- أحاديث رمضان
- /
- ٠15رمضان 1429هـ - خطاب الله للمؤمنين
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
منهج الله عز وجل يأمر كل إنسان بأن يفي بعقده مع الآخرين:
أيها الأخوة الكرام، مع درس جديد من دروس يا أيها الذين آمنوا، آية اليوم:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ (1) ﴾
مطلق العقود، أي عقد بينك وبين آخر قد يكون مسلماً وقد يكون غير مسلم، أي عقد بينك وبين آخر ما دام وفق منهج الله، وفق الشريعة الإسلامية، ينبغي أن تفي به:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ (1) ﴾
وقد استنبط العلماء قاعدة شرعية هي: المسلمون عند شروطهم، هناك عقد بينك وبين إنسان أنت كمسلم ملتزم أن تطبق منهج الله، منهج الله يأمرك أن تفي بهذا العقد.
الجنة ثمن التضحية بالنفس و المال:
لذلك الله عز وجل يطمئننا في قوله تعالى:
﴿ إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنْ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمْ الْجَنَّةَ (111) ﴾
كأن الله عز وجل هو الذي اشترى منك نفسك، اشترى وقتك، اشترى جهدك، اشترى مالك، اشترى صحتك، اشترى وقتك، اشترى عضلاتك:
﴿ إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنْ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ (111) ﴾
الثمن:
﴿ بِأَنَّ لَهُمْ الْجَنَّةَ (111) ﴾
في عقد ؛ الشاري هو الله والبائع هو المؤمن والثمن هو الجنة:
﴿ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ (111) ﴾
زوال الكون أهون على الله من ألا يحقق وعوده للمؤمنين:
الآن:
﴿ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنْ اللَّهِ (111) ﴾
زوال الكون أهون على الله أن يعدك وعداً ثم لا ينفذ هذا الوعد:
﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي (55) ﴾
عليك أن تعبده وقد وعدك أن يستخلفك في الأرض، وأن يمكّن لك دينك، وأن يطمئنك، فإذا كنا لسنا مستخلفين، ولسنا ممكنين، ولسنا آمنين، معنى ذلك لم ننفذ الذي علينا:
﴿ يَعْبُدُونَنِي ﴾
هذه حقيقة مهمة جداً.
عود الله عز وجل للمؤمنين:
مرة ثانية وعد الله عز وجلّ المؤمنين بأشياء كثيرة قال تعالى:
﴿ وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ﴾
﴿ وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ ﴾
﴿ إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾
﴿ وَلَن يَجْعَلَ اللّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً ﴾
هذه الوعود مرة ثانية زوال الكون أهون على الله من ألا تحقق:
﴿ إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنْ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمْ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنْ اللَّهِ (111) ﴾
أعرابي قال للنبي عليه الصلاة والسلام اعدل يا محمد، فتبسم النبي عليه الصلاة والسلام و قال: ويحك من يعدل إن لم أعدل ؟ هذا الوعد من خالق السماوات والأرض:
﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ﴾
هذا وعد من الله:
﴿ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا ﴾
هذا وعد من الله.
من أدى الذي عليه فوعود الله عز وجل محققة له:
والله أيها الأخوة لو قرأتم وعود الله للمؤمنين بمجرد أن تؤدي الذي عليك فوعد الله محقق، لا يجتمع إيمان وقلق، ولا إيمان وحزن، ولا إيمان وإحباط، ولا إيمان وخوف، ولا إيمان ويأس، كل هذه المشاعر، مشاعر البعد عن الله:
﴿ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنْ اللَّهِ (111) ﴾
﴿أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ ﴾
﴿ أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ (18) ﴾
﴿ أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (35) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (36) ﴾
أيها الأخوة، ما لم تعتقد اعتقاداً جازماً أن كل وعود الله عز وجل تحقق في أي زمن، إله الصحابة إلهنا، وقرآنهم قرآننا، ونبيهم نبينا، لمجرد أن نقدم لله ثمناً، وعد فالوعد حق:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ ﴾
أنا أدعو أقول يا رب أعنا على أنفسنا حتى ننتصر لك، حتى نستحق أن تنصرنا على أعدائنا.
