كنت عالماً تعلقت في رقبتك أمانة التبيين:
﴿ الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ (39) ﴾
3 ـ أمانة التبليغ للأنبياء:
العلماء يبينون، الأنبياء يبلغون:
﴿ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ (67) ﴾
هذه أمانة الأنبياء، أمانة العلماء أن يبينوا، أن يوضحوا، أن يبينوا دون أن تأخذهم في الله لومة لائم:
﴿ الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ (39) ﴾
هذه أمانة التبيين.
4 ـ أمانة الولاية للحكام:
هناك أمانة الولاية، هذه الأمانة توضحها فاطمة بنت عبد الملك زوجة الخليفة الزاهد عمر بن عبد العزيز، تروي فاطمة بنت عبد الملك أنها دخلت على عمر زوجها يوماً في مصلاه، فوجدته واضعاً يده على خده ودموعه تسيل، فقالت له ؟ ما بالك وفيما بكاؤك ؟ قال: ويحك يا فاطمة إني قد وُليتُ هذا الأمر، ففكرت في الفقيرِ الجائع، والمريضِ الضائع، والعاريْ المجهول، واليتيمِ المكسور، والمظلومِ المقهـور، والغريب، والأسير، والشيخِ الكبير، والأرملةِ الوحيدة، وذي العيالِ الكثير والــرزقِ القليل، وأشباهِهم في أطرافِ البلاد، فعلمتُ أن الله سيسألني عنهم جميعاً يومَ القيامة، وأن خصميْ دونهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فخشيت ألا تَثْبُت حجتي، فلهذا أبكي.
سلمك الله مقاليد البشر، هذه أمانة الولاية، لذلك أحد أصحاب النبي الكريم قال يا رسول الله أَلَا تَسْتَعْمِلُنِي ؟ ـ أي في وظيفة أو منصب ـ قَالَ: فَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى مَنْكِبِي، ثُمَّ قَالَ:
(( يَا أَبَا ذَرٍّ، إِنَّكَ ضَعِيفٌ، وَإِنَّهَا أَمَانَةُ، وَإِنَّهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ خِزْيٌ وَنَدَامَةٌ إِلَّا مَنْ أَخَذَهَا بِحَقِّهَا، وَأَدَّى الَّذِي عَلَيْهِ فِيهَا))
الأولى أمانة الولاية.
5 ـ أمانة التولية لتعيين الموظفين:
الآن أمانة التولية، سيدنا عمر يتحمل أمانة الولاية، الآن سوف يولي عاملاً أي محافظاً، ماذا تفعل إذا جاءك الناس بسارق أو ناهب ؟ قال: أقطع يده، قال: إذاً فإن جاءني من رعيتك من هو جائع أو عاطل فسأقطع يدك، إن الله قد استخلفنا عن خلقه لنسد جوعتهم، ونستر عورتهم، ونوفر لهم حرفتهم، فإن وفينا لهم ذلك تقاضيناهم شكرها، إن هذه الأيدي خلقت لتعمل، فإذا لم تجد في الطاعة عملاً التمست في المعصية أعمالاً، فاشغلها بالطاعة قبل أن تشغلك بالمعصية.
هذه أمانة التولية، الآن دخلنا في أمانة الواجب، أمانة التكليف، أمانة التبليغ للأنبياء، أمانة التبيين للعلماء، أمانة الولاية للحكام، أمانة التولية لتعيين الموظفين، أي من ولى واحداً على عشرة، وفي الناس من هو أرضى منه لله عز وجل فقد خان الله ورسوله، ودائماً البلاد المتخلفة تبني علاقاتها على أساء انتمائي، بينما الدول المتقدمة تبني مقاييسها على أساس موضوعي، والفرق كبير بين أن تكون المقاييس انتمائية أو أن تكون المقاييس موضوعية.
6 ـ أمانة الواجب:
أمانة الواجب ملخصة في هذا الحديث:
(( كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالْإِمَامُ رَاعٍ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ فِي أَهْلِهِ رَاعٍ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ، وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالْخَادِمُ فِي مَالِ سَيِّدِهِ رَاعٍ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ))
هذا حديث شامل يجمع أنواع أمانة الواجب.
إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا:
لو دخلنا في التفاصيل أنت معلم هذا الطالب أمانة في عنقك هل اعتنيت به ؟
هل علمته ؟ هل وجهته ؟ هل لاحظت نقاط ضعفه ؟ هل حاولت أن تُقوم أخلاقه ؟ هل حاولت أن تصلحه ؟ هو أمانة في عنقك، أنت طبيب هذا المريض أمانة في عنقك هل حرصت على شفائه، أم على ابتزاز ماله ؟ فرق كبير، فالطبيب مؤتمن على مرضاه، والمحامي الموكل أمانة في عنقك هل صدقته ؟ هل نصحته ؟ قلت له هذه الدعوى لا تنجح، أم أوهمته أنها تنجح وأنك تماطل حتى سحبت منه مبالغ طائلة، فالموكل أمانة في عنق المحامي، الطالب أمانة في عنق المدرس، والمريض أمانة في عنق الطبيب.