الله عز وجل وليّ الذين يوفون بالعقود:
إذاً:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ (1) ﴾
الله عز وجل ولي التوفيق، رجل ريفي فلاح كل عمره يعمل مرابع عند أصحاب الأراضي، أي أُعطي من أرض أحد الأثرياء عشرين دونماً، هذا الفلاح اختل توازنه من شدة الفرح، كل حياته أجير، فقير، معذب، محروم، فجأة بقانون من القوانين اقتطع من أراضي هذا الثري قطعاً وزعت على الفلاحين الصغار، فهذا الفلاح من شدة فرحه وطربه اختل توازنه، له شيخ في الشام زاره وبشره بهذه البشارة، قال له الشيخ يا بني هذه الأرض مغتصبة ليست لك، لا يجوز أن تأخذها، كل هذا الفرح، كل هذا البشر، كل هذا التفاؤل، انطفأ لما رآه الشيخ هكذا وقع في كآبة شديدة، قال له اذهب إليه لعله يبعك إياها تقسيطاً، أعطه حلي زوجتك، فذهب إليه قال له يا سيدي أعطيت من أرضك عشرين دونماً، ولي شيخ قال هذه حرام، هل تبيعني إياها ؟ قال له: والله يا بني ذهب مني أربعمئة دونم ما نفد إلى عندي ولا واحد إلا أنت، هذه هدية مني لك.
أعرف طالبين على مقعد الدراسة، لما كبرا أحدهما صار من كبار تجار البيوت، و الآخر بقال صغير، لما أراد البقال أن يتزوج لا يوجد عنده بيت، جاء إلى صديقه قال له: والله أنا لا أؤجر أنا أبيع فقط، طلب منه مرة ثانية، مرة ثالثة، مرة رابعة، في المرة الخامسة بانفعال شديد قال له: والله عهداً لله إن أجرتني أحد البيوت المعدة للبيع لمجرد أن يأتي من يشتري هذا البيت أخرج بأيام ثلاثة، يبدو هذا التاجر رقّ قلبه، عنده بيت أرضي شمالي قليل بيعه أجره إياه، بعد أربع سنوات الأسعار ارتفعت ارتفاعاً مذهلاً فجاء من يشتري البيت (والقصة قديمة) بثمانمئة ألف، البيت كان يساوي عشرين ألفاً، فطرق الصديق بيت هذا المستأجر قال له: أنت وعدتني خلال ثلاثة أيام أنا سوف أعطيك ستة أشهر، قال له: لابأس، مضى أول يوم والثاني والثالث، طرق باب صاحب البيت قال له هذا المفتاح، صعق، الآن بتعديل قانون الإيجار تجد بيتاً ؟ أما قبل بضع سنوات ما في أمل ولا بالمليون واحد تجد بيتاً تسكنه، هو كأنه ما صدق، فبعد حين ذهب إلى البيت ليتأكد فتح البيت فارغاً، منظفاً، مرتباً، لا يوجد فيه بلورة مكسورة، لا يوجد فيه صنبور فيها خلل، خرج من البيت عندما أغلق الباب الجيران فتحوا الباب قالت له: يا أخي هذا جارنا كم أخذ منك فروغ حتى خرج ؟ قال والله ما أخذ شيئاً، لكن وعدني أن يخرج فخرج، قالت له: عجيب باع كل أثاث بيته (عندنا سوق اسمه سوق القروان)، هذا أرخص شيء باع غرفة النوم بعشر ثمنها بيومين، أين سكن ؟ قالت له في الفندق، قال عهد الله إن أجرتني هذا البيت، فهذا الإنسان الثاني استيقظ عنده مشاعر لا يعرفها إطلاقاً، ما هذا الإنسان فذهب إلى الفندق قال له: والله هذا البيت تعود إليه وسأبيعك إياه بسعر يوم سكنته، وكل شيء دفعته من الآجار من ثمن البيت نتابع الأجرة أقساط من ثمن البيت، وكل أثاث بيتك عليّ، أوفوا بالعقود:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ (1) ﴾
الوفاء بالعهد و إنجاز الوعد من صفات المؤمن:
أيها الأخوة الكرام، الإنسان سقط من عين الله، يتعهد لا ينفذ، يعد لا يفي:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ (1) ﴾
أنا أقول مستحيل أن تنفذ وعداً ثم لا تكافأ من الله عليه، لذلك الله عز وجل قال:
﴿ لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ (177) ﴾
الشاهد:
﴿ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا (177) ﴾
من صفات المؤمن أنه يفي بعهده وينجز وعده.
على كل إنسان أن يشتق من الله كمالاً يتقرب به إليه:
كما أن الله عز وجل يحدثنا عن ذاته:
﴿ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ ﴾
يجب أن تشتق من الله كمالاً تتقرب به إليه، الله رحيم، ارحم عباده يرحمك الله، الله وفي يفي بعهده، أوفِ بعهدك يقربك الله عز وجل، إذاً الشاهد:
﴿ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُتَّقُونَ (177) ﴾
من عاهد بشيء عليه أن ينفذه و إلا عُدّ كاذباً:
الآن هناك آثار كثيرة قدسية:
ابن آدم كن لي كما أريد أكن لك كما تريد، كن لي كما أريد، ولا تعلمني بما يصلحك.
(( عبدي خلقت لك السماوات والأرض ولم أعيَ بخلقهن، أفيعييني رغيف أسوقه لك كل حين، لي عليك فريضة، ولك علي رزق، فإذا خالفتني في فريضتي لم أخالفك في رزقك، وعزتي وجلالي إن لم ترضَ بما قسمته لك فلأسلطن عليك الدنيا تركض فيها ركض الوحش في البرية، ثم لا ينالك منها إلا ما قسمته لك ولا أبالي، وكنت عندي مذموماً، أنت تريد وأنا أريد، فإذا سلمت لي فيما أريد كفيتك ما تريد، وإن لم تسلم لي فيما أريد أتعبتك فيما تريد ثم لا يكون إلا ما أريد ))
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ (1) ﴾
النبي عليه الصلاة والسلام كان في بيت أحد أصحابه أم الطفل قالت له تعال هاك
(لأعطيك)، فقال عليه الصلاة والسلام: ماذا أردت أن تعطيه ؟ قالت: تمرة، فقال لها عليه الصلاة والسلام: أو إن لم تفعلي ذلك لعادت عليك كذبة .
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ (1) ﴾
عقد، بيع، يجب أن ينفذ.
على كل إنسان أن يفي بعهده مع الله عز وجل:
الآن:
﴿ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِي(40) ﴾
والله عز وجل يوجهنا في البيع والشراء:
﴿ وَيَاقَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ(85) ﴾
﴿ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ ﴾
. الوفاء واسع جداً، والحقيقة لو تعمقنا في هذه الآية يمكن لو أن بينك وبين الله عقداً، عقد الإيمان، أنك عقدت هذا العقد مع الله في عالم الأزل حينما قال الله عز وجل:
﴿ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى (172) ﴾
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ (1) ﴾
يبدأ هذا العقد مع الله في عالم الأزل، إذا جئت إلى الدنيا ينبغي أن تفي بهذا العقد، وينتهي بعقد شراء، عقد بيع، دائماً المؤمن هناك مثل باللغة الدارجة يقول لك ألف قلبة ولا غلبة، أما المؤمن ألف غلبة ولا قلبة.
وصف المؤمنين و غير المؤمنين في كتاب الله تعالى:
الله عز وجل وصف المؤمنين فقال:
﴿ الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ (20) وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ (21) وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ (22) جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (23) سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ (24) ﴾
إذاً المؤمنون يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق وغير المؤمنين:
﴿ وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ (25) ﴾
بطولة الإنسان إذا عاهد أن يوفي بهذا العهد:
كنت مرة في الجزائر، هناك مدينة تأتي ثاني أكبر مدينة بعد الجزائر، وجدت في المطار مكتوباً، مطار الخامسة والأربعين ألفاً اقتربت فإذا لوحة فسيفسائية تصف ما معنى مطار الخامسة والأربعين ألفاً، في أول الحرب العالمية الثانية صرّحت فرنسا للجزائريين إنكم إن دخلتم معي في الحرب وانتصرنا تمنحون استقلالكم، وعد وعهد من الدولة الفرنسية وبالنهاية فرنسا انتصرت مشت مظاهرة في هذه المدينة تطالب فرنسا بتنفيذ الوعد، قُصف المتظاهرون بالطيران، وقتل بيوم واحد خمسة وأربعون ألفاً، هذا الغرب الذي نعجب به، لا تعجب به، ما لم تكفر بالكفر لن تؤمن بالله، قصة مشهورة، قصة مألوفة، خمسة وأربعون ألفاً قتلوا في يوم واحد، لأنهم طالبوا بعهد ووعد قطعته لهم فرنسا، فلذلك أيها الأخوة كما قال النبي عليه الصلاة والسلام:
(( تُمْلَأُ الْأَرْضُ جَوْرًا وَظُلْمًا، فَيَخْرُجُ رَجُلٌ مِنْ عِتْرَتِي يَمْلِكُ سَبْعًا أَوْ تِسْعًا فَيَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطًا وَعَدْلًا ))
﴿ وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ (25) ﴾
من كان وفياً لعهده ارتقى عند الله وعند الناس:
قال تعالى:
﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (10) ﴾( سورة الفتح)
﴿ وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى (37) ﴾
بطولتك أنك إذا عاهدت الله أن تفي بهذا العهد:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ (1) ﴾
قبل أن تبرم العقد فكر، أما إذا أبرمت انتهى التفكير، انتهى خيارك، بعت وانتهى الأمر، والإنسان حينما يكون وفياً لعهده يرقى عند الله وعند الناس