الآن الأبنية، والمنشآت، والجسور، والطرقات، أمانة في عنق المهندس الذي صممها، والمهندس الذي نفذها، والمهندس الذي تسلمها، أحياناً يكون في خطأ بالتسلم ينهار البناء قبض مبلغاً فقبل البناء.
الصنعة والحرفة أمانة في عنق الصانع هل أتقنها ؟ هل حسنها ؟ هل طورها أم أهملها فكانت العيوب والنقائص وكان الخلل والفساد ؟
الشجرة والنبتة أمانة في عنق الزارع هل رشها بهرمونات فأصبحت الفواكه مسرطنة ؟ هناك أسمدة تدخل في تركيب الفاكهة يسمونه سماد بنائي مهما غسلتها المادة المسرطنة دخلت فيها يسمونها أسمدة جهازية، بخ الهرمون خنت الأمانة، لم تصدق الموكل خنت الأمانة، لم تعلم هذا الطالب خنت الأمانة، لم تهتم بهذا المريض خنت الأمانة، لم تهتم بهذا الموكل خنت الأمانة:
﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا(58) ﴾
المستهلك أمانة في عنق البائع هل نصحه ؟ هل غشه ؟ هل كذب عليه ؟ هل غشه في النوع أو في الكم أو في المنشأ أو في السعر ؟ البيوع أمانة، الديون أمانة، المواريث أمانة، هل وزعت الإرث وفق شرع الله أم حرمت البنات ؟ خنت الأمانة، والله أيها الأخوة متعلق برقبة الإنسان عشرات ألوف الأمانات:
﴿ فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (93) ﴾
7 ـ أمانة الأعراض:
هناك أمانة الأعراض هذه المرأة التي نوهت إلى أنها ليست مستقيمة هل عندك دليل صحيح ؟ هل أنت متأكد أم كلمة سمعتها فرددتها ؟ قذف محصنة يهدم عمل مئة سنة. هناك أمانة الأعراض، أمانة هذه الحواس:
﴿ يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ (19) ﴾
8 ـ الأمانة العلمية:
هناك أمانة علمية هل هذا الكتاب من تأليفك أم ترجمته وعزوته إليك ؟ خيانة بالتأليف، في حقوق الابتكار أمانة أيضاً.
دين الإنسان ليس في المسجد إنما دينه يتجلى من خلال معاملته للآخرين:
أيها الأخوة:
﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا(58) ﴾
لذلك المؤمن يعلم علم اليقين أن دينه ليس في المسجد، في المسجد تتلقى التعليمات وتقبض الثمن، تتلقى التعليمات بدرس العلم وتقبض الثمن أثناء الصلاة، أما الدين في بيتك، هذا البيت أقمت فيه الإسلام، الدين في متجرك، يعني سامحوني لو ظننتم أني أقسو، لو أحد غشّ المسلمين والله ألغى عباداته كلها، من أين جئت بهذا الكلام ؟
السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: قولوا لفلان: إنه ألغى جهاده مع رسول الله
يعني هناك أمثلة لا تعد ولا تحصى ؛ لما أنت تضيف مادة مسرطنة للصناعة الغذائية هذه المادة المسرطنة تجعل اللون فاتح والسعر يرتفع، ضحيت بصحة الناس من أجل مبلغ يسير أنت ماذا رأيت ؟ رأيت هذا المبلغ الذي حصّلته من هذا الغش، ومن إيذاء الناس بصحتهم أكبر عندك من الله، ألغيت عباداتك، لما دواء ينتهي مفعوله وتحاول أن تطمس مكان نهاية المفعول ثمنه ثمانمئة ليرة تبيعه، صلاتك وصومك وحجك وزكاتك ما عاد لها معنى سقطت، أنا لا أقسو أنا أتكلم ما أعتقده، الدين في محلك التجاري، الدين في عيادتك، الدين بمكتبك، الدين بالحقل، الدين بالصف، الدين بالتعامل اليومي، الدين بالبيع والشراء ، هذا هو الدين، تأتي إلى المسجد أهلاً وسهلاً بك هذا بيت الله، بيوتي في الأرض المساجد، وإن زوارها هم عمارها، فطوبى لعبد تطهر في بيته، ثم زارني، وحق على المزور أن يكرم الزائر.
لما أنت تستقيم في بيتك، وفي عملك، وفي حرفتك، لا في كذب، ولا إيهام، ولا في تدليس، ولا في تدجيل، ولا في غش، ولا في تقصير، تقدم سلعة متقنة بسعر معتدل، الآن الخط مع الله ساخن، خط ساخن، الله عز وجل ينتظرك عندئذ يتجلى على قلبك، عندئذ يوفقك.
من لم يستقم على أمر الله عز وجل لن يقطف من ثمار الدين شيئاً:
أخوانا الكرام، الدين له شكل، له إطار، وله مضمون
لن تقطف من ثمار الدين شيئاً إلا إذا استقمت على أمر الله، والمستقيم على أمر الله يعلم علم اليقين كيف أن الله يحفظه، ويوفقه، ويرعاه، ويدعمه، ويدافع عنه، ويحفظه، وينصره، هذه المعية الخاصة ثمنها الاستقامة، أنا أتصور أن الدين كله بكل تفاصيله، بكل فروعه، بكل نشاطاته، يضغط بكلمة واحدة هي الاستقامة، إن استقمت على أمر الله تقطف كل ثمار الدين، وإن لم تستقم على أمر الله لن تقطف من ثمار الدين شيئاً، وفروا وقتكم وجهدكم، إنسان أَلِف أن يصلي الصلوات الخمس، وأن يصوم رمضان، وأن يحج البيت، لكن يبيع بضاعة محرمة أو يغش في بضاعة ليست محرمة، ممكن أن تأتي بشريط ذهبي مكتوب صنع في فرنسا تضعه على قماش مع المكواة هذا بضاعة فرنسية هي بضاعة من أسوأ دولة، أنا تصوري إن فعلت هذا ألغيت كل عباداتك، ممكن تختار للمريض ستاند لقلبه هناك ستاند نسبة النكسة فيه 20 بالمئة لكن معه عمولة عشرة آلاف، وهناك آخر نسبة النكسة فيه ثلاثة بالمئة لكن ما معه عمولة، أقسم لكم بالله لو اخترت الأول مع العمولة صارت نسب النكسة عند المريض 20 بالمئة ألغيت كل عباداتك، ألغيت صلواتك، وصيامك، وحجك، وزكاتك، أنا هذا إيماني، ما لم تستقم على أمر الله لن تقطف من ثمار الدين شيئاً.
محاسبة الله عز وجل كل إنسان على عمله يوم القيامة:
وفروا وقتكم وجهدكم، ما لم تستقم على أمر الله، ما لم تكن صادقاً، والله عندك أقمشة جاءك إنسان قال لك أتمنى عليك أن تختار لي اللون الجميل أنت عندك لون كاسد لا يباع معك قلت له هذا أحلى لون، بالسعر ما غشيت، بالنوع ما غشيت، لكن غشيت باللون، خنت الأمانة والله سوف يحاسب الإنسان عن أعماله كلها بهذه الطريقة:
﴿ فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِيْنَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾
﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا(58) ﴾
أنت طبيب وعندك مريض ومرضه ليس من اختصاصك، إذا ما تدله على الطبيب الاختصاصي وتتخلى عن معالجته خنت الأمانة، إذا عملت مذاكرة للطلاب مستواها صعب جداً، فأخذ معظم الطلاب أصفاراً واستدعيت أولياءهم أطلعتهم على هذه النتائج، وتعاهدت لهم بدروس خاصة كل درس بألف ليرة أنت السبب، أنت عملت مذاكرة غير معقولة خنت الأمانة، والله أساليب الاحتيال والغش لا يعلمها إلا الله، والمسلم حينما يفعل هذا سقط من عين الله، وخان الأمانة، وأصبح محجوباً عن الله عز وجل، أنا أتكلم الواقع، أتكلم من أساليب لا تعد ولا تحصى، من الغش والخداع في البيع والشراء، والذي يفعل هذا مسلم، ويصلي في المسجد، وله شيخ، وله عبارات لطيفة، تباركنا يا سيدي، ما شاء الله، ما هذا الدرس شيء رائع جداً، ويغش الناس، الله عز وجل كل هذه المظاهر لا قيمة لها عنده:
﴿ فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ ﴾
(( وإنَّ الله أمرَ المؤمنين بما أمر به المرسلين ))
أدِ الذي عليك واطلب من الله الذي لك:
استقم على أمر الله تماماً ولو لم يكن مظهرك دينياً، إنسان مدني عادي امشي صح قريب من الله، الله عز وجل يلقي في قلبك السكينة وأنت موفق، وأنت منتصر، وأنت محفوظ، وأنت مكرم، صلاتك متقنة، صلاتك فيها خشوع، فيها
سرور، فيها سعادة، استقمت على أمره
أنا أريد أن أضع يدي على جوهر الدين، هذا الأعرابي الفقير، فقير وغير متعلم، لقي ابن عمر راعي غنم قال له: بعني هذه الشاة وخذ ثمنها، قال له الراعي: ليست لي، قال: قل لصاحبها: ماتت (صعبة ألا تحل معك المشكلة ؟) وخذ ثمنها، أو أكلها الذئب، يقول الراعي: ليست لي، يقول له: خذ ثمنها، يقول له الراعي: والله إنني لفي أشد الحاجة إلى ثمنها، ولو قلت لصاحبها: ماتت أو أكلها الذئب لصدقني، فإني عنده صادق أمين، ولكن أين الله ؟ هذا الراعي البسيط وضع يده على جوهر الدين.
والله أيها الأخ الكريم لما تستقم تماماً تحس بسعادة لا توصف، تحس بقرب من الله، تحس بتوفيق، تحس بقوة شخصية، تحس بأمن، تحس برضا، تحس بعزة وكرامة، أنت مع الله، لكن غش الناس، اكذب عليهم، حجبت عن الله، انتهيت عند الله عز وجل، فأنا أتمنى أن يكون هذا الدرس:
﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا(58) ﴾
أدِ الذي عليك واطلب من الله الذي لك.